الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْإِحْسَانِ إلَى الْبَنَاتِ)
عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ «عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ، وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتهَا إيَّاهَا فَأَخَذَتْهَا
ــ
[طرح التثريب]
الْمَنَّ وَالسَّلْوَى نُهُوا عَنْ ادِّخَارِهِمَا فَادَّخَرُوا فَفَسَدَ وَأَنْتَنَ، وَاسْتَمَرَّ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ انْتَهَى.
وَقِيلَ أَنَّهُ كَانَ يَسْقُطُ عَلَيْهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَسُقُوطِ الثَّلْجِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ لِلْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ فَإِنْ قَعَدُوا إلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ فَادَّخَرُوا فَفَسَدَ عَلَيْهِمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّغَيُّرَ كَانَ قَدِيمًا قَبْلَ وُجُودِ بَنِي إسْرَائِيلَ سَبَبُهُ مَا عَلِمَهُ اللَّهُ مِمَّا يَحْدُثُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) حَوَّاءُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَمْدُودٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيِّ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ لِآدَمَ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، وَاخْتَلَفُوا مَتَى خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ فَقِيلَ قَبْلَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ فَدَخَلَاهَا، وَقِيلَ فِي الْجَنَّةِ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ الدَّهْرَ مَنْصُوبٌ أَيْ لَمْ تَخُنْهُ أَبَدًا، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُمُّ بَنَاتِ آدَمَ فَأَشْبَهْنَهَا، وَنُزِعَ الْعِرْقُ إلَيْهَا لِمَا جَرَى لَهَا فِي قِصَّةِ الشَّجَرَةِ مَعَ إبْلِيسَ فَزَيَّنَ لَهَا أَكْلَ الشَّجَرَةِ فَأَغْرَاهَا فَأَخْبَرَتْ آدَمَ بِالشَّجَرَةِ فَأَكَلَا مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خِيَانَةً فِي فِرَاشٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ لِامْرَأَةِ نَبِيٍّ قَطُّ حَتَّى وَلَا امْرَأَةِ نُوحٍ، وَلَا امْرَأَةِ لُوطٍ الْكَافِرَتَانِ فَإِنَّ خِيَانَةَ الْأُولَى إنَّمَا هُوَ بِإِخْبَارِهَا النَّاسَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، وَخِيَانَةَ الثَّانِيَةِ بِدَلَالَتِهَا عَلَى الضَّيْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ.
[فَائِدَة عِشْرَةِ النِّسَاءِ]
1
(السَّادِسَةُ) أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هَذَا الْحَدِيثَ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ إشَارَةً إلَى التَّسَلِّي فِيمَا يَقَعُ مِنْ النِّسَاءِ بِمَا وَقَعَ لِأُمِّهِنَّ الْكُبْرَى، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِبِلَّاتِهِنَّ وَطَبَائِعِهِنَّ إلَّا أَنَّ مِنْهُنَّ مَنْ تَضْبِطُ نَفْسَهَا، وَمِنْهُنَّ مَنْ لَا تَضْبِطُ، وَفِي اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى احْتِمَالِهِنَّ، وَدَوَامِ عِشْرَتِهِنَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْإِحْسَانِ إلَى الْبَنَاتِ]
[حَدِيث مَنْ اُبْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ]
(بَابُ الْإِحْسَانِ إلَى الْبَنَاتِ) عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ «عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ، وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي
فَشَقَّتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ هِيَ وَابْنَتَاهَا، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ فَحَدَّثْته حَدِيثَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ اُبْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَكَانَ يَذْكُرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَذَا كَانَ فِي كِتَابِهِ يَعْنِي الزُّهْرِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِزِيَادَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ، وَعُرْوَةَ.
