الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
التعريف بالجهمية وبمؤسسها
الجهمية إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلي الإسلام، وهي ذات مفاهيم وآراء عقدية كانت لها آراء خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالي وأسمائه.
وترجع في نسبتها إلي مؤسسها الجهم بن صفوان الترمذي، الذي كان له ولأتباعه في فترة من الفترات شأن وقوة في الدولة الإسلامية حيناً من الدهر، وقد عتوا واستكبروا واضهدوا المخالفين لهم حينما تمكنوا منهم، ثم أدال الله عليهم فلقوا نفس المصير الذي حل بغيرهم على أيديهم. سنة الله في خلقه ولن تجد لسنته تبديلاً.
لقد كان هؤلاء الجهمية العقبة الكئود في طريق العقيدة السلفية النقية وانتشارها؛ حيث صرفوا علماء السلف عن نشرها بما وضعوا أمامهم من عراقيل شغلتهم وأخذت الحيز الأكبر من أوقاتهم في رد شبهات الجهمية ومجادلاتهم لهم وخصامهم معهم، وكانت العاقبة الحسنة - ولا تزال - لأهل السنة والجماعة ولله الحمد.
من هو الجهم بن صفوان:
هذ1 الرجل هو حامل لواء الجهمية، واسمه الجهم بن صفوان، وهو من أهل خراسان، ظهر في المائة الثانية من الهجرة سنة 2هـ، ويكني بأبي محرز،
وهو من الجبرية الخالصة، وأول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته.
وكان مولى لبني راسب إحدى قبائل الأزد، وكان من أخلص أصدقاء الحارث بن سريج إلي أن قتلاً سنة 128 هـ، وقيل: إن الجهم قتل سنة 130، وقيل سنة 132هـ. وتاريخه طويل، وكتبت فيه مؤلفات عديدة ورسائل جامعية.
كان الجهم كثير الجدال والخصومات والمناظرات، وإلا أنه لم يكن له بصر بعلم الحديث ولم يكن من المهتمين به، إذ شغله علم الكلام عن تلك، وقد نبذ علماء السلف أفكار جهم وشنعوا عليه ومقتوه أشد مقت مع ما كان يتظاهر به من إقامة الحق، قال عنه الأشعري بعد أن ذكر جملة من آرائه الاعتقادية التي تفرد بها، قال:"وكان جهم ينتحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(1) .
إلا أن الشيخ جمال الدين القاسمي ذهب إلي أن جهماً كان من أحرص الناس على إقامة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن قتله إنما كان لأمر سياسي، وذلك لخروجه في وجه بني أمية، ولم يكن قتله لأمر ديني يوجب ذلك فيما يرى القاسمي" (2) . وهو بهذا قد خالف ما ذكره جمهور العلماء من أن قتله إنما كان لأمر ديني، وقد أقر الناس قتله في وقته لضلاله.
وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد قال عنه: "وكذلك الجهم وشيعته دعو
(1) مقالات الإسلاميين 1 / 238
(2)
اقرأ كتابه: تاريخ الجهمية والمعتزلة ص14-18
الناس إلي المتشابه من القرآن والحديث فضلوا وأضلوا بكلامهم بشراً كثيراً، فكان مما بلغنا من أمر الجهم عدوا الله أنه كان من أهل خراسان من أهل ترمذ، وكان صاحب خصومات وكلام" (1) .
* * * * * * * * * * * * * *
(1) الرد على الزنادقة والجهمية ص 23