الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
مبحث في أن الجنة والنار مخلوقتان
موجودتان الآن، وأنهما باقيتان لا تفنيان
هذا المبحث يتضمن أمرين، الأول: خلق الجنة والنار ووجودهما في الدنيا، والثاني: بقاؤهما أبد الآبدين وفي كل منهما خلاف بين العلماء، وفيما يلي بيان مذهب أهل السنة ومخالفيهم في الأمرين مع الدليل:
الأمر الأول: اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار موجودتان في الدنيا، ولم يعرف لهم مخالف في صدر الإسلام، واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} . وقوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فدل التعبير عن إعداد الجنة للمؤمنين بالفعل الماضي على أنها موجودة بالفعل في الدنيا، وقوله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} . وقوله: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} . وقوله: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا لِلطَّاغِينَ مَآبًا} فدل التعبير بالماضي على أن النار وجدت فعلا.
وأما السنة فالأحاديث الدالة على وجودهما الآن كثيرة، منها ما رواه البخاري
ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة» وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله الجنة فقال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، فرجع فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بالجنة فحفت بالمكاره، فقال: ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: ثم أرسله إلى النار، قال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها ما فيها، قال: فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضا، ثم رجع فقال: وعزتك، لا يدخلها أحد سمع بها، فأمر بها فحفت بالشهوات، ثم قال: اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها، فرجع فقال: وعزتك لقد خشيت ألا ينجو منها أحد إلا دخلها» . فهذان الحديثان صريحان في إعداد كل من الجنة والنار لأهلها وروى مالك في الموطأ وأصحاب السنن من حديث كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما نسمة المؤمن طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة» . وجاء في حديث خسوف الشمس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة
والنار وهو يخطب أصحابه وأنه حدثهم عنها، وثبت أن الله أسكن آدم وحواء الجنة قبل أن يهبطا إلى الأرض، من أجل مخالفتهما لله بأكلهما من الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها.
وأما الإجماع: فإن صدر هذه الأمة لم يزالوا على القول بوجودهما في الدنيا حتى نبتت نابتة من القدرية والمعتزلة فأنكرت ذلك وهم محجون بالنصوص، وإجماع الأمة قبل وجودهم.
شبهة من أنكر وجود الجنة والنار الآن والرد على ذلك:
أولا: قالوا: خلق الجنة والنار قبل يوم الجزاء عبث؛ لأن كلا منهما تبقى معطلة مدة طويلة دون أن يجزى بها أحد، والعبث محال على الله، وأجيب أولا بأنه معارضة للنصوص الصحيحة بالعقل في أمر غيبي لا يعرف إلا من أهل النقل، وثانيا بأن وجودهما في الدنيا فيه فائدة ولأن المؤمنين ينعمون في قبورهم، وأرواحهم نسمات تعلق في شجر الجنة، والكفار يعذبون في قبورهم بالعرض على النار ورؤية كل منهم لمقعده فيهما إلى أن يبعثه الله كما تقدم بيانه، فوجودهما ليس بعبث.
واستدلوا ثانيا: بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ، قوله:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ، قالوا: فلو كانتا موجودتين الآن لهلكتا وذاق كل من فيهما الموت عند النفخة الأولى في الصور من أجل إنهاء الدنيا وتخريبها،
وأجبيب بأن كلا من الجنة والنار مستثنى مما يصيبه الهلاك والفناء عند النفخة الأولى؛ لأنهما خلقتا للبقاء.
قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فإنهما داخلتان في عموم من شاء الله بقاءه جمعا بين الأدلة، وأيضا المعنى كل شيء كتب عليه الهلاك أو ذوق الموت فهو هالك، والجنة والنار ليستا مما كتب عليه الهلاك؛ لأنهما خلقتا للجزاء، وأيضا معنى كل شيء هالك إلا وجهه كل عمل حابط إلا ما أريد به وجه الله، بدليل قوله في صدر الآية:{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} .
واستدلوا ثالثا: بما ذكره الله عن امرأة فرعون من قولها: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» . وقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة» ، قالوا: فلو كانت الجنة مخلوقة مفروغا منها لما طلبت امرأة فرعون من ربها أن يبني لها بيتا فيها
ولما قال صلى الله عليه وسلم إنها قيعان، وأنها لا تزال يغرس فيها كلما كان التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير من العابدين، وأجيب بأن ما ذكرتم دليل على وجود الجنة الآن لا على عدمها إلا أنها لا تزال يخلق الله فيها أنواعا من النعيم ما ذكره الذكرون، بل ويجدد الله فيها يوم القيامة أنواعا من النعيم. فالإنشاء فيها مستمر اليوم ويوم القيامة، والنعيم فيها متجدد أبد الآبدين.
الأمر الثاني: اتفق أهل السنة على أن الجنة لا تفنى، وذهب جمهور منهم إلى أن النار أيضا لا تفنى وقالت طائفة قليلة منهم بفناء النار.
والدليل من القرآن على بقاء الجنة قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} . وقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} . وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} وقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ، وقوله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} .
