المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الاستنثار) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌(بَابُ التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ)

- ‌(باب كراهية استقبال القبلة عند الْحَاجَةِ الْقِبْلَةُ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)

- ‌(باب كراهية الكلام عند الخلاء)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌ باب الخاتم)

- ‌(بَاب الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَوْلِ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ قَائِمًا أَيْ مَا حُكْمُهُ)

- ‌(باب المواضع)

- ‌(بَاب فِي الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ الخلاء)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ)

- ‌(بَاب الاستنجاء)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى لِتُزِيلَ الرَّائِحَةَ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ)

- ‌(بَاب كيف يستاك على لسانه)

- ‌ بَاب في الرجل)

- ‌(بَابُ غَسْلِ السِّوَاكِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ مِنَ الْفِطْرَةِ)

- ‌(باب السواك)

- ‌(بَاب فَرْضِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُجَدِّدُ)

- ‌(بَاب مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ)

- ‌(بَاب الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ)

- ‌(بَاب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا)

- ‌(بَاب سُؤْرِ الْهِرَّةِ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ)

- ‌ بَاب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)

- ‌(بَاب أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ)

- ‌(بَاب مَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ مَا يَكْفِي)

- ‌(بَابُ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌ بَاب فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي إِتْمَامِهِ بِحَيثُ لَا يُتْرَكُ شيء من فرائضه وسننه)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ بِآنِيَةِ الصُّفْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ ضَرُورِيٌّ)

- ‌(باب في الرجل)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِنْثَارِ)

- ‌ بَاب تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ)

- ‌(باب غسل الرجل)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌ بَاب التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ)

- ‌(بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ)

- ‌(بَابٌ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِضَاحِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بَاب تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ)

- ‌ بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ)

- ‌(بَاب تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ)

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الدَّمِ)

- ‌ بَاب فِي الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ)

- ‌(باب الرجل يطأ الأذى برجله)

- ‌(بَابُ فِيمَنْ يُحْدِثُ فِي الصَّلَاةِ مَاذَا يَفْعَلُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَذْيِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِكْسَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَعُودُ فِي الْجِمَاعِ ثَانِيًا بَعْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ)

- ‌(بَابُ الْجُنُبِ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ)

- ‌(بَاب مَنْ قال الجنب يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ)

- ‌ بَابُ الْجُنُبِ يُؤَخِّرُ الْغُسْلَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يُصَافِحُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ)

- ‌(بَاب فِي الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجِدُ الْبِلَّةَ)

- ‌(بَابُ الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنَ الإحتلام والبلة)

- ‌(بَابِ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ بِهِ الْغُسْلُ)

- ‌(باب الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابُ الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ)

- ‌ بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ)

- ‌ بَابٌ فِيمَا يَفِيضُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ يَسِيلُ)

- ‌(بَابُ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ أَيِ الْأَكْلِ مَعَ الْحَائِضِ)

- ‌(بَابُ الْحَائِضِ تُنَاوِلُ أَيْ تَأْخُذُ شَيْئًا)

- ‌(بَاب فِي الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ بِالْجِمَاعِ فِي فَرْجِهَا مَا حُكْمُهُ)

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا مِنَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ وَمَيَّزَتِ الْمَرْأَةُ دَمَ الْحَيْضِ)

- ‌ باب ما رَوَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ تَجْمَعُ أَيِ الْمُسْتَحَاضَةُ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ بِالْإِهْمَالِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الظُّهْرِ فَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ أَيَّ وَقْتٍ

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ)

- ‌(بَاب الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا أَيْ يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ)

- ‌(بَاب الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَاب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ)

- ‌(بَاب الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لِعُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ هَلْ يَنُوبُ عَنِ الْغُسْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ)

- ‌(بَابُ الْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمَجْرُوحُ يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بَابُ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ مَا يُصَلِّي)

الفصل: ‌(باب في الاستنثار)

وَتَمَضْمَضَ وَأَدْخَلَ بَعْضَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ وَاسْتَنْشَقَ ثلاثا

بل في بن مَاجَهْ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا بِلَفْظِ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْضُ الْمَبَاحِثِ فِي الْوَصْلِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

وَمُحَصَّلُ الْكَلَامِ أَنَّ الْوَصْلَ وَالْفَصْلَ كِلَاهُمَا ثَابِتٌ لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْوَصْلِ قَوِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ

وَاللَّهُ أَعْلَمُ

5 -

(بَاب فِي الِاسْتِنْثَارِ)

[140]

هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ النَّثْرِ بِالنُّونِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ طرح الماء الذي يستنشقه المتوضىء أَيْ يَجْذِبُهُ بِرِيحِ أَنْفِهِ لِتَنْظِيفِ مَا فِي دَاخِلِهِ فَيَخْرُجُ بِرِيحِ أَنْفِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِعَانَةِ يَدِهِ أَمْ لَا

(ثُمَّ لِيَنْثُرْ) بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَ النُّونِ السَّاكِنَةِ مِنْ بَابِ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ عَلَى وَزْنِ لِيَفْتَعِلْ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ يُقَالُ نَثَرَ الرَّجُلُ وَانْتَثَرَ إِذَا حَرَّكَ النَّثْرَةَ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ فِي الطَّهَارَةِ

قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وبن الْمُنْذِرِ أَنْ يَقُولَ بِهِ فِي الِاسْتِنْثَارِ

وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الِاسْتِنْشَاقِ لَا تَحْصُلُ إلا بالاستنثار

وصرح بن بَطَّالٍ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ بِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ فَأَحَالَهُ عَلَى الْآيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الِاسْتِنْشَاقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَمْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ آيَةِ الْوُضُوءِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ بَلْ وَلَا الْمَضْمَضَةَ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبْ الْمَضْمَضَةَ أَيْضًا وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِهَا أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ لَقِيطٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدًا وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَلَفْظُهُ إِذَا استنثرت فليستنثر وِتْرًا أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَأَصْلُهُ لِمُسْلِمٍ

انْتَهَى مُخْتَصَرًا

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

ص: 161

[141]

(اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ) أَيْ أَعْلَى نِهَايَةِ الِاسْتِنْثَارِ (أَوْ ثَلَاثًا) لَمْ يَذْكُرِ الْمُبَالَغَةَ فِي الثَّلَاثِ وَكَأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الثِّنْتَيْنِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَالِغَتَيْنِ أَنَّهُمَا فِي أَعْلَى نِهَايَةِ الِاسْتِنْثَارِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَغْتُ الْمَنْزِلَ

وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِنْثَارِ بِمَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِحَدِيثِ الْوُضُوءِ مَرَّةً وَيُمْكِنُ الْقَوْلُ بِإِيجَابِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ إِمَّا لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مَرَّةً عَامٌّ وَإِمَّا لِأَنَّهُ قَوْلٌ خَاصٌّ بِنَا فَلَا يُعَارِضُهُ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَالْمَقَامُ لَا يَخْلُو عَنْ مُنَاقَشَةٍ فِي كِلَا الطَّرَفَيْنِ

انْتَهَى

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَاسْتَنْثَرَ فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ حسن

قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ

[142]

(فِي آخَرِينَ) أَيْ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ وَكَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ مِنْهُمْ (وَافِدَ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَفَدَ فُلَانٌ عَلَى الْأَمِيرِ أَيْ وَرَدَ رَسُولًا فَهُوَ وَافِدٌ وَالْجَمْعُ وَفْدٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَجَمْعُ الْوَافِدِ أَوْفَادٌ وَوُفُودٌ وَالِاسْمُ الْوِفَادَةُ وَأَوْفَدْتُهُ أَنَا إِلَى الْأَمِيرِ أَيْ أَرْسَلْتُهُ

انْتَهَى

وَفِي مَجْمَعِ بِحَارِ الْأَنْوَارِ الْوَفْدُ قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَرِدُونَ الْبِلَادَ الْوَاحِدُ وَافِدٌ وَكَذَا مَنْ يَقْصِدُ الْأُمَرَاءَ بِالزِّيَارَةِ (الْمُنْتَفِقِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ جَدِّ صَبْرَةَ (أَوْ فِي وَفْدِ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ كَوْنِهِ زَعِيمَ الْوَفْدِ وَرَئِيسَهُمْ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ لِأَنَّ بَنِي الْمُنْتَفِقِ وَغَيْرَهُمْ لَمْ يُهَاجِرُوا بَلْ أَرْسَلُوا وُفُودَهُمْ وَهُوَ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ فِيهِ (قَالَ) أَيْ لَقِيطٌ (فَلَمْ نُصَادِفْهُ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ صَادَفْتُ فُلَانًا وَجَدْتُهُ أَيْ لَمْ نَجِدْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَالَ) أَيْ لَقِيطٌ (فَأَمَرَتْ لَنَا) أَيْ عَائِشَةُ (بِخَزِيرَةٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثم الزاء بَعْدَهَا التَّحْتَانِيَّةُ ثُمَّ الرَّاءُ عَلَى وَزْنِ كَبِيرَةٍ هُوَ لَحْمٌ يُقَطَّعُ صِغَارًا وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَإِذَا نَضِجَ

