الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
348 - باب الحث على قيام الليل
1450 -
. . . يحيى، حَدَّثَنَا ابنُ عجلان: حَدَّثَنَا القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "رحِمَ اللهُ رجلًا قامَ من الليلِ، فصلَّى وأيقظَ امرأته فصلَّتْ، فإن أَبَتْ، نضح في وجهها الماءَ، رحِم الله امرأةً قامتْ من الليل، فصلتْ وأيقظتْ زوجَها، فإن أبى نضحتْ في وجهه الماءَ".
* حديث صحيح
تقدم تخريجه برقم (1308).
***
1451 -
قال أبو داود: حَدَّثَنَا محمد بن حاتم بن بَزِيع: حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة، قالا: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "مَنِ استيقظَ من الليل وأيقظ امرأته فصلَّيا ركعتين جميعًا، كُتِبا من الذاكرين اللّه كثيرًا والذاكرات".
* لا يصح رفعه؛ إنما هو موقوف بإسناد صحيح
تقدم تخريجه برقم (1309)، وقد ذكرت في الموضع المشار إليه طرفًا يسيرًا من الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، وفي ذم تركه.
* * *
349 - باب في ثواب قراءة القرآن
1452 -
. . . شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عُبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه".
* حديث صحيح
أخرجه البخاري (5027)، والترمذي (2907)، وقال: "حديث حسن صحيح]. والنسائي في الكبرى (7/ 266/ 7982)، والدارمي (3657 - ط البشائر)، وأبو عوانة (2/ 445 و 446/ 3765 - 3770)، وابن حبان (1/ 184/ 132)، وأحمد في المسند (1/ 58/ 412 و 413)، وفي الزهد (2132)، والطيالسي (73)، وعفان بن مسلم في حديثه (102)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (43)، وسعيد بن منصور في سننه (1/ 104/ 21)، وابن سعد في الطبقات (6/ 172)، وابن أبي شيبة (6/ 132/ 30071)، وبعقوب بن
سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 590)، وابن الضريس في فضائل القرآن (132 و 133)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (1 او 12)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (475)، والطحاوي في المشكل (13/ 111/ 5116) و (13/ 112/ 5117 - 5120)، وابن الأعرابي في المعجم (378)، وابن حذلم في مشيخته (55)، وابن قانع في المعجم (2/ 255)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (15)، وابن عدي في الكامل (7/ 169 - ط العلمية)، وأبو بكر ابن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (108)، وأبو العباس العصمي في جزئه (12)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 193 - 194)، وأبو علي الحسن بن علي الشاموخي في جزء من حديثه (17)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (41 و 42)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 17)، وفي الصغرى (1/ 265 / 958)، وفي الشعب (13/ 14/ 1785) و (4/ 328/ 2017)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 427/ 1172)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي التفسير (1/ 38 - 39)، وقاضي المارستان في مشيخته (2/ 430)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 388/ 732)، وقال:"هذا حديث صحيح". وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 378)، وابن عساكر في المعجم (14)، والضياء في فضائل القرآن (2). [التحفة (47/ 36/ 9815)، الإتحاف (11/ 55/ 13683)، المسند المصنف (20/ 201/ 9202)].
رواه عن شعبة: أبو عمر حفص بن عمر الحوضي، وغندر محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ، وخالد بن الحارث، وحجاج بن منهال، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وحجاج بن محمد المصيصي، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وعفان بن مسلم، وآدم بن أبي إياس، وشبابة بن سوار، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وبهز بن أسد، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وبشر بن عمر الزهراني، ووهب بن جرير، وأبو عبد الرحمن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، ويحيى بن آدم، وسليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي، وعمرو بن عاصم الكلابي، وعبد اللّه بن رجاء الغداني، وأبو عتاب سهل بن حماد الدلال البصري، وبعض الضعفاء.
قال حجاج بن منهال: حَدَّثَنَا شعبة، قال: أخبرني علقمة بن مرثد، قال: سمعت سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إن خيركم من علم القرآن، أو تعلمه". كذا عند الدارمي، وعند البخاري بواو العطف:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وفي حديث عفان بن مسلم [في حديثه، وعند أحمد]: "خيركم من علم القرآن، أو تعلمه".
قلت: والجماعة على روايته بواو العطف، وهو أشبه بالصواب.
وفي رواية شبابة [عند ابن أبي شيبة]: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه".
وفي رواية لحجاج بن محمد وآدم بن أبي إياس: "إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
وقد جاء ذكر سماع علقمة بن مرثد من سعد بن عبيدة أيضًا: في رواية أبي داود الطيالسي، وفي رواية بهز [عند أحمد]، وعلي بن الجعد، وخالد بن الحارث [عند النسائي]، وحجاج بن محمد [عند أبي عبيد]، وعبد الرحمن بن زياد [عند سعيد]، وأبي عامر العقدي [عند الفريابي]، وقد قرن بعضهم جماعة في رواية بذكر السماع ولم يبين ألفاظهم.
زاد في آخره معاذ وحجاج بن منهال وأبو الوليد وأبو داود وابن الجعد ووهب بن جرير: أقرأَ القرآنَ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: ذاك أقعدني مقعدي هذا. لفظ حجاج.
وقال أبو الوليد: وكان أبو عبد الرحمن يعلم في حياة عثمان إلى زمن الحجاج، ويقول: ذلك أقعدني مقعدي هذا.
ء وروى يحيى بن آدم [ثقة حافظ]، قال: حَدَّثَنَا شعبة، وقيس، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه".
قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا.
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 169 - ط العلمية)(8/ 96/ 40630 - ط الرشد).
قال ابن عدي: "وهذا الحديث رواه عن علقمة جماعة، فلم يذكروا في إسناده بين علقمة وأبي عبد الرحمن: سعد بن عبيدة؛ إِلَّا يحيى القطان، فإنه جمع بين شعبة والثوري في هذا الحديث، فذكر عنهما جميعًا سعد بن عبيدة، والثوري لا يذكر في إسناده سعدًا، على أن سعيدًا القداح قد رواه عن الثوري، فقال فيه: سعد بن عبيدة، وهذا عدُّوا من خطأ يحيى القطان على الثوري.
وهذا الحديث جمع فيه أيضًا بين شعبة وقيس، عن علقمة عن سعد بن عبيدة، وشعبة يذكر سعدًا، وقيس لا يذكره، إِلَّا أن يحيى بن آدم ذكره عنهما، فذكر سعد بن عبيدة".
قلت: يحيى بن آدم: ثقة حافظ، ولم ينفرد به عن قيس بهذه الزيادة:
* فقد رواه أبو غسان مالك بن إسماعيل [ثقة متقن]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [صدوق حافظ؛ إِلَّا أنه اتهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]:
عن قيس بن الربيع، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه.
أخرجه البزار (2/ 56/ 397)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 298 - ط الغرب)، وقاضي المارستان في مشيخته (2/ 686).
قلت: وبهذا يتضح أن شعبة لم ينفرد بزيادة: سعد بن عبيدة في الإسناد بين علقمة،
وبين أبي عبد الرحمن السلمي؛ بل تابعه: قيس بن الربيع، وهو: ليس بالقوي، وحديثه صالح في المتابعات.
* قال شعبة: "ولم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان، ولا من عبد الله بن مسعود، ولكن [قد] سمع من علي رضي الله عنه"[مسند أحمد (412)، تاريخ ابن معين رواية الدوري (4/ 67/ 3180)، المنتخب من علل الخلال (52)، الطبقات لابن سعد (6/ 172)، المعرفة والتاريخ (3/ 57 2)، المنتخب من ذيل المذيل (147)، تاريخ الطبري (11/ 663)، صحيح أبي عوانة (2/ 445/ 3765)، مسند الشاشي (2/ 187/ 752)، المراسيل لابن أبي حاتم (382 - 387)].
وقال أبو حاتم: "أبو عبد الرحمن السلمي: ليس تثبت روايته عن علي، فقيل له: سمع من عثمان بن عفان؟ قال: قد روى عنه، ولم يذكر سماعًا"[المراسيل لابن أبي حاتم (383)].
لكن ظاهر عبارة أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 37) يدل على إثبات السماع لأبي عبد الرحمن السلمي من عثمان بن عفان، حيث فرق بين من روى عنهم من شيوخه الذين قرأ عليهم القرآن، وبين روايته المرسلة عن عمر، قال أبو حاتم: "عبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي القارئ: روى عن عثمان وعلي وابن مسعود، روى عن عمر مرسلًا،
…
].
قال أبو عوانة: "اختلف أهل العلم من أهل التمييز في سماع أبي عبد الرحمن من عثمان".
وقال: "هذا الحديث ما أخرجه مسلم".
قلت: شرط البخاري في ثبوت السماع معروف، وقول شعبة غير مردود، والجمع بينهما: بأن يقال: نعم؛ لم يثبت في رواية هذا الحديث سماع أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان، إذ لم يقل: سمعت عثمان، وهو كما قال أبو حاتم:"لم يذكر سماعًا"، لكن القرينة الواردة في هذا الحديث تدل على سماعه منه، وذلك أنه كان كبيرًا في زمن عثمان، حتى إنه جلس لإقراء القرآن في زمن عثمان، بسبب هذا الحديث الذي رواه عنه، بل قد اشتهر واستفاض أنه قرأ القرآن على عثمان، قال ابن مجاهد في السبعة في القراءات (68) في ترجمة أبي عبد الرحمن السلمي:"وكان أخذ القراءة: عن عثمان، وعن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، رضي اللّه تعالى عنهم".
ولعل ابن حبان لما نظر لهذا المعنى لم يرتض قول شعبة، حيث قال في الثقات (5/ 9):"وزعم شعبة: أن أبا عبد الرحمن السلمي لم يسمع من عثمان، ولا من عبد اللّه، وسمع عليًا".
بل جزم الإمام البخاري في التاريخ الكبير (5/ 73) بإثبات السماع مطلقًا، ولم يعتد بقول شعبة هذا، لاشتهار صحبة أبي عبد الرحمن السلمي لعثمان بن عفان وأخذه القرآن
عنه، فلم يحتج لذكر السماع في الأسانيد، وإنما اكتفى بشهرة الصحبة، وأنه أخذ عنه الفرآن، وهذا يدل على سماعه منه؛ وإن لم يقل في الإسناد: سمعت عثمان؛ لذا قال البخاري في التاريخ: "سمع عليًّا وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم "؛ لأن هؤلاء الثلاثة هم أشهر من روى عنهم القرآن، وروى عنهم الحديث أيضًا.
وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان في القراءات السبع (1/ 249): "وأما ما زعمه من أن عثمان لم يدّع القراءة عليه أحدٌ من الناس فباطل أيضًا، وذلك أن ثلاثة من أكابر التابعين، سوى المغيرة، قد ادّعوا ذلك، وصحّ الخبر، وثبت النقل، لعرضهم القرآن مرارًا عليه، وانتشر ذلك واستفاض عند أولي العلم من حملة القرآن، ونقلة الأخبار، وتداول النقّاد من الرّواة في كل عصر حمله ونقله، وقبِله جماعتُهم، ورضيته، ولم تنكره، ولا قدحت فيه. وأولئك التابعون هم: أبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وأبو الأسود الدؤلي"[وقد ذكر أبو عمرو الداني أخذ أبي عبد الرحمن السلمي القرآن عن عثمان بن عفان في مواضع أخرى من كتابه، انظر مثلًا: (1/ 255)].
ولما اشتهر ذلك واستفاض عند حملة القرآن ونقلة الأخبار أن أبا عبد الرحمن السلمي ممن أخذ القرآن عن عثمان، مع جزم البخاري بالسماع مطلقًا، واحتجاجه بحديثه في الصحيح: جزم الخطيب البغدادي بسماعه من عثمان مطلقًا، فقال في ترجمته من تاريخ بغداد (11/ 88 - ط الغرب):"عبد الله بن حبيب بن ربيعة، أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي، وهو أخو خرشة بن حبيب: سمع عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد اللّه بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبا موسى الأشعري".
وتبعه على إثبات السماع: ابن الجوزي في المنتظم (7/ 101)، والذهبي في التاريخ (2/ 897 - ط الغرب)، وانظر أيضًا: التاريخ الأوسط (1/ 158/ 719)، المبسوط في القراءات العشر (56 و 78)، الإقناع في القراءات السبع (38)، تاريخ دمشق (25/ 231)، جمال القراء (513 و 518 و 568)، معرفة القراء الكبار (8)، تاريخ الإسلام (2/ 257 و 897)، السير (1268/ 4، جامع التحصيل (347)، تحفة التحصيل (172)، غاية النهاية (1/ 413)، تحبير التيسير في القراءات العشر (119).
قال ابن حجر في الفتح (9/ 76): "لكن ظهر لي أن البخاري اعتمد في وصله، وفي تخريج لقاء أبي عبد الرحمن لعثمان على ما وقع في رواية شعبة عن سعد بن عبيدة من الزيادة، وهي: أن أبا عبد الرحمن أقرأ من زمن عثمان إلى زمن الحجاج.
وأن الذي حمله على ذلك هو الحديث المذكور، فدل على أنه سمعه في ذلك الزمان، وإذ سمعه في ذلك الزمان ولم يوصف بتدليس؛ اقتضى ذلك سماعه ممن عنعنه عنه، وهو عثمان رضي الله عنه، ولا سيما مع ما اشتهر بين القراء أنه قرأ القرآن على عثمان، وأسندوا ذلك عنه من رواية عاصم بن أبي النجود وغيره، فكان هذا أولى من قول من قال: إنه لم يسمع منه".
* قال أبو عوانة: "كذا يقول شعبة: عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن رحمه الله".
وقال أبو جعفر الطحاوي: "هكذا حدث شعبة بهذا الحديث، وقد خالفه فيه الثوري، فنفص من إسناده: سعد بن عبيدة، فلم يذكر فيه".
وقال الدارقطني في جزء فيه بيان أحاديث أودعها البخاري كتابه الصحيح (18)؛ "وقد تابم شعبة على زيادته في الإسناد سعد بن عبيدة: من لا يُحتجُّ به".
قلت: لم ينفرد به شعبة، فقد تابعه: قيس بن الربيع؛ كما سبق بيانه.
* وأما حديث سفيان الثوري:
فقد رواه عبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، ومحمد بن كثير العبدي، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن يوسف الفريابي، وبشر بن السري، وقبيصة بن عقبة، وعبد الرزاق بن همام، وعبيد اللّه بن موسى، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، ومحمد بن بشر، وموسى بن أعين، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن اليمان، ومؤمل بن إسماعيل، وأسباط بن محمد، وعبد الحميد الحماني أوزاد الدارقطني في علله (3/ 283/53) فيمن رواه عن الثوري بهذا الوجه: أبا أسامة]:
حَدَّثَنَا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه". لفظ أبي نعيم [عند البخاري].
ولفظ بشر [عند الترمذي]: "خيركم" أو: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه البخاري (5028)، والترمذي (2908)، وقال:"حديث حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (7/ 267/ 7984)، وابن ماجة (212)، وأبو عوانة (2/ 446/ 3771 و 3772)، وأحمد (1/ 57/ 405)، ووكيع في الزهد (521)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 367/ 5995)، وفي الأمالي (103)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (44)، وابن الضريس في فضائل القرآن (135)، والطحاوي في المشكل (13/ 113 - 114/ 5121 - 5124)، وابن المقرئ في المعجم (185)، والخليلي في الإرشاد (2/ 552)، والبيهقي في الصغرى (1/ 265/ 957)، وفي الشعب (4/ 112/ 1783)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 162) و (47/ 295). [التحفة (6/ 547/ 9813)، الإتحاف (11/ 55/ 13683)، المسند المصنف (20/ 201/ 9202)].
وقع في رواية مؤمل [عند الطحاوي]: التصريح بسماع أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان بن عفان، قال مؤمل بن إسماعيل: حَدَّثَنَا سفيان، عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، قال: سمعت عثمان. وهو وهم من مؤمل، لسوء حفظه، والمحفوظ بدون ذكر السماع.
* خالف الجماعة من أصحاب الثوري.
يحيى بن سعيد القطان [ثقة حجة، إمام ناقد]، قال: حَدَّثَنَا شعبة، وسفيان، قالا: حَدَّثَنَا علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم -
قال [قال أحدهما]: "خيركم" وقال الآخر: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
وفي رواية أحمد عن يحيى: قال سفيان: "أفضلكم"، وقال شعبة:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وفي رواية عبيد الله بن سعيد [أبي قدامة السرخسي: ثقة مأمون]، قال: حدثنا يحيى به، وفيه: قال شعبة: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وقال سفيان:"أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه"[عند النسائي].
ووقع في رواية عمرو بن علي الفلاس عن يحيى، قال عمرو في آخره: قلت ليحيى: إنهم لا يقولون: عن سفيان، عن سعد بن عبيدة، قال: سمعته من سفيان [كذا، وصوابه: سمعته من شعبة]، ثم حدثنا به سفيان، فلم أنكره [راجع: مسند البزار، ومشيخة أبي بكر المراغي (93)].
أخرجه الترمذي (2908 م)، والنسائي في الكبرى (7/ 266/ 7983)، وابن ماجه (211)، وأحمد (1/ 69/ 500)، وابن الضريس في فضائل القرآن (140)، والبزار (2/ 52/ 396)، وابن نصر في قيام الليل (173 - مختصره)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (13)، والطحاوي في المشكل (13/ 115/ 5125)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 964/ 2048)، وابن حذلم في مشيخته (52)، وأبو بكر ابن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (108)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 384)، وأبو عثمان البحيري في الرابع من فوائده (31)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (43)، والقضاعي في مسند الشهاب (1240)، والبيهقي في الشعب (4/ 327/ 2016)، وفي الآداب (854)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 494 - ط الغرب)، والضياء في فضائل القرآن (3). [التحفة (6/ 547/ 9813)، الإتحاف (11/ 55/ 13683)، المسند المصنف (20/ 201/ 9202)].
• تابع القطان على هذا الوجه عن الثوري بزيادة سعد بن عبيدة في الإسناد: سعيد بن سالم القداح؛ ولا يثبت:
قال ابن عدي: حدثنا أحمد بن موسى بن زنجويه [أبو العباس القطان: ثقة، روى عنه ابن حبان وابن قانع وأبو بكر الشافعي والإسماعيلي والطبراني والآجري وجماعة. معجم شيوخ الإسماعيلي (1/ 335)، تاريخ بغداد (5/ 268 - ط الغرب) و (5/ 470 - ط الغرب)، مختصر تاريخ دمشق (3/ 195)، السير (14/ 246)، تاريخ الإسلام (7/ 74 - ط الغرب)، اللسان (1/ 563)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 443)]، قال: حدثنا محمد بن السري، قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن الثوري، ومحمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 398)(4/ 452 - ط العلمية).
قال ابن عدي: " "وذكر سعد بن عبيدة في هذا الإسناد عن الثوري غير محفوظ، وإنما
يُذكر هذا عن يحيى القطان، جمع بين الثوري وشعبة، فذكر عنهما جميعًا في الإسناد في هذا الحديث: سعد بن عبيدة.
وسعد إنما يذكره شعبة، والثوري لا يذكره، فحمل يحيى حديث شعبة على حديث الثوري، فذكر عنهما جميعًا: سعد.
ويقال: لا يعرف ليحيى بن سعيد خطأ غيره.
على أن الحسن بن علي بن عفان رواه عن يحيى بن آدم وزيد بن حباب، عن الثوري، وقيس، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان.
كذلك حدثناه عبد الملك بن محمد، عن الحسن بن علي بن عفان".
قال الدارقطني في علله (3/ 56/ 283): "وكذلك قال سعيد بن سالم القداح: عن الثوري، ومحمد بن أبان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة".
ثم قال بعد ذلك بقليل: "وقال سعيد بن سالم: عن محمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن أبان بن عثمان، عن عثمان.
ووهم في ذكر أبان في إسناده".
قلت: هذه الرواية وهم؛ ولا أستبعد أن يكون الوهم فيها من قِبَل ابن أبي السري، وهو: محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني، وهو: لين الحديث، كثير الغلط، وكان حافظًا، وثقه ابن معين، وقال الذهبي:"ولمحمد هذا أحاديث تستنكر"[الجرح والتعديل (8/ 105)، الثقات (9/ 88)، الأنساب (4/ 191)، تاريخ دمشق (55/ 228)، بيان الوهم (5/ 218)، الميزان (4/ 23)، التهذيب (3/ 686)].
وشيخه سعيد بن سالم القداح: مكي، ليس به بأس، ومحمد بن أبان بن صالح القرشي الجعفي الكوفي: ضعيف [انظر: اللسان (6/ 488) وغيره]، وقد رواه عن علقمة بن مرثد بدون زيادة سعد بن عبيدة، كما سيأتي بيانه في طرق الحديث عن علقمة.
وأما حديث قيس بن الربيع، فقد تقدم تخريجه، وهو بالزيادة، متابعًا فيه لشعبة.
وأما زيادة: أبان بن عثمان، بين عثمان بن عفان وأبي عبد الرحمن السلمي: فهي زيادة منكرة، لا يلتفت إليها؛ لضعف المتفرد بها.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري، حيث جعله: عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان مرفوعًا.
ما أخرجه أبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (44)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 335 - ط الغرب)، وابن عساكر في تارلح دمشق (23/ 106).
وصوابه: رواية الجماعة عن الثوري.
• وانظر أيضًا فيمن وهم في إسناده على الثوري، حيث جعله: عن عبد الملك بن عمير، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان مرفوعًا.
ما أخرجه أبو عروبة الحراني في جزئه (49 - رواية الأنطاكي)، وابن جميع
الصيداوي في المعجم (129)، وأبو يعلى الخليلي في فوائده (2) أوقد أعله من جميع طرقه]. وانظر: علل الدارقطني (3/ 58/ 283).
وصوابه: رواية الجماعة عن الثوري.
• يبقى الكلام على رواية يحيى بن سعيد القطان:
قال الترمذي بعد رواية بشر بن السري عن الثوري: "هذا حديث حسن صحيح.
وهكذا روى عبد الرحمن بن مهدي وغير واحد: عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسفيان لا يذكر فيه: عن سعد بن عبيدة.
وقد روى يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث: عن سفيان وشعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا بذلك محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، وشعبة.
قال محمد بن بشار: وهكذا ذكره يحيى بن سعيد، عن سفيان وشعبة - غير مرة -، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن بشار: وأصحاب سفيان لا يذكرون فيه عن سفيان: عن سعد بن عبيدة.
قال محمد بن بشار: وهو أصح.
وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث: سعد بن عبيدة، وكأن حديث سفيان أشبه أوفي نسخة: وكان حديث سفيان: أصح].
قال علي بن عبد الله: قال يحيى بن سعيد: ما أحد يعدل عندي شعبة، وإذا خالفه سفيان؛ أخذت بقول سفيان.
سمعت أبا عمار يذكر عن وكيع، قال: قال شعبة: سفيان أحفظ مني، وما حدثني سفيان عن أحد بشيء فسألته؛ إلا وجدته كما حدثني.
وفي الباب عن علي، وسعد".
وقال البزار: "هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان إلا من هذا الوجه، ورواه غير واحد عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، إلا أن يحيى بن سعيد جمع شعبة والثوري في هذا الحديث، فروياه عن علقمة عن سعد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، وأصحاب سفيان يحدثونه: عن علقمة عن أبي عبد الرحمن، وإنما شعبة الذي قال: عن سعد.
وسمعت عمرو بن علي، يقول: قلت ليحيى: إن الثوري يرويه عن علقمة عن أبي عبد الرحمن، فقال: سمعته من شعبة عن علقمة عن سعد، ثم سمعته من الثوري، فلم أشك أنه قال كما قال شعبة، أو: فكان عندي كما رواه شعبة.
وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة؛ رواه علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص،
وعبد الله بن مسعود، وأسانيدها فيها علل، فذكرنا حديث عثمان لجلالته وجودة إسناده، واستغنينا به عن غيره".
وقال أبو جعفر الطحاوي: "هكذا يحدث الناس جميعًا ممن يحدث عن الثوري بهذا الحديث، لا يذكرون في إسناده سعد بن عبيدة، غير يحيى بن سعيد فإنه حدث به عن سفيان، فذكر سعد بن عبيدة".
وقال ابن عدي (8/ 630/ 14096 - ط الرشد): "وهذا الحديث رواه عن علقمة جماعة، فلم يذكروا في إسناده بين علقمة وأبي عبد الرحمن: سعد بن عبيدة؛ إلا يحيى القطان، فإنه جمع بين شعبة والثوري في هذا الحديث، فذكر عنهما جميعًا سعد بن عبيدة، والثوري لا يذكر في إسناده سعدًا، على أن سعيدًا القداح قد رواه عن الثوري، فقال فيه: سعد بن عبيدة، وإذا عدُّوا من خطا يحيى القطان على الثوري.
وهذا الحديث جمع فيه أيضًا بين شعبة وقيس، عن علقمة عن سعد بن عبيدة، وشعبة يذكر سعدًا، وقيس لا يذكره، إلا أن يحيى بن آدم ذكره عنهما، فذكر سعد بن عبيدة".
وقال أبو نعيم: "صحيح ثابت، متفق عليه من حديث يحيى عنهما جميعًا"[قلت: لم يخرجاه من حديث يحيى، وأخرجه البخاري من حديث شعبة، ومن حديث الثوري برواية الجماعة عنه، بدون ذكر سعد في إسناده].
وقال الخليلي في الإرشاد (2/ 496): "روى شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". وسفيان الثوري والخلق رووه عن علقمة عن أبي عبد الرحمن نفسه، والبخاري أخرجه من حديث شعبة، ومن حديث سفيان كما ذكرت، ويحيى القطان - وهو إمام وقته -: جمع بين الثوري وشعبة، وجعل فيه: سعد بن عبيدة".
وقال البيهقي: "ويشبه أن يكون يحيى بن سعيد حمل إسناد حديث سفيان على حديث شعبة، فإن سفيان لا يذكر فيه سعد بن عبيدة، وإنما يذكره شعبة".
• قلت: كان يحيى القطان يميز لفظ حديث شعبة من لفظ حديث الثوري، ويعلم أن شعبة كان يقول:"خيركم"، بينما يقول الثوري:"أفضلكم"، وهذه القرينة تقوي القول بان الثوري كان يرويه أيضًا بإسناد شعبة، يعني: يزيد فيه: سعد بن عبيدة بين علقمة وأبي عبد الرحمن، والله أعلم.
إلا أن رد يحيى بن سعيد القطان على تلميذه عمرو بن علي الفلاس دلنا على خلاف ذلك، وأن قول ابن عدي والبيهقي أشبه بالصواب، وهو أن القطان حمل حديث سفيان على حديث شعبة، وذلك لأن القطان سمع الحديث أولًا من شعبة، فحفظ في إسناده سعدًا، ثم سمعه من الثوري فضبط اللفظ، ولم يضبط الإسناد، بدليل قول القطان:"ثم سمعته من الثوري، فلم أشك أنه قال كما قال شعبة، أو: فكان عندي كما رواه شعبة"، وهذه العبارة تشعر بعدم الضبط، بدليل أنه لم يتابع على ذلك؛ حيث رواه عن الثوري
عشرون رجلًا بدون زيادة سعد في الإسناد، وفيهم: جماعة من أثبت أصحابه، لا سيما قرين القطان؛ عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن كثير العبدي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وكان ابن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبو نعيم من أحفظ الناس، وأضبطهم للألفاظ.
وابن مهدي: ثقة ثبت، حافظ إمام، من أثبت الناس في الثوري، وأعلمهم بحديثه، قال أبو حاتم الرازي:"عبد الرحمن بن مهدي: أثبت أصحاب حماد بن زيد، وهو إمام ثقة، أثبت من يحيى بن سعيد، وأتقن من وكيع، وكان عرض حديثه على سفيان الثوري"[الجرح والتعديل (1/ 255) و (5/ 290)، تاريخ بغداد (11/ 512 - ط الغرب)، التهذيب (2/ 557)].
وأما وكيع: فكان من أحفظ الناس، كان مطبوع الحفظ، حتى قدمه ابن معين على ابن مهدي في سفيان الثوري، وقدمه أحمد مرة على ابن مهدي، وقال:"كان مطبوع الحفظ، وكان وكيع حافظاً حافظاً، وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيرًا كثيرًا"[انظر: الجرح والتعديل (1/ 221) و (9/ 37)، تاريخ بغداد (13/ 471)، السير (9/ 140)، التهذيب (4/ 311)، وغيرها].
وأما ابن المبارك؛ فهو: ثقة ثبت حجة، إمام فقيه، حافظ متقن، من أثبت أصحاب الثوري، وقد فاق أقرانه إمامة وعلمًا وورعًا وزهدًا وحفظًا وضبطًا.
وأما أبو نعيم الفضل بن دكين؛ فهو: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الثوري، وثبته أحمد جدًا، وقال بأنه أقل خطأ من وكيع، وقال أبو حاتم: "ثقة، كان يحفظ حديث الثوري ومسعر حفظًا جيدًا،
…
، كان يأتي بحديث الثوري عن لفظ واحد لا يغيره، وكان لا يلقَّن، وكان حافظًا متقنًا"، وقال يعقوب بن سفيان: "أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان والحفظ، وأنه حجة" [التهذيب (3/ 388)، الجرح والتعديل (7/ 62)، تاريخ بغداد (14/ 314 - ط الغرب)].
وفوق ذلك: قال محمد بن بشار: "وأصحاب سفيان لا يذكرون فيه عن سفيان: عن سعد بن عبيدة. وهو أصح"، وقال ابن عدي:"وهذا عدُّوا من خطأ يحيى القطان على الثوري".
• وأما الترجيح بين رواية شعبة، ورواية سفيان الثوري:
فيقال: الأشبه أن كلتا الروايتين محفوظة عن علقمة بن مرثد:
فقد حدَّث شعبةَ بما سمعه من سحد بن عبيدة، بلفظ:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وبالزيادة التي في آخره من قول سعد نفسه: أقرأَ القرآنَ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، بل وقد صرح علقمة بن مرثد في رواية شعبة بسماعه من سعد بن عبيدة، ولم ينفرد شعبة بهذه الزيادة، بل تابعه عليها: قيس بن الربيع.
بينما حدَّث الثوريَّ بما سمعه من أبي عبد الرحمن السلمي مباشرة بغير واسطة،
وبلفظ مغاير للفظ سعد، حيث قال:"أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه"، ولم يعقبه الزيادة المذكورة، وقد تابع الثوريَّ على ذلك جماعةٌ عن علقمة، فدل ذلك على المغايرة بينهما، وأن زيادة سعد في الإسناد لم تكن وهمًا من شعبة، لذا فقد أخرج البخاري الحديثين جميعًا في صحيحه، والله أعلم.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل (1/ 169): "وصحح البخاري كلتا الروايتين اعتمادًا على إتقان الإمامين سفيان وشعبة، وحملاً للأمر على أن علقمة سمعه من سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن، وسمعه من أبي عبد الرحمن، فكان تارة يرويه عن سعد عن أبي عبد الرحمن، وتارة عن أبي عبد الرحمن،
…
، وصححه الترمذي أيضًا بالروايتين، وأعرض عن إخراجه مسلم لما رأى من الاختلاف فيه، ورأي البخاري في ذلك أسدُّ".
وقال ابن حجر في الفتح (9/ 75): "ورجح الحفاظ رواية الثوري، وعدُّوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد، وقال الترمذي: كان رواية سفيان أصح من رواية شعبة، وأما البخاري: فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعًا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولًا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن فثبته فيه سعد، ويؤيد ذلك ما في رواية سعد بن عبيدة من الزيادة الموقوفة، وهي قول أبي عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد، كما سيأتي البحث فيه.
وقد شذت رواية عن الثوري بذكر سعد بن عبيدة فيه، قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى القطان: حدثنا سفيان وشعبة، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة به، وقال النسائي: أنبأنا عبيد الله بن سعيد: حدثنا يحيى، عن شعبة وسفيان؛ أن علقمة حدثهما، عن سعد، قال الترمذي: قال محمد بن بشار: أصحاب سفيان لا يذكرون فيه سعد بن عبيدة وهو الصحيح اهـ.
وهكذا حكم علي بن المديني على يحيى القطان فيه بالوهم، وقال ابن عدي: جمع يحيى القطان بين شعبة وسفيان، فالثوري لا يذكر في إسناده سعد بن عبيدة، وهذا مما عد في خطأ يحيى القطان على الثوري، وقال في موضع آخر: حمل يحيى القطان رواية الثوري على رواية شعبة، فساق الحديث عنهما، وحمل إحدى الروايتين على الأخرى، فساقه على لفظ شعبة، وإلى ذلك أشار الدارقطني، وتعقب بأنه فصل بين لفظيهما في رواية النسائي، فقال: قال شعبة: خيركم، وقال سفيان: أفضلكم. قلت: وهو تعقب واهٍ؛ إذ لا يلزم من تفصيله للفظهما في المتن أن يكون فصل لفظهما في الإسناد، قال ابن عدي: يقال: إن يحيى القطان لم يخطئ قط إلا في هذا الحديث، وذكر الدارقطني أن خلاد بن يحيى تابع يحيى القطان عن الثوري على زيادة سعد بن عبيدة، وهي رواية شاذة، وأخرج ابن عدي من طريق يحمى بن آدم عن الثوري وقيس بن الربيع، وفي رواية عن يحيى بن آدم عن شعبة وقيس بن الربيع، جميعًا عن علقمة عن سعد بن عبيدة، قال: وكذا رواه سعيد بن سالم
القداح عن الثوري ومحمد بن أبان كلاهما عن علقمة بزيادة سعد، وزاد في إسناده رجلًا آخر كما سأبينه، وكل هذه الروايات وهمٌ، والصواب عن الثوري: بدون ذكر سعد، وعن شعبة بإثباته".
قلت: وهذا الحديث مما انتقده الدارقطني على البخاري، وقد نقلت كلامه من التتبع (130) في آخر طرق الحديث، وقد توسع الدارقطني في علله (3/ 53/ 283) في ذكر الاختلاف الوارد فيه، حتى إنه ليورد في ذلك الطرق الغريبة والشاذة والمنكرة، ثم خلص منها في النهاية بقوله:"وأصحها: حديث علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وقد تقدم بيان الصواب، والله أعلم.
وقال الدارقطني في جزء فيه بيان أحاديث أودعها البخاري كتابه الصحيح (18): "وتابع الثوري جماعة ثقات، منهم: مسعر، وعمرو بن قيس الملائي، وأبو اليسع، وغيرهم".
• وممن رواه أيضًا عن علقمة بن مرثد:
1 -
رواه الجراح بن الضحاك الكندي، عن علقمة بن مرثد؛ إلا أنه زيد في روايته ما ليس من الحديث:
أ - رواه عبد الصمد المقرئ، عن الجراح بن الضحاك الكندي [صالح الحديث، لا بأس به]، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، وذلك أنه منه".
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (138)، ومن طريقه: الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 290).
هكذا رواه عن الجراح بهذا اللفظ مدرجًا: عبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ العطار: روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال أبو حاتم:"صالح الحديث، صدوق"، وقد سقطت ترجمته من الجرح والتعديل، واختلطت بترجمة عبد الصمد بن النعمان، وقد جاء ذلك مبينًا في ثقات ابن قطلوبغا، وقد تاكدت من ذلك بتتبع شيوخه وتلاميذه في مصادر الرواية، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي:"كان صدوقًا"[التاريخ الكبير (6/ 105)، الجرح والتعديل (6/ 51)، الثقات (8/ 415)، تاريخ الإسلام (5/ 378)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 358 و 362)].
ب - ورواه إسحاق بن سليمان الرازي، واختلف عليه:
• فرواه يحيى بن عبد الحميد الحماني [صدوق حافظ؛ إلا أنه اتهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]، ويعلى بن المنهال السكوني [مجهول، يرفع الموقوفات. الجرح والتعديل (9/ 305)، علل الدارقطني (3/ 57/ 283) و (5/ 109/ 756)]، ومحمد بن حميد الرازي [الحافظ؛ أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير. راجع
ما تحت الحديث رقم (1044)، والحديث رقم (1302)، [والراوي عنه: محمد بن محمد بن سليمان أبو بكر الباغندي: كان حافظًا إمامًا في هذا الشأن؛ إلا أنه كثير الغرائب وله أشياء أنكرت عليه، وقال الدارقطني:"هو كثير الخطأ". انظر: الكامل (6/ 300)، سؤالات السلمي (285)، سؤالات السهمي (89 و 132)، تاريخ بغداد (3/ 209)، السير (14/ 383)، الميزان (4/ 27)، اللسان (7/ 473)، وراجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (2/ 148/ 145)]:
ثنا إسحاق بن سليمان الرازي [كوفي الأصل: ثقة]: ثنا الجراح بن الضحاك الكندي، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله عز وجل على خلقه، وذلك أنه منه". لفظ يعلى.
أخرجه ابن بطة في الإبانة (5/ 228 /4)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 579 / 505) و (1/ 580/ 506)، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 289 و 291)، وإسماعيل الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (2/ 198/ 148).
قال الحضرمي [محمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بمطين: ثقة حافظ، أراويه عن يعلى]: "ليس أحد يقول في هذا الحديث: "وذاك أنه منه" غير هذا الشيخ، وسمعه يحيى الحماني من يعلى بن المنهال هذا".
قال الخطيب: "قد وافقه على هذه الرواية شيخ من أهل الري يقال له: عبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ، فرواه عن الجراح بن الضحاك هكذا".
• قلت: قد رواه بفصل المدرج أئمة حفاظ:
رواه إسحاق بن راهويه [إمام فقيه، ثقة حافظ]، وأبو مسعود أحمد بن الفرات [ثقة حافظ]، وحامد بن محمود [حامد بن محمود بن حرب، أبو علي المقرئ النيسابوري، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخليلي: "ثقة مأمون"، وقال الخطيب: "وكان ثقة". الثقات (8/ 219)، الإرشاد (3/ 822)، المتفق والمفترق (1/ 739)، غاية النهاية (929)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 270)]، ويحيى بن أبي طالب [يحيى بن جعفر بن الزبرقان: وثقه الدارقطني وغيره، وتكلم فيه جماعة، وقد سبق ذكره مرارًا. اللسان (8/ 423 و 452)، تاريخ بغداد (14/ 220)، السير (12/ 619)]، والحسين بن حماد الوراق [كذا، والأشبه عندي: أنه الحسن بن حماد الضبي، أبو علي الوراق الكوفي، وهو: ثقة، معروف بالرواية عن إسحاق بن سليمان الرازي]، وإسحاق بن إسماعيل الأصبهاني المعروف بالفِلفِلاني [قال أبو الشيخ:"كان أحد الثقات". طبقات المحدثين (3/ 298)، تاريخ أصبهان (1/ 260)، تاريخ الإسلام (6/ 294)]، ومحمد بن حميد الرازي [حافظ ضعيف، كثير المناكير]:
عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن الجراح بن الضحاك الكندي، عن علقمة بن
مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
[قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي أجلسني هذا المجلس، وكان يقرئ القرآن].
قال أبو عبد الرحمن: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه، [وذلك بأنه منه].
أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (341)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (15 و 16)، وابن السماك عثمان بن أحمد الدقاق في الثاني من فوائده (15)، وأبو علي ابن شاذان في الثامن من حديثه (10)، وابن حذلم في مشيخته (53)، وتمام في الفوائد (1751)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2/ 373/ 556)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 578 / 504)، وفي الاعتقاد (101)، وفي الشعب (4/ 329/ 2019)، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 291 - 293).
قال الدارقطني في علله (3/ 57/ 283) عن هذه الزيادة "وفضل القرآن على سائر الكلام"، قال: "أدرجه في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام أبي عبد الرحمن السلمي.
وبين ذلك إسحاق بن راهويه وغيره في روايتهم عن إسحاق بن سليمان".
وقال في الأفراد: "تفرد به: يعلى بن المنهال، عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن الجراح بن الضحاك، عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان مرفوعًا، وغيره يرويه من قول أبي عبد الرحمن"[أطراف الغرائب والأفراد (1/ 77/ 229)].
وهذا حديث صحيح، تابع فيه الجراحُ بن الضحاك سفيانَ الثوري، بعدم ذكر سعد بن عبيدة في الإسناد، وفيه زيادة في آخره من قول أبي عبد الرحمن السلمي مقطوعًا عليه، في فضل كلام الله على كلام خلقه.
ج - ورواه أبو حفص عمر بن محمد [عمر بن محمد بن رجاء، أبو حفص العكبري: قال الخطيب: "روى عنه ابن بطة العكبري، وكان عبدًا صالحًا دينًا صدوقًا"، وذكر له ترجمة مقتضبة جدًا في سطور، ولم يذكر فيمن روى عنه سوى ابن بطة، وأنه كان صاحب سنة، وقال الذهبي: "كان عبدًا صالحًا دينًا، ثقة، كبير القدر، من أئمة الحنابلة". تاريخ بغداد (13/ 93 - ط الغرب)، طبقات الحنابلة (2/ 56)، تاريخ الإسلام (7/ 578 - ط الغرب)]، قال: حدثنا أبو أيوب عبد الوهاب بن عمرو أعبد الوهاب بن عمرو بن سعيد النزلي العكبري: لم أقف فيه على جرح أو تعديل. ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (16/ 220)]، قال: حدثنا الحسين بن الأسود، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن الهمداني [لم أقف له على ترجمة]، قال: حدثني الجراح بن الضحاك الكندي، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه".
قال أبو عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني مقعدي هذا، وكان يعلم القرآن في مسجد الكوفة أربعين سنة.
قال أبو عبد الرحمن: وفضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الرب على خلقه، وذاك لأنه منه.
أخرجه ابن بطة في الابانة (5/ 251/ 24).
وهذا إسناد فيه من يُجهل حاله، وحسين بن علي بن الأسود العجلي: قال فيه أحمد: "لا أعرفه لا، وقال ابن نمير: "أرجو أن يكون صدوقًا إن شاء الله"، وقال أبو حاتم: "صدوق دا، وروى عنه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطالا، وقال الآجري عن أبي داود: "لا ألتفت إلى حكاياته أراها أوهامًا"، لكن قال فيه ابن عدي: "يسرق الحديث"، ثم ساق له أحاديث جزم بسرقتها من غيره، ثم قال: "وللحسين بن علي بن الأسود أحاديث غير هذا، مما سرقه من الثقات، وأحاديثه لا يتابع عليها"، وقال الأزدي: "ضعيف جدًا، يتكلمون في حديثه"، قلت: لعله لما قدم عليه ابن نمير وأبو حاتم حدث بأحاديث مستقيمة؛ حتى لا يجرحه النقاد، والجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل؛ فإن مع الجارح زيادة علم [سؤالات ابن محرز (2/ 227/ 781)، سؤالات المروذي (292)، الجرح والتعديل (3/ 56)، الثقات (8/ 190)، الكامل (2/ 368)، تاريخ بغداد (8/ 616 - ط الغرب)، الميزان (1/ 543)، تاريخ الإسلام (6/ 74 - ط الغرب)، التهذيب (1/ 425)].
• وقد رواه جرير بدون الجملة المقطوعة على أبي عبد الرحمن مما يؤكد وقوع الإدراج فيه:
د - رواه جرير بن عبد الحميد الضبي [ثقة]، عن الجراح به؛ إلا أنه قال:"أن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه"، لم يزد على ذلك شيئًا.
أخرجه جعفر الفريابي في فضائل القرآن (14)، ومن طريقه: الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 294)، وابن حذلم في مشيخته (54).
• قال الخطيب: "والمرفوع من الحديث: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" هذا حسب كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما بعده فهو كلام أبي عبد الرحمن السلمي.
وقد روى ذلك مبينًا مفصلًا: إسحاق بن إسماعيل الأصبهاني المعروف بالفلفلاني، ويحيى بن أبي طالب، وإسحاق بن راهويه، وأبو مسعود أحمد بن الفرات، جميعًا عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن الجراح بن الضحاك.
ورواه محمد بن حميد الرازي عن إسحاق بن سليمان، فوهم فيه وجعل كلام أبي عبد الرحمن مرفوعًا، وقال فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه جرير بن عبد الحميد عن الجراح بن الضحاك، فاقتصر على ذكر المسند المرفوع منه فقط، دون كلام أبي عبد الرحمن السلمي".
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (1/ 169): "فهذه الزيادة يظن أنها من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من كلام أبي عبد الرحمن، وقد بين ذلك علماء النقل، ولم تذكر في الصحاح".
وعلق البخاري في خلق أفعال العباد (96) قول أبي عبد الرحمن السلمي مقطوعًا عليه، مشيرًا بذلك إلى ترجيح الوقف، ثم أورده في موضع آخر (528) وأشار إلى عدم صحته مرفوعًا [وانظر: فتح الباري لابن حجر (9/ 66)].
2 -
ورواه عمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن، وعنه: أبو بدر شجاع بن الوليد، وهو: ثقة]، وموسى بن قيس الفراء [صدوق، وعنه: أبو نعيم الفضل بن دكين، وهو: ثقة ثبت]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت، وعنه: محمد بن بشر العبدي، وهو: ثقة حافظ]، وأبو اليسع يحيى بن شعيب [المكفوف، قال ابن معين: "كوفي ثقة"، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في الثقات. الكنى للبخاري (82)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 305/ 1447)، الجرح والتعديل (9/ 458)، الثقات (7/ 668) و (9/ 250)، سؤالات السلمي للدارقطني (420)، إكمال ابن ماكولا (7/ 329)، تاريخ الإسلام (4/ 268 - ط الغرب][وعنه: محمد بن عبيد الطنافسي، ومحمد بن بشر]، وسلمة بن صالح [الأحمر الواسطي: ضعفوه، وتركه بعضهم، وعنه: أحمد بن منيع، وهو: ثقة حافظ]، ومحمد بن أبان بن صالح [القرشي الجعفي الكوفي: ضعيف. انظر: اللسان (6/ 488) وغيره]، وأيوب بن جابر [ضعيف]، وغيرهم:
عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه أبو عوانة (2/ 446 - 447/ 3773 - 3776)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 461/ 900) و (2/ 811/ 1658)، وابن المقرئ في المعجم (185)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (119)(734 - المخلصيات)، وفي سبعة مجالس من أماليه (58)(3152 - المخلصيات)، وتمام في الفوائد (211)، وأبو الحسن العيسوي في فوائده (1)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 459)، وابن بشران في الأمالي (728)، وابن الآبنوسي في مشيخته (94)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 328 - ط الغرب)، وعبد الخالق بن أسد الحنفي في المعجم (413)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/ 11 و 50) و (39/ 5)، ورشيد الدين الأموي في المشيخة البغدادية (41)[الإتحاف (11/ 55/ 13683)].
• تنبيه: اختلف في إسناده على عمرو بن قيس:
• فرواه أبو عوانة الإسفراييني [يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري: ثقة حافظ كبير، مصنف مشهور]، وأبو سعيد ابن الأعرابي [أحمد بن محمد بن زياد بن بشر: ثقة حافظ، إمام مصنف]، وعمرو بن عثمان البري [قال أبو الشيخ:"كان كثير الحديث". طبقات المحدثين (4/ 239)، تاريخ أصبهان (1/ 459)، تاريخ بغداد (14/ 141 - ط الغرب)]، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز [ثقة ثبت. تاريخ بغداد (4/ 222 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (7/ 730 - ط الغرب)، السير (15/ 385)]، وإسماعيل بن محمد الصفار [ثقة. السير (15/ 440)]، قالوا:
ثنا سعدان بن نصر: ثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان مرفوعًا. ليس فيه سعد بن عبيدة.
أخرجه اْبو عوانة (2/ 447/ 3775)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 811/ 1658)، وأبو الحسن العيسوي في فوائده (1)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 459)، وعبد الخالق بن أسد الحنفي في المعجم (413)، ورشيد الدين الأموي في المشيخة البغدادية (41)، وغيرهم.
قال أبو الفتح ابن أبي الفوارس: "هذا حديث صحيح من حديث علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب، عن عثمان بن عفان، وهو غريب من حديث عمرو بن قيس الملائي عنه، تفرد به عنه: أبو بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، وقع إلينا بعلو عن سعدان عنه، وكذلك رواه: أبو همام، وأحمد بن يحيى بن مالك السوسي، عن أبي بدر".
قلت: وهو كما قال.
• ورواه أيضًا: أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، وإسماعيل بن محمد الصفار، قالا:
حدثنا سعدان بن نصر: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه البيهقي في الشعب (4/ 113/ 1784)، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، وإسماعيل بن محمد الصفار، قالا: حدثنا سعدان به.
هكذا قرنهما ابن بشران، وزاد في إسناد حديثهما: سعد بن عبيدة، والله أعلم.
وهذه الرواية وهمٌ؛ وأبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران البغدادي، قال الخطيب:"كتبنا عنه، وكان صدوقًا ثقة ثبتًا"، وقال الذهبي:"روى شيئًا كثيرًا على سداد وصدق وصحة رواية، كان عدلًا وقورًا"[تاريخ بغداد (12/ 98)، السير (17/ 311)، الإكمال (5/ 102)، تكملة الإكمال (3/ 468)].
[وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 77/ 228)].
3 -
وروى يزيد بن محمد بن عبد الصمد [الدمشقي: ثقة]: ثنا سليمان بن عبد الرحمن: ثنا سعد الناجي: ثنا يحيى بن سعيد، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الناس من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه تمام في الفوائد (209)، قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم [هو: أحمد بن سليمان بن أيوب بن داود بن عبد الله بن حذلم، أبو الحسن الأسدي الدمشقي
القاضي الفقيه، قال الكتاني:"كان ثقة مأمونًا نبيلًا". السير (15/ 514)، تاريخ الإسلام (7/ 848 - ط الغرب)]: ثنا يزيد بن محمد به.
قلت: هو حديث منكر من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ابن بنت شرحبيل: صدوق، له مناكير، مكثر من الرواية عن الضعفاء والمجهولين، وشيخه: لم أهتد إليه، ولا يُعرف هذا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري.
• قال الخليلي في الإرشاد (2/ 629): سمعت أبا القاسم بن ثابت الحافظ [علي بن أحمد بن إبراهيم بن ثابت، أبو القاسم الربعي الرازي: ثقة حافظ. تاريخ بغداد (13/ 227 - ط الغرب)، تاريخ دمشق (41/ 204)، التدوين (3/ 324)، تاريخ الإسلام (8/ 467 - ط الغرب)]، يقول: أملى علينا أبو الحسن بن حرارة الحافظ بأردبيل حديثًا [أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الأسدي البردعي: حافظ رحال، قال فيه الخليلي: "روى من حفظه سنتين زيادة على ثلاثين ألف حديث، ولم يكن معه ورقة من الأصول، وفي أماليه غرائب، وكلام يستفيده كل من رآه". الإرشاد (2/ 783)، الإكمال (2/ 460)، التدوين (1/ 188)، نزهة الناظر (63)، تذكرة الحفاظ (3/ 120)، السير (16/ 233)]، عن أبيه [قال الخليلي:"حافظ مذكور". الإرشاد (2/ 782)، الإكمال (2/ 74)]، عن عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار [بغدادي صدوق، حدث عن جماعة من أهل مصر، وله أوهام. الثقات (8/ 434) ، سؤالات الحاكم (154)، تاريخ بغداد (11/ 99)، تاريخ دمشق (38/ 208)، سير أعلام النبلاء (13/ 385)، اللسان (5/ 355)]، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن سعيد بن يحيى، عن يحيى بن سعيد، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وقال: هذا حديث غريب من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن علقمة، فلما خرجت إلى الدينور وعرضته على عمر بن سهل، فقال: ويحك، غلط شيخك مع حفظه وشيخ شيخك؛ حدثناه عبيد بن عبد الواحد، وإنما هذا: يحيى بن شعيب أبو اليسع، وصحف من قال: يحيى بن سعيد، فكتبت ذلك إلى ابن حرارة، فقال: جزاك الله يا أبا حفص عنا خيرًا، ورجع إلى قوله. اهـ.
وقد أورده الخليلي في ترجمة أبي حفص عمر بن سهل بن إسماعيل، وقال فيه:"الحافظ الدينوري: ثقة، إمام، عالم، متفق عليه، سمع شيوخ بغداد، والكوفة، والبصرة، والجبل، وكانت له معرفة كبيرة وديانة، كتب عنه العلماء، وكان صاحب سنة وعبادة، وهو متفق عليه في روايته، وكلامه وعلمه".
قلت: هو حديث منكر من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، وقد رجع الحديث إلى حديث أبي اليسع [وقد تقدم ذكره قبل قليل]، وشيخ ابن بنت شرحبيل هو: سعدان بن يحيى بن صالح اللخمي، سمع منه سليمان بن عبد الرحمن، ويقال: سعدان لقب،
واسمه: سعيد بن يحيى، وهو: صدوق، استشهد به البخاري [التاريخ الكبير (4/ 196)، الجرح والتعديل (4/ 289)، الثقات (6/ 431)، علل الدارقطني (5/ 169/ 2 80)، التهذيب (2/ 50)].
4 -
ورواه المعافى بن سليمان [جزري، صدوق]: نا زهير بن معاوية [ثقة ثبت]: نا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [كوفي ثقة]، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه. هكذا موقوفًا على عثمان قوله.
أخرجه جعفر الفريابي في فضائل القرآن (10).
قال الدارقطني في علله (3/ 57/ 283): "ورفعه بعض الكوفيين، عن زهير، عن عبد الله بن عيسى. ولا يثبت مرفوعًا"[وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 77/ 228)، المنتقى من مسموعات مرو (3/ 908/1015)].
قلت: قصر به من أوقفه؛ فهو مرفوع صحيح.
5 -
وروى سليمان بن الربيع، قال: حدثنا كادح بن رحمة الزاهد، قال: حدثثا أبو حنيفة، ومسعر، وسفيان، وشعبة، وقيس، وغيرهم، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان مرفوعًا.
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 175 - ط الغرب).
قلت: هو حديث باطل بهذا الإسناد، كادح بن رحمة: متروك، كذبه غير واحد، وقال أبو نعيم: داروى عن الثوري ومسعر أحاديث موضوعة"، وقال الدارقطني: "يقال: كادح بن رحمة له اسم كان يعرف به، فغيره سليمان بن الربيع فسماه كادحًا، ذهب إلى قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ} [الإنشقاق: 6][المجروحين (2/ 229)، الضعفاء لأبي نعيم (200)، تاريخ بغداد (9/ 54)، اللسان (6/ 407)]، والراوي عنه: سليمان بن الربيع النهدي الكوفي: متروك، غيَّر أسماء مشايخ، وروى عنهم مناكير [تاريخ بغداد (9/ 54)، اللسان (6/ 408) و (4/ 152) و (8/ 343)].
6 -
وله إسناد آخر [أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 546)، [وراويه عن علقمة: أبو عبد الرحمن غياث بن إبراهيم النخعي، وهو: كذاب، يضع الحديث. اللسان (6/ 311)].
• وله طرق أخرى عن أبي عبد الرحمن السلمي:
1 -
روى عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم: حدثني جدي سعيد بن أبي مريم [ثقة ثبت]: أخبرني ابن وهب [ثقة حافظ]، عن ابن جريج، عن عبد الكلريم، قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، يقول: حدثني عثمان بن عفان، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، فمن ذلك جلست هذا المجلس.
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 255)، وتمام في الفوائد (208).
قال ابن عدي: "وهذا من حديث ابن جريج بهذا الإسناد، ولا يرويه غير ابن وهب، ولا أعلم يرويه عن ابن وهب غير ابن أبي مريم، ولا أعرفه إلا من حديث ابن ابنه عنه"، ثم قال:"وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم هذا: إما أن يكون مغفلًا لا يدري ما يخرج من رأسه، أو يتعمد؛ فإني رأيت له غيرَ حديثٍ مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظات".
قال تمام: "ورأيت في نسخة غير كتابي ابن وهب، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج".
قلت: هو حديث منكر بهذا الإسناد؛ عبد الكريم المذكور؛ إما أن يكون هو: ابن مالك الجزري، وهو: ثقة ثبت، وإما أن يكون: عبد الكريم بن أبي المخارق، أبا أمية البصري، وهو: مجمع على ضعفه.
تفرد به ابن وهب عن ابن جريج، وليس بذاك في ابن جريج، قال ابن معين:"عبد الله بن وهب: ليس بذاك في ابن جريج، كان يستصغر"[الكامل (4/ 202)، السير (9/ 223)، الميزان (2/ 521)]، قال ابن رجب في شرح العلل (2/ 683):"يعني: لأنه سمع منه وهو صغير"، وقال أبو عوانة في كتاب الجنائز من صحيحه:"قال أحمد بن حنبل: في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء، قال أبو عوانة: صدق لأنه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره"[التهذيب (2/ 454)][وكتاب الجنائز ساقط من مطبوع أبي عوانة][وانظر في أوهام ابن وهب عن ابن جريج، ومخالفته لأصحابه: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 487/ 2732) و (2/ 113/ 4270)].
وعبد الله بن محمد بن سعيد بن الحكم بن أبي مريم: قال ابن عدي: "يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل"، هكذا افتتح ترجمته، ثم ختمها بقوله:"إما أن يكون مغفلًا لا يدري ما يخرج من رأسه، أو يتعمد، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظات"[الكامل (4/ 255)، الإرشاد (2/ 473)، ضعفاء ابن الجوزي (2/ 139)، اللسان (4/ 562)].
2 -
وروى عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن موسى بن قيس الفراء، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم يقول:"أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه جعفر الفريابي في فضائل القرآن (17 و 18)، والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 338 - ط الغرب).
قلت: وهم عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي في ذكر سلمة بن كهيل في إسناد هذا الحديث، إنما هو: علقمة بن مرثد، والمحاربي: لا بأس به، كان يدلس؛ فلعله أتي من قِبل تدليسه، والله أعلم.
• خالفه: أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت، حافظ متقن]، فرواه عن موسى بن
قيس الفراء، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خياركم" أو: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه أبو عوانة (2/ 446/ 3773)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 461/ 900)، وابن بشران في الأمالي (728)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 328 - ط الغرب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/ 50)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوربات"(381)، وذكره الدارقطني في علله (3/ 53/ 283).
وهذا هو الصواب، فعاد الحديث مرة أخرى إلى علقمة بن مرثد.
3 -
وروى محمد بن محمد بن سليمان الباغندي [حافظ إمام في هذا الشأن؛ إلا أنه كثير الغرائب، وله أشياء أنكرت عليه. تقدمت ترجمته قريبًا]: حدثنا شيبان بن فروخ [صدوق]، قال: حدثنا عثمان البري، عن أبي اليسع، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه الخطيب في الموضح (2/ 298).
قلت: هو منكر بهذا الإسناد، تفرد به عن أبي اليسع: أبو سلمة الكندي عثمان بن مقسم البري، وهو: متروك، كذبه جماعة [راجع الحديث السابق برقم (132)].
• والمعروف في هذا ما رواه: محمد بن عبيد الطنافسي [ثقة يحفظ]، ومحمد بن بشر العبدي [ثقة ثبت]:
قالا: حدثنا أبو اليسع [يحيى بن شعيب المكفوف: ثقة]، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه أبو عوانة (2/ 446/ 3774)، وغيره [تقدم تخريجه في الطريق رقم (2)].
• وانظر له طريقًا أخرى عن سلمة بن كهيل بلفظ آخر، أوله:"مثل القرآن مثل جراب فيه مسك": أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 405)، والطبراني في الأوسط (7/ 150/ 7126)، وقاضي المارستان في مشيخته (2/ 687). أوهو حديث منكر؛ تفرد به يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو: متروك، منكر الحديث. التهذيب (4/ 361)، وتفرد به عنه: ابنه إسماعيل، وهو: متروك. التهذيب (1/ 170)].
4 -
وروى هذا الحديث عاصم بن بهدلة، واختلف عليه في إسناده:
أ - فرواه الهيثم بن اليمان [صدوق. الجرح والتعديل (9/ 86)، تاريخ الإسلام (17/ 393)، اللسان (8/ 365)]، ويحيى بن إسحاق السيلحيني [ثقة]، وعبد الرحمن بن شيبة الجدي [قال أبو حاتم:"لا أعرفه، وحديثه صحاح"، وقال ابن حبان في الثقات:"ربما خالف"، وقال العجلي:"ثقة ثبت في الحديث". معرفة الثقات (1048)، الجرح والتعديل (5/ 243)، الثقات (8/ 375)]:
حدثنا شريك بن عبد الله النخعي، عن عاصم [بن أبي النجود]، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود، قال: خيركم من قرأ القرآن وأقرأه.
قيل رفعه؟ قال: نعم، وقيل لشريك رفعه؟ قال: نعم. ولفظ الجدي صريح في الرفع.
وفي رواية السيلحيني: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (137)، والطحاوي في المشكل (13/ 117 / 5128)، والطبراني في الكبير (10/ 161/ 10325)، وفي الأوسط (3/ 252/ 3062)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (83).
قال الطبراني: "لم يروه عن عاصم إلا شريك".
ب - ورواه محمد بن بكير الحضرمي [صدوق يغلط، صاحب غرائب. التهذيب (3/ 524)]، قال: حدثنا شريك، عن عاصم بن أبي النجود وعطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله، رفعه:"خيركم من قرأ القرآن وأقرأه".
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (2/ 449 - ط الغرب)، بإسناد صحيح إلى محمد بن بكير الحضرمي به.
ج - ورواه معاوية بن حفص [الشعبي الكوفي، نزيل حلب: صدوق]، وإسحاق بن عبد الله البوقي [قال ابن منده:"روى عنه هلال بن العلاء الرقي ومحمد بن الخضر مناكير". الإكمال لابن ماكولا (1/ 484)، الأنساب المتفقة (20)، اللباب (1/ 188)، معجم البلدان (5/ 601)، بغية الطلب في تاريخ حلب (3/ 1483)، المغني في الضعفاء (569)، توضيح المشتبه (1/ 465)، [والراوي عنه: محمد بن الخضر بن علي أبو جعفر البزاز الرقي: يجهل حاله، قال أبو علي محمد بن سعيد القشيري في كتابه تاريخ الرقة:"مات محمد بن الخضر بن علي بالرافقة، في ذي الحجة، سنة إحدى وتسعين ومئتين". تاريخ الرقة (415)]:
عن شريك، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه". ولفظ البوقي: "أفضلكم من قرأ القرآن وأقرأه".
أخرجه تمام في الفوائد (210)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (46).
د - ورواه أبو جعفر أحمد بن القاسم البزاز بسامراء [هو: أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري: وثقه الخطيب. تاريخ بغداد (5/ 573 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 887 - ط الغرب)، السير (3/ 552)]، وأحمد بن الهيثم أهو: أحمد بن الهيثم بن خالد، أبو جعفر البزاز العسكري: ثقة. سؤالات الحاكم (17)، تاريخ بغداد (6/ 427 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 504 - ط الغرب)]:
ثنا الوليد بن صالح [النخاس الجزري، نزيل بغداد: ثقة]: ثنا شريك، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من قرأ القرآن وأقرأه".
أخرجه ابن حبان في الثقات (9/ 225)، وتمام في الفوائد (214)، وأبو علي ابن شاذان في الثاني من حديثه (13)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (45) [ووقع خطأ في إسناده؛ حيث قلبه بعضهم فجعل: إسرائيل، مكان شريك، وهو خطا محض، فقد رواه ابن حبان وابن شاذان من نفس الطريق، وقالا فيه: عن شريك، ولا يُعرف هذا من حديث إسرائيل].
هـ - وأرسله يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن شريك، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا علقه الدارقطني في علله (3/ 59/ 283).
• ولما سئل أبو حاتم عن حديث الحارث بن نبهان، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه مرفوعًا، قال أبو حاتم:"هذا خطأ؟ إنما هو: عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل"[العلل (4/ 622/ 1684)].
ويبدو أن أبا حاتم مال إلى ترجيح هذا الوجه عن شريك، وذلك أن يحيى بن عبد الحميد الحماني، وإن كان قد تكلم فيه أحمد وغيره بكلام شديد، واتهم بسرقة الحديث؛ إلا إنه كان يحفظ حديث شريك، وكان أبو حاتم معجبًا بحفظه لحديث شريك [التهذيب (4/ 372)].
• هكذا اختلف الناس على شريك في إسناد هذا الحديث، ويبدو لي أنه قد اضطرب في إسناده، ولم يضبطه، وقد كان شريك سيئ الحفظ، كثير الأوهام، فلعله أتي من سوء حفظه، وكثرة وهمه، وقد تقدم معنا أمثلة لهذا الاضطراب الذي يقع من شريك في الأسانيد، راجع مثلًا: ما تحت الحديث رقم (728)، وهو حديث قد اضطرب شريك في إسناده اضطرابًا شديدًا؛ لسوء حفظه، والله أعلم.
وهذا الحديث لم يروه عن شريك أحد من قدماء أصحابه، مثل: إسحاق بن يوسف الأزرق [وهو ثقة، من قدماء أصحاب شريك، وممن كتب عنه من كتابه. انظر: مسائل أبي داود (1992)، المدرج للخطيب (1/ 454)، ما تحت الحديث رقم (765)، والحديث رقم (996)].
وانظر أيضًا في الاختلاف الوارد في هذا الحديث: ما ذكره الدارقطني في علله (3/ 59/ 283).
