الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن تركوا أمرهم فلا يجوز فيه الإهمال خصوصا فيما يتعلق بهذا الشأن الذي طال ما ضربت الصحابة دونه بسيوفها حتى استقام وباعوا فيه النفوس حتى شد صلبه وقام، فالمتعين على حكام المسلمين والإسلام وولاة سائر الأنام تدارك هذا الخطر المشكل وتلافي هذا الشأن الصعب المذهل والتيقظ له برد مثل هؤلاء إلى الشرع المحمدي وترك ما عداه مما لم ينزل الله به من سلطان، ومن أبى وتمادى منهم في الضلال يجب أن يعامل بالقتل والقتال ولا حول ولا قوة إلا بالله المهيمن المتعال إليه مرجعنا ومردنا وعليه اعتمادنا في سائر الأحوال اللهم قوي متن سماء الشريعة، وارفع عمدها، وثبت قوائمها يا ممسك السماء أن تقع على الأرض أمين اللهم أمين.
مطلب سئل عن نحو عرب السعادنة وبني عطية إلخ
و (سئل) رحمه الله تعالى في نحو عرب السعادنه وبني عطية وغيرهم من عرب الشام ومصر والحجاز وغيرهم من عرب البوادي الذين يطلقون أزواجهم فيتزوج الرجل منهم زوجة الآخر المدخول بها بعد طلاقه بجمعة أو أقل، وكذلك بعد الموت لا يعتدون مطلقا ويستحلون ذلك، وإذا مات أحدهم عن عشر بنات مثلا وله ابن عم ونحو ذلك من العصبة وإن بعد لا يورثون البنات مطلقا معه، بل يمنعوهن بأنفسهن ميراثا ويورثون ذلك لعصبته فقط، ويستحلون ذلك ويصدقون ببعثته صلى الله عليه وسلم، ولكنهم ينكرون البعث والنشور وإذا قيل لأحدهم: إن ربنا سبحانه يحيي الخلق بعد موتهم، ويحاسبهم على أعمالهم فيقولون: لا ندري ذلك ولا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ودأبهم الفساد في الأرض وقطع الطريق وقتل النفس التي حرمها الله تعالى بغير حق ويبيعون الحر، ويقول بائعه: هذا فلاحي أبيعه لمن شيئت كيف شيئت وأتصرف فيه بالرهن كيف شيئت مستحلين ذلك، ومن قبائحهم أن الواحد منهم إذا جاءته زوجة الغير مغضبة من زوجها وكان بينها وبينه أدنى قرابة يذبح شاة ويطعمها لأهل حيه، ويدخل عليها في الحرام، ويجعلها زوجة له معتقدا حل ذلك فما حكم الله تعالى فيهم؟ وما يجب على الحكام في حقهم شرعا مع نهيهم لهم عن ذلك مرارا وأمرهم بالاستسلام والانقياد لأحكام الله تعالى فما يزدادون إلا مخالفة وخروجا عن أمرهم؟
(فأجاب) قد سئل عن مثل هذه المسألة شيخ مشايخنا الزاهد الورع العالم الشيخ أمين الدين محمد بن عبد العال الحنفي رحمه الله تعالى (فأجاب) بما حاصله المرقوم في فتواه من استحل حكما عام أمره وحرمته في دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وحيث نهوا ووعظوا مرارا حل قتلهم وقتالهم وأخذ أموالهم، ثم ينظر في حال نسائهم إن كن مؤمنات مكرهات معهن لا ذنب لهن فيعلمن الأحكام، وإن لم يكن
كذلك حل سبيهن وبيعهن كالحربيات انتهى. وحيث قطعوا الطريق وقتلوا النفس وأخذوا الأموال فجزاؤهم ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز قال عز من قائل: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} هذا حكمهم مع كونهم كفارا، وبه يعلم حل قتلهم مطلقا والحالة هذه ويثاب قاتلهم، وأجر المقاتل لهم كأجر المقاتل لأهل الحرب مع خلوص النية؛ لأنه مجاهد في سبيل الله والله أعلم.
ومن جملة قبائح هؤلاء المجرمين المارقين من الإسلام مروق السهم أن الرجل منهم يأخذ البنت البكر أو المرأة الثيب قهرا عليها وعلى أهلها، وذلك أنه يجدها في بادية فيهددهابالقتل، ثم يذهب بها لبلدة أخرى فيدخلها بيت رجل من أهل القرية فيمكنه منها مع وجود جميع أهل البلد وشهادتهم لذلك،
فلا ريب عندي أنهم كلهم فسقة أشقياء مستحقون القتل لإقرارهم على هذه الفاحشة العظيمة التي لا تقع بين المسلمين.