ص: 162

ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَحْمٌ فَهِيَ عَصِيدَةٌ وَقِيلَ هِيَ حِسَاءٌ مِنْ دَقِيقٍ وَدَسَمٍ وَقِيلَ إِذَا كَانَ مِنْ دَقِيقٍ فَهُوَ حَرِيرَةٌ وَإِذَا كَانَ مِنْ نُخَالَةٍ فَهُوَ خَزِيرَةٌ

كَذَا فِي النِّهَايَةِ

وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (فَصُنِعَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْخَزِيرَةُ (وَأُتِينَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِقِنَاعٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ وَهُوَ الطَّبَقُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ الْقِنْعُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَقِيلَ الْقِنَاعُ جَمْعُهُ (وَلَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ الْقِنَاعَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يُقِمْ قُتَيْبَةُ الْقِنَاعَ مِنْ أَقَامَ يُقِيمُ أَيْ لَمْ يَتَلَفَّظْ قُتَيْبَةُ بِلَفْظِ الْقِنَاعِ تَلَفُّظًا صَحِيحًا بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ هَذَا اللَّفْظُ (وَالْقِنَاعُ الطَّبَقُ) هَذَا كَلَامٌ مُدْرَجٌ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ فَسَّرَ الْقِنَاعَ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَ (أَصَبْتُمْ شَيْئًا) مِنَ الطَّعَامِ (أَوْ أُمِرَ لَكُمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا شَكٌّ مِنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ (فَبَيْنَا نَحْنُ) كَلِمَةُ بَيْنَ بِمَعْنَى الْوَسْطِ بِسُكُونِ السِّينِ وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ اللَّازِمَةِ لِلْإِضَافَةِ وَلَا يُضَافُ إِلَّا إِلَى الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَوْ مَا قام مقامه قوله تعالى عوان بين ذلك وَقَدْ يَقَعُ ظَرْفَ زَمَانٍ وَقَدْ يَقَعُ ظَرْفَ مَكَانٍ بِحَسَبِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَقَدْ يُحْذَفُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ وَيُعَوَّضُ عَنْهُ مَا أَوِ الْأَلِفُ فَيُقَالُ بَيْنَمَا نَحْنُ كَذَا وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَا وَقَدْ لَا يُعَوَّضُ فَيُقَالُ هَذَا الشَّيْءُ بَيْنَ بَيْنَ أَيْ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ

(جُلُوسٌ) جَمْعُ جَالِسٍ وَالْمَعْنَى بَيْنَ أَوْقَاتٍ نَحْنُ جَالِسُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا إِذَا دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ

الْحَدِيثَ (إِذَا دَفَعَ) أَيْ سَاقَ (الرَّاعِي غَنَمَهُ) وَكَانَتِ الْغَنَمُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِلَى الْمُرَاحِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُرَاحُ بِالضَّمِّ حَيْثُ تَأْوِي إِلَيْهِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ بِاللَّيْلِ (وَمَعَهُ) أَيْ مَعَ الرَّاعِي أَوْ مَعَ الْغَنَمِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْغَنَمُ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَعَلَى الْإِنَاثِ وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِذَا صَغَّرْتَهَا أَلْحَقْتَهَا الْهَاءَ فَقُلْتَ غُنَيْمَةٌ (سَخْلَةٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلَدُ الشَّاةِ مِنَ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى

كَذَا فِي الْمُحْكَمِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْمَعْزِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ (تَيْعَرُ) فِي الْقَامُوسِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَتَضْرِبُ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ كَتَمْنَعُ وَمَصْدَرُهُ يُعَارٌ بِضَمِّ الْيَاءِ كَغُرَابٍ وَهُوَ صَوْتُ الْغَنَمِ أَوِ الْمَعْزِ أَوِ الشَّدِيدِ مِنْ أَصْوَاتِ الشَّاءِ وَمَاضِيهِ يَعَرَتْ أَيْ صَاحَتْ

وَفِي النِّهَايَةِ يُعَارٌ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ لِصَوْتِ الْمَعْزِ فَمَعْنَى تَيْعِرُ أَيْ تُصَوِّتُ (فَقَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مَا وَلَّدْتَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفَتْحِ التَّاءِ يُقَالُ وَلَّدْتَ الشَّاةَ تَوْلِيدًا إِذَا حَضَرْتَ وِلَادَتَهَا فَعَالَجْتَهَا حَتَّى تَبَيَّنَ الْوَلَدُ مِنْهَا وَالْمُوَلِّدَةُ الْقَابِلَةُ وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ مَا وَلَدَتْ يَعْنُونَ الشَّاةَ وَالْمَحْفُوظُ التَّشْدِيدُ بِخِطَابِ الرَّاعِي

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ هو بتشديد

ص: 163

وَفَتْحِ تَاءٍ خِطَابًا لِلرَّاعِي وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يُخَفِّفُونَ اللَّامَ وَيُسَكِّنُونَ التَّاءَ وَالشَّاةُ فَاعِلُهُ وَهُوَ غَلَطٌ

انْتَهَى

لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ بِخِفَّةِ لَامٍ وَسُكُونِ تَاءٍ لَا بِالتَّشْدِيدِ إِذِ الْمُوَلَّدَةُ بِالْفَتْحِ أمها لاهي

انتهى (يافلان قَالَ) الرَّاعِي الْمَدْعُوُّ بِلَفْظِ فُلَانٍ (بَهْمَةً بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَهِيَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فعل أي ولدت الشاة بهيمة) قال بن الْأَثِيرِ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَهْمَةَ اسْمٌ لِلْأُنْثَى لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ لِيَعْلَمَ أَذَكَرًا وَلَّدَ أَمْ أُنْثَى وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ إِنَّمَا تَوَلَّدَ أَحَدُهُمَا

انْتَهَى

قَالَ السُّيُوطِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ لِيَعْلَمَ هَلِ الْمَوْلُودُ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ لِيَذْبَحَ بِقَدْرِهِ مِنَ الشِّيَاهِ الْكِبَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ

(قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مَكَانَهَا) أَيِ السَّخْلَةُ (ثُمَّ قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَا تَحْسِبَنَّ) بِكَسْرِ السِّينِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّوَسُّطِ قَالَ لَقِيطٌ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَا تَحْسَبَنَّ) بِفَتْحِ السِّينِ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ مُرَادُ الرَّاوِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نطق ها هنا مَكْسُورَةَ السِّينِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِهَا بِفَتْحِهَا فَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنِّي رَوَيْتُهَا بِالْمَعْنَى عَلَى اللُّغَةِ الْأُخْرَى أَوْ شَكَكْتُ فِيهَا أَوْ غَلِطْتُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ بَلْ أَنَا مُتَيَقِّنٌ بِنُطْقِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَسْرِ وَعَدَمِ نُطْقِهِ بِالْفَتْحِ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَطَقَ بِالْمَفْتُوحَةِ فِي وَقْتٍ آخَرَ بَلْ قَدْ نَطَقَ بِذَلِكَ فَقَدْ قُرِئَ بِوَجْهَيْنِ

