الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها ثقات المدنيين، وهي من هذا النظير! [انظر: علل الدارقطني (10/ 103/ 1894) و (10/ 380/ 2066)] [راجع فضل الرحيم الودود (14/ 315/ 1289)].
وهو هنا قد خالف اثنين من كبار ثقات المدنيين، وقولهما هو الصواب، والله أعلم.
330 - باب من رأى فيها السجود
1406 -
. . . شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد بها، وما بقي أحدٌ من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفًّا من حصًى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيتُه بعدَ ذلك قُتل كافراً.
* حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (1067 و 1070 و 3853 و 3972)، ومسلم (576)، وأبو عوانة (1/ 522/ 1950)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 176/ 1273)، والنسائي في المجتبى (2/ 160/ 959)، وفي الكبرى (2/ 5/ 1033) و (10/ 280/ 11485)، والدارمي (1609 - ط البشائر)، وابن خزيمة (1/ 278/ 553)، وابن حبان (6/ 469/ 2764)، وأحمد (1/ 401 و 437 و 443 و 462)، والطيالسي (281)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 369/ 4237)(3/ 428/ 4291 - ط الشثري)، وفي المسند (295)، والبزار (5/ 79/ 1651)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (426)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 256/ 2820)، والطحاوي (1/ 353)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (45 - 47)، وأبو بكر محمد بن بشر العكري في فوائده (27)، وابن شاهين في الناسخ (237)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1344)، والبيهقي (2/ 314 و 323)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 128)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (4/ 205)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 593)[التحفة (6/ 260/ 9180)، الإتحاف (10/ 153/ 12466)، المسند المصنف (18/ 209/ 8509)].
رواه عن شعبة: حفص بن عمر الحوضي [واللفظ له]، وغندر محمد بن جعفر، ويحمِى بن سعيد القطان، وخالد بن الحارث، وعفان بن مسلم، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وحجاج بن محمد، وسليمان بن حرب، وعلي بن الجعد، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، ومسلم بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وعثمان بن جبلة، ووهب بن جرير، ومحمد بن كثير العبدي، وروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني [وهم ثقات].
ولفظ غندر [عند البخاري]: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بمكة فسجد فيها، وسجد من معه،
غير شيخ أخذ كفَّا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا، فرأيته بعد ذلك قُتل كافراً.
تابعه على قوله: بمكة؛ أبو داود الطيالسي.
وزاد أبو داود الطيالسي في آخره: يوم بدر.
ولفظ حجاج [عند أبي بكر النيسابوري]: أول سورة أنزلت على رسول الله عليه الصلاة والسلام فيها سجدة: النجم، فقرأ، نسجد فيها، وسجد المسلمون والمشركون؛ إلا رجلاً من قريش، فرفع إلى وجهه كفاً من تراب، وأبى أن يسجد، فرأيته بعدُ قُتل كافراً، وهو أمية بن خلف.
قال أبو بكر: "فيه زيادة لا أعلمها إلا في حديث حجاج".
قلت: لعله حدث به حجاج من حفظه فوهم، أو يكون الوهم من الراوي عنه: جعفر بن محمد بن مخلد الخفاف؛ حدث بأنطاكية [انظر: علل الدارقطني 12/ 282/ 2716)]، والله أعلم.
° وانظر فيمن وهم في إسناده على شعبة: ما أخرجه ابن المظفر في غرائب شعبة (79) وابن بشران في الأمالي (976)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 642).
تابع شعبة عليه:
أ- إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة: {وَالنَّجْمِ} ، قال: فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجد من خلفه؛ إلا رجلًا رأيته أخذ كفًّا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قُتل كافرًا، وهو أمية بن خلف.
أخرجه البخاري (4863)، وأبو يعلى (9/ 140/ 5218)، وابن شاهين في الناسخ (238)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (376)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 593)[التحفة (6/ 260/ 9180)، المسند المصنف (18/ 209/ 8509)].
رواه عن إسرائيل: أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري [عند البخاري]، ووكيع بن الجراح [عند أبي يعلى والهروي]، وإسحاق بن منصور [عند ابن شاهين][وهم ثقات، ورايتهم عنه هي المحفوظة، وقد أودعها البخاري في صحيحه].
° تابعه على هذا الوجه: يحيى بن عبد الحميد الحماني [صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]: حدثنا أيوب بن جابر [السحيمي: ضعيف]، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: أول سورة قرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النجم، فلما ختمها سجد، [و] سجدنا معه، وأخذ رجل من القوم تراباً فسجد عليه. قال عبد الله: فرأيته بعد ذلك قتل كافراً.
أخرجه أبو عروبة الحراني في الأوائل (70).
• خالفهم: عبيد الله بن موسى [كوفي ثقة، قال أبو حاتم: "عبيد الله أثبتهم في إسرائيل". التهذيب (3/ 28)، الجرح والتعديل (5/ 335)]: أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: أول سورة نزلت فيها السجدة: الحج، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد، وسجد الناس؛ إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه؛ فرأيته قتل كافراً.
أخرجه الحاكم (1/ 220)(1/ 581/ 898 - ط الميمان). [الإتحاف (10/ 153/ 12468)].
قال الحاكم: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي [ثقة فاضل، حدث الحاكم بمرو من أصل كتابه، وهو آخر من روى عن سعيد بن مسعود. السير (15/ 537)، تاريخ الإسلام (7/ 838 - ط الغرب)]: ثنا سعيد بن مسعود [المروزي: ثقة. الجرح والتعديل (4/ 95)، الثقات (8/ 271)، الإرشاد (3/ 897 و 921)، السير (12/ 504)، تاريخ الإسلام (6/ 549 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 20)]: ثنا عبيد الله بن موسى به.
قلت: لعل الوهم فيه ممن دون عبيد الله بن موسى؛ إذ المحفوظ عن إسرائيل: ذكر النجم؛ لا الحج.
• تابعه على هذا الوجه بذكر الحج بدل النجم:
زكريا بن أبي زائدة [ثقة، سمع من أبي إسحاق بأخرة]، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: أول سورة قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس الحج، حتى إذا قرأها سجد، فسجد الناس إلا رجلٌ أخذ التراب فسجد عليه، فرأيته قتل كافراً.
أخرجه الحاكم (1/ 221)(1/ 582/ 899 - ط الميمان). [الإتحاف (10/ 153/ 12468)].
قال الحاكم: حدثناه أبو بكر بن إسحاق [أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد النيسابوري، قال الحاكم:"كان عالماً بالحديث والرجال والجرح والتعديل، وفي الفقه كان المشار إليه في وقته، ثقة مأمون"، ونعته الذهبي بقوله: "الإمام العلامة المفتي المحدث شيخ الإسلام،
…
، جمع وصنف، وبرع في الفقه، وتميز في علم الحديث" تاريخ نيسابور (1)، الإرشاد (3/ 840)، الأنساب (3/ 521)، التدوين (2/ 141)، السير (15/ 483)، تاريخ الإسلام (25/ 256)، طبقات الشافعية الكبرى (3/ 9)]: أنا العباس بن الفضل الأسفاطي [هو: العباس بن الفضل بن بشر أبو الفضل الأسفاطي البصري: قال الدارقطني: "صدوق"، وقال الصفدي: "وكان صدوقاً حسن الحديث". سؤالات الحاكم (143)، تاريخ دمشق (26/ 390)، الوافي بالوفيات (16/ 376)، تكملة الإكمال (1/ 188)]: ثنا منجاب بن الحارث [كوفي، ثقة]: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة [ثقة متقن]، عن أبيه به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، بالإسنادين جميعاً، ولم يخرجاه.
إنما اتفقا على حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {وَالنَّجْمِ} فذكره بنحوه.
وليس يعلل أحدُ الحديثين الآخرَ، فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة على ذكره النجم؛ غير قيس بن الربيع، والذي يؤدي إليه الاجتهاد: صحة الحديثين، والله أعلم، وقد روي بإسناد راويه عبد الله بن لهيعة أن في سورة الحج سجدتين"، ثم ذكر حديث عقبة بن عامر السابق برقم (1402).
وقال ابن حجر في الفتح (8/ 615): "وقد وافق إسرائيل على تسميته: زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، عند الإسماعيلي، وهذا هو المعتمد"، يعني: سماه أمية بن خلف، لكن لم يشر هنا إلى اسم السورة، هل تابعه أم خالفه؟
لكنه بين في موضع آخر أن رواية زكريا بن أبي زائدة مثل رواية الجماعة عن أبي إسحاق:
قال ابن حجر في الفتح (2/ 552): "
…
رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند ابن مردويه بلفظ: أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} ،
…
".
قلت: والمحفوظ في هذا الحديث بلا ريب هو ذكر سورة النجم، وذكر سورة الحج فيه وهم وغلط، فقد اتفق على ذكر النجم فيه ثلاثة من أثبت أصحاب أبي إسحاق: سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل [في المحفوظ عنه]، وسفيان وشعبة: أقدم الناس منه سماعاً، وتابعهم: زهير بن معاوية [وهو: ثقة ثبت، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه، لكن سماعه من أبي إسحاق كان بعد التغير، قال الذهبي: "لينُ روايته عن أبي إسحاق: من قِبَل أبي إسحاق، لا من قِبَله"، وأكثر روايته عنه مستقيمة، وحديثه عنه مبثوث في الصحيحين والسنن والصحاح والمسانيد والمصنفات. التهذيب (1/ 640)، الميزان (2/ 86)].
° تابع شعبة وإسرائيل على ذكر النجم:
ب- سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم، وسجد المسلمون؛ إلا رجلاً من قريش أخذ كفًّا من تراب، فرفعه إلى جبهته، فسجد عليه، قال عبد الله: فرأيته بعدُ قُتل كافرًا.
أخرجه أحمد (1/ 388)، قال: حدثنا وكيع [ثقة حافظ، من أثبت أصحاب الثوري]: حدثنا سفيان به. [المسند المصنف (18/ 209/ 8509)].
وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
ج- زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن ابن مسعود: أول سورة قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَالنَّجْمِ} [زاد عند الهروي: فقرأ السجدة فسجد وسجد الناس، لكنه عنده مقرون برواية وكيع عن إسرائيل].
أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 272/ 36016)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (376). [المسند المصنف (18/ 209/ 8509)].
وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
° قال ابن حجر في الفتح (2/ 552) عن رواية إسرائيل؛ أن النجم أول سورة أنزلت فيها سجدة، قال:"واستشكل بأن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أول السور نزولًا، وفيها أيضاً سجدة، فهي سابقة على النجم، وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها، وأما بقيتها فنزل بعد ذلك، بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، أو الأولية مقيدة بشيء محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند ابن مردويه بلفظ: أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ}، وله من رواية عبد الكبير بن دينار [ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 139)، المشاهير (1584)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 412)، عن أبي إسحاق: أول سورة تلاها على المشركين فذكره، فيجمع بين الروايات الثلاث: بأن المراد أول سورة فيها سجدة تلاها جهرًا على المشركين".
وروي حديث ابن مسعود من وجه آخر:
رواه عمرو بن خالد الحراني [ثقة]، وأحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني [ثقة]:
قال عمرو: ثنا زهير [هو: ابن معاوية: ثقة ثبت]: نا عاصم الأحول، عن أبي العريان، قال: قال ابن عباس: ليس في المفصل سجود.
فأتيت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود فذكرت له ما قال ابن عباس، فقال: قال عبد الله بن مسعود: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون والمشركون في النجم، فلم نزل نسجد [بعدُ].
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 274/ 6397)، والبيهقي (2/ 314).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح.
وأما المرفوع من حديث ابن مسعود؛ فإنه حديث جيد [وتقدم الكلام على سماع أبي عبيدة من أبيه مراراً. انظر مثلاً: فضل الرحيم الودود (14/ 23/ 1267)].
وله شواهد:
1 -
حديث ابن عباس:
أ- رواه عبد الوارث بن سعيد، وإبراهيم بن طهمان:
حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس.
أخرجه البخاري (1071 و 4862)، والترمذي (575)، وابن حبان (6/ 469/ 2763)، والحاكم (2/ 468)، والطبراني في الكبير (11/ 253/ 11866)، وفي الأوسط (3/ 197/ 2915)، وابن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (153)، والدارقطني (1/ 409)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 159)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1346)، واليهقي (2/ 313 و 314)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 538)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 301/ 763)، وفي الشمائل (621)، وابن حجر في التغليق (4/ 326).
[التحفة (4/ 541/ 5996)، الإتحاف (7/ 487/ 8283)، المسند المصنف (11/ 665/ 5663)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا عبد الوارث".
قلت: يرده قول البخاري: "تابعه ابن طهمان عن أيوب، ولم يذكر ابنُ علية ابنَ عباس".
وقف ابن حجر على رواية ابن طهمان [كما في التغليق (4/ 326)]، وعزاها للإسماعيلي في مستخرجه [كما في الفتح (8/ 614)]، لكثه لم يعثر على رواية ابن علية [حيث بيض لها في التغليق (4/ 326)].
