الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8
([199]
بَاب فِي الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ)
هَلْ هُوَ وَاجِبٌ
(شُغِلَ عَنْهَا) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ شُغِلَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالشُّغْلُ الْمَذْكُورُ كَانَ فِي تَجْهِيزِ جَيْشٍ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَهُ الْحَافِظُ (حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ) الرُّقَادُ النَّوْمُ
قَالَ الْحَافِظُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّاقِدُ مِنْهُمْ قَاعِدًا مُتَمَكِّنًا أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُضْطَجِعًا لَكِنَّهُ تَوَضَّأَ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلِ اكْتِفَاءً بِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ
انْتَهَى
وَيَجِيءُ بَيَانُ الْمَذَاهِبِ فِي آخِرِ الْبَابِ (ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا) رسول الله مِنَ الْحُجْرَةِ (فَقَالَ لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرَكُمْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْمُؤَلِّفِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[200]
(حَدَّثَنَا شَاذُّ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ (بْنُ فَيَّاضٍ) بِالْفَاءِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ اسْمُهُ هِلَالٌ وَلَقَبُهُ شَاذٌّ أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَصْرِيُّ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ (الدَّسْتُوَائِيُّ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَنْسُوبٌ إِلَى الدَّسْتَوَاءِ وَهِيَ كُورَةٌ مِنْ كُوَرِ الْأَهْوَازِ أَوْ قَرْيَةٌ وَقِيلَ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى بَيْعِ الثياب الدستوائية التي تجلب منها قاله بن الْأَثِيرِ (الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ) الْعَشِيُّ وَالْعَشِيَّةُ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَتَمَةِ تَقُولُ أَتَيْتُهُ عَشِيَّةَ أَمْسِ وَعَشِيَّ أَمْسِ وَالْعِشَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَالْعِشَاءَانِ الْمَغْرِبُ وَالْعَتَمَةُ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَنْشَدُوا غَدَوْنَا غَدْوَةً سَحَرًا بِلَيْلٍ عِشَاءً بَعْدَ مَا انْتَصَفَ النَّهَارُ
وَالْعَشَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ الطَّعَامُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ خِلَافُ الغداء كذا في الصحاح (حتى تخفق رؤوسهم) خَفَقَ يَخْفِقُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ يُقَالُ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ إِذَا أَخَذَتْهُ سِنَةٌ مِنَ النُّعَاسِ فَمَالَ رَأْسُهُ دُونَ جَسَدِهِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ تَسْقُطُ أَذْقَانُهُمْ عَلَى صُدُورِهِمْ (ثُمَّ لَا يُصَلُّونَ وَلَا يتوضؤون) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَيْنَ النَّوْمِ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَوْ كَانَ حَدَثًا لَكَانَ أَيُّ حَالٍ وُجِدَ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِلْحَدَثِ مُوهِمٌ لِوُقُوعِهِ مِنَ النَّائِمِ غَالِبًا فَإِذَا كَانَ بِحَالٍ مِنَ التَّمَاسُكِ فِي الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُعُودِ الْمَانِعِ مِنْ خُرُوجِ الْحَدَثِ مِنْهُ كَانَ مَحْكُومًا بِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ مَائِلًا إِلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ أَوْ عَلَى حَالَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ كَانَ أَمْرُهُ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ الْحَدَثُ فِي تِلْكَ الْحَالِ غَالِبًا وَلَوْ كَانَ نَوْمُ الْقَاعِدِ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ لَمْ يَجُزْ على عامة أصحاب رسول الله وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلُّوا مُحْدِثِينَ بِحَضْرَتِهِ فَدَلَّ أَنَّ النَّوْمَ إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِلطُّهْرِ
وَفِي قوله كان أصحاب رسول الله يَنْتَظِرُونَ إِلَخْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ كَانَ يَتَوَاتَرُ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ قَدْ كَثُرَ حَتَّى صَارَ كَالْعَادَةِ لَهُمْ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ عَيْنَ النَّوْمِ لَيْسَ بِحَدَثٍ
انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون
انتهى (بن عَرُوبَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ (عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ) لَعَلَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي أَبْوَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم قَالَ كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يصلون
قال بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي حَازِمٍ وَقَتَادَةَ هُوَ الصَّلَاةُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ
وَعَنْ أَنَسٍ أَيْضًا هُوَ انْتِظَارُ صلاة العتمة
رواه بن جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ
انْتَهَى
[201]
(عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَبِنُونَيْنِ مَنْسُوبٌ إِلَى بُنَانَةَ وَهُمْ وَلَدُ سَعْدِ بْنِ لُؤَيٍّ وَأُمُّ سَعْدٍ
اسْمُهَا بُنَانَةُ وَقِيلَ بَلْ هِيَ أَمَةُ سَعْدٍ وَقِيلَ بُنَانَةُ أُمُّ بَنِي سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ (فقام رجل) لم يقف الحافظ بن حَجَرٍ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ كَانَ كَبِيرًا فِي قَوْمِهِ فَأَرَادَ أن يتألف عَلَى الْإِسْلَامِ
قَالَ الْحَافِظُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مُسْتَنَدِ ذَلِكَ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَاءَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الِاحْتِمَالِ (فَقَامَ) رسول الله (يُنَاجِيهِ) أَيْ يُحَادِثُهُ وَالْمُنَاجَاةُ التَّحْدِيثُ وَفِيهِ جَوَازُ مُنَاجَاةِ الْوَاحِدِ غَيْرَهُ بِحُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَجَوَازُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالْإِحْرَامِ إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ التَّكْبِيرُ (حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ) نَعَسَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَغَلِطَ من ضمها وفي لفظ البخاري والنبي يُنَاجِي رَجُلًا فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ وَنَعَسُوا
قَالَ الْحَافِظُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النُّعَاسَ يُسَمَّى نَوْمًا وَالْمَشْهُورُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا إِنِ اسْتَقَرَّتْ حَوَاسُّهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَ جَلِيسِهِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ فَهُوَ نَاعِسٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نَائِمٌ وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ
وَفِي الْعَيْنِ وَالْمُحْكَمِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ النُّعَاسُ النَّوْمُ وَقِيلَ مُقَارَبَتُهُ (ثُمَّ صَلَّى) النَّبِيُّ (بِهِمْ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فَصَلَّوْا (وَلَمْ يَذْكُرْ) ثَابِتٌ البناني (وضوءا) أي أنهم صلوا وما توضؤوا كما ذكره قتادة ثم يصلون ولا يتوضؤون
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ فِيهِ (لَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ
[202]
(الدَّالَانِيِّ) مَنْسُوبٌ إِلَى دَالَانَ بْنِ سَابِقَةَ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ (وَيَنْفُخُ) النَّفْخُ هُوَ إِرْسَالُ الْهَوَاءِ مِنَ الْفَمِ بِقُوَّةٍ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَخْرُجُ مِنَ النَّائِمِ حِينَ اسْتِغْرَاقِهِ فِي نَوْمِهِ أَيْ كَانَ يَتَنَفَّسُ بِصَوْتٍ حَتَّى يُسْمَعَ مِنْهُ صَوْتُ النَّفْخِ (فقلت) القائل بن عَبَّاسٍ (وَقَدْ نِمْتَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَنِمْتَ بِكَسْرِ النون
قال بن رَسْلَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنَ النَّوْمِ كَانَ مَعْلُومًا مُشْتَهِرًا عِنْدَهُمْ (إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا) أَيْ مَنْ نَامَ عَلَى جَنْبِهِ عَلَى الْأَرْضِ يُقَالُ ضَجَعْتُ ضَجْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَضَعْتُ
جَنْبِي بِالْأَرْضِ وَأَضْجَعْتُ بِالْأَلِفِ لُغَةٌ وَالْمَضْجَعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ وَالْجَمْعُ مَضَاجِعٌ وَاضْطَجَعَ وَاضَّجَعَ وَالْأَصْلُ افْتَعَلَ لَكِنْ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ التَّاءَ طَاءً وَيُظْهِرُهَا عِنْدَ الضَّادِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ التَّاءَ ضَادًا وَيُدْغِمُهَا فِي الضَّادِ تَغْلِيبًا لِلْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الضَّادُ وَلَا يُقَالُ اطَّجَعَ بِطَاءٍ مُشَدَّدَةٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَيْ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى نَائِمٍ إِلَّا عَلَى هَذَا النَّائِمِ أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُ بِأَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا فِي الْعِلَّةِ وَهِيَ اسْتِرْخَاءُ الْأَعْضَاءِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ فَحَيْثُ دَارَتِ الْعِلَّةُ يَدُورُ مَعَهَا الْمَعْلُولُ وَلِهَذَا قَالُوا إِذَا كَانَ سَاجِدًا عَلَى هَيْئَةِ السُّنَّةِ لَا تُنْقَضُ طَهَارَتُهُ
انْتَهَى
(زَادَ عُثْمَانُ وَهَنَّادٌ) فِي رِوَايَتِهِمَا (فَإِنَّهُ) أَيِ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ (إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ) الرَّخْوُ اللِّينُ أَيْ لَانَتْ مَفَاصِلُهُ وَهِيَ جمع مفصل وهو رؤوس الْعِظَامِ وَالْعُرُوقِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ إِنَّ الِاضْطِجَاعَ سَبَبٌ لا سترخاء الْمَفَاصِلِ فَلَا يَخْلُو عَنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنَ الرِّيحِ عَادَةً أَيْ مِنْ عَادَةِ النَّائِمِ الْمُضْطَجِعِ وَالثَّابِتُ بِالْعَادَةِ كَالْمُتَيَقَّنِ بِهِ
انْتَهَى (هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) قَالَ السَّخَاوِيُّ إِنَّ الصَّدُوقَ إِذَا تَفَرَّدَ بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ فِيهِ وَلَا شَاهِدَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الضَّبْطِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَقْبُولِ فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ الشَّاذِّ فَإِنْ خُولِفَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مَعَ ذَلِكَ كَانَ أَشَذَّ فِي شُذُوذِهِ وَرُبَّمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مُنْكَرًا وَإِنْ بَلَغَ تِلْكَ الرُّتْبَةَ فِي الضَّبْطِ لَكِنَّهُ خَالَفَ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الشَّاذِّ وَأَمَّا إِذَا انْفَرَدَ الْمَسْتُورُ أَوِ الْمَوْصُوفُ بِسُوءِ الْحِفْظِ أو الضعف في بعض مشائخه خَاصَّةً أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يُحْكَمُ لِحَدِيثِهِمْ بالقبول بغير عاضد يعضده بمالا مُتَابِعَ لَهُ وَلَا شَاهِدَ فَهَذَا أَحَدُ قِسْمَيِ المنكر وهو الذي يُوجَدُ إِطْلَاقُ الْمُنْكَرِ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَإِنْ خُولِفَ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْمُنْكَرِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الشَّاذِّ وَالْمُنْكَرِ قِسْمَانِ يَجْتَمِعَانِ فِي مُطْلَقِ التَّفَرُّدِ أَوْ مَعَ قَيْدِ الْمُخَالَفَةِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الشَّاذَّ رَاوِيهِ ثِقَةٌ أَوْ صَدُوقٌ غَيْرُ ضَابِطٍ وَالْمُنْكَرُ رَاوِيهِ ضَعِيفٌ لِسُوءِ حِفْظِهِ أَوْ جَهَالَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
(وَرَوَى أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ (لَمْ يَذْكُرُوا شيئا من هذا) أي سؤال بن عباس عن النبي بِقَوْلِهِ صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ وَجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا
قال بن رَسْلَانَ فَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْحَدِيثُ آخِرُهُ مُفْرَدًا دون أوله
قلت روايات جماعة عن بن عَبَّاسٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا نَعَمْ رَوَى كُرَيْبٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ بِلَفْظِ أَوَّلِ هَذَا
الْحَدِيثِ لَا بِعَيْنِهِ أَمَّا رِوَايَةُ كُرَيْبٍ فَأَخْرَجَهَا مسلم عن كريب عن بن عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فقام النبي مِنَ اللَّيْلِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ فَأَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
