الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي العصر الحديث يعمل السلفيون على استئناف الحياة الإسلامية على أساس هذا الفهم وطبقاً للنظرة الرحبة الفسيحة لكل جوانب الإسلام كمنهج رباني شامل لا يعتوره نقص في أي من مجالات الحياة.
وقد اتفق المسلمون السلفيون على قاعدة اضطراد العلاقة بين تقدم المسلمين واستمساكهم بالإسلام وعلى العكس تدهورهم وضعفهم عند الانسلاخ منه فالعلاقة بينهما علاقة المد والجذر مع الإسلام والإيمان.
السلفية والتقدم:
يزعم خصوم الإسلام بعامة والسلفية بخاصة أنها دعوة رجعية وهو زعم خاطئ من جذوره فلا تتعارض السلفية مع التقدم لأن التقدم في الإسلام تقدم أخلاقي يمضي قدماً في تحقيق الرسالة التي نيطت بهذه الأمة مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها.
والقديم في تاريخ أوربا تعبير يطلق على العصور المظلمة في القرون الوسطى السابقة لعصر النهضة ورفض أوربا لتاريخها القديم موقف عادي يتلاءم مع رغبتها في التقدم لأن الماضي يعد سبباً لتخلفها.
" وإذا قارنا الإسلام بمختلف ديانات العالم عرفنا أن عقائدها منعت معتنقيها من التقدم الحضاري عندما استمسكوا بها ودارس التاريخ يلاحظ أن أهل أوربا والبوذيين في اليابان على سبيل المثال لما كانوا راسخين في معتقداتهم الدينية كانوا على أسوأ ما يكون من أدوار التخلف ولما أحرزوا لأنفسهم الرقي والتقدم في حياتهم العلمية والعقلية والمادية ما عادوا مؤمنين بمعتقداتهم المسيحية والبوذية إلا اسماً.
أما المسلمون فعندما كانوا أقوياء في إيمانهم بمعتقداتهم صاروا أكثر أمم الأرض تقدماً وازدهاراً وقوة ومجداً وما أن دب دبيب الضعف في إيمانهم بها حتى تخلفوا في
ميادين العلم وضعفوا في صراعهم للرقي الدنيوي وتحكمت فيهم واستولت عليهم أمم أجنبية وهذا فرق عظيم بين معتقدات الإسلام ومعتقدات الديانات الأخرى في العالم " (411) .
فالأمر عكسي بالنسبة لنا تماماً: فإن تاريخنا يعبر عن تقدم حضاري في كافة المجالات وإذا نحن طالبنا (بالترقي) إلى مستوى السلف فإننا نعني بذلك التمسك بالمفاهيم الإسلامية الشاملة للعقيدة والعبادة والشريعة وسائر الأنشطة الإنسانية التي منها - بلا شك - الحقل العلمي.
ولكننا في الوقت نفسه لا نزعم - ولا نظن أن عاقلاً يخطر له على بال - أن نضع الأمة الإسلامية في متحف للتاريخ! بمعنى أن نطالب بإرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم والتطبيب وتشييد المدن وتجهيز الجيوش وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات....إلخ.
ويتضح لكل دارس للإسلام أن المفهوم الإسلامي للحضارة أرقى بكثير من التصور الغربي فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة.
أما نبذ السلفية بحجة التسابق مع الزمن واللحاق بكل ما هو جديد فمنهج خاطئ قائم على مفاهيم غربية متصلة بفلسفتها فإن ما نراه اليوم جديداً سيصبح غداً - وحتماً - قديماً فليست الموازنة إذن بين قديم وجديد موازنة صحيحة ولكن ينبغي أن تتم بالمقارنة بين الحق والباطل أياً كان العصر والزمان لأن القيم لا تتغير ولا تتبدل فليس الجديد مقدماً بالضرورة عن سلفه.
ولعلنا نصدم أصحاب دعوى التجديد المتغربين النابذين للسلفية عندما نضع
(411)" المخاطر التي تواجه الشباب المسلم وكيف نتوقاها؟ " للأستاذ الدكتور مصطفى حلمي ص (48 - 49) .
أمامهم الحديث النبوي:
(إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)(412)
والتجديد إنما يكون بعد الدروس فالتجديد ارتقاء وتقدم بالأمة لتسلك طريقها مرة أخرى كلما بعدت عن الصحيح الأصيل المتوارث.
