الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى فَاقِدِهِمَا وَعَلَى مَقْطُوعِهِمَا وَعَلَى الْأَصَمِّ الَّذِي لا يسمع والمراد ها هنا الأول
وقال بن الْأَثِيرِ الْمُرَادُ الثَّالِثُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمُرَادُ صَغِيرُ الْأُذُنَيْنِ (وَسَاقَ) الرَّاوِي (الْحَدِيثَ) بِتَمَامِهِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الزُّهْدِ مِنْ صَحِيحِهِ وَبَقِيَّتُهُ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ تُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عيبا فيه لأنه أسك فيكف وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ وَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَفِيهِ الْأَسَكُّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أُذُنَانِ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ جَوَازُ مَسِّ مَيْتَةِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَأَنَّ غَسْلَ الْيَدِ بَعْدَ مَسِّهَا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
5 -
(بَاب فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ)
[187]
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ مِمَّا مَسَّتُهُ النَّارُ وَهُوَ أَصْرَحُ أَيْ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ شَيْءٍ طَبَخَتْهُ النَّارُ لِأَنَّ مَا طَبَخَتْهُ النَّارُ وَمَسَّتْهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ
(كَتِفَ شَاةٍ) الْكَتِفُ كَفَرِحٍ وَمِثْلٍ وَجَبْلٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ شانه أَيْ أَكْلُ اللَّحْمِ الْكَتِفِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[188]
(ضِفْتُ) بِكَسْرِ الضَّادِ أَيْ نَزَلْتُ عَلَيْهِ ضَيْفًا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ ضِفْتُ الرَّجُلَ ضِيَافَةً إِذَا نَزَلْتُ عَلَيْهِ ضَيْفًا (بِجَنْبٍ) بِفَتْحِ الجيم وسكون النون قال بن سِيدَهْ جَنْبُ الشَّاةِ شِقُّهَا وَجَنْبُ الْإِنْسَانِ شِقُّهُ وَفِي النِّهَايَةِ الْجَنْبُ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ يَكُونُ مُعْظَمَهُ أَوْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْهُ (فَشُوِيَ) بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الْمُخَفَّفَةِ يُقَالُ شَوَيْتُ اللَّحْمَ أَشْوِيهِ شَيًّا فَانْشَوَى مِثْلَ كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ فَهُوَ مَشْوِيٌّ (الشَّفْرَةَ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ
قَالَ الجوهري هي السكين العظيمة وقال بن الْأَثِيرِ هِيَ السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ (يَحُزُّ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ والزاء الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ فِي الصِّحَاحِ حَزَّهُ وَاحْتَزَّهُ أَيْ قَطَعَهُ وَالتَّحَزُّزُ التَّقَطُّعُ وَالْحُزَّةُ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّحْمِ طُولًا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ اللَّحْمِ
بِالسِّكِّينِ وَفِي النَّهْيِ عَنْهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَإِنْ ثَبَتَ خُصَّ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ وَأَهْلِ التَّرَفِ (فَآذَنَهُ) أَيْ أَعْلَمَهُ وأخبره
في النهاية الآذان الإعلام بالشيء آذان إِيذَانًا وَأَذَّنَ تَأْذِينًا وَالْمُشَدَّدُ مَخْصُوصٌ بِإِعْلَامِ وَقْتِ الصَّلَاةِ (وَقَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (ماله) لِبِلَالٍ قَدْ عَجَّلَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ إِلَى أَنْ أَفْرُغَ مِنْ أَكْلِ طَعَامِي (تَرِبَتْ يَدَاهُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ تَرِبَ الشَّيْءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَصَابَهُ التُّرَابُ وَمِنْهُ تَرِبَ الرَّجُلُ افْتَقَرَ كَأَنَّهُ لَصِقَ بِالتُّرَابِ يُقَالُ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَهُوَ عَلَى الدُّعَاءِ أَيْ لَا أَصَبْتَ خَيْرًا انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ تَرِبَتْ يَدَاهُ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ اللَّوْمِ وَمَعْنَاهَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِالْفَقْرِ وَالْعَدَمِ وَقَدْ يطلقونها في كلاهم (كَلَامِهِمْ) وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ وُقُوعَ الْأَمْرِ كَمَا قَالُوا عَقْرَى حَلْقَى فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ لَمَّا كثر في كلامهم وأدام اسْتِعْمَالُهُ فِي مَجَارِي اسْتِعْمَالِهِمْ صَارَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى اللَّغْوِ وَذَلِكَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ الَّذِي لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ (وَقَامَ يُصَلِّي) اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِتَقْدِيمِ الْعَشَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ قُلْتُ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ صَحِيحٌ وَحَسَنٌ جِدًّا
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ هَذَا الصَّنِيعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ إِذَا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بِالْعَشَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلصَّائِمِ الَّذِي أَصَابَهُ الْجُوعُ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الطَّعَامِ وَهَذَا فِيمَنْ حَضَرَهُ الطَّعَامُ وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُزْعِجُهُ الْجُوعُ وَلَا يُعَجِّلُهُ عَنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيفَاءِ حَقِّهَا انْتَهَى مُلَخَّصًا قُلْتُ وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ بَعِيدٌ (وَفَى) عَلَى وَزْنِ رَمَى كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ أَيْ كَثُرَ وَطَالَ يُقَالُ وَفَى الشَّيْءُ وَفْيًا أَيْ تَمَّ وَكَثُرَ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ وَفَاءً وَكَذَا فِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ أَيْ طَوِيلًا تَامًّا كَثِيرًا (فَقَصَّهُ لِي عَلَى سِوَاكٍ) أَيْ قَصَّ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّعْرِ فَوْقَ السِّوَاكِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَضَعَ السِّوَاكَ تَحْتَ الشَّارِبِ وَقَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ قَالَ) هَذَا تَرَدُّدٌ مِنَ الرَّاوِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ
[189]
(بِمِسْحٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْبَلَاسُ وَهُوَ كِسَاءٌ مَعْرُوفٌ (فَصَلَّى) مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ جَدِيدٍ وَالْحَدِيثُ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ الْأُولَى عَدَمُ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ الثَّانِيَةُ جَوَازُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَكْلِ بِغَيْرِ الْمَضْمَضَةِ الثَّالِثَةُ جَوَازُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطَّعَامِ وَأَنَّ غَسْلَهَا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
[190]
(انْتَهَشَ) النَّهْشُ بِالْمُعْجَمَةِ أَخْذُ اللَّحْمِ بِالْأَضْرَاسِ وَبِالْإِهْمَالِ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ كَتِفِ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
[191]
(قَرَّبْتُ) بِشِدَّةِ الرَّاءِ (وَلَمْ يَتَوَضَّأِ) الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَبَادِرَ مِنَ السِّيَاقِ
[192]
(كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ ها هنا الشَّأْنُ وَالْقِصَّةُ لَا مُقَابِلَ النَّهْيِ
انْتَهَى
أَيْ آخِرُ الْوَاقِعَتَيْنِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم (مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ) بِنُضْجٍ وَطَبْخٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[193]
(مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ) وَهَذَا مِنِ بن السَّرْحِ تَوْثِيقٌ لِابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ
قُلْتُ وَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِ جَرْحٌ (ثُمَامَةَ) بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (الْمُرَادِيُّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى مُرَادٍ وَهُوَ
أَبُو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ (مِصْرَ) بَدَلٌ مِنْ ضمير المتكلم (الجزء) بفتح الجيم وسكون الزاء الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ (لَقَدْ رَأَيْتُنِي) الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَيَاءُ الْمُتَكَلِّمِ فِيهِ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَسَابِعٌ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي (فَنَادَاهُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِعْلَامِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ لَكِنْ لَا عَلَى الطَّرِيقِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا التَّثْوِيبُ بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ وَالْإِيذَانِ (وَبُرْمَتُهُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هِيَ الْقِدْرُ وَجَمْعُهَا الْبِرَامُ بِكَسْرِ الْبَاءِ
قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ
(أَطَابَتْ بُرْمَتُكُ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَالطَّيِّبُ خِلَافُ الْخَبِيثِ يُقَالُ طَابَ الشَّيْءُ يَطِيبُ طِيبَةً وَتَطْيَابًا وَنِسْبَةُ الطِّيبَةِ إِلَى الْبُرْمَةِ مَجَازٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ طِيبَةِ الْبُرْمَةِ تَطْيَابُ مَا فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ أَيْ نَضُجَ مَا فِي الْبُرْمَةِ وَصَارَ لَائِقًا لِلْأَكْلِ (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) أَيْ أَنْتَ مُفْدًى بِهِمَا أَوْ فَدَيْتُكَ بِهِمَا (فَتَنَاوَلَ مِنْهَا بَضْعَةً) أَيْ أَخَذَ مِنَ الْبُرْمَةِ قِطْعَةً مِنَ الذِي هُوَ فِيهَا وَهُوَ اللَّحْمُ (يَعْلِكُهَا) أَيْ يَمْضُغُهَا (أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا (وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ إِلَى مَضْغِهِ لِتِلْكَ الْقِطْعَةِ ثُمَّ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَهُ الرَّاوِي وَقْتَ تَحْدِيثِهِ بِذَلِكَ أَيْ أَنَا مُتَيَقِّنٌ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ بَعْدَ الْأَكْلِ لِلصَّلَاةِ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَعَلَى أن أكل ما غيرته النار ليس بناقص لِلْوُضُوءِ
[194]
76 بَاب التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَيْ وُجُوبِ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ مِنْهُ
(الْأَغَرِّ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشِدَّةِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (الْوُضُوءُ مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ زَيْنِ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ لَفْظُهُ الخبر ومعناه الأمر أي توضؤوا مِمَّا غَيَّرَتْهُ النَّارُ
[195]
(فَسَقَتْهُ) أَيْ أَبَا سُفْيَانَ (قَدَحًا) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ إِنَاءٌ يَسَعُ مَا يَرْوِي رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً (يا بن أُخْتِي أَلَا تَوَضَّأْ) أَيْ تَتَوَضَّأْ
وَفِي رِوَايَةِ الطحاوي قالت يا بن أَخِي تَوَضَّأْ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُحْدِثْ شَيْئًا (أَوْ قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلى أنه لا ينتفض الْوُضُوءُ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلى وجوب الشَّرْعِيِّ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَاسْتَدَلَّتْ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ عَنْ أَحَادِيثِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ بَلِ اخْتَصَرَهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أَحَدُ رُوَاتِهِ كَمَا عَرَفْتَ
وَثَانِيهَا أَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا على الوجوب وهذا اختيار الخطابي وبن تَيْمِيَّةَ صَاحِبِ الْمُنْتَقَى
وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْفَمِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا وَحَقِيقَةُ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ غَسْلُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تغتسل لِلْوُضُوءِ فَلَا يُخَالَفُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ إِلَّا لِدَلِيلٍ
وَالَّذِي تَطْمَئِنُّ بِهِ الْقُلُوبُ مَا حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الرَّاجِحُ مِنْهَا نَظَرْنَا إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَجَّحْنَا بِهِ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَارْتَضَى بِهَذَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَكَلُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَمْ يتوضئوا
قال الحافظ بن حَجَرٍ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَكَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَصَلَّوْا وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا
وَفِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّ النَّارُ آثَارٌ أُخَرُ مَرْوِيَّةٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أجمعين