الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث عشر
المعتزلة
الفصل الأول
نشأتهم
المعتزلة أسم يطلق على فرقة ظهرت في الإسلام في القرن الثاني الهجري ما بين سنة 105 وسنة 110هـ، بزعامة رجل يسمي واصل بن عطاء الغزال. نشأت هذه الطائفة متأثرة بشتى الاتجاهات الموجودة في ذلك العصر، وقد أصبحت المعتزلة فرقة كبيرة تفرعت عن الجهمية في معظم الآراء، ثم انتشرت في أكثر بلدان المسلمين انتشارا واسعا، وعن كثرتهم وانتشارهم يقول الشيخ جمال الدين القاسمي:
" هذه الفرقة من أعظم الفرق رجالا وأكثرها تابعا، فإن شيعة العراق على الإطلاق معتزلة، وكذلك شيعة الأقطار الهندية والشامية والبلاد الفارسية، ومثلهم الزيدية في اليمن، فإنهم على مذهب المعتزلة في الأصول كما قاله العلامة المقبلي في " العلم الشامخ "، وهؤلاء يعدون في المسلمين بالملايين. بهذا يعلم أن الجهمية المعتزلة ليسوا في قلة، فضلا عن أن يظن أنهم انقرضوا وأن لا فائدة في المناظرة معهم، وقائل ذلك جاهل بعلم تقويم البلدان ومذاهب أهلها "(1) .
وهناك روايات يذكرها الباحثون في كيفية نشأة المعتزلة:
(1) تاريخ الجهمية ص 56.
إذ يرى بعض العلماء أن أصل بدء الاعتزال كان في زمن الخليفة الراشد علي رضى الله عنه، حينما اعتزل جماعة من الصحابة كانوا معه السياسة، وتركوا الخوض في تلك الخلافات التي نجمت بين علي ومعاوية رضى الله عنهما، وهذا القول باطل لا صحة له، وقد أيده الشيخ محمد الطاهر النيفر (1) .
ويرى أكثر العلماء أن أصل بدء الاعتزال هو ما وقع بين الحسن البصري وواصل بن عطاء من خلاف في حكم أهل الذنوب.
وقد ظهر قرن الاعتزال بمبادئه المعروفة من البصرة التي كانت مسكنا للحسن البصري ثم انتشر في الكوفة وبغداد، ومنها إلى شتى الأقطار والآفاق.
ومما يذكر للمعتزلة أنهم كانوا شوكة قوية في صد مبادئ الزندقة، وقاموا بجهود كثيفة لنشر الإسلام، إلا أنهم لم يحسنوا التصرف إزاء القول بخلق القرآن وغيره من المبادئ التي عجلت باضطهادهم بعد قوتهم وشدة جانبهم.
وقد تفرقت المعتزلة فرقا كثيرة، واختلفوا في المبادئ والتعاليم، ووصلوا إلى اثنين وعشرين فرقة، نترك ذكر تفاصيلها هنا، ونحيل من أراد التوسع في ذلك إلى كتب الفرق (2) .
إلا أنه يجمعهم إطار عام وهو الاعتقاد بالأصول الخمسة:
التوحيد على طريقة الجهمية والعدل على طريقة القدرية، والوعد
(1) أنظر: كتابه أهم الفرق الإسلامية ص 33.
(2)
أنظر: مقالات الشعري، الملل والنحل للشهر ستاني، الفرق بين الفرق للبغدادي، التنبيه والرد للمطلبي، التبصير في أمور الدين للإسفراييني، الفصل لابن حزم.
والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على طريقة الخوارج.
* * * * * * * * * * * * * *