الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْحَ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَلَمْ يَنْفِ التَّكْمِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَغَيْرُهُ فَسُكُوتُ أَنَسٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُوَافِقُ الْحَدِيثُ الباب
8 -
(باب غسل الرجل)
[148]
(يدلك) من باب نصر وفي رواية بن مَاجَهْ يُخَلِّلُ بَدَلَ يَدْلُكُ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ الدَّلْكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْغَسْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا من حديث بن لهيعة
هذا آخر كلامه
وبن لهيعة يضعف في الحديث
قلت بن لَهِيعَةَ لَيْسَ مُتَفَرِّدًا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بَلْ تَابَعَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَرْثِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مالك من طريق بن وهب عن الثلاثة وصححه بن الْقَطَّانِ
9 -
(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)
[149]
قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْخَطَّابِ مَنْ لَمْ يُطَهِّرهُ الْمَسْح عَلَى الْعِمَامَة فَلَا طَهَّرَهُ اللَّه
قَالَ وَالْمَسْح عَلَى الْعِمَامَة سُنَّة عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مَاضِيَة مَشْهُورَة عِنْد ذَوِي الْقَنَاعَة مِنْ أهل العلم في الأمصار
وحكاه عن بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ مَذْهَبًا لَهُمْ
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ وَبِلَالٌ
فَأَمَّا حديث سلمان
سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا حَتَّى يَجُوزَ لِلْمَرْأَةِ الْمُلَازِمَةِ بَيْتَهَا وَالزَّمِنَ الَّذِي لَا يَمْشِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ وَقَدْ رَوَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنِي سبعون من أصحاب رسول الله أن رسول الله كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ أَمْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ
(عَدَلَ) أَيْ مَالَ مِنْ مُعْظَمِ الطَّرِيقِ إِلَى غَيْرِهَا (تَبُوكَ) بِتَقْدِيمِ التَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ الْمُخَفَّفَةِ لَا يَنْصَرِفُ عَلَى المشهور
قال النووي وبن حَجَرٍ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ هِيَ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرْحَلَةً ويقال لها غزاوة الْعُسْرَةِ كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيِ الصُّبْحِ وَلِابْنِ سَعْدٍ فَتَبِعْتُهُ بِمَاءٍ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيُجْمَعُ بِأَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ (فَتَبَرَّزَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ خرج رسول الله لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ
زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ (مِنَ الْإِدَاوَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا الْإِدَاوَةُ وَالرَّكْوَةُ وَالْمِطْهَرَةُ وَالْمِيضَأَةُ بِمَعْنًى مُتَقَارِبٍ وَهُوَ إِنَاءُ الْوُضُوءِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَاءَ أَخَذَهُ الْمُغِيرَةُ مِنْ أَعْرَابِيَّةٍ صَبَّتْهُ لَهُ مِنْ قِرْبَةٍ مِنْ جِلْدِ ميتة فقال له سَلْهَا فَإِنْ كَانَتْ دَبَغَتْهَا فَهُوَ طَهُورُهَا فَقَالَتْ إِي وَاللَّهِ دَبَغْتُهَا
وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَوِ امْرَأَةً سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَمْ لَا لِقَبُولِ خَبَرِ الْأَعْرَابِيَّةِ (ثُمَّ حَسَرَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ كَشَفَ يُقَالُ حَسَرْتُ كُمِّي عَنْ ذِرَاعِي أَحْسِرُهُ حَسْرًا أَيْ كَشَفْتُ وَحَسَرْتُ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِي وَالثَّوْبَ عَنْ بَدَنِي أَيْ كَشَفْتُهُمَا (عَنْ ذِرَاعَيْهِ) وَفِي الْمُوَطَّأِ ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْ جُبَّتِهِ (فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ) كُمَّا تَثْنِيَةُ كُمٍّ بِضَمِّ الْكَافِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ ضِيقِ كُمَّيِ الْجُبَّةِ إِخْرَاجَ يَدَيْهِ وَهِيَ مَا قُطِعَ مِنَ الثِّيَابِ مُشَمَّرًا
قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَلِلْبُخَارِيِّ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ صُوفٍ مِنْ جِبَابِ الرُّومِ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ التَّشْمِيرُ فِي السَّفَرِ وَلُبْسُ الثِّيَابِ الضَّيِّقَةِ فِيهِ لِأَنَّهَا أَعْوَنُ عَلَيْهِ
قَالَ الْحَافِظُ بن عَبْدِ الْبَرِّ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبُّ فِي الْغَزْوِ لِلتَّشْمِيرِ وَالتَّأَسِّي بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي فِي الْحَضَرِ (فَأَخْرَجَهُمَا
مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ) زَادَ مُسْلِمٌ وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ (ثُمَّ تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ) أَيْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ كَمَا فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ لِأَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَعْدَهَا بِاتِّفَاقٍ إِذْ هِيَ آخِرُ الْمَغَازِي ثُمَّ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَاصٌّ بِالْوُضُوءِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْغُسْلِ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ
قَالَهُ الزُّرْقَانِيُّ (ثُمَّ رَكِبَ) النبي رَاحِلَتَهُ (فَأَقْبَلْنَا) قَدِمْنَا
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْتُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ (حِينَ كَانَ) هُوَ تَامَّةٌ أَيْ حَصَلَ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فلما أحس بالنبي ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ وَفِيهِ مِنَ الْمَسَائِلِ مِنْهَا جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْفَاضِلِ بِالْمَفْضُولِ وَجَوَازُ صَلَاةِ النبي خَلْفَ بَعْضِ أُمَّتِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُمْ فَعَلُوهَا أَوَّلَ الوقت ولم ينتظروا النبي وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أُخِّرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ اسْتُحِبَّ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يُقَدِّمُوا أَحَدَهُمْ فَيُصَلِّيَ بِهِمْ (فقام النبي فِي صَلَاتِهِ) لِأَدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ أَتَى بِمَا أَدْرَكَ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ وَفِيهِ اتِّبَاعُ الْمَسْبُوقِ لِلْإِمَامِ فِي فِعْلِهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْضِعَ فِعْلِهِ لِلْمَأْمُومِ وَأَنَّ الْمَسْبُوقَ إِنَّمَا يُفَارِقُ الْإِمَامَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ) أَيْ قَوْلَهُمْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ وَقْتَ التَّعَجُّبِ والفزع (وقد أَحْسَنْتُمْ) وَهَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْ أَحْسَنْتُمْ إذا جَمَعْتُمُ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا
[150]
(عَنِ التَّيْمِيِّ) التَّحْوِيلُ يَنْتَهِي إِلَى التَّيْمِيِّ أَيْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَالْمُعْتَمِرِ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ
عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ (نَاصِيَتِهِ) أَيْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ (وَذَكَرَ) أَيِ الْمُغِيرَةُ (فَوْقَ الْعِمَامَةِ) أَيْ مَسَحَ فَوْقَ الْعِمَامَةِ وَهَذَا لَفْظُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
وَأَمَّا لَفْظُ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قَالَ) أَيْ مُسَدَّدٌ (أَبِي) هُوَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ (قَالَ بَكْرُ) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالسَّنَدِ السَّابِقِ (وقد سمعته) أي الحديث (من بن الْمُغِيرَةِ) مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[151]
(فِي رَكْبِهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الرَّكْبُ أَصْحَابُ الْإِبِلِ فِي السَّفَرِ دُونَ الدَّوَابِّ وَهُمُ الْعَشَرَةُ فَمَا فَوْقَهَا وَالْجَمْعُ أَرْكُبٌ وَالرَّكَبَةُ بِالتَّحْرِيكِ أَقَلُّ مِنَ الرَّكْبِ وَالْأُرْكُوبُ أَكْثَرُ مِنَ الرَّكْبِ
انْتَهَى (ثُمَّ أَقْبَلَ) أَيِ انْصَرَفَ إِلَيْنَا بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (ذِرَاعَيْهِ) الذِّرَاعُ مِنَ الْمَرْفِقِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ (مِنْ صُوفٍ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ أَنَّ الصُّوفَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الشَّامَ إِذْ ذَاكَ كَانَتْ دَارَ كُفْرٍ وَمَأْكُولُهَا كُلُّهَا الْمَيْتَاتُ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَشَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِلزُّرْقَانِيِّ (ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ) صِفَةٌ لِلْجُبَّةِ (فَادَّرَعَهُمَا ادِّرَاعًا) قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْخَطَّابِيُّ اذَّرَعَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ أَيِ اذَّرَعَ ذِرَاعَيْهِ اذِّرَاعًا مِنْ ذَرَعَ وَيَجُوزُ إِهْمَالُ ذَلِكَ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ وَمَعْنَاهُ أَيْ أَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ وَمَدَّهُمَا وَالذَّرْعُ بَسْطُ الْيَدِ وَمَدُّهَا وَأَصْلُهُ مِنَ الذِّرَاعِ وَهِيَ السَّاعِدُ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ نَزَعَ ذِرَاعَيْهِ عَنْ كُمَّيْهِ وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ ذَرَعَ إِذَا مَدَّ ذِرَاعَهُ كَمَا يُقَالُ ادَّكَرَ مِنْ ذَكَرَ
