الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَرَابَاتِ تَحْتَ ذَلِكَ (تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ
إِلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ إِنَّ مُسَّةَ سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَأَخْبَرَتْ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهَا وَأَجَابَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ صَلَاةِ النُّفَسَاءِ قُلْتُ فِي تَأْوِيلِهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بالمحيض ها هنا هُوَ النِّفَاسُ بِقَرِينَةِ الْجَوَابِ وَالثَّانِي أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَجَابَتْ عَنْ صَلَاةِ حَالِ النِّفَاسِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ اثْنَا عَشَرَ مَرَّةً وَالنِّفَاسُ لَا يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ جِدًّا فَقَالَتْ إِنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَفَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ النِّفَاسِ الَّذِي لَا يتكرر فكيف لا يغفو عَنْهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ الَّذِي يَتَكَرَّرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَبِهِ قَالَ سفيان الثوري وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ تَدَعُ الصَّلَاةَ خَمْسِينَ يَوْمًا إِذَا لَمْ تَطْهُرْ
وَيُرْوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّعْبِيِّ سِتِّينَ يَوْمًا
انْتَهَى
قُلْتُ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَى دَلِيلًا هُوَ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ بَلْ مَتَى يَنْقَطِعُ دَمُهَا تَطْهُرُ وَتُصَلِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
21 -
(بَاب الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ)
[313]
كَيْفَ هُوَ
(عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَدْ سَمَّاهَا لِي) يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَقُولَةُ لِسَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ أَيْ قَالَ سَلَمَةُ الرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَيْ إِنِّي لَمْ أَحْفَظِ اسْمَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ مَعَ أَنَّ شَيْخِي
كَانَ سَمَّاهَا لِي فَنَسِيتُ
قَالَ السُّهَيْلِيُّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الْغِفَارِيَّةُ اسْمُهَا لَيْلَى وَإِنَّهَا امْرَأَةُ أَبِي ذر الغفاري
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ كَانَتْ تَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَغَازِيهِ تُدَاوِي الْجَرْحَى وتقيم عَلَى الْمَرْضَى (أَرْدَفَنِي) أَيْ حَمَلَنِي خَلْفَهُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ (عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ) حَقِيبَةٌ عَلَى وَزْنِ لَطِيفَةٍ وَهِيَ كُلُّ مَا شُدَّ فِي مُؤَخَّرِ رَحْلٍ أَوْ قَتَبٍ
كَذَا فِي الْقَامُوسِ
وَالرَّحْلُ هُوَ الْمَرْكَبُ لِلْبَعِيرِ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ القتب
قال بن الْأَثِيرِ الْحَقِيبَةُ هِيَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي مُؤَخَّرِ الْقَتَبِ
انْتَهَى
فَالْإِرْدَافُ عَلَى حَقِيبَةِ الرَّجُلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُمَاسَّةَ فَلَا إِشْكَالَ فِي إِرْدَافِهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا (إِلَى الصُّبْحِ) أَيْ فِي الصُّبْحِ (فَإِذَا بِهَا) أَيْ بِالْحَقِيبَةِ (وَكَانَتْ) تِلْكَ الْحَيْضَةُ (أَوَّلَ حَيْضَةٍ حِضْتُهَا) فِي السَّفَرِ أَوْ مُطْلَقًا (فَتَقَبَّضْتُ إِلَى النَّاقَةِ) مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ أَيْ وَثَبْتُ إِلَيْهَا
قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَتَقَبَّضَ إِلَيْهِ وَثَبَ (لَعَلَّكِ نَفِسْتِ) أَيْ حِضْتِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ النَّفْسِ إِلَّا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ بِنَاءِ الْفِعْلِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَقَالُوا فِي الْحَيْضِ نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَفِي الْوِلَادَةِ بِضَمِّهَا انْتَهَى
(فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ) مَا يَمْنَعُكِ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ (رَضَخَ لَنَا) مِنْ بَابِ نَفَعَ أَيْ أَعْطَانَا قَلِيلَ الْمَالِ يُقَالُ رَضَخْتُ لَهُ رَضْخًا وَرَضِيخَةً أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا لَيْسَ بِالْكَثِيرِ (من الفيء) بالهمزة أي عن الْغَنِيمَةِ (إِلَّا جَعَلَتْ فِي طَهُورِهَا مِلْحًا) قَالَ الخطابي وفيه من الفقه أنه تستعمل الملحة فِي غَسْلِ الثِّيَابِ وَتَنْقِيَتِهِ مِنَ الدَّمِ وَالْمِلْحُ مَطْعُومٌ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ غَسْلُ الثِّيَابِ بِالْعَسَلِ إِذَا كَانَ ثَوْبًا مِنْ إِبْرَيْسَمَ فَيَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ التَّدَلُّكُ بِالنُّخَالَةِ وَدَقِيقِ الْبَاقِلَّا وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ قُوَّةُ الْجَلَاءِ
وَحَدَّثُونَا عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ دَخَلْتُ الْحَمَّامَ بِمِصْرَ فَرَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ يَتَدَلَّكُ النُّخَالَةَ
انْتَهَى كَلَامُهُ
[314]
(تَأْخُذُ سِدْرَهَا وَمَاءَهَا) لِلْغُسْلِ لِيُنَظَّفَ بِهِ الْجِلْدُ وَهِيَ شَجَرُ النَّبَقِ
وَهَلْ أَوْرَاقُ النَّبَقِ تُغْلَى فِي الْمَاءِ وَيُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ الْمَغْلِيُّ فِي الْغُسْلِ أَوْ هِيَ تُدَقُّ وَتُضَمَّدُ وَتُدَلَّكُ مَعَ الْمَاءِ عَلَى الْجَسَدِ
لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْأَحَادِيثِ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ (ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَتَهَا) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قِطْعَةٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ جِلْدَةٍ عَلَيْهِمَا صُوفٌ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مُمَسَّكَةٌ (قَالَتِ) الْمَرْأَةُ السَّائِلَةُ (بِهَا) أَيْ بِالْفِرْصَةِ الْمُمَسَّكَةِ (يَكْنِي) مِنْ بَابِ رَمَى يُقَالُ كَنَيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا وَالِاسْمُ الْكِنَايَةُ وَهِيَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمُكَنَّى عَنْهُ كَالرَّفَثِ وَالْغَائِطِ (تَتَّبِعِينَ) مِنَ الِافْتِعَالِ (آثَارَ الدم) جمع إثر بكسر الهمزة أي اجعلها فِي الْفَرْجِ وَحَيْثُ أَصَابَ الدَّمُ لِيُنَظَّفَ الْمَحَلُّ وَتُقْطَعَ بِهِ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ
[315]
(وَقَالَتْ لَهُنَّ مَعْرُوفًا) هَذَا عَطْفٌ لِقَوْلِهَا فَأَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ (فِرْصَةً مُمَسَّكَةً) عَلَى وَزْنِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّفْعِيلِ أَيْ مَطْلِيَّةً بِالْمِسْكِ وَمُطَيَّبَةً مِنْهُ كَذَا فَسَّرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (كَانَ أَبُو عَوَانَةَ يَقُولُ فِرْصَةً) بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَكَانَ أَبُو الْأَحْوَصِ يَقُولُ قَرْصَةً) بِالْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ
وَوَجَّهَهُ الْمُنْذِرِيُّ فَقَالَ يَعْنِي شَيْئًا يسيرا مثل القرصة بِطَرَفِ الْإِصْبَعَيْنِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ هُوَ الْفِرْصَةُ بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمِسْكِ بِكَسْرِ الْمِيمِ الطِّيبُ الْمَشْهُورُ
[316]
(سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا) سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمْثَالِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَمَعْنَى