الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
سعد زغلول ":
أول وزير مصري في ظل الاحتلال:
لقد بدأ "الزعيم" حياته السياسية صديقاً للإنكليز وختمها كذلك صديقاً للإنكليز (146)
وبدأها بمصاهرة أشهر صديق للإنكليز عرفته مصر في تاريخ الاحتلال الإنكليزي من أوله إلى آخره وهو " مصطفى فهمي " باشا أول رئيس وزراء في مصر بعد الاحتلال
(وقد اختار اللورد " كرومر " سعداً وزيراً للمعارف فحاول بمجرد تعيينه إحباط مشروع الجامعة المصرية وتصدى للجمعية العمومية حينما طالبت الحكومة في مارس 1907 بجعل التعليم في المدارس الأميرية باللغة العربية وكان وقتئذ بالإنكليزية وكان الاحتلال هو الذي أحل اللغة الإنكليزية محل العربية في التدريس)(147)
(وبعد تعينه وزيراً أراد مجموعة من النساء المصريات في القاهرة أن يجتمعن به لأمر من الأمور فدخل عليهن وبهت إذ فوجئ بأنهن يسدلن الحجاب على وجوههن فرفض الدخول والاجتماع بهن إلا أن يكشفن وجوههن فأبين ذلك ولم يحصل الاجتماع)(148)
(146) بل إن مما يحتاج إلى الفحص والتدقيق ما جاء في كتاب (الأخوات المسلمات) نقلاً عن مجلة (المصور) في
عددها الخاص الصادر في 23 ديسمبر 1927 بعد وفاة سعد زغلول فقد نشرت المصور صورة الجنازة تحت
عنوان: (الأمة والحكومة تشيعان الفقيد العظيم) وتحت الصورة مباشرة كتبت العبارة التالية: (وفد
البنائين الأحرار _ الماسون - في تشييع جنازة الزعيم الكبير وكان رحمه الله قطباً من أقطاب الماسونية)
ومن قبل ذلك نشرت جريدة " المقطم " في عددها الصادر يوم الجمعة 26 أغسطس في الصفحة الأولى
العبارة التالية: (حداد الماسونية على فقيد البلاد الأعظم.. فقدت الماسونية المصرية بفقد سعد العظيم الخالد
عضداً كبيراً وفضلاً كثيراً وذخراً وفيراً كانت تعتز بفضله.. وستقام حفلة جناز ماسونية للفقيد الأعظم يعلن
موعدها فيما بعد) اهـ.
(147)
(مصطفى كامل) للرافعي ص (239، 431) وانظر مواقفه (الوطنية) ! المماثلة في (الاتجاهات الوطنية
في الأدب المعاصر) للدكتور " محمد محمد حسين "(2 /373 - 393) .
(148)
من مقالة بقلم " فاطمة عصمت زكريا " ملحقة بكتاب (المرأة ومكانتها في الإسلام) لأحمد الحصين
ص (208) .
ومن هنا فلا تعجب إذا رأيت مصطفى كامل يعلق على تصرفات الوزير سعد زغلول قائلاً: (إن الناس قد فهموا الآن أوضح مما كانوا يفهمون من قبل لماذا اختار اللورد
" كرومر "(149) لوزارة المعارف العمومية صهر رئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا الأمين على وحيه الخادم لسياسته........ ألا إن الذين كانوا يحترمون الوزير كقاض ليأسفون على حاضره كل الأسف وليخافون على مستقبله كل الخوف ويفضلون ماضيه كل التفضيل ذلك لأن الوزير قائم الآن على منحدر هائل مخيف) (150) اهـ
ولنختم هذا الفصل بما كتبه سعد زغلول عن اللورد " كرومر " قال: (كان يجلس معي الساعة والساعتين ويحدثني في مسائل شتى كي أتنور منها في حياتي السياسية) ، (وكان يصفه بأن صفاته - أي كرومر- قد اتفق الكل على كمالها)
ويحكي " سعد " في مذكراته وقع خبر استعفاء كرومر من منصبه (11/4/1907) عليه فيقول: (أما أنا فكنت كمن تقع ضربة شديدة على رأسه أو كمن وخز بآلة حادة فلم يشعر بألمها لشدة هولها
…
لقد امتلأت رأسي أوهاماً وقلبي خفقاناً وصدري ضيقاً) .
