المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌(بَابُ التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ)

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند الْحَاجَةِ الْقِبْلَةُ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌ باب الخاتم)

- ‌(بَاب الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَوْلِ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ قَائِمًا أَيْ مَا حُكْمُهُ)

- ‌(باب المواضع)

- ‌(بَاب فِي الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ الخلاء)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ)

- ‌(بَاب الاستنجاء)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى لِتُزِيلَ الرَّائِحَةَ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ)

- ‌(بَاب كيف يستاك على لسانه)

- ‌ بَاب في الرجل)

- ‌(بَابُ غَسْلِ السِّوَاكِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ مِنَ الْفِطْرَةِ)

- ‌(باب السواك)

- ‌(بَاب فَرْضِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُجَدِّدُ)

- ‌(بَاب مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ)

- ‌(بَاب الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا)

- ‌(بَاب سُؤْرِ الْهِرَّةِ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ)

- ‌ بَاب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)

- ‌(بَاب أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ)

- ‌(بَاب مَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ مَا يَكْفِي)

- ‌(بَابُ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌ بَاب فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي إِتْمَامِهِ بِحَيثُ لَا يُتْرَكُ شيء من فرائضه وسننه)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِآنِيَةِ الصُّفْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ ضَرُورِيٌّ)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْثَارِ)

- ‌ بَاب تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ)

- ‌(باب غسل الرجل)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌ بَاب التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ)

- ‌(بَابٌ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِضَاحِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بَاب تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ)

- ‌ بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ)

- ‌(بَاب تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الدَّمِ)

- ‌ بَاب فِي الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ)

- ‌(باب الرجل يطأ الأذى برجله)

- ‌(بَابُ فِيمَنْ يُحْدِثُ فِي الصَّلَاةِ مَاذَا يَفْعَلُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَذْيِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِكْسَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَعُودُ فِي الْجِمَاعِ ثَانِيًا بَعْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ)

- ‌(بَابُ الْجُنُبِ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ)

- ‌(بَاب مَنْ قال الجنب يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ)

- ‌ بَابُ الْجُنُبِ يُؤَخِّرُ الْغُسْلَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يُصَافِحُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجِدُ الْبِلَّةَ)

- ‌(بَابُ الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنَ الإحتلام والبلة)

- ‌(بَابِ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ بِهِ الْغُسْلُ)

- ‌(باب الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابُ الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ)

- ‌ بَابٌ فِيمَا يَفِيضُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ يَسِيلُ)

- ‌(بَابُ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ أَيِ الْأَكْلِ مَعَ الْحَائِضِ)

- ‌(بَابُ الْحَائِضِ تُنَاوِلُ أَيْ تَأْخُذُ شَيْئًا)

- ‌(بَاب فِي الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ بِالْجِمَاعِ فِي فَرْجِهَا مَا حُكْمُهُ)

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا مِنَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ وَمَيَّزَتِ الْمَرْأَةُ دَمَ الْحَيْضِ)

- ‌ باب ما رَوَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ تَجْمَعُ أَيِ الْمُسْتَحَاضَةُ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ بِالْإِهْمَالِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الظُّهْرِ فَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ أَيَّ وَقْتٍ

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا أَيْ يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ)

- ‌(بَاب الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لِعُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ هَلْ يَنُوبُ عَنِ الْغُسْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ)

- ‌(بَابُ الْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمَجْرُوحُ يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بَابُ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ مَا يُصَلِّي)

الفصل: ‌(باب في المذي)

(حِطَّانَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (سَلَّامٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ

قَالَ النَّوَوِيُّ سَلَّامٌ كُلُّهُ بِالتَّشْدِيدِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ الصَّحَابِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَلَامٍ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ انْتَهَى

(إِذَا فَسَا) فِعْلٌ مَاضٍ مِنْ فَسَا فَسْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ الْفُسَاءُ بِالضَّمِّ وَالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ رِيحٌ يَخْرُجُ بِغَيْرِ صَوْتٍ يُسْمَعُ

قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَحْدَثَ بِخُرُوجِ رِيحٍ مِنْ مَسْلَكِهِ الْمُعْتَادِ (فَلْيَنْصَرِفْ) أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ (فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفُسَاءَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ وَأَنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَيَلْزَمُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنْهُ لَا الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلْسٌ أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لا يتكلم أخرجه بن مَاجَهْ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ

وَجْهُ التَّضْعِيفِ أَنَّ رَفْعَهُ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ

قَالَ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمُرْسَلُ الصَّوَابُ فَمَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَيَقُولُ إِنَّ الْمُحْدِثَ يَخْرُجُ مِنَ الصَّلَاةِ وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُفْسِدًا وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ

قُلْتُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ لَهُ تَرْجِيحٌ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّتِهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ أَتَمَّ مِنْهُ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ يَقُولُ لَا أَعْرِفُ لِعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ مِنْ حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ السُّحَيْمِيِّ وَكَأَنَّهُ رَأَى هَذَا رَجُلًا آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى

قُلْتُ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ طَلْقٍ وَطَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ رَجُلَانِ

وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ سُبُلِ السَّلَامِ كَيْفَ قَالَ مَالَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ طَلْقٍ وَطَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ اسْمٌ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

3 -

(بَاب فِي الْمَذْيِ)

[206]

فِيهِ لُغَاتُ أَفْصَحُهَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ ثُمَّ بِكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَزِجٌ يَخْرُجُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ أَوْ تَذَكُّرِ الْجِمَاعِ وَإِرَادَتِهِ وَقَدْ لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ كَذَا فِي الفتح

ص: 243

(مَذَّاءً) صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْمَذْيِ أَيْ كَثِيرَ الْمَذْيِ يُقَالُ مَذَى يَمْذِي مِثْلُ مَضَى يَمْضِي ثُلَاثِيًّا وَيُقَالُ أَمَذْى يُمْذِي رُبَاعِيًّا (أَغْتَسِلُ) مِنَ الْمَذْيِ فِي الشِّتَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (تَشَقَّقَ ظَهْرِي) أَيْ حَصَلَ لِي شُقُوقٌ مِنْ شِدَّةِ أَلَمِ الْبَرْدِ (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ) تِلْكَ الْحَالَةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِي (أَوْ ذُكِرَ لَهُ) هَكَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِلَا شَكٍّ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ سَأَلْتُ

فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ أَمَرْتُ عَمَّارَ بْنَ ياسر

وجمع بن حِبَّانَ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ ثُمَّ أَمَرَ الْمِقْدَادَ بِذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَ بِنَفْسِهِ

قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ جَمْعٌ جَيِّدٌ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى آخِرِهِ لِكَوْنِهِ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ اسْتَحَى عَنِ السُّؤَالِ بِنَفْسِهِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ بِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَطْلَقَ أَنَّهُ سَأَلَ لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِذَلِكَ وَبِهَذَا جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيُّ (لَا تَفْعَلْ) أَيْ لَا تَغْتَسِلْ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَذْيِ (فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ لَا غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا إِيجَابُ غَسْلِ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ إِنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُعْتَادَةِ وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالنَّادِرُ كَالدَّمِ وَالْمَذْيِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ (فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ) الْفَضْخُ بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الدَّفْقُ أَيْ إِذَا صَبَبْتَ الْمَنِيَّ بِشِدَّةٍ وَجَامَعْتَ فَاغْتَسِلْ

وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَذْيِ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَنُعْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ وَالْجَمَاهِيرِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حديث محمد بن علي وهو بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

[207]

(إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ قَرُبَ (مَاذَا عَلَيْهِ) مِنَ الْغُسْلِ أَوِ الْوُضُوءِ (ابْنَتَهُ) فَاطِمَةَ رضي الله عنها (وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ) لِأَنَّ الْمَذْيَ يَكُونُ غَالِبًا عِنْدَ مُلَاعَبَةِ الزَّوْجَةِ وَقُبَلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ

ص: 244

أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ حُسْنِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْأَصْهَارِ وَأَنَّ الزَّوْجَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجِمَاعِ النِّسَاءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ بِحَضْرَةِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِهَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَقَارِبِهَا (فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ) أَيْ فَلْيَغْسِلْهُ فَإِنَّ النَّضْحَ يَكُونُ غَسْلًا وَيَكُونُ رَشًّا وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ وَفِيهِ اغْسِلْ ذَكَرَكَ قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ

وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْمِقْدَادِ مُرْسَلٌ لَا نَعْلَمُ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ كَمَا قَالَ

وَقَدْ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ الأشج عن سليمان بن يسار عن بن عباس في قصة على والمقدار مَوْصُولًا

[208]

(لِيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَمَرَ بِغَسْلِ الْأُنْثَيَيْنِ بِزِيَادَةِ التَّطْهِيرِ لِأَنَّ الْمَذْيَ رُبَّمَا انْتَشَرَ فَأَصَابَ الْأُنْثَيَيْنِ وَيُقَالُ إِنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ إِذَا أَصَابَ الْأُنْثَيَيْنِ رَدَّ الْمَذْيَ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِغَسْلِهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أُنْثَيَيْهِ

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ (رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ رحمه الله ذكر ها هنا ثَلَاثَةَ تَعَالِيقٍ الْأَوَّلُ هَذَا وَالثَّانِي مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَرَوَاهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ إِلَخْ وَالثَّالِثُ ما ذكره بقوله ورواه بن إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَخْ لِأَغْرَاضٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا بَيَانُ اخْتِلَافِ السَّائِلِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ هُوَ عَلِيٌّ أَوِ الْمِقْدَادُ فَالتَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ هُوَ عَلِيٌّ

وَالتَّعْلِيقُ الثَّالِثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ هُوَ الْمِقْدَادُ

وَثَانِيهِمَا أَنَّ حَدِيثَ زُهَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ

وَرِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِقْدَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْأُنْثَيَيْنِ فَأَرَادَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ أَنَّ رِوَايَةَ غَسْلِ الْأُنْثَيَيْنِ غَيْرُ وَارِدَةٍ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ لِأَنَّ حَدِيثَ زُهَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مُرْسَلٌ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ خَالِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْأُنْثَيَيْنِ لَكِنْ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَلِيٍّ بِزِيَادَةِ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِغَسْلِهِمَا مَعَ غَسْلِ الفرج

وثالثها

ص: 245

الْإِشْعَارُ بِالِاضْطِرَابِ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّ زُهَيْرًا يَرْوِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِلْمِقْدَادِ

وَالثَّوْرِيُّ والمفضل بن فضالة وبن عُيَيْنَةَ يَرْوُونَهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

وَمَسْلَمَةُ يَرْوِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ لِلْمِقْدَادِ

وبن إِسْحَاقَ يَرْوِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِقْدَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

[210]

(كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الِاغْتِسَالَ) مِنَ الْإِكْثَارِ وَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ أُكْثِرُ الْغُسْلَ لِأَجْلِ خُرُوجِ الْمَذْيِ (إِنَّمَا يُجْزِئُكَ) مِنَ الْإِجْزَاءِ أَيْ يَكْفِيكَ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ خُرُوجِ الْمَذْيِ (فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ) أَيْ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْمَذْيِ الَّذِي يُصِيبُ ثَوْبِي وَقَوْلُهُ مِنْهُ بَيَانٌ لِمَا (فَتَنْضَحَ بِهَا) أَيْ بِالْكَفِّ مِنَ الْمَاءِ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَتَنْضَحَ بِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ يُجْزِئُكَ أَنْ تَأْخُذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَرُشَّ عَلَيْهِ

قَالَ النَّوَوِيُّ النَّضْحُ قَدْ يَكُونُ غَسْلًا

وَقَدْ يَكُونُ رَشًّا

انْتَهَى

وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذَا اللَّفْظِ جَاءَ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ لكن الرش ها هنا مُتَعَيَّنٌ لِرِوَايَةِ الْأَثْرَمِ (مِنْ ثَوْبِكَ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْضِ ثَوْبِكَ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ بِإِسْقَاطِ مِنْ (حَيْثُ تُرَى) بِضَمِّ التَّاءِ بِمَعْنَى تَظُنُّ وَبِفَتْحِ التَّاءِ بِمَعْنَى تُبْصِرُ (أَنَّهُ) أَيِ الْمَذْيَ (أَصَابَهُ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الشيخ شمس الدين بن القيم وقد رواه أبو عوانة الاسفرائيني فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث سُلَيْمَانَ بْنِ حَسَّانٍ عن بن حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ

وَفِيهِ يَغْسِل أُنْثَيَيْهِ وَذَكَره

ص: 246

أي الثوب قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلَا يُعْرَفُ مِثْلُ هَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ

وَاعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَذْيِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْغَسْلُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُجْزِئُهُ النَّضْحُ

وَقَالَ أَحْمَدُ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ النَّضْحُ بِالْمَاءِ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ

وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَذْيِ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الْغَسْلُ أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْغَسْلِ

وَفِيهِ مَا سَلَفَ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْغَسْلِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْفَرْجِ لَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ رِوَايَةَ النَّضْحِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ مُعَارِضٌ فَالِاكْتِفَاءُ بِهِ صَحِيحٌ مُجْزٍ

وَانْتَهَى

قُلْتُ مَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ هُوَ الْحَقُّ وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ الْمَذْيَ نَجَسٌ يُغْسَلُ الذَّكَرُ مِنْهُ وَيُنْضَحُ بِالْمَاءِ مَا مَسَّهُ مِنَ الثَّوْبِ وَأَنَّ الرش مجزىء كَالْغَسْلِ

[211]

(وَعَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ) أَيْ عَنِ الْمَذْيِ بَعْدَ الْمَذْيِ وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا الْمَاءَ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْمَذْيِ أَنَّهُ يَسْتَرْسِلُ فِي خُرُوجِهِ وَيَسْتَمِرُّ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ إِذَا دَفَقَ انْقَطَعَ سَوْقُهُ وَلَا يَعُودُ إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ أَوْ تَجْدِيدِ جِمَاعٍ

قَالَ السُّيُوطِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ ها هنا كَلَامٌ فِيهِ تَخْلِيطٌ انْتَهَى

قُلْتُ وَكَذَا وَقَعَ للقاضي الشوكاني ها هنا تَخْلِيطٌ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ الْمُرَادُ بِهِ خُرُوجُ الْمَذْيِ عَقِيبَ الْبَوْلِ مُتَّصِلًا بِهِ

انْتَهَى (ذَلِكَ) الْمَاءُ الْخَارِجُ مِنَ الْفَرْجِ (وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي) فَحْلٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الذَّكَرُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَيَمْذِي بِفَتْحِ الْيَاءِ وَبِضَمِّهَا (فَتَغْسِلُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ (فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ) فِيهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ مَعَ الْأُنْثَيَيْنِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ قَالَ أبو محمد بن حزم نظرنا في حديث حزام بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمّه فَوَجَدْنَاهُ لَا يَصِحّ يَعْنِي حَدِيث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ حَكِيمٌ ضَعِيف وَهُوَ الَّذِي رَوَى غَسْل الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الْمَذْي

تَمَّ كَلَامه

وَهَذَا الْحَدِيث قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَهُمَا مِنْ الْمُتَّفَق عَلَى حَدِيثهمَا عَنْ

ص: 247

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ طَرَفًا مِنْهُ فِي الجامع وطرفا في الشمائل وأخرجه بن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا فِي مَوْضِعَيْنِ [212](مَا يَحِلُّ) مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ (لَكَ) حَقُّ الِاسْتِمْتَاعِ (مَا فَوْقَ الْإِزَارِ) أَيْ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِزَارِ هُوَ السُّرَّةُ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ مِنَ الْحَائِضِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ بِمَا تَحْتَ السُّرَّةِ لَكِنْ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا شَيْئًا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا دُونَ الْجِمَاعِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِمَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ غَيْرَ الْفَرْجِ لَكِنْ مَعَ وَضْعِ شَيْءٍ عَلَى الْفَرْجِ يَكُونُ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الرَّجُلِ وَيَجِيءُ بَيَانُ هَذَا فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مَبْسُوطًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَذَكَرَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الرَّاوِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ (مُؤَاكَلَةَ الْحَائِضِ) أَيْ سُؤَالَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ حُكْمِ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَجَوَابَهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ فَوَاكِلْهَا

[213]

(اليزني) بفتح التحتانية والزاء بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرٍ (عَنْ سَعْدٍ الْأَغْطَشِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُهْمَلَةٌ كَأَعْمَشَ وَزْنًا وَمَعْنًى

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْغَطَشُ فِي الْعَيْنِ شِبْهُ الْعَمَشِ (قَالَ هِشَامُ) بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ (هُوَ) أي عائذ والد عبد الرحمن الأزدي (بن قُرْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (أَمِيرِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ

وَهُوَ مِمَّنْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ رَوَى لَهُ مسلم أيضا وحزام بْنُ حَكِيمٍ وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِد (1)

وَعَمّه هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ صَاحِب الْحَدِيث صَحَابِيّ

وَقَوْله وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيث غَسْل الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الْمَذْي فَالْحَدِيث حَدِيث وَاحِد فَرَّقَهُ بَعْض الرُّوَاة وَجَمَعَهُ غَيْره

وَقَدْ رَوَى الْأَمْر بِغُسْلِ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الْمَذْي أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ

ص: 248