الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: " رسالة الفتى والفتاة " لعبد الرحمن الحمصي) (81) .
موقف " محمد طلعت حرب
":
على أن أول كتاب ألف في الرد على قاسم أمين هو كتاب " تربية المرأة والحجاب " وهو أهم ما ألف وأعمقه أثراً ألفه " محمد طلعت حرب " الذي اقترن اسمه فيما بعد - وللأسف - بشئون الاقتصاد الربوي وقد استنكر في كتابه هذا على قاسم دعوته ودافع عن الحجاب (82) .
ويبدأ الكتاب بمقدمة يثبت فيها المؤلف أن المستعمر الغربي يجاهد بكل الطرق ليغير وضع المرأة المسلمة كأنما وكلتهم المرأة للدفاع عنها وما ذلك إلا ليثبتوا أن الشريعة الإسلامية قد ظلمتهن أما هدفهم البعيد فهو التدخل في شئون المسلمين باسم الإنسانية وفرنجة المرأة في المجتمع الشرقي لتنحل مقوماته الاجتماعية قال:
(إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوربة بالعالم الإسلامي) .
وقال أيضا: (إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق لا في مصر وحدها - إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق)
وهو يذكر أن الخديوي " إسماعيل " حين أراد أن ينفصل بمصر عن الدولة العثمانية وعد ملوك أوربة - إن هم أيدوه من أجل تحقيق هدفه - أن يبدل أحكام القرآن فيما يتصل بالحياة السياسية والاجتماعية فيفصل السياسة عن الدين ويطلق
(81)" قاسم أمين " د. " ماهر حسن فهمي " ص (164 - 165) .
(82)
ولمحمد طلعت حرب كتاب آخر في الرد على قاسم أمين هو: (فصل الخطاب في المرأة والحجاب) شن فيه حملة عنيفة على ضلالات قاسم ووقفت كثرة الشعب في جانبه وأيدته فاستهدفت قاسم للإهانة تلو الإهانة
(انظر: " تطور النهضة النسائية " ص " 70 ")
الحرية للنساء بحيث يسرن في أثر المرأة الغربية وينقل إلى مصر معالم المدنية الأوربية.
وذكر أن الحرية كانت دائما شعار الإسلام فكان أولى بقاسم أن يجعل عنوان كتابه تربية المرأة بدلاً من تحريرها ثم يقول طلعت حرب:
(ومن عجيب المصادفات أن الذي يقرأ " الرحلة الأصمعية " التي طبعت باللغة التركية سنة 1893 في مصر يقرأ فيها الاعتراضات التي وجهها الأوربيون إلى مؤلف الرحلة فيما يختص بوضع المرأة المسلمة فإذا ما قرأنا " تحرير المرأة " لقاسم أمين وجناه يردد نفس الاعتراضات فهل هذا يرجع إلى توارد الخواطر؟ ويتحدث طلعت حرب في الباب الأول من كتابه عن وظيفة المرأة فيقرر أن الأديان (83) جميعاً تنفي مساواة المرأة بالرجل مساواة كاملة ويورد النصوص من التوراة والإنجيل والقرآن التي تؤكد سيادة الرجل وحسن المعاملة والتقدير للمرأة ويقرر أن سعادة الأسرة لا تكون بوجود قائدين في بيت واحد وإنما تكون بتوجيه الرجل توجيها حكيما.
ثم قال: (إن للمرأة أعمالا غير ما للرجل ليست بأقل أهمية من أعماله ولا بالأدنى منها فائدة وهي تستغرق معظم زمن المرأة إن لم نقل كله: الرجل يسعى ويكد ويشقى ويتعب ويشتغل ليحصل على رزقه ورزق عياله وامرأته ترتب له بيته وتنظف له فرشه وتجهز له أكله وتربى له أولاده وتلاحظ له خدمه وتحفظ عينه عن المحارم وهو يسكن إليها
…
) (84)
(83) اعلم - رحمك الله - أنه لا يصح أطلاق كلمة " الأديان "! هكذا مجموعة في سياق التقرير والاحتجاج بها لأن
الدين واحد هو الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}
(آل عمران: 19) والشرائع هي التي تختلف من نبي لآخر قال تعالى:
{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} (المائدة: 48) والله أعلم.
(84)
" تربية المرأة والحجاب " ص (17) طبعة القاهرة.
وينتقل إلى الباب الثاني فيتناول تربية المرأة ويؤكد أن
(الشريعة قد حثت على التربية الخلقية التي تضمن إصلاح النفس وعمار الكون وضمان السعادتين وكان السلف الصالح يعودون أبنائهم عليها فيشبون وقد تشبعوا بمكارم الأخلاق ولم تول الدنيا عنا إلا يوم أهملنا تلك التربية ثم دهمتنا المدنية الغربية بما بها من مظاهر خادعة فحسبناها منتهى ما يدركه الإنسان من الكمال فتسابقنا إلى التشبه والتقليد.
