الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكرامات
س90: فضيلة الشيخ سمعنا عن كرامات حدثت مع إخواننا المجاهدين الأفغان فما هي الكرامة ومدى صحتها أفادكم الله وهل نصدقها؟
الجواب: الكرامة خارقة للعادة أي حادثة تكون خارقة للعادة، يجريها الله جل شأنه على يد من شاء من الصالحين إكراما له، أو إنقاذا له من موقف رأفة له ورحمة به، وهي غير المعجزة، فالمعجزة خارقة للعادة يظهرها الله جل شأنه على يد نبي من أنبيائه، أو رسول من رسله بيانا لرسالته، وتأييدا له في دعوته، وإقامة للحجة على قومه، لإثبات أنه رسول من عند الله، وأنه نبي من أنبياء الله، هذه تسمى معجزة تجري على يد رسول أو نبي من أنبياء الله، والأولى تعتبر كرامة تظهر على يد صالح من الصالحين غير الأنبياء، وقد تظهر على يد الأنبياء مع أتباعهم فيما بينهم، كتلك المعجزات التي ظهرت على يد الرسول صلى الله عليه وسلم.
«ففي غزوة الخندق كان الطعام لا يكفي إلا لخمسة، أو لعشرة مثلا، فكفى جيشا من الجيوش بإذن الله، كفى المؤمنين في المدينة دعاهم أنس وجاءوا لبيت أبي طلحة، وأم أنس هي التي صنعت الطعام وأعدته ولما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تأتي بالطعام، ودخلوا عشرة عشرة فأطعمت جميع من كان يحفر في الخندق، وبقي الطعام كما هو» وهذا فيما بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، لا يراد به إقامة حجة على كافر، إنما يراد به إكرام المؤمنين بإطعامهم من جوع؛ لأنه قد ظهر عليهم، «وكان الرسول صلى الله عليه وسلم محتزما من شدة الجوع بحزام ضاغط به على جلد بطنه حتى يستطيع أن ينتصب قائما» .
هذا مما ظهر من الكرامات على يد الأنبياء، وهو يسمى أيضا معجزة، ولكن لا يراد بها إقامة حجة في مثل هذا.
«وفي أحد الأسفار لم يكن معهم من الماء إلا الشيء القليل، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقليل من الماء ووضع يده فيه فنبع الماء من بين أصابعه وهو بين الصحابة رضوان الله عليهم،» وهو شبيه بالخارقة الأولى التي حصلت إكراما له وللصحابة، فشربوا وسقوا وتوضئوا، ومن كان عليه جنابة اغتسل، ومن أراد أن يتنظف تنظف.
وهناك معجزات أخرى يراد بها إقامة الحجة مثل القرآن، ومثل انشقاق القمر، ومثل المعجزات الأخرى التي ظهرت أمام الكفار، إثباتا لرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فالكرامة تظهر على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى يد غيره من الصالحين الذين ليسوا برسل، ولا أنبياء، والمعجزة لا تظهر إلا على يد الأنبياء والرسل، والكرامة عامة في الرسل، والأنبياء، وفي الصالحين من غير الأنبياء والرسل، هذا من تظهر على يده الكرامة وهذا تعريفها.
أما وقوع الكرامة فقد وقعت كما ذكرت للرسول صلى الله عليه وسلم، ووقعت لبعض
الصحابة رضي الله عنهم فمن ذلك أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر تحدثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب من الليل ساعة، في ليلة شديدة الظلمة، ثم خرج بيد كل منهما عصية، فأضاءت عصا أحدهما حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله، هذه من الكرامات التي حصلت للصحابة.
وأيضا في غزوة من الغزوات كان زعيمها أو قائدها سارية وكان عمر بن الخطاب ملهما محدثا كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم «إن كان في الأمة محدثون فعمر بن الخطاب رضي الله عنه» هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ملهما وكان يرى الرأي للنبي صلى الله عليه وسلم فينزل به القرآن تصديقا لعمر بن الخطاب، وهذا الأمر حصل عدة مرات، فصلاة ركعتين إلى جهة الحجر الأسود عقب الطواف نزل به القرآن تصديقا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فهذا ابن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب على المنبر ألهمه الله، أو أراه الله
سارية، والجيش من ورائه، فقال له: يا سارية الزم الجبل أي اجعل ظهرك إلى الجبل حتى لا يأتيك العدو من الخلف، وهذه خطة حرب علمه إياه، وهو في غيبة عنه على مسافة أطول من مسافة القصر بعشرات المرات، ومع ذلك سمع سارية عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولما حضر سألوه نادى عمر في يوم كذا وقال كذا أسمعت؟ فقال: لقد سمعته ولقد انصرفت إلى الجبل وجعلته في ظهر الجيش فنصرنا الله على أعدائنا.
فهذه كرامة يذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من علماء المسلمين لعمر بن الخطاب، وكرامة لسارية ولسائر الجيش، رسم لهم خطة حربية وهو على المنبر في المدينة والجيش يجاهد في سبيل الله، هذا من الكرامات التي وقعت في هذا الحرب قد يكون في الجيش بعض المنافقين، ولكن أيضا يوجد بعض المخلصين، وجيش الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرج فيه بعض المنافقين في غزوة تبوك، وأرادوا أن يغتالوه صلى الله عليه وسلم، فالجيوش لا تسلم من أن يكون فيها خائن أو من يدبر سوءا للجيش، وخرج عبد الله بن أبي ابن سلول في غزوة أحد، ومعه كثير من المنافقين، وكثير من ضعفاء القلوب، ولما وصلوا إلى مكان القتال رجع عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين بثلث الجيش، فكادت تحصل فتنة في الجيش، وكادوا ينقسم بعضهم على بعض، وبعضهم يحدث نفسه بالانصراف وفي ذلكم يقول الله جل شأنه:{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} قد يحدث هذا، وبالفعل قد حدث ذلك في الجيش الذي خرج فيه جماعة من المنافقين، ورجع منه جماعة، فأنزل الله الملائكة وحاربت المشركين كما أنزل ملائكة في غزوة بدر، وكانت الملائكة تنزل في مواطن كثيرة في الحروب، وهذا من الكرامات التي حصلت في غزوة بدر، وحصلت لهم في غير غزوة بدر، وتحصل للمسلمين في الوقت الحاضر، وقد يكون عند إنسان إلهام يلهمه الله إياه
إلى درجة اليقين في أمر لا يدريه قبل ذلك كما حصل لأبي سعيد الخدري في قصة الرقية التي ذكرت من قبل فرقى بالفاتحة دون أن يكون عنده علم مسبق بأنها رقية لكنه إلهام ويقين، فحقق الله يقينه وصدق إلهامه، هذا أيضا من الكرامات.
أقول: إن الكرامات لها حقيقة وعرفتها لكم، وأنها تظهر على يد صالح من المسلمين، وأنها خارقة للعادة، وقد تظهر على يد رسول من رسل الله ونبي من أنبيائه، أما المعجزة فلا تظهر إلا على يد نبي إثباتا لرسالته أو لنبوته.