المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌342 - باب في الوتر قبل النوم - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٧

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌342 - باب في الوتر قبل النوم

قضى الوتر، ومن ذهب إلى هذا جعل ركعتي الفجر أوكد من الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس قضى الركعتين بعد طلوع الشمس قبل المكتوبة، ولم نجد عنه في شيء من الأخبار أنه قضى الوتر.

قال: وزعم النعمان في كتابه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الوتر في اليوم الذي نام عن الفجر حتى طلعت الشمس، فزعم أنه أوتر قبل أن يصلي ركعتي الفجر، ثم صلى الركعتين، وهذا لا يعرف في شيء من الأخبار".

***

‌342 - باب في الوتر قبل النوم

1432 -

. . . أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي سعيد -من أزد شنوءة-، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ؛ لا أدعُهُنَّ في سفرٍ ولا حضرٍ: ركعتي الضحى، وصومِ ثلاثةِ أيامٍ من الشهر، وأن لا أنام إلا على وترٍ.

* حديث شاذ، والمحفوظ: عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 15)، وتمام في الفوائد (658). [التحفة (10/ 341/ 14940)، المسند المصنف (31/ 164/ 14245)].

رواه عن أبان بن يزيد العطار: أبو داود الطيالسي، وموسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعفان بن مسلم [وهم ثقات حفاظ].

قال ابن منده في فتح الباب (3239): "أبو سعيد الأزدي: حدث عن أبي هريرة، روى عنه: قتادة بن دعامة، من حديث أبان عنه، وقال هشام: عن قتادة عن أبي سعيد الخدري عن ابن عباس، أراه هذا".

قلت: أبو سعيد الأزدي الشنائي: لم يرو عنه سوى قتادة، ولا يُعرف بغير هذا الحديث، فهو مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات على عادته [الثقات (5/ 565)، التهذيب (4/ 528)]، وحديثه هذا غير محفوظ.

* فقد اختلف في هذا الحديث على قتادة:

أ- فرواه أبان بن يزيد [ثقة ثبت، وهو من طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة]، عن قتادة، عن أبي سعيد -من أزد شنوءة-، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ؛ لا أدعُهُنَّ في سفرٍ ولا حضرٍ: ركعتي الضحى، وصومِ ثلاثةِ أيامٍ من الشهر، وأن لا أنام إلا على وترٍ. وتقدم.

ب- ورواه غندر محمد بن جعفر [ثقة، سمع من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط]، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف [صدوق، كان عالمًا بسعيد بن أبي عروبة، ومن [روى الناس عنه؛ إلا أنه سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بين هذا وهذا] [وعنه:

ص: 321

أحمد بن الوليد الفحام، أبو بكر البغدادي، روى عنه جماعة من كبار الحفاظ، قال الخطيب:"وكان ثقة". تاريخ بغداد (6/ 419 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 504 - ط الغرب)]:

حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاث، لست بتاركِهِنَّ في سفرٍ ولا حضرٍ: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ونوم على وتر، وركعتي الضحى.

قال: ثم إن الحسن أوهم، فجعل ركعتي الضحى للغسل يوم الجمعة.

أخرجه أحمد (2/ 489)، وأبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (42)(538 - مجموع مصنفاته). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 1424)].

• واختلف فيه على الخفاف: فرواه أيضًا: محمد بن عبد الله بن قهزاذ [مروزي، ثقة]: ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، لا أدعهنَّ في سفر ولا حضر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين بعد الجمعة.

ثم إن أبا هريرة جعل بعدَ ركعتين بعد الجمعة؛ ركعتي الضحى.

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 101/ 6976).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن خلاس؛ إلا سعيد بن أبي عروبة، ولا عن سعيد إلا عبد الوهاب، تفرد به: محمد بن عبد الله بن قهزاذ".

* قلت: هذا الوجه وهمٌ من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الوجه الأول لم ينفرد به عبد الوهاب، بل تابعه عليه غندر.

الثاني: أن عبد الوهاب بصري نزل بغداد، وعلى هذا فإن الوجه الأول من رواية بغدادي عن بغدادي، وأما الثاني فهو من رواية مروزي عن بغدادي، والرواية التي عرفت في بلدها: أولى من الرواية التي لم تعرف إلا خارج بلدها.

الثالث: أن الرواية الثانية غريبة لم يعرفها الحفاظ ولا نقاد الحديث وأئمة العلل، فإن أبا حاتم وأبا زرعة وابن أبي حاتم والدارقطني: لم يعرفوا رواية قتادة عن خلاس عن أبي هريرة، حيث لم يذكروها في الاختلاف، بينما اشتهرت عندهم رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة، وكلام الطبراني شاهد على غرابتها أيضًا.

ولعل ذلك وقع لابن قهزاذ بانتقال بصر ودخول حديث في حديث، حيث كان في نسخة عبد الوهاب: حديث لخلاس عن أبي هريرة بمتن آخر، ثم يتلوه حديث الحسن عن أبي هريرة بهذا المتن في الخصال الثلاث، فقرأ إسناد خلاس، ثم انتقل بصره إلى متن الحسن، فدخل له حديث في حديث، والله أعلم.

ج- ورواه معمر بن راشد [ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، إلا أنه كان سيئ

ص: 322

الحفظ لحديث قتادة؛ لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه، وفي حديثه عن العراقيين -أهل الكوفة وأهل البصرة-: ضعف. انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 281)، علل الدارقطني (4/ ق 40)، تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح علل الترمذي (2/ 698 و 774)]، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، لست بتاركهنَّ في حضر ولا سفر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى.

قال: ثم أوهم الحسن بعد ذلك فجعل مكان ركعتي الضحى: غسل يوم الجمعة.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 15/ 4618) و (3/ 74/ 4850) و (4/ 299/ 7875)، وعنه: أحمد (2/ 271)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 15)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 170/ 2615). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

رواه عن معمر: عبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق بن همام.

قلت: رواية معمر بن راشد عن قتادة، وإن كان قد تكلم فيها، إلا أنه هنا قد حفظ الحديث:

فقد تابعه: سعيد بن أبي عروبة، وهو أثبت الناس في قتادة [وإن رواه عنه الخفاف وغندر؛ فإن رواية معمر له عن قتادة، واشتهار الحديث عن الحسن البصري، مما يغلب الظن بكونه حدَّث به قبل اختلاطه].

وقد اشتهر الحديث عن الحسن عن أبي هريرة، رواه عنه جماعة من ثقات أصحابه.

كما أنه اشتمل على زيادة في آخره تدل على ضبط ابن أبي عروبة ومعمر لهذا الحديث عن قتادة، حيث أخبر قتادة أن الحسن البصري قد وهم في متن هذا الحديث بعد ذلك، فجعل مكان ركعتي الضحى: غسل يوم الجمعة، وهذا ما وقع بالفعل في رواية أصحاب الحسن، كما سيأتي.

لذلك؛ فإن كلام أبي حاتم وأبي زرعة يدل على كونه محفوظًا عندهما من حديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة، وإن كان فيه سلوك للجادة.

* قال ابن أبي حاتم في العلل (297 و 685): "سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه أبان العطار، عن قتادة، عن أبي سعيد من أزد شنوءة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أوصاني خليلي بثلاث.

قلت: ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة.

[ورواه معمر، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة].

قلت لهما: فأيهما الصحيح؟

فقال أبي، وأبو زرعة: سعيد أحفظهم".

* وسئل الدارقطني في العلل (11/ 2243/ 222)؛ عن حديث أبي سعيد الأزدي، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاث؛ صوم ثلاثة أيام، والغسل يوم الجمعة، وأن لا أنام إلا على وتر؛ فقال: "يرويه قتادة، واختلف عنه؛

ص: 323

فرواه أبو حاتم سويد بن إبراهيم، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي سعيد الأزدي، عن أبي هريرة.

