الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحافة، والمرأة المسلمة
(*)
وصف "محمد التابعى"- الذى كانوا يعدونه أستاذ جيل الصحافيين الذين خرجتهم مجلة (روز اليوسف) - واقع الصحافة يوما، فقال ما نصه:
{هذه الصحيفة صنيعة أمريكا، وهذه الصحيفة مأجورة للإنجليز، وهذه المجلة تصدر بأموال شيوعية، وهذا الصحفى يتلقى أوامره ومرتبه الشهرى من موسكو أو وارسو أو براج.
وهكذا أصبحنا جميعا نحن الصحفيين بين فاسدين ومفسدين، ومنافقين وخونة، مأجورين للكتلة الغربية والكتلة الشرقية، وأصبح الشعب في حيرة من لسانه المسموم:
الصحف التى أيدت الطغيان ودافعت عن الفساد، الصحفيون الذين مرغوا جباههم تحت أقدام الطغيان، بعد أن أسفر الطغيان} .
انتهى من (الصحافة والأقلام المسمومة) للأستاذ " أنور الجندي " ص (68 - 69) نقلاً من: (أخبار اليوم) تاريخ (25 / 10 / 1952) .
دور الصحافة فى حركة (تدمير) المرأة
أولت الصحافة (اليومية والأسبوعية) اهتماما كبيراً للمرأة، وظهرت صحف متخصصة لقضايا المرأة، تحمل ذلك الفكر الذى يعتمد على مفاهيم مضللة عن حرية المرأة، وعمل المرأة من خلال مفهوم يقوم على الهجوم الدائم والمتصل على كل الدعوات التى تحمل لواء مسئولية المرأة فى المنزل، ورسالتها الحقيقية فى الأسرة والزواج وتربية الأبناء، وتركز على مجموعة من المفاهيم الخاطئة كالقول بأن عمل المرأة من شأنه أن
(*) مختصر - بتصرف - من: " الصحافة والأقلام المسمومة " للأستاذ أنور الجندي.
يزيد دخل الأسرة مادياً، وأن المرأة تعاون الزوج فى نفقات البيت، ثم تركز على مسائل الأزياء الجديدة، وكل ما يتصل بالزينة والملابس والإغواء، وهى تتمثل بأن هناك عداءً للمرأة يحمل لواءه الرجل، وأن نظم الزواج والطلاق لا تحقق للمرأة رغبتها فى التحرر وامتلاك الإرادة، والقضاء على ما يسمى بالقوامة، وتستمد هذه الكتابات مفاهيمها من دعوة منحرفة تقودها منظمات عالمية هي فى الأغلب على صلة بالصهيونية العالمية، وتعتمد على عبارات مسمومة مما يتردد فى كتابات بعض دعاة الهدم أمثال (سيمون دى بوفوار) و (فرانسوا ساجان) وكثيرات ممن يجرين في نفس الفلك.
ولعل مجلتي (حواء) و (الشرقية) كانتا أشد المجلات عنفاً وجرأة فى هذا المجال، حيث تشن حملات مستمرة شديدة متصلة على كل قيم الإسلام، وقد حملتا حملات واسعة على حركة الدعوة إلى الله التى ظهرت فى مجال الطالبات الجامعيات والدعوة إلى الحجاب الإسلامي، ووصفتا هذه الحركة بكل تحقير، كما أعلنتا خصومتها لكل دعوة إلى الملابس المحتشمة أو أخلاقيات الملابس، وسخرتا من القائمين بها، كما حملتا على القائمين على حدود الله فى أمور الطلاق وتعدد الزوجات.
وما تزال المجلات النسائية فى مصر والبلاد العربية تحتضن فى أعماقها خلفية من الكراهية للمفهوم الإسلامي، وتعليماً واضحاً لبث هذه السموم يوماً بعد يوم.
لقد حرصت الصحافة العربية على أن تغير العرف الإسلامي العام فى مجال الاجتماع والمرأة والأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة، مستهدفة تحطيم ذلك الحاجز القوى الذى أقامه الإسلام على أساس المحافظة على العرض والشرف والخلق، وتنطلق النظرة
الغربية الوافدة التى تحمل لواءها الصحافة العربية من خلفية آثمة تستهدف إخراج المرأة من دائرة حياتها الحقة، من موقعها الأصيل، لتكون أداة تسلية ولهو وإفساد كما تصور ذلك
(بروتوكولات صهيون تحت اسم تحرير المرأة، وحقوق المرأة، وقد أكد كثير من الباحثين أن المرأة ما تزال سلعة يتلاعب بها يهود العالم، وأن الصحافة هي وسيلتهم
الكبرى فى ترويج هذه السلعة.
إن من أشد مقاتل الصحافة ومصادر اتهامها أنها لا تقدم الحقيقة للمرأة، وإنما تفضل أن تقدم لها الرأي المضل الخادع الغاش، أنها تخفى الحقائق الأصلية، وتحجبها لأنها تتعارض مع هدفها الأساسي من التدمير.
مثال ذلك أنها تكثر من تقديم كتابات الغرب الداعية إلى الفساد، وتتجاهل عمدا عشرات الأبحاث الجادة التى تكشف الحقيقة، والتي كتبها غربيون منصفون، يحذرون من مخاطر المنزلق الذى هوت إليه المرأة.
ففي قضية (عمل المرأة وحريتها) حذر الكثيرون من أمثال (ألكس كاريل) والكثيرات ومنهن (مارتن باولى) من أخطار انهيار الأسرة بسبب تمرد المرأة على التزاماتها التى توثقها بالأسرة، وبسبب اندراج عدد كبير من الزوجات في العمل خارج المنزل، مما يخضعن لسلطة أخرى هي سلطة المؤسسات وقوانينها، مما أدى إلى ارتفاع معدل الطلاق إلى ما يقارب الخمسين بالمائة من عدد الزيجات، وتغيرت صورة المنزل التقليدية وأصبحت مجرد خيال
…
حتى العلاقة بين الآباء والأبناء، أصبحت تعصف بها الشكوك
…
الخ.
وفى مسألة " تحديد النسل ": كشفت دراسات غربية كثيرة عن فساد الدعوة إلى تحديد النسل، وكيف أن الغرب يدعو إلى ما يضادها من تشجيع النسل، وكيف أن قادة الدين النصراني رفضوا الموافقة على تحديد النسل.
وكشفت الأبحاث عن أخطار طبية واجتماعية نتيجة حبوب منع الحمل، ولكن صحافتنا تحجب هذه الجوانب.
وفى مجال قضايا الأسرة والشباب كشفت دراسات كثيرة فى مقدمتها كتابات
(برتراند راسل) عن فساد الأسرة فى المجتمع الغربي الذى تصوره لنا الصحافة العربية
على أنه المثل الأعلى.
إن الصحافة العربية متهمة بأنها تخفى عن قومنا أن المرأة فى الغرب تجأر الآن بالشكوى، وتطلب العودة إلى البيت.
ويمكن تلخيص عمل الصحافة فى سبيل إفساد المرأة المسلمة فى ميادين مختلفة:
أولاً: فى مجال الدعوة إلى حريتها الزائفة، وغرس الشعور " بالقومية النسائية " عن طريق التهليل والتصفيق لكل امرأة وليت عملا من الأعمال: منادية فى البورصة، سائقة تاكسي، كناسة فى شوارع روسيا.. الخ.
ثانياً: إشاعة جو من التبرج الصارخ، والتمرد على الفطرة من خلال قنوات الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية والسينما والمسرح والقصة، وغيرها، والإفاضة فى شأن الموديلات والسهرات ومسابقة الجمال وأخبار الفاسقات من الممثلات والراقصات، والإلحاح فى ذلك حتى يوجدوا لدى الجميع انطباعاً بأن هذه هي صورة المجتمع الطبيعية التى لا مناص من الإقرار بها ثم الاندماج فيها.
وبينما يدعو الإسلام المرأة إلى إغماد سلاح الفتنة أمام الرجل، وتجنب مخالطتهم والاحتجاب عنهم، تدعو الصحافة إلى الملابس الضيقة والعرى وإيقاد الشهوات.
ثالثاً: تعمل الصحافة جاهدة لتحقيق هدف خطير ألا وهو: دمج الرجولة فى الأنوثة، وتحويل الأنوثة إلى رجولة والعكس، وإلباس الرجل ثياب المرأة، والمرأة ثياب الرجل، وذلك معارضة لحكمة الإسلام فى حتمية الفصل الدقيق والعميق بين الرجل والمرأة.
رابعاً: دعوة الصحافة إلى إغراء المرأة باتخاذ حبوب منع الحمل: تحمل فى طياتها خطراً شديداًً، فإن انتشار هذه الحبوب بلا رقابة من شأنه إشاعة الفاحشة، والترويج للحرام، وهدم الأسر.