انْتَهَى
(ثُمَّ أَهْوَيْتُ) أَيْ مَدَدْتُ يَدِي
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَهْوَيْتُ بِالشَّيْءِ إِذَا أَوْمَأْتُ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ أَهْوَيْتُ قَصَدْتُ
وَفِي إِرْشَادِ السَّارِي مَعْنَاهُ مَدَدْتُ يَدِي أَوْ قَصَدْتُ أَوْ أَشَرْتُ أَوْ أَوْمَأْتُ
انْتَهَى
(وَهُمَا طَاهِرَتَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
الْمَسْحَ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طهارة كاملة بأن يفرع مِنَ الْوُضُوءِ بِكَمَالِهِ ثُمَّ يَلْبَسَهُمَا لِأَنَّ حَقِيقَةَ إِدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُدْخِلَتْ وَهِيَ طَاهِرَةٌ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَذْهَبُنَا أَنْ يُشْتَرَطَ لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ لَبِسَ خُفَّهَا قَبْلَ غَسْلِ الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى ثُمَّ لَبِسَ خُفَّهَا لَمْ يَصِحَّ لُبْسُ الْيُمْنَى فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهَا وَإِعَادَةِ لُبْسِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نَزْعِ الْيُسْرَى لِكَوْنِهَا أُلْبِسَتْ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَالْمُزَنِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ يَجُوزُ اللُّبْسُ عَلَى حَدَثٍ ثُمَّ يُكْمِلُ طَهَارَتَهُ (فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا) وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ المغيرة بن شعبه قال قلنا يارسول اللَّهِ أَيَمْسَحُ أَحَدُنَا عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ نَعَمْ إذا أدخلهما وهما طاهرتان وأخرج أحمد وبن خُزَيْمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ أَمَرَنَا يعنى النبي أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْرٍ ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا وَيَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وصححه أيضا بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ
وَفِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ عِنْدَ اللُّبْسِ (قَالَ أَبِي) أَيْ قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ أَبِي أَيْ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ (عُرْوَةُ) بْنُ الْمُغِيرَةِ (عَلَى أَبِيهِ) الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (وَشَهِدَ أَبُوهُ) أَيِ الْمُغِيرَةُ عَلَى هَذَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ تَقُولُ مِنْهُ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى كَذَا
انْتَهَى
وَمُرَادُ الشَّعْبِيِّ تَثْبِيتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا
[152]
(تَخَلَّفَ) أَيْ تَأَخَّرَ عَنِ النَّاسِ (فَذَكَرَ) أَيِ الْمُغِيرَةُ (هَذِهِ الْقِصَّةَ) أَيْ قِصَّةَ الْوُضُوءِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَإِخْرَاجِ الْيَدَيْنِ عن الكمين وغير ذلك مما ذكر (فأومئ) أي أشار النبي (إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ (أَنْ يَمْضِيَ) عَلَى صَلَاتِهِ أَيْ يُتِمَّهَا وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْ موضعه (سبق) بالبناء للمجهول أي النبي (بِهَا) أَيْ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قبل مجيئه (وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الرَّكْعَةِ
الْوَاحِدَةِ بَعْدَ تَسْلِيمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ صَلَاتِهِ (شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ
فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصلاة سجود
قال بن رَسْلَانَ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيُؤَيِّدُ ذلك قوله وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَفِي رِوَايَةٍ فَاقْضُوا وَلَمْ يَأْمُرْ بِسُجُودِ السَّهْوِ (مَنْ أَدْرَكَ إِلَخْ) أَيْ مَنْ أَدْرَكَ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ إِمَامِهِ فِعْلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ مَعَ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِسْحَاقُ
وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ جَلَسَ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أمر به المنيرة وَأَيْضًا لَيْسَ السُّجُودُ إِلَّا لِلسَّهْوِ وَلَا سَهْوَ ها هنا وَأَيْضًا مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَسْجُدُ لِفِعْلِهَا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَهَذِهِ الْآثَارُ قَدْ تَتَبَّعْتُ فِي تَخْرِيجِهَا لَكِنْ لَمْ أَقْفُ مَنْ أَخْرَجَهَا مَوْصُولًا