• واختلف أيضًا في إسناد على عاصم بن بهدلة:
• فرواه شريك، عن عاصم بن بهدلة، واختلف عليه في إسناده، وقد اضطرب فيه.
• ورواه الحارث بن نبهان، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وهو حديث منكر، يأتي ذكره في الشواهد، حديث سعد بن أبي وقاص.
• ومن وجوه الاختلاف على عاصم في هذا الحديث أن أبا حاتم لما سئل عن
حديث الحارث بن نبهان، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه مرفوعًا، قال أبو حاتم:"هذا خطأ؛ إنما هو: عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل"[العلل (4/ 622/ 1684)].
• وانظر في الأوهام أيضًا: ما أخرجه وكيع محمد بن خلف في أخبار القضاة (3/ 48).
• والصواب في هذا: حديث عثمان بن عفان، ولا يثبت من حديث ابن مسعود، ولا من حديث سعد بن أبي وقاص [انظر: علل الدارقطني (5/ 333 /925)].
5 -
وله إسناد آخر [أخرجه الشجري في الأمالي الخميسية (591 - ترتيبه)، [وهو حديث موضوع] تفرد به عن الأعمش: حصين بن مخارق، وهو: منكر الحديث، متروك، قال الدارقطني:"يضع الحديث"، وخَفِي أمره على الطبراني فقال:"ثقة". الضعفاء والمتروكين (179)، الميزان (1/ 554) و (4/ 511)، اللسان (2/ 389)، الدراية (2/ 38)].
• وقد اختصر الترمذي الكلام على هذا الحديث، واقتصر منه على المشهور من طرقه، وهو طريق شعبة والثوري عن علقمة، بينما توسع الدارقطني في علله (3/ 53 /283) في ذكر الاختلاف، حتى إنه ليورد في ذلك الطرق الغريبة والشاذة والمنكرة، ثم خلص منها في النهاية بقوله:"وأصحها: حديث علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وهذا الحديث مما انتقده الدارقطني على البخاري، حيث قال في التتبع (130):"وأخرج أيضًا حديث الثوري وشعبة عن علقمة: "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه" على اختلافهما.
وقال سعيد بن سالم عن الثوري، كما قال يحيى القطان عنه، وخالفهما: ابن المبارك ووكيع وأبو نعيم وعبد الرزاق ومحمد بن بشر وغيرهم.
وقال قيس وعبد الله بن عيسى ومحمد بن جحادة وموسى بن قيس الحضرمي والنضر بن إسحاق السلمي ومحمد بن جابر وغيرهم، عن علقمة كقول شعبة، إلا أن عبد الله بن عيسى يختلف عنه في رفعه، وقال عمرو بن قيس ومسعر وأبو اليسع وعمرو بن النعمان ومحمد بن طلحة وأبو حماد وحفص بن سليمان وأيوب بن جابر وسلمة الأحمر وغياث كقول الثوري، لم يذكروا فيه: سعد بن عبيدة".
وقد تقدم بيان ما هو الصواب في ذلك، والمحفوظ منه من الشاذ والمنكر.
وقال أبو نعيم في الحلية (4/ 194) بعدما رواه من طريق شعبة: "هذا حديث صحيح متفق عليه.
رواه عن شعبة: يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، ويعقوب الحضرمي، والناس.
ورواه الثوري عن علقمة، واختلف فيه، فرواه وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، والفريابي، وعامة أصحابه، عن علقمة عن أبي عبد الرحمن، من دونا سعد.
ورواه يحيى بن سعيد القطان عنه مقروناً بشعبة، بإدخال سعد بين علقمة وأبي عبد الرحمن.
وممن وافق شعبة والثوري عليه: قيس بن الربيع، ومحمد بن أبان الجعفي، ومسعر من رواية خلف بن ياسين عن أبيه عنه.
وممن رواه عن علقمة من دون سعد: عمرو بن قيس الملائي، والجراح بن الضحاك، ومسعر بن كدام من رواية محمد بن بشر عنه، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، والربيع بن الركين، وموسى الفراء، وعمرو بن النعمان الحضرمي، وأبو اليسع، وسعدان بن يزيد اللخمي [كذا، وإنما يرويه سعدان بن يحيى اللخمي عن يحيى بن سعيد عن علقمة]، وأيوب بن جابر، وسلمة بن صالح، وعثمان بن مقسم البري.
وممن رواه عن أبي عبد الرحمن السلمي سوى سعد، وعلقمة: الحسن بن عبيد الله النخعي، وأبو عبد الأعلى الثعلبي، وعبد الملك بن عمير، وعبد الكريم، وعطاء بن السائب، وعاصم بن أبي النجود.
واختلف على عاصم فيه، فرواه أبو نعيم، ويحيى السيلحيني، وغيرهما عن شريك، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الله بن مسعود.
ورواه جبارة بن المغلِّس عن شريك عن عاصم عن أبي عبد الرحمن عن عثمان.
وممن رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: عثمان، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو أمامة، وأنس بن مالك.
ورواه عن علي: النعمان بن سعد. ورواه عن سعد بن أبي وقاص: ابنه مصعب. ورواه عن أبي هريرة: أبو سلمة. ورواه عن أبي أمامة: الشعبي. ورواه عن أنس: سليمان التيمي، وأبو هدبة".
قلت: حديث عمرو بن النعمان الباهلي، وجدته في حديث إسلام زيد بن حارثة (25) لتمام الرازي، من طريق: هشام بن عمار: ثنا عبد العزيز بن الحصين: ثنا عمرو بن النعمان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان مرفوعًا.
ولا يثبت عن عمرو بن النعمان [وهو: الباهلي البصري: ليس به بأس]، إذ الراوي عنه عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، وهو: متروك، منكر الحديث [اللسان (5/ 202)].
وقد تقدم بيان ما هو الصواب من هذه الطرق، والمحفوظ منها من الشاذ والمنكر، والله أعلم.
• ومن شواهده:
1 -
علي بن أبي طالب:
رواه مسلم بن إبراهيم، ومسدد بن مسرهد، وعفان بن مسلم، وعبد الرحمن بن المبارك، وأبو كامل فضيل بن الحسين، وعبيد الله بن موسى العيشي، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن عبيد بن حساب، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، ويحيى بن إسحاق السيلحيني [وهم ثقات]، وفيض بن وثيق [قال فيه ابن معين:"كذاب خبيث]، لكن روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، وذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه، وأخرج له الحاكم محتجًا به، وذكره ابن حبان في الثقات، فلت: لم يوثقه معتبر، ومن روى عنه أو سكت عنه: فقد خفي عليه أمره، وكم احتج الحاكم بمن لا يصلح للاعتبار. انظر: سؤالات ابن الجنيد (699)، الجرح والتعديل (7/ 88)، الثقات (9/ 12)، ضعفاء العقيلي (1/ 249)، تاريخ بغداد (12/ 398)، الميزان (3/ 366)، وقال: "وهو مقارب الحال إن شاء الله تعالى". تاريخ الإسلام (16/ 319)، وقال: "والظاهر أنه صالح في الحديث". اللسان (6/ 364)]، وداود بن إبراهيم [الواسطي: قال أبو حاتم: "متروك الحديث، كان يكذب]. الجرح والتعديل (3/ 407)، المتفق والمفترق (2/ 877)، الموضح (2/ 439)، اللسان (3/ 391)]:
حدثنا عبد الواحد بن زياد [بصري، ثقة مأمون]: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق: حدثنا النعمان بن سعد، عن علي [وفي رواية أبي كامل وقتيبة: سمعت عليًا]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه الترمذي (2909)، والدارمي (3656 - ط البشائر)، وابن أبي شيبة (6/ 132/ 30072)، والبزار (2/ 278/ 698)، وابن الضريس في فضائل القرآن (136)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (19)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 153/ 1318)، والطحاوي في المشكل (13/ 116/ 5126 و 5127)، وأبو جعفر ابن البختري في ستة مجالس من أماليه (89)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (16)، وابن عدي في الكامل (5/ 497 - ط العلمية) و (6/ 523 - ط العلمية)(7/ 193/ 11049 - ط الرشد) و (8/ 358/ 13349 - ط الرشد)، وتمام في الفوائد (212)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (38 و 39)، والقضاعي في مسند الشهاب (1241)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 230 - ط الغرب)، والضياء المقدسي في المنتقى من مسموعات مرو (2/ 677/ 595) و (2/ 723/ 645) و (3/ 1031/ 915). [التحفة (7/ 131/ 10299)، الإتحاف (11/ 644/ 14791)، المسند المصنف (21/ 477/ 9740)].
قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
أخرجه ابن عدي في ترجمة عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة الواسطي، وقال:"ولعبد الرحمن بن إسحاق هذا غير ما ذكرت من الحديث، وفي بعض ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، وتكلم السلف فيه وفيمن كان خيرًا منه".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي، وهو: ضعيف، منكر الحديث، يروي ما لا يتابع عليه، ويحدث عن النعمان بن سعد أحاديث مناكير، والنعمان بن سعد: مجهول [التهذيب (4/ 231)، راجع فضل الرحيم الودود (8/ 336/ 756) و (9/ 318/ 844) و (9/ 481/ 876)].
2 -
سعد بن أبي وقاص:
رواه الحارث بن نبهان، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وأخذ بيدي فاجلسني مجلسي هذا، فأقرأني. وفي رواية:"خياركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/ 102/ 20)، والدارمي (3659 - ط البشائر)، والدورقي في مسند سعد (50)، وابن ماجه (213)، والبزار (3/ 356/ 1157)، وابن الضريس في فضائل القرآن (134)، وأبو يعلى (2/ 136/ 814)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 218)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (1/ 133/ 71)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (17)، والطبراني في الأوسط (6/ 256/ 6339)، وابن عدي في الكامل (2/ 191)، والدارقطني في الأفراد (1/ 129/ 513 - أطرافه)، وأبو الحسن علي بن عمر الحربي في فوائده (7)، وتمام في الفوائد (213)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (40)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 43) و (16/ 398). [التحفة (3/ 289/ 3944)، الإتحاف (5/ 18/ 51161)، المسند المصنف (9/ 117/ 4340)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن عاصم عن مصعب بن سعد عن أبيه؛ إلا الحارث بن نبهان، وقد خالف الحارث بن نبهان في إسناد هذا الحديث شريك، فرواه شريك عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن مسعود، والحارث: فغير حافظ، وشريك: يتقدمه عند أهل الحديث، وإن كان غير حافظ أيضًا".
وقال العقيلي بعد أن ساق ثلاثة أحاديث - هذا منها - في ترجمة الحارث بن نبهان: "كل هذه الأحاديث لا يتابع عليها، أسانيدها مناكير، والمتون معروفة بغير هذه الأسانيد".
وقال ابن عدي بعد أن ساق للحارث عن عاصم حديثين بهذا الإسناد: "وهذان الحديثان بهذا الإسناد لا يرويهما - فيما أعلمه - عن عاصم غير الحارث بن نبهان".
وممن جزم أيضًا بتفرد الحارث بن نبهان به عن عاصم بن بهدلة: الطبراني والدارقطني [وانظر: علل الدارقطني (4/ 326/ 599)].
قلت: وهذا حديث منكر؛ الحارث بن نبهان: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 338)، الميزان (1/ 444)]، ولا يحتمل تفرده عن عاصم بن بهدلة، بل قد خولف فيه،
فرواه شريك عن عاصم، لكنه اضطرب في إسناده، ولم يضبطه، وقد سبق ذكره في طرق حديث عثمان بن عفان.
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث الحارث بن نبهان هذا، فقال أبو حاتم:"هذا خطأ؛ إنما هو: عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل"[العلل (4/ 622/ 1684)].
3 -
عائشة:
رواه ابن لهيعة، قال: حدثني أبو الأسود [محمد بن عبد الرحمن بن نوفل]؛ أنه سمع عروة يحدث، عن عائشة، قالت: ذُكر رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أولم تروه يتعلم القرآن".
أخرجه أحمد (6/ 66)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (8 و 9). [الإتحاف 17/ 162/ 22064)، المسند المصنف (39/ 165/ 18729)].
وهو حديث ضعيف؛ تفرد به: عبد الله بن لهيعة، وهو: ضعيف.
4 -
عبد الله بن مسعود:
تقدم ذكر طرقه في سياق طرق حديث عثمان بن عفان، والمحفوظ أنه من حديث عثمان، ولا يثبت من حديث ابن مسعود.
5 -
أنس بن مالك [أخرجه الطبراني في الصغير (379)، وعنه: أبو نعيم في الحلية (3/ 35)، والقضاعي في مسند الشهاب (1242)، [وهو حديث باطل، استغربه أبو نعيم، وقد تفرد به عن سليمان التيمي: معاذ بن عوذ الله، وهو: بصري، مستقيم الحديث. الثقات (9/ 178)، تاريخ الإسلام (5/ 459 - ط الغرب)، والراوي عنه: محمد بن سنان القزاز: ضعيف، كذبه غير واحد. انظر: الميزان (3/ 575)، التهذيب (3/ 582)، والراوي عنه: الحسن بن سهل العسكري: روى أحاديث منكرة. معجم شيوخ الإسماعيلي (2/ 610)، اللسان (3/ 55)، قال أبو نعيم: "حديث غريب من حديث سليمان، تفرد به: معاذ، ولم نكتبه إلا من حديث محمد بن سنان"].
• وروي عن أنس مرفوعًا، بلفظ آخر:"من تعلم القرآن وعلمه، وأخذ بما فيه، كان شفيعًا ودليلًا إلى الجنة"[أخرجه أبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (132)][وهو حديث كذب موضوع، أبو هدبة إبراهيم بن هدبة: كذاب خبيث، دجال من الدجاجلة، كان يضع الحديث على أنس، ولم يره، لم يكن يُعرف بالحديث، ولا بكتابته، إنما كان رقَّاصًا بالبصرة، فلما شاخ زعم أنه سمع من أنس، وجعل يضع عليه. انظر: اللسان (1/ 377) وغيره. والراوي عنه: الخضر بن أبان الهاشمي، أبو القاسم الكوفي: ضعيف. سؤالات الحاكم (98 و 268)، تاريخ الإسلام (6/ 326 - ط الغرب)، اللسان (3/ 361)].
6 -
أبو أمامة [أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 253/ 7988)، والبيهقي في الشعب (4/ 332/ 2021)] [وهو حديث باطل، في إسناده: علي بن أبي طالب البزاز: روى
أحاديث منكرة، وقد اضطرب في إسناده، فجعله مرة: عن موسى بن عمير عن الشعبي عن أبي أمامة، ومرة: عن موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة. الكامل لابن عدي (5/ 211)، اللسان (5/ 551)، وشيخه فيه: موسى بن عمير أبو هارون الكوفي الأعمى: متروك، كذبه أبو حاتم] [وحمل الدارقطني التبعة فيه على موسى بن عمير أبي هارون الجعدي، قال:"وهو ضعيف"، قال:"وهو الذي يروي عن مكحول، عن أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وهو الذي يروي عن أبي جغفر محمد بن علي بن الحسين، وعن الزهري وغيرهم: أحاديث مناكير، وحديث مكحول عن أبي أمامة ت حديث باطل بهذا الإسناد،
…
". تعليقات الدارقطني على المجروحين (298)].
7 -
عبد الله بن عمرو [أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 32 - ط الغرب)، [ولا يثبت، في إسناده: عبد الله بن لهيعة، وهو: ضعيف، وفي الإسناد إليه: من يجهل حاله، وحيي بن عبد الله المعافري: منكر الحديث فيما تفرد به عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال فيه ابن عدي؛ فيما رواه ابن وهب، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن ابن عمرو: "وبهذا الإسناد: خمس وعشرون حديثًا، عامتها لا يتابع عليها"، [وانظر الكلام عن هذا الإسناد مفصلًا: الشاهد الخامس تحت الحديث رقم (447) (5/ 349/ 447 - فضل الرحيم)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 423/ 210)].
• والحاصل: فإنه لا يثبت في الباب سوى حديث عثمان، والذي أخرجه البخاري في صحيحه، وقد بينت دلائل صحته، بالوجهين اللذين رواهما شعبة والثوري، والله أعلم.
• تنبيه: لا يكون للرجل الخيرية المطلقة على أهل زمانه بمجرد تعلم القرآن وتعليمه، وإنما يثبت له ذلك إذا جمع إلى هذه الخصلة: بقية خصال الخير، جمعًا بين هذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في الخيرية؛ فيكون الخبر هنا قد خرج مخرج العموم، والمراد به الخصوص، يعني: أنه من خير الناس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر غيره بمثل ذلك، وقد ذكر الشاطبي في الموافقات طرفًا من الأحاديث الدالة على تفضيل عمل بعينه بأنه من أفضل الأعمال وخير الأعمال، تبعًا لسؤال سائل، أو تعريفًا في بعض الأوقات من غير سؤال، فاجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأجوبة مختلفة، كل واحد منها لو حمل على إطلاقه أو عمومه لاقتضى مع غيره التضاد في التفضيل، ثم ختم بحثه بقوله:"إلى أشياء من هذا النمط جميعها يدل على أن التفضيل ليس بمطلق، ويشعر إشعارًا ظاهرًا بان القصد إنما هو بالنسبة إلى الوقت، أو إلى حال السائل"، وقال أبو بكر القفال الشاشي: "قد يقال: خير الأشياء كذا، ولا يراد إنه خير جميع الأشياء من جميع الوجوه، وفي جميع الأحوال والأشخاص، بل في حال دون حال ونحو ذلك،
…
"، ثم ذكر وجهًا آخر، فقال: "الثاني: أنه يجوز أن يكون المراد: من أفضل الأعمال كذا، ومن خيرها أو من خيركم من فعل كذا، فحذفت: مِن، وهي مرادة، كما يقال: أعقلُ الناس وأفضلهم، ويراد أنه: مِن أعقلهم وأفضلهم"، وقد أشار ابن حبان في صحيحه إلى هذا المعنى بقوله: "ذكر البيان
بأن: من خير الناس من تعلم القرآن وعلمه"، والله أعلم [راجع: مشكل الآثار (13/ 118) و (14/ 160)، الموافقات (5/ 23 - 39)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 219 - 222)، الفتح لابن حجر (9/ 76)].
* * *
1453 -
. . . ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب، عن زبَّان بن فائد، عن سهل بن معاذ الجهني، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ القرآن وعمِل بما فيه، أُلبِس والداه تاجًا يوم القيامة، ضوؤُه أحسنُ من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالدي محمل بهذا؟ ".
• حديث منكر
أخرجه أبو يعلى في المسند (3/ 65/ 1493)، وفي المفاريد (11)، والآجري في أخلاق أهل القرآن (22)، والحاكم في المستدرك (1/ 567)(2/ 622/ 2112 - ط الميمان)، والبيهقي في الشعب (4/ 126/ 1797)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 134 - 135)، وغيرهم [التحفة (8/ 77/ 11294)، الإتحاف (13/ 212/ 16589)، المسند المصنف (24/ 387 / 10957)].
رواه عن ابن وهب: أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأبو همام الوليد بن شجاع، وهارون بن سعيد الأيلي.
ووقع في بقية المصادر: "لو كانت فيه".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
قلت: هو حديث منكر؛ سهل بن معاذ بن أنس: ضعيف [تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (1110)].
وزبان بن فائد: ضعيف، قال أحمد:"أحاديثه مناكير"، وقال ابن حبان:"منكر الحديث جدًا، ينفرد عن سهل بن معاذ بنسخة كانها موضوعة، لا يحتج به"، وقال أيضًا:"ليس بشيء"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 115/ 4481)، ضعفاء العقيلي (2/ 96)، الجرح والتعديل (3/ 616)، المجروحين (1/ 313) و (1/ 348)، الكامل (3/ 153)، التهذيب (1/ 621)].
ويحيى بن أيوب الغافقي المصري: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه [وقد سبق ذكره مرارًا في فضل الرحيم، وانظر في أوهامه فيما تقدم معنا في السنن على سبيل المثال: الحديث رقم (158 و 718 و 1333)، وما تحت الحديث رقم (228 و 335)، وانظر هناك ترجمته موسعة].
• ورواه عبد الله بن لهيعة [ضعيف]، ورشدين بن سعد [ضعيف]:
عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"من قال: سبحان الله العظيم، نبت له غرس في الجنة، ومن قرأ القرآن فكمله، وعمل بما فيه، ألبس والداه يوم القيامة تاجًا، هو أحسن من ضوء الشمس في بيوت من بيوت الدنيا، لو كانت فيه، فما ظنكم بالذي عمل به". لفظ ابن لهيعة.
ولفظ رشدين: "من فال: سبحان الله العظيم، بني له كرس في الجنة، ومن قرأ القرآن فأحكمه، وعمل بما فيه، ألبس الله والديه يوم القيامة تاجًا، ضوؤه أحسن من هذا القمر".
أخرجه أحمد (3/ 440)، والطبراني في الكبير (20/ 198/ 445)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (68)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 436/ 1179)، وفي التفسير (1/ 43 - 44). [الإتحاف (13/ 214/ 16599)، المسند المصنف (24/ 387/ 10957)].
قلت: هو حديث منكر.
• وله شاهد من حديث بريدة بن الحصيب:
رواه بشير بن المهاجر، قال: حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: "تعلموا سورة البقرة فإن أخدها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة".
ثم سكت ساعة، ثم قال: "تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، وإنهما تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو: كيايتان، أو فِرقان من طيرٍ صواف.
وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه القبر كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك.
وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال لهما: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذًّا كان أو ترتيلًا".
وفي رواية: "من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به؛ أُلبس يوم القيامة تاجًا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والديه حلتان لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن".
وفي رواية: "يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب، فيقول: أنا الذي أسهرت ليلك، وأظمأت نهارك".
أخرجه بتمامه: الدارمي (3712 - ط البشائر)، وأحمد (5/ 348)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 143)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (687)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (129)، والبيهقي في الشعب (4/ 166/ 1835)، والبغوي في التفسير
(1/ 42)، وفي شرح السُّنَّة (4/ 453/ 1190). [الإتحاف (2/ 572/ 2285) و (2/ 590/ 2330)، المسند المصنف (4/ 299 /2110)].
وأخرج جملًا منه: ابن ماجه (3781)، والحاكم (1/ 556 و 560 و 568)(2/ 595/ 2066) و (2/ 605/ 2080) و (2/ 622/ 2113 - ط الميمان]، وأحمد (5/ 352 و 361)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (84 - 85)، وابن أبي شيبة (6/ 129 / 30045)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (6/ 174/ 5608 - إتحاف الخيرة)، والبزار (10/ 302/ 4421)، وابن نصر في قيام الليل (165 و 171 - مختصره)، وابن الضريس في فضائل القرآن (99)، والآجري في أخلاق أهل القرآن (24)، وابن عدي في الكامل (2/ 21)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 85)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 121)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (689 - 693)، وأبو عمرو الداني في التحديد في الإتقان (77)، والواحدي في التفسير الوسيط (1/ 73 و 411)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (3/ 169/ 2299). [التحفة (2/ 93/ 1953)، الإتحاف (2/ 565/ 2268) و (2/ 590/ 2330)، المسند المصنف (4/ 299 /2110)].
رواه عن بشير بن المهاجر: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وخلاد بن يحيى، ومكي بن إبراهيم، وأبو أحمد الزبيري، وغيرهم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وقال البغوي: "هذا حديث حسن غريب".
وقال البوصيري في الزوائد: "إسناده صحيح، رجاله ثقات".
وقال ابن كثير في التفسير (1/ 152): "وهذا إسناد حسن على شرط مسلم؛ فإن بشيرًا هذا خرج له مسلم".
وقال الهيثمي في المجمع (7/ 159): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح".
لكن قال العقيلي: "ولا يصح في هذا الباب عن النبي عليه السلام حديث، أسانيدها كلها متقاربة".
قلت: والصواب فيما قاله العقيلي.
فإن بشير بن المهاجر: إنما أخرج له مسلم حديثًا واحدًا في الحدود قد توبع عليه، ولم يخرج له في الأصول، ولم يحتج به، بل قد تكلم في بعض ألفاظ حديثه، وانتقدها عليه [انظر: صحيح مسلم (1695/ 23)، الجمع بين رجال الصحيحين (211)، نصب الراية (3/ 321)، تهذيب السنن بحاشية العون (12/ 76)].
ويشير وإن وثقه ابن معين والعجلي، وقال النسائي:"ليس به بأس"، إلا أن النسائي قد لينه أيضًا، فقال:"ليس بالقوي"، وجرحه آخرون جرحًا مفسرًا؛ فقد قال الأمام أحمد:"منكر الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب"، وقال أيضًا:"مرجئ، متهم، يتكلم فيه"، وقال البخاري بعد أن ذكر له حديثًا عن ابن بريدة: "يخالف في بعض حديثه
هذا"، وقال الساجي: "منكر الحديث، عنده مناكير عن عبد الله بن بريدة، أحاديث عدة، يطول ذكرها"، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقد سئل أبو حاتم عن حديث رواه بشير بن مهاجر، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعًا، فقدم عليه رواية حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن ابن عباس موقوفًا، وقال: "وهو أشبه"، وقال مرة أخرى عن حديث بشير: "وهو وهم، عن ابن عباس أشبه"، وقال ابن عدي: "وقد روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه، وإن كان فيه بعض الضعف"، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال ابن الجارود: "يخالف في بعض حديثه"، وقال ابن حبان: "يخطئ كثيرًا" [تاريخ ابن معين للدوري (2/ 60)، التاريخ الكبير (2/ 101)، معرفة الثقات (164)، ضعفاء النسائي (81)، الجرح والتعديل (2/ 378)، علل ابن أبي حاتم (2/ 603/ 630) و (6/ 577/ 2773)، ضعفاء العقيلي (1/ 143)، الثقات (6/ 98)، الكامل لابن عدي (2/ 21)، سؤالات ابن بكير (6)، المغني لابن قدامة (12/ 355)، الميزان (1/ 329)، إكمال مغلطاي (2/ 423)، التهذيب (1/ 487)].
فمثل هذا الجرح المفسر مقدم على التعديل، وعلى هذا: فإن بشيرًا لا يقبل من رواياته إلا ما وافق فيه الثقات، وما انفرد به فإنه يعد منكرًا، لا سيما ما انفرد به عن عبد الله بن بريدة، والله أعلم [وانظر أيضًا بعض أوهامه: علل الحديث (6/ 524/ 2721)، علل الدارقطني (15/ 375/ 4082)].
• فإن قيل: لم ينفرد بهذا الحديث؛ بل له شاهد من حديث أبي هريرة:
فقد روى يحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث]، ويزيد بن هارون [ثقة متقن]:
عن شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يطيقها البطلة"[إلى هنا تنتهي رواية يزيد، عند ابن الأعرابي].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب، يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك، وأظمئ هواجرك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، وبوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتان، لا يقوم لهما الدنيا وما فيها، فيقولان: يا رب، أنى لنا هذا؟ فيقال لهما: بتعليم ولدكما القرآن، وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة: اقرأ، وارق في الدرجات، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية معك".
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (399)، والطبراني في الأوسط (6/ 51/ 5764).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عيسى إلا شريك، ولا رواه عن شريك إلا يزيد بن هارون، ويحيى الحماني".
قلت: إما أن يكون ابن الأعرابي اختصر رواية يزيد بن هارون، واقتصر منها على
الشق الأول، دون بقية الحديث؛ أو يكون الحماني هو المتفرد بالزيادة المشتملة على موضع الشاهد.
• وهذا الحديث قد اختلف في إسناده على شريك بن عبد الله النخعي، وهو: سيئ الحفظ، كثير الوهم:
أ - فرواه يزيد بن هارون، ويحيى الحماني، عن صريك، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا.
ب - ورواه ابن الأصبهاني [وهو: محمد بن سعيد بن سليمان ابن الأصبهاني: ثقة ثبت]، عن شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيي بن أبي كثير، عن علي الأزدي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (4/ 604/ 1670).
سأل ابن أبي حاتم أباه عن الحديثين جميعًا؛ فقال: "الذي عندي أن الحديثين جميعًا وهمٌ، والصحيح عندي: حديث أبان وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. رجع إلى الأصل".
وأما الدارقطني في العلل (8/ 13/ 1377)، فقال:"وغيره [يعني: غير الحماني] يرويه عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أشبه بالصواب".
• قلت: اختلف في هذا الحديث على يحيى بن أبي كثير:
1 -
فرواه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ثقة]، عن يحيى؛ كما تقدم.
• وتابعه على أحد الوجهين:
الضحاك بن نبراس [ضعيف]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقرؤوا القرآن، لا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، تعلموا القرآن؛ فانه شافع لصاحبه يوم القيامة، تعلموا الزهراوين: سورة البقرة وآل عمران، فإنهما يجيئان يوم القيامة كأنهما فمامتان، أو غيايتان، أو كفرقين من طير صواف، يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، تعلموا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة".
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 344/ 8823)، وابن عدي في الكامل (4/ 97)، والدارقطني في العلل (9/ 279/ 1760).
من طرقٍ عن أسد بن موسى، عن الضحاك به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ إلا الضحاك، تفرد به: أسد بن موسى، ورواه هشام وأبان وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام [وفي المطبوع: عن أبي سلمة، وهو خطأ] عن أبي أمامة، وعن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل".
وقال الدارقطني: "رواه الضحاك بن نبراس البصري -وهو: ضعيف-، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ووهم فيه.
والصحيح: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قيل: صحابي؟ قال: بلى".
قلت: هذان حديثان ليحيى بن أبي كثير:
الأول: "اقرؤوا القرآن، لا تأكلوا به، ولا تستكثروا به،
…
": يرويه يحيى عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل، وعن زيد بن سلام عن أبي سلام عن اْبي راشد عن عبد الرحمن بن شبل.
والثاني "تعلموا الزهراوين": يرويه عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي أمامة [وهو مخرج في الذكر والدعاء برقم (9)، وأصله في مسلم (804)، ويأتي تفصيله هنا أيضًا].
هكذا دخل للضحاك حديث في حديث، فجمع متن الحديثين على إسناد واحد، ولم يرو يحيى بن أبي كثير أيًا من الحديثين بهذا الإسناد، وإنما سلك فيه الضحاك الجادة والطريق السهل، وروايته خطأ محض.
• قلت: وحديث عبد الرحمن بن شبل: حديث صحيح، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (9/ 254/ 831)، وخرجت معه هذا الطريق المنكر.
2 -
ورواه معمر بن راشد [ثقة، من أصحاب يحيى، وقد يهِم عليه]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا القرآن؛ فإنه شافع يوم القيامة، تعلموا البقرة وآل عمران، تعلموا الزهراوين؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، يحاجان عن صاحبهما، تعلموا البقرة؛ فإن تعليمها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 365/ 5991)، ومن طريقه: أحمد (5/ 251)، والطبراني في الكبير (8/ 291/ 8118). [الإتحاف (6/ 267/ 6503)، المسند المصنف (26/ 122/ 11728)].
قال عبد الله بن أحمد: "وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، وقد ضرب عليه، فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ؛ إنما هو: عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي أمامة".
• قلت: ومعمر بن راشد وإن كان أخطأ في إسناد هذا الحديث على يحيى بن أبي كثير، وسلك فيه الجادة؛ إلا أنه بين حال الزيادة موضع الشاهد، وأن بعضهم قد أدرجها في الحديث، وإنما تروى بلاغًا:
فقد رواه معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: بلغنا أن القرآن يأتي يوم القيامة في صورة الشاحب المنافر [كذا]، فيقول لصاحبه: تعرفني؟ فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا
خليلك، وأنا ضجيعك، وأنا شفيقك، وأنا الذي كنت أسهر ليلك وأنصب نهارك، وأزول معك حيثما زلت، كان كل تاجر قد أصاب من تجارته وأنا اليوم لك من وراء كل تاجر، فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع تاج الوقار على رأسه، ويقال له: اذهب في- نعيم مقيم، ويكسى أبواه حلتين لم تقم بهما الدنيا، فيقولان: أي هذا ولم نعمل له؟ فيقول: بأخذ ابنكما القرآن، ثم يقال: اقرأ وارق، فمن كان يرتله فبحساب ذلك، ومن كان يهذه فبحساب ذلك.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 374/ 6014).
3 -
ورواه أبان بن يزيد العطار [ثقة، من أصحاب يحيى]، وعلي بن المبارك [ثقة، من أصحاب يحيى]، وسعيد بن أبي هلال [ثقة] [وقع في روايته عند الحاكم في النسخ الخطية: بإسقاط أبي سلام، والتصحيح من الإتحاف بإثباته]:
عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي شفيعًا يوم القيامة لصاحبه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان، أو كأنهما غمامتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، يحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة".
