الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
مبحث في وجوب محبة أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاتهم والرد على الروافض والنواصب
واعلم أن أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثنون عليهم ويترضون عنهم، كما أثنى الله عليهم وترضى عنهم، قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وقال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} إلى آخر السورة، وقال:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الآيات إلى قوله: {إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في ثناء الله عليهم وترغيب المؤمنين في حبهم والدعاء لهم ولمن تبعهم بإحسان، وهم متفاوتون فيما بينهم، فبعضهم فوق بعض درجات، فأعلاهم درجة أهل بيعة الرضوان، وكل من آمن قبل فتح مكة وأنفق في سبيل الله وقاتل لإعلاء كلمة الله، قال الله تعالى:{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} . وعن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه أنه كان بين عبد الرحمن بن عوف، وبين خالد بن الوليد شيء، فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» رواه مسلم، فدل الحديث على أن من أسلم قبل فتح مكة وقبل صلح الحديبية كعبد الرحمن بن عوف أفضل ممن أسلم بعد صلح الحديبية وبعد فتح مكة كخالد بن الوليد، وإذا كان حال خالد بن الوليد ومن أسلم معه أو بعده من الصحابة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف والسابقين معه إلى الإسلام هو ما ذكر في الحديث، فكيف بحال من جاء بعد الصحابة بالنسبة إلى الصحابة، رضي الله عنهم، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» ، وفي حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة» .
يرى أهل السنة أن حب الصحابة دين وإيمان وإحسان لكونه امتثالا للنصوص الواردة في فضلهم، وأن بغضهم نفاق وضلال لكونه معارضا لذلك، ومع ذلك فهم لا يتجاوزون الحد في حبهم أو في حب أحد منهم لقوله تعالى:
{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ولا يخطئون أحدا منهم، ولا يتبرءون منه، ولهذا ورد عن جماعة من السلف كأبي سعيد الخدري والحسن البصري وإبراهيم النخعي، أنهم قالوا: الشهادة بدعة، والبراءة بدعة، ومعنى ذلك أن الشهادة على مسلم معين أنه كافر أو من أهل النار بدون دليل يرشد إلى الحكم عليه بذلك بدعة، وأن البراءة من بعض الصحابة بدعة.