المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌343 - باب في وقت الوتر - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٧

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌343 - باب في وقت الوتر

الوتر أول الليل أفضل: حديث أبي هريرة: ثلاث أوصاني بهن: أن أنام على وتر، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من طمع في أن يستيقظ من أخر الليل فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل"؛ دل على أن قول أبي هريرة: ثلاث أوصاني بهن: الوتر قبل النوم، إنما هنَّ على معنى الحذر والوثيقة، تخوفًا أن لا يستيقظ فيوتر آخر الليل".

وقال ابن قدامة في المغني (2/ 119): "والأفضل فعله في آخر الليل"، واحتج بحديث جابر، ثم قال:"وهذا صريح".

[وانظر أيضًا: المجموع شرح المهذب (4/ 20)، مجموع الفتاوى (22/ 285)، فتح الباري لابن رجب (6/ 248)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 529)، الفتح لابن حجر (2/ 486)، وغيرها].

***

‌343 - باب في وقت الوتر

1345 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قلت لعائشة: متى كان يوتر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كلَّ ذلك قد فعل، أوتر أوَّلَ الليل، ووسطه، وآخره، ولكن انتهى وترُه حين مات إلى السَّحَر.

* حديث شاذ بهذا السياق، وأصله متفق عليه من حديث الأعمش

لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه غير أبي داود [التحفة (11/ 738/ 17639)، المسند المصنف (37/ 278/ 17883)].

* هكذا رواه أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قلت لعائشة: متى كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فساق أبو بكر الحديث بهذا السياق وتفرد به.

* وقد رواه أبو معاوية محمد بن خازم، وحفص بن غياث، وسفيان الثوري [وعنه: قبيصة بن عقبة، ومخلد بن يزيد، وعبد الرزاق]؛ وشعبة [عنه: غندر محمد بن جعفر]؛ وأبو عوانة، وفضيل بن عياض، وعبد الله بن نمير، والقاسم بن معن المسعودي [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب الأعمش: الثوري وشعبة وأبو معاوية وحفص]:

عن الأعمش، قال: حدثني مسلم [وفي رواية شعبة عند أحمد: قال: سمعت أبا الضحى]، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهى وتره إلى السحر. لفظ حفص [عند البخاري].

ولفظ أبي معاوية [عند مسلم]: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر.

ص: 344

ولفظ شعبة [عند أحمد]: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقرَّ وتره إلى السحر.

ولفظ الثوري [عند أحمد]: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.

ولفظ أبي عوانة [عند أبي يعلى]: قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل الليل، ثم انتهى وتره إلى السحر.

ولفظ ابن نمير [عند أبي عوانة]: من كل الليل كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انتهى وتره إلى السحر. وبنحوه رواه فضيل.

أخرجه البخاري (996)، ومسلم (745/ 136)، وأبو عوانة (2/ 44/ 2252 و 2253)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 338/ 1687)، وأحمد (6/ 46 و 100 و 107)، وإسحاق بن راهويه (2/ 137/ 1453)، وعبد الرزاق (3/ 17/ 4624)، وابن أبي شيبة (2/ 84/ 6756)، وأبو يعلى (7/ 334/ 4370)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 170/ 2612)، وابن الأعرابي في المعجم (687)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 378)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (341)، وفي الخامس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (31)(911 - المخلصيات)، وابن جميع الصيداوي في معجم شيوخه (323)، وتمام في الفوائد (553). [التحفة (11/ 738/ 17639)، الإتحاف (17/ 537/ 22754)، المسند المصنف (278/ 37/ 17883)].

• وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 113/ 4831)، وانظر: علل الدارقطني (14/ 280/ 3622).

قلت: تفرد أبو بكر بن عياش بهذا السياق عن الأعمش، حيث زاد في أوله: قلت لعائشة: متى كان يوتر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كلَّ ذلك قد فعل، ولم يسق مساقه أحد من أصحاب الأعمش، لا سيما وفيهم حفاظ الحديث وأثبت الناس فيه: الثوري وشعبة وأبو معاوية وحفص وأبو عوانة وابن نمير، وهم أئمة الحديث وحفاظه، ممن اشتهروا بالحفظ والضبط لألفاظ الحديث، وأبو بكر بن عياش: ثقة، لكن ساء حفظه لما كبر، وكتابه صحيح، ولعله أتي من سوء حفظه، والله أعلم.