وكان سعد في مقدمة الداعين إلى إقامة حفل لتوديع اللورد كرومر الذي سب في
(149) ذكر كرومر في تقرير سنة 1906 م (أن في مصر جماعة صغيرة العدد آخذة في الازدياد هي الحزب الذي يمكن أن أسميه على سبيل الاختصار بأتباع المفتي الأخير " محمد عبده ") وذكر في خصائصهم أنهم (غير متأثرين بدعوة الجامعة الإسلامية ويتضمن برنامجهم - إن كنت قد فهمته حق الفهم - التعاون مع الأوربيين لا معارضتهم في إدخال الحضارة الغربية إلى بلادهم) ثم أشار كرومر إلى أنه (تشجيعاً لهذا الحزب - وعلى سبيل التجربة - قد اختار أحد رجاله وهو " سعد زغلول " وزيراً للمعارف) اهـ وانظر: " الإسلام والحضارة الغربية " للدكتور " محمد محمد حسين " ص (75) .
(150)
(مصطفى كامل) للرافعي ص (422) .
خطاب وداعه المصريين جميعاً ولم يمدح إلا رجلاً واحداً هو " سعد زغلول " وأعلن أنه يترك مصر مستريحاً لأنه أقام فعلاً القاعدة الأساسية لاستدامة الاحتلال وصدق فقد ألف في ذلك العام "حزب الأمة"(151) وأصبح " لطفي السيد " حامل لواء "الجريدة"(152)
وعين سعد زغلول ناظراً للمعارف وقال كرومر في تعليل هذا التعيين:
(إنه يرجع أساساً إلى الرغبة في ضم رجل قادر ومصري مستنير من تلك الطائفة الخاصة من المجتمع المعنية بالإصلاح في مصر) ، (كما أن سعداً من تلاميذ محمد عبده وأتباعه الذين أطلق عليهم " جيرونديي " (153)" الحركة الوطنية المصرية " والذي كان برنامجهم تشجيع التعاون مع الأجانب لإدخال الحضارة الغربية إلى مصر الأمر الذي جعل كرومر يحصر فيهم أمله الوحيد في قيام الوطنية المصرية) (154) اهـ
(151) تكون " حزب الأمة " - كما يقول الشيخ محمد رشيد رضا - " من أركان أصدقاء الشيخ محمد عبده من كبار رجال الحكومة ووجهاء القطر " اهـ من (تاريخ الإمام)(1 /591) - مطبعة المنار سنة 1935 م.
قال الدكتور السيد أحمد فرج: (إن حزب الأمة أنهى علاقاته بالجذور القديمة الإسلامية وصفى آثارها تماماً ليهيئ الجو للفكر العلماني الذي أطبق على البلاد بلا شريك - لأول مرة - وفرض أسلوب الغرب في الحكم والتربية والتشريع والاقتصاد، يوضح ذلك بيان الحزب نفسه الذي صدر ليحذر بجلاء الذين يتهمون هذه الحركة الجديدة حركة حزب الأمة بأن لها مظهراً من مظاهر التعصب الديني أي الـ "pan Islamism " لأنهم يريدون بهذه التهمة أن يبعدوا بيننا وبين أحرار الأوربيين خاصة وأنهم يعلمون أن المصريين أبعد الناس عن هذه التهمة وأبرؤهم منها " اهـ " المؤامرة على المرأة المسلمة " ص (17) . وانظر: (قصة حياتي) أحمد لطفي السيد ص (44) .
(152)
(اتضح أن أهم أسباب إصدار " الجريدة " إظهار نوايا حزب الأمة في تطليق فكرة الإسلامية نهائياً والعمل
على تغيير العادات والأفكار الاجتماعية في مصر) اهـ من " المؤامرة على المرأة المسلمة " ص (17) .
(153)
انظر " الموسوعة العربية الميسرة " ص (677) .
(154)
انظر (رجال اختلف فيهم الرأي) لأنور الجندي ص (16 - 18) .