أخرجه ابن حبان (1/ 322/ 116)، والحاكم (1/ 564)(2/ 613/ 2096 - ط الميمان)(2092 - ط دار المنهاج القويم)، و (2/ 287)(4/ 127/ 3172 - ط الميمان)(3170 - ط دار المنهاج القويم)، وأحمد (5/ 249 و 255)(10/ 5204/ 22577 - ط المكنز) و (10/ 22623/ 5216 - ط المكنز)، والطبراني في الكبير (8/ 118/ 7542 و 7543)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (529)، والبيهقي في الشعب (4/ 1827/ 159). [الإتحاف (6/ 262/ 6495)، المسند المصنف (26/ 121/ 11727)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
4 -
ورواه هشام الدستوائي عن يحيي؛ واختلف عليه:
أ - فرواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو [ثقة]، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة]، والنضر بن شميل [ثقة ثبت]، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي [ثقة مأمون]، وأبو عمر حفص بن عمر الحوضي [ثقة]:
حدثنا هشام [ثقة ثبت، وهو أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أمامة حدثه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة، اقرؤوا الزهر اوين: البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، يحاجان من أهلهما"، ثم قال:"اقرؤوا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة".
أخرجه أحمد (5/ 249 و 257)(10/ 5204/ 22576 - ط المكنز) و (10/ 5221/ 22643 - ط المكنز)، وابن الضريس في فضائل القرآن (98)، والروياني (1254)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (694)، والقضاعي في مسند الشهاب (1310)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 9356/ 114)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي التفسير (1/ 42)، وفي الشمائل (85). [المسند المصنف (26/ 121/ 11727)].
ب - ورواه معاذ بن هشام الدستوائي [صدوق، يهم أحيانًا على أبيه]، عن أبيه، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حُدِّثت أن أبا سلمة، قال: حدثني أبو أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكر الحديث كالجماعة.
أخرجه الروياني (1275)، بإسناد صحيح إلى معاذ.
وقد وهم فيه معاذ على أبيه، والمحفوظ عن هشام رواية الجماعة عنه، بدون ذكر زيد بن سلام في الإسناد مرسلًا.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على يحيى بن أبي كثير: ما أخرجه ابن وهب في الجامع (3/ 12/ 12 - علوم القرآن برواية سحنون).
• قلت: الصواب: حديث أبان بن يزيد وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زبد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن يحيى بن أبي كثير قصر به لما حدَّث به هشامًا الدستوائي، حيث أرسله عن أبى سلام، ولم يسمع منه؛ إنما سمعه من زيد عن جده أبي سلام، والله أعلم.
وإنما قلت ذلك، ولم أرجح رواية هشام؛ مع كونه أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير وأحفظهم لحديثه، وذلك لما تقدم من قول أبي حاتم، لما سأله ابنه عن حديث: يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا؛ فقال:"الصحيح عندي: حديث أبان وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. رجع إلى الأصل"[العلل (4/ 604/ 1670)].
وقد سأله ابنه مرة أخرى، فقال في العلل (5/ 41/ 1790): "وسألت أبي عن حديث رواه محمد بن جابر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
ورواه أيضًا: شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة
…
"، الحديث؟
قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو: يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال عبد الله بن أحمد في المسند (5/ 251) عن طريق معمر المتقدم: "وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، وقد ضرب عليه، فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ؛ إنما هو: عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي أمامة".
وهذا يدل على ثبوت هذا الطريق المتصل عندهما عن يحيى بن أبي كثير، وأن هذا هو المحفوظ عن يحيي؛ بإثبات زيد بن سلام في إسناده.
وأما طريق هشام المحفوظ عنه: فهو ظاهر الإرسال؛ فإن يحيى بن أبي كثير لم يسمع من أبي سلام ممطور الحبشي؛ كما صرح بذلك يحيى نفسه، قال حرب بن شداد: قال لي يحيى بن أبي كثير: "كل شيء عن أبي سلام فإنما هو كتاب"[التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 340/ 1260 - السفر الثالث)، المعرفة والتاريخ (3/ 10)، تاريخ دمشق (6/ 271)].
وقال حسين المعلم: "لما قدم علينا يحيى بن أبي كثير
…
أخرج إلينا صحيفة أبي سلام، فقلنا له: سمعت من أبي سلام؟ قال: لا، قلت: فمن رجل سمعه من أبي سلام؟ قال: لا" [المراسيل (892)].
وقد جزم بذلك أحمد وابن معين والعجلي، قال ابن معين:"ويحيى بن أبي كثير يقول: حدث أبو سلام، ولم يلقه، ولم يسمع منه شيئًا"[انظر: تاريخ الدوري (4/ 207/ 3984)، ثقات العجلي (1787)، تاريخ دمشق (60/ 272)، تهذيب الكمال (28/ 487)].
وأما حديث أبان وعلي بن المبارك: فهو حديث صحيح متصل الإسناد، وقد اختلف في سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام، فنفاه ابن معين والعجلي، حيث قالا:"قدم معاوية بن سلام على يحيى بن أبى كثير، فأعطاه كتابًا فيه أحاديث زيد بن سلام، ولم يقرأه، ولم يسمعه منه"[تاريخ الدوري (3/ 8/ 28)، معرفة الثقات (1994)، الكفاية (347)].
وقال معاوية بن سلام: "أخذ مني يحيى بن أبي كثير كتاب أخي زيد بن سلام"[تاريخ أبي زرعة الدمشقي (374)][راجع: فضل الرحيم الودود (10/ 52/ 910) فقد فصلت هناك في بيان مذهب ابن معين في نفي سماع يحيى من زيد، وبيان رده].
وهذه واقعة عين؛ لا تنفي السماع في حقيقة الأمر؛ لإمكان لقاء يحيى زيدًا وسماعه منه، وهذا ما حدث فعلًا، لكن ابن معين بنى على هذه الواقعة حكماً، فقال: دالم يسمع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام، [تاريخ الدوري (4/ 465/ 5291)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 341/ 1263 - السفر الثالث)، المراسيل (896)].
وقد اعترض أبو حاتم عليه، فرد قول ابن معين وأثبت سماع يحيى من زيد، فقال:"وقد سمع منه"، ثم قال:"حدثنا أبو توبة، عن معاوية -يعني: ابن سلام-، قال: قال يحيى بن أبي كثير: قد كان أبوك [كذا في المطبوع، والصواب: أخوك، يعني: زيد بن سلام، وهو ما يقتضيه استدلال أبي حاتم] يجيئنا فنسمع منه"[المراسيل (896 و 897)].
وأثبت سماعه أيضًا: الإمام أحمد، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (251):"وأثبت أحمد سماعه منه، وإن أنكره ابن معين"، وقال في موضع آخر (212):"وقد اختلف في سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام، فأنكره يحيى بن معين، وأثبته الإمام أحمد، وفي هذه الرواية التصريح بسماعه منه".
ولعل ابن رجب اعتمد في ذلك على نقل الأثرم عن أحمد في هذه المسألة، فقد سال أبو بكر الأثرم الإمام أحمد، فقال:"قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: يحمى بن أبي كثير سمع من زيد بن سلام؟ فقال: ما أشبهه، قلت له: إنهم يقولون: سمعها من معاوية بن سلام؟ فقال: لو سمعها من معاوية لذكر معاوية، هو يُبيِّن في أبي سلام، يقول: حدَّث أبو سلام، ويقول: عن زيد، أما أبو سلام فلم يسمع منه، ثم أثنى أبو عبد الله على يحيى بن أبي كثير"[تاريخ دمشق (19/ 428)، تهذيب الكمال (10/ 78)، جامع التحصيل (880)].
ومع ذلك فقد قال الذهبي في الميزان (4/ 403): "وروايته عن زيد بن سلام منقطعة؛ لأنها من كتاب وقع له"، فكأنه لم يقف على قول أحمد وأبي حاتم، والله أعلم.
والمثبت مقدَّم على النافي؛ لما معه من زيادة علم، ويؤيده ثبوت سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام في الأسانيد الكثيرة الصحيحة، فقد صرح يحيى بسماعه منه في أكثر من حديث صحيح، وثبت ذلك أيضًا في صحيح مسلم [انظر على سبيل المثال لا الحصر: صحيح مسلم (223 و 934)، سنن النسائي (8/ 151/ 5140)، صحيح ابن حبان (14/ 124/ 6233)، مستدرك الحاكم (1/ 118)، مسند أحمد (5/ 243 و 278 و 344)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1262)، تعظيم قدر الصلاة (435 و 817)، مسند أبي يعلى (1518 و 1571 و 1577 و 4589)، المفاريد (30 و 83 و 89)، الأوسط لابن المنذر (1293)، مشكل الآثار للطحاوي (1/ 92/ 97)، الشريعة للآجري (7)، معجم الطبراني الكبير (3423)، الأمثال لأبي الشيخ (336)، وغيرها كثير] [فضل الرحيم الودود (9/ 255/ 831) و (10/ 54/ 910)، تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1139/ 587)].
• وممن صحح ليحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور الحبشي: البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم أوانظر أيضًا: جامع الترمذي (3235)، العلل الكبير (661)، علل ابن أبي حاتم (3/ 554/ 1078)].
• وحديث فضل البقرة وآل عمران بدون موضع الشاهد: مشهور من حديث معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام به:
فقد رواه أبو توبة الربيع بن نافع [ثقة حجة]، ويحيى بن حسان التنيسي، ومحمد بن شعيب بن شابور، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي [وهم ثقات]:
حدثنا معاوية بن سلام، قال: سمعت أخي زيد بن سلام؛ أنه سمع [جده] أبا سلام، يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: سورة البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طير صواف، تحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخدها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة.
أخرجه مسلم (804)، وأبو عوانة (2/ 485/ 3932 و 3933)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 401/ 1825)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (229 و 235)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (26)، والطبراني في الكبير (8/ 118 /7544)، وفي الأوسط (1/ 150/ 468)، وفي مسند الشاميين (4/ 105/ 2862)، والبيهقي في السنن (2/ 395)، وفي الأسماء والصفات (975)، وفي الشعب (4/ 444/ 2156)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 335/ 678)، وقال:"حديث صحيح". وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 426) و (55/ 71). [التحفة (4/ 35/ 4931)، المسند المصنف (26/ 121/ 11727)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زيد؛ إلا معاوية ويحيى"[وقع تحريف في المطبوع].
• وثبت أيضًا بدون الزيادة من حديث النواس بن سمعان:
رواه محمد بن مهاجر [الأنصاري الشامي: ثقة]، وإبراهيم بن سليمان الأفطس [الدمشقي: ثقة ثبت]:
عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، قال: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدَّمه سورة البقرة، وآل عمران]، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهنَّ بعد، قال: "كأنهما غمامتان، أو ظُلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حِزقان [وفي رواية: فِرقان] من طير صواف، تحاجَّان عن صاحبهما".
أخرجه مسلم (805)، وأبو عوانة (2/ 485/ 3934 - 3936)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 402/ 1826)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 147)، والترمذي (2883)، وقال:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". وأحمد (4/ 183)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 320/ 1418)، وتمام في الفوائد (1023)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (695)، والبيهقي في الشعب (4/ 2157/445)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 418)، والضياء في فضائل القرآن (48). [التحفة (8/ 298/ 11713)، الإتحاف (13/ 604/ 17214)، المسند المصنف (25/ 332/ 11415)].
قال الترمذي: "ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث: أنه يجيء ثواب قراءة القرآن. وفي حديث النواس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا؛ إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأهله الذين يعملون به في الدنيا" ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل".
[وقد روي حديث: "اقرؤوا الزهراوين" أيضًا: من حديث أبي هريرة مرفوعًا، بدون موضع الشاهد][أخرجه البزار (15/ 178 /8547)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (719)].
[ومن حديث ابن عباس][أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 313/ 11844)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (529)، وابن عدي في الكامل (5/ 233)، [تفرد به عن قتادة: عاصم بن هلال البارقي، وليس بذاك القوي].
[وروي حديث الحض على تعلم البقرة: من حديث أنس مرفوعًا، بدون موضع الشاهد][أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 175/ 1630)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (688)][وفي إسناده: مبارك بن سحيم، مولى عبد العزيز بن صهيب: متروك، منكر الحديث. [التهذيب (4/ 17)].
• وحاصل ما تقدم:
أن حديث شريك ومن وافقه: منكر، والمعروف: حديث يحيى بن أبي كثير، ومعاوية بن سلام، كلاهما عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه هذه الزيادة: "وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب
…
" الحديث.
فرجع الحديث بذلك إلى حديث أبي أمامة، وأما هذه الزيادة: فإنما يرويها معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير بلاغًا؛ فلا تصلح شاهداً لحديث بريدة بن الحصيب، فيبقى بشير بن المهاجر هو المتفرد بهذه الزيادة المنكرة، والله أعلم.
• وقد وجدت لهذه الزيادة أسانيد أخرى؛ لكنها لا تسوي شيئًا:
1 -
روى عطاء بن عجلان، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القرآن، قال:"إن القرآن يأتي أهله يوم القيامة أحوج ما يكونون إليه"، قال:"يأتيهم في صورة حسنة يقول له: أتعرفني؟ يقول: من أنت؟ قال: أنا الذي كنت أسهر ليلك، وأذيب نهارك، وأنصبك، وأشخصك، فيقول: لعلك القرآن؟ فيقول: نعم، فيقدم به على ربه عز وجل فيعطى الخلد بيمينه، والملك بشماله، ويوضع تاج السكينة على رأسه، وينشر على والديه حلتان، لا يقوم لهما أهل الدنيا وأضعافهما، فيقولان: أنى هذا ولم تبلغه أعمالنا؟ فيقال: بابنكما الذي قد قرأ القرآن".
وقال: "تعلموا الزهراوين فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو نرتان من طير صواف يتحاجان عن أهلها".
وقال: "تعلموا البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة". يعني: السحرة.
قال: "لمن قرأ القرآن، ولم يغلُ فيه ولم يجفُ عنه، ولم يتكثر به، ولم يستأكل به".
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (92).
قلت: هذا حديث باطل؛ عطاء بن عجلان الحنفي، أبو محمد البصري العطار: متروك، منكر الحديث جدًّا؛ كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والجوزجاني، وكان يتلقَّن كلما لقِّن [التهذيب (3/ 106)][وتقدم ذكره والكلام عليه تحت الأحاديث رقم (630 و 678 و 902)].
2 -
ورواه سويد بن عبد العزيز بإسنادين:
أ - فقد روى سويد بن عبد العزيز، عن داود بن عيسى، عن عمرو بن قيس الملائي، عن محمد بن عجلان، عن أبي سلمة، عن أبي أمامة، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعلم القرآن، وحثنا عليه وقال: "إن القرآن يأتي أهله يوم القيامة أحوج ما كانوا إليه
…
"، فذكر نحوًا من حديث عطاء بن عجلان، إلى قوله: "بأخذ ولدكما القرآن".
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 291/ 8119)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 107)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (122)، والشجري في الأمالي الخميسية (420 - ترتيبه).
ب - ورواه سويد بن عبد العزيز، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر [ثقة]، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر [ثقة]: ثنا عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ القرآن ومحمل بما فيه ومات في الجماعة بعثه الله يوم القيامة مع السفرة والحكام [وفي رواية: مع السفرة والبررة]، ومن قرأ القرآن وهو ينفلت منه، ولا يدعه فله أجره مرتين، ومن كان حريصًا عليه ولا يستطيعه ولا يدعه بعثه الله يوم القيامة مع أشراف أهله، وفضلوا على الخلائق كما فضلت النسور على سائر الطيور، وكما فضلت عين في مرج على ما حولها، ثم ينادي منادٍ: أين الذين كانوا لا يلهيهم رعاية الأنعام عن تلاوة كتابي؟ فيقومون فيلبس أحدهم تاج الكرامة، ويعطى الفوز بيمينه، والخلد بشماله، فإن كان أبواه مسلمين كسيا حلة خيراً من الدنيا وما فيها، فيقولان: أنى هذه لنا؟ فيقال: بما كان ولدكما يقرأ القرآن".
أخرجه إسحاق بن راهويه (6/ 335/ 5961 - إتحاف الخيرة)(14/ 374/ 3489 - المطالب)، والطبراني في الكبير (20/ 72/ 136)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (100)، والبيهقي في الشعب (4/ 168/ 1837).
قال البوصيري: "هذا إسناد متصل؛ لكن سويد بن عبد العزيز: ضعيف.
وله شاهد من حديث معاذ بن أنس، رواه أبو داود في سننه، والحاكم وصححه، وفيه نظر، فإن في إسناده زبان بن فائد، وهو: ضعيف".
وقال ابن حجر: "هذا إسناد متصل؛ لكن سويد بن عبد العزيز: ضعيف الحديث".
قلت: هما حديثان منكران؛ تفرد بهما: سويد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو: ضعيف، يروي أحاديث منكرة، ضعفه جدًا: أحمد وابن معين والبخاري والنسائي [انظر: التهذيب (2/ 134)، الميزان (2/ 252)، إكمال مغلطاي (6/ 166)].
• والحديث الثاني: إنما يُعرف من كلام وهب بن عبد الله الذماري، وكان يسكن ذمار [مخلاف من مخاليف اليمن]، وكان قد قرأ الكتب، يروي عن الصحابة، روى عنه أهل اليمن وغيرهم [الطبقات الكبرى (5/ 537)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 517/ 3415)، الجرح والتعديل (9/ 23)، الثقات (5/ 488)].
رواه مروان بن محمد الطاطري [دمشقي، ثقة]: حدثنا سعيد بن عبد العزيز [التنوخي
الدمشقي: ثقة، إمام]، عن إسماعيل بن عبيد الله [هو: ابن أبي المهاجر الدمشقي: ثقة]، عن وهب الذماري، قال: من آتاه الله القرآن فقام به آناء الليل وآناء النهار، وعمل بما فيه، ومات على الطاعة، بعثه الله يوم القيامة مع السفرة والأحكام،
…
فذكر نحوًا من حديث سوبد بن عبد العزيز.
أخرجه الدارمي (3690 - ط البشائر (110 [الإتحاف (19/ 601/ 25420)].
• وفي النهاية أختم بقول العقيلي في حديث بشير بن المهاجر: "ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث، أسانيدها كلها متقاربة".
وهذا ظاهر فيما تقدم فإن هذه الزيادة التي تفرد بها بشير: "وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه القبر كالرجل الشاحب
…
"، إلى قوله: "بأخذ ولدكما القرآن"، وقوله: "من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به؛ ألبس يوم القيامة تاجًا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والديه حلتان لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن": لا يصح فيها حديث.
ولا تشهد هذه الأسانيد بعضها لبعض، لشدة ضعفها، أو نكارتها، وأما أصل الحديث في فضل تعلم سورتي البقرة وآل عمران: فهو حديث صحيح ثابت من حديث أبي أمامة، ومن حديث النواس بن سمعان، والله أعلم.
* * *
1454 قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا هشام، وهمام، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به، مع السفرة الكرام البررة، والدي يقرؤُه وهو يشتدُّ عليه، فله أجران".
• حديث متفق على صحته
• أخرجه من طريق مسلم بن إبراهيم:
الدارمي (3689 - ط البشائر)، وابن الضريس في فضائل القرآن (29)[وأفرد هشامًا]. وأبو العباس العصمي في جزئه (63)، وابن بشران في الأمالي (672)[وأفرد هشامًا]. [التحفة (11/ 205/ 16102)، الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
• وأخرجه من طريق هشام الدستوائي:
مسلم (798)، وأبو عوانة (2/ 454/ 3800) و (2/ 455/ 3803)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 389/ 1816)، والترمذي (2904)، وقال:"حديث حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (7/ 270/ 7993)، وابن حبان (3/ 44/ 767)، وأحمد
(6/ 48 و 192 و 239)(12/ 6273/ 26668 - ط المكنز)، وإسحاق بن راهويه (2/ 95/ 1317)، والطيالسي (3/ 98/ 1602)، وابن أبي شيبة (6/ 128/ 30036)، وابن الضريس في فضائل القرآن (33)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (5)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 265)، وقال:"والحديث صحيح متفق عليه". وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (98)، والبيهقي في الشعب (4/ 152/ 1822)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 134)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 75 - ط الغرب)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 430/ 1174)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته"[التحفة (11/ 205/ 16102)، الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
رواه عن هشام الدستوائي: ابنه معاذ، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وإسماعيل بن عليه، ووكيع بن الجراح، وأبو داود الطيالسي، وأبو عمر حفص بن عمر الحوضي، ويزيد بن هارون.
ولفظ ابن علية [عند أحمد]: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاقٌّ له أجران".
ولفظ وكيع [عند أحمد]: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو يشتدُّ عليه له أجران".
• وأخرجه من طريق همام بن يحيى:
أحمد (6/ 94)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (48 و 87)، وابن الضريس في فضائل القرآن (33). [الإتحاف 16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
ولفظه عند أحمد: "إن الذي يقرأ القرآن الماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه تشتد عليه قراءته فله أجران".
ولفظه عند أبي عبيد: "إن الذي يقرأ القرآن وهو به ماهر مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يشتدُّ عليه فله أجران".
• وله طرق أخرى عن قتادة:
1 -
رواه آدم بن أبي إياس، وخالد بن الحارث، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وحجاج بن محمد، وعبد الله بن المبارك، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأسود بن عامر، وروح بن عبادة، وعبد الرحمن بن زباد الرصاصي، وعلي بن قادم، وغيرهم: عن شعبة: حدثنا قتادة، قال: سمعت زرارة بن أوفى، يحدث عن سعد بن هشام، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظٌ له؛ مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد؛ فله أجران".
وفي رواية: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يشتد عليه له أجران".
أخرجه البخاري في الصحيح (4937)، وفي خلق أفعال العباد (309)، والترمذي
2904 -
، وقال:"حديث حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (10/ 324/ 11582)، وأبو عوانة (2/ 454/ 3800 - 3802) و (2/ 455/ 3807 و 3808)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 389/ 1816)، وأحمد (6/ 110)، والطيالسي (3/ 98/ 1602)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (49 و 87)، وسعيد بن منصور في السنن (1/ 70/ 14)، وابن الضريس في فضائل القرآن (30)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (4)[وفي سنده سقط؛ أصلحته من أمالي الشجري]. وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (956)، وتمام في الفوائد (1196)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 260)، وقال:"والحديث صحيح متفق عليه". والبيهقي في السنن (2/ 395)، وفي الشعب (4/ 152/ 1822)، وفي الأسماء والصفات (580)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 75 - ط الغرب)، والشجري في الأمالي الخميسية (419 - ترتيبه)، والبغوي في التفسير (1/ 41)، وفي شرح السُّنَّة (4/ 429/ 1173)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته"[التحفة (11/ 205/ 16102)، الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
2 -
ورواه يزيد بن زريع، وعبدة بن سليمان، وابن أبي عدي، وعيسى بن يونس، وسفيان الثوري [وعنه: قبيصة بن عقبة، ومحمد بن يوسف الفريابي]، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وغندر محمد بن جعفر، وهريم بن سفيان البجلي [وهم ثقات، وفيهم من أثبت أصحاب ابن أبي عروبة، ممن سمع منه قبل الاختلاط: يزيد بن زريع، وعبدة بن سليمان، وغيرهما]، وغيرهم:
حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ وهو يتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران اثنان".
وفي رواية [عند أبي عوانة]: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يتعايا في القرآن له أجران".
أخرجه مسلم (798)، وأبو عوانة (2/ 455/ 3805 و 3806)(11/ 41/ 4244 و 4245 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 389/ 5 181)، والنسائي في الكبرى (7/ 269/ 7991 و 7992)، وابن ماجه (3779)، وأحمد (6/ 98 و 170 و 266)، وإسحاق بن راهويه (2/ 95/ 1318)، وأبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (6)(502 - مجموع مصنفاته)، وابن عدي في الكامل (4/ 450 - ط العلمية)، وتمام في الفوائد (1197). [التحفة (11/ 205/ 16102)، الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158 /18724)].
3 -
أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران".
أخرجه مسلم (798)، وأبو عوانة (2/ 455/ 3804)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 389/ 1814)، والنسائي في الكبرى (7/ 269/ 7991)، وابن الضريس في فضائل القرآن (35)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (3)، والبيهقي (2/ 395). [التحفة (11/ 205/ 16102)، الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
4 -
روح بن القاسم [ثقة حافظ]، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن هذا كان مع السفرة الكرام البررة، ومن يتتعتع فيه كان له أجران".
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 348/ 2194)، وتمام في الفوائد (1198).
قال الطبراني: "لم يروه عن روح بن القاسم إلا عيسى بن شعيب".
قلت: وهو صدوق، مشهور بالرواية عن شيخه روح بن القاسم، فلا يستغرب منه تفرده عنه، والحديث صحيح ثابت: من حديث قتادة، مشهور عنه، رواه عنه أثبت الناس فيه، ومن طريقه أخرجه الشيخان، كما تقدم بيانه في طرق الحديث.
• خالف ثقات أصحاب قتادة فوهم في إسناده، بإسقاط سعد بن هشام:
معمر بن راشد [ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، وقد يهم في حديث قتادة، تقدم ذكره مرارًا]، فرواه عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه وهو عليه شديد فله أجران اثنان".
أخرجه عبد الرزاق (2/ 491/ 4194)(3/ 204/ 4324 - ط التأصيل)، و (3/ 375/ 6016)(4/ 111/ 6192 - ط التأصيل)، ومن طريقه: أبو عوانة (2/ 955/ 3804). [الإتحاف (16/ 1094/ 21681)، المسند المصنف (39/ 158/ 18724)].
• قال الدارقطني في العلل (14/ 318/ 3660) لما سئل عن هذا الحديث: "يرويه قتادة، واختلف عنه؛
فرواه شعبة، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، وأبو عوانة، وروح بن القاسم، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة.
ورواه حسين بن عمران، عن قتادة، عن زرارة، عن عائشة، والقول الأول أصح".
قال البرقاني: "وسئل عن حسين بن عمران، فقال: من واسط، وقع إلى خراسان، حدث عنه أبو حمزة السكري، وشعبة، وسويد بن عبد العزيز الدمشقي، وروى عمران القطان عنه حديثًا واحدًا، وأهل خراسان يقولون: حميد، وشعبة يقول: حسين".
قلت: رواية معمر في الأصول الخطية لمصنف عبد الرزاق في الموضعين بدون ذكر سعد بن هشام في إسناده، وأما أبو عوانة فإنه لم يتم إسناده، وإنما أحال إسناد معمر على إسناد من قبله، بقوله:"عن معمر عن قتادة بإسناده، بمثل حديث هشام: "والذي يقرؤه وهو عليه شديد فله أجران اثنان""؛ وظاهره الاتصال كالجماعة، كما أن كلام الدارقطني يدل
على أن رواية معمر كالجماعة بإثبات سعد بن هشام، وكذلك ظاهر تصرف ابن حجر في الإتحاف، والله أعلم.
• تنبيه: اشتهر على ألسنة الناس بعد هذا الحديث زيادة تفسيرية مدرجة في آخره بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "له أجران"، حيث يزيد بعضهم: أجر على قراءته وأجر على تعتعته، وهذه الزيادة لم أقف لها على إسناد صحيح ولا ضعيف، ولم أجد من نص عليها في شرح معنى الأجرين من الأئمة المتقدمين، والله أعلم.
• وقد روي نحوه من حديث أبي هريرة:
رواه بشير بن ميمون [الخراساني ثم الواسطي: متروك، متهم بالوضع. التهذيب (1/ 236)]، وعمر بن طلحة الليثي [عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثى: ضعيف، قال فيه ابن عدي:"أحاديثه عن سعيد المقبري بعضه مما لا يتابعه عليه أحد"، قلت: وهذا منها، وقد أنكره عليه ابن عدي في جملة ما أنكر عليه. التهذيب (3/ 235)]، وحُكيم بن محمد [مجهول. التاريخ الكبير (3/ 94)، الجرح والتعديل (3/ 287)، الثقات (6/ 242)، التهذيب (1/ 476)، والراوي عنه: علي بن عبد الرحمن بن عثمان، وهو: مجهول أيضًا. التاريخ الكبير (6/ 285)، الجرح والتعديل (6/ 195)، الثقات (8/ 458)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 221)]:
عن [سعيد بن أبي سعيد] المقبري، عن أبي هريرة، أُراه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من تعلم القرآن وهو شاب اختلط بلحمه ودمه، وكان رفيق الكرام البررة، ومن تعلم بعدما كبر وهو يتفلت منه وهو حريص عليه، فذلك به أجره مرتان". لفظ بشير.
ولفظ عمر بن طلحة: "من تعلم القرآن في شبيبته اختلط القرآن بلحمه ودمه، ومن تعلمه في كبره فهو ينفلت منه ولا يتركه فله أجره مرتين".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 95)، وابن عدي في الكامل (6/ 95 - ط العلمية)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (99)، والبيهقي في السنن الصغرى (1/ 267/ 965)، وفي الشعب (4/ 128/ 1799) و (4/ 129/ 1800) و (5/ 120/ 2440 م)، وفي المدخل إلى السنن (2/ 796/ 1739)، وابن الكمال الحنبلي في المنتقى من سماعاته (14).
قلت: هو حديث منكر، لا يُعرف عن سعيد المقبري من وجه صالح.
• ورواه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم: نا عمرو بن أبي سلمة [التنيسي الدمشقي: صدوق؛ إذا روى عن غير زهير بن محمد التميمي]: ثنا صدقة بن عبد الله، عن طلحة بن زيد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تعلم العلم وهو شاب كان كوشم في حجر، ومن تعلم العلم بعدها يدخل في السن كان كالكاتب على ظهر الماء".
أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 356 /481).
قلت: هذا حديث موضوع؛ طلحة بن زيد الرقي: منكر الحديث، قال أحمد وابن المديني وأبو داود:"يضع الحديث"[التهذيب (2/ 238)]، وصدقة بن عبد الله السمين: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها [التهذيب (2/ 206)]، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن الحكم بن أبي مريم: قال ابن عدي: "يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل"، هكذا افتتح ترجمته، ثم ختمها بقوله:"إما أن يكون مغفلًا لا يدري ما يخرج من رأسه، أو يتعمد، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظ"[الكامل (4/ 255)، الإرشاد (2/ 473)، ضعفاء ابن الجوزي (2/ 139)، اللسان (4/ 562)].
• ورواه الحسين بن الحسن بن مهاجر [أبو محمد السلمي النيسابوري: صدوق. الأنساب (5/ 412)، تاريخ الإسلام (6/ 538 - ط الغرب)]: ثنا هارون بن سعيد الأيلي [مصري، ثقة]: أخبرنا خالد بن نزار، عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلم القرآن في شبيبته اختلط القرآن بلحمه ودمه، ومن تعلمه في كبره فهو ينفلت منه ولا يتركه فله أجره مرتين".
أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن (2/ 796/ 1738).
قال أبو عبد الله الحاكم بعد حديث عمر بن طلحة: "هذا الإسناد أولى أن يكون محفوظًا من الأول، والله أعلم"، يعني: من حديث أبي الزناد عن الأعرج هذا.
قلت: هذا إسناد مدني على شرط مسلم، من لدن موسى بن عقبة فمن فوقه، وعلى شرط الشيخين من لدن أبي الزناد فمن فوقه، تفرد به عن أهل المدينة: إبراهيم بن طهمان، وهو: ثقة يغرب، خراساني سكن نيسابور ثم مكة.
ثم تفرد به عنه: خالد بن نزار الأيلي، والحمل عليه في هذا الحديث؛ فإنه لا يحتمل من مثله التفرد بمثل هذا، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يغرب ويخطئ"، وأطلق توثيقه الدارقطني، وبعض المغاربة مثل: ابن وضاح، وابن عبد البر، وقدمه ابن الجارود على حرمي بن عمارة [الثقات (8/ 223)، سؤالات السلمي (188)، جامع بيان العلم (1/ 396/ 570)، تاريخ الإسلام (16/ 149)، التهذيب (1/ 534)]، وله أوهام في الأسانيد، وغرائبه كثيرة [انظر: علل ابن أبي حاتم (71 و 85 و 2146)، علل الدارقطني (12/ 123/ 2508)، أطراف الغرائب والأفراد (577 و 939 و 1599 و 2447 و 2995 و 3527 و 4632 و 5266 و 5411 و 5577 و 5634 و 6001 و 6189 و 6241 و 6452 و 6486)، معرفة علوم الحديث (102)، فضل الرحيم الودود (9/ 267/ 832)]، فهو حديث منكر، والله أعلم.
• وروي أيضًا من حديث أبي هريرة مطولًا، وفيه موضع الشاهد [أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 95)، والبيهقي في الشعب (4/ 128/ 1799) و (4/ 167/ 1836)، والجوزقاني في الأباطيل (2/ 344/ 686)][تفرد به عن سعيد المقبري وزيد بن أسلم: إسماعيل بن رافع بن عويمر، وهو: متروك، منكر الحديث. التهذيب (1/ 149)، الميزان (1/ 227)].
• وقد روى حسين بن محمد [هو: ابن بهرام التميمي المرُّوذي، سكن بغداد: ثقة]، قال: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: من أخذ القرآن وهو شاب، اختلط بلحمه ودمه، وكان رفيق السفرة الكرام البررة، ومن أخذه كبيراً، وهو حريمعليه، ويتفلت منه، فذاك الذي له أجره مرتين.
أخرجه ابن بطة في الإبانة (5/ 173/ 364).
قلت: هو حديث منكر؛ وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي: ضعيف، كان لا يحفظ الأسانيد، روى عن المقبري أحاديث منكرة [التهذيب (4/ 214)]، ونقل أبو داود في مسائله لأحمد (1935) عن أحمد قوله:"لا يقيم الإسناد؛ يجعل أحاديث المقبري عن أبي هريرة".
• ولعل أصله ما رواه عمرو بن الربيع بن طارق [كوفي، نزل مصر: ثقة]، عن عبد الله بن لهيعة [ضعيف، يعتبر بحديثه]، عن خالد بن يزيد أمصري، ثقة]، عن سعيد بن أبي هلال [ثقة]، عن بشير بن المحرر [مجهول]، عن عبد الله بن عثمان بن الحكم [مجهول. تاريخ دمشق (29/ 371)]، أن مروان بن الحكم، سمع كعب الأحبار، يقول: إن في التوراة أن الفتى إذا تعلم القرآن وهو حديث السن، وحرص عليه، وعمل به، وتابعه، خلطه الله بلحمه ودمه، وكتبه عنده من السفرة الكرام البررة، وإذا تعلم الرجل القرآن وقد دخل في السن، فحرص عليه، وهو في ذلك يتابعه، ويتفلت منه، كتب له أجره مرتين.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (47)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 371).
قال ابن عساكر: "خالفه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال في إسناده"، ثم ساق بإسناده إلى: سعيد بن أبي مريم [ثقة ثبت]: نا ابن وهب [ثقة حافظ]، عن عمرو بن الحارث [ثقة ثبت]، أخبره عن سعيد بن أبي هلال، عن المقبري، عن بشير بن الحارث، قال: إن في التوراة: أن الغلام إذا تعلم القرآن وهو حديث السن
…
، ثم ساق كلامًا طويلًا في فضل القرآن.
• وروي نحوه أيضًا من حديث معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن وعمل بما فيه ومات في الجماعة بعثه الله يوم القيامة مع السفرة والحكام [وفي رواية: مع السفرة والبررة]، ومن قرأ القرآن وهو ينفلت منه، ولا يدعه فله أجره مرتين،
…
" الحديث.
وهو حديث منكر؛ تقدم تخريجه تحت الحديث السابق (1453).
• وروي بعض معناه من حديث أنس [أخرجه الطبراني في الصغير (1120)] [تفرد به عن قتادة: خليد بن دعلج، وهو: ضعيف، روى عن قتادة أحاديث منكرة. التهذيب (1/ 550)، والراوي عنه: روح بن عبد الواحد: قال فيه العقيلي: "لا يتابع على حديثه"، وقال
أبو حاتم: "ليس بالمتقن، روى أحاديث فيها صنعة"، وقال مرة أخرى:"شيخ"، وقال ابن عدي في ترجمة خليد:"وهذه الأحاديث عن خليد عن قتادة عن أنس: بعضها قد شارك خليد غيره عن قتادة، وبعضها لم يشاركوه فيه، فالذي لم يشاركوه فيه: يا حبذا كل عالم، وحديث القثاء، ولعل البلاء ممن رواه عن خليد"، وفي أحدهما: روح بن عبد الواحد، وذكره ابن حبان في الثقات. ضعفاء العقيلي (2/ 58)، الجرح والتعديل (3/ 499)، الكامل (3/ 48)، اللسان (3/ 482)، وشيخ الطبراني: وافد بن موسى: مجهول الحال].
• قال إسحاق بن راهويه في مسنده: "معناه أجران: يعني: نفس الحروف، أي: أجر كل حرف يضاعف له حتى يصير له أجران، والماهر به هو فوقه، كما جاء: "من قال مثل ما يقول المؤذن فله مثل أجره" يعني: مثل أجر الكلمات التي تكلم بها المؤذن، ويفضله المؤذن بما صار مؤذناً، فله مثل أجر من سمعه من رطب ويابس، وهو كالمتشحط في دمه وهو أول من يكسى، وأشباه ذلك، خُصَّ بها المؤذن".
وقال الخطابي في أعلام الحديث (3/ 1939): "السفرة: الكتبة، وهم الملائكة، واحدهم سافر، كما قيل: كائب وكتبة، وقيل للكتاب: سِفر، لأنه يسفر عن الشيء، أي يبينه ويوضحه".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة: "السفرة: هم الملائكة، سموا سفرة، لأنهم ينزلون بوحي الله، وما يقع به الصلاح بين الناس، كالسفير الذي يصلح بين القوم، يقال: سفرت بين القوم، أي: أصلحت بينهم، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)} [عبس: 15]، ويقال: السفرة: الكتبة، واحدهم سافر، وسمي الكتاب سِفراً، لأنه يسفر الشيء ويبينه، وسمي الكاتب سافرًا، لأنه يبين الشيء ويوضحه، ومنه إسفار الصبح، قال الله سبحانه وتعالى: {يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] أي: كتبًا، واحدها: سِفر".
* * *
1455 -
. . . أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينةُ، وغَشِيَتهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم الله فيمن عنده".
• حديت صحيح
• قال أبو داود في هذا الموضع: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية به، مقتصرًا منه على موضع الشاهد، ثم أعاده أبو داود في كتاب الأدب، باب في المعونة للمسلم، الحديث رقم (4946)، لكن قال: حدثنا أبو بكر، وعثمان، ابنا أبي شيبة - المعنى -، قالا: حدثنا أبو معاوية، ثم قرن به حديث جرير بن عبد الحميد، وحديث
أسباط بن محمد، كلهم عن الأعمش، وبين وجوه الاختلاف والاتفاق بينهم، ثم ساق حديث أبي معاوية مع الآخرين مقتصرًا منه على موضع الشاهد، مثلما فعل هنا، ومن المصنفين من روى حديث أبي معاوية تامًا بجميع أطرافه.
• وحديث أبي معاوية: أخرجه مسلم (2699)، وأبو عوانة (20/ 428/ 11861 و 11862)، وابن ماجه (225 و 2417 و 2544)، وابن حبان (84)، وابن الجارود (802)، والحاكم (1/ 89)(1/ 212/ 303 - ط الميمان)، وأحمد (2/ 252 و 406 - 407)، وأبو خيثمة زهير بن حرب في العلم (25)، وابن أبي شيبة (5/ 26117/ 284) و (5/ 327/ 26567)، والبزار (16/ 75/ 9128)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 261/ 108) و (2/ 861/ 531)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 11)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (20 و 26)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (20)، وأبو الشيخ في التوبيخ (116)، وابن المقرئ في الأربعين (3)، وأبو علي التنوخى في الفرج بعد الشدة (1/ 121/ 16)، وابن بشران في الأمالي (674 و 1349)، والقضاعي في مسند الشهاب (458)، والبيهقي في الشعب (3/ 537/ 1572) و (15/ 550/ 10737)، وفي الآداب (855)، وفي المدخل (2/ 672/ 1460)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 337) و (23/ 131)، وفي جامع بيان العلم (46)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده المهروانيات بتخريج الخطيب البغدادي (81)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (1/ 152/ 180) و (4/ 295/ 3461)، والجوزقانى في الأباطيل (83)، وقال:"هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في الصحيح". وابن عساكر في المعجم (696). [التحفة (9/ 129 / 12510) و (9/ 136/ 12537)، الإتحاف (14/ 585/ 18276) و (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
رواه عن أبي معاوية: أحمد بن حنبل، ويحيى بن يحيى التميمي النيسابوري، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وأبو كريب محمد بن العلاء الهمداني، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وعمرو بن علي الفلاس، وعفان بن مسلم، وعلي بن محمد الطنافسي، ويحيى بن داود الواسطي، وعلي بن حرب الطائي، وسلم بن جنادة السوائي، ومحمد بن حماد الأبيوردي [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ أئمة]، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي [ضعيف].
ولفظه عند مسلم تامًا: أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفَّس عن مؤمن كُربةً من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كُربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة،
وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله، لم يسرع به نسبه".
• تابع أبا معاوية محمد بن خازم الضرير [وهو ثقة، من أثبت أصحاب الأعمش].
أ - عبد الله بن نمير [ثقة]، وأبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]، قالا:
حدثنا الأعمش، -قال ابن نمير: عن أبي صالح، وفي حديث أبي أسامة-: حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
بمثل حديث أبي معاوية.
ولفظ ابن نمير [عند أبي عوانة]: "من نفس عن مؤمن كربة من كوب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في مسجد من مساجد الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفت بهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
ولفظ أبي أسامة [عند الترمذي (2945)]: "من نفَّس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وما قعد قوم في مسجد يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
أخرجه مسلم (2699)(7/ 64/ 2797 - ط التأصيل)(238/ ب - مخطوط ط البشائر)، وأبو عوانة (20/ 429/ 11863)، والترمذي (2646) و (2945)، والحاكم (1/ 89)(1/ 212/ 304 - ط الميمان)، وأحمد (2/ 252)، وابن أبي الدنيا في اصطناع المعروف (111)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (20)، وابن منده في التوحيد (2/ 186/ 330)، وابن بشران في الأمالي (674 و 1349)، والبيهقي في الشعب (4/ 153/ 1823)، وفي الزهد (774)، وفي الآداب (92)، وفي الأربعين الصغرى (2 و 94)، وفي المدخل (2/ 672/ 1460)، والشجري في الأمالي الخميسية (2513 - ترتيبه)[وعنده أيضًا التصريح بسماع الأعمش من أبي صالح، من رواية أبي أسامة]. وأبو الغنائم النرسي في ثواب قضاء حوائج الإخوان (3)، والبغوي في شرح السُّنَّة (127) ، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (3/ 274/ 2325)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 93/ 2137). [التحفة (9/ 102/ 12426) و (9/ 120/ 12486)، الإتحاف (14/ 585/ 18276)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
قال الترمذي في الموضع الأول: "هذا حديث حسن".
وقال في الموضع الثاني: "هكذا روى غير واحد عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل هذا الحديث.
وروى أسباط بن محمد، عن الأعمش، قال: حُدِّثت عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر بعض هذا الحديث".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، واللفظة التي أسندها زائدة قد وقفها غيره [يعني: "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه"]، فأما طلب العلم فلم يختلف على الأعمش في سنده"، يعني: في رفعه ووقفه.
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم".
قلت: قد صرح بسماع الأعمش من أبي صالح: أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو: ثقة ثبت، من أعلم الناس بحديث أهل الكوفة.
2 -
ورواه محاضر بن المورع [صدوق، من أصحاب الأعمش]، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني [كوفي، صدوق]:
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا، بتمامه نحو حديث أبي معاوية وابن نمير وأبي أسامة.
أخرجه أبو عوانة (20/ 429/ 11864)، وابن حبان في الصحيح (3/ 768/45) و (11/ 425 /5045)، وفي روضة العقلاء (850)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (547)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 603 - ط الغربإ، والبغوي في شرح السُّنَة (127 م). [الإتحاف (14/ 578/ 18265) و (14/ 585/ 18276) و (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (53/ 103/ 15295)].
3 -
ورواه مقطعًا: أبو عوانة، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وعلي بن صالح بن حي [وهم ثقات]:
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفَّس عن مسلم كربةً نفَّس الله عنه يوم القيامة كربةً من كرب الآخرة، ومن يسَّر على مسلم [وفي رواية: معسر] يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله عز وجل في عون العبد ما كان في عون أخيه". لفظ أبي عوانة [عند الطيالسي، وهو عند الترمذي والنسائي بدون التيسير على المعسر]، وكذا لفظ حديث جرير عند أبي داود مقرونًا بحديث أبي معاوية وأسباط بن محمد.
وفي رواية: "ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله عز وجل؛ يتعلمون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، وما من رجل يسلك طريقًا يلتمس فيه العلم إلا سهل الله عز وجل له به طريقًا إلى الجنة، [ومن يبطئ به عمله لا يسرع به نسبه] ". لفظ أبي عوانة [عند أحمد وابنه]. وزاد زائدة وعلي بن صالح: "وتنزلت عليهم السكينة".
أخرجه أبو داود (3643) و (4946)، والترمذي (1425)، والنسائي في الكبرى (6/ 466/ 7248) و (6/ 467/ 7249)، والدارمي (370 - ط البشائر)، وأبو عوانة (20/ 430/
11865)، والحاكم (1/ 88 - 89)(1/ 211/ 302 - ط الميمان)، وأحمد في المسند (2/ 407)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على الزهد لأبيه (126)، وأبو خيثمة زهير بن حرب في العلم (25)، والطيالسي (4/ 183/ 2561)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2344)، وأبو بكر النصيبي في فوائده (98)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (25)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (19)، والطبراني في الأوسط (4/ 126/ 3780)، وأبو الشيخ في التوبيخ (114)، والجوهري في مسند الموطأ (16)، وأبو هلال العسكري في جمهرة الأمثال (2/ 312)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 441)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (74)، والقضاعي في مسند الشهاب (393 و 394)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (44 و 45)، وفي التمهيد (23/ 127)(15/ 50 - ط بشار)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 527). [التحفة (9/ 82/ 12359) و (9/ 87/ 12377) و (9/ 125/ 12500)، [الإتحاف (14/ 585/ 18276) و (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
• تنبيه: وقع في رواية شاذة [عند النسائي (7249)، وغيره] شك من الراوي عن أبي عوانة، حيث قال في إسناده:"وربما قال: عن أبي سعيد"؛ قلت: إنما هو حديث أبي هريرة، والمحفوظ عن أبي عوانة: عن أبي هريرة، بغير شك.
والمحفوظ عنه أيضًا: هو ما رواه أحمد في المسند، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة: حدثنا سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
…
فذكر الحديث. وهكذا رواه أيضًا عن أبي عوانة بغير شك في إسناده: شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وأبو داود الطيالسي، وقتيبة بن سعيد، وآدم بن أبي إياس، ويحيى بن حماد ختن أبي عوانة، وإبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي العلاف، وهم ثقات [وانظر للفائدة: معجم ابن الأبار (44)، ورواية من حفظ وضبط أولى من رواية من شك ولم يضبط].
قال الترمذي: "وفي الباب عن عقبة بن عامر، وابن عمر.
حديث أبي هريرة: هكذا روى غير واحد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو رواية أبي عوانة، وروى أسباط بن محمد، عن الأعمش، قال: حُدِّثت عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وكان هذا أصح من الحديث الأول".
4 -
وروى منه طرفًا من أطرافه:
أبو بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب]، وعبيد الله بن زحر [ليس به بأس، وقد ضُعِّف. وعنه: يحيى بن أيوب الغافقي، وهو: صدوق، سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا]، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي [صدوق، كثير الخطأ. اللسان (8/ 518)]، والفضيل بن عياض [ثقة عابد. وعنه: خادمه إبراهيم بن الأشعث، ذكر لأبي حاتم حديث لإبراهيم؛
فقال: "هذا حديث باطل موضوع، كنا نظن بإبراهيم بن الأشعث الخير؛ فقد جاء بمثل هذا"، وقال ابن حبان في الثقات:"يغرب ويتفرد، ويخطئ ويخالف"، لكنه قال في المجروحين:"ثقة مأمون"؛ فتعقبه الدارقطني قائلاً: "إبراهيم بن الأشعث: ضعيف، يحدث عن الثقات بما لا أصل له، وزعموا أنه كان من العباد]، ووثقه أحد الرواة عنه، علي بن الحسن الهلالي. الجرح والتعديل (2/ 88)، الثقات (8/ 66)، المجروحين (1/ 291)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (91)، تاريخ الإسلام (5/ 515 - ط الغرب)، اللسان (1/ 245)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 158)]، وغيرهم:
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فرج عن مؤمن كربة
…
" إلى قوله: "في عون أخيه".
وفي رواية لأبي بكر [عند أحمد]: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة".
أخرجه أحمد (2/ 325)، وأبو يوسف في الخراج (125)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (2/ 859/ 528)، والطبراني في الأوسط (178)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 119)، وابن بشران في الأمالي (183)، والبيهقي في الشعب (11/ 283/ 7209)، وابن عساكر في المعجم (1169). [المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
قال الطبراني: "لم يروه عن عبيد الله بن زحر؛ إلا يحيى بن أيوب، تفرد به: سعيد بن أبي مريم".
وقال أبو نعيم: "مشهور من حديث الأعمش، رواه عنه من القدماء محمد بن واسع، ولم نكتبه من حديث فضيل إلا من حديث إبراهيم بن الأشعث".
5 -
وروى عبد الأعلى بن حماد النرسي، وعبيد الله بن محمد بن عائشة، وعبد الواحد بن غياث، والعلاء بن عبد الجبار [وهم ثقات في الجملة]:
حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن واسع، وأبي سورة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ستر أخاه المسلم ستره الله يوم القيامة، ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". لم يذكر ابن عائشة والعلاء: أبا سورة في الإسناد.
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 466/ 7247)، وابن حبان (2/ 292/ 534)، وابن أبي الدنبا في قضاء الحوائج (114)، وفي اصطناع المعروف (195)، والبزار (16/ 76/ 9129)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (9)، والطبراني في الأوسط (2/ 269/ 1951)، وفي مكارم الأخلاق (86)، وأبو الشيخ في التوبيخ (112)، وأبو علي التنوخي في الفرج بعد الشدة (1/ 16/121)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (548)، والدارقطني في العلل (10/ 187/ 1966)، والشجري في الأمالي الخميسية (2512 -
ترتيبه)، وأبو الغنائم النرسي في ثواب قضاء حوائج الإخوان (26). [التحفة (9/ 112/ 12462)، الإتحاف (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي سورة إلا حماد بن سلمة".
قلت: وأبو سورة هذا لا أستبعد أن يكون هو: سعيد بن شيبان الطائي [التاريخ الكبير (3/ 482)، الجرح والتعديل (4/ 33)، الثقات (4/ 292)]، وإلا فهو: مجهول.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على حماد بن سلمة، وسلك فيه الجادة: ما أخرجه ابن المقرئ في المعجم (1303)، والدارقطني في العلل (12/ 28/ 2370)، وأبو محمد الخلال في ذكر من لم يكن عنده إلا حديث واحد (19)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 285 - ط الغرب).
• ورواه الحارث بن نبهان [متروك، منكر الحديث]، عن محمد بن واسع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا.
أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 188/ 1966).
• وروي أيضًا من وجه آخر عن محمد بن واسع به؛ لكنه غريب جدًا، ولا يثبت [أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 188/ 1966)].
وقد اختلف على محمد بن واسع في إسناد هذا الحديث، ويأتي ذكر الاختلاف فيه عند ذكر بقية طرق الحديث عن أبي صالح، وهذا الوجه هو المحفوظ عن محمد بن واسع، وهو حديث صحيح.
• زاد في متنه: "من أقال مسلمًا
…
":
6 -
ورواه مالك بن سُعير بن الخِمس [لا بأس به]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من ستر على مسلم عورةً ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسَّر على مسلم يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه، ومن نفَّس عن مسلم كربةً نفَّس الله عته كربةً من كرب يوم القيامة، ومن أقال مسلمًا [عثرة] أقاله الله عثرته يوم القيامة". ولفظه بتمامه لابن أبي الدنيا، ونحوه عند المخلص دون جملة التيسير.
أخرجه ابن ماجه (2199)، والمؤمل بن إهاب في جزئه (1)، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (97)، وفي اصطناع المعروف (177)، والبزار (16/ 77/ 9130)، وأبو علي التنوخي في الفرج بعد الشدة (1/ 16/121)، وأبو طاهر المخلص في جزء ابن الطلاية (80)(2990 - المخلصيات)، والذهبي في معجم الشيوخ (1/ 391). [التحفة (9/ 110/ 12457)، المسند المصنف (33/ 112/ 15299)].
رواه عن مالك: المؤمل بن إهاب [صدوق]، وزياد بن يحيى الحساني النكري [ثقة]. قال البزار: "وهذا الحرف الذي زاده مالك بن سعير؛ فلا نعلم رواه عن الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ إلا مالك بن سعير، ورواه يحيى بن معين عن حفص، ولم يتابع على رفعه عن أبي هريرة رضي الله عنه".
وقال الدارقطني في العلل (10/ 185/ 1966): "ورواه مالك بن سعير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وزاد فيه على من تقدمت أحاديثهم: "ومن أقال مسلمًا أقاله الله عثرته يوم القيامة".
وهذا اللفظ كان يقال: إن يحيى بن معين تفرد بروايته عن حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، حتى وجد مالك بن سعير يرويه عن الأعمش، والله أعلم"، يعني: أنه أزال عنه دعوى التفرد بهذه الجملة عن الأعمش.
• ورواه يحيى بن معين [ثقة حافظ، إمام حجة]: حدثنا حفص بن غياث [ثقة، من أثبت أصحاب الأعمش، قدمه فيه يحيى القطان وابن مهدي. شرح العلل (2/ 719)]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال مسلمًا أقاله الله عثرته". وفي رواية: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة". وفي رواية: "من أقال نادمًا أقاله الله
…
".
أخرجه أبو داود (3460)، وابن حبان (11/ 405/ 5030)، والحاكم (2/ 45)(3/ 93/ 2322 - ط الميمان)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (2/ 252) [انظر: السير (9/ 32)]. وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (176)، وأبو يعلى في المعجم (326)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (2/ 668/ 411)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (62)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (78)، وابن بشران في الأمالي (998)، والبيهقي في السنن (6/ 27)، وفي الشعب (12/ 287/ 7957)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 78 - ط الغرب)، وفي الكفاية (68)، والشجري في الأمالي الخميسية (2514 - 2516 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (65/ 5 و 6)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري،"الطيوريات"(654)، والذهبي في معجم الشيوخ (1/ 391)، وفي السير (6/ 243) و (9/ 32) و (11/ 74)، وغيرهم [التحفة (9/ 87/ 12375)، الإتحاف (568/ 14/ 18235)، المسند المصنف (33/ 112/ 15299)].
رواه عن ابن معين: أبو داود السجستاني، وأبو زرعة الدمشقي، وعبد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، والعباس بن محمد الدوري، وأبو المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأحمد بن على بن سهل المروزي، وأحمد بن محمد بن يزيد الوراق، وأبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة [وهم ثقات في الجملة]، وغيرهم.
قال ابن حبان: "ما روى عن الأعمش إلا حفص بن غياث، ومالك بن سعير، وما روى عن حفص إلا يحيى بن معين، ولا عن مالك بن سعير إلا زياد بن يحيى الحساني".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقد قيل: إن أبا بكر ابن أبي شيبة تكلم في يحيى بن معين لأجل تفرده بهذا الحديث عن حفص بن غياث، وأنه ليس في كتب حفص، ولا في كتب ابنه عمر؛ لكن هذه الحكاية لا تثبت؛ حيث تفرد بها عن ابن أبي شيبة: حسين بن حميد بن الربيع الخزاز الكوفي، وحسين هذا كذبه مطين، وقال الخليلي:"محله الصدق، ويروي الغرائب، سمع منه شيوخ بغداد، ليس بالمتين"، وقال ابن عدي:"وهذه الحكاية لم يحكها عن أبي بكر بن أبي شيبة غير حسين بن حميد هذا، وهو متهم في هذه الحكاية، وأما يحيى بن معين: فهو أجلُّ من أن يقال فيه شيء مثل هذا، لأن عامة الرواة به يُستَبرأ أحوالهم، وهذا الحديث قد رواه عن حفص بن غياث: زكريا بن عدي"، ثم أسنده من طريقه، ثم قال:"وقد رواه عن الأعمش أيضًا: مالك بن سعير، والحسين بن حميد: عندي متهم فيما يرويه، كما قال مطين"، وكان ابن عدي قد ذكر هذه الحكاية في ترجمة ابن معين من مقدمة الكامل، ثم قال:"وقد روى هذا الحديث مالك بن سعير عن الأعمش، وما قاله أبو بكر بن أبي شيبة إن كان قاله؛ فإن الحسين بن حميد: لا يعتمد على روايته في ابن معين؛ لا شيء، فإن يحيي أوثقُ وأجلُّ من أن ينسب إليه شيءٌ من ذلك، وبه يُستبرأ أحوال الضعفاء، وقد حدث به عن حفص غير يحيى: زكريا بن عدي، من رواية أبي عوف البزوري عنه"[الكامل لابن عدي (1/ 309 - ط الرشد) و (4/ 34 - ط الرشد)، الإرشاد (2/ 622)، تاريخ بغداد (8/ 565 - ط الغرب) و (9/ 78 - ط الغرب)، ترتيب الأمالي الخميسية (2316)، تاريخ دمشق (65/ 6)، تاريخ الإسلام (5/ 967 - ط الغرب)، اللسان (3/ 159)، وانظر: إكمال مغلطاي (253 - التراجم الساقطة)، التنكيل (1/ 450)].
قال الذهبي في السير (11/ 76) بعد ذكر كلام ابن عدي: "قلت: فحاصل الأمر: أن يحيى بن معين مع إمامته: لم ينفرد بالحديث، ولله الحمد"[وإن كان قد جزم قبل ذلك بتفرده عن حفص بهذا الحديث. انظر: السير (9/ 32)، قال: "وهو يعد في أفراد يحيى بن معين". و (11/ 75)].
قلت: فزال بذلك تفرد يحيى بن معين بهذا الحديث عن حفص بن غياث؛ تابعه: زكريا بن عدي بن الصلت، وهو: ثقة حافظ.
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 35/ 5363 - ط الرشد).
فإن قيل: فإن الراوي عن زكريا بن عدي هو: أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوري، فقد قال عنه الدارقطني:"لا بأس به"، ووثقه الخطيب والسمعاني، وروى عنه جماعة من كبار الحفاظ والنقاد، لكن قال ابن حبان في المجروحين:"شيخ كان بطرسوس، يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه"، واتهمه بوضع حديث:"لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن، بهم تغاثون، وبهم ترزقون، وبهم تمطرون"، ولم ينكر عليه غيره [المجروحين (2/ 61)، سؤالات الحاكم (144)، تاريخ بغداد (11/ 563 - ط الغرب)، الأنساب (1/ 343)]، وقال الذهبي:"هذا كذب" [السير
(12/ 532)، الميزان (2/ 589)]، وقد فرَّق الذهبي بين البزوري والطرسوسي، وجعلهما ابن حجر واحدًا، وهو الأقرب، واعتذر له عن هذا الحديث بأنه أُدخِل عليه، وأنه حديث باطل [السير (12/ 530)، الميزان (2/ 588)] تاريخ الإسلام (6/ 569 - ط الغرب)، اللسان (5/ 134)]، قلت: هو صدوق مشهور، ادخل عليه حديثٌ وشُبِّه به عليه، فلا يسقط الرجل لأجل ذلك، ويبقى بقية حديثه على الاستقامة حتى يأتي ما يدل على خطئه ووهمه، ولم يورده العقيلي في ضعفائه، ولا ابن عدي في كامله، ولذا صدر الذهبي ترجمته في السير بقوله:"الإمام، المحدث، الصادق"، وقد فرَّق بين البزوري والطرسوسي لما رأى من كثرة حديث البزوري واستقامته، ورواية الكبار عنه، والحاصل: أن البزوري يحتمل في مثل هذا، وهو معروف بكثرة الرواية عن زكريا بن عدي، والله أعلم.
• فإن قيل: قال الخطيب: "وهذا الحديث أيضًا مما قيل: إن حفصًا تفرد به عن الأعمش، وقد توبع عليه،
…
"، ثم ساق بإسناده إلى: عبد المؤمن بن خلف النسفي [إمام حافظ قدوة. السير (15/ 480)]، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد [هو: الحافظ الإمام الناقد صالح جزرة. ت (293)]، عن حديث حفص، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: "من أقال
…
" الحديث؟ فقال أبو علي: "حفص ولي القضاء، وجفا كتبه، وليس هذا الحديث في كتبه".
قلت: أخشى أن يكون صالح بن محمد جزرة أخذ هذا القول عن: حسين بن حميد بن الربيع [ت (283)]، فإنه أقدم وفاة من صالح جزرة بما يقرب من عشر سنوات، ولو كان هذا الحديث من أوهام حفص على الأعمش، لما سكت ابن معين على ذلك، وقد عُرف عنه الإنكار على حفص بن غياث ما ينفرد به دون الناس [انظر مثلًا: سؤالات ابن محرز (2/ 26/ 25)، تاريخ بغداد (9/ 76 - ط الغرب)]، فكيف وقد حدث به ابن معين عن حفص؛ فضلًا عن أن ينكره عليه، بل قد اشتهر الحديث عن ابن معين ورواه عنه الخلق، وهذا الحديث قد رواه يحيى بن معين وزكريا بن عدي عن حفص بن غياث، ولم ينفرد به حفص، بل تابعه عليه: مالك بن سعير بن الخمس، فهي زيادة محفوظة عن الأعمش، والله أعلم.
وقد احتج البخاري في صحيحه بشيء من أفراد حفص بن غياث عن الأعمش، وزياداته على أصحاب الأعمش:
فمن أفراد حفص عن الأعمش مما احتج به البخاري في الصحيح (4741): ما تفرد به حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد مرفوعًا: في حديث بعث النار: "فينادي بصوت"، قال الذهبي في السير (9/ 31):"احتج بهذه الكلمة بعض قضاتنا على أن حفصًا لا يحتج به في تفرده عن رفاقه بخبر: "فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تبعث بعثًا إلى النار" فهذه اللفظة ثابتة في صحيح البخاري، وحفص: فحجة، والزيادة من الثقة: فمقبولة، والله أعلم".
° وعليه: فإن حديث: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة": حديث صحيح، تتابع عليه ثقتان عن الأعمش، وهو في معنى الفقرة الأولى من الحديث:"من ستر على مسلم عورةً ستره الله في الدنيا والآخرة"، والله أعلم.
وقد صححه ابن حبان والحاكم، واحتج به أبو داود، وممن صححه أيضًا: ابن حزم في المحلى (7/ 483 و 484)، وابن دقيق العيد في البدر المنير (6/ 556)، والبوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 18/ 78)، وغيرهم.
وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 106): "والحديث محفوظ من غير حديث مالك".
• ورواه إسحاق بن محمد الفروي، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال:"من أقال نادمًا بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة".
أخرجه البزار (15/ 374/ 8967)، وابن المنذر في الأوسط (10/ 389/ 8190)، والطحاوي في المشكل (13/ 314/ 5291)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 106)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (61)، وابن الأعرابي في المعجم (231)، وابن حبان (11/ 404/ 5029)، والطبراني في مكارم الأخلاق (60)، والقضاعي في مسند الشهاب (453 و 454)، والبيهقي (6/ 27)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 17)[الإتحاف (14/ 568/ 18235)، المسند المصنف (33/ 112/ 15299)].
قال البزار: "وهذان الحديثان اللذان رواهما الفروي عن مالك؛ لا نعلم أحدًا شاركه فيهما"، وهذا أحدهما، والآخر حديث:"من قتل دون ماله فهو شهيد".
وقال ابن حبان: "ما روى عن مالك إلا إسحاق الفروي".
وقال العقيلي: "وله غير حديث عن مالك لا يتابع عليه"، وقال في أول ترجمته:"إسحاق بن محمد الفروي: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها"، وذكر له حديثين بهذا الإسناد، هذا أحدهما، والآخر حديث:"من قتل دون ماله فهو شهيد"، ثم قال:"والحديثان محفوظان من غير حديث مالك".
* ثم رواه إسحاق بن محمد الفروي مرة أخرى، قال: ثنا مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله تعالى يوم القيامة".
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (2/ 671/ 412)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 345)، والبيهقي في السنن (6/ 27)، وفي الشعب (12/ 129/ 7720).
قال أبو العباس [راويه عن الفروي والمتفرد به عنه، وهو: عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير أبو العباس العبدي الدورقي، وهو: ثقة. الجرح والتعديل (5/ 6)، سؤالات الحاكم (122)، تاريخ بغداد (11/ 7 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 560 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 466)]: "كان إسحاق يحدث بهذا الحديث عن مالك
عن سمي، فحدثنا به من أصل كتابه: عن سهيل"، وفي علل الدارقطني (8/ 205/ 1515): "قال عبد الله [يعني: أبا العباس الدورقي]: كان هذا الشيخ يحدث به عن سمي، فرجع عنه، وحدثنا به من أصل كتابه عن سهيل"، قال البيهقي: "هذا المتن غير متن حديث سمي، والله أعلم".
قلت: هو حديث واحد، وإنما هو دليل على اضطرابه، وعدم ضبطه لإسناده ومتنه، وأنه كان يحدث به من حفظه فيهم، ولا يُعرف هذا الحديث لا من حديث سهيل، ولا من حديث سمي، ولا من حديث مالك، تفرد به الفروي.
والمعروف عن سهيل في هذا: ما رواه حماد بن سلمة، ووهيب بن خالد، وروح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، ومعمر بن راشد [وشك في رفعه]، وعبد الله بن عمر العمري، وإسماعيل بن عياش:
عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"من ستر أخاه المسلم ستر الله عليه يوم القيامة". لفظ حماد. ولفظ وهيب: "لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة".
أخرجه مسلم (2590)، ويأتي تخريجه قريبًا فيمن تابع الأعمش عن أبي صالح.
قال أبو نعيم: "تفرد به عبد الله عن إسحاق من حديث سهيل، وتفرد أيضًا: إسحاق، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح، فقال: "من أقال نادمًا"".
قلت: هو حديث منكر من حديث مالك، تفرد به: إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي: وفيه ضعف، قال أبو حاتم:"كان صدوقًا، ولكن ذهب بصره، فربما لقن، وكتبه صحيحة"، وقال مرة:"يضطرب"، ووهاه أبو داود والنسائي، قال الآجري:"سألت أبا داود عنه، فوهاه جدًا، وقال: لو جاء بذاك الحديث عن مالك: يحيى بن سعيد لم يحتمل له، ما هو من حديث عبيد الله بن عمر، ولا من حديث يحيى بن سعيد، ولا من حديث مالك"، قال الآجري:"يعني: حديث الإفك الذي حدث به الفروي عن مالك وعبيد الله عن الزهري"، وفي تاريخ الإسلام للذهبي:"ووهاه أبو داود، ونقم عليه حديث الإفك لروايته عن مالك"، وقال النسائي:"متروك"، وقال أيضًا:"ليس بثقة"، وقال أبو جعفر الصائغ:"كان إسحاق الفروي: كُفَّ، وكان يُلقَّن"، وقال جعفر بن محمد الطيالسي [ثقة ثبت حافظ، أحد الرواة عن الفروي]: "لو كان الأمر إليَّ ما حدَّثت عن إسحاق الفروي"، وقال ابن حبان:"من أهل المدينة، يروي عن مالك بن أنس، يغرب ويتفرد"، وقال الدارقطني:"ضعيف، وقد روى عنه البخاري وبوبخونه في هذا"، وقال أيضًا:"لا يترك"، وقال الساجي:"فيه لين، روى عن مالك أحاديث تفرد بها"، وقال الحاكم:"عيب على محمد إخراج حديثه، وقد غمزوه"، وقال ابن حزم في المحلى (8/ 143)، وابن عبد البر في الاستذكار (4/ 4):"الفروي: ضعيف"، وقال ابن حزم في موضع آخر (9/ 434):"إسحاق بن محمد الفروي: ضعيف جدًا، متروك الحديث"، وقال ابن خلفون: "ليس
بالحافظ عندهم" [انظر: التاريخ الكبير (1/ 401)، الجرح والتعديل (2/ 233)، علل ابن أبي حاتم (524 و 829)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (2/ 3443/371 - السفر الثالث)، ضعفاء النسائي (49)، الثقات (8/ 114)، سؤالات السهمي (190)، سؤالات الحاكم (281)، أطراف الغرائب والأفراد (4782 و 5777 و 6217 و 6476)، التعديل والتجريح (1/ 377)، الأنساب (4/ 374)، المعلم بشيوخ البخاري ومسلم (78)، تاريخ الإسلام (5/ 531 - ط الغرب)، السير (10/ 649)، من تكلم فيه وهو موثق (30)، الميزان (1/ 199)، إكمال مغلطاي (2/ 109)، التهذيب (1/ 127)، هدي الساري (2/ 1018)]، [وانظر: علل الدارقطني (8/ 205/ 1515)].
وقال أبو العباس ابن تيمية في الرد على الإخنائي (414): "أن الفروي وإن كان في نفسه صدوقًا وكتبه صحيحة؛ فإنه أضر في آخر عمره فكان ربما حدث من حفظه فيغلط، وربما لقن فيلقن، ولهذا كانوا ينكرون عليه روايته للحديث على خلاف ما يرويه الناس، مثل ما روى حديث الإفك على خلاف ما رواه الناس، وكذلك حديث ابن عمر هذا [يعني: في التمسح بقبر النبي -صلي الله عليه وسلم-]، رواه على خلاف ما رواه الناس".
قلت: لا يحتمل تفرد مثل هذا عن مالك دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم، وضبطهم لحديثه، لا سيما وقد اعتنى بحديث مالك جماعة أصحابه من رواة الموطأ وغيرهم، وليس الفروي من رواة الموطأ، وعامة ما يرويه عن مالك ليس في الموطأ، وقليلًا ما يتابع أصحابَ مالك، وغالب ما رواه عن مالك: إما قد تفرد به عنه، أو خالف فيه أصحابه، وتتبع ذلك يطول، لكن أذكر لذلك أمثلة مختصرة للاعتبار بها:
[انظر مثلًا: حديث: "من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها،
…
": صحيح البخاري (2449 و 6534)، سنن الترمذي (2419)، صحيح ابن حبان (7361)، مسند أحمد (2/ 435 و 506)، مسند الطيالسي (2440 و 2446)، مسند ابن الجعد (2771 و 2842)، مسند البزار (3202 و 8476)، مسند أبي يعلى (6539)، علل الدارقطني (10/ 356/ 2049) (5/ 237/ 2049 - ط الريان)، الحلية (6/ 344)، التمهيد (20/ 42) و (23/ 233) [قال الدارقطني: "ورواه إسحاق بن محمد الفروي، عن مالك، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وزاد عليهم في الإسناد: أبا سعيد المقبري، وزيادته غير مقبولة؛ لأن الذين تقدم ذكرهم أثبت منه". وقال أبو نعيم:"وخالف إسحاق بن محمد الفروي أصحاب مالك فيه، فقال: عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة"] [التحفة (9/ 292/ 13011)، المسند المصنف (34/ 624/ 16551)].
[وفي هذا الحديث قد أعرض البخاري عن رواية الفروي عن مالك، والتي أخطأ فيها على مالك، وأخرجه من حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك، وروايته هي الصواب].
[وانظر أيضًا: حديث النهي عن الانتباذ في الدباء والمزفت: مستخرج أبي عوانة (5/ 131/ 8111)، المجالسة وجواهر العلم (281)، معجم ابن المقرئ (473)، الحلية
(6/ 332)، وقال:"غريب من حديث مالك، لم يسنده أحد إلا الفروي". تاريخ بغداد (8/ 82 - ط الغرب)، وانظر في المقابل: صحيح البخاري (5587)، صحيح مسلم (1992)، مستخرج أبي عوانة (5/ 8104 - 8112)، سنن النسائي الصغرى (8/ 305)، السنن الكبرى (5119)، سنن الدارمي (2278)، مسند أحمد (3/ 110 و 165)، مصنف عبد الرزاق (16924)، مسند الحميدي (1219)، مسند البزار (12/ 6285 - 6289)، [التحفة (1490 و 1500 و 1524)، الإتحاف (2/ 312/ 1779)، المسند المصنف (2/ 421/ 922)].
[وفي هذا الحديث قد أعرض البخاري عن رواية الفروي عن مالك، والتي أخطأ فيها على مالك، وأخرجه من حديث شعيب عن الزهري، وروايته هي الصواب].
[وانظر أيضًا: حديث عائشة مرفوعًا: "لا نورث، ما تركنا صدقة": صحيح البخاري (6730)، صحيح مسلم (1758)، مستخرج أبي عوانة (6676)، الموطأ (2840)، سنن أبي داود (2976)، السنن الكبرى للنسائي (6277)، صحيح ابن حبان (6611)، مسند أحمد (6/ 262)، التمهيد (8/ 150) (5/ 455 - ط بشار)، الاستذكار (8/ 590)][قال ابن عبد البر: "هكذا روى هذا الحديث: مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، لم يجعله عن عائشة عن أبي بكر عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وكل أصحاب مالك رووه عنه كذلك، إلا إسحاق بن محمد الفروي؛ فإنه قال فيه: عن أبي بكر الصديق عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، والصواب عن مالك ما في الموطأ: عن عائشة عن النبي -صلي الله عليه وسلم-"][التحفة (11/ 408 / 16592)، الإتحاف (17/ 237/ 22173)، المسند المصنف (38/ 373/ 18372)].
[وفي هذا الحديث قد أعرض البخاري عن رواية الفروي عن مالك، والتي أخطأ فيها على مالك، وأخرجه من حديث عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك، وروايته هي الصواب].
[والفروي أحيانًا يروي الحديث عن مالك بإسناد خلاف ما يرويه الناس عن مالك، مثل حديث:"حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات"؛ رواه إسحاق بن محمد الفروي، قال: ثنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال:
…
فذكره. أخرجه أبو علي المدائني في فوائده (34)، والدارقطني في الأفراد (2/ 376/ 5777 - أطرافه)، والقضاعي في مسند الشهاب (567)، قال الدارقطني:"تفرد به: إسحاق بن محمد الفروي عن مالك عن سمي عن أبي صالح"، وقال القضاعي:"تفرد به إسحاق الفروي". وفي المقابل: فقد رواه البخاري في صحيحه (6487)، قال: حدثنا إسماعيل [يعني: ابن أبي أويس]، قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره"، وهو عند أحمد (2/ 260)، ومسلم (2823)، وابن حبان (719)، وغيرهم، من حديث ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة به مرفوعًا، [التحفة (13851 و 13929)، المسند المصنف (34/ 398/ 16276)].
[يلاحظ في هذه الأمثلة أني لم أستوعب المصادر؛ إنما أشرت إلى بعض مصادر الحديث المشهورة التي يتبين بها وهم الفروي في روايته، وإلا فإن تخريج هذه الأحاديث مع أحاديث غيرها وهم فيها الفروي؛ مما يطول المقام بذكره حتى يخرج عن أصل موضوعنا، وإنما ذكرت مثل هذا الكلام المختصر للتدليل به على حال الفروي، وكثرة أوهامه على مالك وغيره، وفيه بيان واضح لإعراض البخاري عن أحاديث الفروي التي وهم فيها، أو تفرد بها عن مالك وغيره].
• وبناء على ذلك: فإنه لا يقال في مثل حديث الفروي هذا: إنه على شرط البخاري؛ لأن البخاري كان ينتقي من أحاديث الضعفاء ما يظهر له صحتها لقرائن عنده، كما فعل في أحاديث إسماعيل بن أبي أويس وغيره، وأما هذا الحديث فقد انتقده الحفاظ، ولم يخرجه البخاري في صحيحه، بل أعرض عنه، ثم إنهم عابوا على البخاري إخراجه لحديث الفروي، مع كونه لم يكثر عنه، إنما أخرج له ثلاثة أحاديث توبع عليها:
• أحدها في الصلح بين أهل قباء (2693): رواه من طريق الفروي مقرونًا بعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، كلاهما عن محمد بن جعفر بن أبي كثير؛ فلم يحتج فيه إذن بالفروي.
• والآخران عن مالك؛ أما الأول منهما (2925): فرواه البخاري عن الفروي، قال: حدثنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، قال:"تقاتلون اليهود، حتى يختبيَ أحدُهم وراء الحجر، فيقول: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله"[التحفة (5/ 593/ 8388)، المسند المصنف (16/ 490/ 7876)].
وهو حديث مشهور من حديث نافع، ثم من حديث ابن عمر:
فقد رواه عبيد الله بن عمر العمري [وعنه: جماعة من الحفاظ]، وصالح بن كيسان: عن نافع، عن ابن عمر، "لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي فتعال فاقتله".
أخرجه مسلم (2921/ 79)، والبزار (12/ 78/ 5527 و 5528). [التحفة (5/ 511/ 8105) و (5/ 538/ 8205)، المسند المصنف (16/ 490/ 7876)].
ورواه أيضًا: ابن شهاب الزهري [وعنه: معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وغيرهم]، وعمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر:
عن سالم، عن ابن عمر، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، قال:"تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله".
أخرجه البخاري (3593)، ومسلم (2921/ 80 و 81)، والترمذي (2236)، وابن حبان (6806)، وأحمد (2/ 122 و 131 و 135 و 149)، وعبد الرزاق (20837)، وأبو يعلى (5523). [التحفة (6777 و 6851 و 6961 و 7014)، المسند المصنف (16/ 489/ 7875)].
قلت: فلعل البخاري اطلع على متابعة الفروي عن مالك، حتى غلب على ظنه أن
هذا الحديث محفوظ عن مالك؛ حيث إن مالكًا حدث به خارج الموطأ، ولم يدخله في موطئه، أو أنه أدخله في الموطأ ثم حذفه منه لسبب ما، والله أعلم.
ثم وجدت أبا القاسم ابن بشران أخرجه في أماليه (1051) من وجه آخر عن مالك، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الخضر بن عبد الله الأسيوطي بمكة [إمام محدث مشهور، أحد رواة السنن عن النسائي. سنن الدارقطني (1/ 268 و 397)، الأنساب (1/ 159)، تاريخ الإسلام (8/ 194 - ط الغرب)، السير (16/ 75)]: ثنا أحمد بن شعيب [الإمام الحافظ الثبت: أبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن]، أنبا أحمد بن المعلى بن يزيد [الدمشقي: لا بأس به]: ثنا صفوان [هو: ابن صالح الدمشقي، وهو: ثقة، من أصحاب الوليد]: ثنا الوليد [هو: ابن مسلم الدمشقي: ثقة ثبت، يروي عن مالك]: ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "تقتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله، يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله".
قلت: وعلى هذا: فلم يتفرد إسحاق الفروي عن مالك بهذا الحديث، فقد تابعه الوليد بن مسلم، وبهذا يمكن الجزم بأن البخاري لم يخرج له شيئًا تفرد به عن مالك.
• وأما الثاني في قصة اختصام علي والعباس وقول النبي -صلي الله عليه وسلم-: "لا نورث، ما تركنا صدقة"(3094): فلم ينفرد به الفروي عن مالك؛ فقد تابعه: جويرية بن أسماء [عند مسلم (1757/ 49)]، وبشر بن عمر الزهراني [عند أبي داود (2963)، والنسائي في الكبرى (6276)، والبزار (103 م) و (974)، وغيرهم]، وعمرو بن مرزوق [عند ابن عبد البر في التمهيد (5/ 461 و 467 - ط بشار)]، والهيثم بن حبيب بن غزوان [عند ابن عبد البر في التمهيد (5/ 461 - ط بشار)] [قال الدارقطني في العلل (1/ 168/ 6):"حدث به عن مالك كذلك جماعة، منهم: جويرية بن أسماء، وبشر بن عمر، وعمرو بن مرزوق، وإسحاق بن محمد الفروي، والهيثم بن حبيب بن غزوان". وقال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 460 - ط بشار): "وليس في الموطأ بهذا الإسناد"، [ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى. وانظر: التحفة (10632 و 10633)، الإتحاف (12/ 363/ 15763)، المسند المصنف (22/ 295/ 10087)].
قال ابن حجر في الهدي (2/ 1019) معتذرًا للبخاري عن إخراجه لحديث الفروي: "وكأنها مما أخذه عنه من كتابه قبل ذهاب بصره"، قلت: الأولى أن يقال: لم يعتمده البخاري، إنما أخرج له في المتابعات، ولم يخرج له حديثًا واحدًا تفرد به عن مالك ولا عن غيره، ولا أخرج له شيئًا من أوهامه على كثرتها.
والحاصل: فإن الفروي هذا لا يحتمل تفرده عن مالك بحديث، والبخاري لم يحتج به لا عن مالك، ولا عن غيره، فلم يخرج له شيئًا تفرد به، والصواب: عدم قبول ما تفرد به عن مالك.
قال العقيلي وقد أخرج هذا الحديث في ترجمة الفروي منكرًا به عليه: "وله غير
حديث عن مالك لا يتابع عليه"، وقال أيضًا: "جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها"، وقد عد هذا منها، فهو من مناكيره عن مالك.
فإن قيل: قال فيه أبو حاتم: "كان صدوقًا، ولكنه ذهب بصره، فربما لُقِّن الحديث، وكتبه صحيحة"، وقد حدث به من كتابه عن مالك عن سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، فيقال: أين أصحاب سهيل، ثم أين أصحاب مالك عنه؟ بل ثبت لدينا أن الحديث محفوظ عن سهيل بغير هذا اللفظ، كما سبق بيانه، ولذلك فإني أقول: إنه قد وهم في كتابه كما وهم في حفظه، وهل يجزم أبو حاتم بصحة كتبه إلا لكونه وجده يروي ما يرويه الناس، ويتابعهم على مروياتهم، فاين تحقق ذلك في هذا الحديث بعينه؟؛ ثم إن أبا حاتم قال فيه أيضًا:"مضطرب"، فالحديث منكر، والله أعلم.
• ورواه محمد بن عثمان بن أبي سويد الذارع: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال نادمًا بيعته أقاله الله عثرته".
أخرجه ابن عدي في الكامل (9/ 452/ 15791 - ط الرشد).
قال ابن عدي: "ولا يعرف هذا بهذا الإسناد إلا بإسحاق الفروي عن مالك، وليس هو عند القعنبي".
وقال في ابن أبي سويد الذارع وقد أخرج الحديث في ترجمته: "حدث عن الثقات ما لم يتابع عليه، وكان يقرأ عليه من نسخة له ما ليس من حديثه، عن قوم رآهم أو لم يرهم، وُيقلب الأسانيد عليه فيقر به"، وقال في آخر ترجمته:"وابن أبي سويد هذا لا ينكر له لقي هؤلاء الشيوخ؛ أبي الوليد ومسلم والقعنبي والحوضي وأمثالهم؛ إلا أنه كان أصيب بكتبه، فكان يشبَّه عليه، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب، وأثنى عليه أبو خليفة، لأنه عرفه في أيامه فسمع معه".
قلت: هو حديث باطل من حديث القعنبي، تفرد به عنه: محمد بن عثمان بن أبي سويد البصري الذارع، وهو: ضعيف، قال الدارقطني:"ضعيف"، وقال ابن عدي: "حدث عن الثقات ما لم يتابع عليه،
…
، ويُقلب الأسانيد عليه فيُقرُّ به"، وأثنى عليه أبو خليفة، قلت: هذا ثناء مبهم، فلعله أثنى عليه في دينه، لا في ضبطه للحديث، والجرح هنا مفسر، فقد كان يتلقن، ويُشبَّه عليه، فلم يكن حافظًا لحديثه، وقد انفرد عن الثقات بما ليس من حديثهم، ويكفي هذا في رد حديثه [الكامل (6/ 304)، سؤالات حمزة السهمي (37)، تاريخ الإسلام (6/ 1037 - ط الغرب)، اللسان (7/ 339)].
• وروي من وجه آخر عن مالك، في إسناده متهم [أخرجه الدارقطني في غرائب مالك (6/ 100 - اللسان)].
• ورواه معمر بن راشد، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال نادمًا في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة".
وهو حديث شاذ، يأتي تخريجه في طرق حديث محمد بن واسع.
• كما رويت هذه الجملة أيضًا من طرق أخرى عن أبي هريرة، ولا تثبت [أخرجها ابن عدي في الكامل (5/ 294 و 295 - ط العلمية)، [انظر: الميزان (2/ 402)].
° هكذا روى هذا الحديث عن الأعمش: أبو معاوية، وابن نمير، وأبو أسامة، وأبو عوانة، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وعلي بن صالح بن حي، ومحاضر بن المورع، وعبد الحميد الحماني، وأبو بكر بن عياش، وعبيد الله بن زحر، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، والفضيل بن عياض، ومحمد بن واسع، ومالك بن سُعير بن الخِمس، وحفص بن غياث، وغيرهم.
وصرح الأعمش بسماعه لهذا الحديث من أبي صالح، كما في رواية أبي أسامة [عند مسلم وغيره].
• خالف من تقدم ذكرهم من أصحاب الأعمش:
أسباط بن محمد القرشي، فرواه عن الأعمش، قال: حُدِّثت عن أبى صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال:"من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسِر في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه أبو داود (4946)[مقرونًا بحديث أبي معاوية وجرير، كما تقدم بيانه]. والترمذي (1425 م و 1930)، والنسائي في الكبرى (6/ 467/ 7250)[التحفة (9/ 242/ 12889)، المسند المصنف (33/ 107/ 15295)].
قال الترمذي في الموضع الأول: "وفي الباب عن عقبة بن عامر، وابن عمر.
حديث أبي هريرة: هكذا روى غير واحد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، نحو رواية أبي عوانة، وروى أسباط بن محمد، عن الأعمش، قال: حُدِّثت عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- نحوه، وكأن هذا أصح من الحديث الأول".
وقال في الموضع الثاني: "وفي الباب عن ابن عمر، وعقبة بن عامر.
هذا حديث حسن، وقد روى أبو عوانة وغير واحد هذا الحديث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- نحوه، ولم يذكروا فيه: حُدِّثت عن أبي صالح".
وقال ابن أبي حاتم في العلل (5/ 275/ 1979): "سألت أبا زرعة عن حديث؛ رواه جماعة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-: "من نفس عن مؤمن كربة"؟.
قال أبو زرعة: منهم من يقول: الأعمش عن رجل عن أبي هريرة عن النبي -صلي الله عليه وسلم-.
والصحيح: عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-".
وقال ابن عمار الشهيد في العلل (35): "وهو حديث رواه الخلق عن الأعمش عن أبي صالح؛ فلم يذكر الخبر في إسناده غير أبي أسامة، فإنه قال فيه: عن الأعمش، قال: حدثنا أبو صالح.
ورواه أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن بعض أصحابه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. والأعمش كان صاحب تدليس، فربما أخذ عن غير الثقات".
وقال ابن رجب في جامع العلوم (3/ 1001): "هذا الحديث خرجه مسلم من رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، واعترض عليه غير واحد من الحفاظ في تخريجه، منهم أبو الفضل الهروي والدارقطني، فإن أسباط بن محمد رواه عن الأعمش، قال: حُدثت عن أبي صالح، فتبين أن الأعمش لم يسمعه من أبي صالح، ولم يذكر من حدثه به عنه، ورجح الترمذي وغيره هذه الرواية".
قلت: لكن أسباط بن محمد ذكر الدارقطني في العلل (10/ 184/ 1966) أنه قد اختلف عليه، مما يضعف الاعتماد على روايته في رد زيادة أبي أسامة في إثبات سماع الأعمش من أبي صالح، قال الدارقطني:"ورواه أسباط بن محمد، واختلف عنه؛ فقيل: عنه عن الأعمش، قال: حُدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، جمعهما؟ أنهما سمعا النبي -صلي الله عليه وسلم-".
وقال أبو موسى المديني في اللطائف (56): "وروي عن أسباط بن محمد عن الأعمش، قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقيل: عن أسباط أيضًا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا".
وعليه: فالصحيح: اتصال الإسناد بين الأعمش وأبي صالح، وأنه قد سمعه منه، اعتمادًا على رواية أبي أسامة، وهو ثقة ثبت، قال فيه أحمد:"كان ثبتًا، ما كان أثبته، لا يكاد يخطئ"، وقال أيضًا:"أبو أسامة: أثبت من مائة مثل أبي عاصم، كان أبو أسامة صحيح الكتاب، ضابطًا للحديث، كيسًا صدوقًا"، وكثيرًا ما يقضي له أبو حاتم عند الاختلاف بين الرواة، كما في العلل لابن أبي حاتم [الجرح والتعديل (3/ 132)، التهذيب (1/ 477)].
وقد رواه عن الأعمش جمع غفير من أصحابه بدون واسطة بينه وبين أبي صالح، وهو في أصله محمول على الاتصال؛ حتى يتبين لنا انقطاعه.
وأما أسباط بن محمد، فهو: كوفي ليس به بأس، روى له الجماعة، وهو مكثر عن الأعمش؛ إلا أنه قد يخالف أصحابه، أو ينفرد عنهم بما لا يتابع عليه، فكيف يقدَّم قوله النافي للسماع على قول أبي أسامة المثبت للسماع؟! والمثبت مقدَّم على النافي؛ لا سيما مع تقدم أبي أسامة في الحفظ والإتقان على أسباط، وأن أبا أسامة قد توبع في الجملة على الاتصال، بينما لم يتابع أسباط على رواية الانفصال.
كذلك فإن أبا أسامة ثبت في جميع مشايخه، ومنهم: الأعمش [إلا ما وقع لأهل
الكوفة حين قدم عليهم عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، فنسبوه: ابن جابر]، بينما تكلموا في أسباط بن محمد، فقال فيه ابن معين:"الكوفيون يضعفونه، وهو عندنا ثبت فيما يروي عن مطرف والشيباني، وقد سمعت أنا منه"، وقال العقيلي:"ربما يهم في الشيء"، وقال ابن سعد:"كان ثقة صدوقًا؛ إلا أن فيه بعض الضعف"، وله أوهام كثيرة عن الأعمش وغيره [التاريخ الكبير (2/ 53)، علل الترمذي الكبير (663)، ضعفاء العقيلي (1/ 119)، علل ابن أبي حاتم (1398)، علل الدارقطني (5/ 75/ 722) و (8/ 165/ 1483) و (9/ 296/ 1773) و (11/ 187/ 2212) و (11/ 345 /2328) و (12/ 92/ 2461)، أطراف الغرائب والأفراد (3541 و 3544 و 5609)، التهذيب (3/ 109)].
وبهذا يظهر حسن تصرف الإمام مسلم في تصحيح هذا الحديث، وأنه لم تخف عليه تلك العلة التي أعله بها بعضهم، فأحب أن ينبه على ذلك بإخراج رواية أبي أسامة والتي جاء فيها التصريح بالسماع، تنبيهًا على إعمال هذه الرواية، وأنها دالة على اتصال سنده، وتنبيهًا على إهمال رواية أسباط، والتي وهم فيها حين قال عن الأعمش: حدثت عن أبي صالح، والله أعلم.
° ولا يُعترض عليَّ حين أعملت رواية الاتصال هنا وقدمتها على رواية الانفصال، بصنيعي خلاف ذلك في حديث:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن"[راجع: فضل الرحيم الودود (6/ 109/ 518)]:
وذلك لأن رواية الاتصال هناك قد تفرد بها هشيم بن بشير، وقد اختلف عليه، والمحفوظ عنه عدم إثبات السماع بين الأعمش وأبي صالح، وإنما الصواب عنه بالعنعنة، وذلك فضلًا عن كون هشيم لم يسمع هذا الحديث من الأعمش؛ فقد قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1871):"سمعت أحمد يقول: هشيم لم يسمع حديث أبي صالح: "الإمام ضامن" من الأعمش؛ وذاك أنه قيل لأحمد: إن هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح"، فسقط حينئذ الاعتماد على هذه الرواية في إثبات السماع [بخلاف رواية أبي أسامة هنا]، وأما الروايات الأخرى التي روي فيها السماع، فقد وردت بصيغة الشك بين السماع والانقطاع.
وأما رواية أسباط بن محمد التي احتججت بها على إثبات الانقطاع، حيث قال عن الأعمش: حُدِّثت عن أبي صالح، فلم ينفرد بها أسباط، بل تابعه عليها: أبو بدر شجاع بن الوليد، وتابعهما أيضًا: محمد بن فضيل، فقال: ثنا الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وهذا أصرح من الذي قبله في ثبوت واسطة مبهمة بين الأعمش وبين أبي صالح.
وذلك فضلًا عن كون إبراهيم بن حميد الرؤاسي، وعبد الله بن نمير، روياه عن الأعمش، قال: نُبِّئْتُ عن أبي صالح؛ قال: ولا أُراني إلا قد سمعته منه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-:
…
فذكراه، هكذا على الشك في السماع، واللفظ لابن نمير.
كذلك فإن حديثنا هذا قد أخرجه مسلم مصححًا إياه، معتمدًا رواية أبي أسامة عن الأعمش في إثبات سماعه من أبي صالح، بينما نجد في حديث:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن" أنه قد أعرض عنه صاحبا الصحيح، وقد تواردت أقوال الأئمة النقاد على رده وإعلاله، حتى قال فيه ابن المديني:"لا يصح في هذا الباب عن النبي -صلي الله عليه وسلم- حديث صحيح، إلا حديثًا رواه الحسن مرسلًا"[راجع: فضل الرحيم الودود (6/ 105/ 518)].
فلا مقارنة حينئذ بين الحديثين، واختلاف صنيعي فيهما، والله الموفق للصواب.
° وألخص حجتي في تقديم رواية أبي أسامة بإثبات سماع الأعمش من أبي صالح على رواية أسباط المنقطعة بما يلي:
أولًا: أنه قد اختلف فيه على أسباط.
ثانيًا: أن رواية أبي أسامة بإثبات السماع، ورواية أسباط بنفي السماع، ويقدَّم المثبت على النافي.
ثالثًا: أن أبا أسامة أحفظ وأضبط من أسباط، وأقل منه وهمًا في حديث الأعمش، بينما حُفظ عن أسباط أوهام كثيرة عن الأعمش، وهذا منها.
رابعًا: أن أبا أسامة قد توبع على أصل روايته بعدم إثبات واسطة بين الأعمش وأبي صالح، بينما لم يتابع أسباط على قوله بإثبات واسطة.
خامسًا: أن حديثنا هذا لم يختلف في إسناده على الأعمش اختلافًا يشعر بعدم سماعه من أبي صالح، سوى رواية أسباط، بخلاف حديث:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن".
فإن قيل: ألا تقدَّم دائمًا الرواية التي تبين وقوع التدليس من المدلِّس على الرواية المدلَّسة؟ فيقال: بلى؛ لكنا هنا أمام اختلاف في الاتصال والانقطاع بين رجلين؛ أحدهما من أثبت الناس وأحفظهم وأضبطهم للحديث وصيغ الإخبار فيه، وهو أبو أسامة، والآخر ممن خف ضبطه، وكثر وهمه على الأعمش، وهو أسباط بن محمد، فنرجح بينهما كما تقدم، والله أعلم.
بخلاف ما لو روى مثلًا:
سفيان الثوري، وشعبة، وأبو معاوية، وسفيان بن عيينة، وأبو الأحوص، وزائدة بن قدامة، وأبو عوانة، وعيسى بن يونس، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، وفضيل بن عياض، والحسن بن صالح، ومحمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، وغيرهم من أصحاب الأعمش: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. هكذا بالعنعنة.
ثم رواه واحد من ثقات أصحاب الأعمش، مثل: محمد بن فضيل: ثنا الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. هكذا بإثبات واسطة بينهما.
فحينئذٍ لا نرجح بالأكثر والأحفظ، وإنما يقال بأن الأعمش قد دلس الحديث حين حدث به الجماعة، ثم بين أنه لم يسمعه من شيخه في رواية أحد ثقات أصحابه، فأفسد بذلك الحديث على الجماعة.
وأما نحن هنا بصدد اختلاف بين من صرح بالسماع، وبين من نفاه، والله أعلم.
• ولا يلتفت في هذا السياق إلى ما رواه:
إبراهيم بن عثمان، عن الأعمش، عن الحكم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من نفس كربة من كرب المسلم في الدنيا
…
" إلى قوله: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 98/ 9241)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (109)، وأبو الحسن علي بن عمر الحربي في فوائده (134)، وأبو موسى المديني في اللطائف (56).
من طريق: مقدم بن محمد بن يحيى: نا عمي القاسم بن يحيى، عن إبراهيم بن عثمان به.
قال الطبراني: "لم يُدخِل بين الأعمش وأبي صالح الحكمَ أحدٌ ممن روى هذا الحديث عن الأعمش إلا أبو شيبة، ولا رواه عن أبي شيبة إلا القاسم بن يحيى، تفرد به مقدم بن محمد".
وقال أبو موسى المديني: "هذا حديث محفوظ من حديث الأعمش، واختلف عليه في إسناده، فرواه الثوري وأبو معاوية وابن نمير وأبو أسامة ومحاضر وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، لم يذكروا الحكم. وروي عن أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو أبي سعيد بالشك. وروي عن أسباط بن محمد عن الأعمش، قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقيل: عن أسباط أيضًا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا. وتفرد بذكر الحكم بن عتيبة: القاسم بن يحيى بن عطاء المقدمي عم مقدم بن يحيى هذا عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان. وللأعمش عن الحكم أحاديث عدة عن غير أبي صالح".
قلت: هو حديث منكر؛ إبراهيم بن عثمان أبو شيبة العبسي الكوفي: متروك الحديث، روى عن الحكم أحاديث مناكير [التهذيب (1/ 76)، الميزان (1/ 47)].
