الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يمنعها إلا كل شقي بغيض عدو للإسلام مغيض قال القطب الرباني والعالم الصمداني محيي الدين النواوي قدس سره العزيز مع شرح ابن حجر له ويندب زيارة القبور التي للمسلم للرجال إجماعا وكانت محظورة لقرب عهدهم بالجاهلية فربما حملهم على ما لا ينبغي ثم لما استقرت الأمور نسخت وأمروا بقوله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة وأما النساء فإن الزيارة لغير الأنبياء لهن مكروهة وقبور الكفار لا تسن زيارتها قال: يسن للنساء زيارة قبور الأنبياء وقبره صلى الله عليه وسلم أشد استحبابا ويسن لهن زيارة الأولياء والعلماء وتقبيل ضرائحهم غير ممنوع والتوسل بالأنبياء والأولياء مطلوب محبوب كما عليه السلف والخلف وجميع الطبول جائزة إلا الدربكة وهي طبل واسع الرأس ضيق الوسط فليس شيء من ذلك ممنوعا بل هو مطلوب محرك للقلوب إلى علام الغيوب لا ينكره إلا كل ملحد مبتدع من أهل الضلال والله أعلم.
مطلب ورد عن بعض علماء السادة الحنابلة إلخ
(سئل) ورد عن بعض علماء السادة الحنابلة حفظهم الله تعالى سؤال صورته فيما اشتهر في بلادنا في هذا الزمن من العملة المسماة بعملة المثالثة وهو أن يدفع إنسان لآخر مائتي قرش قرضا بثلاثمائة إلى أجل ويأتيان إلى فقيه من فقهاء السادة الشافعية يعمل لهما حيلة لأجل الخلاص من الربا فيقول الفقيه للمعطي: بع الآخذ محرمتك أو سكينك أو بيتك أو هذا الكتاب أو المسبحة أو السواك أو نحو ذلك بالمائة الزائدة ويكتب على الآخذ صكا بالثلاثمائة قرش أو يقول الفقيه للآخذ أنذر له بالقدر الزائد أو يقول له هبه كل مدة كذا مثلا فهل هذا البيع والنذر والهبة صحيح مع الشرط ويخلص من الربا مع أن هذا نفع وقد ورد في الحديث الصحيح كل قرض جر نفعا فهو ربا، وهل الإثم على الآخذ والمعطي أم على الفقيه الذي حلل لهما ذلك مع أن غالب الفقهاء الفاعلين لذلك من أهل التصوف ومنسوبين للعلماء الصوفية وملازمين على الذكر والأوراد والخلوات وغير ذلك فهل يجوز منهم ذلك وهل يجوز إقرارهم على ذلك وماذا يترتب على ذلك من الأحكام ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح أفيدوا جوابا كافيا تعطوا أجرا وافيا لا زلتم لكشف المعضلات ودفع البليات.
(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أولا أن زمننا هذا كثر فيه الجهل بأقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين حتى صار علماؤه يفسرون الكلام وينسبونه إلى أصحاب المذاهب من أئمة الدين ويضعون الأحاديث والأكاذيب بحسب أغراضهم الفاسدة ولا يبالون وسبب ذلك قصورهم في العلم وعدم الاطلاع على كتب العلماء من الفقهاء وغيرهم وها أنا أنقل لك ما ذكره العالم العلامة شيخ المذهب الشمس الرملي رحمه الله تعالى
في كتابه المعتمد في المذهب شرح المنهاج المقبول عند أهل الإسلام فذكر رحمه الله تعالى أن هذا البيع والنذر والهبة بهذه الصورة باطل قطعا فذكر في كتاب البيع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط كبيع بشرط بيع أو بيع دار مثلا بألف بشرط قرض مائة لأنه جعل الألف ورفق العقد الثاني ثمنا واشتراطه فاسد فبطل مقابله من الثمن وهو مجهول فصار الكل مجهولا انتهى، وذكر أيضا فبيع بشرط إجارة أو إعارة باطل لذلك سواء قدم ذكر الثمن على الشرط أم أخره عنه انتهى وذكر في باب القرض بقوله ولا يجوز قرض نقد أو غيره بشرط رد صحيح عن مكسر أو رد زيادة على القدر المقترض أو رد جيد عن رديء أو غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض كرده ببلد آخر أو رهنه بدين آخر فإن فعل فسد العقد لخبر فضالة بن عبيد رضي الله عنه كل قرض جر منفعة أي شرط فيه عمل يجر إلى القرض منفعة فهو ربا والمعنى فيه أن موضوع القرض الإرفاق فإذا شرط فيه لنفسه حقا خرج عن موضوعه فمنع صحته انتهى، وذكر أيضا ومنه القرض لمن يستأجر ملكه مثلا بأكثر من قيمته لأجل القرض إن وقع ذلك شرطا إذ هو حرام بالإجماع وإلا كره عندنا وحرم عند كثير من العلماء انتهى وذكر أيضا في كتاب النذر وقد اختلف