وقال في الفتح (8/ 614): "وأما حديث ابن علية: فالمراد به أنه حدث به عن أيوب فأرسله، وأخرجه ابن أبي شيبة عنه وهو مرسل، وليس ذلك بقادح؛ لاتفاق ثقتين عن أيوب على وصله، وهما عبد الوارث وإبراهيم بني طهمان".
قلت: لم أقف على رواية ابن علية عند ابن أبي شيبة، والذي وجدته فيه:
ما رواه هشيم، عن ابن عون، عن الشعبي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {وَالنَّجْمِ} فسجد فيها المسلمون، والمشركون، والجن، والإنس.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 369/ 4245).
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
° قال الترمذي: "حديث ابن عباس: حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: يرون السجود في سورة النجم.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: ليس في المفصل سجدة.
وهو قول مالك بن أنس. والقول الأول أصح. وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق".
ب- ورواه مسكين بن بكير [الحراني: لا بأس به، معروف بالرواية عن جعفر بن برقان]، عن جعفر بن برقان [الرقي: ثقة، ضابط لحديث ميمون بن مهران، من أثبت الناس فيه]، عن ميمون بن مهران [ثقة فقيه، سمع ابن عباس. التاريخ الكبير (7/ 338)]، عن ابن عباس، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم، فسجد فيها.
أخرجه الدارقطني (1/ 409)، بإسناد صحيح إلى مسكين به. [الإتحاف (8/ 103/ 9015)].
قلت: إسناده جيد، وهو حديث صحيح.
2 -
حديث المطلب بن أبي برداعة:
رواه رباح بن زيد [القرشي مولاهم، الصنعاني: ثقة فاضل، عالم بحديث معمر]، ومحمد بن عمر الواقدي [متروك، واتُّهم، يروي أحاديث لا أصل لها. التهذيب (3/ 658)]:
عن معمر، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد، عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن أبيه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم، فسجد، وسجد من عنده، فرفعتُ رأسي، وأبيتُ أن أسجد، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب، وكان بعدُ لا يسمع أحداً قرأها إلا سجد.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 160/ 958)، وفي الكبرى (2/ 5/ 1032)، وأحمد (3/ 420) و (4/ 215) و (6/ 400)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (49 و 50)، والبيهقي (2/ 314). [التحفة (8/ 72/ 11287)، المسند المصنف (24/ 362/ 10926)].
° خالفهما فقصر بإسناده: عبد الرزاق بن همام [ثقة، من أثبت الناس في معمر، لكنه أضر في آخر عمره، وكان يخطئ عن معمر في أحاديث لم تكن في كتابه. شرح العلل (2/ 756)]، وعبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه، أثبت الناس في معمر][لكنه غريب من حديثه؛ فإن الراوي عنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو: صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]:
أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد، عن المطلب بن أبي وداعة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في النجم، وسجد الناس معه، قال المطلب: ولم أسجد معهم -وهو يومئذ مشرك-، فقال المطلب: فلا أدع السجود فيها أبداً.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 339/ 5881)(4/ 66/ 6051 - ط التأصيل)، وعنه: أحمد (3/ 420) و (4/ 215) و (6/ 450)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 110/ 813)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 365/ 3100)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 353)[نخب الأفكار (5/ 487)]. وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (48)، والطبراني في الكبير (20/ 288/ 679)، والحاكم (3/ 633)(8/ 289/ 6808 - ط الميمان)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2561/ 6181)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1345)، والبيهقي (2/ 314). [الإتحاف (13/ 205/ 16582)، المسند المصنف (24/ 362/ 10926)].
قال أبو بكر النيسابوري: "فرواه الواقدي ورباح، عن معمر، فزادا في إسناده: جعفر بن أبي وداعة".
وقال الدارقطني في العلل (14/ 42/ 3407): "يرويه معمر، واختلف عنه؛
فرواه محمد بن ثور، وعبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد، عن المطلب.
وخالفهما: رباح بن زيد، ومحمد بن عمر الواقدي، فروياه عن معمر، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد، عن جعفر بن المطلب، عن أبيه، وهو الصحيح".