• وقد رواه مرة أخرى: مقدَّم، قال: نا عمي القاسم، قال: نا الحكم بن فَصِيل، عن الأعمش، عن الحكم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، قال: "من نفس كربة من كرب المسلم في الدنيا
…
" إلى قوله: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 86/ 1332).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش عن الحكم إلا الحكم".
قلت: الحكم بن فَصِيل: ليس بذاك، وثقه ابن معين وأبو داود، وقد تفرد بما لا يتابم عليه [اللسان (3/ 252)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 486)].
والراوي عنه: القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدَّم الهلالي المقدَّمي الواسطي: ثقة،
وابن أخيه: مقدَّم بن محمد بن يحيى بن عطاء بن مقدم الهلالي المقدمي الواسطي: ثقة، له غرائب.
ولا أستبعد أن يكون مقدم اضطرب في إسناد هذا الحديث، فجعله مرة من حديث الحكم بن فصيل، ومرة من حديث إبراهيم بن عثمان، وأيًا كان فهو حديث منكر، والله أعلم.
• وانظر أيضًا فيمن وهم في إسناده ومتنه على الأعمش، ودخل له حديث في حديث: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 18 - ط العلمية)[وصوابه: ما رواه شريك عن أبي إسحاق عن الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد، ويأتي في الشواهد].
- والحديث محفوظ عن أبي صالح عن أبي هريرة من طرق أخرى:
أ- رواه حماد بن سلمة، ووهيب بن خالد، وروح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، ومعمر بن راشد [وشك في رفعه][وهم ثقات]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]، وإسماعيل بن عياش [روايته عن الحجازيين ضعيفة، لكنه هنا قد تابع الثقات]:
عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"من ستر أخاه المسلم ستر الله عليه يوم القيامة". لفظ حماد.
ولفظ وهبب: "لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة".
ولفظ روح: "لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة".
أخرجه مسلم (2590)، وأبو عوانة (19/ 426/ 11263 و 11264)، والحاكم (4/ 383 - 384)(10/ 112/ 8359 - ط الميمان)، وأحمد (2/ 389 و 404 و 522)، والطيالسي (4/ 174/ 2549)، وعبد الرزاق (10/ 228/ 18934)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (2/ 860/ 530) و (2/ 861/ 532) وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (6 و 10 و 13 و 16)، والطبراني في الأوسط (1/ 217/ 710)، وأبو الشيخ في التوبيخ (110)، والقضاعي في مسند الشهاب (905 و 906)، والبيهقي في الشعب (14/ 29 / 9205)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 129 - 130). [التحفة (9/ 169/ 12648) و (9/ 201/ 12758)، الإتحاف (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (33/ 110/ 15296)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وهذا يصحح: حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحديث محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة، وذاك: أن أسباط بن محمد القرشي رواه عن الأعمش عن بعض أصحابه عن أبي صالح، ورواه حماد بن زيد عن محمد بن واسع عن رجل عن أبي صالح".
ب - ورواه معمر بن راشد [ثقة، ثبت في الزهري وابن طاووس، ويهم في حديث غيرهما]، وهشام بن حسان [ثقة]، وعلي بن المبارك [ثقة، وعنه: هارون بن إسماعيل
الخزاز البصري، وهو: ثقة، والراوي عنه: محمد بن سنان القزاز، وهو: ضعيف، كذبه غير واحد. التهذيب (3/ 582)، الميزان (3/ 575)]، وجعفر بن برقان [الرقي: ثقة؛ إلا في الزهري، والراوي عنه: يحيى بن سلام، وهو: ليس بالقوي، له مناكير، والراوي عنه: يحيى بن نصر بن حاجب، وهو: ليس بشيء، روى أحاديث منكرة، وادعى السماع من قوم لم يدركهم]، والخليل بن مرة [ضعيف]:
عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من وسَّع على مكروب كربةً في الدنيا، وسَّع الله عليه كربةً في الآخرة، ومن ستر عورة مسلم في الدنيا ستر الله عورته في الآخرة، والله في عون المرء ما كان في عون أخيه". لفظ معمر.
ولفظ هشام: "من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 465/ 7244)، والحاكم (4/ 383)(10/ 111/ 8358 - ط الميمان)، وأحمد (2/ 274 و 296)(3/ 1614/ 7816 - ط المكنز) و (4/ 1669/ 8057 - ط المكنز)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 227/ 18933)، وفي الأمالي (7)، وابن أبي شيبة (5/ 327/ 26566)، وابن المنذر في الإقناع (2/ 413/ 136)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (17 و 18)، والدارقطني في العلل (10/ 186/ 1966)، وتمام في الفوائد (1021)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 285 - ط الغرب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 128). [التحفة (9/ 238/ 12879)، الإتحاف (14/ 590/ 18281)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
• وانظر فيمن وهم في إسناده: ما أخرجه مكرم البزاز في فوائده (226)، وأبو الشيخ في التوبيخ (115)، والدارقطني في العلل (10/ 181/ 1966).
قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
° تنبيه: وقع في رواية: الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني البوسي: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال نادمًا في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة،
…
".
أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 186/ 1966)، والحاكم في المعرفة (37)، والبيهقي (6/ 27).
ولم يأت عبد الرزاق عن معمر بهذه الجملة في أول الحديث، وإنما قال مكانها: "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الآخرة،
…
". كذا هو في المصنف.
ورواه في الأمالي من طريق أحمد بن منصور الرمادي [ثقة حافظ، قال: "سمعت من عبد الرزاق سنة أربع ومائتين"، وكان رفيقًا لابن معين في الرحلة]، بلفظ: "من وسَّع على
مكروب كربةً في الدنيا وسَّع الله عليه كربة في الآخرة، ومن ستر عورة مسلم في الدنيا ستر الله عورته في الآخرة، والله في عون المرء ما كان في عون أخيه".
ورواه أحمد بن حنبل [إمام فقيه، ثقة ثبت، حافظ حجة، وهو من قدماء أصحاب عبد الرزاق، ممن سمع منه قبل ذهاب بصره. شرح العلل لابن رجب (2/ 753)]، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من وسَّع على مكروب كربةً في الدنيا، وسَّع الله عليه كربةً في الآخرة، ومن ستر عورة مسلم في الدنيا ستر الله عورته في الآخرة، والله في عون المرء ما كان في عون أخيه".
ورواه أيضًا بدونها [عند ابن المنذر]: محمد بن سهل بن عسكر، وهو: ثقة، ولعله ممن روى عن عبد الرزاق بعدما أضر.
ولعل الوهم في ذلك من الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني، قال الدارقطني في العلل (13/ 271/ 3165):"شيخ من أهل صنعاء، يقال له: الحسن بن عبد الأعلى الأبناوي"، ثم ذكر له رواية عن عبد الرزاق، خالف فيها أصحاب عبد الرزاق، مثل أحمد بن حنبل وغيره، ثم قال:"ولم يتابع على هذا القول"، وهو متأخر السماع من عبد الرزاق جدًا، سمع منه سنة عشر ومائتين، يعني: قبل وفاة عبد الرزاق بسنة أو أقل، وعليه: فسماعه منه ليس بجيد؛ فإن عبد الرزاق كان قد أضر في آخر عمره، قال الخليلي:"سمع من عبد الرزاق خمسين حديثًا"، وقال مسلمة:"ثقة"، قلت: لعله في غير عبد الرزاق، وقال الذهبي:"ما علمت به باسًا"[أنظر: الأنساب (1/ 413)، إكمال الإكمال (126 و 713)، تاريخ الإسلام (6/ 736 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 366)، الكواكب النيرات (34)].
• فإن قيل: لم ينفرد به الحسن بن عبد الأعلى؛ تابعه: محمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي الغزال، وهو: ثقة [قال النسائي: "ثقة"، وقال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي، وهو صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مسلمة بن قاسم: "ثقة، كثير الخطأ"، وقد روى عنه جماعة من الأئمة منهم أصحاب السنن الأربعة. التهذيب (3/ 634)، السير (12/ 346)، تذكرة الحفاظ (2/ 554)، ذيل الميزان (652)].
رواه عن عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال نادمًا في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة".
أخرجه أبو طاهر السلفي في جزء فيه أحاديث منتخبة من أجزاء الشيخ أبي منصور أحمد بن نصر الخوجاني (21)، قال: أخبرنا الفضل بن العباس [أبو العباس الحنيفي: لم أقف له على ترجمة]، قال: أنا أبو سعيد محمد بن الحسن الفقيه [هو: أبو سعيد محمد بن الحسن بن الوجيه: لم أقف له على ترجمة]، قال: أنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم بن فضلويه [ثقة. السير (15/ 572)، تاريخ الإسلام (7/ 856 - ط الغرب)]، قال: نا محمد بن
المسيب [الأرغياني النيسابوري: صدوق حافظ إمام. تاريخ دمشق (55/ 397)، الأنساب (1/ 113)، تاريخ الإسلام (7/ 299 - ط الغرب)، السير (14/ 422)]، قال: أنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن زنجويه به.
قلت: لا يثبت هذا من حديث الغزال؛ فالأسناد إليه غريب جدًا، وفيه من لا يُعرف، ولم يشتهر من حديث الغزال عند أهل بغداد، ولا عند غيرهم من أهل الأمصار، والله أعلم.
• فإن قيل: تابعه أيضًا:
محمد بن عاصم الرازي، ومحمد بن عبد الله بن مُهِلِّ بن المثنى الصنعاني:
ثنا عبد الرزاق، قال: أنبا معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أقال نادمًا في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة، ومن ستر على مسلم عورة ستر الله-سبحانه وتعالى عورته يوم القيامة، ومن نفَّس مكروبًا في كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب الآخرة، والله سبحانه وتعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". لفظ محمد بن عاصم، وهو أتم.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (10/ 8189/389)، والضياء المقدسي في المنتقى من مسموعاته بمرو (2/ 760/ 685).
قلت: هي أيضًا رواية شاذة ولعل عبد الرزاق حدث بها بعد ما أضر، أو لُقِّنها، والمحفوظ عنه: ما رواه أحمد، وهو من قدماء اْصحابه ممن سمع منه قبل فقد بصره، وتابعه على ذلك: أحمد بن منصور الرمادي [وهو قديم السماع]، ومحمد بن سهل بن عسكر، وإسحاق بن إبراهيم الدبري.
ومحمد بن عاصم الرازي النصر آباذي: رحل وسمع من عبد الرزاق وغيره، قال ابن أبي حاتم:"لم يقض لنا السماع منه، أدركته، وكان صدوقًا"، وقال الخليلي: "ثقة،
…
، مات قبل الثلاثين ومائتين"، لكن الأقرب ما ذكره الذهبي في التاريخ حيث ترجم له في الطبقة السابعة والعشرين فيمن كانت وفاتهم بين (261 - 270)[الجرح والتعديل (8/ 46)، الإرشاد (2/ 672)، تاريخ الإسلام (6/ 408 و 499 - ط الغرب)، التهذيب (3/ 598)].
قلت: ويظهر من ترجمته، ومن تتبع الأسانيد المروية، وكذلك معرفة الرواة عن عبد الرزاق، أنه ممن لم يشتهر حديثه، ولم يصل إلينا في المصنفات، ولم يكن من أصحاب عبد الرزاق المكثرين المشهورين بالرواية عنه، والراوي عن الرازي: ابنه أحمد بن محمد بن عاصم الرازي: ثقة، وهو أكثر شهرة من أبيه [الجرح والتعديل (2/ 75)، الإرشاد (2/ 673)، السير (13/ 375)، تاريخ الإسلام (6/ 499 و 690 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 44)].
وأما محمد بن عبد الله بن مُهِلِّ بن المثنى الصنعاني: قال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه بمكة، وهو صدوق"، وقد روى عنه أبو عوانة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو بكر
النيسابوري وابن الأعرابي وغيرهم، وهو متأخر السماع من عبد الرزاق [الجرح والتعديل (7/ 306)، المؤتلف للدارقطني (4/ 2029)، فتح الباب (4699)، الإكمال لابن ماكولا (7/ 234)، الأنساب (5/ 421)، التهذيب (3/ 603)].
وعليه: فإن رواية الإمام الحافظ الضابط المتقن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق مقدَّمة على رواية غيره، لا سيما مع تقدم سماعه من عبد الرزاق، ومتابعة ثلاثة له على هذه الرواية، أحدهم: ثقة حافظ متقدم السماع من عبد الرزاق، والآخران: أحدهما: ثقة، والآخر هو راوي المصنف، والله أعلم.
وعلى هذا فلا يقال بأن معمرًا هو المتفرد بهذه اللفظة: "من أقال نادمًا"، بل لا تحفظ هذه الجملة عن عبد الرزاق قبل فقد بصره، فضلًا عن معمر [راجع: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 385/ 5834)]، والله أعلم.
° قال الحاكم: "هذا إسناد من نظر إليه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعاني ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع ثقة مأمون، ولم يسمع من أبي صالح، ولهذا الحديث علة يطول شرحها، وهو مثل لألوف مثله من الأحاديث التي لا يعرفها إلا أهل الصنعة".
قلت: اختلف فيه على هشام بن حسان:
• فرواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، عن هشام بن حسان، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا.
• خالفه: روح بن عبادة [ثقة]، قال: حدثنا هشام، عن محمد بن واسع، عن محمد بن المنكدر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"من نفس عن أخيه المسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن ستر على أخيه المسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 465/ 7245)، وأحمد (2/ 514)، وابن أبي الدنيا في اصطناع المعروف (11)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (15 و 24)، والآجري في الثمانين (75)، وأبو الشيخ في التوبيخ (113)، والدارقطني في العلل (10/ 187/ 1966)، وابن بشران في الأمالي (646)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده المهروانيات بتخريج الخطيب البغدادي (80). [التحفة (9/ 238/ 12878)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
قال الدارقطني في العلل (10/ 182/ 1966): "وقال ابن المبارك وأبو معاوية: عن هشام بن حسان، عن محمد بن واسع مرسلًا، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-.
ورواه فضيل بن عياض، عن هشام كذلك مرسلًا، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-".
وقال الخطيب: "هذا حديث غريب من حديث أبي بكر محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهديرْ التيمي عن أبي صالح عن أبي هريرة. وغريب من رواية محمد بن واسع
الأزدي عن ابن المنكدر، لا أعلم رواه إلا روح بن عبادة عن هشام بن حسان عن محمد بن واسع.
وخالفه يزيد بن هارون، فرواه عن هشام، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ولم يذكر فيه ابن المنكدر.
وكذلك رواه معمر بن راشد، وعلى بن المبارك، وسلام بن أبي مطيع، والحمادان ابن سلمة وابن زيد، وجماعة غيرهم، عن محمد بن واسع.
ورواه: جويبر بن سعيد، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح الحنفي، عن أبي هريرة. والحديث محفوظ عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة، واسم أبي صالح السمان: ذكوان، واسم أبي صالح الحنفي: ماهان. وقد روي الحديث عن الحارث بن نبهان عن محمد بن واسع عن الأعمش عن ذكوان أبي صالح عن أبي هريرة. وكذلك قيل: عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع. وهو صحيح من حديث الأعمش".
قلت: القول هنا لمن زاد في الإسناد رجلًا، وهو محمد بن المنكدر؛ لكنه غريب من حديث ابن المنكدر، كما قال الخطيب.
• ورواه حزم بن أبي حزم [ثقة]، وحماد بن زيد [ثقة ثبت]:
قال حزم: سمعت محمد بن واسع، عن بعض أصحابه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-:
…
فذكر مثله.
وقال حماد: عن محمد بن واسع، قال: حدثني رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال: فرَّج بدل: نفَّس.
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 466/ 7246)، وأحمد (2/ 500)(4/ 2165/ 10644 - ط المكنز)، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (26)، وفي اصطناع المعروف (96)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (14)، والقضاعي في مسند الشهاب (476). [التحفة (9/ 243/ 12891)، المسند المصنف (33/ 103/ 15295)].
هكذا رواه عن حماد بن زيد: خالد بن خداش [صدوق]، وعبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي القواريري [ثقة ثبت]، ويحيى بن حبيب بن عربي [ثقة]، وعارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي [ثقة ثبت، من أثبت الناس في حماد بن زيد].
قال علي بن عبد العزيز البغوي [راويه عن عارم]: "وبلغني أن هذا الرجل هو الأعمش".
• خالفهم: إسماعيل بن مسلمة بن قعنب [ثقة]، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن محمد بن واسمع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن ستر أخاه ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 127)(15/ 52 - ط بشار).
قلت: رواية الجماعة عن حماد هي الصواب، وقد زادوا في الإسناد مبهمًا، وقد قصر بإسناده ابن قعنب.
• ورواية حزم وحماد عن محمد بن واسع أشبه بالصواب، مما تقدم ذكره من الطرق عن محمد بن واسع، لكنهما أبهما الواسطة بين محمد بن واسع وبين أبي صالح، وليست الواسطة هي محمد بن المنكدر؛ فإنه لا يُعرف من حديثه، ولكنه هو الأعمش؛ لكونه مشهورًا من حديثه، وكما بلغ علي بن عبد العزيز البغوي، وكما جاء التصريح بذلك في رواية حماد بن سلمة، حيث ضبطه وجود إسناده.
• فقد روى حماد بن سلمة، عن محمد بن واسع، وأبي سورة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ستر أخاه المسلم ستره الله يوم القيامة، ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 466/ 7247)، وابن حبان (2/ 392/ 534). [وقد تقدم ذكره في الطريق الخامس من طرق حديث الأعمش عن أبي صالح].
قلت: وهذا هو المحفوظ من الاختلاف على محمد بن واسع في هذا الحديث، ضبطه حماد بن سلمة وجوَّد إسناده، ورجع الحديث بذلك إلى حديث الأعمش، والله أعلم.
قال الدارقطني في العلل (10/ 182/ 1966): "فرجع حديث محمد بن واسع إلى الأعمش، وهو محفوظ عن الأعمش".
وقال الخطيب: "والحديث محفوظ عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة،
…
، وكذلك قيل: عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع. وهو صحيح من حديث الأعمش".
قلت: وتصرف النسائي في سننه يدل على ترجيح رواية حماد بن سلمة، حيث ختم بها ذكر الاختلاف على محمد بن واسع، فبدأ برواية يزيد بن هارون عن هشام بن حسان، ثم أتبعها برواية روح بن عبادة، والذي زاد في الإسناد محمد بن المنكدر، ثم ثلث برواية حماد بن زيد، والذي أبهم الواسطة، ثم ختم برواية حماد بن سلمة، والذي عين الواسطة على الصواب، ورجع بالحديث إلى حديث الأعمش، وهو الصواب، والله أعلم.
وهو حديث صحيح، كما تقدم بيانه في طرق حديث الأعمش عن أبي صالح.
وبهذا الترتيب لطرق حديث محمد بن واسع، وبيان علته، وبيان وجه الصواب منه، يظهر المعنى المراد من كلام الحاكم في المعرفة، حين قال عن حديث معمر:"هذا إسناد من نظر إليه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعاني ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع ثقة مأمون، ولم يسمع من أبي صالح، ولهذا الحديث علة يطول شرحها، وهو مثل لألوف مثله من الأحاديث التي لا يعرفها إلا أهل الصنعة".
• خالف جميع من تقدم ذكره من الثقات، وأتى في إسناده بعجيبة:
جويبر بن سعيد، فرواه عن محمد بن واسع، عن أبي صالح الحنفي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على أخيه المسلم في الدنيا ستره الله عز وجل يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
أخرجه هناد في الزهد (2/ 645/ 1404) و (2/ 646/ 1405)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 243/ 96) و (2/ 859/ 529)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (11)، وأبو الشيخ في التوبيخ (111)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 185 - ط الغرب)، وأبو طاهر السلفي في جزء فيه أحاديث منتخبة من أجزاء الشيخ أبي منصور أحمد بن نصر الخوجاني (29).
وهذا منكر من حديث أبي صالح الحنفي؛ إنما هو: أبو صالح السمان، وجويبر بن سعيد: متروك، ذاهب الحديث.
• وروي بعضه مفرقًا من وجوه أخرى عن أبي هريرة، ولا يثبت منها شيء [أخرجها البزار (16/ 66/ 9110)، وأبو علي الصواف في جزء من حديثه (2)، والطبراني في الكبير (5/ 118/ 4801 و 4802)، وفي الأوسط (4/ 386/ 4504) و (6/ 18/ 5665)، وفي مكارم الأخلاق (85)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 281) و (2/ 27)، وفي الحلية (3/ 42)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (72)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 513 - ط الغرب)، [وانظر: تاريخ الإسلام (6/ 743 - ط الغرب)، السير (13/ 416)].
- ومن أشهر شواهد حديث أبي هريرة، لكن بدون موضع الشاهد في ثواب قراءة القرآن:
ما رواه يحيى بن بكير، وقتيبة بن سعيد، وحجاج بن محمد المصيصي، وعبد الله بن صالح، وسعيد بن سليمان الواسطي، وشعيب بن الليث بن سعد [وهم ثقات]:
حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب؛ أن سالمًا أخبره؛ أن عبد الله بن عمر رضي الله عنها أخبره؛ أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".
أخرجه البخاري (2442 و 6951)، ومسلم (2580)، وأبو عوانة (19/ 425/ 11262)، وأبو داود (4893)، والترمذي (1426)، والنسائي في الكبرى (6/ 467/ 7251)، وابن حبان (2/ 533/291)، وأحمد (2/ 91/ 5646)، والحسن بن سفيان في الأربعين (5)، وابن فيل في جزئه (57)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (67)، وفي البيتوتة (23)، والطبراني في الكبير (12/ 287/ 13137)، وأبو علي التنوخي في الفرج بعد الشدة (1/ 121/ 17) [وهو عنده من رواية شعيب بن الليث بن سعد عن
أبيه، لكن وقع تحريف في سنده]. وأبو نعيم في الحلية (2/ 195)، والقضاعي في مسند الشهاب (168 و 169 و 477)، وابن حزم في الإحكام (5/ 35)، والبيهقي في السنن (6/ 94 و 201) و (8/ 330)، وفي الشعب (11/ 282/ 7208) و (14/ 27/ 9203) و (15/ 478/ 10636)، وفي الآداب (91)، والواحدي في التفسير الوسيط (4/ 154)، والقاسم بن الفضل الأصبهاني في الأربعين (211)، والبغوي في شرح السُّنة (13/ 98/ 3518)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 210) و (54/ 142 و 143)، وغيرهم. [التحفة (5/ 132/ 6877)، الإتحاف (8/ 401/ 9645)، المسند المصنف (16/ 137/ 7572)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث ابن عمر".
وقال أبو نعيم: "متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما".
وقال البغوي: "هذا حديث متفق على صحته".
• تابعه معمر بن راشد:
رواه أحمد بن منصور الرمادي: حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن سالم؛ أن عبد الله بن عمر أخبره؛ أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله". وفي رواية: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة".
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 260/ 107) و (4/ 1792/ 330)[فرقه حديثين].
وهو حديث صحيح.
- ولموضع الشاهد من حديث أبي هريرة في ثواب من قرأ القرآن شواهد:
1 -
حديث أبي هريرة وأبي سعيد:
• رواه محمد بن جعفر غندر، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وحفص بن عمر الحوضي، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، والنضر بن شميل [وهم ثقات]:
حدثنا شعبة: سمعت أبا إسحاق، يحدث عن الأغر أبي مسلم، أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري؛ أنهما شهدا على النبي -صلي الله عليه وسلم-؛ أنه قال: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفَّتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده".
في رواية عن شعبة، قال: أخبرنا أبو إسحاق، قال: سمعت الأغر أبا مسلم، يقول: أشهد على أبي سعيد الخدري وأبي هريرة؛ أنهما شهدا على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنه قال:
…
فذكره.
أخرجه مسلم (2700)، وأبو عوانة (20/ 426/ 11857) و (20/ 427/ 11858 و 11859)، والترمذي (3378 م)، وأحمد (3/ 49 و 92)، والطيالسي (3/ 678/ 2347)
و (4/ 140/ 2508)، وأبو يعلى (2/ 444/ 1252) و (2/ 463/ 1283) و (11/ 20/ 6159)، والطبراني في الدعاء (1899)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 204 - 205)، والبيهقي في الأسماء والصفات (451)، وفي الشعب (2/ 260/ 527)، وفي الدعوات الكبير (5)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 10/ 1240)، وقاضي المارستان في مشيخته (120)، وابن عساكر في المعجم (684). [التحفة (3/ 298/ 3964)، الإتحاف (5/ 169/ 5129) و (14/ 401/ 17873)، المسند المصنف (28/ 515/ 12910)].
° تنبيه: صيغة التحديث في الرواية الأولى هي صيغة تستعمل كثيرًا في موضع السماع، وهي قوله: يحدث عن الأغر، يعني: أنه قال: سمعت الأغر، وقد سبق أن دللت على ذلك فيما تقدم من الفضل [راجع: فضل الرحيم الودود (9/ 68/ 814) وما تحت الحديث رقم (1398)]، وهذا الحديث من دلائل صحة ما ذهبت إليه؛ إلا ما دل الدليل على خلافه.
• ورواه سفيان الثوري [وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وهو: ثقة ثبت إمام حجة، وعصام بن يزيد بن عجلان، قال ابن حبان: "ينفرد ويخالف، وكان صدوقًا، حديثه عند الأصبهانيين". الجرح والتعديل (7/ 26)، الثقات (8/ 520)، اللسان (5/ 435)]، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [وعنه: وكيع بن الجراح، وعبد الله بن رجاء]، وأبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه]، وعمار بن رزيق [ثقة]، ومعمر بن راشد [ثقة]، وإسماعيل بن حماد بن أبي سليمان [كوفي، صدوق]، ومحمد بن طلحة [يغلب على ظني أنه ابن مصرف، وهو: ليس به بأس]، ومحمد بن جحادة [ثقة، ولا يثبت من حديثه، تفرد به: الحسن بن أبي جعفر، وهو: ضعيف، يروي الغرائب عن محمد بن جحادة. التهذيب (1/ 1386) الميزان (1/ 482)]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ. والراوي عنه: ابنه عبد الرحمن، قال فيه أبو حاتم: "هو واهي الحديث"، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: "ربما أخطأ"، وقال ابن عدي: "يغرب على أبيه". التهذيب (2/ 516)، الكامل (4/ 19)]، وغيرهم:
عن أبي إسحاق، قال: سمعت الأغر، يقول: أشهد على أبي سعيد، وأبي هريرة، أنهما شهدا على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنه قال:"لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده".
وفي رواية: "ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده". لفظ الثوري [عند الترمذي وأبي عوانة].
ولفظ إسرائيل [عند أحمد]: "ما قعد توم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وتغشَّتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده".
ولفظ أبي الأحوص [عند أبي يعلى]: "ما جلس قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده".
وفي وراية إسرائيل وعمار ومعمر وإسماعيل: "وتغشَّتهم الرحمة".
أخرجه الترمذي (3378)، وابن ماجه (3791)، وأبو عوانة (20/ 427/ 11860)، وابن حبان (3/ 136/ 855)، وأحمد (2/ 447) و (3/ 33 و 49 و 94)، وابن المبارك في الزهد (944)، وفي المسند (45)، وعبد الرزاق (11/ 294/ 20577)، وابن أبي شيبة (6/ 60/ 29475)، وعبد بن حميد (862)، والبزار (15/ 56/ 8272) و (18/ 90/ 23)، وأبو يعلى (11/ 18/ 6157) و (11/ 21/ 6160)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (465)، والطبراني في الدعاء (1898 - 1903 و 1905 - 1907)، وفي الأوسط (8/ 33/ 7873)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (173)، والدارقطني في النزول (61)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (7/ 283)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 24)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 249)، والشجري في الأمالي الخميسية (326 - ترتيبه)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 65/ 947)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 175/ 1379)، وقاضي المارستان في مشيخته (3/ 1396/ 726)، وابن عساكر في فضيلة الذكر (2). [التحفة (3/ 298/ 3964)،الإتحاف (5/ 169/ 5129) و (14/ 401/ 17873)، المسند المصنف (28/ 515/ 12910)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الثوري، تفرد به عبد الرحمن".
قلت: هو حديث صحيح، رواه عن أبي إسحاق السبيعي أثبت أصحابه، وأقدمهم منه سماعًا: سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل، وقد أخرجه مسلم من حديث شعبة عن أبي إسحاق.
• ورواه محمد بن عمر بن هياج [ثقة. التهذيب (3/ 656)]، عن يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي [صدوق، يروي الغرائب. راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (6/ 573/ 593)]: ثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر [كوفي، ثقة]، عن أبيه [هو: عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر الكوفي: ثقة]، عن أبي إسحاق، عن الأغر بن سليك، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال:"ما من قوم يذكرون الله، إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله في الملأ عنده".
أخرجه النسائي في الكبرى (10/ 425/ 11931)، والطبراني في الدعاء (1904). [التحفة (9/ 10/ 12191)].
وهذا وهم؛ إنما هو الأغر أبو مسلم المدني، نزيل الكوفة، وقد فرق البخاري في تاريخه بين الأغر أبي مسلم، وبين الأغر بن سليك، وتبعه على ذلك أبو حاتم وابن حبان وغيرهما، واستطرد البخاري في ترجمة الأول منبهًا على وهم من قال فيه: ابن سليك، حيث قال:"ويقال: عن ابن أبجر عن أبي إسحاق عن أغر بن سليك عن أبي سعيد وأبي هريرة"، وقال عبد الغني بن سعيد المصري في كتاب إيضاح الإشكال: "وقال ابن أبجر:
هو الأغر بن سليك، ولا يصح؛ الأغر بن سليك آخر" [طبقات ابن سعد (6/ 243)، سؤالات ابن محرز (2/ 187/ 619)، التاريخ الكبير (2/ 44)، الجرح والتعديل (2/ 308)، الثقات (4/ 53)، موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 481)، تهذيب الكمال (11/ 257)، التهذيب (2/ 69)].
قال المزي في التحفة (12194): "وقد قيل: إن الأغر بن سليك هو الأغر أبو مسلم، والصحيح أنه غيره".
وقال ابن حجر في التهذيب (1/ 185): "وجزم عبد الغني بوهم ابن أبجر في تسمية والد الأغر هذا، وقال: إن الأغر بن سليك آخر".
• وله إسناد آخر لا يثبت؛ أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 137/ 1500)[وهو حديث منكر؛ تفرد به عن عبد الكريم بن مالك الجزري: سليمان بن أبي داود الحراني، وهو: منكر الحديث. اللسان (4/ 150)].
• وانظر أيضًا: ما علقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 383)، ووصله ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (44)(540 - مجموع مصنفاته).
2 -
حديث معاوية بن أبي سفيان:
رواه مرحوم بن عبد العزيز [ثقة مشهور، روى له الجماعة]، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي عثمان، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال الله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلَّ عنه حديثًا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال:"ما أجلسكم؟ " قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا، قال:"الله ما أجلسكم إلا ذاك؟ " قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال:"أما اني لم أستحلفكم تهمةً لكم، ولكلنه أتاني جبريل فأخبرني، أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة".
أخرجه مسلم (2701)، وأبو عوانة (20/ 430 - 432/ 11866 - 11868)، والترمذي (3379)، والنسائي في المجتبى (8/ 249/ 5426)، وابن حبان (3/ 96/ 813)، وأحمد (4/ 92)، وابن أبي شيبة (6/ 59/ 29469)، والحسين المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (1120)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 383/ 529)، وأبو يعلى (13/ 381/ 7387)، وابن صاعد في زياداته على الزهد لابن المبارك (1120)، والآجري في الشريعة (5/ 2461/ 1944 - 1946)، والطبراني في الكبير (19/ 311/ 701)، وفي الدعاء (1892)، والبيهقي في الشعب (2/ 263/ 529)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 1378/175).
[التحفة (8/ 136/ 11416)، الإتحاف (13/ 357/ 16840)، المسند المصنف (24/ 629/ 1157)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو نعامة
السعدي اسمه: عمرو بن عيسى، وأبو عثمان النهدي اسمه: عبد الرحمن بن مل".
وتعقبه المزي بقوله: "كذا قال، وهو وهم، إنما هو عبد ربه، كما تقدم، وأما عمرو بن عيسى فهو: أبو نعامة العدوي، وهو شيخ آخر"، وهو كما قال.
• ورواه نصر بن علي [الجهضمي: ثقة ثبت]، وعمرو بن عيسى الضبعي [ثقة]، وأبو سلمة يحيى بن خلف [الباهلي البصري: ثقة]:
عن عبد الأعلى السامي، قال: حدثنا سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة؛ أن معاوية رحمه الله خرج على قوم يذكرون الله عز وجل، فقال: سأبشركم بما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلكم، إنكم لا تجدون رجلًا منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلتي، أقلَّ حديثًا عنه مني، كنت ختنه، وكنت في كتابه، وكنت أرحل له راحلته، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم يذكرون الله عز وجل:"إن الله تبارك وتعالى ليباهي بكم الملائكة".