وَأَمَّا رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّفُ في باب صلاة الليل (قال) أي بن عَبَّاسٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدِي اسْمُ الْقَائِلِ لَكِنْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَائِلَهُ هُوَ عِكْرِمَةُ وَلَفْظُهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ أن النبي كَانَ مَحْفُوظًا وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُمَا فِي السُّنَنِ (مَحْفُوظًا) أَيْ عَنْ نَوْمِ الْقَلْبِ (وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) لِيَعِيَ الْوَحْيَ الَّذِي يَأْتِيهِ وَلِذَا كَانَتْ رُؤْيَاهُ وَحْيًا وَلَا تُنْقَضُ طَهَارَتُهُ بِالنَّوْمِ وَكَذَا الْأَنْبِيَاءُ لِقَوْلِهِ إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قلوبنا رواه بن سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ إيراد قول بن عَبَّاسٍ أَوْ عِكْرِمَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ تَضْعِيفُ آخِرِ الحديث
أي سؤال بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ وجوابه بِقَوْلِهِ إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نومه مُضْطَجِعًا نَاقِضٌ لِوُضُوئِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي أَخْرَجَهُ الشيخان ولقول بن عباس أو عكرمة كان النبي مَحْفُوظًا
وَالْحَاصِلُ أَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ مُخَالِفٌ فِي الْمَعْنَى لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عليه
فإن قلت حديث نومه فِي الْوَادِي عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَيْثُ كَانُوا قَافِلِينَ مِنْ سَفَرٍ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ إِذْ مُقْتَضَى عَدَمِ نَوْمِ الْقَلْبِ إِدْرَاكُهُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ وَقْتُ الصُّبْحِ فَكَيْفَ نَامَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَحَمِيَتْ وَأَيْقَظَهُ عُمَرُ رضي الله عنه بِالتَّكْبِيرِ كَمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه
قُلْتُ إِنَّ الْقَلْبَ إِنَّمَا يُدْرِكُ الْحِسِّيَّاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ كَالْحَدَثِ وَالْأَلَمِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يُدْرِكُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ لِأَنَّهَا نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ يَقْظَانُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ
(أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ) وَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ مِنْهَا فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُنْقَطِعًا وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ فَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَنْكَرَهُ عَلَى أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ جَمِيعُ الْحُفَّاظِ وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ قَتَادَةَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرُهُمَا
انْتَهَى (حَدِيثَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وحديثه أخرج الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي
العالية عن بن عباس عن النبي مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ من يونس بن متى (وحديث بن عمر في الصلاة) لعل المراد بحديث بن عمر عن النبي أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بن عُمَرَ وَالشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ رواية قتادة عن أبي العالية عن بن عمر لكن قول شعبة وحديث بن عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَتَادَةَ سمعه من أبي العالية عن بن عُمَرَ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ أن أبا العالية سمع من بن عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَ (حَدِيثَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ) أخرج هذا الحديث المؤلف والترمذي وبن ماجه والطبراني والحاكم والبيهقي من حديث بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ فلفظ أبي داود في باب القاضي يخطىء الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ (وَحَدِيثَ بن عباس) حديث بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ قَالَ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عمر أن رسول الله نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ انْتَهَى
