المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌331 - باب السجود في: {إذا السماء انشقت} و {اقرأ} - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٧

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌331 - باب السجود في: {إذا السماء انشقت} و {اقرأ}

"وكيف يروج على ذي مسكة من عقل أن يجتمع في كلام واحد تسفيه المشركين في عبادتهم الأصنام بقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} إلى قوله: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} فيقع في خلال ذلك مدحها بأنها: الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى. وهل هذا إلا كلام يلعن بعضه بعضاً. وقد اتفق الحاكون أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم كلها حتى خاتمتها {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}، لأنهم إنما سجدوا حين سجد المسلمون، فدل على أنهم سمعوا السورة كلها، وما بين آية {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} وبين آخر السورة آيات كثيرة في إبطال الأصنام وغيرها من معبودات المشركين، وتزييف كثير لعقائد المشركين، فكيف يصح أن المشركين سجدوا من أجل الثناء على آلهتهم". وقال نحوه العلامة الشنقيطي في أضواء البيان (5/ 285)] [وقال العلامة الألباني في نصب المجانيق (35): "تلك هي روايات القصة، وهي كلها كما رأيت: معلة بالإرسال والضعف والجهالة، فليس فيها ما يصلح للاحتجاج به، لا سيما في مثل هذا الأمر الخطير. ثم إن مما يؤكد ضعفها بل بطلانها، ما فيها من الاختلاف والنكارة مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة][وقد صنفت رسائل كثيرة في رد هذه القصة، يحسن مراجعتها، وإنما أحببت التنبيه والإشارة حسب، والله الموفق للصواب].

‌331 - باب السجود في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ}

1407 -

. . . سفيان، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .

قال أبو داود: أسلم أبو هريرة سنة ست عام خيبر، وهذا السجود من رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر فعله.

حديث صحيح

أخرجه مسلم (578/ 108)، وأبو عوانة (1/ 523/ 1955 و 1956)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 177/ 1277)، والترمذي (573)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 130/ 537)، والنسائي في المجتبى (2/ 162/ 967)، وفي الكبرى (2/ 8/ 1041)، وابن ماجه (1058)، وابن حبان (6/ 473/ 2767)، وأحمد (2/ 249)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 114)، والحميدي (1021)، وابن أبي شيبة (1/ 368/ 4234)، وسعدان بن نصر في جزئه (135)، وحرب الكرماني في مسائله لأحمد (958)، وأبو يعلى (11/ 267/ 6381)، وأبو العباس السراج

ص: 70

في حديثه بانتقاء الشحامي (1904)، والطحاوي في المشكل (9/ 238/ 3601)، وأبو جعفر ابن البختري في ستة مجالس من أماليه (2)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1366)، وابن حزم في المحلى (5/ 110)، والبيهقي في السنن (2/ 316)، وفي المعرفة (2/ 149/ 1095)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 121)، وقال:"صحيح". والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 301/ 764)، وفي الشمائل (622)[التحفة (10/ 76/ 14206)، الإتحاف (15/ 392/ 19555)، المسند المصنف (13/ 231/ 14271)].

رواه عن سفيان بن عيينة به: مسدد بن مسرهد [عند أبي داود]، والحميدي، وأبو بكر ابن أبي شيبة [عند مسلم وابن ماجه]، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور [عند حرب الكرماني]، وعمرو بن محمد الناقد [عند مسلم] وإسحاق بن راهويه [عند النسائي]، وقتيبة بن سعيد [عند الترمذي]، وعثمان بن أبي شيبة [عند أبي عوانة]، وعبد الأعلى بن حماد النرسي [عند أبي عوانة]، وإبراهيم بن بشار الرمادي [عند أبي نعيم]، وسعدان بن نصر [عند ابن البختري والبيهقي]، ومحمد بن الصباح الجرجرائي [عند السراج]، وشعيب بن عمرو بن نصر الدمشقي [عند أبي عوانة]، وعبد الغني بن أبي عقيل [هو: عبد الغني بن رفاعة] [عند الطحاوي][وهم ثقات].

قال سفيان بن عيينة [في رواية الحميدي]: "وكان عطاء بن ميناء من أصحاب أبي هريرة المعروفين".

تابع سفيان بن عيينة عليه:

أ- روى عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويعلى بن عبيد، وعبد الرزاق بن همام، وخلاد بن يحيى، وزائدة بن قدامة، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [وهم ثقات]:

حدثنا سفيان [هو: الثوري]، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} .

أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 162/ 967)، وفي الكبرى (2/ 8/ 1041)، والدارمي (1615 - ط البشائر)، وابن خزيمة (1/ 278/ 554)، وأبو عوانة (1/ 523/ 1954)، وأحمد (2/ 461)، وعبد الرزاق (3/ 340/ 5887)(4/ 68/ 6057 - ط التأصيل)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (238)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 259/ 2830)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 358)، والطبراني في الأوسط (5/ 180/ 5006)، والدارقطني في العلل (8/ 343/ 1612)، وفي الأفراد (2/ 308/ 5327 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 116 و 178)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1366)[التحفة (10/ 76/ 14206)، الإتحاف (15/ 392/ 19555)، المسند المصنف (31/ 213/ 14271)].

ص: 71

وهو حديث صحيح.

ب- ورواه ابن جريج: أخبرني أيوب بن موسى؛ أن عطاء بن ميناء أخبره؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}. وزعم أيوب: أن عطاء بن ميناء كان من صالحي الناس.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 463)، وابن خزيمة (1/ 279/ 555)، وأبو عوانة (1/ 523/ 1957)، وعبد الرزاق (3/ 340/ 5887)(4/ 68/ 6057 - ط التأصيل)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 259/ 2830). [الإتحاف (15/ 392/ 19555)، المسند المصنف (31/ 213/ 14271)].

وهو حديث صحيح.

• وجمعهم في سياق واحد:

روح بن عبادة [ثقة]، قال: حدثنا الثوري، وابن جريج، وابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 357)، وفي المشكل (9/ 238/ 3600)، وأبو بكر محمد بن بشر العكري في فوائده (30). [الإتحاف (15/ 392/ 19555)].

وهو حديث صحيح.

ورواه إسماعيل بن أمية:

قال الدارقطني في العلل (8/ 341/ 1612): "يرويه إسماعيل بن أمية، واختلف عنه؛

فرواه محمد بن عمرو بن علقمة، عن إسماعيل بن أمية، واختلف عنه؛

فرواه عبدة بن سليمان، والمحاربي، ويزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة.