وخالفه أبان العطار، فرواه عن قتادة، عن أبي سعيد الأزدي، لم يذكر فيه سالم بن أبي الجعد. وقيل: عن سويد أبي حاتم أيضًا مثل قول أبان العطار.

ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبى هريرة.

قال: ليس فيها شيء ثابت".

قلت: لم يذكر رواية معمر مع اشتهارها عنه، وهي ترجِّح رواية ابن أبي عروبة، وتثبتها، فضلًا عن كون الحديث مشتهرًا من حديث الحسن عن أبي هريرة، وعليه: فما ذهب إليه أبو حاتم وأبو زرعة هو الصواب، لكن إن أراد الدارقطني: أن حديث الحسن عن أبي هريرة: لا يثبت؛ لانقطاعه، وعدم سماع الحسن من أبي هريرة، فهو صحيح.

* وباجتماع هذه القرائن يتبين وهم رواية أبان بن يزيد العطار، وأن المحفوظ: ما رواه سعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد، كلاهما: عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، وقتادة: ثقة ثبت، وهو: ثبت في الحسن، والله أعلم.

* فإن قيل: أليس في رواية ابن أبي عروبة ومعمر سلوكًا للجادة؛ وأن رواية أبي سعيد الأزدي تحتاج إلى حافظ يضبطها؛ بخلاف رواية الحسن عن أبي هريرة؟ فيقال: ابن أبي عروبة أحفظ لحديث قتادة من أبان، وقد علمنا أنه حدث به قبل الاختلاط بمتابعة معمر، واشتهار الحديث عن الحسن، واشتمال حديث ابن أبي عروبة ومعمر على زيادة في آخره تدل على ضبطهما للحديث، وترجيح الأئمة لحديثهما على حديث أبان، والله أعلم.

* وحديث الحسن عن أبي هريرة صحيح عنه مشهور؛ وإن كان في نفسه ضعيفًا لانقطاعه، وعدم سماع الحسن من أبي هريرة:

أ- فقد رواه هشيم بن بشير، وإسماعيل بن عليه، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [وهم ثقات أثبات]:

عن يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن البصري]، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ -قال هشيم: فلا أدعهنَّ حتى أموت-: بالوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 433/ 4995)، وأحمد (2/ 229 و 233 و 260)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 2112/ 1809). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

ب- ورواه أسود بن عامر [ثقة]، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي [ثقة]:

حدثنا جرير بن حازم [ثقة، من أصحاب الحسن، وحديثه عنه في الصحيحين]، قال: سمعت الحسن، قال: قال أبو هريرة: ثلاثٌ أوصاني بهنَّ خليلي صلى الله عليه وسلم، لا أدعهن أبدًا: الوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة.

ص: 324

أخرجه أحمد (2/ 254)، وأبو يعلى (11/ 98/ 6226). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

ج- ورواه أبو النضر هاشم بن القاسم [ثقة ثبت]، وأبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]: حدثنا المبارك بن فضالة [صدوق، لازم الحسن بضع عشرة سنة، مكثر عنه]، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، لا أدعهنَّ: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أنام إلا على وتر، والغسل يوم الجمعة.

أخرجه الطيالسي (4/ 216/ 2593)، وأحمد (2/ 329)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 266). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

د- ورواه يحيى بن سعيد القطان [ثقة حجة إمام]، عن عمران بن مسلم أبي بكر [القصير: صدوق]، قال: حدثنا الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: الوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة.

أخرجه أحمد (2/ 472)، والدولابي في الكنى (1/ 372/ 665)، وابن عدي في الكامل (5/ 92)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 389). [الإتحاف (14/ 439/ 17960)، المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

هـ- ورواه موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي [ثقتان ثبتان]:

حدثنا ربيعة بن كلثوم [صدوق]، قال: سمعت الحسن، يقول: حدثنا أبو هريرة، قال: أوصاني خليلي لجبثلاث

فذكره، وقال: الغسل يوم الجمعة.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 16).

قال عباس الدوري في تاريخه عن ابن معين (4/ 4598/322): "سمعت يحيى يقول في حديث ربيعة بن كلثوم بن جبر عن الحسن: حدثنا أبو هريرة؛ قال يحيى: لم يسمع منه شيئًا".

وقال ابن أبي حاتم في المراسيل (111): "قال أبي: لم يعمل ربيعة بن كلثوم شيئًا، لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئًا.

قلت لأبي رحمه الله: إن سالمًا الخياط روى عن الحسن، قال: سمعت أبا هريرة؟ قال: هذا ما يبين ضعفَ سال".

و- ورواه شيبان بن عبد الرحمن [ثقة]، قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم [التستري: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الحسن]، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاث،

الحديث.

أخرجه أبو يعلى (11/ 110/ 6236). [المسند المصنف (31/ 162/ 14244)].

ز- ورواه مسكين أبو فاطمة [مسكين بن عبد الله البصري: ليس بالقوي. الجرح

ص: 325

والتعديل (8/ 329)، علل ابن أبي حاتم (570 و 608)، سؤالات الآجري (277)، المؤتلف للدارقطني (2/ 667)، تاريخ الإسلام (4/ 742)، اللسان (8/ 49)]، عن حوشب [هو: ابن عقيل: ثقة]، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: الوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة.

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 359/ 2225)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 200).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حوشب بن عقيل إلا مسكين، ولا رواه عنه إلا إسماعيل بن بشر"، قلت: وهو صدوق.

ح- ورواه عبيد الله بن موسى: نا إسرائيل، عن عبد الله بن المختار، عن الحسن ومحمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أَدَعُهنَّ: الوتر قبل النوم، والغسل يوم الجمعة، وصيام ثلاثة أيام من الشهر.

أخرجه البزار (17/ 280/ 9987)، والدارقطني في الأفراد (2/ 268/ 5060 - أطرافه).

قال البزار بعد أن روى ثلاثة أحاديث بهذا الإسناد: "ولا نعلم روى هذه الأحاديث عن عبد الله بن المختار عن محمد عن أبي هريرة؛ إلا إسرائيل".

وقال الدارقطني: "تفرد به إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن الحسن".

قلت: إسناده حسن غريب.

• وممن رواه عن الحسن أيضًا: واصل بن عطاء المعتزلي، وعمرو بن عبيد، وزياد بن أبي زياد الجصاص، وهم متروكون، وكذا رواه مالك بن دينار؛ لكن الراوي عنه: الحكم بن سنان الباهلي، وهو: ضعيف، ورواه أيضًا: يحيى بن دينار أبو بكر البكري، وليس بالمشهور [أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 156/ 7144)، وفي حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (50)، وابن عدي في الكامل (2/ 206) و (3/ 187)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 208)، والشجري في الأمالي (2/ 42/ 1512 - ترتيبه)].

* والحاصل: فإن هذا الحديث مشهور عن الحسن البصوي، صحيح عنه، رواه عنه ثقات أصحابه، وهو شاذ بذكر غسل الجمعة، بدل: ركعتي الضحى، وقد بين قتادة في حديثه أن الحسن قد وهم في ذلك، والحسن البصري: لم يسمع من أبي هريرة.

