الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
بيع المرابحة عند متقدمي الفقهاء
(1)
يستقرئ بعض أهل العلم أنواع البيوع فيجعلها أربعة:
1-
بيع المساومة، ويقال: المماكسة، أو المكايسة.
2-
بيع المزايدة.
3-
بيع المرابحة.
4-
بيع الأمانة.
ومنهم من يجعل بيع المرابحة منه، فتكون أقسامه ثلاثة:
بيع المرابحة: وهو البيع بأزيد من رأس المال.
بيع الوضيعة: وهو البيع بأنقص من رأس المال.
بيع التولية: وهو البيع برأس المال سواء.
وإنما سميت هذه (بيوع أمان) للإتمان بين الطرفين على صحة خبر
رب السلعة بمقدار رأس المال.
فبيع المرابحة مثلاً: حقيقته بيع السلعة بثمنها المعلوم بين
المتعاقدين، بربح معلوم بينهما. ويسمى أيضاً (بيع السلم الحال)(2) .
(1) أبحاثها منتشرة عند الفقهاء في كتاب البيوع كما ستراه في المراجع اللاحقة.
(2)
زاد المعاد: 4 / 265.
فيقول رب السلعة: رأس مالي فيها مائة ريال، أبيعك إياها به وربح
عشرة ريالات.
وهذا هو معنى ما هو جارٍ على الألسنة من قولهم: اشتريت السلعة
مرابحة، أو بعتها مرابحة.
وركن هذا العقد: هو العلم بين المتعاقدين بمقدار الثمن ومقدار
الربح، فحيث توفر العلم منها فهو بيع صحيح وإلا فباطل.
وهذه الصورة من البيوع (بيع المرابحة) جائزة بلا خلاف بين أهل
العلم، كما ذكره ابن قدامه (1)، بل حكى ابن هبيرة (2) : الإجماع عليه،
وكذا الكاساني (3) .
والخلاف في الكراهة تنزيهاً، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله
تعالى، وروي عن ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم وعن الحسن،
ومسروق وعكرمة، وعطاء بن يسار - رحمهم الله تعالى -
وقد عللت الكراهة تنزيهاً بأن فيه جهالة، فيما إذا قال: بعتكه برأسماله
مائة ريال، وربح درهم في كل عشرة، فالجهالة أن المشتري يحتاج إلى
جمع الحساب ليعلم مقدار الربح، لكن هذه الجهالة مرتفعة لأنها تعلم
بالحساب، بل لا ينبغي وصفها بالجهالة، وليس فيها تغرير ولا مخاطرة.
وهذه العلة هي مستند ما يُحكى عن ابن راهويه - رحمه الله تعالى -
من قوله بعدم الجواز.
(1) المغني: 4 / 259.
(2)
الإفصاح: 2 / 350.
(3)
بدائع الصنائع: 7 / 92.
وقد علمت ارتفاعها بالحساب، على أن من وراء ذلك الوقوف على
صحة السند المروي.
فصح الاتفاق إذاً حكماً على الجواز، وطرداً لقاعدة الشريعة من أن
الأصل في المعاملات الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع.
هذا هو بيع المرابحة المسطر في كتب أهل العلم تحت هذا اللقب
في: أبواب البيوع، وفي مطاويه صور وفروع. وما زال الناس يتوارثون
العمل به في معاملاتهم بأسواقهم من غير نكير.
لكن هذه الصورة غير مرادة في هذه الرسالة، وإنما جاء الحديث عنها
للاشتراك اللفظي مع (بيع المرابحة للآمر بالشراء) في صورته الحادثة
المتعامل بها في المصارف الإسلامية، فلينظر:
هل يشتركان في حكم الجواز؟ كما اشتركا في الاسم أم أن الحكم
هو التحريم بإطلاق أم بتفصيل هذا ما ستراه - إن شاء الله تعالى - في
أبحاث هذه الرسالة.