وفي رواية يحيى بن خلف [عند الطبراني]، قال: ثنا عبد الأعلى، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن معاوية، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رفقة مجتمعين، فقال:"ما جمعكم؟ "، فقالوا: نذكر الله، وما أنعم به علينا، وما استنقذنا به من الجاهلية وجهلها، فقال:"الله لذاك جمعكم؟ "، قالوا: نعم، قال:"والذي نفسي بيده إن كنتم صادقين! إن الله تعالى ليباهي بكم الملائكة".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 380/ 518)، والآجري في الشريعة (5/ 2462/ 1947)، والطبراني في الكبير (19/ 363/ 854).
وعبد الله بن بريدة: تابعي ثقة مشهور، جاء في رواية أنه دخل مع أبيه على معاوية، وفي أخرى قال: سمعت معاوية، وسنه لا يدفع سماعه من معاوية، فقد كان كبيرًا زمن معاوية، قال ابن عساكر:"ووفد على معاوية مع أبيه"[انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 188/ 30560)، مسند أحمد (5/ 347)، شرح مشكل الآثار (3/ 154/ 1125)، المدخل إلى السنن (2/ 828/ 1816)، تاريخ بغداد (15/ 254 - ط الغرب)، تاريخ دمشق (27/ 126)].
ولا يقال بأن الطريق الأول يدل على أن ابن بريدة يحكيه حكاية، ولا يرويه عن معاوية، فيقال: أولًا: الطريق الثاني جاء بصيغة الاتصال المعتادة، حيث يرويه عن معاوية بالعنعنة، على عادة ابن بريدة في روايته، حتى عن أبيه، لا يذكر سماعًا، وثانيًا: فإن هذه الواقعة التي يحكيها ابن بريدة؛ الأصل أنه قد حضرها وشهدها، حيث وقعت فى زمانه، لا في زمن النبوة، فتأكد لنا الاتصال، والله أعلم.
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي البصري: ثقة، من أصحاب الجريري، روى له الشيخان عن الجريري.
وهذا إسناد صحيح، وبهذا تكون هذه القصة قد جاءتنا بإسناد صحيح آخر، من غير الطريق الذي أخرجه مسلم، فيزداد به قوة وثبوتًا، والله أعلم.
• وروي بإسناد آخر ضعيف [أخرجه الطبراني في الدعاء (1893)][وفي سنده: موسى بن عبيدة الربذي، وهو: ضعيف].
3 -
ابن عباس:
رواه هارون بن عنترة بن أبي وكيع [لا بأس به][وعنه: محمد بن فضيل، وأبو خالد الدالاني يزيد بن أبي خالد، وسفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وعيسى بن يونس، وغيرهم]، وأبو سنان الشيباني سعيد بن سنان [صدوق كوفي، تحول إلى الري]:
عن عنترة بن أبي وكيع [ثقة]؛ أنه سأل ابن عباس: أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر؛ حتى أعادها عليه ثلاث مرات، ثم قال: ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يدرسون كتاب الله، ويتعاطونه بينهم، إلا كانوا أضيافًا لله، وأطلت [وفي رواية: وأظلت] عليهم الملائكة بأجنحتها، وكانوا زوارًا لله، [ما داموا فيه] حتى يخوضوا في حديث غيره، ومن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، ومن يبطئ به عمله، لا يسرع به نسبه. لفظ هارون [عند ابن فضيل].
ولفظ الشيباني: سمعت ابن عباس يقول: ما سلك رجل طريقًا يلتمس فيه علمًا إلا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه، وما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتدارسون كتاب الله، ويتعلمونه بينهم، إلا غشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، وكانوا أضيافه حتى يخوضوا في حديث غيره.
أخرجه ابن فضيل في الدعاء (101)، ووكيع بن الجراح في الزهد (517)، وأبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب العلم (17)، وابن أبي شيبة (5/ 284/ 26114) و (6/ 156/ 30308) و (7/ 4777/ 3135) و (7/ 237/ 35651)، ومسدد في مسنده (6/ 375/ 6045 - إتحاف الخيرة)(14/ 75/ 3391 - مطالب)، والدارمي (371 و 382 - ط البشائر)، وابن أبي حاتم في التفسير (9/ 3067/ 17351)، وأبو بكر الآجري في أخلاق أهل القرآن (21) [وتحرف فيه: ابن عباس؛ إلى: ابن عامر]. وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (15)(2520 - المخلصيات)، والبيهقي في الشعب (2/ 379/ 661) و (2/ 380/ 662) و (4/ 200/ 1872)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (47)، والخطيب في الموضح (2/ 533 و 534)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 573).
[الإتحاف (7/ 663/ 8715)].
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح، وله حكم الرفع.
• وانظر فيمن وهم في إسناده، أو في رفعه: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 496/ 2806 - أطرافه) و (1/ 497/ 2807 - أطرافه).
* * *
ابن وهب: حدثنا موسى بن عُلَيِّ بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة، فقال:"أيُّكم يحبُّ أن يغدو إلى بُطحانَ أو العقيقِ، فيأخذَ ناقتين كَوْماوَين زهراوَين بغير إثم بالله عز وجل، ولا قطعِ رحم؟ " قالوا: كلنا يا رسول الله، قال:"فلأن يغدوَ أحدُكم كلَّ يومٍ إلى المسجد، فيتعلَّمَ آيتين من كتاب الله عز وجل، خيرٌ له من ناقتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ، مثلُ أعدادِهنَّ من الإبل".
* حديث صحيح
أخرجه جعفر الفريابي في فضائل القرآن (68)، والروياني (206).
رواه عن عبد الله بن وهب [وهو: ثقة حافظ]: سليمان بن داود المهري [ثقة]، ويزيد بن موهب [هو: يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الحمداني الرملي: ثقة]، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب [أكثر عن عمه، وهو صدوق تغير بآخره، كان مستقيم الأمر، ثم خلَّط بعدُ فحدَّث بما لا أصل له، حتى رمي بالكذب. انظر ترجمته: ما تقدم برقم (148 و 714 و 829 و 1024 و 1156)].
- ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الله بن المبارك، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، ووهب بن جرير، وعبد الله بن صالح [وهم ثقات]:
عن موسى بن عُلي، قال: سمعت أبي، يحدث عن عقبة بن عامر، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، فقال:"أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم، ولا قطع رحم؟ "، فقلنا: يا رسول الله [كلنا] نحب ذلك، قال:"أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهنَّ من الإبل".
وفي رواية أبي عبد الرحمن المقرئ [عند أحمد]، وعبد الله بن المبارك [عند الفريابي وابن حبان]، ووهب بن جرير [عند ابن عساكر]: حدثنا موسى بن علي بن رباح، قال: سمعت أبي، يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهني، يقول:
…
فذكره.
أخرجه مسلم (803)، وأبو عوانة (11/ 19/ 4217) و (11/ 4218/20)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 393/ 1824)، وابن حبان (1/ 321/ 115)، وأحمد (4/ 154)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (45)، وابن أبي شيبة (6/ 133/ 30074)، وابن الضريس في فضائل القرآن (64)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (67)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (16)، والآجري في أخلاق أهل القرآن (18)، والطبراني في الكبير (17/ 290/ 799)، وفي الأوسط (3/ 291/ 3186)،
وأبو نعيم في الحلية (2/ 8)، وابن بشران في الأمالي (382)، والبيهقي في السنن الصغرى (1/ 266/ 961)، في الآداب (859)، وفي الشعب (4/ 117/ 1787)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 496)، وغيرهم. [التحفة (6/ 618/ 9942)، الإتحاف (11/ 215/ 13905)، المسند المصنف (20/ 448/ 9375)].
° قال ابن حبان: "هذا الخبر أضمر فيه كلمة، وهي: لو تصدق بها، يريد بقوله: فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين وثلاث لو تصدق بها، لأن فضل تعلم آيتين من كتاب الله أكبر من فضل ناقتين وثلاث وعدادهن من الإبل لو تصدق بها، إذ محال أن يشبه من تعلم آيتين من كتاب الله في الأجر بمن نال بعض حطام الدنيا، فصح بما وصفت صحة ما ذكرت".
- والأحاديث الواردة في ثواب قراءة القرآن كثيرة متنوعة، والضعيف منها يصعب حصره، وسوف أورد هنا طرفًا يسيرًا، بعضها من المشاهير، في الصحاح والسنن والمسانيد، وإن كان بعضها لا يثبت، ثم أشير إلى بعض المصادر التي يمكن الرجوع إليها في هذا الباب:
1 -
حديث ابن مسعود:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
مروي عن ابن مسعود من طرق كثيرة، واختلف في رفعه ووقفه، وهو صحيح عن ابن مسعود موقوفًا عليه [راجع تخريجه في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (1/ 27/ 8)، سنن سعيد بن منصور (1/ 17/ 4) و (1/ 35/ 6) و (1/ 43/ 7)].
2 -
حديث عقبة بن عامر:
رواه إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجاهرُ بالقرآن، كالجاهرِ بالصدقة، والمسرُّ بالقرآن، كالمسرِّ بالصدقة".
وهو حديث صحيح، تقدم برقم (1333).
3 -
حديث أبي هريرة:
رواه وكيع بن الجراح، وزائدة بن قدامة، وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري، وإبراهيم بن محمد الفزاري [وهم ثقات حفاظ]:
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاثَ خَلِفاتٍ عظامٍ سمانٍ؟ "، قلنا: نعم. قال: "فثلاثُ آياتٍ يقرأ بهنَّ أحدُكم في صلاته خيرٌ له من ثلاثِ خَلِفاتٍ عظامٍ سمانٍ". وهذا لفظ وكيع [عند مسلم وغيره].
أخرجه مسلم (802)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (60)، وأبو عوانة (11/ 18/ 4216)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 392/ 1823)، وابن ماجه (3782)، والدارمي (3633 - ط البشائر)، وأحمد (2/ 396 و 466 و 497)، ووكيع في نسخته عن الأعمش (15)، وابن أبي شيبة (6/ 132/ 30073)، والبزار (16/ 141/ 9236)، وابن نصر في قيام الليل (165 - مختصره) وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (69 - 71)، وابن بشران في الأمالي (777)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (102)، والبيهقي في الشعب (4/ 349/ 2048)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 434/ 1177)، وفي تفسيره (1/ 43)، وابن عساكر في المعجم (89 و 1126)، وغيرهم. [التحفة (9/ 116/ 12471)، الإتحاف (14/ 595/ 18295)، المسند المصنف (31/ 104/ 14200)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد".
4 -
حديث ابن عمر:
رواه الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن؛ فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا؛ فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار".
أخرجه البخاري (5025 و 7529)، ومسلم (815)، واللفظ له. [تقدم تحت الحديث رقم (1309)].
5 -
حديث أبي موسى الأشعري:
رواه شعبة [وعنه: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن معاذ، وروح بن عبادة]، وسعيد بن أبي عروبة [وعنه: يزيد بن زريع، وروح بن عبادة]، وأبو عوانة، وهمام بن يحيى، وشيبان بن عبد الرحمن، وأبان بن يزيد العطار [وعنه: عفان بن مسلم] [وهم ثقات أصحاب قتادة، من طبقة الأثبات وطبقة الشيوخ]، ومعمر بن راشد [وشك في سنده، وخالف الجماعة في بعض ألفاظه][وهو: ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، وقد يهم في حديث قتادة]، وأبو هلال [محمد بن سليم الراسبي: ليس بالقوي. راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (6/ 482/ 574)]، وسعيد بن بشير [ضعيف، يروي عن قتادة المنكرات]:
عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ربح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر". لفظ أبي عوانة، ولفظ الجماعة بنحوه، غير أن في حديث سعيد وهمام: بدل "المنافق": "الفاجر".
أخرجه البخاري (5020 و 5059 و 5427 و 7560)، ومسلم (797)، وأبو عوانة (11/ 36/ 4235) و (11/ 37/ 4236 و 4237) و (11/ 38/ 4238)، وأبو نعيم في مستخرجه على
مسلم (2/ 387/ 1811) و (2/ 388/ 1812 و 1813)، وأبو داود (4830)، والترمذي (2865)، وقال:"هذا حديث حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (8/ 124/ 5038)، وفي الكبرى (6/ 253/ 6699) و (7/ 284/ 8027 و 8028)، وابن ماجه (214)(225 - ط المكنز)، والدارمي (3684 - ط البشائر)، وابن حبان (3/ 47/ 770) و (3/ 48/ 771)، وأحمد (4/ 397 و 403 - 404 و 404 و 408)(8/ 4516/ 19923 و 19924 - ط المكنز)، والطيالسي (496)، وعبد الرزاق (11/ 435/ 20933)، وابن أبي شيبة (6/ 143/ 30172)، وعبد بن حميد (565)، والبزار (8/ 13 و 14/ 2982 - 2985)، وجعفر الفريابي في ذم النفاق (37 - 39)، وأبو يعلى (13/ 207/ 7237)، والروياني (438 - 440)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (5 و 2565)، وأبو علي الصواف في فوائده (2)، والرامهرمزي في أمثال الحديث (84)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 21/ 2621)، وأبو الشيخ في أمثال الحديث (318)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (188)، والدارقطني في المؤتلف (3/ 1407 - 1408)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (332)، وتمام في الفوائد (62)، وأبو نعيم الأصبهاني في الطب النبوي (2/ 709/ 795)، وفي معرفة الصحابة (4/ 1752/ 4440)، وابن بشران في الأمالي (424 و 600 و 1611)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (294 - 297)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (92)، وأبو يعلى الفراء في ستة مجالس من أماليه (29)، والبيهقي في الشعب (4/ 150/ 1821)، وفي الأسماء والصفات (579)، والشجري في الأمالي الخميسية (422 - ترتيبه)، وقاضي المارستان في مشيخته (56)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 263)، وفي المعجم (1078 و 1158 و 1325 و 1601)، والضياء المقدسي في فضائل القرآن (15)، وغيرهم. [التحفة (6/ 165/ 8981)، الإتحاف (10/ 10/ 12185)، المسند المصنف (29/ 577/ 13541)].
- تنبيهان: الأول: قال همام في آخره: "ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها خبيث وريحها خبيث"، كذا في رواية أبي داود الطيالسي عنه، لكن رواه عنه: عفان بن مسلم، وبهز بن أسد، وأبو الوليد الطيالسي، وهدبة بن خالد، وعمرو بن عاصم، وداود بن شبيب، وهم ثقات، أكثرهم حفاظ أثبات، وهم أكثر وأحفظ من الطيالسي، رووه كالجماعة:"طعمها مر ولا ريح لها"، وهو المحفوظ عن همام [عند أحمد والبخاري ومسلم وأبي عوانة وابن حبان وابن بشران والمستغفري وغيرهم].
° الثاني: زاد مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، في مثل المؤمن في الموضعين:"ويعمل به"، بعد قوله:"يقرأ القرآن"، و"لا يقرأ القرآن"[عند البخاري (5059) وغيره]، وهي زيادة محفوظة، لم ينفرد بها مسدد بن مسرهد.
فقد رواه جعفر الفريابي عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، عن يحيى بإثباتها في الموضع الأول، وكذا رواه الروياني عن محمد بن بشار وحده بإثباتها في الموضع
الأول، بينما رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم عنهما جميعًا بدونها، ورواه مسلم عن محمد بن المثنى وحده، وأحال لفظه على لفظ أبي عوانة، فلم يذكر أنه زادها.
وقد رواه عن يحيى بن سعيد عن شعبة به بدون هذه الزيادة كالجماعة: أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي، وعبيد الله بن سعيد، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم [عند أحمد والبزار والنسائي وأبي يعلى الفراء].
ورواه روح بن عبادة، ومعاذ بن معاذ، عن شعبة بدونها [عند أبي داود وأبي عوانة والدارقطني].
قلت: مسدد: ثقة حافظ، وقد تابعه على هذه الزيادة ثقتان حافظان: بندار وأبو موسى الزمن، فهي ثابتة من حديث يحيى بن سعيد القطان، وهو: ثقة حافظ، إمام ناقد، يحتمل مثه ما لا يحتمل من غيره، ثم إن هذه الزيادة مفسرة، يقتضيها السياق، ولا تخالفه، فكيف يضرب المثل للمؤمن الذي يقرأ القرآن بأنه كالأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، فهو أعلى المراتب وأكملها، ثم هو لا يعمل بالقرآن، وقد أخبر الله تعالى عن هذا الصنف بقوله:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)} [البقرة: 121]، يعني: يتبعونه حق اتباعه، ومن حق اتباعه تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه تعالى، وهم في ذلك يعملون بما دل عليه، لا يفارقون سبيله القويم، ولا صراطه المستقيم.
• خالفهم: أبان بن يزيد العطار [وعنه: مسلم بن إبراهيم الفراهيدي]، والصعق بن حزن [صدوق]:
روياه عن قتادة، عن أنس مرفوعًا بنحوه. وقال فى رواية أبان: بدل "المنافق": "الفاجر".
أخرجه أبو داود (4829)، والنسائي في الكبرى (6/ 253/ 6700)، والقضاعي في مسند الشهاب (1381). [التحفة (1/ 521/ 1138) و (1/ 586/ 1309)، المسند المصنف (29/ 577/ 13541)].
• تنبيه: زاد أبان في آخره حديث: "مثل الجليس الصالح"، وفيه اختلاف ليس هذا موضع تحريره، وقد اختلف فيه على معاذ بن معاذ عن شعبة [عند: أبي داود (4830)، وابن حبان في روضة العقلاء (288)، وانظر: ضعفاء العقيلي (1/ 160)، أمثال الحديث للرامهرمزي (113)].
° قال المزي: "ورواه غير واحد عن قتادة عن أنس عن أبى موسى، وهو المحفوظ".
قلت: وهو كما قال، المحفوظ بإثبات أبي موسى الأشعري في إسناده، فهو من مسنده، لا من مسند أنس، وقد أثبته وجعله من مسند أبي موسى: شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو عوانة، وهمام بن يحيى، وشيبان بن عبد الرحمن، وأبان بن يزيد العطار [من
رواية عفان بن مسلم عنه]، وهؤلاء هم أثبت أصحاب قتادة، من طبقة الأثبات ومن طبقة الشيوخ، والله أعلم.
• وله طريق أخرى عن أبي موسى: أخرجها البزار (8/ 44/ 3028)، والروياني (566)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 159)، وابن حبان (121). [الإتحاف (10/ 51/ 12253)، المسند المصنف (29/ 580/ 13542)].
6 -
حديث علي بن أبي طالب:
رواه حفص بن سليمان، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن واستظهره، فأحل حلاله، وحرم حرامه؛ أدخله الله به الجنة، وشفَّعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجبت له النار". أخرجه الترمذي (2905)، وابن ماجه (216)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (1/ 148/ 1268) و (1/ 149/ 1278)، وأبو بكر الخلال في العلل (53 - المنتخب)[موقوفًا]. وأبو بكر الآجري في الشريعة (3/ 1247/ 816)، والطبراني في الأوسط (5/ 217/ 5130)، وابن عدي في الكامل (3/ 269 - ط العلمية)، وابن شاهين في فضائل الأعمال (189)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 306)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (127)، والبيهقي في الشعب (4/ 1795/124) و (4/ 125/ 1796) و (5/ 117/ 2436) و (5/ 118/ 2437)، والخطيب في الموضح (2/ 378)، والشجري في الأمالي الخميسية (432 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 93) و (17/ 443)، وغيرهم. [التحفة (7/ 56/ 10146)، الإتحاف (11/ 446/ 14391)، المسند المصنف (21/ 478/ 9741)].
قال أحمد: "لا أعرف حمادًا [يعني: الراوي عن حفص بن سليمان]، وأبو عمر البزاز: متروك الحديث".
وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس له اسناد صحيح، وحفص بن سليمان أبو عمر: بزاز كوفي، يضعَّف في الحديث".
وقال الطبراني: "لم يُروَ هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به: حفص بن سليمان".
وقال ابن عدي: "وهذا يرويه حفص بن سليمان عن كثير بن زاذان، وقد حدث عن كثير بن زاذان غير حفص بن سليمان".
وقال في آخر ترجمته: "وهذه الأحاديث يرويها حفص بن سليمان، ولحفص غير ما ذكرت من الحديث، وعامة حديثه عمن روى عنهم: غير محفوظة".
ونقل البيهقي كلام الترمذي وابن عدي، ثم قال:"فحفص ينفرد به، وكان ضعيفًا في الحديث عند أهل العلم به".
قلت: هذا حديث منكر؛ لم يروه عن عاصم بن ضمرة غير كثير بن زاذان النخعي
الكوفي، وهو: مجهول [التهذيب (3/ 458)]، تفرد به عن كثير: أبو عمر البزاز حفص بن سليمان القارئ، وهو: متروك الحديث، ثبت في القراءة.
• وروي نحوه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، ولا يثبت [أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 260/ 5258) والبيهقي في الشعب (5/ 118/ 2438)، وضعفه][وهو حديث باطل، تفرد به: جعفر بن الحارث أبو الأشهب الواسطي، وهو: صدوق كثير الخطأ، وشيخه في الإسناد: لا يُدرى من هو، وتفرد به عن جعفر: سلم بن سالم البلخي الزاهد، وقد ضعفوه، كان يروي المناكير. اللسان (4/ 107)].
7 -
حديث عبد الله بن عمرو:
رواه عبد الله بن وهب [ثقة حافظ]، وعبد الله بن لهيعة [ضعيف]، ورشدين بن سعد [ضعيف]:
عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"القرآن والصيام يشفعان للعبد، يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، ويقول الصيام: رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، فيشفعان".
أخرجه ابن المبارك في الزهد (2/ 114/ 385 - رواية نعيم بن حماد)، وفي المسند (96)، وأحمد (2/ 174/ 6626)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (46 - مختصره)، والطبراني في الكبير (14/ 71/ 14672)، والحاكم (1/ 554)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 161)، والبيهقي في الشعب (4/ 1839/171)، والبغوي في التفسير (1/ 225)، والجوزقاني في الأباطيل (2/ 341/ 683). [الإتحاف (9/ 564/ 11936)، المسند المصنف (17/ 118/ 7997)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وقال الجوزقاني: "هذا حديث باطل".
قلت: قد أخرج مسلم لأبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو، لكنه لم يخرج شيئًا لحي المعافري؛ فكيف يكون على شرط مسلم؟.
وهذا حديث منكر؛ فإن حيي بن عبد الله المعافري: منكر الحديث فيما تفرد به عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال فيه ابن عدي؛ فيما رواه ابن وهب، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن ابن عمرو:"وبهذا الإسناد: خمس وعشرون حديثًا، عامتها لا يتابع عليها"[انظر: فضل الرحيم الودود (5/ 349/ 447)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 423/ 210)]، وقد يحسن حديثه إذا توبع [راجع الحديث رقم (1309)، الحديث الثامن من الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، حديث عبد الله بن سلام، ثم الشاهد الثالث، حديث عبد الله بن عمرو].
8 -
عن زيد بن أرطأة، عن أبي أمامة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لعبد في
شيء أفضل من ركعتين يصليهما، وإن البرَّ ليُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرَّب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه"، وفي رواية: "إنكم لن ترجعوا إلى الله تعالى بشيء أفضل مما خرج منه"، وفي أخرى: "إنكم لن ترجعوا إلى الله تعالى بشيء أحب إليه من شيء خرج منه" [أخرج طرق هذا الحديث على اختلافها: أبو داود في المراسيل (538)، والترمذي (2911 و 2912)، والحاكم (1/ 555) (2/ 593/ 2062 - ط الميمان) و (2/ 441) (4/ 427/ 3692 - ط الميمان)، وأحمد في المسند (5/ 268)، وفي الزهد (190)، وابن أبي شيبة (2/ 158/ 7632)، وحرب الكرماني في مسائله (3/ 133 و 1134)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (1/ 140/ 109) و (2/ 497/ 1143)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (178)، وفي قيام الليل (66 و 172 - مختصره)، وابن الضريس في فضائل القرآن (141)، وأبو بكر الخلال في السُّنَّة (6/ 83/ 1914) و (7/ 6/ 1960) (2/ 118 و 139 - ط الأوراق الثقافية)، والمحاملي في الأمالي (228 - رواية ابن مهدي الفارسي)، وابن قانع في المعجم (1/ 234)، والطبراني في الكبير (2/ 146/ 1614) و (8/ 151/ 7656 و 7657)، وابن بطة في الإبانة (5/ 231 - 235/ 8 - 11)، وابن أبي زمنين في أصول السُّنَّة (28)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1467/524)، والبيهقي في الأسماء والصفات (502 و 503)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 572 - ط الغرب) و (14/ 132 - ط الغرب)، وغيرهم] [التحفة (4/ 14/ 4863) و (12/ 262/ 18471)، الإتحاف (6/ 216/ 6365) و (11/ 223/ 13921) و (14/ 109/ 17482)، المسند المصنف (26/ 49/ 11639)] [وهو حديث ضعيف، صوابه مرسل، رواه زيد بن أرطأة، واختلف عليه، فقال فيه بكر بن خنيس: عن زيد عن أبي أمامة، وقال العلاء بن الحارث: عن زيد عن جبير بن نفير مرسلًا، وهو الصواب؛ والعلاء بن الحارث الحضرمي الدمشقي: ثقة، والإسناد إليه جيد، وبكر بن خنيس: كوفي ضعيف، وفي إسناده أيضًا: ليث بن أبي سليم، وهو: ضعيف، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافًا شديدًا، ومنهم من جعله من مسند أبي ذر، ومنهم من جعله من مسند عقبة بن عامر، والصواب فيه الإرسال. التهذيب (1/ 242)، الميزان (1/ 344)، ذيل الميزان (611)، وانظر: علل الدارقطني (13/ 275/ 3172) (7/ 275/ 3172 - ط الريان) وفي سياقه خلل، وسقط ظاهر] [وقد اختصرت الكلام عليه، إذ الكلام المفصل عليه يطول، وقد قال البخاري في خلق أفعال العباد (404): "هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه"، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خنيس: قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر أمره، وقد روي هذا الحديث عن زيد بن أرطأة، عن جبير بن نفير، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مرسل"، وقال أبو نعيم: "وكلها معلولة، لا تثبت"، وصوَّب المرسل].
9 -
وروى جرير بن عبد الحميد: ثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت
الخَرِب" [أخرجه الترمذي (2913)، وقال: "حسن صحيح". والدارمي (3624 - ط البشائر)، والحاكم (1/ 554) (2/ 592/ 2060 - ط الميمان)، وقال: "صحيح الإسناد". وأحمد (1/ 223/ 1947)، والطبراني في الكبير (12/ 109/ 12619)، وابن عدي في الكامل (7/ 175 - ط العلمية)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 471)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (186)، وابن بطة في الإبانة (5/ 358/ 166)، وحمزة السهمي في تاريخ جرجان (412)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 232)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (304)، والبيهقي في الشعب (4/ 123/ 1793)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 443/ 1185)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 168/ 2298)، والضياء في المختارة (9/ 537/ 524 - 526)، وفي فضائل القرآن (65)، وغيرهم] [التحفة (4/ 278/ 5404)، الإتحاف (7/ 45/ 7297)، المسند المصنف (13/ 233/ 6361)، [بيان الوهم (4/ 660/ 2221)] [وهذا حديث ضعيف؛ قابوس: ليس بالقوي، لين الحديث، لا يحتج به، ربما انفرد عن أبيه بما لا أصل له، قال جرير بن عبد الحميد: "أتينا قابوس بعد فساده"، وقال أيضًا: "نفق قابوس، نفق قابوس"، وقال أيضًا: "لم يكن قابوس من النقد الجيد"، وقال ابن حبان: "يروي عن أبيه، وأبوه ثقة، روى عنه الثوري وأهل الكوفة، كان رديء الحفظ، يتفرد عن أبيه بما لا أصل له، ربما رفع المراسيل، وأسند الموقوف"، والله أعلم. راجع ترجمته مفصلة مع أبيه: فضل الرحيم الودود (2/ 253/ 160)، وآخر الحديث رقم (1381)].
10 -
عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس، قال: قال رجل: يا رسول الله! أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الحالُّ المرتحل"، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: "الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحل"[أخرجه الترمذي (2948 و 2948 م)، والدارمي (3803)، والحاكم (1/ 568) (2/ 624/ 2115 و 2116 - ط الميمان)، والبزار (11/ 444/ 5306)، وابن نصر في قيام رمضان (260 - مختصره)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (4/ 197/ 1349)، والرامهرمزي في أمثال الحديث (122)، والطبراني في الكبير (12/ 168/ 12783)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 260) و (6/ 174)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (79 و 80)، والبيهقي في الشعب (4/ 176/ 1846) و (4/ 225/ 1906)، وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس (4/ 341/ 1459 - زهر الفردوس)][التحفة (4/ 290/ 5429) و (12/ 308/ 18653)، الإتحاف (7/ 64/ 7339) (18/ 581/ 24200)، المسند المصنف (13/ 6362/234)][وهو حديث منكر؛ تفرد به عن قتادة: صالح بن بشير المري، وهو: منكر الحديث، تركه أبو داود والنسائي. التهذيب (2/ 189)، الميزان (2/ 289)، علل الترمذي الكبير (389)، وقد اختلف عليه: فروي عنه متصلًا ومرسلًا، والمرسل هو الصواب] [قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بالقوي"، وقال عن المرسل: "وهذا
عندي أصح"، وأخرج الدارمي المرسل، وأعله البزار بتفرد صالح المري، واستغربه أبو نعيم، وقال أبو زرعة الرازي: "الحفاظ يقولون: عن ابن عباس، وقد رفعه جماعة". علل ابن أبي حاتم (4/ 617/ 1679)].
- وروي من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا [أخرجه الدارقطني في غرائب مالك (15/ 257/ 19272 - إتحاف)، والحاكم (1/ 569) (2/ 625/ 2117 - ط الميمان)][الإتحاف (15/ 257/ 19272)][وهو حديث موضوع على مالك].
11 -
وعن ابن عباس مرفوعًا: "أشراف أمتي حملة القرآن وقوام الليل"[وهو حديث باطل، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1309)، في الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، الحديث رقم (15)].
12 -
وعن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الرب عز وجل: من شغله [قراءة] القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه". وفي رواية: "يقول الله تعالى: من شغله ذكري وقراءة القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين،
…
". وفي رواية: "قال الله عز وجل: من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب السائلين"] [أخرجه الترمذي (2926)، والدارمي (3677 - ط البشائر)، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (286 و 339)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (128)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (172 - مختصره)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (4/ 203/ 1354)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 49)، وابن حبان في المجروحين (2/ 277)، والطبراني في الدعاء (1851)، والدارقطني في الأفراد (2/ 223/ 4801 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 106)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (76)، والبيهقي في الأسماء والصفات (507 و 508)، وفي الشعب (4/ 190/ 1860)، وفي الاعتقاد (101)] [التحفة (3/ 406/ 4216)، الإتحاف (5/ 342/ 5526)، المسند المصنف (28/ 536/ 12932)] [وهو حديث منكر؛ عطية بن سعد العوفي: ضعيف، وفي الإسناد إليه: محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، وهو: ضعيف، قال أحمد: "لم يسمع حديثًا، وثب على كتب أبيه"، وضعفه جدًا؛ لذا كذبه ابن معين وأبو داود، وتركه النسائي، وقال ابن حبان: "منكر الحديث، يروي عن الثقات المعضلات". التهذيب (3/ 543)، الميزان (3/ 514)، المجروحين (2/ 276)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وقال أبو حاتم الرازي في العلل (1738): "هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن: ليس بالقوي"، وأنكره العقيلي، وقال: "لا يتابع عليه"، وأنكره ابن حبان] [وقد قيل: لم ينفرد محمد بن الحسن به عن عمرو بن قيس الملائي، ولا تثبت هذه المتابعات. انظر ما أخرجه البيهقي في الشعب (1860)].
° وثمة أحاديث أخرى يأتي ذكرها عند أبي داود في الأبواب القريبة الآتية.
- راجع في هذا الباب: فضائَل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام. سنن سعيد بن منصور (1/ 7 - 252/ 1 - 61) و (2/ 253 - 503/ 62 - 167)، فضائل القرآن لابن الضريس. نوادر الأصول، الأصل (255)(4/ 181 - 207/ 1334 - 1356)، فضائل القرآن للفريابي. فضائل القرآن للمستغفري. فضائل القرآن وتلاوته لأبي الفضل الرازي. شعب الإيمان للبيهقي (4/ 108 - 205)، فضائل القرآن للضياء المقدسي.
* * *