الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثل قتال الصديق وأصحابه رضي الله عنهم لمانعي الزكاة، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، وتسميتهم مرتدين، ومثل إجماع الصحابة في زمن عمر رضي الله عنه على تكفير قدامة بن مظعون وأصحابه إن لم يتوبوا، لما فهموا من قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُم اتَّقُواْ وَآمَنُواْ} [المائدة: 93].
حل الخمر لبعض الخواص (1)، ومثل إجماع الصحابة في زمن عثمان رضي الله عنه على تكفير أهل المسجد الذين ذكروا كلمة في نبوة مسيلمة مع أنهم لم يتبعوه، وإنما اختلف الصحابة في قبول توبتهم (2).
ومثل تحريق علي رضي الله عنه أصحابه لما غلوا فيه، ومثل إجماع التابعين مع بقية الصحابة على كفر المختار بن أبي عبيد ومن اتبعه، مع أنه يدعي أنه يطالب بدم الحسين وأهل البيت (33/ش).
(33/ش)
المختار بن أبي عبيد الثقفي
كان من أئمة الضلال، ورؤوس الإلحاد، وكان على رأي عبد الله بن سبأ، وادعى النبوة، وأنه يوحى إليه، قتله مصعب بن الزبير فأراح المسلمين من شره.
(1) سبق تخريجه.
(2)
أخرج الإمام الطحاوي هذه القصة في كتابه شرح معاني الآثار، فقال رحمه الله تعالى: «حدثنا سليمان بن شعيب، قال: حدثني علي بن معبد، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا عاصم بن بهدلة، قال: حدثني أبو وائل، قال: حدثني ابن مغير السعدي، قال: خرجت أطلب فرسًا لي
…
=
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في ذكر المدعين للنبوة: «ثم كان أول من خرج منهم المختار بن أبي عبيد الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، فأظهر محبة أهل البيت، ودعا الناس إلى طلب قتلة الحسين، فتبعهم فقتل كثيرًا ممن باشر ذلك، أو أعان عليه. فأحبه الناس، ثم إنه زين له الشيطان أن ادعى النبوة، وزعم أن جبريل يأتيه.
فروى أبو داود الطيالسي بإسناد صحيح عن رفاعة بن شداد قال: «كنت
(1)
(1) = بالسحر فمررت على مسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يشهدون: أن مسيلمة رسول الله!!
قال: فرجعت إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فذكرت له أمرهم، فبعث الشرط فأخذوهم فجيء بهم إليه، فتابوا، ورجعوا عما قالوا، وقالوا: لا نعود فخلى سبيلهم. وقدم رجلاً منهم يقال له: عبد الله بن النواحة فضرب عنقه.
فقال الناس: اخذ قومًا في أمر واحد، فخليت سبيل بعضهم، وقتلت بعضهم، فقال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا فجاء ابن النواحة، ورجل معه يقال له: حجر بن وثال وافدين من عند مسيلمة.
فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشهدان أني رسول الله؟» فقالا: أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله؟ فقال لهما: «آمنت بالله وبرسوله، لو كنت قاتلاً وفدًا لقتلتكما» فلذلك قتلت هذا.
قال الإمام الطحاوي: فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قد قتل ابن النواحة، ولم يقبل توبته، إذ علم أن هكذا خلقه يظهر التوبة إذا ظفر به، ثم يعود إلى ما كان عليه إذا خلي» شرح معاني الآثار (4/ 204).
أبطن شيء بالمختار فدخلت عليه يومًا، فقال: دخلت وقد قام جبريل قبل من هذا الكرسي».
وروى يعقوب بن سفيان بإسناد حسن، عن الشعبي، أن الأحنف بن قيس أراه كتاب المختار إليه يذكر أنه نبي؛ وروى أبو داود في السنن من طريق إبراهيم النخعي قال: قلت: لعبيدة بن عمرو أترى المختار منهم قال: أما إنه من الرؤوس. وقتل المختار سنة بضع وستين» (1).
وقال أيضًا رحمه الله، بعد أن ذكر عبد الله بن سبأ الملعون:«وكان المختار بن أبي عبيد على رأيه، ولما غلب على الكوفة، وتتبع قتلة الحسن فقتلهم أحبته الشيعة، ثم فارقه أكثرهم لما ظهر منه من الأكاذيب» (2).
وقال ابن تيمية في شأنه: «وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيكون في ثقيف كذاب ومبير» (3).
فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان يظهر موالاة أهل البيت، والانتصار لهم، قتل عبيد الله بن زياد أمير العراق، الذي جهز السرية التي قتلت الحسين بن علي رضي الله عنهما، ثم إنه أظهر الكذب، وادعى النبوة، وأن جبريل عليه السلام ينزل عليه، حتى قالوا لابن عمر وابن
(1) فتح الباري (6/ 617).
(2)
فتح الباري (9/ 167).
(3)
صحيح مسلم (2545)، ومسند أحمد (25728).
عباس رضي الله عنهم قالا: لأحدهما: إن المختار بن أبي عبيد يزعم أنه ينزل عليه.
فقال: صدق. قال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 221 - 222]، وقالوا للآخر: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال: صدق {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121]» (1).
وقال أيضًا في حقه: «والمختار كان كذابًا يدعي النبوة، وإتيان جبريل إليه، وهذا الذنب أعظم من قتل النفوس فإن هذا كفر، وإن كان لم يتب منه كان مرتدًا، والفتنة أعظم من القتل» (2).
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب في أثناء سرده للأدلة على كفر من عبد غير الله: «الدليل الرابع: ما وقع في زمن الصحابة، وهي قصة المختار بن أبي عبيد، وهو رجل من التابعين، مصاهر لعبد الله بن عمر، ومظهر للصلاح، فظهر في العراق، يطلب بدم الحسين وأهل بيته، فقتل ابن زياد ومال إليه من مال لطلبه دم أهل البيت ممن ظلمهم، فاستولى على العراق، وأظهر شرائع الإسلام، ونصب القضاة، والأئمة من أصحاب ابن مسعود، وكان هو الذي يصلي بالناس الجماعة والجمعة، لكن في آخر أمره، زعم أنه يوحى إليه.
فسير عليه عبد الله بن الزبير جيشًا، فهزم جيشه، وقتلوه، وأمير الجيش
(1) الفتاوى الكبرى (1/ 194).
(2)
منهاج السنة (2/ 70).