فقد نفى جمهور النقاد سماع الحسن من أبي هريرة، ونفى بعضهم رؤيته، أو لقيه، ومنهم جماعة من خاصة أصحاب الحسن، ممن هم أثبت الناس فيه وأعلمهم بحديثه؛ فمنهم: يونس بن عبيد، وأيوب السختياني، وزياد الأعلم، وعلي بن زيد بن جدعان، وشعبة، وبهز بن أسد، وابن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو داود، والبرديجي، والترمذي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والبزار، والنسائي، والطوسي، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب البغدادي، والجوزقاني، وجماعة آخرون [المراسيل لابن

ص: 326

أبي حاتم (102 - 111)، حديث عفان بن مسلم (154 و 155)، طبقات ابن سعد (7/ 158)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 220/ 4054) و (4/ 322/ 4598)، تاريخ ابن معين للدارمى (275)، سؤالات ابن محرز (1/ 128/ 638) و (2/ 202/ 675)، حديث يحيى بن معين برواية أبي منصور الشيباني (166)، العلل ومعرفة الرجال، مسائل صالح (320 و 321)، مسند أحمد (2/ 362)، مسائل حرب الكرماني (3/ 1228 و 1229 - النكاح)، علل الحديث لابن المديني (71)، رسالة أبي داود لأهل مكة (30)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 437/ 1576 و 1577 - السفر الثاني)، المعرفة والتاريخ (2/ 66)، جامع الترمذي (2305 و 2425 و 2703 و 2889 و 3298)، علل الترمذي الكبير (213)، مسند البزار (10/ 98/ 4161)، السنن الصغرى للنسائي (6/ 169/ 3461)، السنن الكبرى له (196)، المنتخب من ذيل المذيل (125)، تاريخ الطبري (11/ 637)، علل الحديث لابن أبي حاتم (721)، صحيح ابن حبان (3/ 252/ 971)، المجروحين (1/ 342)، المعجم الصغير للطبراني (417)، علل الدارقطني (8/ 249/ 1552) و (8/ 260/ 1556) و (10/ 266/ 2001)، معرفة علوم الحديث (111)، المستدرك (2/ 11)، الإرشاد (3/ 824)، حديث الجويباري للبيهقي (7)، الأسماء والصفات له (2/ 287)، الخلافيات (2/ 443 - 444)، التمهيد (6/ 178)، تاريخ بغداد (9/ 391)، المتفق والمفترق (3/ 1679/ 1180)، التعديل والتجريح (1/ 304) و (2/ 484)، الأباطيل والمناكير (1/ 202/ 65)، العلل المتناهية (8 و 612)، الترغيب والترهيب (1934 و 2188)، نصب الراية (1/ 91) و (2/ 476)، السير (4/ 571) و (8/ 302)، تاريخ الإسلام (7/ 49)، فتح الباري لابن رجب (5/ 395)، الفتح لابن حجر (6/ 437) و (9/ 409)، إكمال التهذيب لمغلطاي (4/ 87)، جامع التحصيل (115 و 164)، تحفة التحصيل (67)، التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة (363 - 387)، فضل الرحيم الودود (3/ 208/ 248)، وغيرها].

وما جاء في بعض الأسانيد من تصريح بالسماع فمردود، غير محفوظ [التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة (363 - 387)، وانظر فيما روي فيه سماع للحسن عن أبي هريرة، ولا يثبت: فضل الرحيم الودود (5/ 19/ 402) و (9/ 452/ 864)].

وأما حديث ابن سيرين عن أبي هريرة: فقد خرجته في فضل الرحيم الودود (9/ 337/ 845).

* قلت: حديث أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.

هو حديث صحيح، متفق على صحته، مروي من طرق كثيرة جدًا، رواه عن أبي هريرة فيما صح عنهم: أبو عثمان النهدي [البخاري (1178 و 1981)، مسلم (721)]، وأبو رافع الصائغ [مسلم (721)]، وعطاء بن أبي رباح، وأبو الربيع، وعبد الرحمن بن الأصم، وشهر بن حوشب، ومعبد بن عبد الله بن هشام، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير،

ص: 327

وأبو سلمة بن عبد الرحمن [وهو غريب من حديثه]، ومحمد بن سيرين [وهو غريب من حديثه]، وأبو المنيب الجرشي، وأبو مريم الأنصاري، وأبو ثور الأزدي [وقد خرجت هذه الطرق جميعًا في فضل الرحيم الودود (9/ 329 - 342/ 845)].

قال البزار بعد أن روى الحديث من طريق أبي عثمان النهدي (17/ 17): "وقد رُوي هذا الكلام عن أبي هريرة من طرقٍ: فرواه سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وأبو زرعة، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن زباد، وغيرهم، وقد روي عن أبي الدرداء وأبي ذر بنحو منه بغير لفظه".

وقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني أنه رواه عن أبي هريرة قريب من سبعين رجلًا [الفتح لابن رجب (6/ 227)].

ثم قلت: له طرق أخرى كثيرة جدًا عن أبي هريرة، وفي أسانيدها اختلاف أو جهالة أو ضعف أو وهنٌ شديد، وفي بعضها زيادات ألفاظ وأوهام، واكتفيت هناك بذكر مصادرها دون التعريج على بيان عللها، ففي الصحيح غنية، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

* ومن طرق حديث أبي هريرة التي جاء فيها قيد: السفر والحضر:

أ- روى يحيى بن حمزة، والهيثم بن حميد:

عن زيد بن واقد؛ أن أبا المنيب الجرشي حدثه، قال: حدثني أبو هريرة، قال: أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ أحافظ عليهن: سبحة الضحى؛ لا أدعها في حضر ولا سفر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنام إلا على وتر، أستكملُ بذلك الدهر.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 15)[وفي سند المطبوعة تحريف]. وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (147)، والطبراني في الأوسط (3/ 301/ 3225)، وفي مسند الشاميين (2/ 217/ 1217)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 267).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي المنيب إلا زيد، ولا رواه عن زيد إلا يحيى وصدقة بن خالد".

وهذا إسناد شامي صحيح. [تقدم في فضل الرحيم الودود (9/ 339/ 845)].

ب- وروى يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن عيسى بن أبي عزة، عن الشعبي، عن أبي ثور الأزدي، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام. وفي رواية: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، لا أدعُهنَّ في حضر ولا سفر: أوصاني أن لا أنام إلا على وتر، وصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.

أخرجه الترمذي (455)، وأبو يعلى (11/ 292/ 6408)[سقط من إسناده الشعبي]. وأبو بكر الأبهري في فوائده (37)، والدارقطني في الثالث من الأفراد (46)(2/ 338/ 5515 - أطرافه)، والمزي في التهذيب (33/ 178).

ص: 328

وإسناده حسن غريب. [تقدم في فضل الرحيم الودود (9/ 339/ 845)].

ج- وروى يزيد بن هارون [ثقة متقن]، وشعبة بن الحجاج [ثقة حجة، إمام، وعنه: النضر بن شميل]، ومحمد بن عبيد الطنافسي [ثقة]، وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر [ثقة]:

أخبرنا العوام بن حوشب: حدثنا سليمان بن أبي سليمان؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، ولست بتاركهن في سفر ولا حضر: أن لا أنام إلا على وتر، وأن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أدع ركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين.

وفي رواية شعبة [عند إسحاق]: عن العوام بن حوشب، قال: سمعت سليمان بن أبي سليمان، يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقول: خليلي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخدًا من أهل الأرض خليلًا"، أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 15)، والدارمي (1897 - ط البشائر)، وابن خزيمة (2/ 227 - 228/ 1223)، وأحمد (2/ 505)، وإسحاق بن راهويه (1/ 397/ 464 - ط التأصيل)، وابن أبي شيبة (2/ 80/ 6704) و (2/ 174/ 7800)، وابن حذلم في مشيخته 221). [الإتحاف (5 1/ 70/ 18889)، المسند المصنف (31/ 166/ 14247)].

• خالفهم فلم يضبط إسناده: أبو العباس محمد بن السماك: حدثنا العوام بن حوشب: حدثني من سمع أبا هريرة، يقول: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وبالوتر قبل النوم، وبصلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين.

أخرجه أحمد (2/ 265).

