الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوسل المشروع والتوسل الممنوع
س 45: سئل الشيخ: ما حكم لو قلت في دعائي "إلهي أسألك بأعز من ناجاك وأفضل من دعاك أن تمطر على قلوبنا من سحائب عطفك، وشآبيب رضوانك. فهل هذا الدعاء جائز؟ .
فقال الشيخ رحمه الله: "الحمد لله وبعد، فإن هذا الذي ذكر في هذا الدعاء "إلهي أسألك بأعز من ناجاك.." إلخ لا يجوز بل هو مكروه؛ لأنه توسل إلى الله بالمخلوقين وهذا غير مشروع، ولو كان المتوسل به إلى الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم له منزلته عند الله ولا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان به وحبه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فليس من المشروع أن تتوسل إلى الله بذاته ولا بذات غيره من المخلوقين، ومع مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم فإننا إذا أردنا التوسل إلى الله به فإننا نتوسل إلى الله بالإيمان به واتباعه؛ لأن هذا من أعظم القربات والأعمال الصالحة، بل هذا -يعني الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه- أفضل الأعمال إطلاقا، فإذا أراد الإنسان أن يتوسل إلى الله بالرسول فليقل مثلا في دعائه "اللهم بإيماني بك واتباعي لرسولك ولشريعتك وبما جاءنا به رسولك افعل لي كذا وكذا".
"إيماني بك وبرسولك" هذا هو التوسل المشروع وهو التوسل إلى الله بالعمل الصالح وهو الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .
فهذا التفكر في خلق السماوات والأرض عبادة، وكذلك تأمل اختلاف الليل والنهار، ما فيها من الظلمة والنور، والطول والقصر هذا أيضا عبادة،
وكذلك تدبر السنن الكونية التي بثها الله عز وجل في خلقه عبادة، فبعد قيام هؤلاء العباد بهذا التفكر وهذا التدبر واعترافهم أن الله ما خلق هذا كله باطلا بل خلقه بالحق وللحكم الكثيرة التي يعلمها، بعد هذا التدبر وهذا التفكر وهذا الاعتراف، سألوا الله عز وجل أن يقيهم عذاب النار {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} الفاء في فقنا تدل على ترتيب الدعاء ودوام ذكره على كل حال وتنزيه الله أن يخلق خلقا باطلا هذا نوع من التوسل بالعمل الصالح وهو مشروع.
ومن هذا التوسل أيضا ما ذكره الله سبحانه بعد ذلك في نفس سياق هذه الآيات السابقة في قول أولي الألباب {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} .
وهذا المنادي للإيمان هو الرسول صلى الله عليه وسلم وكل من بلغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم فلما سمع هؤلاء المؤمنون منادي الإيمان يدعو الناس هلموا إلى ربكم، هلموا إلى توحيد الله ونبذ الشرك، هلموا إلى طاعة الله وترك عصيانه ومخالفته، لما سمعوا منادي الله أن اعبدوا الله فعبدوه ونبذوا كل الشركاء والأنداد، فكان بعد هذا العمل الصالح طلب وتوسل من هؤلاء المؤمنين وهو {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} .
توسلوا إلى الله بإيمانهم واتباعهم الرسول فدعوا ربهم بعدة دعوات: مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات وطلبوا من الله أن يختم لهم بالخاتمة الحسنى، وأن يجعل مثواهم مع الأبرار، وسألوا الله عز وجل ألا يخزيهم وألا يفضحهم بين خلقه يوم القيامة، وسألوا الله أن ينجز لهم ما وعدهم على الإيمان على ألسنة رسله من النصر والتأييد في الدنيا وحسن العاقبة والمثوى في الآخرة فعقب الله عز وجل على هذا التوسل بالأعمال الصالحة بقوله:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} .
