الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فمن دعي إلى الشرع وأبى فلا يخلو حاله من أمور منها عدم الرضى بما حكم الله تعالى به ورسوله فلا خلاف في كفره وردته، وتبين منه زوجته إن كانت قبل الدخول بها أو بعده وقد انقضت عدتها قبل توبته ورجوعه للإسلام وتحرم ذبيحته ومنها أن لا يكون الحامل له على ذلك إلا نفسه والتكبر فهو عاص آثم يخشى عليه الكفر، ومنها أن يجد في نفسه ميلا لغير الشرع لحب الدنيا لعلمه أنه في الشرع مغلوب فهو كذلك عاص مرتكب كبيرة لتقديمه غير الشرع عليه، ومنها أن يكون راضيا بحكم الشرع منقادا له غير أنه يدعي لرجل يحكم بينهما فلا يرضى به إما لخصومة بينه وبين الرجل المذكور وإما لعلمه بميله عن الحق أو رشوته، فهذا لا يضر الامتناع من الدعوى عنده، وأما قذف الرجل المدعي فيترتب على ألفاظه مقتضياتها من حد إن كان قذفه صريحا أو تعزير إن كان فيه أذية لخصمه. وأما الرجل الذي ينسب إلى شيخ من السادة الصوفية مثل سيدي عبد القادر أو سيدي أحمد الرفاعي وغيرهما فيجب عليه سلوك الأدب مع الله ورسوله ومع الخلق ويتحمل الأذى منهم، ويصبر على الجفا والجوع والسهر والعبادة والصوم والمراقبة، ويكون مع الناس ببدنه ومع الله بقلبه وتوجهه ومراقبته، والقيام بواجبات الشرع ونوافله، فإن كان بهذه الصفة فهو فقير صادق وشيخه إن كان أرقى منه ويحفظه عند الخطأ ووقوع المخالفة، ويمنعه بحاله وقاله عن كل ما يغضب الله تعالى فهو شيخ هاد حق، وطريقه طريق صدق، وإلا فكل منهما كاذب مفتر على الطريق مدنس لها هادم لها فهو عليها أضر من قطاع الطريق؛ لأنهم لم يدعوا سلوك طريق العارفين الواصلين. وأما مثل هؤلاء وأضرابهم فلا كثر الله منهم في الأرض، ولأنهم أضر على الناس من الأشقياء والفساق لتزينهم بزينة الصلاح، وفعلهم فعل أهل الضلال فضلوا وأضلوا وزلوا وما جلوا، ويجب على كل مؤمن يعرف الحق أن يأمرهم به وينهاهم عن الباطل والله تعالى أعلم.
مطلب في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته إلخ
(سئل) في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته، ثم إنه اجتمع أهل تلك البلد ووزعوا ذلك المال عليهم ودفعوا منه شيئا، وبقي منه شيء اختلفوا فيه وكل يمتنع من دفعه، فهل يكون لازما للجميع أو للمربوط وحده؟
(أجاب) من دفع شيئا من أهل البلد فهو متبرع به لا رجوع له به، وأما هذا الباقي على الرجل لا يلزم أحدا أن يدفع منه شيء والله تعالى أعلم.
