المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ومعظم النار من مستصغر الشرر - عودة الحجاب - جـ ١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الأولمعركة الحجاب والسفور

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌معركة الحجاب والسفور(قضية المرأة)بين المنهزمين والمتآمرين (9)

- ‌حركة " تحرير المرأة " في مصر

- ‌البذرة الأولى:

- ‌ دور الشيخ " رفاعة الطهطاوي " (1801- 1873 م) :

- ‌مرقص فهمي والقذيفة الأولى:

- ‌ الدوق دراكير " و " المصريون

- ‌ الجذور (22) :

- ‌قاسم أمين (1865م - 1908م)

- ‌فتنة الأجيال وداعية السفور في عهد الاحتلال

- ‌الخطوة الأولى:

- ‌رده على " داركير

- ‌ رد فعل الأميرة " نازلي

- ‌ أثر الأميرة " نازلي " في فكر الشيخ " محمد عبده

- ‌الخطوة الثانية:

- ‌كتاب " تحرير المرأة " (48)

- ‌ظروف تأليف الكتاب:

- ‌نظرة في الكتاب:

- ‌بين " قاسم " و " سعد

- ‌دور سعد زغلول:

- ‌ردود فعل كتاب " تحرير المرأة

- ‌موقف " محمد طلعت حرب

- ‌موقف " محمد فريد وجدي

- ‌موقف " مصطفي كامل " (1874 - 1908) :

- ‌أثر كتاب " تحرير المرأة " في العراق والشام:

- ‌الإنكليز يترجمون الكتاب وينشرونه:

- ‌من مواقف الشعراء:

- ‌الخطوة الثالثة:

- ‌كتاب (المرأة الجديدة)

- ‌بعض ردود فعل الكتاب:

- ‌موقف مصطفى كامل:

- ‌هل رجع " قاسم أمين " عن آرائه

- ‌موت " قاسم أمين

- ‌من يحمل اللواء

- ‌صدور مجلة " السفور

- ‌الطفرة:

- ‌جريمة الزعيم:

- ‌ سعد زغلول "المنفذ الفعلي لأفكار قاسم أمين:

- ‌ سعد زغلول ":أول وزير مصري في ظل الاحتلال:

- ‌تلميذ المدرسة الاستعمارية

- ‌وبداية " تحرير المرأة

- ‌الاستعمار الأوربيحملة صليبية جديدة

- ‌والحرب الصليبية الثامنة قادها " أللنبي

- ‌والفرنسيون أيضاً صليبيون:

- ‌ومن هنا:

- ‌خريجات البيوت العميلةفي موكب الرذيلة

- ‌1- " صفية زغلول " (185)

- ‌ هدى شعراوي " (ت 1947 م) :

- ‌لقاء (هدى) و (موسوليني) :

- ‌وقفة مع الاتحاد النسائي:

- ‌(هدى شعراوي) .. والأديان:

- ‌لقاء (هدى) و (أتاتورك) :

- ‌3- " سيزا نبراوي

- ‌ درية شفيق "، ومثلها الأعلى:

- ‌ درية شفيق ".. و " الحملة الفرنسية

- ‌لماذا فشلت " درية شفيق

- ‌5- " ماري إلياس زيادة

- ‌6- " أمينة السعيد

- ‌لعبة العرائس المتحركة:

- ‌من يحرر من

- ‌ لا " للقومية النسائية:

- ‌فهل أدركت يا أخت الإسلام:

- ‌حصاد المؤامرة:

- ‌الصحافة، والمرأة المسلمة

- ‌دور الصحافة فى حركة (تدمير) المرأة

- ‌وقفة مع بعض دعاة " تحرير المرأة

- ‌1- إحسان عبد القدوس:

- ‌2- (نجيب محفوظ:

- ‌3- مصطفى أمين:

- ‌4- نزار قباني (268) :

- ‌موقف الإسلام من دعاة تحرير المراة

- ‌فيا أيتها الأخت المسلمة:

- ‌السفور مَطِيَّة الفجور

- ‌سنة إبليسية:

- ‌تمسك المصريين بالحجاب:

- ‌سياسة " تكسير الموجة

- ‌سنة سيئة:

- ‌ ومعظم النار من مستصغر الشرر

- ‌صيحة نذير:

- ‌ بعد السفور " (304) :

- ‌والآن يا أختي المسلمة:

- ‌عبرة

- ‌ طه حسين " عميد التغريب في الفكر المعاصر دوره في " تحرير المرأة " وجرائمه في حق الإسلام (319)

- ‌في يناير 1950 م:

- ‌صراع حركة اليقظة مع "طه حسين

- ‌كيف واجه المسلمون مؤامرات " طه حسين

- ‌إلى شباب الجامعة (328)

- ‌بين " الزهاوي" و " ابن الخطيب

- ‌ومن قذائف الحق في هذه المعركة:

- ‌المصير الأسود

- ‌ ودفعت المرأة الثمن:

- ‌ والآن:

- ‌ التجربة خير شاهد:

- ‌السياسة في المعركة

- ‌ معركة سلاحها الأقلام:

- ‌ معركة سلاحها البطش:

- ‌ مسؤولية الحاكم المسلم:

- ‌عود على بدء

- ‌1 - في تركيا:

- ‌المثل الأعلى للفراعنة:

- ‌دعاة " حقوق الإنسان " ضد الحجاب

- ‌ المحاميات ممنوعات من الحجاب:

- ‌2 - في إيران (364) :

- ‌3 - وفي أفغانستان:

- ‌4 - في ألبانيا:

- ‌5- في روسيا:

- ‌6 - في يوغسلافيا:

- ‌7 - في الجزائر:

- ‌8 - في سوريا:

- ‌9 - في تونس:

- ‌10 - في الصومال:

- ‌11 - في ماليزيا:

- ‌11 - في مصر:

- ‌الحركة النسائية في ظل النظام الجمهوري

- ‌تكلف…واصطناع:

- ‌ الغزالي حرب " وحربه ضد الحجاب:

- ‌المركز القومي للبحوث الاجتماعية في حالة (طوارئ) بسبب عودة الحجاب

- ‌(ولتعرفنهم في لحن القول) سورة محمد (30)

- ‌(ردة ونكسة ومأساة) زكي نجيب محمود

- ‌صدق وهو كذوب:

- ‌السلفية والتقدم:

- ‌حقاً.. إنها معركة

- ‌مارق يتحدى مشاعر المسلمينويستعدي " السلطة" على المحجبات

- ‌اعرف عدوك

- ‌شيوخ في المعركة

- ‌أخطاء…أم خطايا

- ‌إن هذا الأمر دينفانظروا عَمَّن تأخذون دينكم

- ‌بشائر عودة الحجاب

- ‌السيادة لقانون الله:

- ‌وجهة نظر صحافي ألماني:

- ‌أقوى من فرنسا:

- ‌رجع الصدى.. وترديد الببغاوات:

- ‌العودة إلى الحجاب.. عودة إلى الله

- ‌الصنم الذي تحطم:

- ‌الإسلام يعود من الجامعة:

- ‌ذهب مع الريح:

- ‌لا.. لجيل " هدى شعراوي

- ‌عاد الحجاب:

- ‌سلفيات.. لا مرتدات:

- ‌وفي فرنسا أيضاً قلقون:

- ‌أمريكا وإسرائيل تحذران الغرب:" الإسلام قادم ونحن على خطر عظيم

- ‌ عسى أن يكون قريباً

- ‌المعركة مستمرة:

الفصل: ‌ ومعظم النار من مستصغر الشرر

"‌

‌ ومعظم النار من مستصغر الشرر

":

أخذت الأمور تتطور سريعاً حتى استنفدت " دعوة قاسم أمين " - في وقت وجيز - كل أغراضها وسارت الحال على سنة التدرج المعروفة واندفع الناس إلى ما وراء السفور في سرعة غير منتظرة فقد بدأت الفتنة العظمى بان خلعت المرأة النقاب وخلعت معه ما هو أغلى منه وأثمن ألا وهو ثوب الحياء الذي طالما صان وجهها أن يكون معروضاً ومبذولاً لكل من شاء أن يراه من أجنبي أو فاسق أو كافر ثم استبدلت المرأة المعطف الأسود بالحبرة (290) وما هي إلا فترة من الزمن حتى امتدت يد التحرر إلى الخمار الذي كان لا يزال يستر شعر الرأس وبدا - لأول مرة - شعر المسلمة مكشوفاً لا شيء عليه يستره عن أعين الناس من أجانب وأقارب وبذلك شل جسم الحياء في المرأة ولم يعد قادراً على منعها من أن تحدث وتجالس أو تصافح وتضاحك من شاءت من الرجال عامة وأصدقاء وأقارب الزوج خاصة وإن بعدوا أو سفلوا.

