المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد القاهر الجرجاني: - علم البيان

[عبد العزيز عتيق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌نشأة علم البيان وتطوّره

- ‌كتاب الموازنة:

- ‌كتاب الوساطة:

- ‌كتاب العمدة:

- ‌كتاب الصناعتين:

- ‌عبد القاهر الجرجاني:

- ‌الزمخشري:

- ‌ السكاكي

- ‌ابن مالك:

- ‌التنوخي:

- ‌ابن الأثير:

- ‌يحيى بن حمزة:

- ‌الخطيب القزويني

- ‌المبحث الأوّل فن التشبيه

- ‌حد التشبيه:

- ‌أركان التشبيه

- ‌طرفا التشبيه

- ‌وطرفا التشبيه: إما:

- ‌أجود التشبيه عند أبي هلال:

- ‌والوجه الثالث:

- ‌والوجه الرابع:

- ‌أقسام التشبيه عند المبرد:

- ‌أداة التشبيه

- ‌التشبيه باعتبار الأداة:

- ‌وجه الشبه

- ‌وجه الشبه من حيث الإفراد والتعدد:

- ‌التشبيه باعتبار وجهه:

- ‌1 - تشبيه التمثيل:

- ‌2 - ويكون وجه الشبه مفصلا ومجملا:

- ‌التشبيه المقلوب

- ‌التشبيه الضمني

- ‌أغراض التشبيه

- ‌غرائب التشبيه وبديعه

- ‌محاسن التشبيه

- ‌عيوب التشبيه

- ‌المبحث الثاني الحقيقة والمجاز

- ‌أقسام المجاز:

- ‌ المجاز العقلي:

- ‌المجاز المرسل

- ‌المبحث الثالث الاستعارة

- ‌تعريف الاستعارة

- ‌أقسام الاستعارة

- ‌1 - الاستعارة التصريحية والمكنية

- ‌إجراء الاستعارة

- ‌2 - الاستعارة الأصلية والتبعية

- ‌3 - الاستعارة باعتبار الملائم

- ‌4 - الاستعارة التمثيلية

- ‌مكان الاستعارة من البلاغة

- ‌المبحث الرّابع الكناية

- ‌أقسام الكناية

- ‌بين الكناية والتعريض

- ‌بلاغة الكناية

الفصل: ‌عبد القاهر الجرجاني:

‌عبد القاهر الجرجاني:

هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الإمام النحوي وأحد علماء الكلام على مذهب الأشاعرة. ولد وعاش بجرجان ولم يفارقها حتى توفي سنة 471 للهجرة، وله مؤلفات فيّمة في النحو والصرف والعروض،

وإعجاز القرآن، والتفسير، والبلاغة، ولكنه اشتهر أكثر ما اشتهر بكتابه «أسرار البلاغة» الذي وضع فيه نظرية علم البيان، وكتابه «دلائل الإعجاز» الذي وضع فيه نظرية علم المعاني.

وهو لهذا يعدّ بحق واضع أسس البلاغة العربية والمشيد لأركانها، والموضح لمشكلاتها، والذي على نهجه سار المؤلفون من بعده، وأتموا البنيان الذي وضع أسسه.

ومن العجيب أنّ الضعف بدأ يدب إلى اللغة في القرن الخامس وهي في أوج نهضتها، وكان أوّل مرض ألّم بها في هذا العصر هو الوقوف عند ظواهر قوانين النحو، ومدلول الألفاظ المفردة والجمل المركبة، والانصراف عن معاني الأساليب، وعدم الاهتمام بمناحي القول، وضروب التجوز والكناية فيه.

وكان ذلك ما أشفق منه عبد القاهر على اللغة، فعكف على تأليف «دلائل الإعجاز» و «أسرار البلاغة» اللذين دوّن فيهما علم البلاغة، ووضع قوانين للبيان والمعاني، كما وضعت قوانين النحو عند ظهور الخطأ في الإعراب. ومن مقدمة كتابه «أسرار البلاغة» يشعر القارئ أنّ مدرسة الألفاظ كانت قد تحكمت في عصره وغطّت على مدرسة المعاني، ومن أجل ذلك حاول هو بكتابه تأييد المعاني وبيان أثرها ودورها في بلاغة القول.