ونحن نرفض تقليد الغرب ونبحث عن الأصالة ولا تأتي الأصالة بترقيع الشخصية بل بالارتباط بالعقيدة التي كانت حجر الزاوية في كيان هذه الأمة وينبغي هنا التمييز بين تقليد (مقومات الشخصية والعقائد والتصورات) وبين النتائج العلمية فلا وطن للعلم ولا جنسية للاكتشاف والأبحاث الإنسانية في الميادين المختلفة.. ولكن المشكلة هي اختلافنا الأساسي معهم على قواعد جوهرية تتناول عقيدة التوحيد والإيمان بالله سبحانه وتعالى وإفراده بالألوهية والربوبية وما هية الإنسان والغرض من خلقه وبيان مآله في اليوم الآخر وما هي وسائله لسلوك أحسن السبل الممكنة في الحياة والارتقاء بها؟
وتأتي آفة التقليد عندما ننسى أصالتنا ولذا ينبغي التنبيه إلى الحكمة النبوية في الحديث الذي رواه البخاري (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون " الأمم " قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع فقيل: يا رسول الله! كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك؟)(413) .
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى ولو دخلوا جحر ضب خرب لتبعتموهم قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن غيرهم!)(414) .
(412) رواه أبو داود والحاكم والبيهقي في " المعرفة " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصححه الألباني.
(413)
رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(414)
رواه الإمام أحمد والشيخان وابن ماجه عن أبي سعيد رضي الله عنه.
إذا عرفنا كل هذا أصبح هدف السلفية واضحاً أمامنا كضوء الشمس وهو يتلخص في:
تطهير العقيدة من شوائب البدع وتربية الشخصية الإسلامية وفتح الذهن البشري لقبول كل جديد في ميادين العلوم التجريبية وإحياء العقيدة من منابعها بعيداً عن المذهبية
الضيقة بصورتها الأخيرة أو تطويع العقيدة والشريعة في الإسلام لدعاوي التطوير الخاطئة ورفض فكرة لا دينية الدولة.
وأخيراً: أسعفت الفيلسوف الهرم ذاكرته فتذكر أن هناك قرآناً يستدل المسلمون بآياته على حتمية الحجاب فقال: (ثم وجدت هذه اللفتة السلفية من يربطها للشباب بالدين وهنا تأتي النقطة الرابعة التي سأجعلها الأخيرة) وهذه النقطة المؤخرة عنده - أخره الله وأخزاه - هي آيات القرآن المجيد الآمرة بالحجاب وكان ينبغي أن يبدأ بما انتهى به وأن يقدم ما أخره فإن حق كلام الله عز وجل أن يقدم على كل كلام لو كان صدقاً فكيف إذا كان لغواً وزوراً وافتراءً على الله كتلك المئات من السطور التي سودها ذلك المنافق يصد بها الناس عن القرآن؟!
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) الآية
(الحجرات: 1)
وقال عز وجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الآية
(الحشر: 7)
وقال تبارك وتعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء
قليلاً ما تذكرون) (الأعراف: 3)
ولقد ذم الله قوماً يعرضون عن آياته فقال عز وجل: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم)(النجم: 30)
وقال سبحانه: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن
يضلهم ضلالاً بعيداً وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً) إلى قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)
النساء (60 - 65) .
