الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَمُرْسَلًا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ
مُرْسَلٌ أَوْ موقوف على بن عباس ولا يصح متصلا مرفوعا
والذمم برئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها هذاآخر كَلَامِهِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ فَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَمُرْسَلًا وَمُعْضَلًا
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قِيلَ لِشُعْبَةَ إِنَّكَ كُنْتَ تَرْفَعُهُ قَالَ إِنِّي كُنْتُ مَجْنُونًا فَصَحَحْتُ وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ فِي مَتْنِهِ فَرُوِيَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الشَّكِّ وَرُوِيَ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِنِصْفِ دِينَارٍ وَرُوِيَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَهَا فِي الدَّمِ أَوِ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَرُوِيَ يَتَصَدَّقُ بِخُمُسَيْ دِينَارٍ وَرُوِيَ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَرُوِيَ إِذَا كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَدِينَارٌ وإِنْ كَانَ دَمًا أَصْفَرَ فَنِصْفُ دِينَارٍ وَرُوِيَ إِنْ كَانَ الدَّمُ عَبِيطًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَ صُفْرَةً فَنِصْفُ دِينَارٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
قُلْتُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الكفارة على من وطىء امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ قَدِيمًا ثُمَّ قَالَ فِي الْجَدِيدِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
قُلْتُ وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مَحْظُورٌ كَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَزَعَمُوا أَنَّ هذا الحديث مرسل أو موقوف على بن عباس ولا يصح متصلا مرفوعا والذمم برئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها وكان بن عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا أَصَابَهَا فِي فَوْرِ الدَّمِ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ فَنِصْفُ دِينَارٍ
وَقَالَ قَتَادَةُ دِينَارٌ لِلْحَائِضِ وَنِصْفُ دِينَارٍ إذا أصابها قبل أن يغتسل
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الدِّينَارِ وَنِصْفِ الدِّينَارِ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ مَا عَلَى مَنْ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
انْتَهَى كَلَامُهُ بحروفه
07 -
(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا مِنَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ)
[267]
(مَا دُونَ الْجِمَاعِ) مِنْ مُلَابَسَتِهَا مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ
(عَنْ نُدْبَةَ مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ نُدْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ ويقال بفتحها وسكون
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ حَدِيث مَيْمُونَةَ هَذَا يَرْوِيه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ نُدْبَةَ مَوْلَاة مَيْمُونَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ
الدَّالِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَيُقَالُ بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهَا مَعَ التَّصْغِيرِ مَقْبُولَةٌ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ الْمُبَاشَرَةُ هِيَ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُعَاشَرَةُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ (إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ) وَهُوَ مَا يُسْتَرُ بِهِ الْفُرُوجُ (إِلَى أَنْصَافِ الْفَخِذَيْنِ) الْأَنْصَافُ جَمْعُ نِصْفٍ وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيِ الشَّيْءِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَمْعِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ إِضَافَةُ مُثَنَّى إِلَى الْمُثَنَّى يُعَبَّرُ عَنِ الْأَوَّلِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تعالى فقد صغت قلوبكما (أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ) هَكَذَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ بِلَفْظِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ
وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَالرُّكْبَتَيْنِ بِالْوَاوِ وَهُوَ بِمَعْنَى أَوْ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُضَاجِعُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ فَخِذَيْهَا أَوْ رُكْبَتَيْهَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ نُدْبَةُ مَجْهُولَةٌ لَا تُعْرَف أَبُو دَاوُدَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق اللَّيْثِ فَقَالَ نَدَبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ وَمَعْمَرٌ يَرْوِيه يَقُول نُدْبَةُ بِضَمِّ النُّون وَإِسْكَان الدَّال وَيُونُس يَقُول تُدَبَّةُ بِالتَّاءِ الْمَضْمُومَة وَالدَّال الْمَفْتُوحَة وَالْبَاء الْمُشَدَّدَة كُلّهمْ يَرْوِيه عَنْ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ فَسَقَطَ خَبَر مَيْمُونَةَ
تَمَّ كَلَامه
ولهذا الحديث طريق آخر رواه بن وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بَكِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عن كريب مولى بن عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْت مَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَضْطَجِع مَعِي وَأَنَا حَائِض وَبَيْنِي وَبَيْنه ثَوْب رواه مسلم في الصحيح عن بن السَّرْحِ وَهَارُونَ الْأَيْلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ثَلَاثَتهمْ عن بن وَهْبٍ بِهِ