فهؤلاء الثلاثة لما وقعوا في الشدة والكرب بسبب انسداد الغار عليهم بفعل الصخرة التي سقطت من أعلى الجبل، توسل كل منهم بعمل من الأعمال الصالحة التي توفر فيها الإخلاص لله تعالى، فالأول توسل ببره والديه غاية البر، والثاني توسل بعفته عن الزنا وتركه المال الذي أعطاه لابنة عمه، والثالث توسل إلى الله تعالى بأدائه الحقوق للعباد ومنهم هذا الأجير الذي أخذ المال كله وطابت نفس المتوسل بذلك، ولما كان هذا التوسل مشروعا وجائزا كان له الأثر الطيب في أن الله عز وجل أزاح الصخرة عن باب الغار وتمكنوا من السير والانطلاق إلى وجهتهم التي أرادوا.
هذا هو النوع الأول من التوسل المشروع وهو التوسل إلى الله ودعاؤه بالعمل الصالح الذي يعمله العبد تقربا إلى الله.
وأما النوع الثاني من التوسل فهو التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وذلك كأن تسأل الله عز وجل وتدعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا فتقول مثلا: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحيم اللطيف افعل كذا وكذا لي.
أو تقول مثلا: اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا افعل لي كذا وكذا، وكقول المسلم في دعاء الاستخارة:«اللهم إني أستخيرك بعلمك وقدرتك فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت على كل شيء قدير، إن كان كذا خيرا لي في عاجل أمري وآجله فيسره لي، وإن كان كذا شرا في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه» .... الحديث.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما عملت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي..» الحديث عن عمار بن ياسر.
والنوع الثالث من التوسل المشروع هو التوسل إلى الله بدعاء العبد الصالح
الحي لك، وذلك أن تقصد رجلا من الصالحين المتبعين للشرع الموحدين المتبعين للسنة وتظن فيه الإخلاص لله سبحانه وتعالى وتطلب منه أن يدعو الله لك بحاجتك التي تريد، كأن يدعو الله أن يشفيك أو يشفي ابنك أو مريضك أو يدعو الله أن ينيلك كذا وكذا من المآرب والأهداف، هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.
س 46: سئل الشيخ: ما حكم التبرك بآثار الصالحين؟
فقال الشيخ رحمه الله: " التبرك بآثار الصالحين لا يشرع في الإسلام إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآثاره لعدم ثبوت الدليل على جوازه بغيره صلى الله عليه وسلم".
س 47: سئل الشيخ: عن رجل دفن في المسجد.
فقال الشيخ رحمه الله: "يجب إخراج المدفون من المسجد ما دام دفن بعد بناء المسجد ولو كان عظاما".
س 48: سئل الشيخ: ما هي زيارة القبور السنية، وما هي الزيارة البدعية والشركية؟ .
فقال الشيخ رحمه الله: "زيارة القبور قسمان: القسم الأول وهو الأصل، وهو سنة وقربة يؤجر الإنسان على فعلها وهي ما كانت الزيارة للعبرة والعظة وتذكر الدار الآخرة، فإن الإنسان إذا زار القبور فإنه يذكر هؤلاء الأموات وهم آباؤه وأجداده فيتذكر أن هذه الحياة الدنيا فانية وزائلة، وأنه لا بد من الموت وأنه ميت ومقبور مثلهم، وإذا كان كذلك فإنه يتيقن أنه مسئول في قبره، وأن الإقامة في القبر إما حياة عذاب وجحيم إذا كان عاصيا مفرطا في جنب الله، أو حياة إكرام وتنعيم إذا كان من الموحدين المطيعين لله، ثم إن الحياة والإقامة في القبر ليست دائمة ولا نهائية، ولكن بعدها البعث والنشور والقيام لله رب العالمين.
هذه المعاني كلها فيها العظة والعبرة للزائر، وهذه المعاني كذلك تذكر الزائر
بالآخرة والحساب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» .