* وله طرق أخرى:

1 -

وكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وقبيصة بن عقبة:

قالوا: حدثنا سفيان [الثوري]؛ عن أبي حَصين [عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي: ثقة ثبت، من الرابعة]؛ عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عائشة قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه مسلم (745/ 137)، وأبو عوانة (2/ 43/ 2251)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 338/ 1688)، والنسائي في المجتبى (3/ 230/ 1681)، وفي الكبرى

ص: 345

(2/ 152/ 1394)، والدارمي (1733 - ط البشائر)، وأحمد (6/ 205)(26213 و 26214)، وإسحاق بن راهويه (2/ 137/ 1455 و 1456)، وتمام في الفوائد (656)، والبيهقي (3/ 35). [التحفة (11/ 743/ 17653)، الإتحاف (17/ 537/ 22754)، المسند المصنف (37/ 278/ 17883)].

• وانظر فيمن وهم في إسناده على ابن مهدي: ما أخرجه البيهقي (3/ 35)(5/ 445/ 4897 - ط هجر).

2 -

أبو بكر بن عياش [وعنه: أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وأسود بن عامر، ولوين محمد بن سليمان بن حبيب، وهم ثقات]؛ عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، قال: سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: من كل الليل قد أوتر؛ أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره حين مات في السحر.

أخرجه الترمذي (456)، وابن ماجه (1185)، وابن حبان (6/ 196/ 2443)، وأحمد (6/ 129)، وابن أبي شيبة (2/ 84/ 6755)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 334)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 92/ 970)، وفي الشمائل (585). [التحفة (11/ 743/ 17653)، الإتحاف (17/ 537/ 22754)، المسند المصنف (37/ 278/ 17883)].

قال الترمذي: "حديث عائشة: حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم: الوتر من آخر الليل".

وهو حديث صحيح، وهذا اللفظ قريب من لفظ حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش، ولعله من هنا دخل عليه، والله أعلم.

3 -

الشافعي، والحميدي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن محمد الزهري [وهم ثقات]:

عن سفيان بن عيينة، عن أبي يعفور [عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وهو: كوفي ثقة، من الخامسة]، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة، قالت: من كل الليل تد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه مسلم (457/ 136)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 338/ 1687)، وابن الجارود (268)، والشافعي في اختلاف الحديث (41)، وفي السنن (182)، وفي المسند (156)، والحميدي (188)، وابن نصر المروزي في كتاب الوتر (278 - مختصره)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(2/ 414/ 434)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 169/ 2611)، والبيهقي في السنن (3/ 35)، وفي المعرفة (4/ 77/ 5528 - ط قلعجي [التحفة (11/ 738/ 17639)، الإتحاف (17/ 537/ 22754)، المسند المصنف (37/ 278/ 17883)].

4 -

سفيان الثوري [وعنه: وكيع بن الجراح]؛ وأبو بكر بن عياش [وعنه: أسود بن

ص: 346

عامر شاذان]؛ وحماد بن شعيب [ضعفوه، وقال البخاري: "فيه نظر". اللسان (3/ 270)، وفي الإسناد إليه من ضُعِّف]:

عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي الضحى [مسلم بن صبيح]؛ عن مسروق، قال: سالتُ عائشة عن وتر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: من كل الليل قد أوتر؛ وسطه وآخره وأوله، فانتهى وتره إلى السحر حتى مات [لفظ أبى بكر مقرونًا بحديث أبي حصين].

وفي رواية الثوري: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه أحمد (6/ 129 و 204)، وإسحاق بن راهويه (2/ 137/ 1454)، ومكرم البزاز في الأول من فوائده (65)؛ وجعفر الخلدي في الأول من فوائده (111). [الإتحاف (17/ 537/ 22754)، المسند المصنف (137/ 278/ 7883)].

وهو حديث صحيح.

5 -

حسان بن إبراهيم الكرماني -قاضي كرمان-، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى آخر الليل.

أخرجه مسلم (745/ 138)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 339/ 1689). [التحفة (11/ 738/ 17639)، المسند المصنف (37/ 278/ 17883)].

6 -

الأشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، قال: سألت عائشة عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان أحب العمل إليه الدائم، قلت: فأيُّ حينٍ [وفي رواية: فأيُّ ساعةٍ، كان يقوم؟ قالت: كان إذا سمع الصارخ قام.

وفي رواية: سألت عائشة: متى كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: إذا سمح الصارخ، -يعني: الديك-، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل. [عند ابن حبان (6/ 197/ 2444)].