ثم إن الفيلسوف الهرم لم يكتف بذلك بل تجاهل آيات القرآن تماماً فضلاً عن مناقشة تفسيرها وترقى إلى ما هو أبعد من ذلك - رماه الله في المهالك - حين تقول على الله بغير علم وفكَّر وقدَّر فقتِل كيف قدَّر ثم قتل كيف قدر ثم حكم ببطلان أن الحجاب أمر تحتمه الشريعة الإسلامية فقال - قاتله الله - (أوردت الرسائل في سياقها آيات قرآنية كريمة يستشهد بها أصحاب الرسائل على أن فتور الهمة نحو العلم ونحو العمل في
امرأة هذا الجيل وميلها نحو العودة إلى البيت ونحو أن تتحجب - أو على الأقل أن تضع فوق رأسها رمزاً يشير إلى معنى الحجاب - هو أمر تحتمه الشريعة الإسلامية وأقول إنه لو كان ذلك صحيحاً لكنت أول الداعين إليه ولكن هل هو صحيح؟) اهـ
وهنا بدأت نبرة الكاتب تتحول إلى الإنسحاب الهادئ فبعد أن طعن الدين في الصميم وشعر أنه أسرف في الكذب والافتراء وجد نفسه مضطراً إلى ممارسة (فن التلون الحربائي) فإذا به يتوارى ويتحصن في الدين فيقول: (لو كان ذلك - يعني أن القرآن يحتم الحجاب - صحيحاً لكنت أول الداعين إليه) ونحن إذا أحْسَنَّا الظن به حملنا أمر الفيلسوف " الكبير "! على أنه لم يقرأ القرآن مرة واحدة أو أنه قرأه ثم نسيه لانشغاله عنه بفلسفة أكثرها سفه وإلا فهو عدو للإسلام والمسلمين متآمر ضد أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) القتال (30)
ثم يذكر الكاتب دليله على قطع الصلة بين القرآن والحجاب فيقول: (أكانت تلك الشريعة معطلة حتى جاء شباب هذا الجيل ليعيدها إلى الحياة؟) اهـ
نقول: كلا بل ما زالت شريعة القرآن نافذة وسائدة طوال عصور الإسلام وما زالت قلوب المسلمين رجالاً ونساءً تخفق بالاعتزاز بها والإذعان لها إلى أن هجمت جيوش الغزو الفكري متترسة بالفلاسفة والعملاء والعميلات اللائى أسميتهن (رائدات الجيل الماضي) ليرفعوا الحجاب عن وجه المرأة ويعطلوا الشريعة الحنيفية شكلاً ثم موضوعاً وواقعاً فجاء شباب هذا الجيل ليصحح الأوضاع ويعود إلى حظيرة الإيمان ويجدد معالم دينه الذي ارتضاه الله له فما الذي يغيظك من ذلك كله؟
وإذا كنت محباً لهذه الأمة المحمدية ومخلصاً لهذه الملة الحنيفية فلماذا تنزعج هكذا من عودة الشباب على الإسلام وعودة المسلمات إلى الحجاب؟
ثم يمضي غمام الضلالة مدعياً مرتبة الاجتهاد المطلق بل ها هو ذا يقدم نفسه على كل أئمة الهدى في كافة عصور الإسلام ويبرهن على ذلك بقوله:
(إنني مهما تواضعت في قدر نفسي فلا أظنني أصل بذلك التواضع درجة تحرمني من فهم الآيات الكريمة التي سيقت في الرسائل شواهد على ما أراده أصحابها فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي) اهـ
أقول: لو أن هذا المختال الفخور درس القضية في ضوء الكتاب العزيز والسنة المطهرة لوجد فيها من الشفاء والهدى والنور ما يغنيه عن ظلماته وضلالاته التي أوقعته في مهواة البلاء والعجب بنفسه وتكبره الذي دعاه إلى أن يضرب بسهم مع الأفاضل وأرباب التقوى مع أنه كما قال القائل:
نزلوا بمكة في قبائل هاشم ونزلت بالبيداء أبعد منزل
وكما قال القائل:
أيها المدعي لسلمى انتساباً لست منها ولا قلامة ظفر
والفيلسوف الزائغ ليس من أهل الترجيح لأقوال أهل العلم بعضها على بعض بل لا يصلح أن يكون حكماً بين صبيين فضلاً عن أن يكون حكماً بين العلماء الربانيين:
ما أنت بالحكم الترضي حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
فإن من شرط الحكم أن يكون عالماً بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومذاهب المجتهدين فمن أين لهذا الزائغ من هذه العلوم وهو بالنسبة إلى الأئمة الذين " قضوا بالحق وكانوا به يعدلون " طفل راقد في مهد طفوليته؟!