وتأتي بعد ذلك الخطوة الأكثر جرأة إذ تعمد المرأة إلى ملاءتها أو عباءتها أو معطفها فتلفها كالثوب الخرق وترمي بها بعيداً عن ساحة الحياة وتخرج المرأة المسلمة لأول مرة في تاريخ إسلامها في درع سابغ مزين بالألوان المزخرفة تحته غلالة لطيفة وما فوقه شيء

ثم إذا بالمقص يتحيف هذه الثياب في الذيول والأكمام وفي الجيوب (291) ولم يزل يجور عليها فضيقها على صاحبتها حتى أصبحت كبعض جلدها ثم أنها تجاوزت ذلك كله إلى الظهور على شواطئ البحر في المصايف بما لا يكاد يستر شيئاً ولم تعد

(290) الحبرة: بفتحتين - إزار كانت المرأة تلتحف به إذا برزت للطريق وقد كان يتخذ من قماش أسود ويتكون

من قطعتين تدور إحداهما حول الخصر وتنسدل إلى أن تغطي الساقين وتنزل الأخرى من فوق الرأس فتغطي

الصدر والكتفين وتنتهي إلى ما دون الخصر وقد اختفى هذا الزي الآن.

(291)

الجيب: فتحة إدخال الرأس.

ص: 157

عصمة النساء في أيدي أزواجهن ولكنها أصبحت في أيدي صانعي الأزياء في باريس وغيرها من اليهود ومشيعي الفجور.

وقطعت المرأة مراحل التعليم المختلفة واقتحمت الجامعة مخالطة للرجال في الطرقات والمواصلات والمدرجات مزاحمة فيما يلائمها وفيما لا يلائمها من ثقافات وصناعات وشاركت في وظائف الحكومة ثم لم تقف مطالبها عند حد في الجري وراء ما سماه أنصارها " حقوق المرأة " أو " مساواتها بالرجل " وكأنما كان عبثاً خلق الله سبحانه وتعالى الذكر والأنثى وأقام كل منهما فيما أراد بحكمته جل وعلا، وامتلأت المصانع والمتاجر بالعاملات والبائعات وحطم النساء الحواجز التي كانت تقوم بينهن وبين الرجال في المسارح وفي الترام وفي كل مكان فاختفت المقاعد التي جرت العادة بتخصيصها للسيدات بعد أن أصبحن لا يستحيين من مشاركة الرجال.

تتابعت هذه التطورات في سرعة مذهلة ولم تدع فرصة للمعارضة وأعان على اندفاعها جو الثورة التي تلت الحرب وما كان يوحي به من جرأة ومن تمرد على كل قديم وقد ظهرت طلائع ذلك في مظاهرة النساء المشهورة في مارس سنة 1919 التي طافت بشوراع القاهرة هاتفة بالحرية في طريقها إلى دار المعتمد البريطاني لتقدم إليه احتجاجا مكتوباً على تعسف سلطات الاحتلال وقد كان عدد المتظاهرات يربو على الثلاثمائة

وعلى رأسهن " صفية زغلول " و " هدى شعراوي "(292) وهذه المظاهرة هي التي قال فيها " حافظ إبراهيم " يصف تعرض الجيش البريطاني لها متهكماً (293) :

(292) ومن النساء اللاتي اشتركن في تلك المظاهرة كزعيمات (حرم حنا مسيحة، حرم د. نجيب اسكندر، حرم

اسكندر مسيحة، الآنسة جولييت صليب، رفائيل بغدادي، حرم ويصا واصف، الآنسة ماري ميرهم، حرم

صليب منقريوس، حرم ميخائيل لبيب) ، وحرم قاسم أمين.

(293)

ديوان حافظ إبراهيم (2 / 87) .

ص: 158

خرج الغواني يحتججن ورحت أرقب جمعهنه

فإذا بهن تخذن من سود الثياب شعارهنه

وظللن مثل كواكب يسطعن في وسط الدجنه

وأخذن يجتزن الطريق ودار سعد قصدهنه

يمشين في كنف الوقار وقد أبن شعورهنه

وإذا بجيش مقبل والخيل مطلقة الأعنه

وإذا الجنود سيوفها قد صوبت لنحورهنه

وإذا المدافع والبنادق والصوارم والأسنه

والخيل والفرسان قد ضربت نطاقاً حولهنه

والورد والريحان في ذاك النهار سلاحهنه

فتطاحن الجيشان ساعات تشيب لها الأجنه

فتضعضع النسوان والنسوان ليس لهن مُنَّه (*)

ثم أنهزمن مشتتات الشمل نحو قصورهنه

فليهنأ الجيش الفخور بنصره وبكسرهنه

فكأنما الأ لمان قد لبسوا البراقع بينهنه

وأتوا (بهندنبرج)(294) مختفياً بمصر يقودهنه

فلذاك خافوا بأسهن وأشفقوا من كيدهنه

وتجرأت المرأة منذ ذلك الوقت على المشاركة في القضايا الوطنية (295)

وفي مختلف

(*) منة: أي قوة.