أخرجه البخاري (1132 و 6461)، ومسلم (741)، وتقدم عند أبي داود برقم (1317).

7 -

شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق، قال: سمعت الأسود يقول: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: كان ينام أول الليل، فإذا كان السحر أوتر، ثم يأتي فراشه، فإن كان له حاجة إلى أهله ألم بهم، ثم ينام، فإذا سمع النداء -وربما قالت: الأذان- وثب -وما قالت: قام-؛ فإن كان جنبًا أفاض عليه الماء، -وما قالت: اغتسل-، وإن لم يكن جنبًا توضأ، ثم خرج إلى الصلاة.

أخرجه البخاري (1146)، وتقدم في فضل الرحيم الودود (3/ 119/ 3228).

* ورواه إسرائيل بن أبي إسحاق، عن جده أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت لعائشة: أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أولى وبقوم آخره، فإذا قام توضأ وصلى ما قضى الله عز وجل له،

وساق الحديث.

ص: 347

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (3/ 120/ 228).

• ورواه زهير بن معاوية، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: أتيت الأسود بن يزيد، وكان لي أخًا أو صديقاً، فقلت: أبا عمرو! حدثني ما حدثتك أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قالت: كان ينام أول الليل ويحيي آخره، فربما كانت له حاجة إلى أهله،

وساق بقية الحديث.

أخرجه مسلم (739)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (3/ 120/ 228)، وانظر هناك بقية طرقه عن أبي إسحاق.

*وفي الباب أيضًا:

1 -

حديث علي بن أبي طالب:

أ- رواه شعبة [ثقة ثبت، إمام حجة، من أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا]؛ عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل وآخره وأوسطه، فانتهى وتره إلى السحر.

وفي رواية عفان، وكذا رواية يزيد بن زريع: قال أبو إسحاق: سمعت عاصم بن ضمرة، عن علي، أنه قال: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى آخر الليل.

وفي رواية الطيالسي: عن أبي إسحاق، قال: سمعت عاصم بن ضمرة السلولي، يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول: من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه ابن ماجه (1186)، وابن خزيمة (2/ 143/ 1080)، وأحمد (1/ 86 و 104 و 137)(653 و 825 و 1152) و (6/ 205)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 143 و 147)(1215 و 1260)، والطيالسي (117)، وعبد بن حميد (72)، وأبو بكر الباغندي في أما ليه (54)، والبزار (2/ 267/ 680)، وأبو يعلى (1/ 272/ 322)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 169/ 2610)، والطحاوي (1/ 340)، والضياء في المختارة (2/ 155/ 530) و (2/ 156/ 532 و 533). [التحفة (7/ 56/ 10145)، الإتحاف (11/ 433 14361)، المسند المصنف (21/ 176/ 9530)].

رواه عن شعبة: وكيع بن الجراح، وغندر محمد بن جعفر، وعفان بن مسلم، ويزيد بن زريع، وأبو داود الطيالسي، وسليمان بن حرب، وسعيد بن عامر [وهم ثقات، فيهم جماعة من الأثبات]؛ والحر بن مالك العنبري [صدوق]؛ ويحيى بن عبدويه أبو محمد مولى بني هاشم [أثنى عليه أحمد، وأمر ابنه عبد الله بالسماع منه، ولعله خفي عليه أمره، فقد كذبه يحيى بن معين، قال:"كذاب، رجل سوء"؛ وقال مرة: "ليس بشيء"، وقال أبو حاتم:"هو مجهول"، وقال ابن عدي:"ليس بالمعروف"، وفي موضع آخر:"حدث عن شعبة وحماد بن سلمة بأحاديث ليست بمحفوظة"، ثم قال:"وأرجو أنه لا بأس به"؛

ص: 348

يعني: أنه ممن لا يتعمد الكذب، وهو هنا قد تابع ثقات أصحاب شعبة. انظر: الجرح والتعديل (9/ 173)، الكامل (5/ 213) و (7/ 210)، تاريخ بغداد (14/ 165)، السير (10/ 424)، اللسان (8/ 462)].

وهذا حديث صحيح، يشهد له حديث عائشة [راجع: الكلام عن ترجمة أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي: فضل الرحيم الودود (14/ 58 - 69/ 1272)]؛ والله أعلم.

قال علي بن المديني: "هو إسناد كوفي حسن"[الفتح لابن رجب (6/ 231)].