[153]
(يَسْأَلُ بِلَالًا) أَيْ حَضَرَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حال كونه يسأل بلالا وبلال هو بن رَبَاحٍ الْمُؤَذِّنُ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (وَمُوقَيْهِ) تَثْنِيَةُ مُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمَ بِلَا هَمْزَةٍ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُوقُ الَّذِي يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ فَارِسِيٌّ معرب وكذا قال القاضي عياض وبن الْأَثِيرِ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَكَذَلِكَ قَالَ الْهَرَوِيُّ الْمُوقُ الْخُفُّ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنِ اللَّيْثِ الْمُوقُ ضَرْبٌ مِنَ الْخِفَافِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَمْوَاقٍ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنُ سِيدَهْ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْمُوقُ ضَرْبٌ مِنَ الْخِفَافِ والجمع أمواق عربي صحيح
وقال بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْخُفُّ جِلْدٌ مُبَطَّنٌ مَخْرُوزٌ يَسْتُرُ الْقَدَمَ كُلَّهَا وَالْمُوقُ جِلْدٌ مَخْرُوزٌ لَا بِطَانَةَ لَهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ خُفٌّ قَصِيرُ السَّاقِ وَالْجُرْمُوقُ خُفٌّ قَصِيرُ السَّاقِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَفِي قَوْلٍ آخَرَ خُفٌّ عَلَى خُفٍّ (وَهُوَ) أَيِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (تَيْمُ بْنُ مُرَّةَ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَتَيْمٌ قُرَيْشٌ رَهْطُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَهُوَ تَيْمُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ
انْتَهَى
[154]
(مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ) أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُنِي عَنِ الْمَسْحِ (قَالُوا) أَيْ مَنْ عَابُوا عَلَى فِعْلِ جَرِيرٍ (إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ) أَيِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ (قَالَ) جَرِيرٌ فِي رَدِّ كَلَامِهِمْ (مَا أَسْلَمْتُ إِلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَاغْسِلُوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فَلَوْ كَانَ إِسْلَامُ جَرِيرٍ مُتَقَدِّمًا عَلَى نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَاحْتَمَلَ كَوْنُ حَدِيثِهِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمَائِدَةِ فَلَمَّا كَانَ إِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرًا بِإِقْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمَسْحَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حُكْمِ الْمَائِدَةِ وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ غَيْرُ صَاحِبِ الْخُفِّ فَتَكُونُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ مُخَصِّصَةً لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ النَّخَعِيِّ عن جرير وهو بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ قَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فسئل فقال رأيت رسول الله صَنَعَ مِثْلَ هَذَا
[155]
(عَنْ حُجَيْرٍ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ ثُمَّ الْجِيمِ مُصَغَّرًا (أَنَّ النَّجَاشِيَّ) بِفَتْحِ النُّونِ على المشهور وقيل تكسر وتخفيف الْجِيمُ وَأَخْطَأَ مَنْ شَدَّدَهَا وَبِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَحَكَى الْمُطَرِّزِيُّ التَّخْفِيفَ وَرَجَّحَهُ الصَّنْعَانِيُّ هُوَ أَصْحَمَةُ بْنُ بَحْرٍ النَّجَاشِيُّ مَلِكُ الْحَبَشَةِ وَاسْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةُ وَالنَّجَاشِيُّ لَقَبٌ لَهُ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَلَمْ يُهَاجِرْ إِلَيْهِ وَكَانَ رِدْءًا لِلْمُسْلِمِينَ نَافِعًا وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمَغَازِي فِي إِحْسَانِهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَيْهِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ (سَاذَجَيْنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ غَيْرَ مَنْقُوشَيْنِ وَلَا شَعْرَ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ لَمْ يُخَالِطْ سَوَادَهُمَا لَوْنٌ آخَرُ
قَالَ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ كَذَلِكَ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَا رَأَيْتُ الْمُصَنِّفِينَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ ذَكَرُوهَا