وخالفه زياد بن عبد الله البكائي، وأبو ضمرة أنس بن عياض، روياه عن محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.

وقال زائدة: عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وقال داود بن الزبرقان [متروك، كذبه الجوزجاني]، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة.

وقال محمد بن مسلم الطائفي [صدوق، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكتابه أصح، وله غرائب وأوهام، وقد ضعفه أحمد على كل حال، من كتاب وغير كتاب. انظر: التهذيب (3/ 696)، الميزان (4/ 40)، التقريب (564)]، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.

ورواه أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة.

حدث به الثوري، وابن جريج، وابن عيينة، واختلف عن الثوري؛

ص: 72

فقيل: عن وكيع، عن الثوري، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، وهذا وهم. والصحيح: عطاء بن ميناء".

قلت: قد رواه عمرو بن محمد الناقد [ثقة]: حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} . [المسند المصنف (31/ 215/ 14272)].

أخرجه أبو يعلى (11/ 268/ 6382)(5/ 69/ 6401 - ط التأصيل)[وقد أثبت محققو التأصيل في الأصل: عطاء بن ميناء، وهو غلط منهم، إذ إنهم بينوا في الحاشية أن المخطوطات التي بين أيديهم وقع فيها: عطاء بن يسار، وقد فعلوا ذلك لأجل كلام الدارقطني والرامهرمزي].

قلت: ومن قال فيه: عطاء بن يسار فقد وهم، فلعله كان في إسناده عطاء غير منسوب، فنسبه من قبل نفسه؛ فوهم؛ إنما الحديث لعطاء بن ميناء عن أبي هريرة في السجود في الانشقاق والعلق.

قال الرامهرمزي في المحدث الفاصل (225): حدثنا موسى بن هارون: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. قال موسى بن هارون: وهو عطاء بن ميناء. وتابعه على ذلك الرامهرمزي.

قلت: وهو كما قال موسى بن هارون الحافظ الناقد، وكما قال الدارقطني أيضاً.

° وعليه: فإن حديث جماعة الثقات: عن محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة مرفوعاً في السجود في الانشقاق والعلق: حديث صحيح.

° وانظر في الأوهام والغرائب: ما أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 178)، والدارقطني في الأفراد (2/ 308/ 5327 - أطرافه)، وانظر: علل الدارقطني (8/ 341/ 1612).

تابع عطاء بن ميناء على هذا الوجه في الجمع بين السورتين:

أ- روى صفوان بن سليم [مدني، ثقة فقيه، [وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وقرة بن عبد الرحمن]، وعبيد الله بن أبي جعفر [مصري، ثقة فقيه][وعنه: عمرو بن الحارث]، والزهري [وعنه: قرة بن عبد الرحمن بن حيويل: ليس بقوي؛ روى أحاديث مناكير. انظر: التهذيب (3/ 438)؛ فهو غريب جداً من حديث الزهري]:

عن عبد الرحمن بن سعد الأعرج مولى بني مخزوم، عن أبي هريرة، أنه قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} .

أخرجه مسلم (578/ 109)، وأبو عوانة (1/ 524/ 1959) و (1/ 543/ 2032)(5/ 329 - 330/ 2007 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم

ص: 73

(2/ 178/ 1278 و 1279)، وابن وهب في الجامع (370 - رواية بحر بن نصر)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 410)، والبزار (15/ 308/ 8834)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 357)، وفي المشكل (9/ 242/ 3612)، والطبراني في الأوسط (2/ 282/ 1991)، وابن عدي في الكامل (4/ 300)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (85)، وابن المقرئ في المعجم (405)، والدارقطني في السنن (1/ 409)، وفي الأفراد (2/ 303/ 5297 - أطرافه)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1358)، والبيهقي (2/ 316)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 124)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1479/ 891)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 24)، وأبو موسى المديني في اللطائف (67 - 69)[التحفة (9/ 518/ 13598) و (9/ 621/ 13946)، المسند المصنف (31/ 218/ 14275)].

[وانظر فيه علةً غير قادحة في الاختلاف على ابن وهب في حديث عبيد الله بن أبي جعفر، فمرة قال: عن عمرو بن الحارث عن عبيد الله، ومرة قال: عن حيوة عن عبيد الله. انظر: المستخرج (2/ 178)].

• وانظر فيمن وهم في إسناده على الليث بن سعد: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 301/ 2039)، وأبو موسى المديني في اللطائف (66).

وقد وهم بعضهم فنسب عبد الرحمن بن سعد الأعرج من عند نفسه [عند الطبراني]، وقال: عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج مولى بني مخزوم، قلت: والحديث ليس لابن هرمز، كما سيأتي بيانه.

• تنبيه: راوي هذا الحديث عن أبي هريرة هو: عبد الرحمن بن سعد الأعرج، أبو حميد المدني مولى بني مخزوم، رواه عنه ثلاثة: عبيد الله بن أبي جعفر، وصفوان بن سليم، والزهري [وهو غريب جداً من حديثه]، وقد جاء التصريح باسم أبيه في رواية قرة [عند ابن وهب ويعقوب والطحاوي وابن عدي والدارقطني والخطيب]، وجاء التصريح بكونه مولى لبني مخزوم في رواية صفوان بن سليم [عند مسلم وابن المقرئ والمستغفري]، وليس هو: عبد الرحمن بن هرمز صاحب أبي الزناد [انظر: التحفة 8/ 518/ 13598) و (9/ 621/ 13946)، النكت الظراف (10/ 145/ 13598 - حاشية التحفة) و (10/ 213 13946 - حاشية التحفة)، شرح النووي على مسلم (5/ 77)، التهذيب (2/ 511)].

وسئل الدارقطني في العلل (8/ 224/ 1534) عن حديث عبد الرحمن، عن أبي هريرة: سجد رسول صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

فقال: "يرويه الزهري، وصفوان بن سليم؛

فرواه يزيد بن أبي حبيب، وعمر بن صبح، عن صفوان بن سليم، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، وبيَّن نسبه قرة بن عبد الرحمن؛ رواه عن الزهري، وصفوان بن سليم، عن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي هريرة، ويكنى أبا حميد، وليس بعبد الرحمن

ص: 74

الأعرج صاحب أبي الزناد، لأن ذلك هو عبد الرحمن بن هرمز يكنى أبا داود، وهما أعرجان، وجميعًا يرويان عن أبي هريرة.

وأما عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، فإنما يروي هذا الحديث، عن أبي هريرة: أن عمر سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [كذا قال، وإنما سجد في النجم].

روى ذلك عنه، مالك، ومعمر، ويونس، وغيرهم، عن الزهري، حدث به عمر بن شبة، عن أبي عاصم، عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

ووهم فيه عمر بن شبة وهماً قبيحاً، والصواب عن مالك ما رواه الثقات عنه، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن عمر سجد".

وفي موضع آخر من العلل (9/ 159/ 1689): "سئل الشيخ [يعني: الدارقطني، عن أبي حميد هذا، فقال: هو عبد الرحمن بن سعد المقعد، عند الزهوي عنه أحاديث، ويقال له: الأعرج، وهو الذي روى عنه الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

وقال أبو موسى المديني: "والأعرج هذا ليس هو بعبد الرحمن بن هرمز الذي يروي الكثير عن أبي هريرة، وإنما هو عبد الرحمن بن سمعد المقعد".

وقال ابن حجر في النكت الظراف (10/ 145/ 13598 - حاشية التحفة): "أخرجه أبو العباس السراج من رواية: قرة، عن ابن شهاب، عن صفوان بن سليم ومجزأة، كلاهما عن عبد الرحمن بن سعد الأعرج، عن أبي هريرة [كذا قال].

وقال الدارقطني: لم يرو عبد الرحمن بن هرمز هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً، إنما رواه عن أبي هريرة؛ أن عمر سجد في:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، هكذا قال مالك ومعمر ويونس وغيرهم عن الزهري عنه.

وقال أبو علي الجياني: ذكره أبو مسعود في موضعين: في رواية صفوان بن سليم، وفي رواية عبيد الله بن أبي جعفر، كلاهما عن عبد الرحمن بن هرمز، ركب به طريق المجزأة.

وكلام الدارقطني أولى بالصواب". [وانظر أيضًا: النكت (10/ 213/ 13946 - حاشية التحفة)].

° قلت: ولست أنفي أن يكون عبد الرحمن بن هرمز الأعرج روى عن أبي هريرة شيئًا من سجود التلاوة:

• فقد روى سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر: {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} .

أخرجه البخاري (891 و 1068)، ومسلم (880/ 65). [وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (11/ 406/ 1075)].

ص: 75

• وروى شعبة [وعنه: غندر]، عن سعد بن إبراهيم؛ أنه سمع عبد الرحمن الأعرج، يقول: كان أبو هريرة يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فماذا قرئت وكان خلف الإمام فلم يسجد الإمام؛ قال: فيومئ برأسه أبو هريرة.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 382/ 4396)[المسند المصنف (31/ 218/ 14275)].

وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

• وروى مالك بن أنس، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد الأيلي:

عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ بـ:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} فسجد فيها، ثم قام، فقرأ بسورة أخرى.

وهو صحيح من عمر، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1403).

ب- وروى أبو داود الطيالسي، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعتمر بن سليمان التيمي، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي [وهم ثقات]، وبكر بن بكار [ضعيف]:

حدثنا قرة بن خالد [السدوسي البصري: ثقة ثبت متقن]، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: حدثنا أبو هريرة، قال: سجد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ، ومَن هو خير منهما [رسول الله صلى الله عليه وسلم].

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 161/ 965) و (2/ 162/ 966)، وفي الكبرى (7/ 2/ 1539 و 1040)، والطيالسي (4/ 238/ 2621)، وأبو يعلى (10/ 434/ 6547)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3162)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (251 و 252)، وابن المقرئ في المعجم (14)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 47)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1362)، والبيهقي (2/ 316)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 122 و 126)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 90)[التحفة (10/ 192/ 14501)، المسند المصنف (31/ 220/ 14276)].

وهذا حديث صحيح، وقد صححه ابن حزم في المحلى (5/ 111)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 502)، وقال ابن حزم:"وهذا أثر كالشمس صحة".

هكذا روى هذا الحديث عن ابن سيرين مجودًا، وضبطه ولم يشك فيه: قرة بن خالد، وهو ثبت متقن، وقوله عندي أشبه بالصواب، لا سيما وقد رواه عنه: يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وقد اعتمد روايته النسائي، ومن قال فيه غير ذلك فلم يضبطه، أو قصر فيه؛ فقد رواه:

• معمر بن راشد [ثقة ثبت، حديثه عن أهل البصرة ليس بذاك، وهو مكثر عن أيوب، وقد تابع قرة بن خالد على الرفع]، عن أيوب، عن ابن سيرين؛ أن أبا هريرة كان يسجد فيها، وقال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. يعني: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

ص: 76

وفي رواية: أنه سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، وقال: سجد فيها من هو خير مني؛ سجد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 340/ 5886)(4/ 67/ 6056 - ط التأصيل)، وعنه: أحمد (2/ 281)، والبزار (17/ 211/ 9865)[المسند المصنف (31/ 220/ 14276)].

• وهذا لا يُعارض ما رواه: مسدد بن مسرهد [ثقة ثبت حافظ]، قال: ثنا حماد بن زبد [ثقة ثبت، أثبت الناس في أيوب]، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رجلين -كلاهما خير من أبي هريرة-؛ أن أحدهما سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ، وكان الذي سجد أفضل من الذي لم يسجد، فإن لم يكن عمر، فهو خير من عمر.

أخرجه مسدد في مسنده (4/ 274/ 548 - مطالب)، ومن طريقه: الطحاوي في شرح المعاني (1/ 358). [الإتحاف (12/ 414/ 15864)].

وهذا موقوف بإسناد صحيح.

قصر به حماد، وفي رواية قرة بن خالد ومعمر عن أيوب زيادة ليست في رواية حماد عن أيوب، والزيادة من الحافظ مقبولة، وقرة ثبت تقبل زيادته، ولم يتفرد بها.

• ورواه مسلم بن إبراهيم [ثقة مأمون]: ثنا عبد الله بن بكر المزني [صدوق]: ثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: حدثني رجلان كلاهما خير مني -إن لم يكن أظنه قال: أبو بكر أو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فلا أدري من هو-، أن أحدهما سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .

وفي رواية: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أخرجه البيهقي (2/ 323)، وهو صحيح عن مسلم بن إبراهيم.