وانظر فيمن وهم في إسناده على شعبة: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد (386 - أطرافه).

• ورواه مطرف بن طريف [كوفي ثقة، قديم الوفاة، توفي سنة (141) أو بعدها، فهو أقدم وفاة من شعبة وسفيان بما يقرب من عشرين عاماً، وقد رويا عنه، فهو قديم السماع من أبي إسحاق، والله أعلم]؛ عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر في أول الليل، وفي وسطه، وفي آخره، ثم ثبت له الوتر في آخره.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 85/ 6762)[وأُبهم فيه عاصم، ولا يضر، فهو تقصير. راجع علل الدارقطني (1431]. وأحمد (1/ 78)(580)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 143 - 144)(1218)، والبزار (2/ 268/ 681)، وأبو يعلى (1/ 447/ 597)، والطحاوي (1/ 340)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 4)، والضياء في المختارة (2/ 155/ 531). [الإتحاف (11/ 433/ 14361)، المسند المصنف (21/ 176/ 9530)].

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا من حديث عاصم بن ضمرة عنه".

قلت: هو حديث صحيح.

• ورواه يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد [قال أبو حاتم: "كان يسكن قلزم، قدمت قلزم وهو غائب فلم أكتب عنه، ومحله الصدق، لا بأس به"، وذكره ابن يونس في العلماء الذين قدموا مصر، وقال: "بصرى كان قد أقام بمكة، وقدم إلى مصر، وكان بالقلزم، وحدَّث، وكان ثقة، وبالقلزم كانت وفاته سنة عشرين ومائتين"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح والتعديل (9/ 203)، الثقات (9/ 285)، تاريخ الإسلام (5/ 484 - ط الغرب)، مغاني الأخيار (3/ 253)]؛ قال: ثنا إبراهيم بن طهمان أخراساني، سكن مكة، ثقة يغرب]؛ عن أبي إسحاق، فذكر بإسناده مثله.

أخرجه الطحاوي (1/ 340). [الإتحاف (11/ 433/ 14361)].

إسناده جيد غريب، وهو حديث صحيح.

ب- ورواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]؛ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وآخره، فثبت الوتر آخر الليل.

ص: 349

أخرجه أحمد (1/ 85)(651)، والبزار (3/ 81/ 848). [الإتحاف (11/ 324/ 14118)، المسند المصنف (12/ 771/ 9531)].

قلت: إسناده ضعيف؛ لأجل الحارث بن عبد الله الأعور؛ فإنه ضعيف، وأبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث.

وهو حديث صحيح، بالمتابعة والشاهد.

• وروى أبو إسرائيل الملائي، وأبو شيبة:

عن السدي [إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة: ليس به بأس، وقد ضُعِّف. التهذيب (1/ 158)]؛ عن عبد خير، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب ونحن في المسجد، فقال: أين السائل عن الوتر؟ فمن كان منا في ركعة شفع إليها أخرى حتى اجتمعنا إليه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر في أول الليل، ثم أوتر في وسطه، ثم أثبت الوتر في هذه الساعة، قال: وذلك عند طلوع الفجر.

أخرجه أحمد (1/ 120/ 974)، والبزار (3/ 39/ 790)، والطحاوي (1/ 340)، والطبراني في الأوسط (2/ 224/ 1809). [الإتحاف (1/ 530/ 14566)، المسند المصنف (21/ 178/ 9532)].

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن السدي، عن عبد خير، عن علي، إلا أبو إسرائيل الملائي".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن السدي إلا أبو شيبة".

قلت: هو حديث منكر بقيد طلوع الفجر، والمعروف من حديث علي: فانتهى وتره إلى السحر.

وأبو إسرائيل إسماعيل بن أبي إسحاق خليفة العبسي الكوفي الملائي: ليس بالقوي، سيئ الحفظ، له أغاليط، يخالف الناس في حديثه، وكان غاليًا في التشيع والرفض، يكفر عثمان رضي الله عنه[التهذيب (1/ 148)، الميزان (1/ 226) و (4/ 495)، إكمال مغلطاي (2/ 165)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1145)، التذييل على التهذيب (61)، الجامع في الجرح والتعديل (1/ 71)].

وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 76)، الميزان (1/ 47)].