من أدركناه من العلماء في نذر من اقترض شيئا لمقرضه كل يوم كذا ما دام دينه أو شيء منه في ذمته فذهب بعضهم لعدم صحته لأنه على هذا الوجه الخاص غير قربة بل ليتوصل به إلى ربا لنسيئة وذهب بعضهم وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى إلى صحته لأنه في مقابلة نعمة ربح المقرض أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لارتفاق ونحوه ولأنه يسن للمقرض رد زيادة عما اقترضه فإذا التزمها بالنذر لزمته فهو مكافأة إحسان لا وصلة للربا إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا انتهى وذكر في كتاب الهبة ولا تصح الهبة بأنواعها مع شرط مفسد انتهى فقد علمت أيها الإنسان ما ذكره العالم العلامة المذكور فيا علماء المسلمين ويا قضاة الموحدين ويا فقهاء يا مدرسين يا أصحاب الدين المتين يا حضر يا بدو يا فلاحين رحمكم الله تعالى ووفقكم للحق المتين هل سمعتم أن المحرمة التي قيمتها مثلا نصفا فضة تباع بمائة قرش، وهل المشتري يأخذها بهذا الثمن إلا لأجل أن يدفع له بائعها مثلا مائتي قرش قرضا أو أن المقرض يدفع للمقترض شيئا إلا أن يشرط عليه أن ينذر له الفائدة أو أنه يدفع له شيئا إلا أن يقول له تهب لي مثلا شيئا قدر الثلث ونحوه وهل يخال لكم أن يدخل في عقولكم أن المقترض يشتري بهذا الثمن أو ينذر أو يهب إلا لأجل القرض ويشرط عليه الدافع له ذلك ومراده يتخلص من الربا وهو الربا بعينه فحسبنا الله تعالى
على من فعل ذلك وحلله من الفقهاء ونعم الوكيل وجازاه الله تعالى بهذا الفعل الشنيع الجزاء المثيل وعامله بعدله حيث أنشأ عملة المثالثة بغير دليل وأباح مال زيد لعمرو بلا سبيل وأظهر الربا في هذا العصر ولم يخش الجليل وأغضب الرحمن وأرضى الشيطان بثمن قليل فهو من الذين استحوذ عليهم الشيطان ألا إن حزب الشيطان هو الخاسر الذليل والآخذ لذلك إن كان مضطرا فسيكون سالما من الإثم وأما الآكل لذلك وهو صاحب المال المعطي أظن أيضا أنه كذلك ليس عليه إثم لأنه قلد في ذلك فقيها وإنما جميع الإثم والوبال والنكال وغضب الجبار على الفقيه الذي حلل هذا الحرام وكاتب الوثيقة الذي أباح هذه الآثام والشاهد الذي يجر بشهادته للغير مال الغير باطلا ظلام أولئك ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم بدر التمام كما ورد بذلك في الحديث الشريف عن سيد الأنام ولقوله عليه الصلاة والسلام: من قضي له من مال أخيه بغير حق فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار وقوله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ويلحق بذلك كل من حضر وأقر على ذلك لما ورد في الخبر الصحيح عن صاحب القدر الرجيح من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ويجب على كل مسلم أن ينكر ذلك لما ورد في الخبر عن سيد البشر: لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله تعالى بعذاب من عنده وأي منكر أعظم من هذه الفعلة الشنيعة لأن الربا من الكبائر بل قال بعضهم إنه من أكبر الكبائر وعلامة على سوء خاتمة آكله والعياذ بالله تعالى ولم يحل في شريعة من الشرائع قط، وما من نبي من الأنبياء إلا وقد حذر قومه منه، قال تعالى:{وأخذهم الربا وقد نهوا عن وأكلهم أموال الناس بالباطل} وعلى الفرض والتقدير أن هذا الفقيه الفاعل ما ذكر إذا وجد له قولا ووجها محللا لذلك عند إمامنا الشافعي رضي الله عنه أليس أن هذا ربا وحرام وباطل غير صحيح عند الإمام أحمد بن حنبل قدس سره العزيز، والعوام لا مذهب لهم فكيف يسوغ له الإقدام على مخالفة مثل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، قال بعض العارفين والله لو علمت أن شرب الماء البارد يخل بمروءتي ما شربت، وأي خلل للمروءة من أن يشاع بين الناس أن الفقيه الفلاني حلل عملة المثالثة وأيضا شيوع هذا الأمر وظهوره يلزم منه وقوع الناس في عرض مثل هذا الفقيه المحلل لهذا الأمر وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائن من العلم أحدهما بثثته في الناس والثاني لو بثثته لأزيل هذا البلعوم وقوله صلى الله عليه