وعلى هذا فالذي يعنينا من كتبه فيما نحن بسبيله هنا هو كتاب

ص: 22

«أسرار البلاغة» الذي وضع فيه نظرية علم البيان بقواعده وشعبه وتفريعاته الكثيرة. والحق يقال إنّه فريد في بابه، فهو بحث في البيان العربي غير مسبوق ولا ملحوق، وإنّه ليدل فيما يدل على ألمعية صاحبه، وغزارة علمه، وسلامة ذوقه، وعقليته الجبارة المبتكرة.

و «أسرار البلاغة» باستثناء ما ورد فيه عن الجناس، والسجع، والاتفاق في الأخذ والسرقة عند الشعراء، هو بحث أصيل عميق في أصول علم البيان من حقيقة ومجاز، واستعارة، وتشبيه. وإذا كان لم يتكلم فيه عن الكناية، فإنّه قد استوفى الكلام عنها في كتابه الآخر «دلائل الإعجاز» ، كما عرض فيه أيضا لبعض جوانب من الاستعارة، وللمجاز الحكمي «العقلي» الذي اهتدى إليه بذوقه الكلامي وعدّه ضربا جديدا من المجاز.

وعبد القاهر ينظر إلى المجاز والاستعارة والتشبيه والكناية على أنّها عمد الإعجاز وأركانه، والأقطاب التي تدور البلاغة عليها. وعنها يقول:

«ولم يتعاط أحد من الناس القول في الإعجاز إلّا ذكرها، وجعلها العمد والأركان فيما يوجب الفضل والمزية، وخصوصا الاستعارة والمجاز، فإنّك تراهم يجعلونهما عنوان ما يذكرون، وأوّل ما يوردون» (1).

وليس من غرضنا هنا التوسع بعرض مجمل آراء عبد القاهر في مباحث علم البيان فهذا أمر يطول شرحه، وإن

كنّا سنعرض فيما بعد لبعض آرائه عند دراستنا التفصيلية لفنون البيان من مجاز واستعارة وتشبيه وكناية.

إنّما الغرض الآن أن نبين المنهاج الذي رسمه لنفسه في البحث

(1) انظر دلائل الإعجاز. ص: 329 - 330.

ص: 23

والذي يكاد يكون أوّل منهاج علمي منظم في البلاغة، ثمّ نشفع ذلك بذكر الجوانب التي تطرق لبحثها في كل موضوع، الأمر الذي يدل على سعة علمه وتفوقه على غيره، وأخيرا نشير بإيجاز إلى طريقته في التأليف.

أمّا عن منهاجه في البحث فاستمع إليه يعرضه في كلماته: «واعلم أنّ الذي يوجبه ظاهر الأمر، وما يسبق إليه الفكر: أن نبدأ بجملة من القول في الحقيقة والمجاز، ونتبع ذلك القول في التشبيه والتمثيل، ثمّ ننسق ذكر الاستعارة عليهما، ونأتي بها في أثرهما، وذلك أنّ المجاز أعم من الاستعارة، والواجب في قضايا المراتب: أن نبدأ بالعام قبل الخاص.

والتشبيه كالأصل في الاستعارة، وهي شبيهة بالفرع له أو صورة مقتضبة من صوره. إلّا أنّ ههنا أمورا اقتضت أن تقع البداية بالاستعارة وبيان صدر منها، والتنبيه على طريق الانقسام فيها، حتى إذا عرّف بعض ما يكشف عن حالها، ويقف على سعة مجالها، عطف عنان الشرح إلى الفصلين الآخرين، فوفّي حقوقهما، وبيّن فروقهما، ثمّ ننصرف إلى استقصاء القول في الاستعارة» (1).

ذلك هو المنهاج الذي أخذ به نفسه، وجمع فيه لأوّل مرة مباحث علم البيان بعضها إلى بعض، ورتّبها من حيث الكلام عنها ترتيبا منطقيا منظما، يبدأ فيه بالعام قبل الخاص، وبالأصل يتلوه الفرع، مع العناية بتوضيح ما بين التشبيه والتمثيل من فروق، وباستقصاء القول في الاستعارة.

أمّا الجوانب التي تطرق لبحثها في كل مبحث من مباحث علم البيان فلا سبيل هنا إلى سردها جملة لكثرتها، ولكنا نكتفي بذكر طائفة منها

(1) أسرار البلاغة ص: 21 - 22.