2 -

عن أبي مسعود عقبة بن عمرو:

رواه هشام الدستوائي [ثقة ثبت، وعنه: إسماعيل ابن عليه، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ويزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي، ومحمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، وهم ثقات]؛ وحماد بن سلمة [ثقة، وفي روايته عن حماد بن أبي سليمان تخليط، رواه عن ابن سلمة: حجاج بن منهال، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، وهما: ثقتان]:

ص: 350

عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو [ومنهم من قال: عن عقبة بن عامر، والأول هو الصواب]؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل ووسطه وآخره. زاد يزيد بن هارون: فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه الطيالسي (2/ 11/ 650)، وابن أبي شيبة (2/ 85/ 6766)، وأحمد (4/ 119) و (5/ 215 و 272)، والحارث بن أبي أسامة (230 - بغية الباحث)، والمحاملي في الأمالي (442 - رواية ابن البيع)، وابن قانع في المعجم (2/ 273)، والطبراني في الكبير (17/ 6794/ 24 و 680). [الإتحاف (11/ 272/ 14022)، المسند المصنف (29/ 351/ 13388)].

* وروي من حديث شعبة؛ ولا يثبت عنه:

رواه أبو عروبة الحسين بن أحمد الحراني [هو: الحسين بن محمد بن مودود، أبو عروبة ابن أبي معشر الحراني السلمي الحافظ: أحد أئمة هذا الشأن ثقةً ونبلًا. الإرشاد (9/ 451)، السير (14/ 510)، تاريخ الإسلام (7/ 339)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 440)]؛ ثنا عبد الله بن محمد بن عيشون [مجهول. فتح الباب (1515)، تاريخ بغداد (6/ 340 - ط الغرب)، الأنساب (4/ 269)، مجمع الزوائد (3/ 150)]: ثنا أبو قتادة الحراني: ثنا شعبة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن عقبة بن عمرو أبي مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل وأوسطه وآخره.

أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 245/ 682).

قلت: هو باطل من حديث شعبة، تفرد به عنه: أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني، وهو: متروك، منكر الحديث.

• وروي من وجه آخر غريب: أخرجه الطبراني في الصغير (686)، وفي حديثه لأهل البصرة فيما انتقاه عليه ابن مردويه (46).

• خالفهم: أبو حنيفة، فرواه عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن عقبة بن عمرو، وأبي موسى الأشعري؛ أنهما قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر أحيانًا أول الليل ووسطه، ليكون سعة للمسلمين. لفظ زفر بن الهذيل [ثقة فقيه، من أصحاب أبي حنيفة. اللسان (2/ 588)].

وفي رواية إبراهيم بن طهمان [ثقة]؛ عن أبي حنيفة: أوتر النبي صلى الله عليه وسلم من أول الليل وآخره وأوسطه؛ ليكون واسعًا على المسلمين، بأي ذلك أخذوا به كان صوابًا.

أخرجه أبو يوسف في الآثار (338)، والطبراني في الكبير (17/ 244/ 681)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (87).

قلت: هو حديث منكر؛ بهذه الزيادة في الإسناد والمتن، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت: ضعيف، قال البخاري:"كان مرجئًا، سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه"، وقال

ص: 351

مسلم: "مضطرب الحديث، ليس له كبير حديث صحيح"، وقال ابن حبان:"لم يكن الحديث صناعته، حدث بمائة وثلاثين حديثًا مسانيد، ما له حديث في الدنيا غيره، أخطأ منها في مائة وعشرين حديثًا"، وقد أطال في الحط عليه، وقال ابن عدي:، له أحاديث صالحة، وعامة ما يرويه غلط وتصاحيف

، ولم يصح له في جميع ما يرويه إلا بضعة عشر حديثًا

"، وقد ضعفه الجمهور [انظر: التاريخ الكبير (8/ 81)، كنى مسلم (963)، التمييز (199)، الجرح والتعديل (8/ 450)، ضعفاء العقيلي (4/ 268)، المجروحين (3/ 61)، الكامل (7/ 5)، تاريخ بغداد (13/ 323)، ضعفاء الأصبهاني (255)، موسوعة أقوال الإمام أحمد (4/ 16)، الاستغناء (624)، ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه (51)، الأنوار الكاشفة (51)، التنكيل (1/ 258 و 358)، الجامع في الجرح والتعديل (3/ 210)].

قال محمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي [ضعيف، كان يُلحَق في كتابه. راجع ترجمته تحت الحديث رقم (749)]: "سرق أبو حنيفة كتب حماد مني".

وقال ابن المبارك: "إن أصحابي ليلومونني في الرواية عن أبي حنيفة، وذاك أنه أخذ كتاب محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان، فروى عن حماد ولم يسمعه منه"[الجرح والتعديل (8/ 450)].

قلت: ويؤيد ذلك أن الحديث كان عند محمد بن جابر، قال الدارقطني في الأفراد (2/ 97/ 4216 - أطرافه):"تفرد به حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عنه، ورواه عنه: شعبة وهشام ومحمد بن جابر، وذكر فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره"، يعني: محمد بن جابر، والذي أخذه من كتابه بهذه الزيادات: أبو حنيفة.

• ورواه أيضًا: سليمان بن أبي داود، عن عبد الكريم [هو: ابن مالك الجزري: ثقة متقن]؛ عن زياد بن أبي مريم [الجزري: ثقة. معرفة الثقات (514)، سؤالات البرقاني (355)، التهذيب (1/ 653)، [وقال مرة: زياد بن سعيد، بدل: زياد بن أبي مريم]؛ عن حماد، عن إبراهيم بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، عن عقبة بن عمرو أبي مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم-يوتر في أول الليل، وفي أوسطه، وفي آخره، حتى يستن به المسلمون، فأي ذلك عمل به كان صوابًا إن شاء الله.

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 106/ 6989 و 6990).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زياد بن أبي مريم، إلا عبد الكريم، تفرد به: سليمان بن أبي داود".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن عبد الكريم بن مالك الجزري دون أصحابه الثقات: سليمان بن أبي داود الحراني، وهو: منكر الحديث [اللسان (4/ 150)].

* ويبقى الكللام حينئذ عن حديث هشام الدستوائي، وحماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان.

ص: 352

فيقال: هو إسناد ضعيف؛ فقد تُكُلِّم في رواية حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم بن يزيد النخعي، فقد كان حماد كثير الخطأ والوهم [انظر: التهذيب (1/ 483)].

وفيه انقطاع: قال شعبة: "لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي: حديث خزيمة بن ثابت في المسح"، وحكاه أحمد مرة عن شعبة، وأطلق القول بعدم السماع بدون قيد حديث المسح، وقال أحمد مرة:"حدثني حماد الخياط، قال: قال شعبة: ما لقي إبراهيمُ أبا عبد الله الجدلي"، وقال البخاري:"ويقال: إن إبراهيم لم يسمع"، يعني: من أبي عبد الله الجدلي [التاريخ الكبير (5/ 319)، المراسيل (16 و 17)، جامع الترمذي (96)، علل الترمذي الكبير (64)، الكامل (1/ 78)، سنن البيهقي (1/ 278)].

* قال الدارقطني في الأفراد (2/ 97/ 4216 - أطرافه): "تفرد به حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عنه، ورواه عنه: شعبة وهشام ومحمد بن جابر، وذكر فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره".

قلت: وهو حديث حسن في الشواهد، يشهد له حديث عائشة، وحديث علي بن أبي طالب، والله أعلم.

* وقد روى جماعة من ثقات أصحاب عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرغ من صلاة الليل والوتر قبل بزوغ الفجر الصادق، وقد سبق أن تكلمت عن هذه المسألة تحت الحديث رقم (1318)، والذي رواه إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: ما ألفاه السَّحَرُ عندي إلا نائمًا، تعني: النبي صلى الله عليه وسلم[أخرجه البخاري (1133)]؛ وفي رواية مسعر بن كدام، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: ما ألفى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السَّحَرُ الأعلى في بيتي -أو: عندي-، إلا نائمًا، وفي رواية: ما ألفى النبيَّ صلى الله عليه وسلم السَّحَرُ الآخرُ قط عندي إلا نائمًا [أخرجه مسلم (742)]؛ ومما قلت هناك، وقد زدت عليه:

مما جاء في معنى حديث أبي سلمة هذا عن عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلا نائمًا؛ ما صح عن ابن عباس؛ مما يدل على نومه صلى الله عليه وسلم بعد وتره، وقبل الفجر:

فقد روى مالك، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس؛ في قصة مبيته عند خالته ميمونة، وموضع الشاهد منه: ثم أوتر، ثم اضطجع، حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح أياتي عند أبي داود برقم (1367)، وهو في الموطأ (317)، والبخاري (183 و 992 و 1198 و 4570 - 4572)، ومسلم (763/ 182)].

