الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أبرز أعماله بناء الكعبة وكسوتها؛ كساها حين فرغ من بنائها القباطي، وكساها الديباج رضي الله عنه، ووسع المسجد من جانبه الشرقي، وهو أعلاه مما يليه من جانبه الشامي، ومن جانبه اليماني، وكان مما وسع به في الجانب الشرقي، واشترى نصف دار الأزرقي جد الأزرقي المؤرخ، اشتراها ببضعة عشر ألف دينار (1).
الثالث من ملوك بني أمية: عبدالملك الخليفة الثامن:
وهو أبو الوليد عبدالملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أميه بن عبدشمس بن عبد مناف كنيته أبو الوليد.
أمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، وأبوها هو الذي جدع أنف حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد (2).
ولد في سنة ست وعشرين هو ويزيد بن معاوية، وقيل: ولد في سنة أربع وعشرين، وحُمل به ستة أشهر فقط، وكان أبيض.
استعمله معاوية على المدينة وهو ابن ست عشرة سنة، وهو وأول من سمي في الإسلام بعبدالملك، سمع عثمان بن عفان، وشهد الدار مع أبيه، وله عشر سنين، وهو أول من سار بالناس في بلاد الروم سنة ثنتين وأربعين، وكان يجالس الفقهاء والعلماء والعباد والصلحاء (3).
وروى الحديث عن أبيه، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وابن عمر، ومعاوية، وأم سلمة، وبريرة مولاة عائشة.
(1) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1/ 165، 296.
(2)
والمنتظم في تأريخ الملوك والأمم 6/ 39، والبداية والنهاية 9/ 63.
(3)
تأريخ الطبري 6/ 419، والمنتظم في تأريخ الملوك والأمم 6/ 39، والبداية والنهاية 12/ 377.
ذُكر أن معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم ومعه عمرو بن العاص فمر بهما عبدالملك بن مروان فقال معاوية: ما آدب هذا الفتى وأحسن مروءته.
فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إن هذا الفتى أخذ بخصال أربع، وترك خصالا ثلاثا:
أخذ بحسن الحديث إذا حدث، وحسن الاستماع إذا حُدث، وحسن البشر إذا لقي، وخفة المؤونة إذا خولف.
وترك من القول ما يُعتذر منه، وترك مخالطة اللئام من الناس، وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مروءته.
وكان فقيها راويا ناسكا، يدعى حمامة المسجد، شاعرا، قيل لابن عمر: من نسأل بعدكم، فقال: إن لمروان ابناً فقيها فسلوه.
وقال نافع: أدركت المدينة وما بها شاب أنسك، ولا أشد تشميرا، ولا أكثر صلاة، ولا أطلب للعلم من عبدالملك بن مروان.
بويع بعهد من أبيه في خلافة ابن الزبير، وبقي على مصر والشام، وابن الزبير على باقي البلاد مدة سبع سنين، ثم غلب عبدالملك على العراق، وما والاها في سنة اثنتين وسبعين، وبعد سنة قتل الحجاج ابن الزبير، واستوسق، الأمر لعبدالملك.
خطب عبدالملك بن مروان سنة خمس وسبعين بعد مقتل ابن الزبير بعامين فقال: "أما بعد فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من هذا المال ويؤكلون وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف ولست بالخليفة المستضعف يعني عثمان، ولا الخليفة المداهن يعني معاوية.
أيها الناس إنا نحتمل لكم كل اللغوية ما لم يك عقد راية أو وثوب على منبر
…
" (1).
قلت: هذا غيض يكتفى به عن فيض يطول ذكره.
توفي عبدالملك بن مروان لعشر خلون من شوال سنة ست وثمانين وهو ابن اثنتين وستين سنة. (2).
هو أول من ضرب الدنانير المنقوشة، في الإسلام، في سنة خمس وسبعين وكتب عليها قرآنا، وكانت الدنانير ترد رومية والدراهم كسروية في الجاهلية.
وهو أول من كسا الكعبة الديباج، وقيل: الحجاج، وقيل: عبدالله بن الزبير، وذكر في أخبار عمارة المسجد الحرام من غير توسعة فيه، أن عبدالملك بن مروان رفع جدرانه وسقَفَه بالساج، وجعل في رأس كل أسطوانة خمسين مثقالا ذهبا، وعمره عمارة حسنة (3)، وأول من نهى عن الكلام في حضرة الخلفاء، وكان الناس قبله يراجعونهم (4)، وكان عبدالملك أول من غدر في الإسلام، وسبب ذلك أن عمرو بن سعيد بن العاص خلع عبدالملك بن مروان، وأخرج عبدالرحمن بن أم الحكم من دمشق؛ وكان واليا عليها، فسار عبدالملك إلى عمرو واصطلحا جميعا على أن يكون عمرو الخليفة بعد عبدالملك، وأن لعمرو مع كل عامل عاملا، وفتح المدينة ودخل عبدالملك ثم غدر بعمرو فقتله، وقال له: لو أعلم أن تبقى وتصلح قرابتي
(1) تأريخ الإسلام ط التوفيقية 6/ 69، وتأريخ خليفة بن خياط 1/ 273.
(2)
المحبر 1/ 25. وتأريخ خليفة بن خياط 1/ 292.
(3)
فتوح البلدان 1/ 449، والمنتظم في تأريخ الملوك والأمم 6/ 147، كنوز الذهب في تأريخ حلب 2/ 92، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1/ 297.
(4)
الكامل في التأريخ 3/ 534.