ــ
[طرح التثريب]
شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتهَا إيَّاهَا فَأَخَذَتْهَا فَشَقَّتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ هِيَ وَابْنَتَاهَا، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ فَحَدَّثْته حَدِيثَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ اُبْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَكَانَ يَذْكُرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِزِيَادَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ، وَعُرْوَةَ (فِيهِ) . فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ مَسْلَمَةً عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَرْفُوعِ بِلَفْظِ «فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ» ، وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِتَمَامِهِ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا بِتَمَامِهِ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْت الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ أَيْ عَلَى أَثَرِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ تَاءُ تَأْنِيثٍ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى عَلَى تَئِفَةِ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى الْفَاءِ، وَقَدْ تُشَدَّدُ قَالَ: وَالتَّاءُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ عَلَى أَنَّهَا تَفْعِلَةٌ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لَوْ كَانَتْ تَفْعِلَةً لَكَانَتْ عَلَى وَزْنِ تَهْنِئَةٍ فَهِيَ إذًا لَوْلَا الْقَلْبُ لَكَانَتْ فَعِيلَةً لِأَجْلِ الْإِعْلَالِ، وَلَامُهَا هَمْزَةٌ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَتَيْته عَلَى تَفِئَةِ ذَاكَ أَيْ عَلَى حِينِهِ وَزَمَانِهِ حَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِيهِ الْهَمْزَ وَالْبَدَلَ، وَلَيْسَ عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ اُعْتُدَّ بِهِ لُغَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقَالُ عَلَى تَيْئِفَةِ ذَاكَ كَتَفْيِئَةٍ فَعِلَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَتَفْعِلَةٌ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ، وَعَقَدَ الْجَوْهَرِيُّ مَادَّةَ تَفَأٍّ، وَقَالَ تَفِىءَ تَفْئًا إذَا احْتَدَّ وَغَضِبَ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا سَبَقَ مَأْخُوذًا مِنْ هَذَا فَإِنَّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَثَرِ الشَّيْءِ يَكُونُ فِي حِينِهِ وَفَوْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ اُبْتُلِيَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ اُمْتُحِنَ وَاخْتُبِرَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّمَا سَمَّاهُ ابْتِلَاءً لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ فِي الْعَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58] ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ الِاخْتِبَارِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ لِلتَّحْقِيرِ، وَهُوَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ بِشَيْءٍ يُصَدَّقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَةَ فَالْإِحْسَانُ إلَيْهَا سِتْرٌ مِنْ النَّارِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ السَّبْقُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ وَضَمَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» .
(السَّادِسَةُ) وَدَخَلَ فِي الْحَدِيثِ مَا إذَا كَانَ الْمُبْتَلَى بِذَلِكَ رَجُلًا، وَمَا إذَا كَانَ امْرَأَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَ الْمُرَبِّي لَهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ يَتِيمَةً أَمْ لَا.
(السَّابِعَةُ) الْمُرَادُ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ صِيَانَتُهُنَّ، وَالْقِيَامُ بِمَا يُصْلِحُهُنَّ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ وَغَيْرِهَا، وَالنَّظَرُ فِي أَصْلَحِ الْأَحْوَالِ لَهُنَّ، وَتَعْلِيمُهُنَّ مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ، وَتَأْدِيبُهُنَّ وَزَجْرُهُنَّ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِنَّ فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْسَانِ، وَإِنْ كَانَ بِنَهْرٍ أَوْ ضَرْبٍ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَهُ فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَمِنْ تَمَامِ الْإِحْسَانِ أَنْ لَا يُظْهِرَ بِهِنَّ ضَجَرًا وَلَا قَلَقًا وَلَا كَرَاهَةً، وَلَا اسْتِثْقَالًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَدِّرُ الْإِحْسَانَ.
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ أَيْ كُنَّ سَبَبًا فِي أَنْ يُبَاعِدَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ وَيُجِيرَهُ مِنْ دُخُولِهَا، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَا مَنْزِلَ سِوَاهُمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الرِّوَايَةُ الَّتِي سُقْنَاهَا مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ.
(التَّاسِعَةُ) إنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِذَلِكَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِنَّ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِنَّ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِنَّ وَاحْتِيَاجِهِنَّ إلَى التَّحْصِينِ وَزِيَادَةِ كُلْفَتِهِنَّ وَالِاسْتِثْقَالِ بِهِنَّ وَكَرَاهَتِهِنَّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُنَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى وَاقِعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ، وَيَكُونُ الصِّبْيَانُ كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا وَرَدَ فِي كَافِلِ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْأُنْثَى، وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهَا ابْنَاهَا فَسَأَلَتْهُ فَأَعْطَاهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَمْرَةٌ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً فَأَكَلَا ثُمَّ نَظَرَا إلَى أُمِّهِمَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ نِصْفَيْنِ، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ تَمْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَحِمَهَا اللَّهُ بِرَحْمَةِ ابْنَيْهَا» ، وَفِي إسْنَادِهِ خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
(الْعَاشِرَةُ) إنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هَذَا الْبَابَ عَقِبَ عِشْرَةِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ، وَمُعِينٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِزَوْجَتِهِ وَيُسَيِّئُ عِشْرَتَهَا لِكَثْرَةِ مَا تَلِدُ لَهُ مِنْ الْبَنَاتِ فَيَضُمُّ إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ لَهُنَّ سُوءَ عِشْرَةِ أُمِّهِنَّ بِسَبَبِهِنَّ فَإِذَا عَلِمَ مَا فِي الْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ مِنْ الثَّوَابِ هَانَ عَلَيْهِ أَمْرُهُنَّ، وَأَحْسَنَ إلَى أُمِّهِنَّ تَبَعًا لِإِحْسَانِهِ لَهُنَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يُنِيلُ الْإِنْسَانَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّحِيحِ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ، وَكَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا»