الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يؤكل فمنع الله تعالى التصرف في الربا والذين يأكلونه لا يقومون من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه أي يصرعه الشيطان من المس أي الجنون.
والمعنى أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كالمصروع الذي لا يستطيع الحركة الصحيحة؛ لأن الربا ربا في قلوبهم وبطونهم فثقلهم فلا يقدرون على الاستطاعة وقال ابن عباس: لا يقبل الله تعالى من آكل الربا صدقة ولا حجا ولا جهادا ولا صلاة، ومما يفعلونه أصحاب الأموال الآن إذا أراد أحدهم أن يقرض غيره مائة قرش مثلا ويجعل عليه فائدتها كل شهر رطلا زيتا أو قفة رزا مثلا فيقول له: هب ذلك لي كل شهر فيوهبه كل ذلك وهذه الهبة باطلة لما ورد في الخبر: كل قرض جر نفعا فهو ربا.
وقد كان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يجلس تحت ظل شجرة غريمه، ومن ذلك القرض لمن يستأجر ملكه بأكثر من قيمته لأجل القرض، وإن وقع ذلك شرطا إذ هو حرام بالإجماع، ومن بعض فعلهم القبيح أنهم يورثون الذكور دون الإناث، وهو ما كان عليه أهل الجاهلية ويخالفون قول الله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} فالله تعالى جعل للبنات حصة في أموال آبائهن، وقسم لهن مع الذكور خلافا لما كانوا عليه في الجاهلية، وذلك لضعفهن وترغيبا في نكاحهن. وقد عدل سبحانه وتعالى حيث جعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأن الذكر ذو حاجتين حاجة لنفسه وحاجة لعياله، والأنثى ذات حاجة فقط.
وقد روي أن جعفرا الصادق رضي الله عنه
مطلب عن تفضيل الذكر على الأنثى إلخ
(سئل) عن تفضيل الذكر على الأنثى فقال: إن حواء أخذت حفنة من الحنطة وأكلت وأخذت حفنة أخرى وخبأتها ثم أخذت حفنة أخرى ودفعتها إلى آدم عليه السلام، فلما جعلت نصيبها ضعف نصيب الرجل قلب الله الأمر عليها فجعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل وقيل إنه قيل: كفى للذكر أن جعل نصيبه ضعف نصيب الأنثى فلا ينبغي له أن يطمع في جعل الأنثى محرومة بالكلية انتهى.
ومن بعض فعلهم القبيح أنهم يرسلون نساءهم إلى المدن يبيعون ويشترون في الأسواق وهن كاشفات وجوهن متشبهات بالرجال، ولا يستحين من الله تعالى ولا من عباده وقال تعالى:{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} الآية أي عما لا يحل لهم النظر إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: " يا علي لا تتبع النظرة النظرة؛ لأن الأولى لك، وليست الثانية لك". وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية عما لا يحل لهن نظره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وميمونة بنت الحارث لما دخل عليهما ابن أم مكتوم احتجبن منه فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعمي أنتما ألستما تبصرانه". وقد اتفق المسلمون على منع النساء أن يخرجن
سافرات الوجوه؛ لأن النظر إليهن مظنة الفتنة، ومحرك الشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال، ومن بعض فعلهم أنهم يرسلون نساءهم إلى الهيش يحتطبن ويحملنه على رؤوسهن ويكلفونهن إلى الطحن بأنفسهن وإلى حمل القش من السهل إلى البيادر وغير ذلك من الأفعال الشاقة قائلين: من الواجب عليهن فلا والله ما يجب عليهن من هذا شيئا، ومن بعض جهلهم أنهم يلبسون نسائهم السراويل عند الممات، وأما في حياة الدنيا فلا يلبسونهم ذلك؛ لأنه عار عندهم لبس أزواجهن اللباس في الدنيا ويخالفون قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم وحصنوا بها نسائكم إذا خرجن أي استروهن وصونوهن بلبس السروال خصوصا إذا خرجن من بيوتهن لما فيها من الأمن من انكشاف العورة بنحو سقوط أو ريح فهي كحصن مانع.
وأما فعل هؤلاء المذكورين فإنهم يسترون نسائهم بلبس السروال في القبور ولا يلبسونهن ذلك في الدنيا خصوصا عند خروجهن وتراهن أيها الإنسان في الشتاء وهن ماشيات في الأسواق رافعات ثيابهن إلى ركبهن وما عليهن إلا ثوب واحد فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن بعض جهلهم أن أحدهم إذا كان متزوجا امرأة واحدة وأخذ ثانية فالغالب أنه يترك الأولى، وأنه يأخذ الجديدة إلى قرية ثانية يسكن بها ويترك الأولى من غير نفقة ولا كسوة ولا يخف من الله تعالى ولا يخشى عقابه.
ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ومن له زوجات وبات عند بعضهن لزمه فورا أن يبيت عند من بقي منهن تسوية بينهن للخبر الصحيح: " إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". أي ساقط وقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من العدل في القسم، وإذا دخل على إحداهن في نوبة الأخرى، وطال مكثه قضى من نوبتها مثله؛ لأنه مع الطول لا يسمح به وحق الآدمي لا يسقط بالعذر.
ومن بعض أفعالهم أنه إذا كان لأحدهم امرأتان فيجمعهما في بيت واحد مع أنه يحرم عليه ذلك بغير رضاهن.
ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ويحرم عليه أن يجمع ضرتين في مسكن أو خيمة ولو ليلة لما بينهما من تباغض إلا برضاهما؛ لأن الحق لهما ولهما الرجوع ويكره له أن يطأ واحدة مع علم الأخرى، ولا يلزمها الإجابة؛ لأن الحياء والمروءة يأبيان ذلك ومن ثم صوب الأذرعي التحريم.
ومن بعض أفعالهم القبيحة أنه إذا مات رجل وترك ذكورا وإناثا ودواب ومواشي وأسبابا وأملاكا فالذكور يجعلون البنات من جملة الميراث مع الدواب والمواشي والأملاك والأسباب ويقتسمون ذلك، والورع فيهم يدفع
للأنثى بعدما تقسم مع الميراث بعض أشجار زيتون وبعض أشياء حتى أنها تبرئ ذمته من الباقي فلا والله العظيم إنها ما تبرئ ذمته عن طيب قلبها وانشراح صدرها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن بعض أفعالهم القبيحة أنهم يقايضون ببناتهم كالجحاش، وكل من تستحق الزود عن الأخرى بكبر أو حسن أو جمال أو غير ذلك يزيدونها وهذا يسمى نكاح الشغار للنهي عنه ففي خبر الصحيحين مأخوذ من شغر الكلب رجله إذا رفعها ليبول فكأن كلا منهما يقول للآخر: لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك وهو زوجتك بنتي على أن تزوجني أو تزوج ابني مثلا ابنتك. وبضع كل واحدة صداق للأخرى فيقبل وعلة البطلان التشريك في البضع؛ لأن كلا جعل بضع موليته مورد للنكاح وصداقا للأخرى فأشبه تزويجها من رجلين.
ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنهم يبيعون بناتهم وأخواتهم وبنات أعمامهم لأزواجهن كبيع الأرقاء ويأكلون مهورهن ويقولون: إنهن يبرئن ذمتهن من ذلك فلا والله العظيم ورسوله الكريم أنهن لا يبرئن ذمتهم عن طيب قلب وانشراح صدر، وإنما هو قهر عليهن وغصبا.
ومن بعض أفعالهم أن بعضهم يأتي إلى عند بعض التجار، ويستدين منه أقمشة وكسوة مختلفة الألوان وبعد قطع ذلك وتفصيله يذهب إلى قريته، فإن استعمل ذلك وألبسه لأهله فيماطل التاجر بثمنه ويعده إلى البيدر، فإذا جاء البيدر يتعلل له بأمور واهية ويصبره إلى البيدر الثاني، فإذا جاء البيدر يتعلل له بأمور أيضا ويصبره إلى الزيت، فإذا جاء له الزيت يقول له: ما حمل زيتوني وأنت فيك التحمل ويصبره إلى البيدر وهلم جرا. وإن كان له غنى عن الحوائج أو أنه طلق زوجته التي أخذ لها الكسوة والقماش فيعاود القماش على صاحبه بعد قطعه وتفصيله، ولم يخش الله تعالى، ولم يستح من عباده، ولم يختش من كلام ولا ملام. وقد وقع لي مثل هذه المادة وهو أن فقيها من فقهاء البر عقد نكاحه على بنت، وأراد الدخول بها فجاء لعندي وأخذ لها كسوة العرس ليجيب لي بثمنها زيتا، ثم بعد ذلك طلقها ورد الكسوة منها ما هو مفصل، ومنها ما هو مخيط عامله الله تعالى بعدله والحمد لله تعالى بضاعتنا ردت إلينا.
ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنه إذا وقع بينهم وبين أعدائهم حرب فيلبسون نسائهم أفخر ما عندهم من الملبوس ويزينوهن، ويديرون بينهم في الحرب ويحرضونهم على القتال ويحملن لهم المأكل والمشرب وكل من جبن أو فشل عن القتال من الرجال تأتي إليه إلا مرأة ومرادها أن تأخذ سلاحه لأجل ما تحرضه على القتال وتقويه على قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق. ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنه إذا صار عندهم فرح يجتمع شبابهم