• ورواه ابن وهب في الجامع (3/ 102/ 232 - علوم القرآن برواية سحنون)، قال: وأخبرني جرير بن حازم [ثقة]، قال: سمعت ابن سيرين، يقول: حدثنا أبو هريرة، قال: سجدت في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، قال: ابن سيرين: ذكر خلف رجلين كلاهما خير منه؛ إن لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر.

• ورواه ابن وهب في الجامع (3/ 99/ 224 - علوم القرآن برواية سحنون)، عن الحارث بن نبهان، عن أيوب، بنحوه مع اختلاف في آخره.

والحارث بن نبهان: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 338)، الميزان (1/ 444)].

***

1408 -

. . . المعتمر، قال: سمعت أبي: حدثنا بكر، عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد، فقلت: ما

ص: 77

هذه السجدة؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.

حديث متفق على صحته

أخرجه البخاري (766 و 1078)، ومسلم (857/ 110)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 178/ 1280)، وابن خزيمة (1/ 282/ 561)، واْحمد (2/ 229)، وإسحاق بن راهويه (1/ 272/ 14)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1365)، والبيهقي (2/ 315 و 322)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 121 - 122)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 308/ 767)، في الشمائل (623)[التحفة (10/ 243/ 14649)، الإتحاف (15/ 644/ 20060)، المسند المصنف (31/ 210/ 14270)].

رواه عن المعتمر بن سليمان به: مسدد بن مسرهد [عند البخاري وأبي داود]، وأبو النعمان عارم محمد بن الفضل السدوسي [عند البخاري]، وعبيد الله بن معاذ [عند مسلم]، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني [عند مسلم]، وإسحاق بن إبراهيم بن الشهيد [عند ابن خزيمة]، وأبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي [عند ابن خزيمة].

وصححه الدارقطني في العلل (9/ 60/ 1641)، وقال ابن عبد البر:"هذا حديث ثابت أيضًا، صحيح، لا يختلف في صحة إسناده".

وله طرق أخرى:

1 -

رواه يزيد بن زربع، ويحيى بن سعيد القطان، وعيسى بن يونس، وسليم بن أخضر، ويزيد بن هارون، وحماد بن مسعدة [وهم ثقات]:

عن سليمان التيمي، عن بكر، عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد، فقلت: ما هذه؟ قال: صجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه. لفظ يزيد [عند البخاري].

أخرجه البخاري (768)، ومسلم (578/ 110)، وأبو عوانة (1/ 523/ 1953)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 178/ 1280 و 1281)، والنسائي في المجتبى (2/ 162/ 968)، وفي الكبرى (2/ 8/ 1042)، وأبو يعلى (11/ 364/ 6476)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 271/ 5 286)، والبيهقي (2/ 322)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (4/ 456)[التحفة (10/ 243/ 14649)، المسند المصنف (31/ 210/ 14270)].

• ورواه محبوب بن الحسن [هو: محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب، لقبه: محبوب، وهو: ليس به بأس، لينه أبو حاتم، وضعفه النسائي. التهذيب (3/ 542)، الميزان (3/ 514)]، وهشام بن حسان [ثقة]:

حدثنا يونس بن عبيد [ثقة ثبت]، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع؛ أن أبا هريرة رضي الله عنه صلى بهم المغرب فقرأ بـ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد بها، فقلت:

ص: 78

يا أبا هريرة سجدتَ سجدةً لم يُسجد بها، فقال: سجد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى أموت. لفظ محبوب [عند المستغفري].

أخرجه البزار (16/ 287/ 9491 و 9492)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1364).

قال الدارقطني في العلل (9/ 59/ 1641): "وكذلك رواه هشام بن حسان، ومحبوب بن الحسن، وأبو معشر البراء، كلهم عن يونس بن عبيد، عن بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة".

قلت؛ وهو حديث صحيح؛ دون قوله: المغرب، والصحيح: العتمة.

° وانظر في الأوهام على يونس بن عبيد: ما أخرجه أبو نعيم فيما انتخبه من حديث يونس بن عبيد (74)، وما ذكره الدارقطني في العلل (9/ 59 - 60/ 1641).

2 -

ورواه محمد بن جعفر غندر، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، والنضر بن شميل، ووهب بن جرير، وبدل بن المحبر، وعمرو بن مرزوق [وهم ثقات]: حدثنا شعبة، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي رافع، قال: رأيت أبا هريرة يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فقلت: تسجد فيها؟ فقال: نعم، رأيت خليلي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه.

قال شعبة: قلت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

أخرجه مسلم (578/ 111)، وأبو عوانة (1/ 524/ 1960 و 1962)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 179/ 1281)، وأحمد (2/ 459 و 466)، والطيالسي (4/ 192/ 2566)، وإسحاق بن راهويه (1/ 272/ 15 و 16)، والبزار (16/ 286/ 9490)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1273)، والدارقطني في العلل (9/ 60/ 1641)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 177)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1363)، والبيهقي (2/ 315 و 316)[التحفة (10/ 251/ 14668)، الإتحاف (15/ 644/ 20060)، المسند المصنف (31/ 210/ 14270)].

3 -

ورواه محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وبدل بن المحبر، وأبو داود الطيالسي، وروح بن عبادة [وهم ثقات]:

حدثنا شعبة، عن مروان الأصفر [بصري، ثقة]، قال: سمعت أبا رافع، قال: رأيت أبا هريرة سجد في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، قال: فسألته، قال: سجد فيها خليلي صلى الله عليه وسلم، ولا أزال أسجد حتى ألقاه.

أخرجه أحمد في المسند (2/ 456 و 466)، وابنه صالح في مسائله لأبيه (775)، والبزار (16/ 286/ 9490)، والدولابي في الكنى (1/ 5/ 10)، وأبو عوانة (1/ 524/ 1961 و 1962)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1273)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 357)، وأبو بكر محمد بن بشر العكري في فوائده (29)، والدارقطني في العلل

ص: 79

(9/ 60/ 1641)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1363). [الإتحاف (15/ 644/ 20060)، المسند المصنف (31/ 210/ 14270)].

وقد أقرن بين مروان وعطاء بن أبي ميمونة في سياق واحد: عبد الرحمن بن مهدي، وبدل بن المحبر، وأبو داود الطيالسي، فرووه عن شعبة، عن مروان الأصفر، وعطاء بن أبي ميمونة، أنهما سمعا أبا رافع، قال: رأيت أبا هريرة يسجد

، فذكره.

وهو حديث صحيح.

° وهذان الإسنادان هما أشهر إسنادين لشعبة في هذا الحديث، وله فيه أسانيد أخرى غرائب، انظر فيمن أغرب به على شعبة: ما أخرجه البزار (16/ 285/ 9489)، والطبراني في الأوسط (2/ 98/ 1375)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 177)، وما ذكره الدارقطني في العلل (9/ 60/ 1641)، وفي الأفراد (2/ 342/ 5542 - أطرافه).

° وانظر فيمن وهم في إسناده على شعبة: ما أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 177)، وما ذكره الدارقطني في العلل (9/ 59/ 1641).

4 -

وروى هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، وحماد بن سلمة [ثقة]:

قالا: نا علي بن زيد بن جدعان [ضعيف]، عن أبي رافع، قال: صليت خلف أبي هريرة بالمدينة العشاء الآخرة، قال: فقرأ فيها {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد فيها، فقلت: تسجد فيها؟، فقال: رأيت خليلي أبا القاسم سجد فيها، فلا أدع ذلك.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 369/ 4236)(3/ 428/ 4290 - ط الشثري)، وأبو يعلى (11/ 318/ 6434)، والطحاوي (1/ 357). [الإتحاف (15/ 644/ 20060)، المسند المصنف (31/ 210/ 14270)].

• وانظر فيمن وهم في إسناده على أبي رافع: ما أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 355).

° وله أسانيد أخرى عن أبي رافع: انظر ما ذكره الدارقطني في العلل (9/ 58/ 1641).

• ولا يُعارض هذا: بما رواه يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن معاذ العنبري:

حدثنا علي بن سويد بن منجوف [ثقة]: حدثنا أبو رافع [الصائغ]، قال: صلى بنا عمر رضي الله عنه العشاء فقرأ [في إحدى الركعتين]: إذا السماء انشقت، فسجد فيها [وسجدنا معه].

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 277)، وابن أبي شيبة (1/ 316/ 3616) و (1/ 369/ 4238) و (1/ 382/ 4394)، ومسدد في مسنده (6/ 300/ 5894 - إتحاف الخيرة)(15/ 430/ 3778 - مطالب)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 260/ 2834).

وهذا صحيح عن عمر موقوفاً عليه [وسبقت الإشارة إليه تحت الحديث رقم (1403)].

ص: 80

فهما واقعتان، وقعتا لأبي رافع الصائغ، وهو: ثقة، من كبار التابعين، أدرك الجاهلية [التهذيب (4/ 240)].

وقد وهم بعضهم في إسناده على شعبة، وسبقت الإشارة إليه.

5 -

وروى الشافعي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبو مصعب الزهري، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن وهب، وقتيبة بن سعيد، وروح بن عبادة، وعثمان بن عمر بن فارس، ومحمد بن الحسن الشيباني:

عن مالك، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قرأ لهم:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 282/ 547 - رواية يحيى الليثي)(138 - رواية القعنبي)(259 - رواية أبي مصعب)(267 - رواية الشيباني)، ومن طريقه: مسلم (578/ 107)، وأبو عوانة (1/ 524/ 1958)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 177/ 1275)، والنسائي في المجتبى (2/ 161/ 961)، وفي الكبرى (2/ 6/ 1035) و (10/ 329/ 11596)، وابن حبان (6/ 467/ 2761)، وأحمد (2/ 487 و 529)، والشافعي في الأم (1/ 136) و (7/ 202)، وفي السنن (98)، وفي المسند (212)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 114)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 358)، وفي المشكل (9/ 241/ 3606 - 3608)، والجوهري في مسند الموطأ (459)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1359)، والبيهقي في السنن (2/ 315)، وفي المعرفة (2/ 147/ 1090). [التحفة (10/ 354/ 14969)، الإتحاف (16/ 92/ 20437)، المسند المصنف (31/ 207/ 14269)].

قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 118): "هذا حديث صحيح، ولم يختلف فيه عن مالك"، ثم ذكر رواية منكرة عنه، ثم قال:"والحديث صحيح، وقد رواه عن أبي هريرة جماعة منهم: أبو سلمة، والأعرج، وعطاء بن ميناء، وأبو رافع، وأبو بكر بن عبد الرحمان بن الحارث، ومحمد بن سيرين، وفي رواية ابن سيرين، و [في رواية] عطاء بن ميناء والأعرج عن أبي هريرة زيادة: و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وفي هذا الحديث: السجود في المفصل".

6 -

وروى هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهمام بن يحيى، وأبان بن يزيد العطار، والأوزاعي، وعلي بن المبارك، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي [وهم ثقات]، وغيرهم:

عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه، قرأ:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد بها، فقلت: يا أبا هريرة ألم أرَك تسجد؟ قال: لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يسجد لم أسجد.

ص: 81

أخرجه البخاري (1074)، ومسلم (578/ 107)، وأبو عوانة (1/ 524/ 1963) و (1/ 543/ 2031)[والحديث فيه ملفق من الموضعين؛ لخلل في ترتيب صور المخطوط](5/ 326 - 329/ 2006 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 177/ 1276)، والدارمي (1613 - ط البشائر)، وأحمد (2/ 413 و 434 و 466)، والطيالسي (4/ 100/ 2461)، وأبو أمية الطرسوسي في مسنده (6 و 26 و 35 و 50)، والبزار (15/ 197/ 8588)، وأبو يعلى (10/ 394/ 5996)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 358)، وفي المشكل (9/ 240/ 3604 و 3605)، وأبو بكر محمد بن بشر العكري في فوائده (28)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1360)، وابن حزم في المحلى (5/ 110)، والبيهقي (2/ 315)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 125)، وابن عساكر في المعجم (763). [التحفة (10/ 479/ 15395) و (10/ 489/ 15426)، الإتحاف (16/ 92/ 20437)، المسند المصنف (31/ 207/ 14269)].

7 -

وروى يزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، وإسماعيل بن جعفر، وخالد بن عبد الله الواسطي [وهم ثقات أثبات]:

حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: رأيت أبا هريرة يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فقيل له: تسجد في سورة ما يُسجَد فيها؟، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.