قلت: وهم فيه محمد بن صبيح بن السماك، أبو العباس الكوفي المذكر، فلم يحفظ إسناده، قال ابن نمير:"ليس حديثه بشيء"، وقال مرة:"وكان صدوقًا ما علمته، ربما حدث عن الضعفي"، وقال ابن حبان:"مستقيم الحديث، وكان يعظ الناس في مجالسه"، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وله أوهام [الجرح والتعديل (7/ 290)، الثقات (9/ 32)، سؤالات الحاكم (146)، تاريخ بغداد (5/ 368)، الأنساب (3/ 289)، اللسان (7/ 205)].

قال الدارقطنى في العلل (11/ 18/ 2094): "يرويه العوام بن حوشب، واختلف عنه؛

فرواه محمد بن صبيح بن السماك، عن العوام، عمن سمع أبا هريرة.

وغيره يرويه: عن العوام، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أبي هريرة.

وكذلك قال شعبة، وإسماعيل بن زكريا، ووكيع، ويزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، وحفص بن غياث، ومحمد بن عبيد، وهشيم، عن العوام".

يعني: أن رواية الجماعة هي الصواب، وقد قصر بإسناده محمد بن صبيح، فلم يضبطه.

ص: 329

وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، سليمان بن أبي سليمان الهاشمي مولاهم: لم يرو عنه غير العوام بن حوشب، قال ابن معين:"لا أعرفه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو مقل جدًا، فهو مجهول، قال الذهبي:"لا يكاد يُعرف"[تاريخ ابن معين (4/ 203 / 3961)، الجرح والتعديل (4/ 122)، الثقات (4/ 315)، المتفق والمفترق (2/ 1027)، المغني (2597)، الميزان (2/ 211)، إكمال مغلطاي (6/ 64)، التهذيب (2/ 96)]، لكنه هنا: قد سمع من أبي هريرة، ولم يرو منكرًا، فحديثه صحيح، سوى ما انفرد به من لفظة: فانها صلاة الأوابين؛ فإنها زيادة منكرة من حديث أبي هريرة.

د- وروى إبراهيم بن الحكم بن أبان [ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه. التهذيب (1/ 63)]، وحفص بن عمر بن ميمون العدني [ضعيف، قال العقيلي: "يحدث بالأباطيل"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ". التهذيب (2/ 374)]:

قال إبراهيم: حدثني أبي، عن عكرمة، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاثٍ، لا أدعهن في سفر ولا حضر: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم، وركعتي الضحى. وفي رواية حفص: لا أتركهن أبدًا: صوم ثلاثة أيام في الشهر، ونوم على وتر، وركعتي الضحى؛ في سفر كنت أو في حضر.

أخرجه البزار (15/ 292/ 8794)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 409)، وعنه: أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 42)[وفيه: الفجر، بدل الضحى]. والخطيب البغدادي في أربعة مجالس من أماليه (26)، والشجري في الأمالي الخميسية (1318 - ترتيبه) [وفيه: الفجر، بدل الضحى].

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن إبراهيم بن الحكم إلا ابنه [لعله سبق قلم، والمراد: عن الحكم بن أبان إلا ابنه]، وقد تقدم ذكرنا له".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن عكرمة: الحكم بن أبان العدني؛ وهو: صدوق، فيه لين، وله أوهام وغرائب، ويتفرد عن عكرمة بما لا يتابع عليه [راجع ترجمته وشيئًا من غرائبه: فضل الرحيم الودود (6/ 547/ 590) و (7/ 522/ 688) و (8/ 86/ 717) و (14/ 450/ 1297)].

ولم يروه عنه ثقة، وغالب البلاء في حديثه ممن يروي عنه من المتروكين والضعفاء، كما هو الحال هنا.

هـ- وروى أبو مهدي، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي هريرة، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ؛ لا أتركهن في سفر ولا حضر: أربع ركعات في أول النهار، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أنام إلا على وتر.

أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 361)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 13).

ص: 330

قلت: هو حديث باطل؛ سعيد بن سنان أبو مهدي الحمصي: متروك، منكر الحديث، قال البخاري:"منكر الحديث عن أبي الزاهرية"، وقال ابن عدي:"وعامة ما يرويه وخاصة عن أبي الزاهرية: غير محفوظ، ولو قلت: إنه هو الذي يرويه عن أبي الزاهرية لا غيره جاز ذلك لي"، وقال الدارقطني:"يضع الحديث"[التهذيب (2/ 25)، الميزان (2/ 143)].

• وإنما يُروى هذا عن أبي إدريس السكوني، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن لشيء: أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنام إلا على وتر، وبسبحة الضحى في الحضر والسفر.

وهو الحديث الآتي برقم (1433)، وقد تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 304/ 1289)، فراجعه هناك.

و- وروى أحمد بن عبيد بن إسحاق: حدثنا أبي، قال: حدثنا كامل أبو العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاث خصالٍ، لست بتاركهن في سفر ولا في حضر: أوصاني بصلاة الضحى، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنام إلا على وتر.

أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 81).

وهذا حديث باطل؛ أبو العلاء كامل بن العلاء: ضعيف، له أحاديث مناكير، وأباطيل تفرد بها عن الثقات المشاهير، ولا يحتمل تفرده عن أبي صالح السمان [راجع ترجمته مفصلة تحت الحديث رقم (1354)].

وعبيد بن إسحاق العطار: منكر الحديث [اللسان (5/ 349)، كنى مسلم (69)، أسامي الضعفاء (195)].

وأحمد بن عبيد بن إسحاق العطار: روى عنه جماعة [الكنى لأبي أحمد الحاكم (1/ 392/ 772)، فتح الباب (885)].

* وانظر له أسانيد أخرى بهذه الزيادة لا تخلو من مقال: أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (8/ 442) و (11/ 471) و (41/ 503) و (48/ 54) و (55/ 155).

* قلت: هذه الزيادة بهذا القيد في السفر والحضر: جاءت بأسانيد يقوي بعضها بعضًا [من رواية: الحسن البصري، وأبي المنيب الجرشي، وأبي ثور الأزدي، وسليمان بن أبي سليمان]؛ إلا أنها ليس لها حكم الرفع؛ إذ إنها -كما هو ظاهر من السياق- من كلام أبي هريرة، واجتهاده في العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلزام نفسه بها، وأخذ نفسه بالحزم، حيث ألزم نفسه العمل بفضائل الأعمال، مما لم يوجبه الله على العباد، من صلاة الضحى، وصلاة الوتر، وأن يجعلها قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهذه كلها مندوبات، ندب الشارع إلى فعلها، ورتب عليها الثواب العظيم، ومن تركها فلا إثم عليه، لكن أبا هريرة قال: لا أدعُهُنَّ في حضر ولا سفر، وقال: لست بتاركِهِنَّ في سفرٍ

ص: 331

ولا حضرٍ، فألزم نفسه بالعمل بها إلى الممات، وفي كل أحواله، مقيمًا كان أو مسافرًا، والله أعلم.

* ولحديث أبي هريرة طرق أخرى سبق أن حكمت عليها في الفضل:

أ- روى إسماعيل بن عيسى العطار، قال: نا عمرو بن عبد الجبار، قال: نا عبد الله بن يزيد بن آدم، قال: حدثني أنس بن مالك، قال: قال أبو هريرة: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم في أشياء لا أدعها حتى أموت: أوصاني بركعتي الفجر، قال:"فيهما رفائب الدهر"، وركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وقبل العصر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر قال:"هو صوم الدهر"، وأن لا أبيت إلا على وتر، وقال لي:"يا أبا هريرة، صلِّ ركعتين أول النهار أضمن لك آخره".

وهو حديث باطل موضوع، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (13/ 373 / 1253).

ب- وروي بأسانيد عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي وصفيي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، ونهاني عن ثلاثٍ: أمرني بركلعتي الضحى، وأن لا أنام إلا على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونهاني إذا سجدت أن أقعي إقعاء القرد، أو أنقر نقر الغراب، أو ألتفت التفات الثعلب.

وفي أخرى: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث، ونهاني عن ثلاث: أمرني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أنام إلا على وتر، وركعتي الضحى، ونهاني عن الالتفات في الصلاة التفات الثعلب، وأقعي إقعاء القرد [وفي رواية: كإقعاء الكلب]، وأنقر نقر الديك.

وهو حديث منكر مضطرب، بذكر المنهيات الثلاث، ومما يؤكد نكارته أن جماعة من التابعين قد رووه عن أبي هريرة بحديث: أوصاني خليلي بثلاث، دون شقه الثاني في المنهيات، وقد تقدم تخريجه مطولًا في فضل الرحيم الودود (9/ 329 - 334/ 845).

***

1433 -

. . . أبو اليمان، عن صفوان بن عمرو، عن أبي إدريس السَّكوني، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعُهُنَّ لشيءٍ: أوصاني بصيام ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، ولا أنام إلا على وترٍ، وبسُبحةِ الضحى في الحضر والسفر.

* حديث منكر بهذه الزيادة: في الحضر والسفر

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 304/ 1289)، فراجع طرقه هناك.

* وقد خرج مسلم (722) حديث أبي الدرداء شاهدًا لحديث أبي هريرة، من طريق: ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن

ص: 332

أبي مرة مولى أم هانئ عن أبي الدرداء، قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، لن أدعَهُنَ ما عشتُ: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر.

وهو حديث صحيح غريب، وليس فيه زيادة: في الحضر والسفر.

* وقد جاء أيضًا من حديث أبي ذر الغفاري:

رواه محمد بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار، عن أبي ذر، قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن إن شاء الله أبدًا؛ أوصاني بصلاة الضحى، وبالوتر قبل النوم، وبصوم ثلاثة أيام من كل شهر.

أخرجه النسائي في المجتبى (4/ 217/ 2404)، وغيره.

وهذا إسناد مدني، رجاله ثقات، ولا يُعلم لعطاء بن يسار سماع من أبي ذر، وهو شاهد جيد لحديث أبي هريرة، وأبي الدرداء [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 307/ 1289]]، وليس فيه قيد: في الحضر والسفر، والله أعلم.

***

1434 -

. . . أبو زكريا [يحيى بن إسحاق] السَّيْلَحِيني: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر:"متى تُوتِر؟ "، قال: أُوتر من أوَّل الليل، وقال لعمر:"متى تُوتِر؟ "، قال: آخرَ الليل، فقال لأبي بكر:"أخذ هذا بالحذر"، وقال لعمر:"أخذ هذا بالقوَّة".

* صوابه مرسل بإسناد صحيح، وهو حديث حسن بمجموع شواهده

أخرجه ابن خزيمة (2/ 145/ 1084)، وابن حبان (4/ 119/ 4030 و 4031 - إتحاف المهرة)، والحاكم (1/ 301)(2/ 59/ 1133 - ط الميمان)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 171/ 2617)، والطحاوي في المشكل (11/ 359/ 4499)، والطبراني في الأوسط (3/ 251/ 3059)، والدارقطني في الأفراد (2/ 243/ 4929 - أطرافه)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 118 - 119)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 750/ 1997)، وابن حزم في المحلى (3/ 49)، والبيهقي (3/ 35 و 36). [التحفة (8/ 530/ 12092)، الإتحاف (4/ 119/ 4030)، المسند المصنف (29/ 187/ 13282)].

رواه عن يحيى بن إسحاق السيلحيني: محمد بن أحمد بن أبي خلف، والحسن بن علي الحلواني، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز الملقب صاعقة، وعباس بن محمد الدوري، وأبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي، وبشر بن موسى الأسدي البغدادي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام [وهم ثقات، وفيهم جماعة من كبار الحفاظ]، وغيرهم.

ووقع في رواية صاعقة عند ابن خزيمة: فقال لأبي بكر: "أخذت بالحزم"، أو:

ص: 333

"بالوثيقة"، وكذا في رواية الجماعة:"أخذت بالحزم"، وقال الحلواني أيضًا:"أخذت بالحذر".

قال ابن خزيمة: "نا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز بخبر غريب"، ثم ساقه، ثم قال:"هذا عند أصحابنا عن حماد مرسل، ليس فيه أبو قتادة".

وقال الطبراني: "لم يجود هذا الحديث عن حماد بن سلمة إلا يحيى بن إسحاق".

وقال الدارقطني: "تفرد به يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلحة عن ثابت عنه".

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 232): "وإسناده ثقات، إلا أن الصواب عند حذاق الحفاظ: عن ابن رباح مرسلًا".

وجرى الحاكم فيه على ظاهر السند، فقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح"، يعني: حديث ابن عمر الآتي في الشواهد.

وصححه أيضًا: ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 354/ 352)، وابن الملقن في البدر المنير (4/ 319).

وقالط النووي في الخلاصة (1901): "رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم".

* قلت: قد صرح المزي في التحفة (8/ 530/ 12092) بأن هذا الحديث هو بعض حديث قد تقدم معنا في السنن برقم (1329)، وذكر ابن حجر في الإتحاف (4/ 119/ 4031) بأن ابن حبان قد أخرج الحديثين عن ابن خزيمة بإسناد واحد، وذكر ابنَ حبان فيمن أخرج الحديثين جميعًا، وقال في الموضع الثاني:"حب في الأول من الخامس: أنا ابن خزيمة، به جميعه مع الذي قبله في حديث واحد"[لكني لم أقف على الطرف موضع الشاهد في المطبوع من ترتيب ابن بلبان (3/ 7/ 733)، ولا في التقاسيم والأنواع (7/ 29/ 6066) في الأول من الخامس، حيث لم يخرج سوى حديث خفض الصوت ورفعه]، وكلام ابن خزيمة يدل على ذلك أيضًا:

* فقد روى يحيى بن إسحاق: أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة، فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته، قال: ومرَّ بعمر بن الخطاب، وهو يصلي رافعًا صوته، قال: فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يا أبا بكر! مررتُ بك وأنتَ تصلي تخفض صوتك؟ "، قال: قد أسمعتُ مَن ناجيتُ يا رسول الله! قال: وقال لعمر: "مررتُ بك، وأنتَ تصلي رافعًا صوتك؟ "، قال: فقال: يا رسول الله! أوقظُ الوَسنانَ، وأطردُ الشيطانَ. الحديث.

وبهذا يتبين أنهما حديث واحد.

وكان من أقوال النقاد على حديث خفض الصوت ورفعه، والتي تنسحب تبعًا على حديثنا هذا في الوتر أول الليل وآخره؛ لكونه طرفًا منه:

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن

ص: 334

سلمة، وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلًا".

وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث يحيى بن إسحاق السيلحيني في خفض الصوت ورفعه؛ فقال: "الصحيح: عن عبد الله بن رباح؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أخطأ فيه السالحيني"[العلل (327)].

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث موصولًا عن حماد بن سلمة إلا يحيى بن إسحاق، ولا يروى عن أبي قتادة إلا بهذا الإسناد".

هكلذا أعله هؤلاء الأئمة بالإرسال، بينما جرى الحاكم على ظاهر السند فقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

وقلت هناك: هو حديث معلول؛ انفرد بوصله عن حماد بن سلمة: يحيى بن إسحاق السيلحيني، وهو ثقة يحفظ حديثه؛ إلا أن له غرائب وأوهام، ويخالف أصحاب حماد أحيانًا [التهذيب (4/ 338)، تذكرة الحفاظ (1/ 376)، السير (9/ 505)، علل الدارقطني (10/ 67/ 1872) و (10/ 196/ 1968)، علل ابن أبي حاتمٍ (327 و 334)، فضل الرحيم الودود (9/ 347/ 845) و (9/ 509/ 889)، وما تقدم أيضا تحت الأحاديث رقم (339 و 518 و 537)].

* وقد خالفه فأرسله: موسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت، من أصحاب حماد المكثرين عنه]: حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا مرسلًا.

أخرجه أبو داود (1329)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 11). [التحفة (12/ 260/ 18465)، المسند المصنف (29/ 186/ 13281)].

وكلام الأئمة يدل على عدم تفرد موسى بن إسماعيل بإرساله، إذ قد رواه جماعة من أصحاب حماد عنه، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

فهو مرسل بإسناد صحيح، والله أعلم.

* وله شواهد:

أ- حديث جابر بن عبد الله:

رواه حسين بن علي الجعفي، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وأبو داود الطيالسي، ويحيى بن أبي بكير، وعبد الصمد بن عبد الوارث، ومعاوية بن عمرو، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد أبو زياد المحاربي [وهم ثقات]:

عن زائدة بن قدامة، عن عبد الله بن مخمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "متى توتر؟ "، قال: من أول الليل بعد العتمة قبل أن أنام، وقال لعمر:"متى توتر؟ "، قال: من آخر الليل، قال لأبي بكر:"أخذت بالحزم"[وفي رواية أبي سعيد: "أخذت بالثقة"، وفي رواية جماعة: "أخدت بالوثقى"]، وقال لعمر:"أخذت بالقوة".

وفي رواية الطيالسي في مسنده، وكذا ابن أبي بكير [عند ابن ماجه]: قال

ص: 335

رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "أي حين توتر من الليل؟ "، قال: أول الليل بعد العتمة، وقال لعمر:"أي حين توتر؟ " قال: آخر الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"أخذت بالوثقى"، وقال لعمر "أخذت بالقوة".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 103)، وابن ماجه (1252)، وأحمد (3/ 330)، وعبد الله بن أحمد فيما وجده في كتاب أبيه من المسند بخط يده (9/ 303)، والطيالسي (3/ 252/ 1776)، وابن أبي شيبة (2/ 80/ 6708) و (2/ 198/ 8084)، وعبد بن حميد (1034)، وأبو يعلى (3/ 353/ 1821)، والطحاوي (1/ 342). [التحفة (2/ 268/ 2373)، الإتحاف (3/ 214/ 2861)، المسند المصنف (5/ 229/ 2590)].

وهذا إسناد رجاله ثقات، وعبد الله بن محمد بن عقيل: سبق الكلام عليه مرارًا [انظر مثلًا: الأحاديث المتقدمة برقم (61 و 126 و 287 و 630)، وانظر: فضل الرحيم (3/ 348/ 287)]، وأن حديثه إنما يُقبل أو يُرد بحسب القرائن، وهو حسن الحديث إذا لم يخالف، ولم يختلف عليه في الإسناد أو المتن، وإنما أُتي من سوء حفظه واضطرابه في الأسانيد، وهذا الحديث لم يختلف عليه فيه، وقد توبع على أصله، فيما صح من مرسل عبد الله بن رباح، ومرسل سعيد بن المسيب، ويشهد له أيضًا: حديث عقبة بن عامر على ضعفه.

فهو حديث حسن.

* ولجابر في هذا المعنى حديث آخر:

رواه سفيان الثوري، وأبو معاوية محمد بن خازم، وحفص بن غياث، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأخوه محمد بن عبيد، وأبو عوانة، وعبد الله بن إدريس، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، ومحمد بن فضيل، وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر، ومحاضر بن المورع، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية [وهم ثقات، وفيهم اثنان من أثبت أصحاب الأعمش]:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". وقال أبو معاوية: "محضورة".

وفي رواية: "من خاف أن لا يستيقظ آخر الليل فليوتر أول الليل، ثم ليرقد، ومن طمع أن يستيقظ من آخر الليل فليوتر من أخَّر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل".

أخرجه مسلم (755/ 162)، وأبو عوانة (2/ 30/ 2202)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 350/ 1716)، والترمذي (455 م)، وابن ماجه (1187)، وابن خزيمة (2/ 146/ 1086)، وابن حبان (6/ 304/ 2565)، وابن الجارود (269)، وأحمد (3/ 315 و 389)، وعبد الرزاق (3/ 16/ 4623)، وابن أبي شيبة (2/ 80/ 6707)، وعبد بن

ص: 336

حميد (1017)، وابن نصر المروزي في كتاب الوتر (279 - مختصره)، وأبو يعلى (3/ 417/ 1905) و (4/ 81/ 2106) و (4/ 188/ 2279)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2476)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 171/ 2618)(5/ 164/ 2599 - ط الفلاح)، وأبو جعفر ابن البختري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (10)(679 - مجموع مصنفاته)، والبيهقي في السنن (3/ 35)، وفي الشعب (5/ 377/ 2806)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 91/ 969). [التحفة (2/ 242/ 2297)، الإتحاف (3/ 164/ 2742)، المسند المصنف (5/ 228/ 2589)].

• وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري، فجعله من مسند عائشة: ما أخرجه الدارقطني في العلل (14/ 86/ 3440)[قال الدارقطنى: "وغيره لا يذكر عائشة، وهو الصواب"].

* وروي من وجه آخر عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعًا مختصرًا، ولا يثبت:

رواه كلثوم بن محمد بن أبي سدرة؛ أن عطاء الخراساني حدثهم، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل"[أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 138/ 3809)، وفي مسند الشاميين (3/ 340/ 2432)، وابن عدي في الكامل (6/ 72) [وإسناده ضعيف جدًا، تقدم الكلام على رجاله في فضل الرحيم الودود (7/ 388/ 672)][قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء الخراساني، إلا كلثوم بن محمد بن أبي سدرة"، وقال ابن عدي: "وهذا يرويه كلثوم عن عطاء، وعطاء الخراساني عن أبي سفيان، لا أعرف غيره"].

• ورواه معقل بن عبيد الله الجزري [صدوق، حسن الحديث، الجمهور على توثيقه. راجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (2/ 293/ 173)]، وعبد الله بن لهيعة [ضعيف، يعتبر به]، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًا]:

عن أبي الزبير، عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بقيام من الليل فليوتر من آخره، فإن قراءة آخر الليل محفورة، وذلك أفضل". لفظ معقل [عند مسلم].

ولفظ ابن لهيعة [عند أحمد]: "من خاف منكم ألا يقوم بالليل؛ فليوتر ثم ينام، ومن طمع منكم بقيام، فليوتر من أخَّر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل".

ولفظ ابن أبي ليلى [عند أحمد]: "من ظن منكم أن لا يستيقظ آخره فليوتر أوله، ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل محضورة، وهي أفضل".

أخرجه مسلم (755/ 163)، وأبو عوانة (2/ 31/ 2203)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 350/ 1717)، وأحمد (3/ 300 و 337 و 348)، والبيهقي (3/ 35). [التحفة (2/ 462/ 2952)، الإتحاف (3/ 519/ 3635)، المسند المصنف (5/ 227/ 2588)].

ص: 337

2 -

حديث ابن عمر:

أ- رواه محمد بن عباد المكي [صدوق]: حدثنا يحيى بن سليم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال لأبي بكر:"متى توتر؟ "، قال: أوتر ثم أنام، قال:"بالحزم أخذت"، وقال لعمر:"متى توتر؟ "، قال: أنام ثم أقوم من الليل فأوتر، قال:"بالقوة فعلت". وفي رواية: "فعلي فعلت"، وفي رواية:"فعل القوي فعلت".

أخرجه ابن ماجه (1202 م)، وابن خزيمة (2/ 145/ 1085)، وابن حبان (6/ 199/ 2446)، والحاكم (1/ 301)(2/ 59/ 1134 - ط الميمان)، والبزار (12/ 143/ 5726)، وابن نصر في كتاب الوتر (279 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 171/ 2616)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 6 هـ 4)، والدارقطني في الأفراد (1/ 574/ 3332 - أطرافه)، والبيهقي (3/ 36). [التحفة (5/ 542/ 8224)، الإتحاف (9/ 164/ 10795)، المسند المصنف (14/ 388/ 6999)].

