الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم انصرف المجنون، وتفرقنا، وقد أفزعنا ما ذكره المجنون، وحفظنا الأبيات، فخبرت بذلك إسماعيل بن المتوكل، فحدث به قبيحة أم المعتز بالله فقالت: إن لهذا لنبأ فاكتبوا هذه الأبيات، وأرخوا هذا اليوم، واطووا هذا الخبر عن العامة.
ففعلنا، فلما كان يوم الخامس عشر ورد الخبر من مدينة السلام بقتل المهتدي.
فقد اتفق الأتراك على قتل المهتدي، فخرجوا عليه، فلبس السلاح وشهر سيفه وحمل عليهم فأسروه وخلعوه، ثم قتلوه إلى رحمة الله، في رجب وكانت دولته سنة، وعمره نحو ثمان وثلاثين سنة، وذلك في يوم الثلاثاء، لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، ولم يخلع المهتدي نفسه فقتلوه، وقيل مات من سهم وضربة كانا به، وصلى عليه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وقيل: سموه (1).
وفي عهده ولي عبدالله بن سليمان بن عمران الزهراني على حرب الخوارج في الموصل؛ وهو عبدالله بن سليمان بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة بن عبيد بن لبيد بن مجاسر بن سليمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب.
الملك الخامس عشر من ملوك بني العباس: المعتمد:
خامس عشر خلفاء الدولة العباسية، ولما قتل المهتدي أقام الأتراك بعده المعتمد على الله وهو أحمد بن جعفر المتوكل، ويكنى أبا العباس، وأمه أم ولد تسمى فتيان.
(1) التنبيه والإشراف 1/ 317، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم 12/ 81، 82، 120، وتجارب الأمم وتعاقب الهمم (4/ 389، وأخبار الدولة العباسية 1/ 413، تاريخ الطبري 9/ 469، ومرآة الجنان وعبرة اليقظان 2/ 124، والمختصر في أخبار البشر 2/ 47. وشذرات من كتب مفقودة في التاريخ 2/ 417، وتاريخ بغداد ت بشار 7/ 272.
تولى الخلافة يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، فأهمل أمور رعيته وتشاغل بلهوه ولذاته، حتى أشفى الملك على الذهاب، فغلب على أمره وتدبير ملكه وسياسة سلطانه أخوه: أبو أحمد الموفق طلحة بن جعفر المتوكل، ويسمى بالناصر لدين الله، وصيره كالمحجور عليه ولا أمر ينفذ له ولا نهى، فقام بأمر الملك أحسن قيام، وقمع من قرب من الأعداء، واستصلح من نأى، على كثير ما كان يلقى من اعتراض الموالي وسوء طاعتهم وتشغبهم، فلم تزل أمور الموفق جارية على ذلك الى أن توفي المعتمد، ولبث المعتمد ثلاثا وعشرين سنة في أثنائها جرد أخاه الموفق لقتال صاحب الزنج كان من أخبث الخوارج مشتتا للمسلمين، واستحل دماءهم، وكان ينادي على المرأة في محطته باسمها ونسبها، وربما كانت شريفة فتباع بالبخس، وبهذا بان عدم شرفه، وبُحث عن نسبه فلم يوجد له في العلويين صحة نسب، وكانت فتنته مختصة بالبصرة، ولم يزل الموفق يحاربه حتى قتله في صفر سنة سبعين ومئتين، مدته أربع عشرة سنة وهو من أشد مُدد الخوارج.
كان المعتمد جهيرا فصيحا صيتا إذا خطب أسمع أقصى الناس، وكان يمثل بينه وبين المستعين بالسخاء.
وهو أول من حجر عليه التصرف في شؤون الدولة لما سبق ذكره، وهو أول من قهر بالوكالة، فقد كان أخوه الموفق الوكيل المتصرف في أمور الدولة، إلى أن توفى بمدينة السلام في صفر سنة ثمان وسبعين ومئتين (1).
(1) السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 199، والتنبيه والإشراف 1/ 318، وأخبار الدولة العباسية 1/ 413، وشذرات من كتب مفقودة في التاريخ 2/ 417.