وَأَعَلَّ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ هَذَا أَيْضًا بِعِلَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ مَخْرَمَةَ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ وَالثَّانِيَة أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ فِيهِ مَخْرَمَةُ ضَعِيف لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْءٍ
فَأَمَّا تَعْلِيله حَدِيث نُدْبَةَ بِكَوْنِهَا مَجْهُولَة فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة رَوَتْ عَنْ مَوْلَاتهَا مَيْمُونَةَ وَرَوَى عَنْهَا حَبِيبٌ وَلَمْ يَعْلَم أَحَد جَرْحهَا وَالرَّاوِي إِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَاله إِنَّمَا يُخْشَى مِنْ تَفَرُّده بِمَا لَا يُتَابَع عَلَيْهِ فَأَمَّا إِذَا رَوَى مَا رَوَاهُ النَّاس وَكَانَتْ لِرِوَايَتِهِ شَوَاهِد وَمُتَابَعَات فَإِنَّ أَئِمَّة الْحَدِيث يَقْبَلُونَ حَدِيث مِثْل هَذَا وَلَا يَرُدُّونَهُ وَلَا يُعَلِّلُونَهُ بِالْجَهَالَةِ فَإِذَا صَارُوا إِلَى مُعَارَضَة مَا رَوَاهُ بِمَا هُوَ أَثْبُت مِنْهُ وَأَشْهَر عَلَّلُوهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْجَهَالَة وَبِالتَّفَرُّدِ
وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَام الْأَئِمَّة رَأَى فِيهِ ذَلِكَ فَيَظُنّ أَنَّ ذَلِكَ تَنَاقُض مِنْهُمْ وَهُوَ بِمَحْضِ الْعِلْم وَالذَّوْق وَالْوَزْن الْمُسْتَقِيم فَيَجِب التَّنَبُّه لِهَذِهِ النُّكْتَة فَكَثِيرًا مَا تَمُرّ بِك فِي الْأَحَادِيث وَيَقَع الْغَلَط بِسَبَبِهَا
وَأَمَّا مَخْرَمَةُ بْنُ بكير فقد قال أحمد وبن مَعِينٍ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ كِتَاب أَبِيهِ وَلَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ هُوَ ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَُّ سَأَلْت إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ هَذَا الَّذِي يَقُول مَالِكٌ حَدَّثَنِي الثِّقَة مَنْ هُوَ قَالَ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ بْنِ الْأَشَجِّ
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي ظَهْرِ كِتَاب مَالِكٍ سَأَلْت مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْرٍ مَا يُحَدِّث بِهِ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ فَحَلَفَ لِي وَقَالَ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْت يَعْنِي الْمَسْجِد سَمِعْت مِنْ أَبِي وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَانَ مِنْ ثِقَات الْمُسْلِمِينَ
(تَحْتَجِزُ) تِلْكَ الْمَرْأَةُ (بِهِ) بِالْإِزَارِ
وَهَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْحَجْزُ الْمَنْعُ وَالْحَاجِزُ الْحَائِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَيْ تَشُدُّ الْإِزَارَ عَلَى وَسَطِهَا لِتَصُونَ الْعَوْرَةَ وَمَا لَا يَحِلُّ مُبَاشَرَتُهُ عَنْ قُرْبَانِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَنْفَصِلُ مِئْزَرُهَا عَنِ الْعَوْرَةِ
وَيَجِيءُ تَحْقِيقُ الْمَذَاهِبِ وَالْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ فِي آخِرِ الْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[268]
(أَنْ تَتَّزِرَ) أَيْ تَشُدَّ إِزَارًا يَسْتُرُ سُرَّتَهَا وَمَا تَحْتَهَا إِلَى الرُّكْبَةِ فَمَا تَحْتَهَا
وَقَوْلُهُ تَتَّزِرُ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ تَأْتَزِرَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَهِيَ أَفْصَحُ وَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا فِي آخِرِ الْبَابِ بِلَفْظِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَتَّزِرَ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الفوقانية وأنكره أكثر النحاة وأصله فنئتزر بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ الفوقانية على وزن افتعل
قال بن هشام وعوام المحدثين يحرفونه فيقرؤون بِأَلِفٍ وَتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَيِ اتَّزَرَ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ افْتَعَلَ فَفَاؤُهُ هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ
وَقَطَعَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِخَطَأِ الْإِدْغَامِ
وَقَدْ حاول بن مَالِكٍ جَوَازَهُ وَقَالَ إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ كاتكل ومنه قراءة بن محيصن فليؤد الذي اؤتمن بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً فَهُوَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنْ صَحَّ عَنْهَا كَانَ حُجَّةً فِي الْجَوَازِ لِأَنَّهَا مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا خَطَأَ
نَعَمْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَحَكَاهُ الصَّغَانِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ
كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْإِرْشَادِ (ثُمَّ يُضَاجِعُهَا زَوْجُهَا وَقَالَ مَرَّةً يُبَاشِرُهَا)
قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ انْفَرَدَ الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ ذِكْرُ الزَّوْجِ فَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَتْ بِزَوْجِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَتِ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ وَعَبَّرَتْ عَنْهُ بِالزَّوْجِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ وغَيْرِهِ وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرَ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حائض
