المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين - فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها - جـ ٣

[د. غالب بن علي عواجي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب العاشر الصوفية

- ‌الفصل الأولتمهيد في بيان انحراف الصوفية بصفة عامة

- ‌الفصل الثانيالتعريف بالصوفية

- ‌في اللغة:

- ‌في الاصطلاح:

- ‌الفصل الثالثهل توجد علاقة بين المتصوفة وأهل الصفة

- ‌الفصل الرابعأسماء الصوفية وسبب تسميتهم بها

- ‌الفصل الخامسمتى ظهر المذهب الصوفي

- ‌الفصل السادسحقيقة التصوف

- ‌الفصل السابعأقسام المتصوفة وذكر طرقهم واختيار الطريقةالتجانية نموذجاً ودراستها شاملة من واقع كتبهم

- ‌الفصل الثامنالخلوات الصوفية ومنها الخلوات التجانية

- ‌الفصل التاسعمغالطات لجنة جماعة الصوفية في مدينة "ألورن" في نيجيريا

- ‌الفصل العاشركيفية الدخول في المذهب الصوفي

- ‌الفصل الحادي عشرأصول الصوفية

- ‌الفصل الثاني عشرإيضاحات لبعض الآراء الاعتقادية للصوفية

- ‌2 - الحلول:

- ‌3 - وحدة الوجود:

- ‌4- وحدة الشهود أو الفناء وبيان العلاقة بين وحدة الشهود ووحدة الوجود:

- ‌6 - الولاية وبيان بعض المصطلحات الصوفية:

- ‌الفصل الثالث عشرالكشف الصوفي

- ‌الفصل الرابع عشرالشطحات الصوفية

- ‌الفصل الخامس عشرالتكاليف في نظر الصوفية

- ‌الفصل السادس عشرالأذكار الصوفية

- ‌الفصل السابع عشرالوجد والرقص عند الصوفية

- ‌الفصل الثامن عشرالكرامات وخوارق العادات عند الصوفية

- ‌الفصل التاسع عشرتراجم زعماء الصوفية

- ‌بعض المراجع عن الصوفية

- ‌تتمة المنهج

- ‌الباب الحادي عشردراسة المرجئة

- ‌ تمهيد:

- ‌الفصل الأولالتعريف بالإرجاء لغة واصطلاحاًوبيان أقوال العلماء في ذلك

- ‌الفصل الثانيالأساس الذي قام عليه مذهب المرجئة

- ‌الفصل الثالثكيف نشأ الإرجاء وكيف تطور إلى مذهب

- ‌الفصل الرابعبيان أول من قال بالإرجاء وبيان أهم زعماء المرجئة

- ‌الفصل الخامسأصول المرجئة

- ‌الفصل السادسأقسام المرجئة

- ‌الفصل السابعأدلة المرجئة لمذهبهم والرد عليها

- ‌الفصل الثامنمذهب أهل السنة في تعريف الإيمان

- ‌الفصل التاسعمنزلة مذهب المرجئة عند السلف

- ‌أهم المراجع لهذه الفرقة

- ‌الفصل الأولالتعريف بالجهمية وبمؤسسها

- ‌من هو الجهم بن صفوان:

- ‌الفصل الثانينشأة الجهمية

- ‌الفصل الثالثبيان مصدر مقالة الجهمية

- ‌الفصل الرابعذكر أهم عقائد الجهمية إجمالاً

- ‌1 - إنكار الجهمية لجميع الأسماء والصفات:

- ‌2- قول الجهمية بالإرجاء والجبر:

- ‌3- إنكار الجهمية الصراط:

- ‌4- إنكار الجهميه للميزان:

- ‌5- قول الجهمية بفناء الجنة والنار:

- ‌الفصل الخامسالحكم على الجهمية

- ‌الباب الثالث عشرالمعتزلة

- ‌الفصل الأولنشأتهم

- ‌الفصل الثانيأسماء المعتزلة وسبب تلك التسميات

- ‌الفصل الثالثمشاهير المعتزلة القدرية الجهمية

- ‌الفصل الرابعذكر أهم عقائد المعتزلة إجمالا

- ‌الفصل الخامسالأصول الخمسة للمعتزلة بيانها، والرد عليها

- ‌ الأصل الثالث: الوعد والوعيد:

- ‌1 - الوعد:

- ‌2 - الوعيد:

- ‌ الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين

- ‌ الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌الباب الرابع عشر" الأشاعرة أو السبعية

- ‌1- ظهور الأشاعرة:

- ‌2 - أبو الحسن الأشعري:

- ‌3 - عقيدة الأشعري:

- ‌عقيدته كما بينها في كتابه "الإبانة

- ‌ أشهر زعماء الأشعرية

- ‌ موقف الأشاعرة من صفات الله تعالى

- ‌الباب الخامس عشرالماتريدية

- ‌1 - التعريف بمؤسس الماتريدية:

- ‌2 - أهم آراء الماتريدي إجمالاً:

- ‌1 - تقديم العقل على النقل:

- ‌2- التأويل في مفاهيم الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة:

- ‌3 - جهل أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية بمعنى توحيد الألوهية:

- ‌4 - تعطيل النصوص عن مدلولاتها:

- ‌5- جدول مختصر لبيان صفات الله تعالىوتأويل الخلف لها

- ‌ الوجه لله تعالى:

- ‌ السمع والبصر

- ‌ اليدان

- ‌ الرجل والقدم

- ‌ الساق

- ‌الاستواء

- ‌ يوم القيامة:

- ‌النزول والإتيان والمجيء

- ‌ كل ليلة

- ‌ الكلام

- ‌الرؤية

- ‌ العلو

الفصل: ‌ الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين

وفى هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" والتحقيق أن يقال: إن الكتاب والسنة مشتمل على نصوص الوعد والوعيد، كما أن ذلك مشتمل على نصوص الأمر والنهي، وكل من النصوص يفسر الآخر ويبينه، فكما أن نصوص الوعد على الأعمال الصالحة مشروطة بعدم الكفر المحبط، لأن القرآن قد دل على أن من ارتد فقد حبط عمله، فكذلك نصوص الوعد للكفار والفساق مشروطة بعدم التوبة، لأن القرآن قد دل على أن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب وهذا متفق عليه بين المسلمين، فإن الله قد بين بنصوص معروفة أن الحسنات يذهبن السيئات وأن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، إلى أن قال: " فجعل للسيئات ما يوجب رفع عقابها كما جعل للحسنات ما قد يبطل ثوابها لكن ليس شيء يبطل جميع السيئات إلا التوبة كما أنه ليس شيء يبطل جميع الحسنات إلا الردة " (1) .

4 -

‌ الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين

تدور هذه المسألة حول الحكم على مرتكب الكبيرة، حينما طلب إلى الحسن البصري أن يبين الحكم في صاحب الكبيرة، وما تلا ذلك من جواب واصل بن عطاء، ثم اشتداد الخلاف بعد ذلك واعتزال واصل وجماعته حلقة الحسن البصري.

وقد قدمنا أن قضية مرتكبي الذنوب كانت هي الحصيلة الحتمية عند المعتزلة لمواقف الفرق الأخرى من خوارج ومرجئة وأهل السنة أيضا، بسبب ما

(1) مجموع الفتاوى 12 / 483.

ص: 1194

استجد بين المسلمين من أحداث خطيرة سياسية، ابتداء من قتل عثمان رضي الله عنه وانتهاء بأصحاب المعاصي أيا كان عصيانهم.

وقد أجمعت المعتزلة على قضية المنزلة بين المنزلتين واعتبروها أصلا من الأصول الثابتة.

وتلقب هذه المسألة حسب ما يذكره القاضي عبد الجبار " بمسألة الأسماء والأحكام "(1) .

وقد بين اصطلاح المتكلمين في معنى المنزلة بين المنزلتين بقوله:

" والأصل في ذلك أن هذه العبارة إنما تستعمل في شيء بين شيئين ينجذب إلى كل واحد منهما بشبه. هذا في أصل اللغة، وأما في اصطلاح المتكلمين فهو العلم بأن لصاحب الكبيرة اسما بين الاسمين وحكما بين الحكمين على ما يجئ من بعد "(2) .

وما أحال إليه هنا في قوله: " على ما يجئ من بعد " قد شرحه تحت عنوان: " الأصل الرابع: وهو الكلام في المنزلة بين المنزلتين "، قال فيه: " أعلم أن هذا الفصل كلام في الأسماء والأحكام ويلقب بالنزلة بين المنزلتين، ومعنى قولنا: إنه كلام في أسماء الأحكام، هو أنه كلام في أن صاحب الكبيرة له اسم بين الاسمين وحكم بين الحكمين، لا يكون اسمه اسم الكافر ولا اسمه اسم المؤمن وإنما يسمى فاسقا وكذلك فلا يكون حكمه حكم الكافر ولا حكم المؤمن، بل يفرد له حكم ثالث، وهذا الحكم الذي ذكرناه هو سبب تلقيب المسألة بالمنزلة بين المنزلتين، فإن صاحب الكبيرة له منزلة تتجاذبها هاتان

(1) شرح الأصول الخمسة ص 137.

(2)

شرح الأصول الخمسة ص 697.

ص: 1195

المنزلتان، فليست منزلة الكافر ولا منزلة المؤمن، بل له منزلة بينهما " (1) .

والمقصود أن المعتزلة يريدون بالمنزلة بين المنزلتين المؤمن صاحب المعاصي، فهو عندهم ليس بمؤمن ولا كافر بل يفرد له حكم ثالث وهو تسميته " فاسقا" في الدنيا، والحكم بخلوده في النار في الآخرة، فاختلف اسمه وحكمه في الدنيا فاستحق أن يكون في منزلة بين المنزلتين.

والذي حيرهم في أمر الفاسق هو أنه من جهة ليس بمؤمن، لأن حكم المؤمن لا ينطبق عليه في الواقع لمجيئه بأعمال غير المؤمنين في بعض أموره، وهو كذلك ليس بكافر تماما لمجيئه بأعمال المؤمنين في بعض أموره، إذا فهو فاسق، والفسق اسم ذم، وما ثبت له اسم الذم انتقى عنه اسم المدح، وقد توعد الله الفساق بالنار فحكمه في الآخرة الخلود فيها.

ويرد عليهم: ببيان حكم مرتكب الكبيرة في الشرع، هل حكم بكفره وإخراجه من الملة أو حكم بإيمانه الإيمان الكامل، أو هو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته.

الواقع: أن العاصي غير خارج من الملة بفسقه بل هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ولم تخرجه النصوص عن الإيمان لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه، ولا في إجماع الأمة، وفى هذا يقول الطحاوي:"ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله "(2) .

وقد أجاب الشارح ابن أبي العز الحنفي حول ما ورد من تسمية الشارع

(1) المصدر السابق.

(2)

شرح العقيدة الطحاوية ص 295.

ص: 1196

لبعض الذنوب كفرا مثل قول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (1) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"(2) .

وأمثلة أخرى كثيرة يفيد ظاهرها إطلاق كلمة الكفر على من اقترف ذنبا من تلك الذنوب.

ثم أجاب عن ذلك كله فقال:

" والجوانب: أن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية - كما قالت الخوارج - إذ لو كفر كفرا ينقل عن الملة لكان مرتدا يقتل على كل حال، ولا يقبل عفو ولا القصاص ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر، وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام، ومتفقون على أنه لا يخرج من الإيمان والإسلام ولا يدخل في الكفر، ولا يستحق الخلود مع الكافرين - كما قالت المعتزلة - فإن قولهم باطل أيضا، إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين، قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (3) إلى أن قال: (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} ، فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا وجعله أخا لولي القصاص، والمراد أخوة الدين بلا ريب، وقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} إلى أن قال: (إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم} (4)

ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق

(1) سورة المائدة: 44.

(2)

متفق عليه: البخاري 1/110، ومسلم 2/241.

(3)

سورة البقرة: 178.

(4)

سورة الحجرات: 9-10.

ص: 1197