(294)

هو رئيس الجمهورية الألمانية وقائد جيشها، انظر الموسوعة العربية الميسرة ص (1905) .

(295)

من ذلك ما حدث يوم الجمعة 12 ديسمبر من نفس العام حيث (سبقت حفنة من سيدات مصر جمع الهيئات

الوطنية إلى الاحتجاج - ضد لجنة ملنر - على شكل مؤتمر وطني في دار الكنيسة المرقسية بالقاهرة) اهـ

عن (المرأة المصرية) لدرية شفيق ص (126) .

ص: 159

الميادين الاجتماعية فتألفت لجنة مركزية للسيدات الوفديات شاركت مشاركة فعالة في حركة المقاطعة الاقتصادية سنة (1922) وتزعمت " صفية زغلول " حرم

زعيم الثورة الأول وكريمة مصطفى فهمي باشا هذه الحركة الأولى التي طفرت بالمرأة إلى وضع لم يحلم به " قاسم أمين " أن تبلغه في مثل هذه المدة الوجيزة وبهذه السهولة

وغفلت عين المعارضين من المحافظين عن هذه الخطوات الجريئة التي أضفى عليها جو الثورة لون من النبل حفظها من أن تهاجم أو تمس.

ثم تنبه المعارضون فإذا المراة ماضية قدماً في استئناف الطريق التي وضعت قدمها على أوله باشتراكها في ثورة (1919) فأخذت تؤسس الجماعات وتقيم الحفلات وتعقد الندوات والمحاضرات وتزعمت هذه الحركة النسوية " هدى شعراوي " وتجرأت هذه المتزعمة على ما لم تتجرأ عليه امرأة مسلمة من قبل فسافرت إلى باريس وإلى أمريكا لدراسة شئون المرأة وأخذت تلقي بالتصريحات والأحاديث لمندوبي الصحف وجزع المحافظون لما صحب هذه الحركة من ميل إلى التبرج ومن نزوع إلى التحرر والانطلاق وأنكروا ما رأوا من تغير حال المراة ومن جرأتها على التقاليد وتمردها على

سلطة الأب والزوج وراحوا يتابعون في ذهول تطور الزي وتقلص الثوب فوق جسدها في سرعة تجاوزت كل ما يتخيلون من حدود.

يقول عبد المطلب ناعياً على النساء تقصير الثياب والتبرج (296) :

ما في بنات النيل من أرب لذي غرض نبيل

أصبحن عاباً في الزمان وسوأة في شر جيل

ما هذه الحبرات تهفو في الخمائل والحقول

(296) {ديوان عبد المطلب (ص 184 - 188) وليت شعري ماذا كان عساه قائلاً لو رأى أزياء المرأة اليوم فقد

يبدو أن أشد أنصار الحشمة تطرفاً لا يكاد يطمع في أن يعيد المرأة إلى مثل هذا الزي الذي يشكو منه الشاعر}

من تعليق الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله (الاتجاهات الوطنية 2/240) .

ص: 160

نكر العفاف ذيولها ومن الخنى قصر الذيول

إن ينتسبن إلى الحجاب فإنه نسب الدخيل

يختلن أبناء الهوى بالدل والنظر الختول

من كل خائنة الحليل تهيم في طلب الخليل

ما لأبنة الخدر المصون وربة المجد الأثيل

أودى شفيف نقابها بكرامة الأم البتول (297)

وعلى رنين حجولها أسفاً على الذيل الطويل

فإذا مشت النقاب محاسن الوجه الجميل

ولقد ينم عبيرها فتحسه من نحو ميل

ترتاد خائنة العيون بلحظ فاتنة قتول

يا هل درى (ذاك) الغيور بما جرى!؟ ويح الجهول (298)

أهي التي فرض الحجاب لصونها شرع الرسول؟

جعل الحجاب معاذها من ذلك الداء الوبيل

يا منزل القرآن نوراً للبصائر والعقول!

عميت بصائر أهل وادي النيل عن وضح السبيل

ذهلوا عن الأعراض لو يدرون عاقبة الذهول!

كان تيار السفور والتبرج جارفاً لم تستطع صيحات المحافظين أن تقف في وجهه بل لم تستطع أن تقلل من حدته أو تخفف من سرعته ولكن ذلك لم يكن ليثنيهم عن التنبيه والتحذير على كل حال

(297) الشاعر هنا لا يشكو من نزع النقاب ولكنه يشكو من رقته التي تشف عما تحته؟! .

(298)

لعله يُعَّرِض بـ " قاسم أمين ".

ص: 161