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ السَّاذَجُ مُعَرَّبٌ سَادَةٌ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ (فَلَبِسَهُمَا) بِفَاءِ التَّفْرِيعِ أَوِ التَّعْقِيبِ فَفِيهِ أَنَّ الْمُهْدَى إِلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْهَدِيَّةِ
عَقِبَ وُصُولِهَا بِمَا أُهْدِيَتْ لِأَجْلِهِ إِظْهَارًا لِقَبُولِهَا وَوُقُوعِهَا الْمَوْقِعَ
وَفِيهِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ حَتَّى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ أَهْدَى لَهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كما قاله بن الْعَرَبِيِّ وَأَقَرَّهُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ (عَنْ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ) بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ أَيْ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ دَلْهَمٍ
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا دَلْهَمٌ (هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَرَابَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَصْلِ السَّنَدِ أَيْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَدُورُ الْإِسْنَادُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ وَلَوْ تَعَدَّدَتِ الطُّرُقُ إِلَيْهِ وَهُوَ طَرَفُهُ الَّذِي فِيهِ الصَّحَابِيُّ أَوَّلًا يَكُونُ التَّفَرُّدُ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ التَّفَرُّدُ فِي أَثْنَائِهِ كَأَنْ يَرْوِيهِ عَنِ الصَّحَابِيِّ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ ثُمَّ يَتَفَرَّدُ بِرِوَايَتِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَخْصٌ وَاحِدٌ فَالْأَوَّلُ الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ وَالثَّانِي الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ سُمِّيَ نِسْبِيًّا لِكَوْنِ التَّفَرُّدِ فِيهِ حَصَلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ فِي نَفْسِهِ مَشْهُورًا وَيقِلُّ إِطْلَاقُ الْفَرْدِيَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَرِيبَ وَالْفَرْدَ مُتَرَادِفَانِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الِاصْطِلَاحِ غَايَرُوا بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَقِلَّتِهِ فَالْفَرْدُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْفَرْدِ الْمُطْلَقِ وَالْغَرِيبُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْفَرْدِ النِّسْبِيِّ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ إِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالِهِمُ الْفِعْلَ الْمُشْتَقَّ فَلَا يُفَرِّقُونَ فَيَقُولُونَ فِي الْمُطْلَقِ وَالنِّسْبِيِّ تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ أَغْرَبَ بِهِ فُلَانٌ كَذَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ
وَإِذَا عَلِمْتَ تَعْرِيفَ الْفَرْدِ وَانْقِسَامَهُ
فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ الْإِمَامِ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِإِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا السَّنَدِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَّا مُسَدَّدَ بْنَ مُسَرْهَدٍ
وَمَا فِيهِ إِلَّا كُوفِيُّونَ أَوْ مِنْ أَهْلِ مَرْوٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّيُوطِيُّ وَمُسَدَّدٌ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ بَلْ تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ وَتَابَعَهُ أَيْضًا هَنَّادٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَأَيْضًا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كَمَا في بن مَاجَهْ
وَأَمَّا شَيْخُ مُسَدَّدٍ أَعْنِي وَكِيعًا أَيْضًا لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ بَلْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ فَإِنَّمَا التَّفَرُّدُ فِي دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ وَهُوَ كُوفِيٌّ
قَالَ السُّيُوطِيُّ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَيْ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ
انْتَهَى
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ بَصْرِيٌّ سِوَى مُسَدَّدٍ وَلَمْ يَتَفَرَّدْ هُوَ فَنِسْبَةُ التَّفَرُّدِ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَهْمٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِ الْإِمَامِ رضي الله عنه وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حُجَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ بن بُرَيْدَةَ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ وَذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ وَكِيعٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بريدة
انتهى