قلت: وهو كما قال؛ فإن رباح بن زيد كان عالماً بحديث معمر، وقد اتفقوا على
توثيقه، وأثنى عليه ابن المبارك وأحمد، وقال فيه أبو حاتم على تشدده:"جليل ثقة"[التهذيب (1/ 587)]، وقد زاد في الإسناد رجلًا، والقول هنا لمن زاد، فالزيادة من الثقة الحافظ مقبولة؛ لا سيما والحديث غريب عن ابن المبارك.
وجعفر بن المطلب بن أبي وداعة: روى عنه: عكرمة بن خالد، وعاصم بن سليمان الأحول، وابن أخيه سعيد بن كثير بن المطلب، وابنه سعيد بن جعفر، وعبد العزيز بن رفيع، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال في المشاهير:"من متقني أهل مكة وكان فاضلاً"[مسند أحمد (4/ 199)، التاريخ الكبير (2/ 199)، الجرح والتعديل (2/ 489)، الثقات (4/ 105)، المشاهير (621)، إكمال مغلطاي (3/ 233)، التهذيب (1/ 313)].
° وعليه: فهو إسناد رجاله ثقات؛ عدا جعفر بن المطلب، وهو: حسن الحديث، والله أعلم.
3 -
حديث أبي هريرة:
° رواه موسى بن أيوب [النصيبي: ثقة]، ومحمد بن آدم [المصيصي: ثقة]، ومحمد بن كثير [ابن أبي عطاء المصيصي: صدوق كثير الغلط]، ومسلم بن أبي مسلم الجرمي:
قال موسى: حدثنا مخلد بن حسين -سمعته منه مرارًا-، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد، وسجد معه كل شيء من إنس وجن وشجر. وبنحوه رواه محمد بن آدم ومحمد بن كثير.
ولفظ الجرمي [عند البزار]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كُتبت عنده سورة النجم، فلما بلغ السجدة سجد وسجدنا معه، وسجدت الدواة والقلم.
أخرجه البزار (753 - كشف الأستار)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 353)، والدارقطني (1/ 409)، وابن شاهين في الناسخ (239)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 267). قال البزار:"لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا أبو هريرة، ولا نعلمه إلا من هذا الوجه، تفرد به مخلد عن هشام".
وقال أبو بكر ابن أبي داود: "لم يروه عن هشام إلا مخلد".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث محمد بن سيرين، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".
قلت: أما لفظه عند البزار من رواية الجرمي: فهو منكر؛ حيث تفرد به: مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال الأزدي:"حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وكان إماماً بطرسوس"، وقال الخطيب:"وكان ثقة"، وقال ابن حجر:"وأورد له البيهقي من وجهين: عنه عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا يقل أحدكم زرعت، ولكن ليقل: حرثت"، وقال: إنه غير قوي. قلت: وليس في إسناده من ينظر فيه غير مسلم هذا" [الجرح والتعديل (8/ 188)، الثقات (9/ 158)، سنن البيهقي (6/ 138)، المتفق والمفترق
(3/ 1908)، تاريخ بغداد (15/ 120 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (5/ 703 و 940 - ط الغرب)، نصب الراية (3/ 188)، اللسان (8/ 56)].
ووجه النكارة فيه أنه ذكر الكتابة، والكتابة كانت بالمدينة، كذلك ذكر أبو هريرة أنه سجد فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلامه كان متأخراً بالمدينة، وقصة السجود بالنجم كانت بمكة قبل الهجرة، كما سيأتي في الطريق الأخرى عن أبي هريرة، والله أعلم.
ثم هل يحتمل تفرد مخلد بن الحسين البصري نزيل المصيصة به عن هشام بن حسان، فيقال:"هو ابن امرأة هشام بن حسان، وكان راويةً عنه، وكان ثقة فاضلاً"، قاله ابن سعد، وقال ابن معين والعجلي:"ثقة"، وقال الحسن بن سفيان:"سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان؟ فقال: ثقة"، وقد أثنى عليه خيراً في دينه وعقله: ابن المبارك وابن معين والعجلي وأبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات، وسأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال:"هو أحب إليَّ من عمر بن المغيرة، وأشهر منه"، قلت: وقد قال أبو حاتم في عمر بن المغيرة: "شيخ"، مما يعني أن مخلدًا لم يكن عنده ممن يحتج به، وقد وهمه في بعض ما يروي عن هشام بن حسان، كما ذكر الدارقطني له في العلل أربعة أوهام أخرى عن هشام، وقد أعرضت عن الأوهام والمناكير التي وقعت في حديثه من قبل الضعفاء الذين رووا عنه، وهي كثيرة [انظر: الطبقات الكبرى (7/ 489)، سؤالات ابن محرز (1/ 95/ 381)(1/ 119/ 581)، سؤالات ابن الجنيد (499)، التاريخ الكبير (7/ 437)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (3/ 258/ 4743)، الجرح والتعديل (8/ 347)، علل ابن أبي حاتم (4/ 459/ 1565)، الثقات (9/ 185)، تاريخ أسماء الثقات (1428)، علل الدارقطني (7/ 153/ 1265) و (8/ 118/ 1444) و (8/ 259/ 1556) و (15/ 250/ 3998)، سنن البيهقي (7/ 110)، تهذيب الكمال (27/ 333)، تاريخ الإسلام (4/ 1203)، السير (9/ 236)، إكمال مغلطاي (11/ 110)، التهذيب (4/ 40)].
