الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفقدت أنوثتها وإذا كان التاريخ يستفظع وأد بعض رعاع العرب لبناتهم تخلصاً من العار فكم يكون استفظاعه لحياة كثير من الفتيات في هذه المدنية التي يود البعض أن نقتضي بها؟ !
وثار علماء الدين في الشام ثورة عنيفة ضد " قاسم أمين " فأعلنوا أن دعاة السفور هم دعاة فساد لأنه يخالف ما أمر به الدين ولأن السفور يقود الناس حتما إلى المجون وهدم القيم وبذلك تنحل كل الروابط الاجتماعية (92)
الإنكليز يترجمون الكتاب وينشرونه:
وقد كتب"مصطفى كامل" في " اللواء " بتاريخ (9 فبراير سنة 1901 م) يقول:
(هذا وقد انتشر خبر كتاب "تحرير المرأة " في جهات الهند واهتم الإنكليز بترجمته وبث قضاياه وإذاعة مسائله لما وراء العمل به من فائدة لهم) اهـ
من مواقف الشعراء:
وكان للحركة صدى عميق في نفوس الأدباء والشعراء (93)
وهذا " أحمد محرم "(94)
الذي أعجب به " مصطفى كامل " وطالما أشاد به وبشعره على صفحات اللواء يقول مستنكراً دعوة " قاسم أمين ":
أغرك يا أسماء ما ظن قاسم؟! أقيمي وراء الخدر (95) فالمرء واهم
(92) السابق ص (163 - 164) .
(93)
كان أكثر شعراء تلك الفترة من أهل الرأي والفكر ولم يكونوا مجرد نظاميين.
(94)
" أحمد محرم "(1871 - 1945) عده الأدباء في الطبقة الأولى من شعراء جيله وسلكوه في صف شوقي
وحافظ وطبع شعره الإسلامي بعنوان (الإلياذة الإسلامية) سنة 1963.
(95)
الخدر: ستر يمد للجارية في ناحية البيت وجارية مخدرة ومخدورة إذا ألزمت الخدور وانظر " لسان العرب "
(5 / 312 - 315) .
تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلام على الأخلاق في الشرق كله إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم
أقاسم لا تقذف بجيشك تبتغي بقومك والإسلام ما الله عالم
لنا من بناء الأولين بقية تلوذ بها أعراضنا والمحارم
أسائل نفسي إذا دلفت (96) تريدها أأنت من البانين أم أنت هادم؟
ولولا اللواتي أنت تبكي مصابها لما قام للأخلاق في مصر قائم
نبذت إلينا بالكتاب (97) كأنما صحائفه مما حملنا ملاحم (98)
ففي كل سطر منه حتف مفاجئ وفي كل حرف منه جيش مهاجم
إلى أن يقول:
لنا في كتاب الله مجد موثل (99) وملك على الحدثان (100) والدهر دائم
إذا نحن شئنا زلزل الأرض نابنا ودامت لنا أقطارها والعواصم
******
هممنا بربات الحجال (101) نريدها أقاطيع ترعى العيش وهي سوائم
وإن امرءاً يلقى بليل نعاجه إلى حيث تستن الذئاب بظالم
وكل حياة تثلم العرض سبة ولا كحياة جللتها المآثم
أتأتي الثنايا الغر والطرر (102) العلى بما عجزت عنه اللحى والعمائم؟
(96) دلفت: أي تقدمت.
(97)
يشير إلى كتاب " تحرير المرأة ".
(98)
جمع ملحمة: وهي الوقعة العظيمة القتل.
(99)
أي الحسيب الأصيل العظيم الشريف.
(100)
الحدثان: النوب.
(101)
الحجل بفتح الراء وكسرها: الخلخال.
(102)
الطرر: جمع طرة: جانب الثوب الذي لا هدب له وطرف كل شيء.