أخرجه الدارمي (1612 - ط البشائر)، وأحمد (2/ 449)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (150)، وأبو إسحاق العسكري في الثاني من مسند أبي هريرة (7)، وأبو يعلى (10/ 358/ 5950)، والطحاوي في المشكل (9/ 241/ 3609). [الإتحاف (16/ 92/ 20437)، المسند المصنف (12/ 207/ 14269)].

وهو حديث صحيح.

8 -

وروى الليث بن سعد [وعنه: عبد الله بن صالح، وعبد الله بن عبد الحكم]، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي [وعنه: الشافعي]:

عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه رأى أبا هريرة وهو يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، قال أبو سلمة: فقلت له حين انصرف: سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها، قال: لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها لم أسجد.

أخرجه الشافعي في السنن (100)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 2858/ 270)(5/ 277/ 2836 - ط الفلاح)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 358)، وفي المشكل 91/ 242/ 3610 و 3611)، والبيهقي في المعرفة (2/ 148/ 1091)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 124). [الإتحاف (16/ 92/ 20437)].

وهو حديث صحيح.

قال الدارقطني في العلل (8/ 12/ 1376): "ولا نعلم يزيد بن الهاد سمع من

ص: 82

أبي سلمة غيره، وباقي أحاديثه يرويها عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة".

9 -

وروى ابن أبي فديك، وحجاج بن محمد المصيصي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد [وهم ثقات]:

عن ابن أبي ذئب [مدني: ثقة فقيه]، عن عبد العزيز بن عياش، عن محمد بن قيس [المدني قاص أو قاضي عمر بن عبد العزيز: ثقة. التهذيب (3/ 681)]، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 161/ 962)، وفي الكبرى (2/ 6/ 1036)، وأحمد (2/ 454)(4/ 2058/ 9995 - ط المكنز)، وأبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (69)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1361)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 124)[التحفة (10/ 362/ 14989)، المسند المصنف (31/ 207/ 14269)].

• خالفهم فوهم وقصر في إسناده:

أسد بن موسى [مصري، صدوق، يغرب]، وأبو نوح عبد الرحمن بن غزوان [ثقة، وله ما ينكر]، قالا:

ثنا ابن أبي ذئب، عن عبد العزيز بن عياش، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

أخرجه أبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (70)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 358)، والطبراني في الأوسط (8/ 344/ 8822). [الإتحاف (16/ 92/ 20437)].

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز بن عياش؛ إلا ابن أبي ذئب".

وانظر: سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (236).

قلت: المحفوظ: رواية الجماعة عن ابن أبي ذئب؛ وعبد العزيز بن عياش: روى عنه ابن أبي ذئب، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وروى له النسائي هذا الحديث في المتابعات، وقال الذهبي:"شيخ لابن أبي ذئب، لا يعرف، عداده في المدنيين، مقل"، وقال ابن حجر:"مقبول"[الثقات (7/ 112)، تاريخ أسماء الثقات (936)، الميزان (2/ 633)، التهذيب (2/ 592)].

قلت: هو حديث صحيح؛ ولم ينفرد به: عبد العزيز بن عياش المدني، فقد تابعه عليه: محمد بن إسحاق [صدوق]، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن [ضعيف].

° قال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 213): حدثني عبيد الله بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن قيس مولى يعقوب القبطي وكان قاصاً، قال: قصصت على عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، فقال عمر بن

ص: 83

عبد العزيز: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

وأخرجه من طريق البخاري: ابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 112).

قلت: وهذا إسناد مثصل جيد.

° ورواه محمد بن بكار [هو: ابن الريان البغدادي الرصافي: ثقة]: ثنا أبو معشر المدني [ضعيف]، عن محمد بن قيس، قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: أتسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ؟ فقلت: لا، فقال: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .

أخرجه أبو العباس السراج في البيتوتة (4).

وهذه متابعة صالحة.

وذكر الدارقطني في العلل (8/ 10/ 1376) أن أبا معشر، ومحمد بن إسحاق، روياه عن محمد بن قيس، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

• وانظر فيمن وهم في إسناده على محمد بن قيس: ما أخرجه أبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (67)، وذكره الدارقطني في العلل (8/ 11/ 1376).

• قال الدارقطني في العلل (4/ 265/ 551): "يرويه ابن أبي ليلى، عن رجل، يقال: حميد الأزرق، عن أبي سلمة، عن أبيه.

وتابعه زيد بن حبان، فرواه عن محمد بن قيس القاص، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبيه.

وخالفهما أصحاب محمد بن قيس، فرووه عن محمد بن قيس، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو الصواب" [وانظر أيضاً: العلل (8/ 10/ 1376)].

قال ابن عبد البر: "ابن قيس هذا هو: محمد بن قيس القاص، وهو ثقة، وروايته لهذا الحديث عن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أصح من حديث ابن عيينة عندهم، والله أعلم، وقد ذكره عبد الله بن يوسف التنيسي في الموطأ عن مالك، وروته طائفة كذلك في الموطأ عن مالك؛ أنه بلغه عن عمر بن عبد العزيز، قال لمحمد بن قيس القاص: اخرج إلى الناس فمرهم أن يسجدوا في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} "[الموطأ (269 - رواية أبي مصعب الزهري)].

وقال المزي في التحفة (14989): "تابعه أبو علي الحنفي، عن ابن أبي ذئب، عن عبد العزيز بن عياش، عن محمد بن قيس، عنه به.

ورواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وهو المحفوظ، وقد مضى.

(ز) رواه قراد أبو نوح، عن ابن أبي ذئب فلم يذكر محمد بن قيس. وكذلك رواه حجاج بن محمد، عن ابن أبي ذئب؛ إلا أنه قال: عبد العزيز بن عياض بدل ابن عياش

ص: 84

[قلت: الذي في المسند (9995): عبد العزيز بن عياش، من رواية حجاج]، ولم يتابع على ذلك. ورواه نجيح أبو معشر المدني، عن محمد بن قيس، عن عمر بن عبد العزيز. ورواه عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن ربيعة، عن حرب بن قيس، عن محمد بن قيس، عن عمر بن عبد العزيز. ورواه الربيع بن سليمان المرادي، عن شعيب بن الليث بن سعد بهذا الإسناد، ولم يذكر محمد بن قيس".

10 -

وروى الشافعي، والحميدي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان بن أبي شيبة، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن أبي عمر العدني، ومحمد بن منصور، وقتيبة بن سعيد، والعباس بن يزيد، وعبد الغني بن أبي عقيل [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت الناس في ابن عيينة]:

عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)}. زاد الحميدي والعدني وابن منصور وقتيبة: و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .

قال الحميدي: "قيل لسفيان: فيه و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}؟، قال: نعم".

أخرجه الترمذي (574)، والنسائي في المجتبى (2/ 161/ 963 و 964)، وفي الكبرى (2/ 7/ 1537 و 1038)، والدارمي (1614 - ط البشائر)، وابن ماجه (1059)، وأحمد (2/ 247)، والشافعي في السنن (199، والحميدي (1022)، وابن أبي شيبة (1/ 368/ 4235)، وأبو بكر الباكندي في مسند عمر بن عبد العزيز (31)، والطحاوي في المشكل (9/ 239/ 3602 و 3603)، والبيهقي في المعرفة (2/ 148/ 1092)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 122 و 123)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 657 - ط الغرب ([التحفة (10/ 308/ 14685)، المسند المصنف (31/ 215/ 14273)].

قال أبو بكر بن أبي شيبة: "هذا الحديث من حديث يحيى بن سعيد، ما سمعت أحدًا يذكره غيره".

وقال محمد بن يحيى الذهلي: "لا أعلم روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد غير ابن عيينة، وهو عندي وهم، إنما روى الناس عن يحيى في هذا الإسناد حديث الإفلاس"[تاريخ بغداد].

وقال الترمذي: "وفي الحديث أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح".

وقال البيهقي: "وكذلك رواه علي بن المديني وغيره عن سفيان بن عيينة، وزعم محمد بن يحيى الذهلي أن ابن عيينة وهم فيه، وإنما روى الناس عن يحيى بهذا الإسناد حديث الإفلاس".

وقال ابن عبد البر: "يقولون: إن هذا الإسناد انفرد به ابن عيينة عن يحيى بن سعيد،

ص: 85

لم يروه عن يحيى بن سعيد غيره، ويخشون أن يكون خطأ، وإنما يعرف بهذا الإسناد: حديث التفليس، ويروى هذا الحديث عن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة، وأما بهذا الإسناد عن يحيى بن سعيد: فلم يروه غير ابن عيينة، والله أعلم".

قلت: قد اشتهر هذا الحديث عن ابن عيينة، وروي أيضاً من حديث مالك والثوري، وليس من حديثهما [انظر: ما أخرجه الدارقطني في العلل (9/ 67/ 1646)، وفي الأفراد (2/ 337/ 5511 - أطرافه)].

وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على عمر بن عبد العزيز، ولم يرجح شيئاً [انظر: علل الدارقطني 91/ 66/ 1646)، [وانظر أيضاً: العلل (4/ 265/ 551) و (8/ 10/ 1376)].

قلت: ما قاله الذهلي ليس ببعيد؛ أن يكون وهم فيه سفيان بن عيينة، حيث انفرد به عن يحيى بن سعيد الأنصاري المدني؛ الثقة الثبت الإمام، وهو كثير الأصحاب.

° وإنما يروى هذا الحديث: عن محمد بن قيس [المدني قاص أو قاضي عمر بن عبد العزيز: ثقة]، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [كما تقدم في الطريق السابقة].

° وأما حديث الإفلاس:

فيروبه مالك بن أنس، والليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وشعبة، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعبدة بن سليمان، وهشيم بن بشير، ويحيى بن سعيد القطان، وحفص بن غياث، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ويزيد بن هارون، وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر، وعمرو بن دينار [وعنه: ابن عيينة، واختلف عليه]، وسفيان بن عيينة [وعنه: الحميدي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن موسى الأنصاري، وعمرو بن عبد الله، والعباس بن يزيد، ومحمد بن داود الواسطي]:

عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أيما رجل أفلس فأدرك رجلٌ مالَه بعينه، فهو أحق به من غيلاه". لفظ مالك.

ولفظ زهير [عند البخاري ومسلم]: "من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو: إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره".

ولفظ هشيم [عند أبي يعلى]: "من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحق به من سواه من الغرماء".

ولفظ الثوري [عند عبد الرزاق، وبنحوه عند الباغندي وابن حبان]: "أيما رجل أفلس، وعنده سلعة بعينها، فصاحبها أحق بها دون الغرماء". ووقعت هذه اللفظة أيضًا في رواية يزيد بن هارون [عند أبي عوانة].

أخرجه البخاري (2402)، ومسلم (1559)(299 - مخطوط) (4/ 253/ 1593 - ط

ص: 86

التأصيل) [تنبيه: وقع في مطبوعة مسلم: زهير بن حرب، وهو خطأ، إنما هو: زهير بن معاوية]. وأبو عوانة (3/ 339/ 5219) و (3/ 340/ 5220 - 5222) و (3/ 341/ 5225)، وأبو داود (1953)، وابن ماجه (2358)، والترمذي (1262)، وقال:"حديث حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (7/ 311/ 4676)، وفي الكبرى (6/ 83/ 6228)، والدارمي (2791 - ط البشائر)، ومالك في الموطأ (2/ 211/ 1985 - رواية يحيى الليثي)(2687 - رواية أبي مصعب)(196 - رواية ابن القاسم)(510 - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي)(105 - رواية ابن وهب)(254 - رواية سويد بن سعيد الحدثاني)، وابن حبان (11/ 412/ 5036) و (11/ 414/ 5037)، وابن الجارود (630)، وأحمد (2/ 228 و 247 و 249 و 258 و 474)، والشافعي في الأم (3/ 199)، وفي المسند (329)، والطيالسي (4/ 243/ 2629)، وعبد الرزاق (8/ 264/ 15160 و 15161)(8/ 81/ 16159 و 16110 - ط التأصيل)، والحميدي (1566)، وابن أبي شيبة (4/ 278/ 20101) و (7/ 323/ 36511)، والبزار (14/ 378/ 8095)، وأبو يعلى (11/ 357/ 6470)، وأبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (32 و 34 - 40 و 43 و 44)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1566)، وابن المنذر في الإقناع (2/ 562/ 190)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 164)، وفي المشكل (12/ 14/ 4600) و (12/ 15/ 4601) و (12/ 16/ 4603)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (286 و 287)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(747)، والجوهري في مسند الموطأ (826)، والدارقطني (3/ 29 و 30) و (4/ 230)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 361)، والبيهقي في السنن (6/ 44 و 45)، وفي المعرفة (4/ 447/ 3628 و 3629) و (4/ 448/ 3630 - 3632) و (4/ 453/ 3638)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 445 - ط الغرب)، والبغوي في شرح السُّنَّة (8/ 186/ 2133)[التحفة (15/ 305/ 14861)، الإتحاف (16/ 18/ 20303)، المسند المصنف (32/ 206/ 14815)].

