الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثالثة
دندنة البعض بأن السنة لم تدون في عصر النبوة
س1: يدندن بعض المعارضين لحجية السنة بأن أسانيد الأحاديث لم تدون إلا بعد قرن من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فما رأي سماحتكم؟
الجواب على هذه الشبهة:
هذا صحيح من أحد الجوانب، فإن السنة لم تدون أسانيدها إلا في وقت متأخر، أما متون الأحاديث فمن المفروغ منه أنه دونها بعضهم، فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما دون وكتب بعض الأحاديث لنفسه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة لبعض الوفود فكتبوا لهم كتابا ببعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان عنده صحيفة لما سٌئل: ما عندكم غير الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما عندنا إلا كتاب الله وهذه الصحيفة. وفيها جملة أحكام.
وعلى هذا فقد كان بعض السنة مدونا في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لكن هذا ليس بصفة عامة، وحيث إن أغلب السنة كان غير مدون، ومن دون فقد دون لنفسه، أو جماعة خاصة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن أذهان أولئك كانت سيالة تغنيهم عن التقييد والكتابة، وقد منعوا من الكتابة ابتداء مخافة أن تلتبس السنة بالقرآن، وهذا ثابت في الأحاديث
الصحيحة في كتاب العلم في صحيح البخاري، وغيره من دواوين السنة.
أما الأسانيد فلم تكن طويلة في القرن الأول حتى يحتاج المسلمون إلى تدوين هذه الأسانيد، وقد انتهت خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على رأس المائة والحال هذه، في قوة الدولة الإسلامية، وفي تماسك المسلمين وحرصهم على الدين، وبقاء عدد من الصحابة رضي الله عنهم يأخذ عنهم التابعون، ومن وجد إلى عهد عمر بن عبد العزيز فقد التقى ببعض الصحابة فهو تابعي، إلا أنه يوجد تابعيون كبار وأوساط تابعين وصغار تابعين، فمن أين علم هؤلاء المعارضين أن الذين نقلوا عن الصحابة لم يدونوا لأنفسهم ولم يكتبوا اسم الصحابي الذي روى لهم، إنما الذي تأخر بعد المائة جمع المتون والأحاديث في دواوين مختلطة بالآثار والفقهيات أولا، ثم جرد من هذا في بعض الكتب كما جرد صحيح مسلم من الآثار والفقهيات، وبقي الوضع على هذا في بعض الدواوين؛ مثل صحيح البخاري، وكذلك موطأ مالك الذي فيه ما بين مالك والصحابي رجل واحد أحيانا كنافع -مولى ابن عمر - وأحيانا يكون غيره.
ففي رد هذه الشبهة يراعى ما يلي:
أولا: أنه لم يكن هناك بعدُ السند الطويل الذي يحتاج إلى تدوين وإلى كتابة
الدواوين.
ثانيا: أنه ليس في تأخير دواوين الحديث إلى ما بعد ذلك دليل على أن أولئك الأتباع لم يكتبوا من رووا عنه، من شيخ أو شيخ شيخ، والسند في ذلك الوقت لم يكن فيه سوى راو واحد أو اثنين.
ثالثا: ثم الشروط التي اشترطت من جهة الضبط وعدالة الراوي وأمانته واتصال السند كفيلة ببعث الثقة في النفس بأن هذا ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.