(وَذَكَرْتُ حَدِيثَ يَزِيدَ الدَّالَانِيِّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) أَيْ سَأَلْتُهُ لِيُبَيِّنَ لِي حَالَهُ مِنَ الصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ (فَانْتَهَرَنِي) أَيْ زَجَرَنِي أَحْمَدُ (اسْتِعْظَامًا لَهُ) أَيْ إِنْكَارًا لِحَدِيثِ يَزِيدَ الدَّالَانِيِّ أَيِ اسْتَعْظَمَ شَأْنَهُ مِنْ جِهَةِ ضَعْفِهِ وَزَجْرِهِ عَنْ تَذْكِرَتِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَعْلُولَةِ وَالضَّعِيفَةِ (فقال أحمد ماليزيد الدَّالَانِيِّ) أَيْ مَا بَالُهُ وَشَأْنُهُ (يُدْخِلُ) مِنَ الْإِدْخَالِ (عَلَى أَصْحَابِ قَتَادَةَ) أَيْ شُيُوخِهِ مَا لَمْ تَقُلْهُ أَيْ مَا لَمْ تَرْوِهِ شُيُوخُ قَتَادَةَ عَنْ شُيُوخِهِمْ فَمَا يَرْوِيهِ يَزِيدُ الدَّالَانِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شُيُوخِهِمْ مَدْخُولٌ عَلَيْهِمْ وَحَقِيقَةُ الْقَوْلِ الْمَدْخُولُ مَا لَمْ يَقُلْهُ صَاحِبُهُ بَلْ أَدْخَلَهُ غَيْرُهُ وَنَسَبَهُ إِلَيْهِ وَنَظِيرُهُ مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ كَانَ خَالِدٌ الْمَدَائِنِيُّ يُدْخِلُ عَلَى الشُّيُوخِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ يَعْنِي يُدْخِلُ فِي رِوَايَاتِهِمْ مَا لَيْسَ مِنْهَا
انْتَهَى (وَلَمْ يَعْبَأْ) أَيْ لَمْ يُبَالِ أَحْمَدُ (بِالْحَدِيثِ) لِضَعْفِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ قَتَادَةَ رَوَاهُ عن بن عَبَّاسٍ قَوْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا الْعَالِيَةِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ يُقَالُ إِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ
بِهِ يَزِيدُ وَهُوَ الدَّالَانِيُّ عَنْ قَتَادَةَ وَلَا يصح وذكر بن حَبَّانَ الْبُسْتِيُّ أَنَّ يَزِيدَ الدَّالَانِيَّ كَانَ كَثِيرَ الْخَطَأِ فَاحِشَ الْوَهْمِ يُخَالِفُ الثِّقَاتِ فِي الرِّوَايَةِ حتى إذا سمعها المبتدىء فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ عَلِمَ أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ أَوْ مَقْلُوبَةٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا إِذَا وَافَقَ الثِّقَاتِ فَكَيْفَ إِذَا انْفَرَدَ عَنْهُمْ بِالْمُعْضِلَاتِ وَذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ الدَّالَانِيُّ هَذَا فَقَالَ لَا يُتَابَعُ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِهِ
وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عَنِ الدَّالَانِيِّ هَذَا فَقَالَ صَدُوقٌ ثِقَةٌ وقال الإمام أحمد بن حنبل يزيد لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ قَدْ أَنْكَرَهُ عَلَى أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ جَمِيعُ الْحُفَّاظِ وَأَنْكَرَ سَمَاعَهُ مِنْ قَتَادَةَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَعَلَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه وَقَفَ عَلَى عِلَّةِ هَذَا الْأَثَرِ حَتَّى رَجَعَ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَلَوْ فُرِضَ اسْتِقَامَةُ حَالِ الدَّالَانِيِّ كَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الِانْقِطَاعِ فِي إِسْنَادِهِ وَالِاضْطِرَابِ وَمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ مَا يُعَضِّدُ قَوْلَ مَنْ ضَعَّفَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[203]
(حَدَّثَنَا حَيْوَةُ) عَلَى وَزْنِ رَحْمَةٍ (عَنِ الْوَضِينِ) عَلَى وَزْنِ كَرِيمٍ (وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمُخَفَّفَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ السَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الدُّبُرِ وَالْوِكَاءُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الْقِرْبَةُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْأَوْعِيَةِ وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ الَّذِي (يَجْرِي) مَجْرَى الْأَمْثَالِ احْفَظْ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ وَالْمَعْنَى الْيَقَظَةُ وِكَاءُ الدُّبُرِ أَيْ حَافِظَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مستيقظا أحس بما يخرج منه قال بن الْأَثِيرِ وَمَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا كَانَ اسْتُهُ كَالْمَسْدُودَةِ الْمُوكَى عَلَيْهَا فَإِذَا نَامَ انْحَلَّ وِكَاؤُهَا كَنَّى بِهِ عَنِ الْحَدَثِ بِخُرُوجِ الرِّيحِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ إِذَا تَيَقَّظَ أَمْسَكَ مَا فِي بَطْنِهِ فَإِذَا نَامَ زَالَ اخْتِيَارُهُ وَاسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ
انْتَهَى
وَكَنَّى بِالْعَيْنِ عَنِ الْيَقِظِ لِأَنَّ النَّائِمَ لَا عين له تبصر
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ وَفِيهِمَا مَقَالٌ
انْتَهَى
وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ الْوَضِينُ وَاهٍ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ
قُلْتُ وَثَّقَهُمَا بَعْضُهُمْ سَأَلَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ فَقَالَ ثقة ووثقه بن معين وأحمد وقال بن عَدِيٍّ لَمْ أَرَ بِحَدِيثِهِ بَأْسًا وَبَقِيَّةُ صَدُوقٌ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّوْمِ هَلْ تُنْقَضُ الطَّهَارَةُ أَمْ لَا عَلَى تِسْعَةِ مَذَاهِبَ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَصْلًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بحديث
أنس قال كان أصحاب رسول الله ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون تَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ النَّوْمَ لَوْ كَانَ نَاقِضًا لَمَا أَقَرَّهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَأَوْحَى إِلَى رَسُولِ الله كَمَا أَوْحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِ نَجَاسَةِ نَعْلِهِ
الْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ بِكُلِّ حَالٍ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَعَلَى أَيِّ هَيْئَةٍ كَانَتْ وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ كَانَ رسول الله يأمرنا إذا كنا سفرا أن لاننزع خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ وَفِي رِوَايَةٍ قال أمرنا النبي أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْرٍ ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا وَيَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا وَلَا نَخْلَعْهُمَا مِنْ غَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلَا نَوْمٍ وَلَا نَخْلَعْهُمَا إِلَّا مِنْ جناية فَذَكَرَ الْأَحْدَاثَ الَّتِي يُنْزَعُ مِنْهَا الْخُفُّ وَالْأَحْدَاثَ الَّتِي لَا يُنْزَعُ مِنْهَا وَعَدَّ مِنْ جُمْلَتِهَا النَّوْمَ فَأَشْعَرَ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ جَعْلِهِ مُقْتَرِنًا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ الَّذَيْنِ هُمَا نَاقِضَانِ بِالْإِجْمَاعِ
قَالُوا فَجَعَلَ مُطْلَقَ النَّوْمِ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فِي النَّقْضِ
وَبِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَفِيهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قَلِيلِ النَّوْمِ وَكَثِيرِهِ
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ أَنَّ كَثِيرَ النَّوْمِ يَنْقُضُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَلِيلَهُ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ
قَالَ فِي السُّبُلِ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِنَاقِضٍ بِنَفْسِهِ بَلْ مَظِنَّةَ النَّقْضِ وَالْكَثِيرُ مَظِنَّةٌ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا قَدْرَ الْقَلِيلِ وَلَا الْكَثِيرِ حَتَّى يُعْلَمَ كَلَامُهُمْ بِحَقِيقَتِهِ
انْتَهَى مُلَخَّصًا
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْمُصَلِّينَ كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينقض وضوئه سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ انْتَقَضَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ غَرِيبٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ مُضْطَجِعًا فَلْيَتَوَضَّأْ وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَبِي النَّائِمِ وَلَا عَلَى الْقَائِمِ النَّائِمِ وَلَا عَلَى السَّاجِدِ النَّائِمِ وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ وَلِهَؤُلَاءِ آثَارٌ وَأَحَادِيثُ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ
الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إِلَّا نوم الراكع والساجد روى هذا عن بن حَنْبَلٍ رحمه الله
قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَيْئَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَظِنَّةٌ لِلِانْتِقَاضِ
الْمَذْهَبُ السَّادِسُ أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ إِلَّا نَوْمَ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِحَدِيثِ إِذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ اللَّهُ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَهُوَ سَاجِدٌ لِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ
قَالُوا هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِالسُّجُودِ فَقَدْ قَاسَ عَلَيْهِ الرُّكُوعَ