المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌333 - باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٧

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌333 - باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة

‌333 - باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة

1411 -

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر: حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد-، عن مصعب بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدةً، فسجد الناسُ كلُّهم، منهم الراكب والساجد في الأرض، حتى إن الراكب ليسجد على يده.

* حديث منكر

أخرجه من طريق أبي الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: ابن خزيمة (1/ 279 / 556)، والحاكم (1/ 219)(1/ 578/ 893 - ط الميمان)، وأبو بكر الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (1/ 734)، والبيهقي (2/ 325). [التحفة (5/ 607/ 8444)، الإتحاف (9/ 336/ 11342)، المسند المصنف (14/ 397/ 7007)].

رواه عن أبي الجماهر [محمد بن عثمان التنوخي، وهو ثقة]: أبو داود سليمان بن الأشعث، ومحمد بن يحيى الذهلي [وهما إمامان حافظان جليلان]، وعبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار [وهو: بغدادي صدوق، وله أوهام. اللسان (5/ 355)].

قال ابن خزيمة مشيراً إلى تضعيف هذا الحديث: "نا محمد بن يحيى بخبر غريب غريب".

وتساهل فيه الحاكم على عادته، فقال:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فإنهما لم يخرجا مصعب بن ثابت، ولم يذكراه بجرح".

قلت: جمهور الأئمة على تليينه، وضعفه أحمد وابن معين، ولم يخف ذلك على الحاكم أراجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (7/ 374/ 670)].

* ورواه روح بن الفرج [أبو الزنباع القطان المصري: ثقة. راجع ترجمته تحت الحديث رقم (436)]، وعبيد بن محمد العجلي أهو: الحسين بن محمد بن حاتم أبو علي، المعروف بعُبَيدٍ العجل، وهو: ثقة حافظ. الكامل (1/ 233)، تاريخ بغداد (8/ 658)، موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 558)، الإكمال (7/ 43)، تذكرة الحفاظ (2/ 672)، السير (14/ 90)]:

عن أبي مصعب الزهري [ثقة، من أصحاب مالك، ورواة الموطأ]، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن مصعب بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد، وسجد معه المسلمون والمشركون، حتى سجد الرجل على الرجل، وحتى سجد الرجل على شيء رفعه إلى وجهه بكفه. لفظ أبي الزنباع [عند الطحاوي].

ص: 112

ولفظ عبيد العجل [عند الطبراني]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم بمكة، فسجد الناس معه، حتى إن الرجل ليرفع إلى جبهته شيئًا من الأرض فيسجد عليه، وحتى يسجد الرجل على الرجل.

أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 353)، والطبراني في الكبير (12/ 365/ 13358).

* ورواه محمد بن عباد [بن الزبرقان المكي: لا بأس به]: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن مصعب بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ النجم، فسجد بنا فأطال السجود، وكثر الناس، فصلى بعضهم على ظهر بعض.

أخرجه البيهقي (3/ 182)، بإسناد صحيح إلى محمد بن عباد.

قال النووي في الخلاصة (2/ 626/ 2154): "رواه أبو داود بإسناد ضعيف، فيه مصعب بن ثابت، وهو: ضعيف، كثير الغلط".

قلت: هكذا اختلف الثقات على عبد العزيز بن محمد الدراوردي في لفظ هذا الحديث، وقد كان صدوقًا، سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحاً؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطى أيضاً [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره].

وهو حديث منكر؛ والمعروف في هذا ما رواه أحد أثبت أصحاب نافع: عبيد اللّه بن عمر العمري [ثقة ثبت، أحد أثبت أصحاب نافع]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السجدة ونحن محنده، فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدُنا لجبهته موضعاً يسجد عليه. لفظ ابن مسهر [عند البخاري]. وهو الحديث الآتي.

وبذا تدرك الخطأ الذي وقع لمصعب بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير بن العوام الأسدي؛ فإنه: ليس بالقوي، وقد أنكروا عليه أحاديث أراجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (7/ 374/ 0 67)].

***

1412 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد،

(ح) وحدثنا أحمد بن أبي شعيب [الحراني]: حدثنا ابن نمير -المعنى-، عن عبيد اللّه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة -قال ابن نمير: في غير الصلاة، ثم اتفقا:- فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجدُ أحدُنا مكاناً لموضع جبهته.

* حديث متفق على صحته *

أخرجه من طريق يحيى بن سعيد القطان: البخاري (1075 و 1079)، ومسلم (575/ 103)، وأبو عوانة (1/ 521/ 1948) و (1/ 522/ 1949)، وأبو نعيم في مستخرجه

ص: 113

على مسلم (2/ 175/ 1271)، وابن خزيمة (1/ 279/ 557)، وأحمد (2/ 17/ 4669)، والبزار (12/ 123/ 5663)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 281/ 2870)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1281)، والبيهقي (2/ 312). [التحفة (5/ 522/ 8144)، الإتحاف (9/ 172/ 10813)، المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

وفي لفظ للبخاري: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة التي فيها السجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته.

ولفظه عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له إسناداً عن ابن عمر أحسن من هذا الإسناد، ولا رواه عن ابن عمر إلا نافع".

* وأخرجه من طريق عبد الله بن نمير: أحمد (2/ 6285/142). [التحفة 5/ 490/ 8008)، المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

* تابعهما على روايته عن عبيد اللّه بن عمر العمري:

علي بن مسهر، ومحمد بن بشر العبدي، وعبد اللّه بن إدريس، وعيسى بن يونس، وفضيل بن سليمان، وعبد الرحيم بن سليمان [وهم ثقات]:

عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السجدة ونحن عنده، فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدُنا لجبهته موضعاً يسجد عليه. لفظ ابن مسهر [عند البخاري].

ولفظ ابن بشر [عند مسلم]: ربما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فيمر بالسجدة فيسجد بنا، حتى ازدحمنا عنده، حتى ما يجد أحدُنا مكاناً ليسجد فيه، في غير صلاةٍ.

أخرجه البخاري (1076)، ومسلم (575/ 104)، وأبو عوانة (1/ 521/ 1947)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 176/ 1272)، وابن خزيمة (1/ 558/279)، وابن حبان (6/ 466/ 2760)، والحاكم (1/ 222)(1/ 584/ 903 - ط الميمان)، والقاسم بن موسى الأشيب في جزئه (42)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1395 - 1397)، والبيهقي (2/ 323)، والبغوي في شرح السنَّة (3/ 309/ 768). [التحفة (5/ 503/ 8058) و (5/ 510/ 8096)، الإتحاف (9/ 172/ 10813)، المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

قال الحاكم مستدركًا به على الشيخين فوهم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسجود الصحابة لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة: سنة عزيزة".

***

1413 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي: أخبرنا عبد الرزاق: أخبرنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر، وسجد وسجدنا معه.

ص: 114

قال عبد الرزاق: وكان الثوري يعجبه هذا الحديث.

قال أبو داود: يعجبه لأنه كبَّر.

* حديث منكر بذكر التكبير

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 325). [التحفة (5/ 419/ 7726)، المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

هكذا رواه أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي عن عبد الرزاق بإثبات التكبير.

وأبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي: ثقة، حافظ كبير، تراجمه تدل على تقدم سماعه من عبد الرزاق [سؤالات البرذعي (743)، تاريخ بغداد (4/ 343)، تاريخ دمشق (5/ 150)، السير (12/ 480)، التهذيب (1/ 39)]:

ورواه إسحاق بن إبراهيم الدبري في مصنف عبد الرزاق (3/ 345/ 5911)(4/ 73/ 6084 - ط التأصيل)، ومن طريقه: جعفر المستغفري في فضائل القرآن (1292):

عن عبد الرزاق، عن عبد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة سجد، وسجدنا معه. [المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

هكذا بدون ذكر التكبير فيه، وقال محققو طبعة التأصيل من المصنف بأن ذكر التكبير ليس في أي من الأصول الخطية، وقد أشار إلى ذلك الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في حاشية طبعته للمصنف؛ إلا أنه ألحق التكبير في صلب الكتاب تبعاً لرواية أبي داود، وهو خطأ محض.

قلت: المثبت في كتاب عبد الرزاق هو الصواب، بدون ذكر التكبير، إذ هكذا رواه أصحاب عبد اللّه بن عمر العمري، ولا يضر في ذلك كون راوي المصنف متكلم فيه، لصغر سنه وتأخر تحمله عن عبد الرزاق، لأن الأصل في الكتاب كونه محفوظاً عن الزيادة والنقصان، ويؤيد ذلك رواية الحديث عن عبد الله العمري بدونها، واللّه أعلم.

* فقد رواه عبد اللّه بن وهب [ثقة حافظ]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]:

عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد اللّه بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فيقرأ السجدة فيسجد، ونسجد معه، وذلك فى غير صلاة.

أخرجه ابن وهب في الجامع (373)، وسحنون في المدونة (1/ 201)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1282).

* ورواه حماد بن خالد الخياط [ثقة يحفظ]: حدثنا عبد اللّه [يعني: العمري]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن، فإذا مر بسجود القرآن سجد وسجدنا معه.

أخرجه أحمد (2/ 157/ 6461). [المسند المصنف (14/ 396/ 7006)].

ص: 115

قلت: وبهذا يتبين نكارة هذه الزيادة، وأنه لا تحفظ من حديث عبد اللّه بن عمر العمري، وأنه متابعٌ في حديثه لحديث أخيه الثقة الثبت: عبيد الله بن عمر العمري، وعبد اللّه بن عمر العمري: ليس بالقوي، والله أعلم.

قال النووي في الخلاصة (2/ 624/ 2148): "رواه أبو داود، وإسناده ضعيف"، يعني: بذكر التكبير فيه.

* والحاصل: فإنه لا يثبت التكبير لسجود التلاوة خارج الصلاة في حديث مرفوع، بل ولا عن أحد من الصحابة، والله أعلم.

* وفي ختام أحكام سجود التلاوة أذكر بعض الأحكام التي لم يتعرض لها أبو داود في سننه، مستدلاً في ذلك بما ثبت عن الصحابة فعلاً أو قولًا إذا لم يكن في الباب شيء مرفوع:

* إنما السجود على الجالس المستمع:

أ- روى معمر بن راشد، ويونس بن يزيد الأيلي:

عن الزهري، عن ابن المسيب؛ أن عثمان مر بقاصٍّ فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد.

قال الزهري: وقد كان ابن المسيب يجلس في ناحية المسجد، ويقرأ القاص السجدة فلا يسجد معه، ويقول: إني لم أجلس لها.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 344/ 5906)، وسحنون في المدونة (1/ 201)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 281/ 2871) و (5/ 282/ 2876)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1299 و 1300)، وعلقه البخاري في الصحيح بصيغة الجزم قبل الحدبث رقم (1077).

وهذا موقوف على عثمان بإسناد صحيح.

وانظر فيمن وهم في إسناده على الزهري: ما أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (1/ 15).

* ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ، سمع من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط. الجرح والتعديل (9/ 37)، الكفاية (136)]، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، قال: إنما السجدة على من جلس لها [وأنصت].

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 367/ 4220)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1298).

وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات.

ب- وروى ابن جريج [ثقة حافظ]، وأبو العوام عبد العزيز بن الرُّبَيِّع [ثقة]:

قال ابن جريج: أخبرني عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: إنما السجدة على من جلس لها، وإن مررت بقوم فسجدوا، فليس عليك [سجود].

أخرجه ابن وهب في الجامع (3/ 95/ 213 - علوم القرآن برواية سحنون)،

ص: 116

وعبد الرزاق (3/ 345/ 5908)(4/ 72/ 6081 - ط التأصيل)، ومسدد في مسنده (4/ 278/ 550 - مطالب)، وابن أبي شيبة (1/ 367/ 4216 و 4218)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 281/ 2872)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1351)، والبيهقي (2/ 324).

وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح.

ج- وروى سفيان الثوري، ومحمد بن فضيل:

عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: مر سلمان على قوم قعود فقرؤوا السجدة فسجدوا، فقيل له، فقال: ليس لها غدونا. وفي رواية: إنا لم نقصد لها.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 345/ 5909)، وابن أبي شيبة (1/ 367/ 4223)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 282/ 2874)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 354)، وفي المشكل (9/ 247/ 3619)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (297 أو 1302)، والبيهقي (2/ 324)، وعلقه البخاري في الصحيح بصيغة الجزم قبل الحديث رقم (1077).

قال ابن حجر في التغليق (2/ 412): "هو إسناد صحيح؛ لأن الثوري سمع من عطاء قبل الاختلاط".

د- وروى عبد الرزاق، عن معمر أو غيره، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، أن عمران بن الحصين مر بقاصٍّ، فقرأ القاصُّ سجدة، فمضى عمران ولم يسجد معه، وقال: إنما السجدة على من جلس لها.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 345/ 5910)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 282/ 2875)[لكن وقع عنده: عن معمر، بغير شك]. وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1303).

قلت: لسنا على يقين من كونه من حديث معمر، ولو فرضنا ذلك؛ فإن معمر بن راشد: ثقة ئبت في الزهري وابن طاووس، إلا أنه كان سيئ الحفظ لحديث قتادة؛ لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه، وفي حديثه عن العراقيين -أهل الكوفة وأهل البصرة-: ضعف [انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 281)، علل الدارقطني (4/ ق 40)، تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح علل الترمذي (2/ 698 و 774)].

وقد ثبت عن عمران بلفظ آخر:

هـ- فقد رواه عبد الأعلى، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف، قال: سألته عن الرجل يتمارى في السجدة أسمعها أم لم يسمعها؟ قال: وسمعها فماذا ثم؟ قال مطرف: سألت عمران بن حصين عن رجل لا يدري أسمع السجدة أم لا؟ قال: وسمعها فماذا؟.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 368/ 4224).

وهذا موقوف على عمران بن حصين بإسناد صحيح.

وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي: ثقة، ممن روى له الشيخان عن سعيد بن إياس

ص: 117

الجريري، قال ابن معين لما سئل عن رواية عبد الأعلى ويزيد بن زريع عن الجريري:"هؤلاء كتبوا قبل أن ينكرا على الجريري وسعيد"، يعني: ابن أبي عروبة [سؤالات ابن طهمان (328)].

وقال العجلي في معرض كلامه عمن سمع من الجريري قبل الاختلاط: "وعبد الأعلى أصحهم سماعًا، سمع منه قبل أن يختلط بثماني سنين"[معرفة الثقات (576)].

* هل يسجد السامع إذا لم يسجد القارئ؟:

* روى محمد بن عجلان [مدني ثقة]، ومعمر بن راشد [ثقة]:

عن زيد بن أسلم؛ أن غلاماً قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة، فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد، فلما لم يسجد، قال: يا رسول الله! أليس في هذه السورة سجدة؟ قال: "بلى، ولكنك كنت إمامَنا فيها فلو سجدت لسجدنا".

أخرجه أبو داود في المراسيل (76)، وعبد الرزاق (3/ 346/ 5914)، وابن أبي شيبة (1/ 379/ 4363)(3/ 455/ 4425 - ط الشثري)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1399). [التحفة (12/ 310/ 18657)، المسند المصنف (35/ 244/ 16953)].

* ورواه هشام بن سعد [مدني، صدوق، لم يكن بالحافظ، يهم ويخطئ؛ وهو: ثبت في زيد بن أسلم، قال أبو داود: "هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم". التهذيب (4/ 270)]، وحفص بن ميسرة [العقيلي الصنعاني: لا بأس به، تكلموا في سماعه من زيد بن أسلم]، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة]:

عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: بلغني أن رجلاً قرأ بآية من القرآن فيها سجدة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسجد الرجل وسجد معه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ آخر آية فيها سجدة، وهو عند النبي صلى الله عليه وسلم، فانتظر الرجل أن يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد، فقال الرجل: يا رسول الله قرأت السجدة فلم تسجد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنتَ إماماً فلو سجدتَ سجدتُ معك".

أخرجه أبو داود في المراسيل (77)، والشافعي في الأم (1/ 136)، وفي اختلاف الحديث (45)، وفي المسند (156)، وابن وهب في الجامع (372 - رواية بحر بن نصر)، وسحنون في المدونة (1/ 201)، والبيهقي في السنن (2/ 324)، وفي الخلافيات (3/ 96/ 2142)، وفي المعرفة (2/ 158/ 1120). [التحفة (12/ 424/ 19093)، المسند المصنف (35/ 244/ 16953)].

قلت: وهذا الوجه أولى بالصواب مع إرساله، وقد زادوا في الإسناد رجلاً، والحكم لمن زاد إذا كان حافظاً، وهشام ليس بالحافظ، إلا أنه ثبت في زيد بن أسلم، مما يجعله مقدماً فيه على غيره، والله أعلم.

قال الشافعي: "إني لأحسبه زيد بن ثابت؛ لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد، وإنما روى الحديثين معًا عطاء بن يسار".

ص: 118

قال البيهقي: "فهذا الذي ذكره الشافعي رحمة الله محتمل، وقد رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة موصولاً، وإسحاق ضعيف.

وروي عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو أيضاً ضعيف.

والمحفوظ من حديث عطاء بن يسار مرسل، وحديثه عن زيد بن ثابت موصول مختصر، واللّه تعالى أعلم".

* رواه عبد السلام بن حرب [ثقة حافظ]، وأبو أيوب عبد الله بن علي الأفريقي [ليس بالقوي، لين الحديث. راجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (3/ 383/ 300)]:

عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة؛ أن رجلاً قرأ بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سجدةً، ثم جاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"كنتَ إمامَنا، ولو سجدتَ سجدنا". وفي رواية: قرأتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة، فنظرت إليه، فقال:"ما تنظر، أنت إمامُنا، فإذا سجدت سجدنا".

أخرجه البيهقي في الخلافيات (3/ 97/ 2143)، وضعفه.

قلت: وهذا باطل من حديث أبي هريرة، تفرد به: إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة، وهو: متروك، منكر الحديث، ذاهب الحديث [التهذيب (1/ 123)].

* وروى يوسف بن بحر [الشامي الساحلي، وهو: ضعيف، روى مناكير عن الثقات، ورفع أحاديث، وهذا منها. اللسان (8/ 549)]: حدثني سلامة بن عبد العزيز [اللخمي: لا يُعرف]: حدثنا سلمة بن كلثوم [شامي ثقة نبيل]، ويحيى بن مالك الكلبي [لم أقف له على ترجمة]، قالا: حدثنا الأوزاعي: حدثني قرة [قرة بن عبد الرحمن بن حيويل: ليس بقوي؛ روى أحاديث مناكير. انظر: التهذيب (3/ 438)]: حدثني الزهري: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رجلًا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم سورة فيها سجدة، فلما فرغ منها، قال: يا رسول الله إن فيها سجدة ولم نسجد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت أنت إمامنا فلو سجدت لسجدنا".

أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (1398)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 97/ 2144)، وضعفه.

وهذا باطل من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

* قلت: إنما يُعرف هذا من حديث زبد بن ثابت:

فقد روى ابن قُسيط، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن ثابت، قال: قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجمَ، فلم يسجد فيها [متفق عليه. البخاري (1072 و 1073)، ومسلم (577)، وتقدم برقم (1404)].

قال الشافعي في اختلاف الحديث (47): "وأما حديث زيد أنه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 119

النجم فلم يسجد، فهو -واللّه أعلم- أن زيداً لم يسجد، وهو القارئ، فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن عليه فرضاً فيأمره النبي- صلى الله عليه وسلم به".

وقال أبو داود: "كان زيدٌ الإمامَ فلم يسجد فيها"[السنن (1405)].

وقال الترمذي في الجامع (576): "حديث زيد بن ثابت: حديث حسن صحيح.

وتاول بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجود لأن زيد بن ثابت حين قرأ، فلم يسجد لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم .... ".

وقال البيهقي في السنن (2/ 313): "ويحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما لم يسجد؛ لأن زيداً لم يسجد، وكان هو القارئ، والله أعلم".

وقال البيهقي في الخلافيات (3/ 95): "وإذا لم يسجد التالي لآية السجدة فلا يسجد لها السامع في أصح الوجهين. وقال أبو حنيفة: يسجد السامع وإن لم يسجد التالي. ودليلنا:

"، ثم ذكر حديث زيد بن ثابت.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 505): "أن زيدًا كان القارئ ولم يسجد، فلذلك لم يسجد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم".

* وروى سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل، والأعمش، ومعمر بن راشد:

عن أبي إسحاق، عن سُليم [وقال بعضهم: سليمان] بن حنظلة، قال: قرأت على عبد الله سورةً فيها سجدة، فلما أتيت على السجدة سكتُّ، فقال: أنت إمامُنا فاسجد [نسجد معك].

أخرجه عبد الرزاق (3/ 344/ 5907)(4/ 72/ 6080 - ط التأصيل)، وابن أبي شيبة (1/ 379/ 4364)(3/ 455/ 4426 - ط الشثري)، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 124)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 281/ 2873)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1400)، والبيهقي في السنن (2/ 324)، وفي الخلافيات (3/ 98/ 2145 و 2146)، وفي المعرفة (2/ 159/ 1121).

