الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكورة لوجود تقرير القاضي الخاص وهو مقدم على تقرير العام لو وجد وعارض هذا التقرير لكان الخاص مقدما عليه، كما صرح به غير واحد، هذا إذا لم يوجد سبق بأن قررا معا كيف، والتقرير الخاص سابق، والتأخير لا يعارضه لعدم التصريح برفع الأول فالأخوان مقدمان لأمور منها:
تقديم الخاص، ومنها البراءة العسكرية حيث كان مع ميزها إذن ممن له الإذن، ومنها عدم رفعهما بالبراءة المالية، ومنها تصرفهما وتصرف من قبلهما هذه المدة، ومنها أن البراءة المالية فيها أخذ الرجل عن أبيه ولم يعهد لأبيه تصرف ولا له اسم سابق في الجباية، كان ذلك مناديا ينادي على رءوس الأشهاد أن البراءة المالية وقع فيها اشتباه وخلاف إنهاء؛ لأنه وإن وجد في دفاترهم اسم موافق لاسم أبي المنهي، فمن أين يعلم أن ذلك الاسم اسم أبيه، وإن أقام على اسم أبيه بينة، فنقول له نعم أبوك اسمه ذلك، وقد تتوافق أسماء الآباء والأجداد، وهذا فن من فن الحديث يسمى "المتفق والمفترق" وهو أن تتحد الأسماء وتختلف المسميات نحو: خليل بن أحمد فهم ستة بل أكثر، يقال لكل منهم خليل بن أحمد، وقد وقع الاتفاق في اسم المحدث واسم أبيه واسم جده، مثل أبي بكر بن أحمد جعفر بن حمدان البغدادي، ومثل أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن عيسى السقطي.
ومن غريب ما اتفق محمد بن جعفر بن محمد ثلاثة متعاصرون ما توافي سنة واحدة، وهذا فن كبير من فنون علم الحديث يجب معرفته مخافة اللبس، فقد يظن المتعدد فيه واحدا عكس في الأنساب، فليتق الله رجل يكون لأبيه ولجده مثلا أسماء توافق غيرهما فيدعيهما لنفسه ويأخذ وظائف الغير بهذا الاشتباه.
وقولهم: إن البراءة المالية مقدمة على البراءة العسكرية، لعل محله ما إذا سبق تاريخ البراءة المالية أو وقعتا معا، أو اشتبه الحال، وإلا فالنائب كالقاضي والوزير كالسلطان، والوكيل كالأصيل فما معنى إبطال حكم النائب بحكم القاضي إذا لم يكن في حكم النائب خلل فيجب على المتولي أن يدفع للأخوين المذكورين معلوم جبايتهما، ثم إن المورد للبراءة المالية عن والده بطلب وظيفة محلولة عن والده، فإذا لم يوجد الأصل فمن أين يوجد الفرع كالكتابة على الماء، فهل لها ثبوت عليه لعدم أصل تعتمد عليه، فتأمل ما شرحناه لك، ولا تخض في الأحكام الشرعية بالخيالات الرديئة، والله تعالى أعلم.
مطلب فيما شاع في هذه الأعصار من عدم سماع الدعوى إلخ
.
(سئل) فيما شاع في هذه الأعصار بعد الألف من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأتم التحية من عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة، ولا سيما لمن يشاهد التصرف وهو حاضر مثلا في البلد، هل لذلك أصل من الشرع القويم، وهل أحد ممن هو مشهور بالتأليف من أئمة الشافعية
ذكرها وهل الزيادي ذكرها في تأليف أم في سؤال رفع له أوضحوا لنا هذه المسألة إيضاحا شافيا.
(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الحق لا يبطل بتطاول الزمان، ولو ألوفا من السنين، فمن علم أن بذمته أو ذمة موروثه القريب أو البعيد حقا لمسلم أو ذمي وجب عليه الخروج من عهدته ووفاؤه ولو بالسفر البعيد ليوصله إلى مالكه، وهذا أمر متفق عليه بين علماء الإسلام، بل هو من الشرائع القديمة ومن أحد الكليات الخمس أو الستة التي يجب حفظها على كل أحد، وهو محل منصب السلطان ونوابه، نصرهم الله تعالى.
وأما هذا الذي شاع في هذه العصور إنما أحدثه بعض ملوك آل عثمان، حرسهم الرحمن، خوفا من الانتشار، وكثرة الخصام، والترفع إلى الأحكام، وكأنهم عملوا فيه بقاعدة أبي حنيفة، رضي الله عنه، من الاستحسان الذي يقول به دون الشافعي، وقد سألت عنه السيد أحمد الحموي المؤلف في مذهب الإمام المذكور فقال: نعم نقول به، لا يجوز للقاضي أن يقضي فيما زاد على خمس عشرة سنة بشرط أن ينص له موليه في منشوره عليه، هذا كلامه.
فعلى هذا يشترط في كل قاض أن ينص له موليه على ذلك، وأما إذا أطلق له التولية فيحكم في جميع الحوادث؛ لأنه لم يمنع من شيء منها، وسألت شيخنا محمد الشرنبلالي عن ذلك، فأجاب بمثل جواب السيد أحمد، ووجهه أن القاضي ولايته تشمل ذلك، فليس له فيه الإلزام وإنما له الإخبار كأحاد العلماء لما علم، وهذا الكلام ينكشف لك عندنا وعندهم بأن القضاء يخص بالزمان كسنة مثلا، والمكان كالشام، والنوع كالحكم في الأنكحة مثلا، والمحكوم عليه كأهل الشام مثلا أو زيد.
قال في العباب: ثم إن عمم تولية كل واحد أو أطلق فهي عامة وإن خص كل واحد بمكان أو زمان أو نوع محكوم به أو عليه لم يتعده. انتهى.
إذا علمت ذلك عندنا، وهو أيضا مقتضى مذهب الحنيفة، انفتح لك الباب، وعلمت صحة الجواب من الشافعية والحنفية، أما الشافعية فهو ما ذكرناه لك من نص العباب ومثله غيره، وعلى ذلك ينزل ما أفتى به الزيادي؛ لأنه لم ينقل عنه إلا الإفتاء فقط، ولم ينقل عن غيره من أئمتنا فيها كلام.
وكذلك ما أجاب به شيخنا المذكور وكذلك السيد أحمد، وإذا وقع هذا الإفتاء
منا أو منهم هو مبني على نص سلطان الوقت لكل قاض رفعت له هذه الدعوى على المنع فيما فوق خمس عشرة سنة. ونصوص مذهبنا على أن السلطان هو الذي يولي القضاة، وإذا ولاهم وأطلق كان لهم الاستخلاف في الحكم على ما فصل في كتب الفقه.
وأما الآن في زمننا فإن السلطان، نصره الرحمن، يولي شيخ الإسلام، وهو يولي القضاة، فإن أطلق السلطان، نصره الرحمن، لشيخ الإسلام أو خصص بذلك أي مما