الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ (مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ) .
ــ
[طرح التثريب]
مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» .
«وَالنَّدَمُ تَوْبَةٌ» ، وَقَالَ الشَّاعِرُ
الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ
…
هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي
فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِنَفْسٍ مَرَّةً
…
بَلَغَتْ مِنْ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ.
[فَائِدَة ذَمُّ الْحَرْبِ]
1
{السَّادِسَةُ} قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ مَا تَقَدَّمَ إنَّ مَعْنَاهُ الْحَضُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْخِدَاعِ فِي الْحَرْبِ، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَرْبَ تَتَرَاءَى لِأَخَفِّ النَّاسِ بِالصُّورَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ تَمَّ تَتَجَلَّى عَنْ صُورَةٍ مُسْتَقْبَحَةٍ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً
…
تَسْعَى بِبَزَّتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
، وَقَالَ الْحَرْبُ لَا تُبْقِي لِجِمَاحِهَا النَّخِيلَ وَالْمُرَاحَ. وَفَائِدَةُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا مَا قَالَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ» انْتَهَى.
وَهَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ ذَمُّ الْحَرْبِ، وَالْحَدِيثُ إنَّمَا سَبَقَ فِي مَعْرِضِ مَدْحِهَا وَالتَّحَيُّلِ فِيهَا بِالْمُخَادَعَةِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي ذَمِّهَا فَذَاكَ فِي الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ النَّاشِئَةِ عَنْ التَّنَافُسِ فِي الدُّنْيَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ]
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ.
وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» . (فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِزِيَادَةِ «مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ بِلَفْظِ «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْعَدُوُّ» ، وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ بِلَفْظِ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ سِتَّتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ لَمْ يَقُلْ كُرِهَ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ بِشْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو هَمَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ فَاتَّفَقُوا عَلَى لَفْظَةِ النَّهْيِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَابْنُ بُكَيْر، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَعْنِي بِلَفْظِ قَالَ مَالِكٌ «أَرَاهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِي آخِرِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ، وَفِي سِيَاقَةِ الْحَدِيثِ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ (قُلْت) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَيُّوبُ، وَاللَّيْثُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ هِيَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لَا، وَقَدْ رَوَيْت عَنْ مَالِكٍ مُتَّصِلًا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَرِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَلِطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَزَعَمَ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ.
{الثَّانِيَةُ} فِيهِ النَّهْيُ عَنْ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُصْحَفُ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهَذَا مُحْتَمِلٌ لِلتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ» ، وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ التَّحْرِيمُ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (كُرِهَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ) وَظَاهِرُهُ التَّنْزِيهُ فَقَطْ، وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ (بَابُ كَرَاهِيَةِ السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ) وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ «سَافَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابُهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ» انْتَهَى.
وَفِي بَعْض نُسَخِهِ بَابُ السَّفَرِ بِدُونِ ذِكْرِ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ اعْتَمَدَ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى لَفْظِ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ عَرَفْت مِنْ كَلَامِ الْبَرْقَانِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَفْظُ النَّهْيِ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْكَرَاهَةِ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنْ لَا يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى.