الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتستطرد قائلة: إن التحجب ليس بالشكل وبارتداء الأقنعة فالإسلام لم يدع إلى ارتداء الحجاب إنما تلك مسائل تفصيلية بعيدة عن جوهر الإسلام وعن مبادئه الأساسية ثم تذكر في نهاية الحوار أنها تعمل ليل نهار حتى تحقق للمرأة المصرية بعض حقوقها وأن أبرز ما أنجزته هو صدور قانون الأحوال الشخصية الجديد ثم ذكرت أنها دائماً " تعاكس " زوجها في طلباتها للمرأة ولكنه يجيب بقوله: " إن هذه ليست هي اللحظة المناسبة " وتقول: " ولكنني أعاود وألح عليه في طلباتي من أجل المرأة "(392)
ويتضح من هذا الحديث أن ظاهرة "عودة الحجاب " كانت قد أخذت في الانتشار السريع وكادت تفرض نفسها كواقع يكشف الحقيقة للمخدوعين والمخادعين على السواء لولا أن " الأكابر بدءوا يبيتون " وأد " هذه " العودة " قبل أن يفلت الزمام فبدأت الدوائر
السياسية والصحافية تمهد للحملة المجنونة التي توجتها السلطة بمذبحة " سبتمبر 1981م " ومن هذه الإرهاصات المقالة التالية:
"
الغزالي حرب " وحربه ضد الحجاب:
" الغزالي حرب " مفتش أول اللغة العربية بشمال القاهرة إنسان أقلقه كثيراً مظهر الحجاب الإسلامي وشيوعه وسط الفتيات يوماً بعد يوم فشهر قلمه ليدلي بدلوه مع إخوانه من دعاة السفور فنشر في الأهرام أكثر من مقال يهاجم فيه الحجاب ويحرض فيه
" الأكابر " على تشريع جديد يصفه بأنه (قرار حاسم يحقق التوازن والاعتدال في أزياء الطالبات والمدرسات بين التفريط والإفراط وبين الانغلاق والانضباط)
ويفتتح إحدى مقالاته بقوله: (منذ بضعة أيام اتصل بي تليفونياً الشيخ الدكتور عبد المنعم النمر ليحدثني عن بعض الطالبات في إحدى المدارس الأجنبية الثانوية ممن
(392) ملحق جريدة (القبس) العدد (2625) تاريخ الاثنين 6 تشرين الأول (أكتوبر)1980.
يحرصن على ارتداء ما يسمينه " الزي الإسلامي " أو " الزي الشرعي " ولقد اتفقنا في هذا الحوار التليفوني على أن تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي ولا ترتاح إليه اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية وما هو إلا شذوذ مظهري مريب)
ثم يقول: (فهذا الزي المبرقع أو المنقب ليس إلا زياً من صميم الأزياء الجاهلية البائدة التي عفى عليها الزمان ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ولن يبقى فيها طويلاً أمام التطور الوثاب الذي يؤكد ما قاله داعية تحرير المرأة الأول في مصر والشرق العربي " قاسم أمين " من أن هذا الزي الشاذ يمثل دوراً من الأدوار التاريخية لحياة المرأة في العالم ومن العبث الذي لا طائل من ورائه أن تتشبث بعض المدرسات أو الطالبات متمسحات في ذلك بالإسلام الذي يدعو المرأة - ولا شك - إلى الاحتشام المنضبط الذي يقره العرف القويم والذوق السليم لا إلى الاحتشام " المنغلق " المثير للشبهات ولا سيما شبهة محاولة " إخفاء الشخصية (393) "
ثم يستطرد قائلاً (ما أروع الحديث النبوي الشريف القائل: " ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ - طلب البراءة والسلامة - لدينه وعرضه) وخاصة في ظروفنا الحاضرة التي تمس فيها الحاجة دائماً إلى التحقق من كل طالب وطالبة حرصاً على استتباب الأمن والنظام وسيادة الأمن العام وحرام - والله - أن نضيع مثقال ذرة من الوقت الغالي
الثمين بلابسات البراقع والجدل حولهن باسم الإسلام الذي يقول بلسان الرسول عليه الصلاة والسلام:
" ما غضب الله على قوم إلا ابتلاهم بالجدل وصرفهم عن العمل "(394)
..... حرام والله - أن تشغلنا هذه " الظاهرة المرضية " عن النصح
(393) يأتي دفع هذه الشبهة الإبليسية إن شاء الله عند تفسير قوله تعالى {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} الآية بالقسم الثالث من هذا الكتاب يسر الله تمامه.
(394)
روى الترمذي وبن ماجه والإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا: {ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون}
(الزخرف 58) وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الحاكم ووافقه الذهبي=
لكريماتنا وأخوتنا المنتقبات أن يكن في أزيائهن منضبطات متفتحات لا منغلقات أو مبرقعات وأن يذكرن - والذكرى تنفع المؤمنين والمؤمنات - أنه عندما نهض قاسم أمين بدعوته المتحررة باركها باسم الإسلام أستاذنا " الإمام محمد عبده " حاربه الجامدون والمتنطعون داعين النساء إلى ارتداء النقاب والبرقع اتقاء للفتنة فانتهزت ملاهي أوربا هذه الفرصة وأخذت تعرض رقصة أسمتها " رقصة برقع الإسلام " وهكذا التقى جد الرجعيين وهزل العابثين في اتهام الإسلام بأنه دين البراقع) .
ثم يذكر معنى الحجاب في الإسلام في نظره فيقول: (وما هو إلا دين الاحتشام المعتدل المشرق بأنوار العفة والفضيلة والحياء وفي ضوئها وهداها التقى الجنسان على سواء معتصمين بحجاب الوازع الخلقي والضمير الحي)
إلى أن يبتهل داعياً المولى عز وجل في نهاية مقاله قائلاً: (واللهم أبعد عن مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا وطرقاتنا وسائر مجالاتنا شبح الجمود والممات وشبح الظواهر المرضية المثيرة للفتن والخلافات والانقسامات)(395) انتهى
ولا يقل عنه تحاملاً الصحافية " منى رمضان " التي كتبت مقالاً في مجلة " أكتوبر " تحت عنوان " طبيبات ولكن محجبات " تبدؤها بقولها:
(عاد الحجاب مرة أخرى كظاهرة على وجوه الفتيات والسيدات في مصر وهذه ليست آخر صيحة في عالم الموضة كما قد يتبادر إلى الذهن ولكنه نوع من الحشمة وإحياء التقاليد (396)
= (جامع الأصول 2 / 749) والجدال والمراء: المخاصمة والمحاجة وطلب المغالبة ولا شك أن الحديث نفسه يدين الكاتب وهو حجة عليه لعدوانه على أهل الحق ومجادلته إياهم بالباطل كما سترى الحمد لله الذي أنطقه بالحجة لنا.
(395)
الأهرام - الاثنين 2 فبراير 1981 م مقالة بعنوان (أزياء الطالبات بين الانضباط والانغلاق) .
(396)
ينبغي التحفظ من مثل هذه العبارات فليس الإسلام " تقاليد " وما عرفناه إلا مناراً وتعاليم وشرائع ومعالم وردت في أكثر من حديث: منها قول رسول الله ": (ذاك جبريل أتاكم يعلمكم معالم - أي =
الإسلامية التي تطلب من النساء أن " يدنين عليهن من جلابيبهن ")
وتحت صورة التقطت لمحجبتين تكتب قائلة:
(النقاب الذي ترتديه فتاة الجامعة يقربها إلى الرهبانية ولا رهبنة في الإسلام) لكنها حرصت على أن تنشر ثلاث صور إحداها على غلاف المجلة لفتاتين سافرتين ترتديان
" الحجاب النصفي " أو " الحجاب العصري " الضيق المزين والثانية لثلاث فتيات سافرات ولكن في عرفهن
= دلائل ومسائل - دينكم) رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه بهذا اللفظ
ومنها قوله ": (إن الإسلام صوى ومناراً كمنار الطريق منها أن تؤمن بالله ولا تشرك به شيئاً وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تسلم على أهلك إذا دخلت عليهم وأن تسلم على القوم إذا مررت بهم فمن ترك من ذلك شيئاً فقد ترك سهماً من الإسلام ومن تركهن كلهن فقد ولى الإسلام ظهره) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " وغيره - أنظر " سلسلة الأحاديث الصحيحة " حديث رقم (333)
ومعنى " صوى " جمع صوة: أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة يستدل بها على الطريق وعلى طرفيها أراد أن للإسلام طرائق وأعلام يهتدي بها كذا في " لسان العرب ".
عن أبي عمرو بن العلاء.
وعن عبد الله بن يسر المازني رضي الله عنه عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت وأنا كبرت فأخبرني بشيء أتشبث به ولا تكثر علي فأنسى قال: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله) رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وفي بعض الآثار (أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم)
…
فكم تفر أعين المتغربين والمتفرنجين والمجامحين الخارجين عن ربقة الإسلام بكلمة " التقاليد " الإسلامية؟!
إنهم بذلك يحولون شرع الله ووحيه إلى أعراف وتقاليد تواضع الناس - في زمن من الأزمان - على احترامها وبناء على ذلك فما يصلح لجيل لا يصلح لآخر وما يناسب مجتمعاً لا يناسب المجتمعات الأخرى وما يتفق مع زمن فلا شأن له بباقي الأزمان!
فالهدف إذاً من التعبير عن الأحكام الشرعية بـ (التقاليد) واضح وهو جعلها عرضة للتغيير والتبديل بحجة أن " تقاليد " عصر الصحراء لن تناسب عصر الفضاء {كبرت كلمة تخرج من أفواههم} الكهف 5!
أنظر: " مهلاً يا صاحبة القوارير " ص (10 - 11) .
" محجبات " يرتدين ثياباً لا يقرهن عليها مسلم عالم وقد علقت مسرورة بثيابهن قائلة:
(الحشمة الغير مبالغ فيها مطلوبة داخل الجامعات المصرية بدلاً من التقليعات الدخيلة علينا)
والثالثة لفتاة متزينة بالحجاب العصري الفتان وقد علقت الصحافية تحتها:
(هكذا تكون الفتاة الجامعية: علم وإيمان) .
تقول الكاتبة الحائرة القلقة: (والحشمة هنا نابعة من داخل المرأة وعلى أساسها فصَّلت هذه الثياب وفضلت أن تخرج بها إلى الشارع وإلى الجامعة.. وقد تكون هذه الظاهرة عودة إلى عصر الحريم (*) لا ينقصها إلا " قاسم أمين " جديد ليطلق صرخته مرة أخرى.. وربما تكون نوعاً من الموضة تأخذ مداها ثم تتلاشى بعد فترة طالت أو قصرت وقد تكون حنيناً على العودة إلى رحاب الروحانيات بعد أن طغى سلطان المادة على نواح كثيرة في حياتنا إلى آخر هذه التساؤلات التي تتبادر إلى أذهاننا جميعاً)
ثم تعبر عن حسرتها وقلقها قائلة: (إن هذه الظاهرة انتشرت وبصورة أكثر وأوسع داخل كليات الطب في الجامعات الثلاث) .
