الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
مبدأ وميثاق
ووجوب التزام عقيدة السلف
الإسلام عقيدة وقول وعمل، فالعقيدة إيمان راسخ بأن الله رب كل شيء، ومليكه، خلقا، وتقديرا، وملكا، وتدبيرا، وأن العبادة بجميع أنواعها حق له، وحده لا يشركه فيها ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
فله سبحانه الأسماء الحسنى والصفات العليا التي جاءت بها نصوص الكتاب والسنة الصحيحة.
ترى جماعة أنصار السنة المحمدية أن تمر هذه النصوص كما جاءت اقتداء منهم فيها بسلف هذه الأمة، وخير قرونها فيفسرونها بمعانيها التي تدل عليها حقيقة في لغة العرب التي بها نزل القرآن، وكانت لسان النبي عليه الصلاة والسلام مع تفويض العلم بكيفياتها إلى الله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ولا يلزم من ذلك تشبيه الله بعباده، كما لم يلزم ذلك من الإيمان بذات له تعالى على الحقيقة، مع الكف عن الخوض في كنهها.
وذلك لأن الله أعلم بنفسه من خلقه، وأرحم بهم منهم بأنفسهم، وكلامه أبلغ كلام وأبينه، وله سبحانه الحكمة البالغة فيستحيل أن تتوارد النصوص وتتابع الآيات، والأحاديث على إثبات أسماء الله وصفاته بطريقة ظاهرة واضحة، ويكون المراد منها غير ما دلت عليه حقيقة، ويقصد الله منها أو يقصد رسوله عليه الصلاة والسلام إلى معان مجازية من غير أن ينصب من كلامه دليلا على ما أراد من المعاني المجازية اعتمادا على ما أودعه عباده من العقل وقوة
الفكر، فإن ذلك لا يتفق مع كمال علمه تعالى وسعة رحمته، وفصاحة كلامه، وقوة بيانه، وبالغ حكمته؛ ولأن يتركهم الله دون أن يعرفهم بنفسه، ويعرفهم به رسوله عليه الصلاة والسلام بوحيه، خير لهم وأيسر سبيلا لعدم وجود المعارض للشبه الباطلة التي زعموها أدلة وبراهين، وما هي إلا الخيالات ووساوس الشياطين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فمن جحد شيئا من هذه النصوص، أو تأولها على معان مجازية من غير دليل يرشد إلى ما تأولها عليه فقد ألحد في آيات الله، وأسمائه، وصفاته، وحق عليه ما توعد الله به الملحدين في ذلك بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وقد زادت السنة عن نصوص الكتاب في إثبات الأسماء، والصفات توكيدا، وبيانا فقضت على قول كل متأول يحرف كلام الله عن مواضعه، كما فعلت اليهود في تحريفها لكتاب ربها وتلاعبها بشريعة نبيها.
العقيدة الصحيحة توجب إخلاص العبادة لله، وإفراده تعالى بجميع أنواعها ما ظهر منها كالصلاة، والزكاة، والحج، وما بطن منها التوكل على الله، والإنابة إليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عقابه ونقمته، والاستغاثة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من الأقوال، والأعمال، والأخلاق التي تدخل في مسمى الإسلام، كما تدخل العقيدة وإن تفاوتت منازلها في الدين وكان لكل منها درجة نخصها حسب ما يتوقف عليها من العبادة، وما يتبعها من الآثار.
إن العقيدة السليمة الخالصة التي تستمد من الكتاب والسنة، ولا يخالطها شيء من شوائب الشرك، وألوان البدع، والخرافات لتبعث من دان لله إلى العمل الصالح، والأخلاق الفاضلة، والآداب السامية، وتجعل منه رجلا مثاليا في الحياة، إن حكم عدل، وإن قال فقوله سديد، وإن عمل كان على جادة الكتاب والسنة، وإن عاشر الناس: وجدوا منه خير سيرة، فمظهره يشرح للناس الإسلام، ويفسره تفسيرا عمليا بقوله وعمله وخلقه، ومن ضعف يقينه أو كانت عقيدته مدخولة قد شابها كثير من البدع والخرافات، أو غلب عليه الغرور والاعتداد برأيه، وإن خالف وحي السماء، أو طغت عليه الشبه، واستولت عليه الشكوك والأوهام، ضرب في كل واد وأخذ في بنيات الطريق وضل السبيل.
من أجل ذلك نجد جماعة أنصار السنة المحمدية يكثرون من الكلام في التوحيد في دروسهم، وخطبهم، وقادة الإصلاح المؤيدون من الله بوحيه ونصره، أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.
هذا وإن جماعة أنصار السنة المحمدية قد أخذت على نفسها أن تعتصم بكتاب الله، وتهتدي بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجعل سيرة السلف الصالح نصب أعينها عقيدة، وقولا، وعملا لا تؤثر على ذلك شيئا، ولا ترضى به بديلا من آراء الرجال الضالة، وأهوائهم الزائفة، عملا بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وما في معناه من الآيات والأحاديث، والتزمت ما ألزمها الله به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وعهدت إلي برئاسة الجماعة بعد وفاة مؤسسها بمصر، ورئيسها السابق، فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الدعوة إلى الدين، ونشر التوحيد خير الجزاء
فكان لزاما علي أن أقوم بهذا الواجب وأسير بالجماعة على هدي كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ابتغاء مرضاة الله في نشر دينه، وتحقيقا لمبدأ التعاون في نصرة الحق.
وأرجو الله أن يهيئ لنا جميعا من أمرنا رشدا، وأن يلهمنا الرشد والصواب في القول والعمل، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.