قلت: وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد لا بأس به؛ سليم بن حنظلة: روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وذكره ابن حبان في الثقات [التاريخ الكبير (4/ 124)، الجرح والتعديل (4/ 212)، الثقات (4/ 331)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 77)].

* وروى غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع عبد الرحمن الأعرج، يقول: كان أبو هريرة يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فإذا قرئت وكان خلف الإمام فلم يسجد الإمام؛ قال: فيومئ برأسه أبو هريرة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 382/ 4396)(3/ 464/ 4459 - ط الشثري). [المسند المصنف (31/ 218/ 14275)].

وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

قلت: حديث زيد بن ثابت أولى؛ فإذا لم يسجد التالي لآية السجدة فلا يسجد لها السامع.

ص: 120

* وروى عبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة]، عن محمد بن إسحاق، عن أبي عمرو مولى المطلب أنه حدثهم، قال: إني لقاعد مع ابن عمر يوم الجمعة إلى حجرة عائشة، وطارق يخطب الناس على المنبر، وقرأ:{وَالنَّجْمِ} ، فلما فرغ وقع ابن عمر ساجدًا وسجدنا معه، وما يتحرك الآخر.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 382/ 4397)(3/ 464/ 4460 - ط الشثري).

قلت: رجاله ثقات؛ غير أبي عمرو مولى المطلب: ذكره ابن حبان في الثقات، وكأنه لا يُعرف بغير هذا الإسناد [كنى البخاري (54)، الجرح والتعديل (9/ 410)، الثقات (5/ 568)].

وحديث زيد بن ثابت أولى؛ فإذا لم يسجد التالي لآية السجدة فلا يسجد لها السامع.

قال البيهقي في الخلافيات (3/ 99): "وهذا كله دليل في المسألة قبلها، وانضم مذاهب هؤلاء الصحابة إلى هذا المرسل فتقوَّى بها".

* وإن كان على الدابة فقرأ السجدة فيومئ:

روى وكيع بن الجراح، عن مسعر، عن وبرة، قال: سألت ابن عمر وأنا مقبل من المدينة؟ عن رجل يقرأ السجدة وهو على الدابة، قال: يومئ.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 366/ 4210)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 275/ 2867).

قلت: وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح على شرط البخاري [انظر: صحيح البخاري (1746)].

قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 275): "ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على راحلته تطوعًا مسافراً، يومئ إيماءً، فإذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى على راحلته يومئ إيماءً، فللساجد سجود القرآن أن يومئ بها، استدلالاً بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الراحلة، على أني لا أعلم أن أحدًا من أهل العلم منع من ذلك، بل كل من أحفظ عنه من أهل العلم يرى أن ذلك جائز"، ثم قال:"يجزي المسافر إذا قرأ السجدة وهو على راحلته مسافراً أن يومئ إيماء".

* لم أقف على شيء مرفوع في: التسليم من سجدة التلاوة، أو التكبير فيها، أو رفع اليدين إذا أراد أن يسجد؛ وإن وجد فإنه لا يصح، إنما هي مقطوعات [انظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 350)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 364)، مسائل حرب الكرماني (452)، الأوسط لابن المنذر (5/ 277 و 279)].

[تنبيه: ما وقع عند: ابن وهب في الجامع (3/ 104/ 242 - علوم القرآن برواية سحنون)، وابن أبي شيبة (1/ 365/ 4190)، وحرب الكرماني في مسائله (962)، والطبراني في الكبير (9/ 148/ 8742): من طريق: شعبة [ثقة ثبت، إمام حجة]،

ص: 121

وعبد السلام بن حرب [ثقة، له مناكير]، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي؛ أنه قرأ سجدة، فأوما بها، ثم سلم تسليمة، ثم قال:"هكذا رأيت ابن مسعود يفعله". هي رواية شاذة، والمحفوظ: أنه من فعل أبي عبد الرحمن السلمي مقطوعاً عليه. هكذا رواه سفيان الثوري [ثقة ثبت، إمام حجة، يقدم قوله على شعبة عند الاختلاف]، ومحمد بن فضيل [ثقة]، كلاهما عن عطاء بن السائب به مقطوعًا على أبي عبد الرحمن. أخرجه ابن وهب في الجامع (3/ 88/ 192 - علوم القرآن برواية سحنون)، وعبد الرزاق (3/ 350/ 5932)، وابن أبي شيبة (1/ 364/ 4179)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1389)].

* إذا كانت السجدة في آخر السورة؛ فهل يجزئه الركوع:

* روى عبد اللّه بن نمير، ووكيع بن الجراح، قالا: حدثنا سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: سألنا عبد الله، عن السورة تكون في آخرها سجدة أيركع أو يسجد؟ قال: إذا لم يكن بينك وبين السجدة إلا الركوع فهو قريب.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 380/ 4371)(3/ 457/ 4433) - ط الشثري).

وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد كوفي صحيح.

* وروي شعبة [وعنه: أبو الوليد الطيالسي، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وأشهل بن حاتم]، عن أبي إسحاق، قال: سمعت الأسود، قال: قال عبد اللّه: إذا قرأ أحدكم بسورة في آخرها سجدة، فإن شاء سجد، ثم قام فقرأ، وإن شاء ركع.

أخرجه ابن وهب في الجامع (3/ 103/ 238 - علوم القرآن برواية سحنون)، وإسحاق بن راهويه (4/ 271/ 547 - مطالب)، والطبراني في الكبير (9/ 144/ 8716)، والبيهقي (2/ 323).

وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.

قال ابن حجر في المطالب: "هذا إسناد صحيح موقوف".

* ورواه الثوري [وعنه: عبد الرزاق، والحسين بن حفص]، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: إذا كانت السجدة خاتمة السورة فإن شئت ركعت، وإن شئت سجدت.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 347/ 5919)(4/ 75/ 6093 - ط التأصيل)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 285/ 2879)(5/ 294/ 2856 - ط الفلاح)، والطبراني في الكبير (9/ 144/ 8715)، والبيهقي في السنن (2/ 323)، وفي الخلافيات (3/ 108/ 2162).

وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد كوفي صحيح.

* ورواه زائدة بن قدامة [ثقة متقن]، قال: سئل أبو إسحاق: ذكرتَ عن الأسود؛ أن عبد اللّه كان يقول: إذا قرأت سورة آخرها سجدة؛ فإن شئت فاركع؛ فإنما السجدة في الركعة، وإن شئت فاسجد، ثم اقرأ بعدها سورة؟ قال: نعم.

ص: 122

أخرجه حرب الكرماني في مسائله لأحمد (978)، والطبراني في الكبير (9/ 144/ 8714).

* ورواه زهير بن معاوية [ثقة ثبت]: ثنا أبو إسحاق، عن علقمة وعمرو بن شرحبيل ومسروق، عن عبد الله، مثل حديث معمر الآتي.

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 144/ 8713).

* ورواه معمر بن راشد [ثقة، وهو ثبت في الزهري وابن طاووس، وكان يضعف حديثه عن أهل الكوفة والبصرة]، عن أبي إسحاق، سمعته يقول: قال ابن مسعود: إذا كانت السجدة آخر السورة فاركع إن شئت أو اسجد؛ فإن السجدة مع الركعة.

قلت: من حدثك هذا يا أبا إسحاق؟ قال: أصحابنا علقمة، والأسود، والربيع بن خثيم.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 347/ 5918)(4/ 75/ 6092 - ط التأصيل)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (9/ 143/ 8712).

* وانظر فيمن وهم في إسناده على أبي إسحاق: ما أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 379/ 4365)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1380).

* وله طرق أخرى: أخرجها ابن وهب في الجامع (3/ 102/ 233) - علوم القرآن برواية سحنون)، وعبد الرزاق (3/ 348/ 5922)(4/ 76/ 6096 - ط التأصيل)، والطبراني في الكبير (9/ 146/ 8732) و (9/ 147/ 8733/ - 8735).

* وروى ابن وهب في الجامع (3/ 102/ 234 - علوم القرآن برواية سحنون)، قال: وأخبرني جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا قرأ النجم، وهو يريد أن يكون بعدها قراءة: قرأها وسجد، وإذا انتهى إليها: ركع وسجد.

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد لا بأس به، لأجل ما قيل في رواية جرير عن أيوب أقال الأثرم عن أحمد:"جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب". التهذيب (1/ 294)، شرح علل الترمذي (2/ 702 و 786)]، ويحتمل في مثل هذا.

قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (376): "قلت: إذا كان آخر السورة سجدةً؛ ركع إن شاء؟ قال: إن شاء ركع، وإن شاء سجد. قال: إسحاق: كما قال أحمد".

* مسألة: هل تشترط الطهارة لسجود التلاوة؟:

* روى محمد بن بشر [العبدي: ثقة ثبت]، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة [ثقة]، قال: أنا أبو الحسن [قال ابن بطال: "يعني: عبيد بن الحسن"، وكذا جزم به ابن حجر. شرح البخاري (3/ 56)، التهذيب (3/ 34)، التغليق (2/ 408)][وهو: ثقة]، عن رجل زعم أنه كنفسه، عن سعيد بن جبير، قال: كان عبد اللّه بن عمر ينزل عن راحلته، فيهريق الماء، ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما توضأ.

ص: 123

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 375/ 4322)(3/ 445/ 4381 - ط الشثري).

وقد علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم قبل الحديث رقم (1071) بقوله: "وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء"، قال ابن بطال في شرحه على البخاري (3/ 56):"والصواب: رواية ابن السكن بإثبات (غير)؛ لأن المعروف عن ابن عمر: أنه كان يسجد على غير وضوء"، وقال ابن حجر في الفتح (2/ 553):"كذا للأكثر، وفي رواية الأصيلي بحذف غير، والأول أولى"[قلت: الصواب: على غير وضوء؛ فقد صُحح في نسخة لأبي ذر، وفي حاشية نسخة الأصيلي: في نسخة لأبي ذر: "وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء"، وهو الصواب. اهـ من اليونينية. طبعة المنهاج (2/ 41)، طبعة التأصيل (2/ 122)][وانظر أيضاً: تهذيب السنن لابن القيم (1/ 43)، التهذيب لابن حجر (3/ 34)].

* خالفه: عبيد الله بن موسى [ثقة متقن]، قال: أبنا ابن أبي زائدة، عن أبي الحسن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر؛ في الرجل يقرأ السجدة وهو غير متوضئ، قال: يسجد.

أخرجه حرب الكرماني في مسائله لأحمد (967).

قلت: يبدو أن ليس ثمة مخالفة بينهما؛ إنما زيد في إسناد ابن أبي شيبة، وهذه الزيادة ثابتة في المصنف، وعند كل من نقل عنه، زيد فيه:"عن" بعد وصف أبي الحسن لسعيد بن جبير بانه رجل كنفسه، وهكذا يكون السياق: أنا أبو الحسن، عن رجل زعم أنه كنفسه؛ سعيد بن جبير، قال: كان عبد الله بن عمر ....

وذلك أن عبيد بن الحسن من الطبقة الخامسة، ومثله يروي مباشرة عن سعيد بن جبير، بلا واسطة، كما تبينه رواية عبيد الله بن موسى، وأن عبيد بن الحسن إنما أراد الثناء على سعيد بن جبير بهذه الجملة الاعتراضية، واللّه أعلم.

فإن فرضنا جدلًا ثبوت: "عن" في إسناد ابن أبي شيبة؛ فيمكن حمله على أنه أخذه عن ثقة، يثق به كثقته بنفسه، ثم إنه بعدُ لقي سعيد بن جبير فاستثبته فيه، فصار يحدث به مرة بالواسطة، ومرة بدونها، والله أعلم.

* وبذا يتبين صحة هذا الأثر عن ابن عمر: أنه كان يسجد على غير وضوء، وأنه أفتى فيره بذلك، وبه يتبين أيضاً: صحة جزم البخاري بتعليقه لثبوته عنده، واللّه أعلم.

* وأما ما رواه أبو سعيد شريك بن عبد الملك بن الحسن المهرجاني بها [ثقة جليل. المنتخب من السياق (809)، تاريخ الإسلام (9/ 486 - ط الغرب)]: ثنا أبو سهل بشر بن أحمد [بشر بن أحمد بن بشر بن محمود بن أشرس الإسفرائيني الدهقان: ثقة، شيخ تلك الناحية في عصره، يحدث من أصول صحيحة. التقييد (261)، تاريخ الإسلام (8/ 319 - ط الغرب)، السير (16/ 228)،: ثنا داود بن الحسين البيهقي [الخسروجردي، أبو سليمان: ثقة، مسند نيسابور. تاريخ الإسلام (6/ 943 - ط الغرب)، السير (13/ 579)]: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر.

ص: 124

أخرجه البيهقي (2/ 325).

قلت: هذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات، لكنه معلول.

قال ابن حجر في الفتح (2/ 554) بعد إيراد الأثر الأول: "وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن ابن عمر قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر، فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله: طاهر؛ الطهارة الكبرى، أو: الثاني على حالة الاختيار، والأول على الضرورة".

وقد ضعفه ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 44)، ولم يذكر موجب التضعيف.

قلت: هو غريب جداً، إذ لا يُعرف هذا الأثر بالمدينة، إذ مخرجه منها، ولم يروه مالك في موطئه عن نافع، مع شدة احتياجه إليه، حيث إنه يفتي بمقتضاه، فلم يُعرف عن نافع إلا بمصر حيث تفرد به عنه: الليث بن سعد، وهو ثقة إمام، لكن الشأن في تفرد من دون الليث بهذا الحديث، والأصل في حديث الليث اشتهاره بمصر، فهو كثير الأصحاب لا سيما أهل بلده المكثرين عنه، مثل: ابنه شعيب، وكاتبه أبي صالح عبد الله بن صالح، وعبد الله بن وهب، وعبد اللّه بن عبد الحكم، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن كثير بن عفير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد اللّه بن لهيعة، ومحمد بن رمح، وعيسى بن حماد زغبة، وكل هؤلاء مصريون، وخلائق غيرهم كثير من أهل مصر والعراق والشام ونيسابور وخراسان وغيرها من الأمصار، فأين هؤلاء عن حديث الليث هذا.

ثم إنه قد تكلم في رواية قتيبة عن الليث، حيث تفرد عنه ببعض الغرائب التي استنكرت عليه، قال أبو سعيد ابن يونس:"وقد انفرد الغرباء عن الليث بأحاديث ليست عند المصريين عنهإ، وعد منها أحاديث، ومنها حديث لقتيبة عن الليث [تاريخ ابن عساكر (50/ 343)]، وقد كتب قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد بعض الأحاديث مع خالد المدايني، قال البخاري: "وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ"، يعني: أنه يدخل على قتيبة، وخالد بن القاسم المدائني: متهم بالوضع [راجع في ذلك مثالًا لحديث أدخله خالد المدائني على قتيبة بن سعيد، فجعله من حديث الليث بن سعيد: فضل الرحيم الودود (13/ 37/ 1206)].

كما أنه تفرد به عن قتيبة بن سعيد: داود بن الحسين البيهقي، وهو ليس من أهل بلده، وقتيبة كثير الأصحاب، روى عنه خلائق من البشر من عامة الأمصار، منهم أئمة الزمان من المصنفين وغيرهم، فهو أيضاً غريب من حديث قتيبة.

ولا يقال مثل هذا في الأثر الأول الذي احتج به البخاري؛ لاشتهاره، ولكون مخرجه من غير أهل المدينة، حيث رواه عن ابن عمر: سعيد بن جبير الكوفي، ثم عنه: عبيد بن الحسن الكوفي، ثم عنه: زكريا بن أبي زائدة الكوفي، ثم اشتهر عنه، فهو إسناد كوفي قد اشتهر؛ بخلاف حديث نافع المدني الذي لم يُعرف إلا في مصر، ثم لم يُعرف إلا في بلخ ونيسابور؛ فهو غريب جداً.