ثم تنقل الكاتبة في حوارها كلمة " دكتور يوسف عبد الرحمن " رئيس قسم الفسيولوجيا بطب القاهرة:
(باعتباري رجلاً مسلماً أفضل الزي الإسلامي فهو
(*) الصحافية هنا تنسج على منوال إخوانها في الضلال حيث أخذوا يسخرون ويتفكهون بعصر " الحريم " ثم ربطوا الدعوة إلى الحجاب بعصر الحريم تنفيراً منه تماماً كما يربط العلمانيون الملاحدة الدين بالرجعية ولكن ما هو (الحريم) ؟ جاء في مجلة (الأسبوع العربي) اللبنانية العدد (14153 أيار) : (كانت كلمة " حريم " تعني منذ الأزمان البعيدة الحرم المقدس أو المعبد المحرم الدخول إليه وقد أطلق هذا الاسم على القسم الخاص بالعائلة أي بالنساء والأطفال والذي كان محرماً على الغرباء ولوجه بينما سمح لهم بالدخول على باقي أقسام المنزل ولم يكن النساء ليبرحن " الحريم " إلا لزيارة صديقاتهن أو لحضور الاحتفالات العائلية أو الدينية فقد كان للنساء إذاً عالمهن الخاص المقتصر عليهن فقط إذ حرم عليهن تماماً الاختلاط بالرجال أو استقبالهم أو التحدث إليهم) اهـ.
وجاء في جريدة (الأخبار) على لسان باحثة أمريكية مشهورة تدعى الدكتورة " إيدالين " ما نصه: (إن تدهور الأخلاق في أمريكا راجع إلى ترك المرأة بيتها واشتغالها بالحياة العامة وإن عودة المرأة إلى " نظام الحريم " هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الخلقي الذي يسير فيه) اهـ. من (الحركات النسائية في الشرق) ص (35) .
" مستحب " لأنه حشمة ويخفي عورة المرأة وهذا الزي كما أعرف لا يعوق المرأة عن العمل أما النقاب الذي ظهر حالياً فهو غير مستحب ولا أفضله أبداً فهو يقترب بالمرأة من الرهبانية ولا رهبانية في الإسلام) ثم يقول:
(وما دامت المرأة قد خرجت إلى الشارع والعمل فلابد أن يتعرف عليها المدرس وكمسري الأتوبيس وكل من يتعامل معها أما النقاب فهذا غريب وغير عملي في هذا العصر وأنا أعلم أن النقاب كان موجود في العصور المظلمة فقط) انتهى كلامه.
وهذه (مها عثمان) تكتب في " آخر ساعة " مقالاً بعنوان
(ظاهرة الحجاب: لماذا؟)
وتقول: (ظاهرة الحجاب من الظواهر اللافتة للنظر الآن ليس فقط في الشارع المصري وإنما في الدواوين والمصالح الحكومية والكثير من مواقع العمل والظاهرة تتنامى ويأخذ معها الحجاب أشكالاً متعددة.
والأسئلة التي تثيرها تلك الظاهرة عديدة وفي مقدمتها: لماذا الحجاب؟ وماذا وراء تلك الظاهرة؟ ثم ما هو الفرق بين الحجاب والنقاب؟ وتحاول الكاتبة الإيحاء بأن الحجاب تقليد مملوكي أو تركي.
ثم تقول: (وظلت المرأة تحرص على وضع النقاب على فمها وأنفها عند ظهورها في المجتمعات الراقية واستمر حجاب المرأة بهذه الطريقة حتى دعا " قاسم أمين " إلى السفور عام "1912" (397) والتحرر من قيود هذه الأغطية وغيرها) .
وتتسلل روح التغريب وكراهية الحضارة الإسلامية بين السطور فتقول الكاتبة:
(ويمكننا فهم دعوة " قاسم أمين " للسفور وإلغاء الحجاب على إنها دعوة للإنسان للأخذ بقيم الحضارة الغربية على حساب حضارة أخرى وهي الحضارة التي تمثلها الدولة العثمانية)
فما هي تلك الحضارة " الأخرى " التي تمثلها الدولة العثمانية إن لم
(397) كذا!
تكن الحضارة الإسلامية؟
ثم تمضي الكاتبة قائلة: (وقد نجحت دعوة " قاسم أمين " حيث كان الجو العام مهيئاً.. وأصبح هذا النمط السائد في التعليم والملبس والمسكن و " القانون " و " السياسة " والفلسفة لكن إذا كان هذا هو ما حدث في فترة تاريخية معينة فما هو تحليل " عودة الحجاب " مرة أخرى؟) .