قلت: وعلى هذا فهو إسناد حسن غريب.
° ورواه ابن أبي ذئب [ثقة فقيه]، عن الحارث بن عبد الرحمن [القرشي العامري، خال ابن أبي ذئب: لا بأس به]، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان [القرشي العامري مولاهم، المدني]، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم، فسجد وسجد الناس معه؛ إلا رجلين، قال: أرادا الشهرة.
أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (42)، وفي السنن (97)، وفي المسند (333 - ترتيب سنجر)، وأحمد (2/ 304)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 132/ 539)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 353)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (51 - 53)، والبيهقي في السنن (2/ 321)، وفي الخلافيات (3/ 91/ 2137)، وفي المعرفة (2/ 157/ 1117). [الإتحاف (15/ 579/ 19933)، المسند المصنف (31/ 222/ 14279)].
رواه عن ابن أبي ذئب: محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، وخالد بن الحارث، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، والقاسم بن يزيد الجرمي، وعبد الله بن وهب، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وبشر بن عمر الزهراني [وهم ثقات].
وهذا إسناد مدني لا بأس به.
° ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في النجم؛ إلا رجلين من قريش، أرادا بذلك الشهرة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 370/ 4253)(3/ 432/ 4307 - ط الشثري)، وأحمد (2/ 443)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2768)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 256/ 2821)[المسند المصنف (31/ 221/ 14278)].
قلت: ويحتمل أن يكون للحارث بن عبد الرحمن فيه شيخان، وهو معروف بالرواية عنهما، إلا أنه غريب جدًا من حديث أبي سلمة، والمعروف عن أبي سلمة في هذا: السجود في الانشقاق، ويأتي تخريجه بطرقه مفصلاً قريباً برقم (1408)، إن شاء الله تعالى.
لكن الوجه الأول هو المشهور عن ابن أبي ذئب، حيث اشتهر عنه بالمدينة والعراق ومصر، وهو الأولى بالصواب؛ فإن الحديث الذي اشتهر في بلده وخارجها: أولى من الحديث الذي لم يعرف إلا خارج بلده:
قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 400/ 468): "سألت أبي عن حديث؛ رواه أبو كريب، عن وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن خاله، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال مرة: عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه سجد في النجم.
ورواه الليث بن سعد، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن أبي فديك، عن ابن أي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا رواه الوليد بن مسلم، وعبد العزيز بن محمد، عن ابن أبي ذئب.
قال أبي: هذا الصحيح".
° وروى محمد بن النعمان [السقطي][هو: ابن بشير، أصله من نيسابور، وسكن بيت المقدس، شيخ لابن خزيمة وأبي عوانة وأبي العباس الأصم وابن صاعد وابن الأعرابي والطحاوي وغيرهم، ثقة. تاريخ دمشق (56/ 129)، التهذيب (3/ 719)، التقريب (721)]، قال: ثنا أبو ثابت المدني [محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد أبو ثابت المدني: ثقة، قال فيه الدارقطني: "ثقة حافظ"]، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم،
عن العلاء، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه رأى أبا هريرة صلى الله عليه وسلم سجد في خاتمة النجم، قال أبو سلمة: يا أبا هريرة! رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها؟ قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها لما سجدت فيها.
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 353). [انظر: نخب الأفكار (5/ 484)].
قلت: وهذا حديث شاذ؛ والمحفوظ في هذا عن أبي سلمة بهذه القصة إنما هو في السجود في الانشقاق.
