الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفُرِ عَلَى قَدَمِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ قَالَ فَرَجَعَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفِيهِ مَقَالٌ
قَالَ بن القيم هكذا علل أبو محمد المنذري وبن حزم هذا الحديث برواية بقية وزاد بن حَزْمٍ تَعْلِيلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ رَاوِيهِ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ وَالْجَوَابُ عَنْ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّ بَقِيَّةَ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ صَدُوقٌ حَافِظٌ
وَإِنَّمَا نُقِمْ عَلَيْهِ التَّدْلِيسُّ مَعَ كَثْرَةِ رِوَايَتِهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجْهُولِينَ
وَأَمَّا إِذَا صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِسَمَاعِهِ لَهُ
قَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ
وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ فَبَاطِلَةٌ أيضا على أصل بن حَزْمٍ وَأَصْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَنَّ عِنْدَهُمْ جَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لَا يَقْدَحُ فِي الْحَدِيثِ لِثُبُوتِ عَدَالَةِ جَمِيعِهِمُ
انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وأعله المنذري بأن فيه بقية وقال عن بَحِيرٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ لَكِنْ فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُسْتَدْرَكِ تَصْرِيحُ بَقِيَّةَ بِالتَّحْدِيثِ وَأَجْمَلَ النَّوَوِيُّ الْقَوْلَ فِي هَذَا فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ لِهَذِهِ الطُّرُقِ
انْتَهَى
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ لِلْوُضُوءِ بِتَرْكِ اللُّمْعَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلُزُومِ الْمُوَالَاةِ وَهُوَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ وَقَدْ عَرَفْتَ آنِفًا تَفْصِيلَ بَعْضِ هَذَا الْمَذْهَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
8 -
(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ)
[176]
عَلَى وَزْنِ سَبَبٍ وَهُوَ حَالَةٌ مُنَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ شَرْعًا وَالْجَمْعُ الْأَحْدَاثُ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ) قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ وَعَنْ عَبَّادٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ثُمَّ إِنَّ شَيْخَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيهِ احْتِمَالَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَمَّ عَبَّادٍ كأنه قال
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وأما العلة الثانية فباطلة أيضا على أصل بن حَزْمٍ وَأَصْل سَائِرِ أَهْل الْحَدِيث فَإِنَّ عِنْدهمْ جَهَالَة الصَّحَابِيّ لَا تَقْدَح فِي الْحَدِيث لِثُبُوتِ عدالتهم جميعا وأما أصل بن حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه فِي أَثْنَاء مَسْأَلَة كُلّ نِسَاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثِقَات فَوَاضِلُ عِنْدَ اللَّه عز وجل مقدسات بيقين
كِلَاهُمَا عَنْ عَمِّهِ أَيْ عَمِّ الثَّانِي وَهُوَ عَبَّادٌ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحْذُوفًا وَيَكُونَ من مراسيل بن الْمُسَيِّبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى صَاحِبُ الْأَطْرَافِ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي رِوَايَةُ مَعْمَرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن المسيب عن أبي سعيد الخدري أخرجه بن مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَرٌ (شُكِيَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فَقَالَ شُكِيَ بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَالرَّجُلُ مَرْفُوعٌ وَلَا يُتَوَهَّمٌ أنه شكى مَفْتُوحَةَ الشِّينِ وَالْكَافِ وَيُجْعَلُ الشَّاكِي هُوَ عَمُّهُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّ هَذَا الْوَهْمَ غَلَطٌ وَجَاءَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ شَكَا بِالْأَلِفِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِي هُوَ الشَّاكِي وَهَكَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا وَفِي رِوَايَةِ بن خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ سُفْيَانَ وَلَفْظُهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ
وَمَعْنَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ فَإِنَّ هَذَا الْوَهْمَ غَلَطٌ أَيْ ضَبْطُ لَفْظِ شُكِيَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالْأَلِفِ قِيَاسًا عَلَى رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَهْمٌ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ البخاري بلفظ أنه شكى وَلَيْسَ هَذِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (الرَّجُلُ) مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَعَلَى رِوَايَةِ شَكَا بِالْأَلِفِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (يَجِدُ الشَّيْءَ) أَيِ الْحَدَثَ خَارِجًا مِنْ دُبُرِهِ وَفِيهِ الْعُدُولُ عَنْ ذِكْرِ الشَّيْءِ الْمُسْتَقْذَرِ بِخَاصِّ اسْمِهِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ (حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الخاء المعجمة مبنيا لما يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ يُشَبَّهُ لَهُ أَنَّهُ خَرَجَ شَيْءٌ مِنَ الرِّيحِ أَوِ الصَّوْتِ (لَا يَنْفَتِلُ) بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَةٌ أَوِ الِانْفِتَالُ الِانْصِرَافُ (صَوْتًا) مِنْ دُبُرِهِ (أَوْ يَجِدَ رِيحًا) مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ يَعْلَمُ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ وَالشَّمُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ وَقَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطارىء عَلَيْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وشك في الحديث حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَحُصُولِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
انْتَهَى
فَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ عَمِلَ بِيَقِينِ الطَّهَارَةِ أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ عَمِلَ بِيَقِينِ الْحَدَثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن ماجه