قال أحمد: "وقعت على يحيى بن سليم وهو يحدث عن عبيد الله أحاديث مناكير، فتركته ولم أحمل عنه إلا حديثًا"[الضعفاء (4/ 405)].

وقال البخاري: "يحيى بن سليم: رجل صالح، صاحب عبادة، يهم الكثير في حديثه، إلا أحاديث كان يسأل عنها، فأما غير ذلك فيهم الكثير، روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث يهم فيها"، وذكر عدة أحاديث [علل الترمذي الكبير (147)] [وانظر أيضًا: علل الترمذي (159 و 318 و 339)].

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر؛ إلا يحيى بن سليم".

وقال العقيلي: "ولا يتابع عليه من حديث عبيد الله بن عمر، وقد روي بغير هذا الإسناد من وجه آخر".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث عبيد الله عنه، تفرد به: يحيى بن سليم الطائفي، وعنه: محمد بن عباد المكي، وحدث به عنه جماعة من الأكابر، منهم: محمد بن يحيى الذهلي والصغاني والرمادي".

وحسنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 355/ 353).

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 232): "وقد روي هذا الحديث من رواية ابن عمر وعقبة بن عامر وغيرهما، بأسانيد لينة".

قلت: هو حديث منكر عن عبيد الله بن عمر العمري؛ تفرد به: يحيى بن سليم الطائفي، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر، وهو كما قال أحمد:"يحدث عن عبيد الله أحاديث مناكير"، وكما قال فيه النسائي:"منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر"[سؤالات أبي داود (238)، العلل ومعرفة الرجال للمروذي (259)، ضعفاء العقيلي (4/ 406)، التهذيب (4/ 362)].

ص: 338

[وانظر في أوهامه على عبيد الله بن عمر: علل ابن أبي حاتم (544 و 1522 و 1645 و 1974 و 2495)، علل الدارقطني (12/ 357/ 2739) و (12/ 324/ 2756) و (13/ 22/ 2909) و (13/ 34/ 2925) و (13/ 61/ 2948) و (13/ 76/ 2966) و (13/ 245/ 3143)، [فضل الرحيم الودود (13/ 141/ 1223)].

ب- وروى أبو اليمان [الحكم بن نافع: ثقة ثبت]: حدثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رحمة الله عليهما، عن وترهما، فقال أبو بكر:

أوتر من أول الليل، فقال:"حذر"، وقال لعمر، فقال: أوتر آخر الليل، فقال:"قوي معان".

أخرجه البزار (12/ 18/ 5384).

قال البزار: "وأحاديث سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن ابن عمر: إنما كتبت لحسن كلامهما، ولا نعلم شاركه في أكثرها غيره.

وسعيد ليس بالحافظ، وهو شامي قد حدث عنه الناس على سوء حفظه، واحتملوا حديثه، وما كان بعده من سائر الإسناد فحسن".

قلت: هو حديث باطل؛ سعيد بن سنان أبو مهدي الحمصي: متروك، منكر الحديث، قال البخاري:"منكر الحديث عن أبي الزاهرية"، وقال ابن عدي:"وعامة ما يرويه وخاصة عن أبي الزاهرية: غير محفوظ، ولو قلت: إنه هو الذي يرويه عن أبي الزاهرية لا غيره جاز ذلك لي"، وقال الدارقطني:"يضع الحديث"[التهذيب (2/ 25)، الميزان (2/ 143)].

3 -

حديث عقبة بن عامر:

رواه محمد بن إسحاق [الصغاني، وهو: ثقة ثبت حافظ]: نا ابن أبي مريم أسعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري، وهو: ثقة ثبت فقيه]: نا ابن لهيعة: نا مشرح بن هاعان المعافري؛ أنه سمع عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أبا بكر: "متى توتر؟ "، قال: أصلي مثنى مثنى، ثم أوتر قبل أن أنام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مؤمن حازم"، وقال لعمر بن الخطاب:"كيف توتر؟ "، قال: أصلي مثنى مثنى، ثم أنام حتى أوتر من آخر الليل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا مؤمن قوي".

أخرجه الروياني (154).

• خالفه فزاد في الإسناد رجلًا: أحمد بن حماد بن زغبة [هو: أحمد بن حماد بن مسلم أبو جعفر المصري: ثقة]: ثنا سعيد بن أبي مريم: أنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن أبي المصعب، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أبا بكر

فذكر الحديث بنحوه، وقال فيه:"مؤمن حازم ".

أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 303/ 838).

• ورواه محمد بن سنجر في مسنده: عن ابن وهب [ثقة حافظ]؛ عن ابن لهيعة، عن

ص: 339

الحارث بن يزيد [الحضرمي المصري: ثقة]؛ عن أبي مصعب المعافري، عن عقبة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبا بكر:"متى توتر؟ "،

الحديث.

ذكره ابن القطان في بيان الوهم (2/ 356/ 356)، وابن حجر في الإتحاف (11/ 197/ 13882).

قلت: هكذا زاد في الإسناد رجلًا، وأبو مصعب المعافري هو: مشرح بن هاعان: صدوق، ولو قيل: ثقة، لما أبعدنا [تقدمت ترجمته قريبًا، عند الحديث رقم (1402)].

ويبدو لي أن كلا الإسنادين محفوظ عن ابن لهيعة، وأنه سمعه أولًا من الحارث بن يزيد [وهو ثقة]؛ ثم سمعه بعدُ من مشرح، وابن لهيعة معروف بالسماع من مشرح [راجع الحديث رقم (1402)].

* والحاصل: فإن حديث عقبة بن عامر: حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وهو صالح في الشواهد، لا سيما وهو من رواية أحد العبادلة عن ابن لهيعة، والله أعلم.

4 -

حديث أبي هريرة:

روى أبو الطيب محمد بن حمدان النصيبي [محمد بن أحمد بن حمدان: كذاب، يضع الحديث. اللسان (6/ 503)]: ثنا أبو الحسين الرهاوي [أحمد بن سليمان بن عبد الملك: ثقة حافظ]: ثنا يحيى بن آدم [ثقة حافظ]؛ عن مسعر [ثقة ثبت]، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم-أبا بكر: "متى توتر؟ "، قال: قبل أن أنام، وسأل عمر:"متى توتر؟ "، قال: بعد أن أنام، فقال لأبي بكر:"مثلك عندي مثل الذي أخذ نهبه وهو يبتغي النوافل"؛ وقال للآخر: "أما أنت فعملت عمل الأقوياء".

أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 172).

قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث مسعر وسعد عنهما متصلًا، ورواه شعبة عن سعد عن أبي سلمة وسعيد مرسلًا، وقد رواه مصعب بن المقدام عن مسعر، عن سعد، عن سعيد، عن عبد الرحمن مرسلاً".

قلت: تفرد بوصله عن الثقات المشاهير: أحد الكذابين، إنما هو مرسل.

• رواه الشافعي، قال: أنبأنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر:"متى توتر؟ "، فقال: قبل أن أنام، أو قال: أول الليل، وقال:"يا عمر متى توتر؟ إ، قال: آخر الليل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أضرب لكما مثلًا؟ أما أنت يا أبا بكر فكالذي قال: أحرزت نهبي، وأبتغى النوافل، وأما أنت يا عمر فتعمل بعمل الأقوياء".

أخرجه الشافعي في السنن (183)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (4/ 80/ 5538 - ط قلعجي).

قال أبو جعفر الطحاوي: "نهبي يعني: سهمي".

ص: 340

قلت: وهذا مرسل بإسناد صحيح، وهو من أقوى المراسيل.

