المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في المرأة تستحاض) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌(بَابُ التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ)

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند الْحَاجَةِ الْقِبْلَةُ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌ باب الخاتم)

- ‌(بَاب الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَوْلِ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ قَائِمًا أَيْ مَا حُكْمُهُ)

- ‌(باب المواضع)

- ‌(بَاب فِي الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ الخلاء)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ)

- ‌(بَاب الاستنجاء)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى لِتُزِيلَ الرَّائِحَةَ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ)

- ‌(بَاب كيف يستاك على لسانه)

- ‌ بَاب في الرجل)

- ‌(بَابُ غَسْلِ السِّوَاكِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ مِنَ الْفِطْرَةِ)

- ‌(باب السواك)

- ‌(بَاب فَرْضِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُجَدِّدُ)

- ‌(بَاب مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ)

- ‌(بَاب الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا)

- ‌(بَاب سُؤْرِ الْهِرَّةِ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ)

- ‌ بَاب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)

- ‌(بَاب أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ)

- ‌(بَاب مَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ مَا يَكْفِي)

- ‌(بَابُ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌ بَاب فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي إِتْمَامِهِ بِحَيثُ لَا يُتْرَكُ شيء من فرائضه وسننه)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِآنِيَةِ الصُّفْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ ضَرُورِيٌّ)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْثَارِ)

- ‌ بَاب تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ)

- ‌(باب غسل الرجل)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌ بَاب التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ)

- ‌(بَابٌ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِضَاحِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بَاب تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ)

- ‌ بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ)

- ‌(بَاب تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الدَّمِ)

- ‌ بَاب فِي الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ)

- ‌(باب الرجل يطأ الأذى برجله)

- ‌(بَابُ فِيمَنْ يُحْدِثُ فِي الصَّلَاةِ مَاذَا يَفْعَلُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَذْيِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِكْسَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَعُودُ فِي الْجِمَاعِ ثَانِيًا بَعْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ)

- ‌(بَابُ الْجُنُبِ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ)

- ‌(بَاب مَنْ قال الجنب يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ)

- ‌ بَابُ الْجُنُبِ يُؤَخِّرُ الْغُسْلَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يُصَافِحُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجِدُ الْبِلَّةَ)

- ‌(بَابُ الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنَ الإحتلام والبلة)

- ‌(بَابِ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ بِهِ الْغُسْلُ)

- ‌(باب الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابُ الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ)

- ‌ بَابٌ فِيمَا يَفِيضُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ يَسِيلُ)

- ‌(بَابُ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ أَيِ الْأَكْلِ مَعَ الْحَائِضِ)

- ‌(بَابُ الْحَائِضِ تُنَاوِلُ أَيْ تَأْخُذُ شَيْئًا)

- ‌(بَاب فِي الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ بِالْجِمَاعِ فِي فَرْجِهَا مَا حُكْمُهُ)

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا مِنَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ وَمَيَّزَتِ الْمَرْأَةُ دَمَ الْحَيْضِ)

- ‌ باب ما رَوَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ تَجْمَعُ أَيِ الْمُسْتَحَاضَةُ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ بِالْإِهْمَالِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الظُّهْرِ فَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ أَيَّ وَقْتٍ

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا أَيْ يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ)

- ‌(بَاب الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لِعُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ هَلْ يَنُوبُ عَنِ الْغُسْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ)

- ‌(بَابُ الْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمَجْرُوحُ يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بَابُ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ مَا يُصَلِّي)

الفصل: ‌(باب في المرأة تستحاض)

أَوَّلِ اللَّيْلِ حَتَّى تَذْهَبَ فَوْعَتُهُ يُرِيدُ إِقْبَالَ ظُلْمَتِهِ كَمَا جَاءَ النَّهْيُ عَنِ السَّيْرِ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ انْتَهَى كَلَامُهُ

وَقَوْلُهَا حَيْضَتِنَا بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيِ الْحَيْضِ (يَمْلِكُ إِرْبَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهَمَا الْإِرْبُ مَكْسُورَةُ الْأَلِفِ وَالْآخَرُ الْأَرَبُ مَفْتُوحَةُ الْأَلِفِ وَالرَّاءِ وَكِلَاهُمَا مَعْنَاهُ وَطَرُ النَّفْسِ وَحَاجَتُهَا انْتَهَى

وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَمْلَكَ النَّاسِ لِأَمْرِهِ فَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ مَا يُخْشَى عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْ يَحُومَ حَوْلَ الْحِمَى وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يُبَاشِرُ فَوْقَ الْإِزَارِ تَشْرِيعًا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ رحمه الله أَوْرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ فَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ بِمَا عَدَاهُ وَبَعْضُهَا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِمَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَيْضًا لَكِنْ مَعَ وَضْعِ شَيْءٍ عَلَى الْفَرْجِ

قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا أَنْ يُبَاشِرَهَا بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ وَهَذَا حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ

الثَّانِي أَنْ يُبَاشِرَهَا بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ بِالذَّكَرِ وَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ حَلَالٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء

الثَّالِثُ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْأَشْهَرُ مِنْهَا التَّحْرِيمُ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَالثَّانِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ مَعَ الْكَرَاهَةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ عَنِ الْفَرْجِ وَيَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِاجْتِنَابِهِ إِمَّا لِضَعْفِ شَهْوَتِهِ أَوْ لِشِدَّةِ وَرَعِهِ جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَوَازِ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْبَغَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ

قُلْتُ مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ بِالْحَائِضِ بِجَمِيعِ عُضْوِهَا مَا خَلَا الْجِمَاعَ هُوَ قَوْلٌ مُوَافِقٌ لِلْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

08 -

(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ)

[274]

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِهَا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ

(وَمَنْ قَالَ تَدَعُ) أَيْ تَتْرُكُ (الصَّلَاةَ فِي عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ) فِي أَيَّامِ الصِّحَّةِ قَبْلَ حدوث العلة

ص: 313

(تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمَيُّزِ وَتُهْرَاقُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرٌ فِيهِ يَرْجِعُ إِلَى الْمَرْأَةِ أَيْ تُهْرَاقُ هِيَ الدِّمَاءَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ تُهْرَاقُ دِمَاؤُهَا وَالْبَدَلُ مِنَ الْإِضَافَةِ وَالْهَاءُ فِي هَرَاقَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ أَرَاقَ يُقَالُ أَرَاقَ الْمَاءَ يُرِيقُهُ وَهَرَاقَهُ يُهَرِيقُهُ بِفَتْحِ الْهَاءِ هراقة قاله بن الْأَثِيرِ الْجَزَرِيُّ (فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ) مِنَ التَّخْلِيفِ أَيْ تَرَكَتْ أَيَّامَ الْحَيْضِ الَّذِي كَانَتْ تَعْهَدُهُ وَرَاءَهَا (فَلْتَغْتَسِلْ) أَيْ غُسْلَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ (ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ) أَيْ تَشُدُّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ تَحْتَشِيَ قُطْنًا وَتُوثِقُ طَرَفَيِ الْخِرْقَةِ فِي شَيْءٍ تَشُدُّهُ عَلَى وَسَطِهَا فَيَمْنَعُ ذَلِكَ سَيْلَ الدَّمِ مَأْخُوذٌ مِنْ ثَفَرِ الدَّابَّةِ بِفَتْحِ الْفَاءِ الَّذِي يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِهَا (ثُمَّ لِتُصَلِّي) هَكَذَا فِي النُّسْخَتَيْنِ مِنَ الْمُنْذِرِيِّ

قَالَ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ هُوَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لِلْإِشْبَاعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ انْتَهَى

قُلْتُ وَهَكَذَا بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي نُسَخِ الْمُوَطَّإِ

وَأَمَّا فِي نُسَخِ السُّنَنِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدِي فَبِإِسْقَاطِ الْيَاءِ بِلَفْظِ ثُمَّ لِتُصَلِّ

وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ الْمُعْتَادَةَ تُرَدُّ لِعَادَتِهَا مَيَّزَتْ أَمْ لَا وَافَقَ تَمَيُّزُهَا عَادَتَهَا أَوْ خَالَفَهَا

