الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الاستعارة
1 - الاستعارة التصريحية والمكنية
يقسّم البلاغيون الاستعارة من حيث ذكر أحد طرفيها إلى: تصريحية ومكنية.
1 -
فالاستعارة التصريحية: وهي ما صرّح فيها بلفظ المشبه به، أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه.
2 -
والاستعارة المكنية: هي ما حذف فيها المشبه به أو المستعار منه، ورمز له بشيء من لوازمه.
ولبيان هذين النوعين من الاستعارة نورد فيما يلي طائفة من الأمثلة ثم نعقّب عليها بالشرح والتفصيل.
الأمثلة:
1 -
قال المتنبي في وصف دخول رسول الروم على سيف الدولة:
وأقبل يمشي في البساط فما درى
…
إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
في هذا البيت مجاز لغوي، أي كلمة استعملت في غير معناها الحقيقي وهي «البحر» والمقصود بها سيف الدولة الممدوح، والعلاقة المشابهة، والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي لفظية وهي «فأقبل يمشي في البساط» .
وفي البيت مجاز لغوي آخر، أي كلمة استعملت في غير معناها الحقيقي وهي «البدر» والمقصود بها أيضا سيف الدولة الممدوح، والعلاقة بين البدر والممدوح المشابهة في الرفعة، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية أيضا وهي «فأقبل يمشي في البساط» .
2 -
وقال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ.
ففي الآية الكريمة مجازان لغويان في كلمتي «الظلمات والنور» قصد بالأولى «الضلال» وبالثانية «الهدى والإيمان» . فقد استعير «الظلمات» للضلال، لعلاقة المشابهة بينهما في عدم اهتداء صاحبهما. كذلك استعير «النور» للهدى والإيمان، لعلاقة المشابهة بينهما في الهداية، والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي في كلا المجازين قرينة حالية تفهم من سياق الكلام.
3 -
وقال المتنبي في مدح سيف الدولة أيضا:
أما ترى ظفرا حلوا سوى الظفر
…
تصافحت فيه بيض الهند باللمم (1)؟
ففي البيت هنا مجاز لغوي في كلمة «تصافحت» يراد منها «تلاقت» لعلاقة المشابهة، والقرينة لفظية هي «بيض الهند واللمم» .
وإذا تأملنا المجاز اللغوي في كل هذه الأمثلة الثلاثة رأينا أنه تضمن تشبيها حذف منه لفظ المشبه واستعير بدله لفظ المشبه به ليقوم مقامه بادّعاء أن المشبه به هو عين المشبه مبالغة.
فكل مجاز من هذا النوع يسمى «استعارة» ، ولما كان المشبه به مصرّحا به في هذا المجاز سمي «استعارة تصريحية» .
…
(1) بيض الهند: السيوف، واللمم: جمع لمّة بكسر اللام وتشديد الميم، وهي الشعر المجاور شحمة الأذن، والمراد بها هنا الرؤوس، والمعنى: لا ترى انتصارا حلوا لذيذا إلا بعد معركة تتلاقى فيها السيوف بالرؤوس.
4 -
قال الشاعر دعبل الخزاعي:
لا تعجبي يا سلم من رجل
…
ضحك «المشيب» برأسه فبكى
فالمجاز هنا في كلمة «المشيب» حيث شبّه بإنسان على تخيل أن المشيب قد تمثل في صورة إنسان، ثم حذف المشبه به «الإنسان» ورمز له بشيء من لوازمه هو «ضحك» الذي هو القرينة.
5 -
قال الشاعر:
وإذا «العناية» لا حظتك عيونها
…
نم فالمخاوف كلهنّ أمان
المجاز اللغوي في كلمة «العناية» ، فالذي يفهم من البيت أن الشاعر يريد أن يشبّه «العناية» بإنسان، وأصل الكلام: العناية كامرأة لاحظتك عيونها، ثم حذف المشبه به «المرأة» فصار: العناية لاحظتك عيونها، على تخيل أن العناية قد تمثلت في صورة امرأة، ثم رمز للمشبه به المحذوف بشيء من لوازمه هو «لاحظتك عيونها» والذي هو القرينة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
6 -
وقال الحجاج من خطبته في أهل العراق: «إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها» .
فالمجاز اللغوي هنا في كلمة «رؤوسا» ، وأصل الكلام على التشبيه «إني لأرى رؤوسا كالثمرات قد أينعت وحان قطافها» ثم حذف المشبه به وهو «الثمرات» ، فصار الكلام «إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها» على تخيل أن الرؤوس قد تمثلت في صورة ثمار، ثم رمز للمشبّه به المحذوف بشيء من لوازمه هو «قد أينعت وحان
قطافها».