وفي هذه الزيارة السنية المشروعة فائدة أخرى غير العبرة والعظة وتذكر الآخرة، ذلك إذا كان الميت المقبور المزور من المسلمين فإنه يستحب للزائر أن يدعو له بالمغفرة والرحمة، وأن يوسع الله عليه أو عليهم قبورهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا زار القبور دعا لأهل القبور.
النوع الثاني: الزيارة البدعية وهذه الزيارة قد تكون بدعية فقط، وقد تكون بدعية وشركية على حسب ما يقع من الزائر من نية وأعمال، فإذا ذهب المسلم إلى قبر من القبور بنية التبرك بهذا القبر لكونه قبر أحد الصالحين، أو لدعاء صاحب القبر والاستغاثة به أو لطلب قضاء الحاجات وتفريج الكربات ونحو ذلك، فهذه زيارة شركية، ومن جنسها ما قد يقع من الزائر من الطواف حول القبر أو التمسح به، فهذا كله شرك، ولا نقول لفاعله مشرك وهذا ما تقول العلماء هذا شرك النوع وليس شرك العين، يعني أن هذا الفعل فعل شرك وفاعله ليس مشركا؛ لأن فاعله قد يكون معذورا بأي نوع من أنواع الأعذار كالجهل، أو متأولا أو مخدوعا بفتوى بعض الناس ممن ينتسبون إلى العلم والفتوى الذين يعتقدون بعض العقائد الباطلة، أو من أصحاب الطرق الصوفية، المقصود أن مثل هذا معذور ويجب له النصح والبيان والتلطف معه فلا نغلظ عليه بادئ الأمر حتى لا نضع في قلبه حواجز تمنعه من الأخذ بالصواب والنصيحة المقدمة له.
ويجب أن نفرق بين أمرين: الأول: أن المقبور الميت الذي يزار وتفعل عنده البدع أو الشركيات قد يكون هذا المقبور من الصالحين المتقين وهو غير مسئول عما يقع عند قبره من المخالفات التي تسخط الله.
والأمر الثاني: أن صلاح هذا الميت المقبور ليس مبررا أن نصرف إليه العبودية التي هي حق رب العالمين على عباده كالدعاء، والاستغاثة، والتوكل، والتعلق، والخوف، والذل المصاحب للحب، فهذه وغيرها من حقوق الله سبحانه وتعالى.
س49: سئل الشيخ: عن حديث الرجل الضرير الذي رد الله بصره بعد أن جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقول: «اللهم شفعه في وشفعني فيه» .
فقال الشيخ رحمه الله: "اقرأ الحديث: «اللهم شفعه في» " فلم يقل بشفاعة رسولك، بل توجه إلى الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم حي، ووصى الرجل أن يساعده على نفسه (نفس الرجل) مثلما تطلب من أي حي أن يدعو لك".
س50: سئل الشيخ: ما حكم التحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية؟
فقال الشيخ رحمه الله: "بقدر الإمكان لا يتحاكم إليها، أما إذا كان لا يمكن أن يستخلص حقه إلا عن طريقها فلا حرج عليه".
س51: سئل الشيخ: ما الفرق بين الفسق الأكبر، والكفر الأكبر؟
وما الفرق بين الفسق الأصغر، والكفر الأصغر؟
فقال الشيخ: رحمه الله: "الفسق الأكبر هو الكفر الأكبر، والفسق الأصغر هو الكفر الأصغر".
س52: سئل الشيخ: ما حكم تعليق تميمة من القرآن على الجدار أو في السيارة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "لا يجوز؛ لأن تعليق آية الكرسي أو غيرها من القرآن على الجدار أو في السيارة امتهان لها".
س53: سئل الشيخ: ما حكم العزائم بالقرآن، وهي آيات بالزيت أو الزعفران في طبق وخلط المكتوب بالماء وشربه؟
فقال الشيخ رحمه الله: "لا يجوز كتابة القرآن بهذا وشرب المكتوب".