قال الإمام الخطابي هذا حكم المرأة ويكون لَهَا مِنَ الشَّهْرِ أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ تَحِيضُهَا فِي أَيَّامِ الصِّحَّةِ قَبْلَ حُدُوثِ الْعِلَّةِ ثُمَّ تُسْتَحَاضُ فَتُهَرِيقُ الدِّمَاءَ وَيَسْتَمِرُّ بِهَا السَّيَلَانُ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ مِنَ الشَّهْرِ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا مَا أَصَابَهَا فَإِذَا اسْتَوْفَتْ عَدَدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ اغْتَسَلَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّوَاهِرِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَيْهَا وَجَوَازِ الطَّوَافِ إِذَا حَجَّتْ وَغِشْيَانِ الزَّوْجِ إِيَّاهَا إِلَّا أَنَّهَا إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّ طَهَارَتَهَا ضَرُورَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُصَلِّيَ صَلَاتَيْ فَرْضٍ كَالْمُتَيَمِّمِ انْتَهَى كَلَامُهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَسَنٌ

[275]

(مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ (قَالَ) أَيِ اللَّيْثُ فِي حَدِيثِهِ (فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ وَحَضَرَتِ

ص: 314

الصَّلَاةَ فَلْتَغْتَسِلْ بِمَعْنَاهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَيْسَ الْغُسْلُ عَلَيْهَا وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ بعد انقطاع الحيض حتى جاءت وقت الصلاة

قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَجْهُولٌ

[276]

(فَإِذَا خَلَّفَتْهُنَّ) أَيْ تَرَكَتْ أَيَّامَ الْحَيْضِ وَرَاءَهَا

[278]

(وَتَغْتَسِلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا سِوَى أَيَّامِ الْحَيْضِ وَهُوَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ (وَتَسْتَذْفِرُ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ من الذفر أي لتستعمل طيبا يزيل بِهِ هَذَا الشَّيْءَ الْكَرِيهَ عَنْهَا وَإِنْ رُوِيَ بِمُهْمَلَةٍ فَالْمَعْنَى لِتَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهَا الدَّفْرَ أَيِ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ كَذَا فِي التَّوَسُّطِ شَرْحِ سُنَنِ أبي داود

وفي بعض النسخ تستثفز (سَمَّى الْمَرْأَةَ) مَفْعُولُ سَمَّى (حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) فَاعِلُ سَمَّى (قَالَ) أَيْ حَمَّادٌ (فَاطِمَةُ) فَظَهَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُبْهَمَةَ هِيَ فَاطِمَةُ

[279]

(عَنِ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ (فَرَأَيْتُ مِرْكَنَهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ إِجَّانَةٌ تَغْتَسِلُ فِيهَا الثِّيَابَ يُقَالُ

ص: 315

بِالْفَارِسِيَّةِ لكن وتغاره (مَلْآنُ دَمًا) عَلَى وَزْنِ عَطْشَانَ (فَقَالَ لَهَا) أَيْ لِأُمِّ حَبِيبَةَ (امْكُثِي) أَمْرٌ مِنَ الْمُكْثِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ مَعَ الِانْتِظَارِ وَالتَّلَبُّثِ فِي الْمَكَانِ أَيِ انْتَظِرِي لِلطَّهَارَةِ وَتَلَبَّثِي غَيْرَ مُصَلِّيَةٍ (قَدْرَ مَا) أَيِ الْأَيَّامِ الَّتِي (تَحْبِسُكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا (حَيْضَتَكِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيِ اتْرُكِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَغَيْرَهَا قَدْرَ أَيَّامِ حَيْضَتِكِ الَّتِي كُنْتِ تَتْرُكِينَهَا فِيهَا قَبْلَ حُدُوثِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَانْتَظِرِي الطَّهَارَةَ (ثُمَّ اغْتَسِلِي) بَعْدَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ (وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ) أَيْ ذَكَرَهُ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي رَوَاهُ يَرْجِعُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ (بَيْنَ) ظَرْفٌ (أَضْعَافِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَقَّعَ فُلَانٌ فِي أَضْعَافِ كِتَابِهِ يُرِيدُونَ تَوْقِيعَهُ فِي أَثْنَاءِ السُّطُورِ أَوِ الْحَاشِيَةِ

وَفِي الْقَامُوسِ أَضْعَافُ الْكِتَابِ أَثْنَاءُ سُطُورِهِ (حَدِيثٍ) بِالتَّنْوِينِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ لِأَضْعَافٍ (جَعْفَرَ بْنَ رَبِيعَةَ) بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي رَوَاهُ (فِي آخَرِهَا) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ فِي آخَرِ الْمَرَّةِ

وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ قُتَيْبَةَ ذَكَرَ مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ التَّحْدِيثِ أَنَّ لَفْظَ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ فِي الْإِسْنَادِ ثَابِتٌ بَيْنَ السُّطُورِ أَوِ الْحَاشِيَةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِهِ وَلِذَا حَدَّثَ مَرَّةً بِإِثْبَاتِهِ وَمَرَّةً بِإِسْقَاطِهِ وَيَحْتَمِلُ فِيهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ جَعْفَرٌ منونا مضافا إليه لحديث وبن رَبِيعَةَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي رَوَاهُ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهَا بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ فِي آخِرِ السُّطُورِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قُتَيْبَةَ رَوَى الْحَدِيثَ بِلَفْظِ جَعْفَرٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ لِأَبِيهِ وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ سُطُورِ حَدِيثِ جَعْفَرٍ فِي آخر السطور موجود لفظ بن رَبِيعَةَ (فَقَالَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ) بِذِكْرِ لَفْظِ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ فِي الْإِسْنَادِ لَا بَيْنَ السُّطُورِ أَوْ فِي الْحَاشِيَةِ هَذَا عَلَى التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ

وَعَلَى التَّوْجِيهِ الثَّانِي مَعْنَاهُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَفْظَ جَعْفَرٍ مَعَ نِسْبَتِهِ إِلَى أَبِيهِ لَا كَمَا رَوَى قُتَيْبَةُ بِأَنْ ذَكَرَ لَفْظَ جَعْفَرٍ فِي الْإِسْنَادِ ولفظ بن رَبِيعَةَ بَيْنَ السُّطُورِ أَوْ فِي الْحَاشِيَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[280]

(إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَاذِلِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ في المعالم

ص: 316

يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ حَدَثَتْ بِهَا مِنْ تَصَدُّعِ الْعُرُوقِ فَانْفَجَرَ الدَّمُ وَلَيْسَ بِدَمِ الْحَيْضِ الَّذِي يَقْذِفُهُ الرَّحِمُ لِمِيقَاتٍ مَعْلُومٍ فَيَجْرِي مَجْرَى سَائِرِ الْأَثْقَالِ وَالْفُضُولِ الَّتِي تَسْتَغْنِي عَنْهَا الطَّبِيعَةُ فَتَقْذِفُهَا عَنِ الْبَدَنِ فَتَجِدُ النَّفْسُ رَاحَةً لِمُفَارَقَتِهِ انْتَهَى

وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ فِي الْمُصَفَّى بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ وَالْأَمْرُ الْمُحَقَّقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ وَدَمَ الْحَيْضِ هُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَكِنْ دَمُ الْحَيْضِ هُوَ مُطَابِقٌ لِعَادَةِ النِّسَاءِ الَّتِي جُبِلْنَ عَلَيْهَا وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَجْرِي عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِنَّ لِفَسَادِ أَوْعِيَةِ الدَّمِ وَالرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ هَذَا بِتَصَدُّعِ الْعُرُوقِ (قَرْؤُكِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَيُجْمَعُ عَلَى الْقُرُوءِ وَالْأَقْرَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يريد بالقرء ها هنا الْحَيْضَ وَحَقِيقَةُ الْقَرْءِ الْوَقْتُ الَّذِي يَعُودُ فِيهِ الْحَيْضُ أَوِ الطُّهْرُ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلطُّهْرِ كَمَا قِيلَ لِلْحَيْضِ قَرْءًا

انْتَهَى (فَإِذَا مَرَّ قَرْؤُكِ) أَيْ مَضَى (فَتَطَهَّرِي) أَيْ تَغْتَسِلِي (ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقَرْءِ إِلَى الْقَرْءِ) أَيْ صَلِّي مِنِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ الَّذِي فِي الشَّهْرِ الْحَاضِرِ إِلَى الْحَيْضِ الَّذِي فِي شَهْرٍ يَلِيهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ

سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ هُوَ مَجْهُولٌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ

[281]

(أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْهَا) أَيْ أَسْمَاءَ (فَاطِمَةُ) فَاعِلُ أَمَرَتْهَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى التَّرَدُّدِ هَلْ رَوَى عُرْوَةُ عن أسماء بنت عميس أو فاطمة بنب أَبِي حُبَيْشٍ

وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْمُؤَلِّفِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي عُمَيْسٍ اسْتُحِيضَتْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ بِلَفْظٍ آخَرَ (فَأَمَرَهَا) أَيْ فَاطِمَةَ (أَنْ تَقْعُدَ) وَتَكُفَّ نَفْسَهَا عَنْ فِعْلِ مَا تَفْعَلُهُ الطَّاهِرَةُ (كَانَتْ تَقْعُدُ) قَبْلَ ذَلِكَ الدَّاءِ (ثُمَّ تَغْتَسِلُ) بَعْدَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي عَدَّتْهَا لِلْحَيْضِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ

ص: 317

ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْعَادَةِ لَا لِلتَّمْيِيزِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَسَنٌ (وَهَذَا) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أقرائها (وهم من بن عُيَيْنَةَ) فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ حَافِظًا مُتْقِنًا قَدْ وَهِمَ فِي رِوَايَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ (لَيْسَ هَذَا) اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ (فِي حَدِيثِ الْحُفَّاظِ) كَعَمْرِو بْنِ الحارث والليث ويونس وبن أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَعْمَرٍ وَغَيْرِهِمْ وَسَتَعْرِفُ أَلْفَاظَهُمْ بِتَمَامِهَا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ (إِلَّا مَا ذَكَرَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَأَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ سُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ مَا رَوَاهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَهُوَ قَوْلُهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ (لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْوَهْمَ لَيْسَ مِنِ بن عيينة بل من رواية أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى فَهُوَ ذَكَرَ هذه الجملة في روايته عن بن عُيَيْنَةَ وَأَمَّا الْحُمَيْدِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْهَا فَالْقَوْلُ مَا قال الحميدي لأنه أثبت أصحاب بن عُيَيْنَةَ لَازَمَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً

وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ جُمْلَةَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ من حفاظ أصحاب الزهري غير بن عُيَيْنَةَ وَهُوَ وَهِمَ فِيهِ وَالْمَحْفُوظُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ إِنَّمَا قَوْلُهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ كَانَتْ تَقْعُدُ وَمَعْنَى الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدٌ لَكِنَّ الْمُحَدِّثِينَ مُعْظَمُ قَصْدِهِمْ إِلَى ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ الْمَرْوِيَّةِ بِعَيْنِهَا فَرَوَوْهَا كَمَا سَمِعُوا وَإِنِ اخْتَلَطَتْ رِوَايَةُ بَعْضِ الْحُفَّاظِ فِي بَعْضٍ مَيَّزُوهَا وَبَيَّنُوهَا

ص: 318

(وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ إِلَخْ) وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ علي بن أبي طالب وعائشة وبن عَبَّاسٍ رضي الله عنهم مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءً وَمَكْحُولًا وَالنَّخَعِيَّ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمَ مِنَ التَّابِعِينَ كُلُّهُمْ قَالُوا إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا فَهَؤُلَاءِ مِنَ الْقَائِلِينَ بِمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ قَالَ تَدَعُ الصَّلَاةَ فِي عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فَعِنْدَ هَؤُلَاءِ تَرْجِعُ الْمُسْتَحَاضَةُ إِلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ إِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[282]

(أُسْتَحَاضُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ يُقَالُ اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِهَا الْمُعْتَادَةِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ (فَلَا أَطْهُرُ) لِأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَائِضِ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ فَكَنَّتْ بِعَدَمِ الطُّهْرِ عَنِ اتِّصَالِهِ (أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ) أَيْ أَيَكُونُ لِي حُكْمُ الْحَائِضِ فَأَتْرُكَهَا (قَالَ إِنَّمَا ذَلِكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُؤَنَّثِ (بِالْحَيْضَةِ) قَالَ الْحَافِظُ الْحَيْضَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلِّهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتَارَ الْكَسْرَ لكن الفتح ها هنا أَظْهَرُ (فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَيَّامُ حَيْضَتِكِ فَيَكُونُ رَدَّ إِلَى الْعَادَةِ أَوِ الْحَالِ الَّتِي تَكُونُ لِلْحَيْضِ مِنْ قُوَّةِ الدَّمِ فِي اللَّوْنِ وَالْقَوَامِ فَيَكُونُ رَدَّ إِلَى التَّمْيِيزِ

وقال النووي يجوز ها هنا الْكَسْرُ أَيْ عَلَى إِرَادَةِ

ص: 319