وكذلك حديث عبد الله بن عمرو في صفة صلاة داود:

رواه سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار؛ أن عمرو بن أوس أخبره؛ أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أحبُّ الصلاةِ إلى الله صلاةُ داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، و [كان] يصوم يومًا، ويفطر يومًا".

ص: 353

وفي رواية: "أحبُّ الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحبُّ الصلا" إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وبنام سدسه".

أخرجه البخاري (1131 و 3420)، ومسلم (1159/ 189)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1391)، وهو في السنن برقم (2448).

وأما حديث عروة وأبي سلمة عن عائشة فيدل ظاهره على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصِلُ صلاة الليل بركعتي الفجر ثم يضطجع بعدهما، يعني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في وقت السحر، فلم يكن الاضطجاع عندئذ في وقت السحر، وإنما كان بعد طلوع الفجر:

ففي روايةٍ عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى من الليل ثم أوتر صلى الركعتين؛ فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يأتيه المنادي [وهذا أصله في مسلم (743)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1262)].

• وروى الزهري، عن عروة بن الزبير؛ أن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يجيء المؤذن فيؤذنه [رواية معمر، عند البخاري (6310)].

وفي رواية عمرو بن الحارث [عند مسلم]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء -وهي التي يدعو الناس العتمة- إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة.

وفي رواية ابن أبي ذئب [عند أحمد (6/ 74 و 143 و 215)، والدارمي، وبنحوه لفظ شعيب عند البخاري (994 و 1123)، ولفظ يونس عند أحمد (6/ 248)، ولفظ الأوزاعي عند أحمد (6/ 83)، وابن حبان (2431)]: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل اثنتين، ويوتر بواحدة، ويسجد في سبحته [وفي رواية: ويمكث في سجوده، بقدر ما يقرأ أحدكم بخمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن بالأولى من أذانه، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه. [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1262)].

* وهذا موافق لما رواه: مسلم أبو الضحى، عن مسروق، عن عائشة، قالت: مِن كلِّ الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه البخاري (996)، ومسلم (745)، وهو حديث الباب.

* وكذلك ما رواه: يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عائشة، قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.

أخرجه مسلم (745)، وتقدم.

وطريق الجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث: أن تحمل هذه الأحاديث على

ص: 354

اختلاف أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان أحيانًا يوتر ثم ينام وقت السحر [كما دل عليه حديث أبي سلمة عن عائشة، وحديث ابن عباس، وحديث ابن عمرو من قوله صلى الله عليه وسلم في صلاة داود]؛ وأحيانًا يصل صلاته بالليل بركعتي الفجر ثم يضطجع بعدها [كما دل عليه حديث عروة وأبي سلمة عن عائشة، وحديث مسروق عن عائشة]؛ وحديث مسروق يزيل الإشكال حيث أخبرت فيه عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوتر من كل الليل، فأوتر أحيانًا في أول الليل، وأوتر في أوسطه، وأوتر في آخره، لكن كان آخر أمره صلى الله عليه وسلم في صلاته بالليل قبل وفاته صلى الله عليه وسلم الوتر وقت السحر، فقالت: فانتهى وتره إلى السحر، فلا تعارض فيما نقلته عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما كانت تحكي بعض أحواله، وقد أخبرت أبا سلمة بالحالين معًا، لكن في وقتين متفرقين، وحديثين مستقلين، ثم جمعتهما معًا لمسروق في حديث واحد، وعليه فحديث مسروق عنها قاضٍ على حديث غيره، في انتهاء وتره صلى الله عليه وسلم إلى السحر، يعني في آخر عمره صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وراجع في ذلك أيضًا الأحاديث رقم (1334 - 1367).

• وهذا أيضًا لا يعارض ما رواه عن عائشة ثلاثةٌ من التابعين: غضيف بن الحارث، وعبد الله بن أبي قيس، ويحيى بن يعمر: أنهم سألوا عائشة عن وترِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ربما أوتر أوَّلَ الليل، وربما أوتر من آخره [وهو حديث صحيح ثابت عن عائشة من وجوه، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (3/ 226/102)، وأصله في صحيح مسلم (307) مختصرًا، بطرف الغسل من الجنابة].

وفيه أنها بينت حال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال، لبيان الجواز، وأن العبد مخير في ذلك بحسب نشاطه، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر حين أوتر أول الليل:"أخذت بالحزم"، وقوله لعمر حين أوتر آخر الليل:"أخذت بالقوة"[وهو حديث حسن، تقدم برقم (1434)]؛ ففيه مراعاة أحوال المكلفين بحسب نشاطهم وقدرتهم.

* والحاصل: فإن حديث مسروق عن عائشة قاضٍ على حديث غيره، في انتهاء وتره صلى الله عليه وسلم في آخر عمره إلى السحر، فهذا وجه الجمع بين أحاديث عائشة في الباب، وهي تحكي فعله صلى الله عليه وسلم، وهو الموافق لما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر وجابر:

• فقد روى عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا".

أخرجه البخاري (998)، ومسلم (751/ 151). [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 405/ 1295)].

• ورواه أيضًا: عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدةً، فاوترت له ما صلى"، وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به. أخرجه البخاري 4721). [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 405/ 1295)].

ص: 355

• ورواه مالك، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبحَ صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى".

أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749/ 145).

• وروى أنس بن سيرين، قال: سألت ابن عمر: ما أقرأ في الركعتين قبل الصبح؟ فقال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة من آخر الليل، قال أنس: قلت: فإنما أسألك ما أقرأ في الركعتين قبل الصبح؟ فقال: بَهْ بَهْ، إنك لضخم، إنما أحدِّث، أو قال: إنما أقتص لك الحديث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم يوتر بركعة من آخر الليل، ثم يقوم كأن الأذان أو الإقامة في أذنيه.

أخرجه مسلم (749/ 158).

• وروى أبو التياح [وعنه: عبد الوارث بن سعيد، وشعبة]؛ وقتادة [وعنه: شعبة]:

عن أبي مجلز، عن ابن عمر [وفي رواية قتادة: سمعت ابن عمر]؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر ركعة من آخر الليل".

أخرجه مسلم (53/ 1752 و 154).

تقدم تخريجه بطرقه مفصلاً تحت الحديث رقم (1295)، فضل الرحيم الودود (14/ 418/ 1295)، وقد سقت له هناك سبعة وثلاثين طريقًا، وله ألفاظ متقاربة؛ وقد ذكرت بعضها باختصار عند الحديث رقم (1421).

* وأما حديث جابر بن عبد الله:

فقد رواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".

وفي رواية: "من خاف أن لا يستيقظ آخر الليل فليوتر أول الليل، ثم ليرقد، ومن طمع أن يستيقظ من آخر الليل فليوتر من آخر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل".

أخرجه مسلم (755/ 162)، وتقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1434).

• ورواه معقل بن عبيد الله الجزري، وابن لهيعة، وابن أبي ليلى:

عن أبي الزبير، عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بقيام من الليل فليوتر من آخره، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل".

أخرجه مسلم (755/ 316)، وتقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1434).

* ومما نقلته هناك في آخر البحث:

ص: 356

قال ابن خزيمة: "الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوتر قبل النوم أخذًا بالوثيقة والحزم، تخوفًا أن لا يستيقظ المرء آخر الليل فيوتر آخره، وأنه إنما أمر بالوتر آخر الليل من قوي على قيام آخر الليل، مع الدليل على أن الوتر من آخر الليل أفضل لمن قوي على القيام آخر الليل "، واحتج في هذا بحديث جابر، ونقله عنه ابن المنذر في الأوسط.

وقال ابن المنذر: "فدل قوله: "وذلك أفضل" على أن الوتر في آخر الليل أفضل "، وبهذا ترجم جماعة من المصنفين لحديث جابر، مثل أبي عوانة، والله أعلم.

***

1436 -

. . . ابن أبي زائدة: حدثني عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بادِروا الصُّبح بالوتر".

* حديث مختصر، مروي بالمعنى

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 406/ 1295).

• روى بشر بن المفضل، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحماد بن مسعدة، وحفص بن غياث [وهم ثقات أثبات]؛ ويحيى بن سليم الطائفي [صدوق، سيئ الحفظ]:

عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدةً، فأوترت له ما صلى"، هانه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.

أخرجه البخاري (472). [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (14/ 405/ 1295)].

* ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحماد بن مسعدة، ومحمد بن بشر العبدي، وحفص بن غياث [وهم ثقات أثبات]:

كلهم عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا".

أخرجه البخاري (998)، ومسلم (751/ 151). [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الود ود (14/ 405/ 1295)].

* ورواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة [ثقة متقن]؛ قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بادروا الصبح بالوتر". وفي رواية: "بادروا الصبح بركعة".

ص: 357