(سئل) عن سؤال رفع للمرحوم العلامة الشيخ خير الدين الرملي فأجاب عنه وهذا صورة السؤال والجواب
أيا من بتحرير المسائل وامق
ومن فهمه للصخر من رام فالق
لأنت إمام عالم متبحر
وحيد فريد بالفرائد ناطق
وخير لدين الله تهدي لشرعه
وأنت على أهل الفضائل فائق
إذا قام برهان بتزويج قاصر
لها من أبيها وهو في الجحد عالق
على وجه بعد السؤال ونكره
ولم يبد عذرا حين صار التناطق
وقد حكم القاضي كذا بنكاحها
بغيبتها والزوج بالحكم واثق
فهل بعد هذا الحكم لو أنها ادعت
بلوغا قبيل الحكم للحكم سابق
وأن أباها ليس خصما وأنها
هي الخصم فيما يدعى ويشاقق
به ينتفي الحكم الذي قد جرى له
فأوضح لنا عن دائما هو فارق
وسامح عبيدا عاجزا ومقصرا
كثيرا الخطايا وهو في الذنب غارق
وإني ابن عثمان الشهير بكاتب
بشرع رسول جاء للكفر ماحق
عليه صلاة الله ثم سلامه
مدى الدهر والأيام ما لاح بارق
كذا الآل والصحب الكرام وتابع
ومن لهم في الخير والدين لاحق
فأجابه رحمه الله تعالى بما صورته في فتاواه
نعم ينتفي الحكم الذي قد جرى له
لأن أباها ليس خصما يشاقق
…
إذا ما احتمالات البلوغ تأكدت
عليها ولاحت للبلوغ بوارق
…
ويقبل منها لدفع من بعد حكمه
كذلك دفع الدفع والزيد لاحق
…
وهذا من الدفع الصحيح الذي حكوا
على الأشبه المختار وهو الموافق
(أجاب) عن السؤال المذكور ثانيا بقوله رحمه الله تعالى:
لك الحمد يا من للبرية رازق
ومن للنوى والحب لا ريب فالق
…
فمنك استمد العون في كل حادث
وإني بما أملته منك واثق
…
إذا كان سن البنت محتملا لها
له تدعى وهو البلوغ الموافق
…
فقالت نكاحي غير بت وإن أتى
على صغرى من عاقديه التصادق
…
وما والدي خصم فكيف حضوره
وما الخصم في الدعوى سواي يشاقق
…
تجاب لدعواها والقول قولها
وتبطل دعوى المدعي وهو مارق
انتهى فالمقصود من فيض جودكم أن تفضلوا بحله وشرحه، وبينوا لنا مقصود المجيب بعبارة سهلة يفهمها كل من يقف عليها فإن الفقير بضاعته مزجاة، ومراده اقتناص الشرائد والتقاط الفرائد أثابكم الله تعالى الجنة.
(أجاب) اعلم زادك الله تعالى توفيقا أن صورة هذه المسألة التي بها ينكشف عنها الغطا ويتضح مدركها أن رجلا
ادعى على آخر عند حاكم أنه زوجه ابنته فلانة القاصرة زواجا صحيحا، فأنكر أبوها الزواج وهو معنى قوله في النظم:"وهو في الجحد عالق"، فأقام الزوج بينة بعد الإنكار أن الأب المذكور زوج ابنته المذكورة الغائبة من فلان المدعي وهو معنى قوله: إذا قام برهان فحكم القاضي بصحة نكاحها اعتمادا على البرهان المذكور وهو البينة وذلك في غيبة البنت، وحكمه أيضا بناء على أنها قاصر إلى الآن فوثق الزوج المدعي بصحة هذا النكاح اعتمادا على الحكم والبينة وأن الزوجة قاصر فالحكم على الأب صحيح؛ لأنها لا تصح عليها الدعوى؛ لأن شرط صحة الدعوى أن يكون المدعى عليه كاملا، ثم بعد تمام ذلك وانبرامه جاءت الزوجة المذكورة أو وكيلها إلى الحاكم قائلة للحاكم: إن حكمك غير صحيح لعدم صحة الدعوى؛ لأنها وقعت على والدي والحال أني بالغ وأن ولاية أبي عني ارتفعت، وإنما الدعوى وإقامة الشهود علي فأقام الشهود على أبي غير صحيحة؛ لعدم صحة الدعوى عليه، لأنه ليس بخصم لأن شرطه لو أقر بالمدعي به صح إقراره ولو أبى لا يصح منه ذلك، ثم إن إمارة البلوغ فيها ظاهرة متأكدة وشواهدها بارقة مشرقة فيقبل منها القاضي ذلك ويقول لها: لا لوم علي؛ لأن ما جرى من باب فقه القضاء لا من باب علم القضاء وظاهر ذلك أنه يقبل منها ذلك، وإن لم تقم عليه بينة نعم لو ادعت البلوغ في سن ممكن بالحيض قبلت؛ لأنه لا يعرف إلا منها، وأما لو ادعت بالسن فقد يقال على قواعدنا إنها تكلف البينة، ثم يقول لها القاضي: حكمي على أبيك تبين بطلانه؛ لكونه غير خصم وأنت الخصم وهذا الزوج يدعي عليك أنك زوجته فتنكر هي ذلك، فإن أقام الزوج عليها البينة