فقد نص أئمتنا متونا وشروحا على أن الصائل على الفرج يجب قتاله ولو قتل فدمه كدم الكلب هدر، وعبارة المنهج مع شرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري بل يجب أي الدفع في بضع وفي نفس ولو مملوكة قصدها غير مسلم بقيد زدته بقولي محقون الدم، وكتب عليه المحشى الزيادي قوله في بضع ومقدماته وغير أقاربه؛ لأنه لا مجال للإباحة فيه، بل يقع منهم أشد من هذا الأمر الفظيع الشنيع الذي لا يقع في بلاد الإسلام وهو أن أحدهم يأخذ زوجة الرجل التي في عقد نكاحه قهرا عليه بالوجه السابق وله منها أولاد، فيدخل عليها وتصير زوجة للغاصب فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولولا حلم الله تعالى لكادت السماء أن تقع على الأرض ولكن عذاب الله شديد ولعذاب الآخرة أشد.
وغالب نسائهم بهذا الوجه القبيح المخالف لملة الإسلام وكلهم متواطئون على هذا المعنى، وقل من ينكره منهم، وإذا أنكره أحد إنما ينكر بلسانه لا بقلبه، وإذا وقع له هذا فعله بنفسه إلا من عصمه الله تعالى، وربما قد غصبها زوج المرأة الأول فيأخذها أيضا قهرا ولها من الثاني أولاد، ويزعمون أنهم أهل عرض وحسب كلا والله إنهم لأهل الفسق والفواحش والفجور.
وهنا ميزان تعلم به أنهم أقبح حالا من الجاهلية بل من اليهود والنصارى أما الجاهلية فمعذرون بعدم وجود الشرع، فلما ورد كان هو العهدة، وأما اليهود فإن موسى مرسل لهم بالتوراة، والنصارى أرسل لهم عيسى بالإنجيل فلهم بحسب الأصل نوع عذر عند الله وعند الناس وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الشرائع فليس لهم الآن عذر أصلا، وأما هؤلاء
الفجار فما مستندهم إلا الشيطان أو جهنم وبئس المصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فلا يحشرون مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لا يذعنوا لشرعه ولم يعملوا به ولا مع اليهود؛ لأنهم لم يعملوا بالتوراة ولا مع النصارى؛ لأنهم لم يعملوا بالإنجيل ولا مع الجاهلية فإنهم بلغتهم الدعوة بخلاف الجاهلية ولا مع عبدة الأصنام والأوثان لأنهم غيرهم فالله تعالى أعلم بحالهم يوم القيامة، لكن نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتوب عيهم، وأن يهديهم الطريق المستقيم، ويعملوا بالشرع القويم شرع محمد صلى الله عليه وسلم حتى يحشروا مع أمته، ويفوزوا بسعادته وحسن طلعته ويتلذذوا بالجنة ونعيمها، وإنما قلنا ذلك شفقة عليهم وخوفا أن يموتوا على الكفر فيهلكوا.
وقال الإمام مالك: بلغني أنه يجب على العلماء التبليغ كما يجب على الرسل فالله يتوب عليهم إنه هو التواب الرحيم. ومن جملة قبائحهم أنهم إذا أرادوا أن يحلفوا أحدا جعلوا له دائرة في الأرض شملة ونملة وقدرا مقلوب ورمحا وروثا، ثم يدخل المتهم في الدائرة فيحلف، وهذه هي اليمين العظمى عندهم.
ومن قبائحهم أن الرجل يزوج ابنته فيحتاج الزوج أن يدفع لكل أقاربها مالا مخصوصا يسمى عندهم بلعة ومن قبائحهم أن الرجل يكون عند آخر مال فيأخذ دابته مثلا على ذلك المال ولكن يمنعها الأكل والشرب حتى تموت فلا يضمنها، ويأتي بأخرى كذلك إلى أن يأخذ الذي له فإن علفها وساقها ضمن على كفرهم الذي أسسوه وتبعوه، ومن قبائحهم الشنيعة التي ما وقعت في الجاهلية ولا في الإسلام أن شأنهم يأخذون امرأة فاجرة فاسقة، ويذهبون بها إلى خارج القرى في الجبال وبين الشجر، ويصنعون بها أنواع الفواحش من زنا وغيره، ويسرقون أموال المسلمين ويأكلون ويطعمون كل من يرد عليهم، ويقال لهم في عرفهم شباب المغنية قبح الله سعيهم في الدنيا والآخرة وجميع أهل البلاد تعلم ذلك، وقل من ينكر عليهم مع أنه يجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر قتالهم، ولا يتوقف على حكام بل كل من علم ذلك من المؤمنين لزمه قتالهم، ثم كل من كان منهم محصنا وجب رجمه حتى يموت، ومن كان غير محصن وجب جلده مائة جلدة وتغريب عام، والمرأة كذلك إن كانت محصنة وجب رجمها وإلا فجلدها وتغريبها.