ص: 125

* والحاصل: فإن الثابت في هذا عن ابن عمر: أنه كان يسجد للتلاوة على فير وضوء، وأنه أفتى غيره بذلك، وقد علقه البخاري في صحيحه جازماً به، والله أعلم.

* وقد ثبت القول به عن الشعبي:

فقد روى وكيع، عن زائدة، عن الشعبي، قال في الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء، قال:"يسجد حيث كان وجهه".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 375/ 4325)(3/ 446/ 4384 - ط الشثري).

وهذا مقطوع على الشعبى بإسناد صحيح.

* قيل لأحمد: الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء؟ قال: "لا بأس". قيل: أبسجد إذا توضأ؟ قال: "لا". [مسائل حرب الكرماني (451)][انظر أيضًا: مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (368)، مسائل ابن هانئ (494)].

* وشدد مالك في ذلك، فقد سئل مالك عمن قرأ سجدةً، وامرأةٌ حائضٌ تسمع، هل لها أن تسجد؟ قال مالك:"لا يسجد الرجل ولا المرأة؛ إلا وهما طاهران"[الموطأ (555 - رواية يحيى (142 - رواية القعنبي) (267 - رواية أبي مصعب)].

* وفي المسألة خلاف؛ راجعه في: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 375)، الأوسط لابن المنذر (5/ 284)، وغيرهما.

والقول بأنه لا يشترط له الطهارة فرع عن كونه ليس بصلاة، فلا يشترط له ما يشترط لصلاة النافلة، وهو الأقرب للصواب.

* ومن أدلة ذلك أيضاً: حديث ابن عمر المخرج في الباب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السجدة ونحن عنده [في غير الصلاة]، فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدُنا لجبهته موضعاً يسجد عليه.

قيل في الاستدلال به: وهذا ظاهر في عدم اشتراط الطهارة له؛ إذ يبعد اتفاقهم على استحضارهم لها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن المعلوم أنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه أن السجود لا يكون إلا على وضوء؛ لكان هذا مما يعلمه عامتهم؛ لأنهم كلهم كانوا يسجدون معه، وكان هذا شائعًا في الصحابة، فإذا لم يعرف عن أحد منهم أنه أوجب الطهارة لسجود التلاوة، وكان ابن عمر من أعلمهم وأفقههم وأتبعهم للسنة، وقد بقي إلى آخر الأمر، ويسجد للتلاوة على غير طهارة، كان هو مما يبين أنه لم يكن معروفًا بينهم أن الطهارة واجبة لها، ولو كان هذا مما أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم لكان ذلك شائعاً بينهم كشياع وجوب الطهارة للصلاة وصلاة الجنازة، وابن عمر لم يعرف أن غيره من الصحابة أوجب الطهارة فيها، ولكن سجودها على الطهارة أفضل باتفاق المسلمين"[مجموع الفتاوى (21/ 278)].

وقال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 40): "قالوا: وأيضًا ففي الصحيحين عن

ص: 126

عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته.

قالوا: وقد كان يقرأ القرآن عليهم في المجامع كلها، ومن البعيد جداً أن يكون كلهم إذ ذاك على وضوء، وكانوا يسجدون حتى لا يجد بعضهم مكاناً لجبهته، ومعلوم أن مجامع الناس تجمع المتوضئ وغيره".

* واستدلوا له أيضاً بحديث ابن مسعود وحديث ابن عباس في سجود المسلمين والمشركين في النجم، ونقل ابن حجر في الفتح (2/ 554) عن ابن رشيد قوله:"ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر ابن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء؛ لأنهم لم يتأهبوا لذلك، وإذا كان كذلك فمن بادر منهم إلى السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء، ويؤيده أن لفظ المتن: وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، فسوى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع، وفيهم من لا يصح منه الوضوء، فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء، واللّه أعلم".

وقد أطال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 36 - 44) في تقرير عدم اشتراط الطهارة.

وكان مما قال (1/ 39): "واحتج البخاري بحديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. ومعلوم: أن الكافر لا وضوء له.

قالوا: وأيضاً فالمسلمون الذين سجدوا معه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالطهارة، ولا سألهم: هل كنتم متطهرين أم لا؟ ولو كانت الطهارة شرطًا فيه للزم أحد الأمرين: إما أن يتقدم أمره لهم بالطهارة، وإما أن يسألهم بعد السجود ليبين لهم الاشتراط، ولم ينقل مسلمٌ واحداً منهما".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكر الأدلة على كونه لا يشترط له الطهارة: "وعلى هذا فليس بداخل في مسمى الصلاة"[مجموع الفتاوى (23/ 47)، وانظر: (23/ 166) و (26/ 195)].

* وفي سجود الحائض إذا سمعت السجدة:

* روى عبيد اللّه بن موسى، عن أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، قال:"تومئ برأسها إيماء".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 375/ 4320)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 284/ 2878)(5/ 293/ 2855 - ط الفلاح).

وإسناده صحيح، وفيه دليل على كون سجود التلاوة ليس بصلاة.

* وهذا لا يعارضه عندي: ما رواه محمد بن بشر العبدي [ثقة ثبت، سماعه من ابن أبي عروبة: صحيح جيد]، قال: حدثنا سعيد [هو: ابن أبي عروبة، من أثبت الناس في قتادة"، عن قتادة، عن ابن المسيب، قال: "تومئ برأسها وتقول: اللَّهُمَّ لك سجدت".

ص: 127