ص: 24

لبيان أهميتها والدلالة بها على عقلية عبد القاهر التي تنحو منحى الابتكار والإبداع.

1 -

الحقيقة والمجاز: حدّ كلّ منهما، المجاز العقلي واللغوي والفرق بينهما، معنى المجاز وحقيقته، وكونه أعم

من الاستعارة، ومكان الاستعارة منه، تقسيم المجاز إلى لغوي وعقلي، واللغوي إلى الاستعارة، والمجاز المرسل، كون المجاز العقلي في الجمل لا المفردات، الحذف والزيادة، وهل هما من المجاز أم لا.

2 -

التشبيه: التشبيه وأقسامه، وجوه الشبه المنتزعة من شيء أو أشياء، التشبيه المتوقف على دقّة الفكر، التفصيل لدقائق التشبيه المركب، التشبيه في الهيئة التي تقع عليها الحركات، الجمع بين الشكل وهيئة الحركة في التشبيه، قلب التشبيه، القلب أو العكس في طرق التشبيه، القياس في التشبيه، تشبيه الحقيقة والمجاز، جعل الفرع أصلا في التشبيه وعكسه، تأثير اختلاف الجنس بين المشبه والمشبه به.

3 -

التمثيل: الفرق بين التشبيه والتمثيل: التشبيه عام والتمثيل أخص منه، فكل تمثيل تشبيه، وليس كل تشبيه تمثيلا، وجوه الشبه في جمل من التمثيل، التمثيل في المدح والذم والحجاج والافتخار والاعتذار والوعظ، الفرق بين تأثر الكلام في التمثيل وعدمه، أسباب قوّة تأثير التمثيل وعلله النفسية بسبب تأثير التمثيل في ضربيه، تعليل في فلسفة التمثيل، جعل التمثيل الشيء كضده أو عدمه، مآخذ التمثيل من الموجودات، الفرق بين التمثيل الدقيق والتعقيد.

4 -

الاستعارة: حدها، أقسامها، الاستعارة المفيدة وأقسامها، الاستعارة المختلفة الجنس والأنواع، الاستعارة القريبة من الحقيقة، التفرقة

ص: 25

بين نوعي الاستعارة في الجنس، وجه الشبه العقلي في الاستعارة، الاستعارة والمبالغة في التشبيه، وقوع الاسم مستعارا بحسب الحس وهو ليس كذلك، بيان أنّ الاستعارة ليست من التخييل، بناء الاستعارة والتخييل على تناسي التشبيه، الفرق بين التشبيه والاستعارة.

ومن جوانب الاستعارة الأخرى التي ذكرها في كتابه دلائل (1) الإعجاز: شرح معنى الاستعارة، الاستعارة التمثيلية، فضل الاستعارة والتمثيل، أمثلة من بديع الاستعارات، المستعار هو معنى اللفظ لا اللفظ نفسه، لا يعار اللفظ إلّا بعد أن يعار المعنى.

5 -

الكناية: تكلّم عبد القاهر في كتابه «دلائل (2) الإعجاز» عن الجوانب التالية من الكناية: الكناية والاستعارة، السبب في قبح الكناية، شعب الكناية وصورها ليس لها حد ولا غاية، في الكناية إثبات يصحبه البرهان، الاستعارة والكناية والمجاز من عمد البلاغة وأركانها.

أمّا الطريقة التي سار عليها عبد القاهر في تأليف كتابيه «أسرار البلاغة» و «دلائل الإعجاز» وامتاز بها على كتب البيان الأخرى فهي طريقة تجمع بين العلم والعمل الذي يثبّت به العلم.

أما العلم فيتمثل في القواعد الكلية، وأمّا العمل فيتمثل في الأمثلة والشواهد. فإذا كانت القاعدة الكلية هي صورة إجمالية للمعلومات الجزئية، فإنّ الأمثلة والشواهد صور تفصيلية لها.

تلك هي طريقة عبد القاهر: يذكر القاعدة الكلية ثمّ يردفها

(1) دلائل الإعجاز. ص: 45 - 49.

(2)

انظر الدلائل ص: 44، 176، 205، 272، 280، 330.

ص: 26