ويأتي تخريجه بطرقه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى.

وانظر: علل الدارقطني (11/ 166/ 2199).

هكذا اشتهر حديث الإفلاس عن يحيى بن سعيد الأنصاري، ورواه عنه جمع كبير من الثقات وكبار الحفاظ، بينما تفرد ابن عيينة برواية حديث السجود في الانشقاق، ولم يتابع عليه، والله أعلم.

11 -

وروى شعيب بن الليث، وحجاج بن محمد، وقتيبة بن سعيد [وهم ثقات]:

عن الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن نعيم بن عبد الله المجمر؛ أنه قال: صليت مع أبي هريرة فوق هذا المسجد، فقرأ:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد فيها، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 280/ 559)، وأحمد (2/ 451)، والطحاوي في شرح

ص: 87

المعاني (1/ 357)، وفي المشكل (9/ 237 - 238/ 3599)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (10/ 163). [الإتحاف (15/ 636/ 20045)، المسند المصنف (31/ 217/ 14274)].

وهو حديث صحيح ، ورواية نعيم بن عبد اللّه المجمر عن أبي هريرة عند الشيخين [راجع: التحفة (14642 - 14644)].

° ورواه أصبغ بن الفرج [مصري، ثقة فقيه]، عن ابن وهب [ثقة حافظ]، قال أخبرني عمرو [هو: ابن الحارث المصري: ثقة ثبت فقيه] عن الحارث [هو: ابن يعقوب، والد عمرو بن الحارث، وهو: ثقة عابد]، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم المجمر؛ أنه قال: صليت وراء أبي هريرة. فقرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد فيها، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.

أخرجه البزار (14/ 404/ 8157).

وهذا إسناد مصري صحيح.

وفي سنده اختلاف: انظر علل الدارقطني (9/ 42/ 1629).

* ولحديث أبي هريرة هذا طرق أخرى لا تخلو من مقال، أو وهم بعضهم فيه على أبي سلمة فجعله من مسند أبيه عبد الرحمن بن عوف: انظر ما أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في مسنده (4/ 279/ 551 - مطالب)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 476/ 1882 - السفر الثاني)، والبزار (3/ 250/ 1040)، وأبو يعلى (11/ 298/ 6413)، والدولابي في الكنى (2/ 816/ 1423)، والدارقطني في العلل (8/ 11 - 12/ 1376)، وانظر: الجرح والتعديل (7/ 161). [المسند المصنف (31/ 221/ 14277)].

° قال الترمذي: "حديث أبي هريرة: حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: يرون السجود في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ".

° قلت: وأكثر طرق حديث أبي هريرة هذا في الصحيح وغيره ليس فيها تعيين هذه الصلاة، وتعيينها بكونها العشاء: موقوف على أبي هريرة من فعله، والمرفوع منه: سجود النبي صلى الله عليه وسلم في الفريضة في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، من غير تعيين الصلاة، وقد بوب له النسائي وابن المنذر:"باب السجود في الفريضة".

قال ابن رجب في الفتح (4/ 440): "قد ذكرنا أن هذا الحديث إنما فيه التصريح بالسجود في صلاة العشاء عن أبي هريرة، وليس فيه تصريح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم".

* وروي أيضًا من حديث صفوان بن عسال، وهو حديث باطل [أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 230/ 1751)، وابن أبي حاتم في العلل (561)، والطبراني في الكبير (8/ 68/ 7393)، وابن المقرئ في المعجم (881)، والدارقطني في الأفراد (1/ 423/ 2296 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في الثاني عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي

ص: 88

الفوارس (48)(2801 - المخلصيات)]. [تفرد به: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو: منكر الحديث، متهم. اللسان (8/ 464)][وإنما يُعرف موقوفاً على ابن مسعود وعمار بن ياسر. راجع مصادره تحت الحديث رقم (1403)][قال أبو زرعة: "هذا حديث منكر خطأ، إنما هو: عاصم عن زر قال: قرأ عمار على المنبر: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} فنزل فسجد، ويحيى: ضعيف". وقال أبو القاسم البغوي: "وهذا حديث غريب، لا أعلم رواه غير يحيى بن عقبة، وهو: ضعيف الحديث"].

* ومما جاء في قراءة السورة التي فيها السجدة في الصلاة:

1 -

حديث أبي هريرة:

يرويه سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر: {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} .

أخرجه البخاري (891 و 1068)، ومسلم (880/ 65)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (11/ 406/ 1075)].

قال ابن رجب في الفتح (4/ 440): "والطاهر: أنه كان يسجد فيها، ولو لم يكن يسجد فيها لنقل إخلاله بالسجود فيها، فإنه يكون مخالفاً لسنته المعروفة في السجود فيها، ولم يكن يهمل نقل ذلك، فإن هذه السورة تسمى سورة السجدة، وهذا يدل على أن السجود فيها مما استقر عليه العمل به عند الأمة"، قلت: وهذا تقرير جيد.

2 -

حديث ابن عباس:

يرويه مخوَّل بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة:{الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة، والمنافقين. وفي رواية: بسورة الجمعة، و {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} .

أخرجه مسلم (879)، وقد تقدم برقم (1074 و 1075)[فضل الرحيم الودود (11/ 400/ 1074) و (11/ 401/ 1075)، [وانظر فيه بقية الشواهد].

* ومما جاء في قراءة السجدة في الصلاة السرية:

• روى معتمر بن سليمان، ويزيد بن هارون، وهشيم، عن سليمان التيمي، عن أمية، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ: تنزيل السجدة.

أخرجه أبو داود (807)، وتقدم في فضل الرحيم الودود (9/ 23/ 807).

وهو حديث ضعيف، وانظر شاهده هناك، ومما نقلت هناك من أقوال الأئمة:

قال أبو داود في مسائله لأحمد (267): "سمعت أحمد سئل عن الإمام يقرأ في

ص: 89