والآخر أن يكون قولها أو لا يَأْمُرُ إِحْدَانَا لَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِحْدَى الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ مُسْلِمَةٍ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرَهَا زَوْجُهَا لَكِنْ جَعْلُ الرِّوَايَاتِ مُتَّفِقَةً أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخَرَجِ وَمَعَ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ثَبَتَ فِي حَقِّ سَائِرِ النِّسَاءِ
انْتَهَى
فَشُعْبَةُ شَاكٌّ فِيهِ مَرَّةً يَقُولُ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا زَوْجُهَا وَمَرَّةً يَقُولُ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
[269]
(فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ) الشِّعَارُ بِكَسْرِ الشِّينِ مَا يَلِي الْجَسَدَ مِنَ الثِّيَابِ شَاعَرْتُهَا نِمْتُ مَعَهَا فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ
كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَالِاضْطِجَاعِ مَعَهَا فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الشِّعَارُ مِنْ غَيْرِ إِزَارٍ يَكُونُ عَلَيْهَا (وَأَنَا حَائِضٌ طَامِثٌ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ طَمَثَتِ الْمَرْأَةُ تَطْمُثُ بِالضَّمِّ وَطَمِثَتْ بِالْكَسْرِ لُغَةٌ فَهِيَ طَامِثٌ
انْتَهَى
فَقَوْلُهُ طَامِثٌ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ حَائِضٌ (فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ) مِنْ دَمِ الْحَيْضِ (وَلَمْ يَعْدُهُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الدَّالِ أَيْ لَمْ يُجَاوِزْ مَوْضِعَ الدَّمِ إِلَى غَيْرِهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْضِعِ الدَّمِ (وَإِنْ أَصَابَ تَعْنِي ثَوْبَهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَظْهَرَ مَفْعُولَ أَصَابَ أَيْ إِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعَوْدِ (مِنْهُ) مِنَ الدَّمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنِّي كَمَا فِي الرِّوَايَةِ لِلنَّسَائِيِّ الْآتِيَةِ (شَيْءٌ) فَاعِلُ أَصَابَ
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ وَأَوْضَحُ وَلَفْظُهُ كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ وَأَنَا طَامِثٌ حَائِضٌ فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ يَعُودُ فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ وَصَلَّى فِيهِ فَمُفَادُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ يَعُودُ لَكِنَّهُ مُرَادٌ وَالْأَحَادِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ
[270]
(عَنْ عُمَارَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (بْنِ غُرَابٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ هُوَ مَجْهُولٌ (مَسْجِدَ بَيْتِهِ) أَيِ الْمَوْضِعَ الَّذِي اتَّخَذَهُ فِي الْبَيْتِ لِلصَّلَاةِ (حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي) أَيْ نِمْتُ (فَقَالَ ادْنِي) مِنْ دَنَا يَدْنُو أَيِ اقْرُبِي (وحنيت عليه) أي عطفت الهري وكببت عليه (حتى دفىء) دفىء يدفأ
مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ أَيْ سَخِنَ بِمُلَاقَاةِ الْبَشَرَةِ وَمُلَامَسَتِهَا وَإِيصَالِ الْحَرَارَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ عُمَارَةُ بْنُ غُرَابٍ وَالرَّاوِي عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيُّ وَالرَّاوِي عَنِ الْأَفْرِيقِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ وَكُلُّهُمْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ
انْتَهَى
[271]
(عَنِ الْمِثَالِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ثُمَّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمِثَالُ هُوَ الْفِرَاشُ (عَلَى الْحَصِيرِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْحَصِيرُ الْبَارِيَّةُ وَجَمْعُهَا حُصُرٌ مِثْلَ بَرِيدٍ وَبُرُدٍ (فَلَمْ نَقْرَبْ) قَالَ الطِّيبِيُّ وَالْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْقُرْبُ عَلَى الْغِشْيَانِ
انْتَهَى
قُلْتُ التَّأْوِيلُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِتَجْتَمِعَ الرِّوَايَاتُ
[272]
(كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا) مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ (أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا) لِيَكُونَ حَائِلًا وَحَاجِزًا مِنْ مَسِّ الْبَشَرَتَيْنِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ
[273]
(يَأْمُرُنَا فِي فَوْحِ حَيْضَتِنَا) فَوْحٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَوْحُ الْحَيْضِ مُعْظَمُهُ وَأَوَّلُهُ مِثْلُهُ فَوْعَةُ الدَّمِ يُقَالُ فَاحَ وَفَاعَ بِمَعْنًى وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ السَّيْرِ فِي
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ أَمَّا هَذَا الْخَبَر فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيق أَبِي الْيَمَانِ كَثِيرِ بْنِ الْيَمَانِ الرَّحَّالِ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْ أُمِّ ذرة وهي مجهولة فسقط
وما ذكره ضعيف فَإِنَّ أَبَا الْيَمَانِ هَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخه فَقَالَ سَمِعَ أُمَّ ذَرَّةَ رَوَى عَنْهُ أَبُو هَاشِمٍ عَمَّارُ بْنُ هَاشِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدراوردي
وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَات وَقَالَ يَرْوِي عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو
وَكَذَا أم ذرة فهي مَدَنِيَّة رَوَتْ عَنْ مَوْلَاتهَا عَائِشَةَ وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَرَوَى عَنْهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو الْيَمَانِ كَثِيرُ بْنُ الْيَمَانِ
فَالْحَدِيث غَيْر سَاقِط