س54: سئل الشيخ: ما حكم القراءة على ماء أو طعام وشربه؟
فقال الشيخ رحمه الله: "يجوز القراءة على أي شيء طاهر حسب رغبته، يقرأ القرآن على المريض أو على الماء والطعام".
س55: سئل الشيخ: عن رأيه في شيخ الإسلام إسماعيل الهروي ودفاع الإمام ابن القيم عنه في مدارج السالكين، وعن رأيه في تقسيم الهروي التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد العامة، والخاصة، وخاصة الخاصة.
فقال الشيخ رحمه الله: "أما إسماعيل الهروي في ذاته فأمره إلى الله تعالى، وهو أعلم به، وأما دفاع ابن القيم: فإن الإمام ابن القيم قد رد عليه في عدد من المواضع، واقرأ تعليقات الشيخ حامد الفقي على الكتاب، مع العلم بأن أصحاب المطبعة قد طلبوا من الشيخ حامد ألا يعلق على الكتاب، وقد تسبب هذا في منع الشيخ حامد من الإسهاب في الرد.
وأما تقسيم الهروي التوحيد إلى ثلاثة أقسام، فهو تقسم باطل فهو يجعل الأنبياء عليهم السلام من العامة، ويجعل ابن عربي وأمثاله من خاصة الخاصة".
س56: سئل الشيخ: هل يمكن ظهور الملك بصورته لغير الرسل؟
فقال الشيخ رحمه الله: "لم يثبت، ومن ادعى ذلك فعليه الإثبات، نعم قد ثبت في الأحاديث أن الملك أتي لثلاثة: أقرع، وأعمى، وأبرص وأن الله أرسل ملكا على جانب الطريق الذي ذهب ليزور أخا له في الله وغير ذلك من
الأحاديث، لكن ليس في شيء منها أن الملك كان على صورته الأصلية، بل في كل منها ما يفهم منه أنه كان على صورة رجل؛ لأن في هذه الأحاديث لم يعرف أنهم ملائكة إلا بإخبارهم عن نفسهم أنهم ملائكة.
س57: سئل الشيخ: عن نبوة الخضر ولقمان وذي القرنين؟
فقال الشيخ رحمه الله: " الخضر نبي بنص القرآن {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} .
وقال ابن عاشر:
لقمان إسكندر ليسا أنبيا
…
في أرجح الأقوال لكن أوليا
س58: سئل الشيخ عن صحف إبراهيم وموسى: هل هما شيء واحد؟
فقال الشيخ رحمه الله: "هما مختلفان فيهما شرائع إبراهيم، وشرائع موسى عليهما السلام، وصحف موسى جزء من أجزاء التوراة والألواح".
س59: سئل الشيخ: هل التوراة والإنجيل كلام الله.
فقال الشيخ رحمه الله: "نعم التوراة والإنجيل اللذان أنزلهما الله هما كلام الله بدليل قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} .
س60:سئل الشيخ ما معنى حديث احتجاج آدم وموسى؟
فقال الشيخ رحمه الله: "معناه: رفع اللوم عن العصاة إذا تابوا وهذا ما ذكره ابن قتيبة وابن تيمية -رحمهما الله-".
س61: سئل الشيخ: ذكر شارح الطحاوية أن الله تعالى لو أراد كونا إيمان جميع الناس لكان في ذلك مفسدة فما هذه المفسدة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "المفسدة العظمى التي كانت ستحدث لو أراد الله إيمان جميع الناس هي انتفاء الابتلاء، وانتفاء الفائدة من التكاليف الشرعية، ولما شرع الله تعالى شرعا ولما أرسل رسلا؛ لأنه لا حاجة إذن إلى إرسال الرسل وينتفي تقسيم الناس إلى أهل جنة ونار".
س62: سئل الشيخ: عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " «السعيد من سعد في بطن أمه» ".