انْتَهَى

كَلَامُ النَّوَوِيِّ

قَالَ السُّيُوطِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْطِقُ بِالْفَتْحِ فَاسْتَغْرَبَ الْكَسْرَ وَضَبَطَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْطِقُ بِالْكَسْرِ وَرَأَى النَّاسَ يَنْطِقُونَ بِالْفَتْحِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الَّذِي نَطَقَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكَسْرُ (ذَبَحْنَاهَا) أَيِ الشَّاةَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّا لَمْ نَتَكَلَّفْ لَكُمْ بِالذَّبْحِ لِئَلَّا يَمْتَنِعُوا مِنَّا وَلِيَبْرَأَ مِنَ التَّعَجُّبِ وَالِاعْتِدَادِ عَلَى الضَّيْفِ (أَنْ تَزِيدَ) عَلَى الْمِائَةِ فَتَكْثُرَ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَافٍ لِإِنْجَاحِ حَاجَتِي (ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً) وَقَدِ اسْتَمَرُّوا بِي عَلَى هَذَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَمَرْنَاهَا بِالذَّبْحِ فَلَا تَظُنُّوا بِي أَنِّي أَتَكَلَّفُ لَكُمْ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالذَّبْحِ اعْتَذَرُوا إليهوقالوا لَا تَتَكَلَّفُوا لَنَا فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ لَا تَحْسِبَنَّ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْوَاقِعَةِ (قَالَ) لَقِيطٌ (يَعْنِي الْبَذَاءَ) هُوَ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ يُقَالُ بَذَوْتُ عَلَى الْقَوْمِ وَأَبْذَيْتُ عَلَى الْقَوْمِ وَفُلَانٌ بَذِيُّ اللِّسَانِ وَالْمَرْأَةُ بَذِيَّةٌ وَقَدْ بَذُوَ الرَّجُلُ يَبْذُو بَذَاءً

كَذَا فِي الصِّحَاحِ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فطلقها إذا

ص: 164

أَيْ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذَاتَ لِسَانٍ وَفُحْشٍ فَطَلِّقْهَا (صُحْبَةً) مَعِي (وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ) قَالَ السُّيُوطِيُّ يُطْلَقُ الْوَلَدُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَعَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (فَمُرْهَا) أَيِ الْمَرْأَةَ أَنْ تُطِيعَكَ وَلَا تَعْصِيكَ فِي مَعْرُوفٍ (يَقُولُ) الرَّاوِي أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ (عِظْهَا) أَمْرٌ مِنَ الْمَوْعِظَةِ وَهِيَ بِالطَّرِيقِ الْحَسَنَةِ أَسْرَعُ للتأثير فأمر لها بالموعظة لتلين قَلْبِهَا فَتَسْمَعَ كَلَامَ زَوْجِهَا سَمَاعَ قَبُولٍ (فَإِنْ يَكُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قَوْلُهُمْ لَمْ يَكُ أَصْلُهُ يَكُونُ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهَا لَمْ جَزَمَتْهَا فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ فَيَبْقَى لَمْ يَكُنْ فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا حَذَفُوا النُّونَ تَخْفِيفًا فَإِذَا تَحَرَّكَتْ أَثْبَتُوهَا فَقَالُوا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ

وَأَجَازَ يُونُسُ حَذْفَهَا مَعَ الْحَرَكَةِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمَرْأَةِ (فَسَتَفْعَلُ) مَا تَأْمُرُهَا بِهِ

قَالَ السُّيُوطِيُّ وَفِي رواية الشافعي وبن حِبَّانَ فَتَسْتَقْبِلُ بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ

انْتَهَى

(ظَعِينَتَكَ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَصْلُهَا رَاحِلَةٌ تُرَحَّلُ وَيَظْعَنُ عَلَيْهَا أَيْ يُسَارُ وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ ظَعِينَةٌ لِأَنَّهَا تَظْعَنُ مَعَ الزَّوْجِ حَيْثُ مَا ظَعَنَ أَوْ تُحْمَلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ إِذَا ظَعَنَتْ وَقِيلَ هِيَ الْمَرْأَةُ فِي الْهَوْدَجِ ثُمَّ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَلِلْهَوْدَجِ وَحْدَهُ

كَذَا فِي الْمَجْمَعِ

قَالَ السُّيُوطِيُّ هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْهَوْدَجِ كُنِيَ بِهَا عَنِ الْكَرِيمَةِ وَقِيلَ هِيَ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا تَظْعَنُ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مِنَ الظَّعْنِ وَهُوَ الذَّهَابُ (كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ تَصْغِيرُ الْأَمَةِ ضِدُّ الْحُرَّةِ أَيْ جُوَيْرِيَّتُكَ وَالْمَعْنَى لَا تَضْرِبِ الْمَرْأَةَ مِثْلَ ضَرْبِكَ الْأَمَةَ وَفِيهِ إِيمَاءٌ لَطِيفٌ إِلَى الْأَمْرِ بِالضَّرْبِ بَعْدَ عَدَمِ قَبُولِ الْوَعْظِ لَكِنْ يَكُونُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ

قَالَهُ السُّيُوطِيُّ

(أَسْبِغِ الْوُضُوءَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ أَبْلِغْ مَوَاضِعَهُ وَأَوْفِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَتَمِّمْهُ وَلَا تَتْرُكْ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ (وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ) التَّخْلِيلُ تَفْرِيقُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَأَصْلُهُ مِنْ إِدْخَالِ شَيْءٍ فِي خِلَالِ شَيْءٍ وَهُوَ وَسَطُهُ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالتَّخْلِيلُ اتِّخَاذُ الْخِلِّ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَالْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ تَخَلَّلْتُ

انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) فَلَا تُبَالِغْ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْزِلَ إِلَى حَلْقِهِ مَا يُفْطِرُهُ

قَالَ الطِّيبِيُّ وَإِنَّمَا أَجَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَعْضِ سُنَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ السَّائِلَ كَانَ عَارِفًا بِأَصْلِ الْوُضُوءِ

وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عِلْمًا مِنْهُ أَنَّ السَّائِلَ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ظَاهِرِ الْوُضُوءِ بَلْ عَمَّا خَفِيَ مِنْ بَاطِنِ الْأَنْفِ والأصابع

ص: 165

فَإِنَّ الْخِطَابَ بِأَسْبِغْ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ نَحْوَ مَنْ عَلِمَ صِفَتَهُ

انْتَهَى

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الطَّهَارَةِ وَفِي الصَّوْمِ مُخْتَصَرًا

وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الطَّهَارَةِ وَالْوَلِيمَةِ مُخْتَصَرًا وأخرجه بن مَاجَهْ فِي الطَّهَارَةِ مُخْتَصَرًا

انْتَهَى

[143]

(حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَفَتْحِ المهملة (فذكر) بن جُرَيْجٍ (مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سليم فحديث بن جُرَيْجٍ وَيَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَّحِدَيْنِ فِي اللَّفْظِ (قَالَ) أَيْ زَادَ بن جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ (فَلَمْ نَنْشَبْ) كَنَسْمَعْ يُقَالُ لَمْ يَنْشَبْ أَيْ لَمْ يَلْبَثْ وَحَقِيقَتُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ غَيْرَهُ وَلَا اشْتَغَلَ بِسِوَاهُ (يَتَقَلَّعُ) مُضَارِعٌ مِنَ التَّقَلُّعِ وَالْمُرَادُ بِهِ قُوَّةُ مَشْيهِ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا قَوِيًّا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَتَقَارُبَ خطا تَنَعُّمًا فَإِنَّهُ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ (يَتَكَفَّأُ) بِالْهَمْزَةِ فَهُوَ مَهْمُوزُ اللَّامِ وَقَدْ تُتْرَكُ الْهَمْزَةُ وَيَلْتَحِقُ بِالْمُعْتَلِّ لِلتَّخْفِيفِ

وَهَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ حَالِيَّتَانِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ تَكَفَّأَ أَيْ مَالَ يَمِينًا وَشِمَالًا كَالسَّفِينَةِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ يَرْفَعُ الْقَدَمَ مِنَ الْأَرْضِ ثم يضعها ولايمسح قَدَمَهُ عَلَى الْأَرْضِ كَمَشْيِ الْمُتَبَخْتِرِ كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ أَيْ يَرْفَعُ رِجْلَهُ عَنْ قُوَّةٍ وَجَلَادَةٍ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ تَكَفَّأَ بِمَعْنَى صَبَّ الشَّيْءَ دفعه (وقال) بن جُرَيْجٍ فِي رِوَايَتِهِ (عَصِيدَةً) وَهُوَ دَقِيقٌ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَيُطْبَخُ يُقَالُ عَصَدْتُ الْعَصِيدَةَ وَأَعْصَدْتُهَا اتَّخَذْتُهَا

[144]

(قَالَ فِيهِ) أَيْ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ فِي حديثه عن بن جُرَيْجٍ (فَمَضْمِضْ) أَمْرٌ مِنَ الْمَضْمَضَةِ

وَالْحَدِيثُ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَضْمَضَةِ وَهَذَا مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وبن أَبِي لَيْلَى وَحَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ مِنْ وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَعْلَامِ

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبٌ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَالْمَضْمَضَةَ سُنَّةٌ فيهما ولله

ص: 166