الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملك التاسع من ملوك بني أمية: فاسق زنديق:
لا يستحق لقب الخلافة حسب تعدادها العام، وهو الوليد بن يزيد بن عبدالملك يكنى: أبا العباس.
ظهر للناس منه تهاون في الدين واستخفاف حتى اتهموه بالزندقة وبلغ ذلك هشاما، فطمع في خلعه، وتمادى الوليد في شرب الخمر وطلب اللذات فأفرط، حتى قيل: إنه فتح المصحف في وقت، فخرج عليه {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} (1)، فنصب المصحف ورماه حتى خرقه، وقال في ذلك:
أتوعد كل جبار عنيد
…
فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر
…
فقل يا رب مزقني الوليد
فقال له هشام: ويحك يا وليد! والله لا أدري على الإسلام أنت أم لا! ما تدع شيئا من المنكر إلا أتيته غير متحاش فيه، فكتب إليه الوليد هذا:
يا أيها السائل عن ديننا
…
نحن على دين أبي شاكر
نشربها صرفا وممزوجة
…
بالسخن أحيانا وبالفاتر
فغضب هشام على ابنه مسلمة وكان يكنى أبا شاكر، وقال له: يعيرني بك الوليد وأنا أرشحك للخلافة فالزم الأدب واحضر الجماعة، وولَّاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة، فأظهر النسك والوقار واللين، وقسم بمكة والمدينة أموالا، فقال مولى لأهل المدينة هذه الأبيات:
يا أيها السائل عن ديننا
…
نحن على دين أبي شاكر
الواهب الجرد بأرسانها
…
ليس بزنديق ولا كافر
(1) الآيتان (15، 16) من سورة إبراهيم.
يُعرِّض بالوليد بن يزيد، فلم يلبث الوليد بعد ذلك إلا يسيرا حتى قتل.
وكان ماجنا سفيها يشرب الخمر، ويقطع دهره باللهو والغزل، ويقول أشعار المغنّين، يعمل فيها الألحان، فسار إليه يزيد بن الوليد بن عبدالملك فقتله، وكان المتولي لذلك عبدالعزيز بن الحجّاج بن عبدالملك، قال حكم الوادي:"بينما نحن مع الوليد بن يزيد بن عبدالملك بالبخراء (1) وهو يشرب إذ دخل عليه مولى له مخرّق ثيابه، فقال: هذه الخيل قد أقبلت، فقال: هاتوا المصحف حتى أقتل كما قتل عمّي عثمان، فدخل عليه فقتل، فرأيت رأسه في طشت ملقى ويده في فم الكلب، ثمّ بعث برأسه إلى دمشق"(2).
وكانت ولايته سنة وشهرين وعشرين ليلة. وقد بلغ من السن اثنتين وأربعين سنة.
وقد برر يزيد بن الوليد قتله الوليد، فمما قال: "خرجت غضبا لله ودينه وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه حين درست معالم الهدى وطفئ نور أهل التقوى وظهر الجبار العنيد المستحل الحرمة والراكب البدعة والمغير السنة فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم وقسوة من قلوبكم وأشفقت أن يدعو كثير من الناس إلى ما هو عليه فيجيبه من أجابه منكم فاستخرت الله في أمري وسألته ألا يكلني إلى نفسي ودعوت إلى ذلك من أجابني
…
"
وقد نزه قوم الوليد مما قيل فيه، وأنكروه ونفوه عنه وقالوا: إنه قيل عنه وألصق به، وليس بصحيح.
(1) قصر في برية ورمل بن تدمر على أميال (تأريخ خليفة بن خياط 1/ 364).
(2)
معجم البلدان 1/ 356.