فإذا كنا نريد إصلاح حقيقي فلننظر إلى مدنيتنا الإسلامية ولنقتبس منها أسس التربية السليمة لكل أفراد المجتمع من بنين وبنات) .
ثم ينتقل إلى أهم نقاط البحث وهي مشروعية الحجاب فيعرض لقوله تعالى:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) وينقل من أحاديث رسول الله " وسيرة الصحابة رضي الله عنهم أن المقصود ستر الوجه لأنه أعظم زينة للمرأة أما ما جاء في قوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) فهي الكحل والخضاب ثم كيف يمكن الاختلاط مع غض البصر؟
وإذا كان " قاسم أمين " يرى أن الحجاب خاص بنساء النبي " وأن قوله تعالى:
(يا نساء النبي لستن كأحد من النساء)(الأحزاب 32) فيه معنى التخصيص فإن قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)(الأحزاب 59) قد قطع كل شك في وجوب الحجاب وقد اعتمد "قاسم" على رأي بعض الفقهاء في إباحة كشف الوجه واليدين والقدمين مع أن رأى الفقهاء في هذه الإباحة كان خاصاً بالصلاة وحدها لا بقضية الحجاب والسفور.
على أن من يقول بجواز النظر لوجه المرأة عند أمن الفتنة قد قضى بتحريم ذلك على الإطلاق خصوصاً في هذه الأيام حيث نشاهد تبذل الشباب واستهتارهم كل
حين فما بالنا لو خلعت المرأة الحجاب وأطلقنا لها الحرية؟
إن الإحصائيات تثبت أن المرأة الشرقية - بسبب الحجاب - أكثر نساء العالم تعففاً ولا نريد أن نمزق ستار العفاف.
وإذا كان " قاسم " يتساءل: لماذا اختص النساء بالاحتجاب والتبرقع دون الرجال وكلاهما مأمور بغض الأبصار؟ الإجابة واضحة إذ من المسلم به أن لكل من الزوجين وظيفة اختص بها وكانت وظيفة الرجل خارج بيته للسعي على معاشه ووظيفة المرأة منزلية داخل البيت وخروجها للضرورة فتكليفها بالتبرقع دون الرجل أكثر ملائمة لظروفها (*)
أما ما قيل عن علم عائشة رضي الله عنها فهو حجة على قائله لأنها كانت محتجبة حجابا تاما بالإجماع ولم يمنعها الحجاب من التفقه في أمور الدين والمشاركة في أمور الحياة وكذلك كان كل النساء المسلمات اللائي نبغن وبلغن درجة من العلم والكمال فالحجب لم يمنع من تحصيل العلم ولا تدريسه وإذا كان الحجاب هو المانع من الترقي فلما لم يترق كل الرجال؟
(*) قال الشيخ " سعيد الجابي " رحمه الله في كتابه " كشف النقاب ":
(وإذا قيل ينبغي على الرجال أن يستتروا خوف فتنة النساء اللواتي أمرن بغض أبصارهن.
فنقول: إن النساء اللواتي أمرن بالقرار والوقار وإخفاء صوت الخلخال عن الجار والكلام من وراء حجاب وإدناء الجلباب والإقلال من الخروج خارج الأبواب كاف لهن ومغن عن أن يكلف الرجال بستر وجوههم عنهن سيما وأن أعمال الرجال خارج البيوت وأعمال النساء في داخلها والفرق بين العملين ظاهر لا يماري فيه إلا مكابر ولا سيما أن جمال وجه الرجال سريع الزوال إذا راعوا الحكم الشرعي بإعفاء اللحى القائمة مقام النقاب والحجاب والجلباب وهي عند بعض الزوجات أعظم مصاب! وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فلا مانع من أن تظهر المرأة عينيها أو عينها بعد ستر وجهها وحينئذ لا يقال: حرموا هذه المسكينة أن تبصر طريقها أو النور أو جمال الطبيعة بل يقال: حرموا هذا المسكين أن يرى جمال وجهها) اهـ
نقله عنه الشيخ محمد أديب كلكل في " فقه النظر " ص (64 - 65) .
ولو نظرنا إلى المرأة الأوربية لوجدنا الأمر يرجع إلى حاجة أوربا للأيدي العاملة بسبب ظروف حياتها فخرجت النساء لمساعدة الرجال على الكسب والتعمير فلما ابتذلت المرأة هناك أعرض الشباب عن الزواج فاضطرت المرأة أن تستمر في العمل لتعيش على أن الناظر إلى المرأة الشرقية الآن (85) يراها قد خرجت وأقبلت على ملاذ الدنيا وأغرتنا الحضارة الأوربية على التساهل وسيسير الزمن بنا - باسم الحرية والمدنية - حسب التخطيط الذي يدفعنا الأجنبي إليه إلى أن تصبح المرأة الشرقية مثل الأجنبية ما لم نبادر إلى تقييد تلك الحرية لا إطلاقها
(85) طبع الكتاب سنة 1899 م.