فقال الشيخ رحمه الله: "معناه من كتبه الملك الذي ينزل بأمر الله لكتابة أربع كلمات بعد تمام الشهر الرابع للحمل في رحم أمه بعد استكمال الأطوار الثلاثة نطفة ثم علقة ثم مضغة فمن كتبه الملك سعيدا يومئذ فهو سعيد".
س63: سئل الشيخ: عن مذهب المعتزلة في الإيجاب على الله تعالى.
فقال الشيخ رحمه الله: "كل ممكن لا يجب عليه تعالى بل إن شاء فعله وإن شاء تركه هذا عند الأشاعرة".
أما المعتزلة: فيوجبون عليه تعالى فعل (الأصلح) إذا كان الصلاح شيئين، ويوجبون عليه تعالى فعل (الصلاح) إذا كان شيئا واحدا.
س64: سئل الشيخ: عن معنى الكسب.
فقال الشيخ رحمه الله "الكسب عند الأشعري مقارنة القدرة للمقدور، وعند الماتريدي: هو العزم المصمم الذي يقع منه الفعل".
س65: سئل الشيخ: عن مشيئة الرب ومشيئة العبد.
فقال الشيخ رحمه الله: "لله سبحانه وتعالى مشيئة، وللعبد مشيئة، ومشيئة العبد متوقفة على مشيئة الله، قال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .
س66: سئل الشيخ: عن مسألة التحسين والتقبيح العقلي.
فقال الشيخ رحمه الله: "ارجع إلى تعليقي على الأحكام للآمدي حول مسألة التحسين والتقبيح، الجزء الأول المقدمات الكلامية".
س67: سئل الشيخ: عن موقف الخوارج من الحدود هل يبطلونها؟
فقال الشيخ رحمه الله: "عندهم أن السارق والزاني حده القتل ولا يشترطون السيف بل يقتلونه بالسم، ولا يقطعون يد السارق أو يرجمون الزاني؛ لأنه عندهم من باب تداخل الحدود فيعطونه الحد الأعلى وهو القتل".
س68: سئل الشيخ: ما معنى خلود القاتل الوارد في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} ؟ .
فقال الشيخ رحمه الله: "خلود القاتل إذا كان غير مستحل فمعناه عند السلف طول المدة، وإذا كان مستحلا فهو على حقيقته، وقد فصل ابن القيم هذا الأمر في مدارج السالكين، وذكر أن قاتل العمد يتعلق به ثلاثة حقوق:
حق للقتيل يقاص بالحسنات والسيئات يوم القيامة.
وحق ولي الدم القصاص.
وحق الله تعالى يسقط بالتوبة. وذكر الأدلة في آخر الجزء الأول.
س69: سئل الشيخ: هل الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة لا على العموم".
س70: سئل الشيخ: هل الفرق التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: "كلها في النار" كافرة؟ أم غير كافرة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "فيها رأيان ذكرهما شيخ الإسلام في الفتاوى".
س71: سئل الشيخ: عن دعوة العوام للتوحيد.
فقال الشيخ رحمه الله: "كونه لا يعلم العوام التوحيد غلط فقد مكث صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد في مكة، حتى الصلاة التي هي عماد الدين فرضت قبل الهجرة بثلاث سنين فكان صلى الله عليه وسلم يعلم التوحيد (للأميين) هكذا سماهم الله".
س72: سئل الشيخ: هل الساحر كافر؟
فقال الشيخ رحمه الله: "الصحيح أن كفر الساحر كفر يخرج من الملة".
س73: سئل الشيخ: ما حكم من سب صحابيا؟
فقال الشيخ رحمه الله: "تفصيل القول في حكم من طعن في الصحابة أو سب صحابيا أن الطعن جملة كفر، لكن سب صحابي بعينه كبيرة من الكبائر".