ومن قبائحهم أن الرجل يأتي لواحد منهم فيقول: أنا مستجير بك فيلزمه في غرضهم الباطل سبعة قروش أسدية، ومن قبائحهم أن الرجل إذا كفل آخرا في أمر له كذلك، ويلزمه له سبعة قروش أو تسعة قروش أسدية، ومن قبائحهم أن الرجل إذا عرف دابة له مع آخر، وأثبتها بالوجه الشرعي يأخذ من مالكها من هي تحت يده نصف القيمة.
ومن قبائحهم أن الرجل منهم تذهب له دابة أو تسرق أو يأخذها العدو لهم فيأخذها إنسان منهم قهرا أو سرقه فيغرم لها مالكها أيضا نصف القيمة، ومن قبائحهم أن الواحد منهم يكون له الحق على بلد أو قرية أو أقارب مخصوصين، فمتى ظفر بواحد من هؤلاء أخذ حقه منه أو أخذ دابته أو غنمه أو بقره، ثم إن ما يأخذه من الحيوانات يمنعه من الأكل والشرب حتى يموت، ومع ذلك يرجع على الغريم بدينه ولا يغرم له قيمه ما تلف عنده من الحيوان، بل ربما أخذ له حيوانا آخر وتلف عنده أيضا، ومع ذلك يرجع بدينه كما مر، ومن قبائحهم أن رجلا أجنبيا يرمي امرأة بالزنا فلا بد من قتلها من غير بينة تشهد بذلك، ومن غير فرق بين محصنة وغيرها.
ومن قبائحهم أن غالب البلاد لهم قاض يقضي لهم بأمور اصطلاحية فيما بينهم لا توافق الشرع القويم، وهنا خاتمة نسأل الله تعالى حسن الخاتمة في الأحكام المتعلقة بهم وهي أنهم إن استمروا على ما هم عليه من اعتقاد الدعائم وعدم اعتقاد الشرع القويم والعمل به لا تحل ذبائحهم، ولا تجوز مناكحتهم إن كانت نساءهم تعتقد ذلك أو انعقدت في حال ردة آبائهن، ولا تقبل شهادتهم، ولا تجوز الصلاة خلف أئمتهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ولا تجوز الصلاة على موتاهم ولا يغسلون ولا يكفنون بل يجوز إغراء الكلاب على جيفهم وإن تضررنا بهم وأريناهم في التراب، ولا تجوز مجالستهم ومن جالسهم فهو فاسق؛ لأن مجالسة الفاسق لغير ضرورة فسق، ولا يجوز لمسلم أن يزوجهم ابنته أو من له عليها الولاية، ويجب استتابتهم ذكورا وإناثا حالا، فإن أصروا قتلوا لخبر البخاري: من بدل دينه فاقتلوه أو أسلموا بأن اعتقدوا بطلان دعائمهم وأذعنوا للشرع القويم صح إسلامهم، وتركوا لخبر فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام. وملكهم موقوف كبضع زوجاتهم إن ماتوا على ذلك بأن زواله بالردة وإلا فلا يزول وتصرفهم إن لم يحتمل الوقف بأن لم يقبل التعليق كبيع وهبة ورهن وكتابة وسلم وإجارة باطل لعدم احتمال الوقف، وإن احتمله بأن قبل التعليق كعتق وتدبير ووصيه فموقوف إن أسلم نفذ، فإن ماتوا على ذلك يكون مالهم فيئا لبيت مال المسلمين، ولا يكون لورثتهم؛ لأن المرتد لا يرث ولا يورث. ومن أحاط بالشريعة الغراء علما علم بقية أحوالهم ولولا الاشتغال كنت أطلت القول في هذا السؤال، ولكن فيه ما يطلع اللبيب على غالب أحوالهم، بل وأحوال غيرهم كمن يقول بالخالية وخالية الخالية كعسكر مصر، وذلك أن الظلم ونحوه إذا مضى عندهم عليه سنتان صار مما لا يعارض فيه؛ لكونه مرت عليه السنة المعينة والتي قبلها وهما المراد بالخالية وخالية الخالية، ومثل ذلك من يقول بالقوانين السلطانية حيث كانت مخالفة للشرع القويم كان