بل أين المخلصون المجاهدون في سبيل الإسلام من الطاعنين فيه الصادين عن سبيله؟! قال تعالى:
(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً) النساء (115)
وقال عز وجل: (ألم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) ص (28)
أما قول صاحب (الردة) : (فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي)
فما أشبهه بقول من حكى الله عنهم: (ويحلفون بالله أنهم لمنكم وما هم منكم)
التوبة (56)
وقوله تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) المنافقون (1)
فعادة المنافقين " الاستجنان " بالإيمان الكاذبة كما استجنوا بالشهادة الكاذبة (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون) المنافقون (2)
فيتخذون حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة تحميهم مما يعامل به الكفار وأخبر سبحانه عن صفتهم وشأنهم فقال:
(وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) المنافقون (4)
لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم إلى أن قال عز وجل (هم العدو) أي هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادي العدو المداجى الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي (فاحذرهم) لكونهم أعدى الأعادي ولا تغترن بظاهرهم
فلا تقنع بأول ما تراه فأول طالع فجر كذوب
فمن هذا الباب قول الكاتب (فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي) نقول: إن القرآن حق في نفس الأمر وليس هو محتاجاً لأن يحامي مثلك عنه والمحاماة عن القرآن تكون بإقامة البراهين ودفع الشبهات الباطلة أما تحريف معناه وتغييره أما تجاهله والإعراض عنه أما مراغمة نصوص القرآن ومعاكستها ووصف الممتثلين لها بوصف (الردة والنكسة
والمأساة) وما إلى ذلك من العبارات الشنيعة فهذا كله إفساد للقرآن وصد عن سبيله واستحلال لحرماته واستهزاء بآياته:
(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)
الأنبياء (18)
ولئن جاز أن يتسامح المسلمون مع الكاتب فيما كتب - وهذا بعيد جداً - فلا يمكن أن يتسامحوا معه بأي وجه من الوجوه حينما (أبى واستكبر وعاند) الآيات التي بلغها إليه القراء في رسائلهم الغاضبة ثم إذا به يضرب بها كلها عرض الحائط ويتبجح في عتو عناد بمقولة تعيد إلى أذهاننا عناد صناديد قريش:
(إنني لم أجد في تلك الرسائل جميعاً ما يحملني على أن أغير حرفاً مما كتبته ولو أعدت الكتابة لكررت ما قلته كلمة كلمة) اهـ
فإذ لم يرفع بآيات الله الآمرة بالحجاب رأساً فإنا نذكره بقول الله تبارك وتعالى:
(ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئاً اتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين) الجاثية (7 - 9) .
وقوله عز وجل: (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون) السجدة (22) .
وقوله سبحانه وتعالى: (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلاً) سورة المدثر (16) .
ثم نقول كون هذه الآراء صحيحة عندك وأنك مؤمن بها لن تتراجع عن كلمة منها لا يدل على صحتها في نفسها فكل حيوان يستطيب ريقه وإن كان خبيثاً وقد قال تعالى في إخوانك من قبل:
(ويحسبون أنهم على شيء ألا انهم هم الكاذبون استحوذ عليهم
الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان
ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) (المجادلة: 18 - 19)
وما أحسن ما قيل في مثله:
ولقد أقول لمن تحرش بالهدى عرضت نفسك للبلا فاستهدف
آخر:
يا ناطح الجبل العالي ليكلمه أرفق على الرأس لا ترفق على الجبل (*)
(*) وفي أحدث محاولات الفيلسوف الهرم لينطح الجبل العالي كتب مقالة مطولة في " آخر ساعة " يدافع فيها
عن العلمانية ويهاجم الجماعات الإسلامية وفيها تطرق إلى الحجاب زاعماً أن علة انتشاره بين الفتيات هي
: (انخفاض الدخل في كثير من الأسر مما جعل عدد من السيدات والفتيات يعجزن عن التنافس في دنيا
الثياب - الموضات - فيجدن ملاذاً في الزي الديني) وادَّعى أن من الأسباب أيضاً: (ارتفاع أجور العناية
بالشعر عند الكوافير فيحدث أن حجبه - حجب الشعر تحت الحجاب - أيسر وأقل تكلفة) ولما سئل عن
رأيه في المنقبات قال في غرور: (المنقبات =
فنسألك اللهم أن تخلع من أعداء الحق وثائق قلوبهم وأفئدتهم وأن تباعد بينهم وبين أزودتهم وأن تحيرهم في سبلهم وأن تضللهم عن وجههم وأن تقطع المدد عنهم وأن تنقص منهم العدد وأن تملأ أفئدتهم بالرعب وتقبض أيديهم عن البسط وتحرم ألسنتهم عن النطق وتشرد بهم من خلفهم وتنكل بهم من وراءهم وتقطع بحربهم أطماع من بعدهم اللهم عقم أرحام نسائهم ويَبِّس أصلاب رجالهم وعجل لهم الوبال والنكال وأخرس منهم عضو المقال وفرق جمعهم وشتت شملهم وأفسد رأيهم وأخمد أنفاسهم وهدِّم أساسهم إنك على ما تشاء قدير.
= لا يستأهلن الحديث مني عنهن
…
) ثم راح يتساءل (هل هو
عدم جمال خلقة؟ .. ولكن أقول إن فيهن صاحبات وجوه مليحة ومقبولة! أيضاً أقول: هل هي حركة
احتجاجية داخل الأسرة؟ هل هي حالة عدم رضاء كاملة عن النفس؟ هل النقاب هو الإسلام؟) اهـ
من " آخر ساعة " ص (34) مايو 1986 م.