س74: سئل الشيخ: هل العلم المشترط في شروط (لا إله إلا الله) هو العلم الإجمالي بأنه لا يستحق العبادة إلا الله؟ أم لا بد من العلم التفصيلي بأن الذبح عبادة والنذر عبادة.. وهكذا؟
فقال الشيخ رحمه الله: "العلم المشترط هو العلم الإجمالي لا التفصيلي، لا يلزم أن يكون فيلسوفا؛ بدليل حديث معاذ وسجوده للرسول صلى الله عليه وسلم، وقصة ذات أنواط".
فالجهل بتفاصيل العبادة لا يمنع الحكم للشخص بالإسلام.
س75: سئل الشيخ: سألته عن رأيه في قول الصنعاني في تطهير الاعتقاد عن القبوريين الذين يعتقدون في الموتى ويطلبون منهم (هم كفار أصليون) حيث اعترض عليه بعض العلماء كالشيخ بشير السهسواني صاحب (صيانة الإنسان) وقال (هم مرتدون) .
فقال الشيخ رحمه الله: "هم مرتدون عن الإسلام إذا أقيمت عليهم الحجة، وإلا فهم معذرون بجهلهم كجماعة الأنواط، أما من انتسب إلى الإسلام ثم بدت منه أفعال كفرية وأقيمت عليه الحجة فهو مرتد يقتل بالسيف".
س76: سئل الشيخ: عن الكافر الأصلي إذا تلفظ أمامنا بالشهادتين ولا ندري هل يعلم معناها أم لا؟
فقال الشيخ رحمه الله: "يحكم له بالإسلام بالظاهر حتى يبدو أنه جاهل فيعلم معنى الشهادتين الصحيح؛ فإن استقام فالحمد لله، وإن لم يستقم فهو مرتد لا كافر أصلي".
س77: سئل الشيخ: هل يلزم إقامة الحجة على تارك الصلاة حتى يحكم بكفره؟
فقال الشيخ رحمه الله: "يحتاج إلى إقامة الحجة، فإن مات قبلها عومل معاملة الكفار".
س78: سئل الشيخ: الإيمان الركن هل يزيد وينقص كالإيمان الواجب والمستحب؟
فقال الشيخ رحمه الله: "نعم بدليل عموم قوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} . وقوله: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا} وهذا يعم جميع أقسام الإيمان.
س79: سئل الشيخ: ما حكم المستهزئ بالدين أو ساب الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو القرآن العظيم هل يكفر ولو كان جاهلا؟
فقال الشيخ رحمه الله: "هذا الباب كغيره من أبواب الكفر يعلم ويؤدب فإن علم وعاند بعد التعليم والبيان كفر. وإذا قيل: لا يعذر بالجهل، فمعناه يعلم ويؤدب وليس معناه أنه يكفر".
س 80: سئل الشيخ: ما حكم من قال: القرآن مخلوق؟
فقال الشيخ رحمه الله: "هذا كفر أكبر ولكن قائله يعلم ولا يكفر بعينه إلا إذا علم وأصر بعد إقامة الحجة".
س81: سئل الشيخ: عن مسألة فناء النار؟
فقال الشيخ رحمه الله: "ما لي رأي في المسألة، اقرأ كلام ابن تيمية وابن القيم. واقرأ للصنعاني في الرد عليهما وأنا لا أقول بفناء النار ولا بعدم فنائها أنا لم أختر رأيا إلى الآن؛ لأنه ليست هناك نتيجة عملية تترتب على هذا الخلاف، والواقع أن القول بفناء النار متصل بابن تيمية خلافا لمن نفى نسبة هذا القول له".
س82: سئل الشيخ: هل تكفي إحدى الشهادتين للحكم للشخص بالإسلام؟
فقال الشيخ رحمه الله: "شهادة (أن محمدا رسول الله) تستلزم شهادة (أن لا إله إلا الله) ولا عكس، ومع هذا فإظهار أي شعيرة من شعائر الإسلام تكفي لمعاملته معاملة المسلمين".