• ورواه حماد بن سلمة [ثقة]؛ وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر [ثقة]: عن يحيى بن سعيد [الأنصاري: ثقة ثبت]؛ عن سعيد بن المسيب؛ أن أبا بكر كان يوتر من أول الليل؛ وأن عمر كان يوتر من آخر الليل، وكان عمر بن الخطاب ينام على شفع، ثم يوتر من السحر.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 80/ 6706)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 173/ 2623).

• ورواه ابن جريج، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد [وهم ثقات]: عن ابن شهاب الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا:

قال ابن جريج: أخبرني ابن شهاب، عن ابن المسيب؛ أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أما أنا فإني أنام على وتر، فإن استيقظت صليت شفعًا حتى الصباح، وقال عمر: لكني أنا أنام على شفع، ثم أوتر من السحر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"حذر هذا"، وقال لعمر:"قوي هذا".

أخرجه الشافعي في السنن (181)، وعبد الرزاق (3/ 14/ 4615)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 73/ 2624)، والطحاوي (1/ 342)، والخطابي فى غريب الحديث (1/ 120)، والبيهقي في المعرفة (4/ 80/ 5537 - ط قلعجي). [الإتحاف (89/ 11/ 24315)].

وهذا مرسل بإسناد صحيح، وهو من أقوى المراسيل.

• ورواه معمر بن راشد [ثقة، ثبت في الزهري]، عن الزهري، أن أبا بكر كان يوتر أول الليل، وعمر آخر الليل، فسألهما النبي صلى الله عليه وسلم عن وترهما فأخبراه؟ فقال:"قوي هذا، وحذر هذا"؛ قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أضرب لكما مثل رجلين أخذا في مفازة ليلًا، فقال أحدهما: ما أريد أن أنام حتى أقطعها، وقال الآخر: أنام نومة، ثم أقوم فأقطعها، فأصبحا في المنزل جميعًا".

أخرجه عبد الرزاق (3/ 14/ 4616).

قلت: يحتمل أن هذا من تصرف الزهري، مرة يذكر سعيدًا، ومرة يهمله، وهو معروف عن سعيد مرسلًا.

• هكذا رواه عن ابن عيينة: الإمام الشافعي.

* خالفه فوهم بوصله: محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب [صدوق]؛ قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؛ أن أبا بكر وعمر رحمهما الله تذاكرا الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فذكر مثله.

أخرجه الدارقطني في العلل (7/ 274/ 1346)، وفي الأفراد (2/ 277/ 5119 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (207)(1226 - المخلصيات).

ص: 341

قال الدارقطني في العلل (35): " وغيره يرويه عن ابن عيينة، ولا يذكر أبا هريرة، يرسله عن سعيد، وهو الصواب.

وكذلك رواه الزبيدي، عن الزهري، عن سعيد؛ مرسلًا".

وقال أيضًا (7/ 274/ 1346): "ولم يتابع على ذكر أبي هريرة، وأصحاب ابن عيينة: لا يذكرون فيه أبا هريرة، وهو المحفوظ.

وكذا قال الليث: عن الزهري مرسلًا".

وقال في الأفراد: "تفرد به بذكر أبي هريرة فيه: محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة".

وانظر أيضًا: فتح الباري لابن رجب (9/ 145).

• طريق أخرى لحديث أبي هريرة:

يرويها القاسم بن الحكم [العرني الهمَذاني: صدوق، في حديثه مناكير]؛ وبشر بن الوليد [الكندي: صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به. تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)]؛ قالا:

حدثنا سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة، قال سأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر:"كيف توتر؟ "، قال: أوتر أول الليل، قال:"حذِرٌ كيِّس"، ثم سأل عمر:"كيف توتر؟ "، قال: من آخر الليل، قال:"قويٌّ مُعانٌ".

أخرجه البزار (15/ 221/ 8637)، والطبراني في الأوسط (5/ 196/ 5063)، وابن عدي في الكامل (3/ 277)(5/ 258/ 7754 - ط الرشد)، وأبو طاهر المخلص فى العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (32)(2188 - المخلصيات).

قال البزار:" وأحاديث سليمان بن داود اليمامي: لا نعلم أحدًا شاركه فيها عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهو عندي ليس بالقوي؛ لأن أحاديثه تدل عليه إن شاء اللّه".

وفال ابن عدي بعد إيراد هذا الحديث في ترجمته: "ولسليمان بن داود غير ما ذكرت عن يحيى بهذا الإسناد، وعامة ما يروي عن يحيى بن أبي كثير يعرف [كذا، ولعلها: لا يُعرف]؛ وعامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه".

قلت: هو حديث منكر، تفرد به سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبى كثير، وسليمان: متروك، منكر الحديث، وأنكر عليه ابن عدي هذا الحديث فى جملة ما أنكر عليه [اللسان (4/ 140)].

* وله طريق أخرى معضلة: أخرجها عبد الرزاق (3/ 14/ 4617).

* والحاصل: فإن الحديث في قصة إيتار أبي بكر وعمر أول الليل وآخر الليل: حديث حسن، بمجموع شواهده: عن جابر بن عبد الله، وعقبة بن عامر، ومرسل سعيد بن المسيب، ومرسل عبد الله بن رباح، والله أعلم.

ص: 342

* ومما روي في ذلك عن عمر موقوفًا عليه:

أ- روى إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]؛ وحديج بن معاوية [ليس بالقوي]:

عن أبي إسحاق، عن مدرك بن عوف الأحمسي، عن عمر بن الخطاب، قال: إن الأكياس الذين يوترون أول الليل، وإن الأقوياء الذين يوترون آخر الليل، وهو أفضل. لفظ إسرائيل [عند ابن سعد].

ولفظ حديج: إن الأكياس الذين إذا علموا أنهم لا يقومون أوتروا قبل أن يناموا، وإن الأقوياء الذين يوترون آخر الليل، وهو أفضل.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (6/ 157)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 172/ 2622).

وهذا موقوف على عمر بإسناد رجاله ثقات، لم يذكر أبو إسحاق سماعًا من مدرك، ومدرك: مختلف في صحبته، واتصال حديثه؛ قاله ابن عبد البر [طبقات ابن سعد (6/ 157)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 262 و 263/ 2195 - 2197)، التاريخ الكبير (8/ 2)، معرفة الثقات للعجلي (1697)، الثقات (3/ 382) و (5/ 445)، الاستيعاب (3/ 1381)، جامع التحصيل (745)، تحفة التحصيل (297)، الإصابة (6/ 48)].

• ورواه مسدد من حديث إبراهيم النخعي عن عمر موقوفًا، وإبراهيم لم يدرك عمر [المطالب العالية (4/ 510/ 632)].

ب- عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريِّ، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرِّقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعتُ هؤلاء على قارئٍ واحدٍ، لكان أمثلَ، ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلةً أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه [وفي رواية: نعمت البدعة هذه]؛ والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون [وفي رواية: والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون]. يريد آخرَ الليل، وكان الناس يقومون أوله.

أخرجه البخاري (2010)، وتقدم تحت الحديث رقم (1377).

* قال ابن خزيمة: "الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوتر قبل النوم أخذًا بالوثيقة والحزم، تخوفًا أن لا يستيقظ المرء آخر الليل فيوتر آخره، وأنه إنما أمر بالوتر آخر الليل من قوي على قيام آخر الليل، مع الدليل على أن الوتر من آخر الليل أفضل لمن قوي على القيام آخر الليل"، واحتج في هذا بحديث جابر.

وقال ابن المنذر: "فدل قوله:"وذلك أفضل" على أن الوتر في آخر الليل أفضل"، وبهذا ترجم جماعة من المصنفين لحديث جابر، مثل أبي عوانة.

وقال ابن المنذر أيضًا في الأوسط (5/ 174): "ويشبه أن يكون من حجة من رأى أن

ص: 343