فلا ارتفعت سفن الجواء بصاعد إذا حلقت فوق النسور الحمائم
عفى الله عن قوم تمادت ظنونهم فلا التهج مأمون ولا الرأي حازم
ألا إن بالإسلام داءاً مخامراً وإن كتاب الله للداء حاسم (103)
***********************
وهاجم الشاعر العراقي " البناء " السفوريين وخاطب المرأة قائلاً:
وجوه الغانيات بلا نقاب تصيد الصيد في شرك العيون
إذا برزت فتاة الخدر حسرى تقود ذوي العقول إلى الجنون
وهذا الشاعر " جواد الشبيبي " يقول مستنكراً الدعوة الأثيمة:
منع السفور كتابنا ونبينا فاستنطقي الآثار والآيات
تلك الوجوه هي الرياض بها أزدهت للناظرين شقائق الوجنات
كانت تكتم في البراقع خفية من أن تمس حصانة الخفرات (104)
واليوم فتحها الصبا فتساقطت بعواطف الألحاظ والقبلات
صوني جمالك بالبراقع إنها ستر الحسان ومظهر الحسنات
وضعي الصدار على الترائب إنه حق عليكي فحق نهدك نات (*)
وتماثلي في البيت صورة دمية مكنونة الأعضاء في الحبرات (105)
وفي قصيدة للأزدي يعارض فيها "الرصافي"ويخاطب بنت بغداد " كريمة الزوراء " ويحذرها من ضلال السفوريين ويبصرها بعواقب مسلكهم الوخيم، يقول:
(103) ديوان محرم (2/63 - 65) الطبعة الأولى (1338 هـ - 1920 م) - مطبعة الفتوح بدمنهور.
(104)
امرأة خفرة: أي شديدة الحياء.
(*) كذا بالأصل!
(105)
انظر " قاسم أمين " للدكتور " ماهر حسن فهمي " ص (173) .
أولم يرو أن الفتاة بطبعها كالماء لم يحفظ بغير إناء
من يكفل الفتيات بعد ظهورها مما يجيش بخاطر السفهاء؟
ومن الذي ينهى الفتى بشبابه عن خدع كل خريدة حسناء؟
إلى أن يقول:
نص الكتاب على الحجاب ولم يبح للمسلمين تبرج العذراء
ماذا يريبك من حجاب ساتر جيد المهاة (106) وطلعة الذلفاء (107)
ماذا يريبك من إزار مانع وزر الفؤاد وضلة الأهواء
ما في الحجاب سوى الحياء فهل من التهذيب أن يهتكن ستر حياء
هل في مجالسة الفتاة سوى الهوى لو أصدقتك ضمائر الجلساء
شيد مدارسهن وارفع مستوى أخلاقهن لصالح الأبناء
أسفينة الوطن العزيز تبصري بالقعر لا يغررك سطح الماء (108)
وهذا " أديب التقى " يحذر من السفور كذريعة إلى الخلاعة والدمار الاجتماعي:
كيف ترضى بأن ترى حاسرات يتملى وجوهها الفجار
واتخذن الخلاعة اليوم خلقاً هو للشعب لو أفاق دمار (109)
وفي السودان هاجم الشيخ " حسيب علي حسيب " يعنف دعاة السفور فقال:
دعوا في خدرها ذات الدلال فقد أرهقتموها بالجدال
رأيت شعورها الحساس مضنى على هذا الجمود عن المعالي
تذوب وقد تناذرتم حياء بفحش اللفظ أو هجر المقال
ويعلو خدها خفر ينادي ألا يا للنساء من الرجال
(106) الجيد - بالكسر: العنق أو مقدمه و (المهاة) : الشمس والبقرة الوحشية.
(107)
الذلف: صغر الأنف.
(108)
" الأدب العصري "(2 / 56) طبعة القاهرة (1923) .
(109)
" الاتجاهات الفكرية في بلاد الشام " ص (144) طبعة القاهرة (1958) .