س83: سئل الشيخ: عن خروج جماعة التبليغ لتذكير الناس بعظمة الله.
فقال الشيخ رحمه الله: "الواقع أنهم مبتدعة ومحرفون وأصحاب طرق قادرية وغيرهم، وخروجهم ليس في سبيل الله، ولكنه في سبيل إلياس، هم لا يدعون إلى الكتاب والسنة، ولكن يدعون إلى إلياس شيخهم في بنجلادش، أما الخروج بقصد الدعوة إلى الإسلام فهو جهاد في سبيل الله، وليس هذا هو خروج
جماعة التبليغ، وأنا أعرف جماعة التبليغ من زمان قديم، وهم المبتدعة في أي مكان كانوا هم في مصر، وإسرائيل، وأمريكا، والسعودية، كلهم مرتبطون بشيخهم إلياس ".
س 84: سئل الشيخ: عن رجل قيل له: فعلك هذا محرم، فقال: أنا أعرف أنه حرام ولكن سأفعله؟
فقال الشيخ رحمه الله: "إذا كان مضطرا إلى فعله فهو معذور وإلا فهو مستهتر وهي معصية كبرى قد تصل إلى درجة الكفر. والعياذ بالله".
س 85: سئل الشيخ: ما الفرق بين قتال المرتدين وقتال تاركي الشرائع؟ وقتال التتار يتبع أي القسمين؟
فقال الشيخ رحمه الله: "مانعو الشرائع لغير جحود يقاتلون حتى يؤدوها ولا يكفرون بالرغم من قتالهم، والذي يحكم بغير ما أنزل الله كافر مرتد يقاتل قتال الكفار، أما الذي لا يكفر فهو الفقيه الذي يحكم في مسألة يظن أنها من الدين، والحق بخلافه فلا يكفر، أما الذي يحكم بما يعلم أنه ليس من الدين فهذا كافر، الذي يبيح فوائد البنوك يناقش ويبين له، فإذا أقيمت عليه الحجة فإنه يقتل قتل المرتد، ولا أذكر الآن إلى أي القسمين ينتمي قتال التتار".
س86: سئل الشيخ: هل يوجد عذر بالجهالة في أصل التوحيد، علما بأن بعض أهل السنة ذكر أنه لا عذر لأحد بالجهل في أصل التوحيد؟
فقال الشيخ رحمه الله: "إن وجوب الإيمان بالله تعالى ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر، وما يتصل بذلك من أصول وفروع بمقتضاه: يتوقف على البلاغ الصحيح ومعرفة ما تضمنه البلاغ من الحق، وهذا مما يتفاوت بتفاوت الناس في مداركهم وقواهم العقلية، وكثرة العلماء والدعاة إلى الإسلام، وما إلى هذا مما يتيسر معه معرفة الحق وتأييده، واستبانة الباطل وتميزه
من الحق والقضاء عليه، أو بعدهم عن ديار الإسلام والدعاة إليه، وما إلى ذلك من الحواجز التي يشق معها الوصول إلى معالم شرع الله تعالى والوقوف على حقيقته جملة أو التبحر فيه.
فيجب أن يراعى ذلك وأمثاله في الحكم على الناس، فقد يجب على بعض الناس الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله إجمالا، إذا لم يبلغه إلا ذلك، ولم يتيسر له سواه مع بذله وسعه في التعرف على الحق، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» . رواه مسلم.
ولما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رجلا رزقه الله مالا، فقال لبنيه لما حضره الموت: أي أب كنت فيكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فاحرقوني ثم اسحقوني، ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عز وجل، فقال: ما حملك، قال: مخافتك، فتلقاه برحمته» متفق عليه.
