الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملك التلاثون من ملوك بني العباس: الراشد:
الثلاثون من خلفاء الدولة العباسية، وهو الراشد بالله منصور بن المسترشد بن المستظهر بن المقتدي.
بويع له في سنة تسع وعشرين وخمسمائة يوم وفاة أبيه بعهد منه، فمكث ما شاء الله ثم خلع في ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة، وقيل: في سادس عشر ذي الحجة، وهرب إلى فارس، ثم دخل أصبهان (1) وحاصرها فتمرض هناك، فوثب عليه جماعة من الفداوية فقتلوه، وكانت مدته إلى أن خلع سنة إلا أياما، وعمره إحدى وعشرون سنة، وقيل: ثلاثون سنة، كان شابا أبيض تام الشكل، شديد البطش شجاع النفس، كريما جوادا فصيحا، قال العماد الكاتب: كان للراشد الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي (2).
الملك الحادي والثلاثون من ملوك بني العباس: المقتفي:
الحادي والثلاثون من خلفاء الدولة العباسية، وهو المقتفي أبو عبدالله محمد بن المستظهر بن المقتدي، وهو أخو المسترشد، وعم الراشد.
ولد المقتفي في ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
أمه أم ولد اسمها نسيم، وكانت جارية صفراء يقال لها: ست السادة، وكان يضرب بها المثل في الكرم.
بويع له يوم خُلع ابن أخيه الراشد بيومين في ثامن عشر ذي الحجة، سنة ثلاثين وخمسمائة، ولقب بالمقتفي.
(1) أَصبَهَان: منهم من يفتح الهمزة، وهم الأكثر، وكسرها آخرون، مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، وهي في إيران اليوم (نسبة ومنسوب رقم 122).
(2)
سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 504، وأخبار الدولة العباسية 1/ 413.
وسبب تلقيبه بالمقتفي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل الخلافة بأشهر وهو يقول له: إنه سيصل إليك هذا الأمر فاقتف بي، فقام بتدبير المملكة، وكان بيده أزمة الأمور، لا يجري في خلافته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه، وكان محمود السيرة مشكور الدولة، يرجع إلى فضل ودين وعقل، ورأي وسياسة، جدد معالم الإمامة، ومهد رسوم الخلافة، وامتدت أيامه ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة مثله في شهامته وصرامته، مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته، ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت، ولم يبق للخليفة منازع من الملوك والسلاطين.
وكان المقتفي محبا للحديث وسماعه، معتنيا به وبالعلم مكرما لأهله.
ومن غرائب ما حدث في خلافته أنه في سنة أحدى وثلاثين وخمسمائة في خلافته قال ابن الأثير ظهر بدمشق الشام سحاب أسود فاشتد الظلام حتى لا يرى أحد أحدا ثم انقشع وظهر بعده سحاب أحمر فتلونت السماء بلون النار ثم بعد ذلك ظهرت ربح عظيمة عاصف تقلع الأشجار العظيمة من أصولها، وفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة من خلافته أمطرت السماء دما أحمر لا ينكر منه شيء وكان ذلك الإمطار في بلاد نيسابور.
وفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة من خلافته كانت قصة أهل قرية المعلف وهي قرية بين الكدر والمهجم من أعمال تهامة اليمن، وقيل: قريتان اسم أحمدهما معلف، ولأخرى سحلة، أرسل الله عليهما سحابة سوداء فيها رجف وبرق وشُعَل نار تلهّب وريح، فلما رأوا ذلك زالت عقولهم فألتجأ منهم قوم إلى المساجد، فغشيهم العذاب، فاحتملت الريح أصل القريتين من تحت الثرى بمساكنهم بمن فيها من الرجال والنساء والأطفال والدواب، فألتقتهم بمكان بعيد نحو خمسة أميال من