الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا وفيما يلي تجميع للمتفرق هنا من القواعد البلاغية المتصلة بهذا النوع من الاستعارة:
1 -
تنقسم الاستعارة باعتبار الملائم إلى مرشحة ومجردة ومطلقة.
2 -
الاستعارة المرشحة: ما ذكر معها ملائم المشبه به، أي المستعار منه.
3 -
الاستعارة المجردة: ما ذكر معها ملائم المشبه، أي المستعار له.
4 -
الاستعارة المطلقة: ما خلت من ملائمات المشبه به والمشبه، وكذلك ما ذكر معها ما يلائمهما معا.
5 -
لا يعتبر الترشيح أو التجريد إلّا بعد استيفاء الاستعارة لقرينتها لفظية أو حالية، ومن أجل ذلك لا تسمى قرينة التصريحية تجريدا، ولا قرينة المكنية ترشيحا.
4 - الاستعارة التمثيلية
تنقسم الاستعارة من حيث الإفراد والتركيب إلى مفردة ومركبة.
فالمفردة هي ما كان المستعار فيها لفظا مفردا كما هو الشأن في الاستعارة التصريحية والمكنية.
أمّا المركبة فهي ما كان المستعار فيها تركيبا، وهذا النوع من الاستعارة يطلق عليه البلاغيون اسم «الاستعارة التمثيلية». وهم يعرفونها بقولهم:«الاستعارة التمثيلية تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي» .
واستجلاء لحقيقة هذه الاستعارة نورد فيما يلي بعض الأمثلة لها معقّبين عليها بالشرح والتحليل.
…
الأمثلة:
1 -
قال المتنبي:
ومن يك ذا فم مرّ مريض
…
يجد مرّا به الماء الزلالا
«يقال لمن لم يرزق الذوق لفهم الشعر الرائع» .
فهذا البيت يدل وضعه الحقيقي على أنّ المريض الذي يصاب بمرارة في فمه إذا شرب الماء العذب وجده مرا. ولكن المتنبي لم يستعمله في هذا المعنى بل استعمله فيمن يعيبون شعره لعيب في ذوقهم الشعري، وضعف في إدراكهم الأدبي، فهذا التركيب مجاز قرينته حالية، وعلاقته المشابهة، والمشبه هنا حال المولعين بذمه والمشبه به حال المريض الذي يجد الماء الزلال مرا في فمه.
ولذلك يقال في إجراء هذه الاستعارة: شبهت حال من يعيبون شعر المتنبي لعيب في ذوقهم الشعري بحال المريض الذي يجد الماء العذب الزلال مرا في فمه بجامع السّقم في كلّ منهما، ثمّ استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الأصلي قرينة حالية تفهم من سياق الكلام.
…
2 -
قال الشاعر:
ومن ملك البلاد بغير حرب
…
يهون عليه تسليم البلاد
«يقال لمن يبعثر فيما ورثه عن والديه» .
فالمعنى الحقيقي للبيت هنا هو أنّ من يستولي على بلاد بغير تعب وقتال يهون عليه تسليمها لأعدائه. والشاعر لم يستعمل البيت في هذا المعنى الحقيقي، وإنّما استعمله مجازيا للوارث الذي يبعثر فيما ورثه عن والديه لعلاقة
مشابهة بينهما ولقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
إذن في هذا التركيب الذي اشتمل عليه البيت استعارة، وإذا شئنا إجراءها قلنا: شبهت حال الوارث الذي يبعثر فيما ورثه عن والديه بحال من استولى على بلاد بغير تعب وقتال فهان عليه تسليمها لأعدائه، بجامع التفريط فيما لا يتعب في تحصيله في كل، ثمّ استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية. والقرينة حالية.
…
3 -
لا تنثر الدر أمام الخنازير.
«يقال لمن يقدم النصح لمن لا يفهمه أو لمن لا يعمل به» .
المعنى الحقيقي لهذا التركيب هو النهي عن نثر الدر أمام الخنازير.
وهذا التركيب لم يستعمل للدلالة على هذا المعنى الحقيقي، وإنّما استعمل مجازيا لمن يقدم النصح لمن لا يفهمه أو لمن لا يعمل به، لعلاقة مشابهة بينهما. والقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
فالتركيب هنا استعاري وفي إجراء استعارته يقال: شبهت حال من يقدم النصح لمن لا يفهمه أو لمن لا يعمل به بحال من ينثر الدرّ أمام الخنازير، بجامع أنّ كليهما لا ينتفع بالشيء النفيس الذي ألقي إليه، ثمّ استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة
التمثيلية. والقرينة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي قرينة حالية تفهم من سياق الكلام.
…
4 -
قال المتنبي:
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه
…
تصيده الضرغام فيما تصيدا
«يقال مثلا للتاجر اختار مشرفا على متجره فنهبه واغتاله» .
فالمعنى الحقيقي للبيت أنّ من اتّخذ الأسد وسيلة للصيد افترسه الأسد في جملة ما افترس. والمتنبي لم يستعمل البيت في هذا المعنى الحقيقي، وإنّما استعمله مجازيا للتاجر اختار مشرفا على متجره فنهبه واغتاله، لعلاقة مشابهة بين الحالين، ولقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
وعلى هذا يكون البيت بتركيبه قد اشتمل على استعارة يقال في إجرائها: شبهت حال التاجر اختار مشرفا على متجره فنهبه واغتاله بحال من اتّخذ الأسد وسيلة للصيد فافترسه في جملة ما افترس من الصيد، بجامع سوء البصر بما يستخدم ورجاء الخير مما طبع على الشر. ثمّ استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية.
والقرينة هنا كالقرائن السابقة حالية تفهم من سياق الكلام.
…
من هذا التحليل يتضح أنّ كل مثال من الأمثلة السابقة قد تألف من تركيب استعمل في غير معناه الحقيقي، وأنّ العلاقة بين معناه المجازي ومعناه الحقيقي هي المشابهة، وأنّ هناك دائما قرينة تمنع من إرادة المعنى