واختلف السلف في الاستثناء من خلود المؤمنين في الجنة في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} فقيل: إنه استثنى المدة التي يمكثها عصاة المؤمنين في النار قبل دخولهم من مدة خلودهم في الجنة، فالمعنى يخلد المؤمنين في الجنة ما دامت السماوات والأرض إلا مدة شاء ربك أن يقضيها عصاة المؤمنين في النار قبل
دخولهم الجنة، وقيل: إنه استثناء الرب ولا يفعله، كقولك: والله لأكرمن فلانا إلا أن أرى غير ذلك، وأنت لا ترى إلا إكرامه، وقريب منه ما قيل من أن الاستثناء إعلامهم بأنهم مع خلودهم فهم في مشيئة الله لا أنهم باستقرارهم في الجنة وتمكنهم منها خرجوا من مشيئة الله، ولا ينافي ذلك إرادته إرادة كونية أن يخلدوا فيها، ونظيره قوله تعالى:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} وهو سبحانه مريد لبقاء ما أوحى به إلى رسوله، وقوله:{فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} وهو سبحانه لا يشاء الختم على قلب رسوله، بل أراد له استمرار الهداية والإمداد بالنور وصفاء البصيرة وقوله:{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} . وقد شاء سبحانه إعلامهم به، وتلاوة رسوله القرآن عليهم، إلى غير هذا من النظائر التي يقصد فيها إثبات كمال الاختيار؛ ولأن الأمور لم تخرج من دائرة تقديره سبحانه وتصريفه، واختار ابن جرير أن [إلا] بمعنى لكن، وعليه يكون الاستثناء منقطعا، والمعنى خالدين فيها سوى ما شاء ربك من زيادة النعيم، أو لكن هنا بعد زيادة النعيم والإكرام على الخلود ما لا يقدر قدره إلا الله، فليس المراد قطع أمر الخلود، ولكن المراد زيادة نعيم إلى جانب خلودهم في الجنة، بدليل ما ختمت به الآية من قوله تعالى:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} .
والدليل من السنة على أبدية الجنة قوله صلى الله عليه وسلم: «من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت» . وقوله: «ينادي مناد يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا»
«تسقموا أبدا، وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا» . وقوله: «يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت» . رواه البخاري ومسلم.
أما أبدية النار ففيها آراء كثيرة، للسلف منها رأيان:
الأول: رأي جمهور السلف، قالوا: إن النار باقية لا تطفأ، ومن دخل بقي مخلدا فيها أبدا إلا من دخلها من عصاة المؤمنين، فإنهم يخرجون منها على ما تقدم بيانه في مبحث الشفاعة، واستدلوا على بقائها وخلود الكافرين بقوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} وقوله: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} ، وقوله:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} وقوله: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} وقوله: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} .
الرأي الثاني: أن النار تفنى بعد أن يستوفي الكفار نصيبهم من العذاب فيها،
ونسب هذا القول إلى عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي هريرة من الصحابة، وبه قال ابن تيمية، وابن القيم وجماعة، واستدلوا لهذا الرأي بقوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} وقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} .
قالوا: استثنى من الخلود في الآيتين بقوله في الآية الأولى: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} وبقوله في الآية الثانية: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ولم يأت بعد الاستثناء ما يدل على عدم الانقطاع وانتهاء العذاب، كما جاء عقب الاستثناء من الخلود في نعيم الجنة، فإن الآية ختمت بقوله:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} وهو دال على دوام النعيم واستمراره فكان قرينة على أن الاستثناء الذي قبله لا يراد به الإخراج، إنما يراد به إثبات كمال الاختيار واستدلوا أيضا بقوله تعالى:{لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} فجعل اللبث في النار مدة محدودة، فدل على انتهاء العذاب، واستدلوا أيضا بأن النار موجب غضبه والجنة موجب رحمته وقد روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي سبقت غضبي» وفي رواية: «تغلب غضبي» . قالوا: فلو بقي الكفار في النار، ولم تفن النار لكان غضبه قد سبق رحمته، وفي هذا خلف لخبر الصادق صلى الله عليه وسلم عن ربه، وخلف خبره مستحيل.
قالوا: وما ورد من النصوص الدالة على خلود الكفار فيها أبدا وعدم خروجهم منها فلا نزاع فيه، لكنه يقتضي البقاء في العذاب ما دامت النار باقية، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد، وهناك فرق بين من يخرج من الحبس والحبس قائم، وبين من ينهدم حبسه وينتقض بناؤه، فيبطل حبسه وينتهي سجنه بانتقاض البناء، وقد يناقش هذا بأنه وإن صلح جوابا عن أدلة الخلود فلا يصلح جوابا عن النصوص الصريحة في أن عذابها مقيم، وأنه كان غراما، وأن النار كلما خبت زادها الله سعيرا، وأنهم لا يفتر عنهم العذاب ولا يخفف، بل يزيدهم الله عذابا، وأنهم كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، اللهم إلا أن يقال: إن الاستثناء بالمشيئة في الآيتين السابقتين مسلط على جميع النصوص التي دلت على دوام العذاب واستمراره، وعلى كل حال فالموضوع من شئون الله فليترك إلى الله سبحانه، والله أعلم.