خامساً: تستهدف الصحافة من وراء نشر عشرات الحوادث المخلة والإغراء بها، وكذا ما تنقله عن المجتمعات الغربية تستهدف بذلك أن تبدو العلاقة المحرمة فى نظر الناس سهلة يسيرة بل ومقبولة، ويحاول بعض الصحافيين الإيحاء بين الناس أن الشرف والفضيلة والعرض كلها مسائل تافهة لا يتمسك بها إلا السذج والبسطاء والرجعيون؛
تقول (أمينة السعيد) :
(الحرية الجنسية فى البلاد الأخرى طاغية فى خطابات القراء عندهم، فإذا وجدوا بنتاً معقدة شجعوها أن تنطلق جنسياً، وتمارس حياتها بلا حدود، عندنا البنت عندما تخطيء تكاد تقتل نفسها، هناك يقولون: " إنها إحدى تجارب الحياة، ستتعلمين منها،
واحترسي فى المرة القادمة "، إذا كانت حاملاً دون زواج، يقولون: " وماله؟! أعط الطفل أمومتك، وواجهي به المجتمع " يعنى شيء مختلف لا يمكن أن يسرى عندنا..) (254) .
وجاء فى مجلة " صباح الخير ":
(إن نظام الزواج فى وطننا العربي هو نظام مضحك يدعو إلى السخرية: مهر، وعقد.. مظاهر جوفاء تقتل فيها الإرادة، وتقتل المشاعر الإنسانية)(255) اهـ.
وتقول (عايدة ثابت) في (أخبار اليوم) تاريخ (17 سبتمبر 1970) وهى تتحدث عن المجتمع الأوربي تحت عنوان: " حرية الفتاه بلا حدود ":
(إن ما نسميه نحن انحلالاً يفعلونه كأي ظاهرة طبيعية أخرى، فلم يعد فى هذا المجتمع شيء غير مباح وغير مقبول، ولم يعد الشباب يواجه فى سلوكه وعلاقاته كلمة "ممنوع ") اهـ.
ولقد عمدت الصحافة إلى الغش والتمويه وذلك فى طرق عرض الجرائم الخلقية، وهى تعرف أن أخبار الجرائم الأخلاقية تثير النفوس، فتعرضها على نحو تهون فيه من
(254)(المصور) العدد (3139) تاريخ 7 ديسمبر 1984 م - ص (74) .
(255)
نقلاً من: (مجلة الجامعة الإسلامية)(1395 - 1396 هـ) ص (128) .
شأنها، وتوحي من وراء التعدد والموالاة والتكرار أن الظاهرة عامة، وأنها طبيعية، وأنها لا تؤثر على المجتمع.
وهى لا تحاول مطلقاً أن تقدم مع الحدث الوجهة الصحيحة أو الدرس المستفاد، أو الدعوة إلى الإصلاح، فذلك أمر تتجاهله تماماً، ولا ريب أن موالاة عرض الجرائم والأحداث أسبوعاً بعد أسبوع، ويوماً بعد يوم، وإعداد صفحات دائمة، وأبواب ثابتة لها هو من أخطر ما تقوم به الصحافة فى سبيل توهين روابط المجتمع، وليس عملها فى هذا المجال أقل من اهتمامها بنشر التفصيلات الوافية عن أفلام الجريمة والفحش.
وهناك فى الصحافة النسوية اهتمام بالغ بالموضة (أي بالأساليب المتجددة للزى) وهناك إصرار بالغ واهتمام كبير بهذه التغييرات، وبالرغم من الأخطار التى يتحدث الباحثون عن آثارها فى المرأة فان موجة الاندفاع لا تتوقف، يقول واحد من هذه الأبحاث:
إن المجتمع يدفع المرأة إلى الجنون، ففي كل دقيقة تظهر موضة جديدة، وفى كل لحظة هناك منتجات ظهرت خصيصاً للمرأة، وتجد المرأة نفسها منجذبة نحو هذا التيار الجارف من المعروضات لدرجة تكاد تدفعها إلى الجنون، إنها تريد أن تجرب كل شيء، وتشترى كل شيء، وعندما لا تستطيع تصاب بعقدة.
ويقول علماء النفس:
" إن المرأة التى ليس لها رصيد من القناعة، يصبح لها رصيد من العقد، فهناك آلاف من الأشياء التى تجذب المرأة إليها، والتي تجعلها تفقد الاهتمام بزوجها، والحل هو أن المرأة عليها أن تلزم التوازن، وأن تحدد باقتناع ما تريد، وتزن الأمور حتى لا تصبح فى النهاية فريسة للضياع فى بحر من العقد ".
هذا ما قاله علماء النفس، لكن الصحافة العربية تقول غير هذا، تقول على لسان
" أنيس منصور "(256) .
(سوف تكون خيوط الموضة هذا الشتاء حشمة جداً، وسخيفة جداً لأن الفساتين سوف تكون طويلة وواسعة، وسوف تبدو المرأة وكأنها شماعة تحمل هذه الفساتين، وأن ما بينها وبين هذه الفساتين خصام) ،
ثم يصف فى عبارة بذيئة هذه الثياب إلى أن يقول:
(ثم إن الفساتين تبدو وكأنها إهانة للمرأة، فلا الساقان ظاهرتان، ولا
…
ولا
…
ولا الذراعان، ولا العنق، كأنها أنواع مختلفة من الخيام، وإن المرأة قد ضربت حولها وأمامها ووراءها الخيام فلا يراها أحد)
ثم يقول:
(إن ملوك الأناقة عوضوا المرأة عن هذه الخيمة بأشكال جميلة من قمصان النوم، ومعنى ذلك أن الموضة ستعجل المرأة جميلة فى البيت، وغير ذلك فى الشارع، على الرغم من أن المرأة حريصة على أن تبدو جميلة لكل الناس، فإنها تفضل أن تكون جميلة لشخص واحد، والمرأة التى لا تسعد برجل واحد، فإنها تحاول أن تلفت عيون الآخرين، ولذلك فإن المرأة تسارع إلى الشارع، وتتمتع بنظرات الناس إليها، لأنها لا تجد هذه المتعة فى البيت)(257) .
سادساً: ومن أخطر محاولات الصحافة بالنسبة لتغيير العرف الإسلامي للمرأة هي رفع قدر الممثلات والراقصات والمغنيات، وجعلهن مثلاً أعلى للفتاة فى أمور الملبس والمأكل والعادات والتقاليد.
(256)(محمد أنيس منصور) من أعداء المرأة المسلمة الكارهين لما أنزل الله الذين لم يدخروا وسعاً في بلبلة الأفكار وتشويه العقائد وصرف الشباب عن مفهوم الدين الحق وقد قام بدور ضالع في إحياء الأساطير الفرعونية والفكر الفلسفي عند الفراعنة وسوّد الصفحات بأفكار مسمومة عن سارتر والوجودية وفرنسوا ساجان الكاتبة الفرنسية الإباحية وهو لا يألو جهداً في الترويج للراقصات والفاجرات بطرق شتى تهدف في جملتها إلى إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فراجع " الصحافة والأقلام المسمومة " للأستاذ أنور الجندي ص (107 - 111) ، (184) لتطالع دوره في الصد عن سبيل الله وتحطيم الشباب المسلم.
(257)
انظر (الصحافة والأقلام المسمومة) ص (42 - 43) ، (56) .
سابعاً: ومن ذلك الدعوة إلى إلغاء قوامة الزوج على زوجته تقول (أمينة السعيد) :
(القوامة اليوم لا مبرر لها لأن هذه القوامة مبنية على المزايا التي كان الرجل يتمتع بها في الماضي في مجال الثقافة والمال وما دامت المرأة استطاعت اليوم أن تتساوى مع الرجل في كل المجالات فلا مبرر للقوامة)(258) اهـ.
ولا ريب أن هذه الآراء المسمومة التي ترددها (أمينة السعيد) هي نفسها التي طرحتها
(سيمون دي بوفوار) ، ومجمع المؤامرات المنعقد ضد المرأة المسلمة.
ثامناً: فساد توجيه الصحافة لطالبات الإجابة عن المشاكل والقضايا وما يتخلل الردود من سخرية واضحة بالدين واستهانة بالخلق ودعوة إلى التخفف من العقوبات الشرعية واللامبالاة الاجتماعية بالآثام والميل إلى اعتبار الآثام الخلقية داخلة في إطار الحرية الشخصية.
تاسعاً: حملت الصحافة حملات شعواء على العلماء على العلماء الذين قدموا حكم الإسلام في المرأة في مواجهة سمومهم وضلالاتهم وذلك كما فعل
" أحمد بهاء الدين " و " موسى صبري " وغيرهما.
عاشراً: حاولت الصحافة تصوير الدعاة إلى تحرير المرأة بأنهم أنصارها الذين يدفعونها إلى الحرية والعمل والواقع غير ذلك فإن هؤلاء هم أعداؤها الحقيقيون الذين يدعونها إلى النار ويقودونها إلى الهاوية وصدق الله العظيم:
(والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً) النساء (27 - 28) .
(258) السابق ص (48) - وانظر القسم الثاني من هذا الكتاب ص (93 - 99) .