وأن أباها زوجها بالولاية عليها في حال سفرها فيقبل، ويحكم بنكاحها ثانيا هذا هو الظاهر المتبادر من النظم والمدرك وإن كان الشيخ أحمد المصري الذي في نابلس فهم أن الحكم باطل والنكاح أيضا باطل من أصله أخذ ذلك من جواب الشيخ خير الدين الثاني تجاب لدعواها بعد قولها:"غير بت" ولكن هذا غير مراد؛ لأن المسئول عنه إنما هو ارتفاع الحكم لا سيما قوله في الجواب الأول، ويقبل منها الدفع بعد حكمه أي إنكار النكاح من أصله، فإن أقام الزوج بينة فلها معارضتها وهذا معنى قوله ثانيا كذلك دفع الدفع والزيد لاحق. فإن أقام البينة ثانيا بعد إبطالها الأولى فلها دفعها، وهذا معنى قوله: والزيد لاحق وهكذا وظهر من تقريره أن هذه المسألة في هذه الحالة ينقض فيها حكم الحاكم فتراجع من محليها وهذا ظاهر عند إنكار الأب النكاح كما في السؤال، وأما لو أقر به وحكم الحاكم بإقراره، فهل لها دفع هذا الحكم والحالة ما ذكر وظاهر الجواب الثاني أن لها ذلك أخذا من قولها: "وإن أتى على صغرى من عاقديه
التصادق". هذا كله إذا ادعى عليها في زمن يمكن فيه بلوغها وإلا صحت الدعوى وحكم بصحة النكاح، وهنا فروع تتفرع على هذه المسألة منها إذا لم تدعي هذه المرأة هذه الدعوى بأن لم تعلم بحكمها كما هو المشاهد من نساء العصر، فهل يجب على من يعلم هذا الحكم أن يخبرها به من أبيها أو غيره؛ لأن الدعوى عليها ما صحت والنكاح في ظاهر الحال باطل. الثاني: أن مثل هذه الدعوى إذا وقعت عند القاضي، فهل يجب السؤال عن حال البنت هل هي بالغ فتكون الدعوى عليها، أو غير بالغ فعلى وليها. الثالث: هل يجب على الشهود الشاهدين على الأب السؤال عن الزوجة لتصلح شهادتها إذا لم تكن بالغ وترد إن كانت بالغا؟
الرابع: إذا كان الزوج هو الذي تزوجها بنفسه فأمره ظاهر إن كانت دعواه صحيحة فهي زوجته في نفس الأمر، وإن كانت كاذبة فليست بزوجة له.
ومحل صحة قول الحنيفة رضي الله عنهم شاهداك زوجاك إذا كانت الدعوى صحيحة، وهناك الدعوى على الأب غير صحيحة. الخامس: إذا ادعى الزوج أن المزوج لها منه وليه، وقد أقام الشهود على الأب في حال احتمال البلوغ وتسلم الزوجة، ويتفرع على هذا الحال الخامس فروع؛ منها أنه يجب على غير الزوجان أن يعلم الزوج بذلك ويقول له: إن دعواك على الأب غير صحيحة فلا يجوز لك قربان هذه المرأة. ومنها أنه إذا كان من أهل العلم يحرم عليه أن يدخل عليها بهذه الدعوى، ومنها أنه إذا لم يتضح الحال لها إلا بعد دخول الزوج بها فإذا رفعت أمرها للقاضي وقالت: إن هذا الزوج إنما أخذني بدعواه على أبي والحال أني كنت إذ ذاك بالغة فتبين بطلان النكاح، ولها مهر المثل عليه لكون وطئه شبهة، ومنها إذا ماتت الزوجة ثم علم الحال فهل يرث الزوج شخصيا منها؟ ومنها إذا مات الزوج والزوجة تعلم ما ذكر فهل ترث منه ويحل لها أخذ الميراث فيما بينها وبين الله تعالى؟ ومنها لو مات الزوج عنها قبل الدخول بها فهل يجب عليها العدة عدة الوفاة؟
الفرع السادس: إذا علم القاضي منها البلوغ مقتضاه أنه لا يجوز له الحكم عليها لأنه لا يجوز له الحكم بخلاف علمه. السابع: إذا علم الزوج ذلك وكان المزوج له الولي، وكانت حال الدعوى بالغة فيحرم عليه النظر إلى أمه؛ لكون عقده لم يثبت. الثامن: إذا كان لها أخت أو من يحرم جمعه معها كعماتها وخالتها فهل له أن يعقد على من ذكر إذا لم يدخل بهذه لأن نكاحها لم يثبت، ولا عبرة بما وقع مع الأب؟
التاسع: فهل يحرم على أبي الزوج وابنه النظر إليها لا لكون ما وقع مع الأب لا عبرة به ولم يعلم الواقع ما هو؟
العاشر: إذا علم حكم هذه المسألة رجل من المسلمين وكان الزوج دخل بها في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى القاضي ويدعي على الزوج دعوى حسبة لكونه يدخل عليها بغير وجه شرعي. الحادي عشر ما حكم الأولاد