الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْأُوَلِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَطْهِيرُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَزْوَاجِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَعْمِلُ فَضْلَ صَاحِبِهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ بِفَضْلِ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ وَجَمَعَ الْحَافِظُ الْخَطَّابِيُّ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ وَالنَّهْيِ فَقَالَ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ كَانَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ إِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ النَّهْيِ وَهُوَ حَدِيثُ الْأَقْرَعِ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ التَّطْهِيرِ بِفَضْلِ مَا تَسْتَعْمِلُهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ مَا سَالَ وَفَضَلَ عَنْ أَعْضَائِهَا عِنْدَ التَّطْهِيرِ دُونَ الْفَضْلِ الَّذِي يَبْقَى فِي الْإِنَاءِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الإيجاب وكان بن عُمَرَ رضي الله عنه يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ فَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا فَإِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْإِبَاحَةِ أَجْوَدُ مِنْ إِسْنَادِ خَبَرِ النَّهْيِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ فَضْلِ أَعْضَائِهَا وَهُوَ الْمُتَسَاقِطُ مِنْهَا وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ إِنَّ الْأَحَادِيثَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ مُضْطَرِبَةٌ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى مَا تَسَاقَطَ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْجَوَازُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ وَبِذَلِكَ جَمَعَ الْخَطَّابِيُّ أَوْ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
1 -
(بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)
[83]
وَهُوَ الْمَاءُ الْكَثِيرُ أَوِ الْمَالِحُ فَقَطْ وَجَمْعُهُ بُحُورٌ وَأَبْحُرٌ وَبِحَارٌ وَأَشَارَ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما
(وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ) أَيِ الْمُغِيرَةُ (سَأَلَ رَجُلٌ) وَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِسُؤْرِ الْمَرْأَة إِلَّا أَنْ تَكُون حَائِضًا أَوْ جُنُبًا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاء أَيْضًا فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدهمَا الْمَنْع مِنْ الْوُضُوء بِالْمَاءِ الَّذِي تَخْلُو بِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ كَرِهَهُ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَة وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ
وَالْقَوْل الثَّانِي يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ
وَهُوَ قَوْل أَكْثَر أَهْل الْعِلْم وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِل بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ وَفِي السُّنَن الأربع عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ نِسَاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اِسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنَابَة فَجَاءَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأ مِنْ فَضْلهَا
فَقَالَتْ إِنِّي اِغْتَسَلَتْ مِنْهُ
فَقَالَ إِنَّ الْمَاء لَا يُنَجِّسهُ شَيْء وَفِي رِوَايَة لا يجنب
أَنَّ اسْمَ السَّائِلِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُدْلِجِيُّ وَكَذَا ساقه بن بَشْكُوَالَ وَأَوْرَدَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِيمَنِ اسْمُهُ عَبْدٌ وَتَبِعَهُ أَبُو مُوسَى فَقَالَ عَبْدٌ أَبُو زَمْعَةَ الْبَلَوِيُّ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ
قال بن مَعِينٍ بَلَغَنِي أَنَّ اسْمَهُ عَبْدٌ وَقِيلَ اسْمُهُ عُبَيْدٌ بِالتَّصْغِيرِ
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي الْأَنْسَابِ اسْمُهُ الْعَرَكِيُّ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْعَرَكِيُّ وَصْفٌ لَهُ وَهُوَ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ
قَالَ أَبُو مُوسَى وأورده بن مَنْدَهْ فِي مَنِ اسْمُهُ عَرَكِيٌّ وَالْعَرَكِيُّ هُوَ الْمَلَّاحُ وَلَيْسَ هُوَ اسْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
قُلْتُ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ وَلَفْظُهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ) الْمِلْحُ وَهُوَ مَالِحٌ وَمُرٌّ وَرِيحُهُ مُنْتِنٌ زَادَ الْحَاكِمُ نُرِيدُ الصَّيْدَ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي نَحْمِلُهُ (عَطِشْنَا) بِكَسْرِ الطَّاءِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ وَفَقْدِهِ (أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ شَكُّوا فِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ قُلْنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَرْكَبِ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وسعيد بن منصور في سننه عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ التَّطْهِيرُ به وقد روي موقوفا على بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَاءُ الْبَحْرِ لَا يُجْزِئُ مِنْ وُضُوءٍ وَلَا جَنَابَةٍ إِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا ثُمَّ مَاءً ثُمَّ نَارًا حَتَّى عَدَّ سَبْعَةَ أبحر وسبع أنيار
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ التَّطْهِيرُ بِهِ وَلَا حُجَّةَ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ إِذَا عَارَضَتِ المرفوع والإجماع وحديث بن عُمَرَ الْمَرْفُوعُ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ضَعَّفُوا إِسْنَادَهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِصَحِيحٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ إِنَّمَا تَوَقَّفُوا عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا لِأَنَّهُ لَا يُشْرَبُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ طَبَقُ جَهَنَّمَ وَمَا كَانَ طَبَقَ سُخْطٍ لَا يَكُونُ طَرِيقَ طَهَارَةٍ وَرَحْمَةٍ (هُوَ) أَيِ الْبَحْرُ وَيَحْتَمِلُ فِي إِعْرَابِهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً وَالطَّهُورُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ خَبَرُهُ مَاؤُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ الطَّهُورُ وَمَاؤُهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَالطَّهُورُ مَاؤُهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً وَالطَّهُورُ خَبَرٌ وَمَاؤُهُ فَاعِلُهُ
قَالَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ (الطَّهُورُ مَاؤُهُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ الْمَصْدَرُ وَاسْمُ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ أَوِ الطَّاهِرُ المطهر كما في القاموس وههنا بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ تَطْهِيرِ مَائِهِ لَا عَنْ طَهَارَتِهِ وَضَمِيرُ مَاؤُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ أُرِيدَ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ هُوَ الطَّهُورُ الْبَحْرُ إِذْ لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ لَمَا احْتِيجَ إِلَى قَوْلِهِ مَاؤُهُ إِذْ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمَاءِ طَهُورٌ مَاؤُهُ وَفِي بَعْضِ لَفْظِ الدَّارِمِيِّ فَإِنَّهُ الطَّاهِرُ مَاؤُهُ