س87: سئل الشيخ: عن حكم من أنكر معلوما من الدين بالضرورة، ومن خالف حكما ثابتا بالكتاب والسنة وإجماع الأمة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "إذا خالف مسلم حكما ثابتا بنص صريح من الكتاب والسنة لا يقبل التأويل، ولا مجال فيه للاجتهاد، أو خالف إجماعا
قطعيا ثابتا بين له الصواب في الحكم، فإن قبل فالحمد لله، وإن أبى بعد البيان وإقامة الحجة وأصر على تغيير حكم الله حكم بكفره، وعومل معاملة المرتد عن دين الإسلام، مثال ذلك: من أنكر الصلوات الخمس أو إحداها، أو فريضة الصيام أو الزكاة أو الحج إلى بيت الله الحرام، وتأول ما دل عليها من نصوص الكتاب والسنة ولم يعبأ بإجماع الأمة.
وأما إذا خالف حكما ثابتا بدليل مختلف في ثبوته، أو قابل للتأويل بمعان مختلفة وأحكام متقابلة فخلافه خلاف في مسألة اجتهادية فلا يكفر، بل يعذر في ذلك من أخطأ، ويؤجر على اجتهاده أجرا واحدا، وعمله بهذا الاجتهاد مشروع، ويحمد من أصاب، ويؤجر أجرين، أجرا على اجتهاده وأجرا على إصابته، مثال ذلك: من أنكر وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ومن قال بوجوب قراءتها عليه، ومثاله أيضا من قال بوجوب العمرة، ومن قال ليست واجبة، بل هي سنة، ومن قال بتوريث الإخوة مع الجد ومن خالفهم فقال: بحجبهم بالجد.. فمثل هذا لا يجوز تكفيره ولا إنكار الصلاة وراءه، ولا يحرم الأكل من ذبيحته، بل تجب مذاكرته والتفاهم معه، ذلك على ضوء الأدلة الشرعية، لأنه أخ مسلم له حقوق المسلمين، والخلاف في مثل هذه المسائل خلاف في مسائل فرعية اجتهادية، جرى مثلها في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف، ولم يكفر بعضهم بعضا، ولم يهجر بعضهم بعضا من أجلها.
س 88: سئل الشيخ عن قول الإمام محمد بن عبد الوهاب في كشف الشبهات في حديث ذات أنواط فلم يعذرهم بالجهالة؟
فقال الشيخ رحمه الله: "بعد أن قامت الحجة فلا يعذرون، أما قبل البيان فيعذرون بجهلهم، وقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يعذرهم بالجهالة
أي لم يكن الجهل عذرا يمنع من التغليظ والإنكار عليهم، حيث غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر ولكن لم يكفرهم".
س89: سئل الشيخ: هل يجوز إكرام أي شخص بالذبح له؟
فقال الشيخ رحمه الله: "إذا كان الذبح على وجه الإكرام يجوز إذا كان المذبوح له أهلا لأن يكرم، أو كان المذبوح له ضيفا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» .
أما إذا كان هذا الشخص المذبوح له فاجرا فلا يجوز؛ لأن الفاجر إهانته مطلوبة، إلا إذا كان صاحب البيت يخشى على نفسه من جبروته وشره فيقدم له الإكرام دفعا لبلائه وشره، وإذا أمكنه التخلص من هذا الفاجر والنجاة من شره دون أن يذبح له ودون أن يكرمه فهذا خير، وهذا هو الأولى.
وإذا وجد المسلم أن تقديم الكرامة ومنها الذبح لهذا الفاجر، وهو نوع من السياسة واستمالة القلوب وتأليفها، ورأى أن الإكرام هو تمهيد وفتح للقلب لقبول النصيحة وتقريبه من الخير، أو كفه عن الشر، أو عن بعض الشر الذي هو فيه، فإنه يجوز الإكرام لهذا الشخص ولربما كان مستحبا، إذن مسألة الذبح لشخص ما يختلف حكمها على حسب حال الشخص المذبوح له وعلى حسب نية الشخص الذي يذبح.