فقد رواه عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، ويحيى بن أبي كثير، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن عمرو بن علقمة، كلهم عن أبي هريرة بالسجود في الانشقاق.
ولفظ ابن الهاد: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه رأى أبا هريرة وهو يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، قال أبو سلمة: فقلت له حين انصرف: سجدتَ في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها، قال: لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها لم أسجد.
ولفظ محمد بن عمرو: عن أبي سلمة، قال: رأيت أبا هريرة يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فقيل له: تسجد في سورة ما يُسجَد فيها؟، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
وسوف يأتي تخريجه بطرقه مفصلاً قريبًا برقم (1408)، إن شاء الله تعالى.
قال ابن حجر في الفتح (2/ 555): "وروى ابن مردويه في التفسير بإسناد حسن، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم، فسأله فقال: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها".
قلت: وعلى هذا؛ فلم يتفرد به شيخ الطحاوي، فلعله قد توبع في رواية ابن مردويه، والغالب: أن يكون الوهم فيه من العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، فقد أُنكرت عليه أحاديث [التهذيب (3/ 346)]، والله أعلم.
4 -
حديث ابن عمر:
رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن مصعب بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد، وسجد معه المسلمون والمشركون، حتى سجد الرجل على الرجل، وحتى سجد الرجل على شيء رفعه إلى وجهه بكفه. وفي رواية: فصلى بعضهم على ظهر بعض.
أخرجه الطحاوي (1/ 353)، والبيهقي (3/ 182). [الإتحاف (9/ 337/ 11343)].
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن نافع: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، وهو: ليس بالقوي [راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (7/ 374/ 670)]، ولا يحتمل تفرد مثله عن نافع دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم.
ويحسن التنبيه في مثل هذا الموضع على ما ذكر في كتب التفسير من قصة الغرانيق:
قد روي؛ أن الشيطان ألقى في أمنيته، فنزلت هذه الآية:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} قال: فأجرى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا ينسى؛ قال: فسجد النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأها، وسجد معه المسلمون والمشركون؛ فلما علم الذي أجرى على لسانه، كبر ذلك عليه، فأنزل الله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}
…
إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)} .
فهده قصة باطلة؛ يستحيل وقوعها؛ تروى مرسلة من وجوه، وليس لها إسناد قائم متصل [انظر: ما أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 205)، والبزار (11/ 296/ 5096)، والطبري في تفسيره (16/ 604 - 608 و 614)، وابن أبي حاتم في تفسيره (8/ 13998 - 14004)، والطبراني في الكبير (9/ 34/ 8316) و (12/ 53/ 12450)، والبيهقي في الدلائل (2/ 286)، وأبو الحسن الواحدي في أسباب النزول (309)، والضياء في المختارة (10/ 88 و 89/ 83 و 84) و (10/ 234/ 247)، [وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 303)، مفاتيح الغيب للفخر الرازي (23/ 237)، الفتح لابن حجر (8/ 439 و 614)] [وقد ردها البزار، وهو أرفع من رواها من المحدثين، وبيَّن وهَمَ من وصل الحديث، وأن المحفوظ فيه الإرسال، ثم هو بعد ذلك معروف من حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، ومحمد بن السائب الكلبي: متهم بالكذب][ومما قيل في ردها: قال القاضي عياض في الشفاء (645): "يكفيك أن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل"، ثم قال: "مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته"، وقد أطال في توهينه ورده][ومن عجائب ما قيل في رد هذه الرواية، ما نقله الفخر الرازي في تفسيره (27/ 614) عن صديق له من أرباب السلطنة؛ إذ يقول: "باطل من وجهين آخرين؛ الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بصورتي"؛ فإذا لم يقدر الشيطان على أن يتمثل في المنام بصورة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف قدر على التشبه بجبريل حال اشتغال تبليغ وحي الله تعالى. والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما سلك عمر فجًّا إلا وسلك الشيطان فجًّا آخر"، فإذا لم يقدر الشيطان أن يحضر مع عمر في فج واحد، فكيف يقدر على أن يحضر مع جبريل في موقف تبليغ وحي الله تعالى"][ومما يؤكد بطلانها واستحالة وقوعها: الآيات المتلوة بعدها والتي تبطلها من أصلها، وهي قوله تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)} [النجم: 21 - 23]؛ فكيف يثني على آلهتهم ثم يرجع فيسبها وينسف وجودها، قال الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير (17/ 304):