المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توحيد الأسماء والصفات - فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي - قسم العقيدة

[عبد الرزاق عفيفي]

فهرس الكتاب

- ‌ مباحث وفتاوى العقيدة

- ‌مسائل في علم التوحيد

- ‌المسألة الأولىإثبات أن العالم ممكن

- ‌ توحيد الربوبية

- ‌توحيد الأسماء والصفات

- ‌توحيد الإلهية

- ‌بيان كفر من آمن ببعض الرسل وكفر ببعض

- ‌قصة موسى عليه السلاموكيف أنها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ منهج الرسل في الدعوة إلى الله

- ‌حصول الثقة واليقين في نفوس المكلفين بمصدر الشريعة وتبلغها

- ‌ مبحث في أن الجنة والنار مخلوقتانموجودتان الآن، وأنهما باقيتان لا تفنيان

- ‌ مبحث في العرشوالكرسي وإثبات صفة العلو

- ‌مما يجب اعتقاده أن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وأنه كلم موسى تكليما

- ‌ رسالة فيالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌ رسالة في الدفاععن السنة ورد شبهات المغرضين

- ‌الشبهة الأولىالاقتصار على القرآن وإنكار السنة

- ‌الشبهة الثانيةرد بعض الأحاديث لمخالفتها للعقل أولمعارضتها المستقر في بعض الأذهان

- ‌الرد على أهل المسلك الأولالقائلين برد السنة لمخالفتها العقل

- ‌الرد على أهل المسلك الثانيالقائلين برد السنة بتأويلها على ظاهرها

- ‌دندنة البعض بأن السنة لم تدون في عصر النبوة

- ‌استفسار وبيان

- ‌الجمع بين حديث الذبابوحديث أنتم أعلم بأمور دنياكم

- ‌حكم من رد السنة جملة وتفصيلا

- ‌ التعامل مع من يرد سنة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ وجوب تقديم نصوصالكتاب والسنة على العقل

- ‌ مبدأ وميثاقووجوب التزام عقيدة السلف

- ‌ مبحث في وجوب محبة أصحابرسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاتهم والرد على الروافض والنواصب

- ‌ التعريف بأهل السنة والجماعةوتمييزهم عن الفرق الإسلامية

- ‌التعريف بأهل السنة والجماعة

- ‌ كبار الفرق الإسلامية

- ‌ الشيعة والفرق التي تشعبت منها

- ‌من فرق الشيعة الزيدية

- ‌من فرق الشيعة الإمامية

- ‌من فرق الشيعة الكيسانية

- ‌ فتاوى في العقيدة

- ‌التوسل المشروع والتوسل الممنوع

- ‌الكرامات

الفصل: ‌توحيد الأسماء والصفات

‌توحيد الأسماء والصفات

وأما توحيد الأسماء والصفات: فهو أن يسمى الله ويوصف، بما سمى ووصف به نفسه، أو سماه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تأويل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.

ومن تبصر في العالم، وعرف شئونه وأحواله تبين له كمال تعلقه خلقا وأمرا بأسماء الله الحسنى، وصفاته العليا، وارتباطه بها أتم ارتباط، وظهر له أن الوجود كله آيات بينات، وشواهد واضحات على أسماء الله، وصفاته.

وقد ذكر (ابن القيم) في: "مدارج السالكين" طريقين لإثبات الصفات:

الإحسان، والنفع، ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق يدل على رحمة خالقه، وإحسانه، ووجوده، وما فيه من آثار الكمال يدل على أن خالفه أكمل منه، فمعطي الكمال أحق بالكمال.

وخالق الأسماع، والأبصار، والنطق أحق أن يكون سميعا بصيرا متكلما.

وخالق الحياة، والعلوم، والقدر، والإرادات أحق بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدل شيء على إرادة الرب -سبحانه- ومشيئته، وحكمته التي اقتضت التخصيص، وحصول الإجابة عقيب سؤال الطالب على الوجه المطلوب دليل على علم الرب تعالى بالجزئيات، وعلى سمعه لسؤال عبيده، وعلى قدرته على قضاء حوائجهم، وعلى رأفته ورحمته بهم، والإحسان إلى المطيعين، والتقرب إليهم، والإكرام لهم، وإعلاء درجاتهم يدل على محبته ورضاه. وعقوبته للعصاة، والظلمة، وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهودة تدل على صفة الغضب. والسخط، والإبعاد والطرد، والإقصاء يدل على المقت، والبغض.

ص: 164

فهذه الدلالات من جنس واحد عند التأمل، ولهذا دعا -سبحانه- عباده إلى الاستدال بذلك على صفاته، فهو يثبت العلم بربوبيته، ووحدانيته، وصفات كماله بآثار صنعته المشهودة، والقرآن مملوء، فيظهر شاهد اسم الخالق من المخلوق نفسه، وشاهد اسم الرازق من وجود الرزق، والمرزوق، وشاهد اسم الرحيم من شهود الرحمة المبثوثة في العالم، واسم المعطي من وجود العطاء الذي هو مدرار لا ينقطع لحظة، واسم الحليم من حلمه على الجناة، والعصاة، وعدم معاجلتهم بالجزاء، واسم الغفور، والتواب من مغفرة الذنوب، وقبول التوبة، ويظهر اسم الحكيم من العلم بما في خلقه، وأمره من الحكم، والمصالح، ووجود المنافع.

وهكذا كل اسم من أسمائه الحسنى له شاهد في خلقه وأمره. يعرفه من عرفه، ويجهله من جهله. فالخلق، والأمر من أعظم شواهد أسمائه وصفاته. وكل سليم العقل، والفطرة يعرف قدرة الصانع، وحذقه على غيره، وتفرده بكمال لم يشاركه فيه غيره من مشاهدة صنعته فكيف لا تعرف صفات من هذا العالم العلوي والسفلي، وهذه المخلوقات من بعض صنعه، وإذا اعتبرت المخلوقات، والمأمورات وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت، والصفات، وحقائق الأسماء الحسنى، وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى، ومكابرة، ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة، كما قال -تعالى-:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} .

فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب جل جلاله ونعوته، وأسمائه، هي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى، وحقائقها، وتنادي بها وتدل عليها، وتخبر بها بلسان النطق والحال كما قيل:

ص: 165

تأمل سطور الكائنات فإنها

من الملك الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملتها

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشير بإثبات الصفات لربها

فصامتها يهدي ومن هو قائل

فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله، وحقائق أسمائه، وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها فهي تدل عقلا، وحسا، وفطرة، واعتبارا. ا. هـ.

ص: 166