الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يصبر، كما قال الله - تعالى " فإن كرهتموهن فعسى أن تكوهواً شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ".
وأما كراهة البنات فلا شلك أنه من أمر الجاهلية وأن فيه نوعاً من التسخط من قضاء الله وقدره، والإنسان لا يدري فلعل البنت خير له من أولاد ذكور كثيرين، وكم من بنت صارت بركة على أبيها في حياته ومماته، وكم من أبن صار نقمة ومحنة على أبيه في حياته ولم ينفعه بعد مماته.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
التنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه المسلمين وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فالداعي لهذا الكتاب هو التنبية على مسائل النكاح مخالفة للشرع قد وقع فيها كثير من الناس، منها نكاح الشغار، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو ذلك. وهذا العقد على هذا الوجه فاسد سواء ذكر فيه مهر أولا، لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك وحذر منه، وقد قال الله - تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو ". وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشغار، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشغار قال " والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك أزوجك أختي". وقال عليه الصلاة والسلام " لا شغار في الإسلام ". فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده وأنه مخالف لشرع الله، ولم يفرق النبي، صلى الله عليه وسلم، بين ما سمى فيه مهر وما لم يسم فيه شيء.
وأما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه
الآخر ابنته، وليس بينهما صداق، فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي عن ابن عمر، وليس هو من كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد فسره النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديث أبي هريرة بما تقدم، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أنه يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل وليس بينهما صداق فدل ذلك على أن تمسية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك، وإنما المقتضى للفساد هو اشتراط المبادلة.
وفي ذلك فساد كبير لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه إيثاراً لمصلحة الأولياء عن مصلحة النساء، وذكر منكر وظلم النساء، ولأن ذلك أيضاً يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما أنه كثيراً ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، وروي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، وروي أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن هرمز أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقاً فكتب معاوية إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول، صلى الله عليه وسلم، في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه ولا تخرجه عن كونه شغاراً، لأن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سيما صداقاً ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما وقال هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعاوية- رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، من نافع مولى أبن عمر - رضي الله عن الجميع -.
ومن المسائل المنكرة في النكاح ما يفعله بعض الناس من إجبار ابنته أو أخته أو بنت أخيه على نكاح من لا ترضى بنكاحه، وذلك منكر ظاهر وظلم للنساء لا يجوز للاب ولا لغيره من الأولياء أن يتعاطاه لما في ذلك من ظلم النساء ومخالفة السنة الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في النهي عن تزويج النساء إلا بإذنهن، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله،
وكيف إذنها؟ قال أن تسكت ". وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال " والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها ". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويستثنى من هذا تزويج الرجل ابنته التي لم تبلغ تسع سنين بالكفء، إذا رأى المصلحة لها في ذلك بغير إذنها لكونها لا تعرف مصالحها، ويدل لذلك تزويج الصديق ابنته عائشة أم المؤمنين للنبي، صلى الله عليه وسلم، وهي دون التاسعة بغير إذنها، فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتقي الله في كل أموره وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله في النكاح وغيره، وفي إتباع الشريعة والتمسك بهدى الرسول، صلى الله عليه وسلم، خير الدنيا والآخرة والسعادة الأبدية. جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكم جرى بسبب إجبار النساء على من لا يرضين به في النكاح من فتن ومشكلات وشحناء وخصومات، وذلك بعض ما يستحقه من خالف الشريعة المطهرة وتابع هواه. نسأل الله العافية مما يخالف رضاه.
ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنه العم ومنعها من التزويج بغيره، وهذا منكر عظيم وسنة جاهلية وظلم للنساء، وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دماء وغير ذلك. فالواجب على من يخالف الله أن يحذر ذلك ويحذره أقاربه، وقد أرشد الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى استئذان النساء وأن لا يزوجن إلا برضاهن. فالواجب على الأولياء أن ينظروا في مصلحة النساء وأن لا يزوجوهن إلا بالأكفاء ديناً وخلقاً بعد إذنهن، وبذلك تبرأ الذمة ويسلم الأولياء من العهدة. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن عليهم بالفقه في دينه والتواصي بطاعته وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن يصلح ولائهم ويمنحهم البطانة الصالحة، إنه على كل شيء قدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *